*عزيزي القارئ : تحسس أنفك .. وعقلك !*
محمد الرطيان
22 / 08 / 2011 م
*(1)*
تقول الحكاية : أن حاكم إحدى البلاد البعيدة ، أصابه مرض خطير، فلم يجد الأطباء لعلاجه سوى قطع أنفه ! .. استسلم الحاكم لأمر الأطباء وقاموا بإجراء اللازم .
وبعد أن تعافى ، ونظر إلى وجهه البشع دون أنف ، وليخرج من هذا الموقف المحرج ، أمر وزيره وكبار موظفيه بقطع أنوفهم ، وكل مسئول منهم صار يأمر من هو أدنى منه مرتبة بأن يقوم بقطع أنفه .. إلى أن وصلت كافة موظفي الدولة ، وكل منهم عندما يذهب إلى بيته صار يأمر زوجته وكل فرد من أهل بيته بقطع أنفه .
مع مرور الوقت صار هذا الأمر عادة ، وجزءا من ملامح أهل هذه البلدة .. فما أن يُولد مولود جديد – ذكرا أو أنثى – إلا ويكون أول اجراء بعد قطع حبله السري هو قطع أنفه !
*بعد سنوات مرّ أحد الغرباء على هذه البلدة .. وكان ينظر إليه الجميع على أنه قبيح وشاذ لأن له شيئا يتدلى من وجهه .. هو أنفه السليم !!*
بحكم السلطة ، وبحكم العادة التي صارت جزءا من شكل ذلك المجتمع الصغير ، وتلك البلدة النائية :
ـ صار الخطأ صوابا .. وصار الصواب خطأ .
ـ مع مرور الوقت تشكلت قوانين جمالية جديدة ترى أن مقطوع الأنف هو الأجمل !. وصار هناك مقاييس أخرى للجمال .. وكذلك للقبح .
ـ أي شخص يأتي من العالم الخارجي – أنفه سليم – هو شخص شاذ !
*(3)*
*فكروا بهذه الحكاية الأسطورية / الساخرة ، واسألوا أنفسكم بعض الأسئلة :*
- هل فقدنا أنوفنا ؟..
- هل فقدنا شيئاً آخر .. الألسن مثلاً ؟!
- كم من خطأ اعتدنا عليه وصار أصوب من الصواب .. وندافع عنه لأنه من عاداتنا ؟!
- كم من شيء نراه ( شاذاً ) فقط لأنه ليس منا ومن عاداتنا ؟
- كم من شيء ندافع عنه وبحماسة .. فقط لأنه من ( أخطائنا ) القومية ؟!
- هل أخطاؤنا – لأنها أخطاءنا الشخصية – هي أهم من صواب الغريب ؟!
*(4)*
عزيزي القارئ :
*تحسّس أنفك .. تحسّس عقلك !*
واسأل نفسك : كم من الأشياء تم قطعها منك .. وعنك ؟
*انظر حولك ، وحاول أن تكتشف الأخطاء التي توارثتها من الأسلاف ، وتتعامل معها بشكل شبه يومي كإرث عائلي يجب المحافظة عليه .*
*فكك الأشياء ..*
أخرجها من دولاب العادة والمألوف ..
*وضعها على طاولة العقل الناقد ، وأعد بناء علاقتك معها من جديد .*
واستعد حاسة الشم .. والتفكير !
تحسس_أنفك_وعقلك
محمد_الرطيان
جريدة_المدينة_السعودية