04-17-2017
|
|
الغزل بحياة الرجل والمرأة فن أدبي
| | | | | | | | الغزل بحياة الرجل والمرأة فن أدبي.. في غاية الجمال وهو الأكثر رواجا وإمتاعا ,فالمرأة نصف الرجل وتمام عيشه ,يكمل كل منهما الآخر مما ينقصه من بهجة وسعادة ,وهي في حياته مبعث الرضا والغضب والفرح والترح ,وهي معينه وإلهامه ,لأنها مظهر الجمال الحي في دنياه ,فشغلت حياة الأدباء والقراء والمستمعين وألهبت خيالهم وأقلامهم وملأت أوراقهم ودفاترهم. فمنذ دبت الحياة البشرية على الأرض سعى الرجل إلى رضا المرأة في أساليب شتى ,بل تفنن فيها وأعمل براعته وخياله وعبقريته فاخترع من أجلها أجمل القول وأطيب الحديث وغنى لها بأجمل الأصوات وعزف لها بأرق الألحان ,والرجل في هذا كله فنان يسعى إلى قلب المرأة لعله يمتلك هواها وقيادها فيتخذ من كل فن ولون سبيلا إليها ,فهو بذلك يتحدث عنها ويتحدث إليها وحديثه هو ذلك الغزل, وهكذا تغزلت الأمم منذ ولادة الدنيا بأساليب تناسب الأرض والإقليم والجنس والعنصر وتوافق الزمان والظروف ,ونشأ عن غزل الأمم ديوان كبير ضاع معظمه في الحروب والفتوح ولم يبق إلا أقله والشاهد المهم في ذلك أن الإنسان هو الإنسان أينما كان ,يحب ويهوى يفصح عن حبه في شعر ونثر مهما اختلفت اللغات والأجناس وقد نقلت لنا الحضارات في سيرها من الشرق إلى الغرب ,نقلت ألوان هذا الحب وأشكال ذلك العشق في قصص وشعر ونثر على مدى الأجيال من الصين إلى الهند إلى العراق والشام وجزيرة العرب وإفريقيا والغرب. لقد تناولت هذه الأمم صور الحب المختلفة والغزل الفياض وصبغته بألوانها وأحاسيسها وتقاليدها فنقصت من عمقه أو زادت فيه وسبكته بألوان وصور تختلف فيما بينها وتتفق كلها في هوى القلب وبث الصبابة والوجد. والمرأة في ذلك كله تنتقل على جناح الشعور والعاطفة والخيال فتلبس أثوابا شتى فهي طورا ملاك وطورا آلهة وأحيانا تشبه في ألوانها وتكوينها الأرض والصخر والسماء والماء. لقد وصلتنا أكثر الآداب القديمة وعرفنا كيف تغزلت الأمم في آدابها فرأينا ماجاء على الحجر وحفظ على أوراق البردى أو سطر في كتاب فقرأنا في" شاهنامة الفرس "و"مهابهارتا الهند" و "إلياذة اليونان" و "انيادة الرومان " وأغاني رولان عند الفرنسيين و "هيلدبراند "عند الألمان وغيرها من كتب الملاحم والأساطير والسير وكلها تصف المرأة بألوان" قومية" وتجعلها غاية الرجل وأمنية هواه وأغنية شعوره ومحل خياله. والعرب في أطوار حياتهم تقلبوا على جوار الفرس واليونان وسمعوا أغاني الأمتين في سبيل رحلتهم إلى التجارة او زحفهم إلى الحرب او وقوعهم في الأسر أو جوارهم مع الأسرى ولكن أكثر شواهد النقل ضاعت مع الزمن. وإذا جئنا إلى شعر الغزل عند الرجل وعند المرأة، فإننا لابد أن نجد فروقاً متميزة، فالحب نفسه يختلف موقف المرأة منه عن موقف الرجل، وأهم تلك الاختلافات: 1ـ ان الرجل في موقف المهاجم وإن كان سلاحه هنا هو الغزل الرقيق، ولكنه يريد بهذا أن يستولي على تلك القلعة.. أما المرأة فهي في دور التسليم والخضوع لرجلها الذي تحبه وتتغزل به، ومع أن النساء (يمتنعن وهن راغبات) إلا أن الشعر فضيحة يعري أعماق المرأة فيمحو الامتناع ويبقي الرغبة ولكن الأنثى هنا تكسو تلك الرغبة بالحراير والعطور والكلمات الرقيقة المبعدة كل البعد في ظاهرها عن الرغبة، وقد تدافع في شعرها الغزلي ببعض الدلال الذي هو ـ لإغرائه ـ دفاعاً خيرٌ منه الاستسلام. 2ـ أن الحب عند المرأة ـ بشكل عام ـ أقوى وأبقى منه عند الرجل بشكل عام، فللرجل آماله وأعماله وطموحاته وآفاقه الواسعة ولكن جل آمال المرأة وطموحاتها أن تكون جميلة محبوبة محبة تجد الرجل الذي (يستاهلها) بمعنى تجد الرجل الذي (تعشقه).. قال فيلسوف غاب عني اسمه الآن: (الرجل يحب المرأة مثل الظمآن يطلب شراباً.. والمرأة تحب الرجل مثل من يكون في مناخ حار ويبحث عن مكان بارد.. إذن فحب المرأة يدوم أطول). 3ـ الحب عند المرأة غاية.. وعند الرجل وسيلة للسعادة واللذة.. الرجل يحب ليسعد بالحياة أما المرأة فتحيا لتسعد بالحب نفسه.. 4ـ الرجل يحب من عينيه أكثر.. والمرأة تحب من أذنيها أكثر.. الرجل في الأغلب لابد أن تدخل المرأة قلبه وذوقه ورغبته لكي يحبها أما المرأة ـ والفتاة خاصة ـ فكثيراً ما تحب رجلاً لأن بنات كثيرات من لداتها يحببنه ويتحدثن عنه بوله وإعجاب فتحبه هي وحتى إذا رأته ولم يكن يرضيها تماماً فإنه صار (هو هو) وهذا يكفي.. 5ـ الرجل حين يحب المرأة يريد أن يأتي منها برجل على مثاله هو، أي ليكرر نفسه، أما المرأة فحين تحب الرجل لا تريد أن تأتي منه ببنت على مثالها هي، بل تريد أن تأتي بابن على مثال الرجل الذي عشقته، تريد أن تكرر محبوبها وتخلده قبل نفسها، ولا أظن أن النواحي الاجتماعية لها دور أساسي في هذا، ولكنها الطبيعة الغالبة وقد عمقتها التقاليد والأجواء الاجتماعية، ولكن المرأة بشكل عام تسعد بحبها وهي سالبة تتلقى وتمنح والرجل يسعد بحبه وهو إيجابي يأخذ، وإذا خير الرجل في الزواج بين امرأتين إحداهما تحبه بعنف ولكنه لا يحبها، والأخرى لا تحبه ولا تكرهه ولكنه هو يحبها فإنه لا يحتار بل يختار التي يحبها هو، أما المرأة في نفس الموقف ـ فتواجه صراعاً عنيفاً مع نفسها ينتهي في الغالب بتفضيلها الرجل الذي يحبها وإن كانت هي لا تحبه، أن تكون المرأة محبوبة فهذا الهدف الأول، وأن يظفر الرجل بمحبوبته فهذا هدفه، وقد سئلت أعرابية بعد زواجها بقليل: ـ عساك تحبين زوجك؟ فقالت: ـ ليس هذا هو المهم.. المهم أن يحبني هو "دمتم بكل الود"
| | | | | | | | | | آخر تعديل عطر الجنة يوم
04-17-2017 في 09:47 PM. |