الموضوع
:
كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (رائع)
عرض مشاركة واحدة
12-25-2015
#
9
بيانات اضافيه [
+
]
رقم العضوية :
1
تاريخ التسجيل :
May 2006
العمر :
52
أخر زيارة :
03-12-2024 (09:02 PM)
المشاركات :
14,442 [
+
]
التقييم :
59465
الدولهـ
MMS ~
SMS ~
يرحل الجميع ويبقى شعاع المحبة
لوني المفضل :
Crimson
رد: كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (رائع)
وروى الضحاك عن ابن عباس قال: إبراهيم أول من أضاف الضيف وأول من
ثرد الثريد أول من لبس النعلين وأول من قاتل بالسيف والسن وأول من قسم الفيء وأول
من اختتن في موضع يقال له القدوم وهوختن نفسه.
وروى أبو الحسين بن المنادي من حديث ابن عباس أنه قال: كان
إبراهيم بزازًا يبيع الثياب فدعا ربه أن يستره إذا قام يصلي فأهبط اللّه إليه جبريل
فقطع له السراويل وخاطته سارة فهوأول سراويل لبس في الأرض.
اللّه عز وجل ابتلى الخليل بذبح ولده بعد فراغه من الحج وقد اختلف
العلماء في الذبيح هل هو إسماعيل أو إسحاق.
فروى علي بن زيد بن جدعان عن الحسن عن الأحنف بن قيس عن العباس بن
عبد المطلب عن النبي صلى الله عليه وسلم:
{وفديناه بذبح
عظيم
}
.
قال: " إسحاق ".
وقد رواه مبارك عن الحسن فوقفه على العباس وهوأصح وكذلك روى عكرمة
عن ابن عباس قال: الذبيح إسحاق.
وبه قال ابن مسعود وكعب وعبد بن عمير ومسروق وأبوميسرة في خلق
كثير.
وقد روى معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن رجلًا جاءه
فقال: يا ابن الذبيحين فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يشيرإلى إسماعيل وعبد اللّه والد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن
عبد المطلب نذر أن يذبحه وهذا الحديث لا يثبت ثم أن رسول الله لم يقر به وجائز أن
يكون العم أبًا كما قال عز وجل: " نعبد إلهك وإله آبائك وإسماعيل وإسحاق ".
فأدخل إسماعيل في الآباء وهوعم يعقوب.
وقد روى الشعبي وسعيد بن جبير ومجاهد وعطاء بن أبي رباح ويوسف بن
مهران عن ابن عباس أنه إسماعيل.
وبه قال الشعبي وقال: رأيت قرني الكبش في الكعبة.
وإليه يذهب الحسن ومجاهد والقرظي واحتج بأن الله تعالى لما فرغ من
قصة الذبيح قال:
{
َبَشَرْنَاهُ بإِسْحَاقَ}
.
والقول الأول أصح فإن الخليل لما هاجر عن قومه قال:
{
هَبْ لِي مِنَ
الصَالِحِينَ فَبَشَرْنَاهُ بِغلامٍ حَلِيمٍ
}
.
والبشارة كانت لسارة فَلًمّا بَلَغَ مَعَهُ السًعْيَ أي كبر وبلغ
أنه سعى مع ابنه.
فأما إسماعيل فقد ذكرنا أنه أسكنه مكة ولم يره حتى تزوج امرأتين.
والاحتجاج بقرني الكبش ليس بشيء لأنه من الجائز أن يكونا حملا من
الشام واحتجاج المحتج بقوله: {وَبَشَرْنَاهُ} يدل على أنه إسحاق لأن الواو لا
تقتضي الترتيب.
الإشارة إلى قصة الذبح سبب أمر اللّه خليله بذبح ولده: ما روى
السدي عن أشياخه أن جبريل لما بشر سارة بإسحاق قالت: وما آية ذلك فأخذ عودا
يابسًا في يده فلواه بين أصابعه فاهتز أخضر فقال ابراهيم: هو لله إذًا ذبيح فلما
كبر إسحاق أتى ابراهيم في النوم فقيل له: أوف بنذرك الذي نذرت فقال لإسحاق:
انطلق نقرب قربانًا إلى الله فأخذ سكينًا وحبلًا ثم انطلق معه حتى إذا ذهب به بين
الجبال قال له الغلام: يا أبتاه أين قربانك قال: يا بني إني أرى في المنام أني
أذبحك فقال إسحاق: اشدد رباطي حتى لا اضطرب واكفف عني ثيابك حتى لا ينتضح عليها
من دمي فتراه سارة فتحزن وأسرع مَرّ السكين على حلقي ليكون أهون للموت عليّ وإذا
أتيت سارة فاقرأ عليها السلام.
فأقبل عليه إبراهيم يقبله وقد ربطه وهويبكي وإسحاق يبكي ثم إنه جرّ
السكين على حلقه فلم يُحِك السكين فأضجعه على جبينه فنودي: يا إبراهيم قد صدقت
الرؤيا.
فإذا بكبش فأخذه وخلى عن ابنه وأكب على ابنه يقبله ويقول: اليوم
يا بني وُهِبْتَ لي.
فرجع إلى سارة فأخبرها الخبر فجزعت سارة وقالت: يا إبراهيم أردت
أن تذبح ابني ولا تعلمني.
قال شعيب الجبائي: لما علمت بذلك ماتت يوم التالث.
وروى ابن إسحاق عن بعض أهل العلم: إن إبراهيم لما خرج بابنه
ليذبحه اعترضه إبليس فقال: أين تريد أيها الشيخ فقال: أريد هذا الشعب لحاجة لي
فيه فقال: واللّه إني لأرى الشيطان قد جاءك في منامك فأمرك بذبح ابنك.
فعرفه إبراهيم فقال: إليك عني عدو اللهّ فواللهّ لأمضين لأمر ربي
فيه فلما يئس عدو الله إبليس من إبراهيم اعترض الولد فقال: يا غلام هل تدري أين
يذهب بك أبوك.
قال: يحتطب لأهلنا من هذا الشعب قال: واللّه ما يريد إلا أن
يذبحك قال: لم قال: زعم أن ربه أمره بذلك قال: فليفعل ما أمره ربه فسمعًا
وطاعة فلما امتنع منه الغلام ذهب إلى أمه فقال: هل تدرين أين ذهب ابراهيم بابنه
فقالت: ذهب به يحتطبان من هذا الشعب قال: ما ذهب به إلا ليذبحه قالت: هو أرحم
به وأشد حبًا من ذلك قال: إنه يزعم أن اللهّ يأمره بذلك قالت: فإن كان ربه أمره
بذلك فتسليمًا لأمر اللهّ.
فرجع عدو الله لم يصب من آل إبراهيم شيئًا مما أراد.
فقال: يا أبت إذا أردت ذبحي فاشدد رباطي فإن الموت شديد واشحذ
شفرتك حتى تُجهز عليّ فتريحني.
فإذا أنت أضجعتني فعلى وجهي فإني أخشى إن نظرت في وجهي أن تدركك رقة
تحولُ بينك وبين أمر اللهّ فيَّ وإن رأيت أن ترد قميصي إلى أمي فإنه عسى أن يكون
أسلَى لها عنَي.
فقال له إبراهيم: نعم العون أنت يا بني على أمر اللهّ.
فربطه كما أمره ثم شحذ شفرته ثم تله للجبين واتق النظر في وجهه ثم
أدخل الشفرة فقبلها اللهّ تعالى ونودي: قد صدقت الرؤيا
.
قال ابن عباس: خرج عليه كبش من الجنة قد رعاها قبل ذلك أربعين
خريفًا وهو الكبش الذي قربه هابيل فنحره في منى.
وقال علي بن أبي طالب رضي اللهّ عنه: كان كبشًا أبيض أقرن أعين
مربوطًا بسَمُر في ثبير.
وقال الحسن: أهبط عليه من ثبير.
قال وهب بن منبه وشعيب الجبائي وغيرهما: كان ذلك بإيليا من أرض
الشام.
ومن الأحداث في زمن الخليل عليه السلام احتيال نمرود في صعود السماء
وبنيان الصرح رأى نمرود سلامة إبراهيم من النار وما آمن ثم زاد عتوه وتمرور فبقي
أربعمائة عام لاتزيده الحجج إلا تماديًا.
ثم انه حلف ليطلبن إله إبراهيم.
قال السدي عن أشياخه: أخذ نمرود أربعة أفرخ من فراخ النسور فرباهن
باللحم والخمر حتى إذا كبرن وغلظن واستعلجن قرنهن بتابوت وقعد في ذلك التابوت ثم
رفع رجلًا من لحم لهنَّ فطرن به حتى إذا ذهبن في السماء أشرف ينظر إلى الأرض فرأى
الأرض تحته كأنها فلكة في ماء ثم صعد فوقع في ظلمة فلم يرما فوقه ولا ما تحته ففزع
فألقى اللحم فاتبعته منقضّات فلما رأت الجبال ذلك كادت تزول فذلك قوله تعالى:
{
وَإِنْ كَانَ
مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجبَال
}
.
فلما رأى أنه لم يطق شيئًا أخذ في بنيان الصرح فبناه ثم ارتقى ينظر
وسقط الصرح وتبلبلت ألسن الناس يومئذ من الفزع.
قال زيد بن أسلم: بعث اللّه إلى نمرود ملكًا أن آمن بي وأتركك على
ملكك.
قال: فهل ربّ غيري.
فأتاه الثانية فقال له ذلك فأبى عليه ثم أتاه الثالثة فقال له ذلك
فأبى عليه فقال له الملك: اجمع جموعك إلى ثلاثة أيام فجمع جموعه فأمر اللّه الملك
ففتح عليه بابًا من البعوض وطلعت الشمس فلم يروها من كثرتها فبعثها الله عليهم
فأكلت لحومهم وشربت دماءهم فلم يبق إلا العظام والجباركما هو لم يصبه من ذلك شيء
فبعث اللهّ عليه بعوضة فدخلت في منخره فمكث أربعمائة سنة يضرب رأسه بالمطارق وأرحم
الناس به من جمع يديه ثم ضرب بهما رأسه فعذبه الله أربعمائة عام كما ملكه وأماته
اللّه.
وهو الذي بنى صرحًا إلى السماء فأتى اللّه بنيانه من القواعد وهو
قال اللّه:
{
فأتى الله بنيانهم من القواعد
}
.
وقد ذكرنا أن قومًا يقولون نمرود هو الضحاك الذي سبق ذكره وليس كذلك
لأن نسب نمرود في النَبَط ونسب الضحاك في عجم الفرس.
وذكر قوم أن الضحاك ضم إلى نمرود السَّواد وما اتصل بها وكان عاملًا
له وكانت ولايته.
بابل من قبل الضحاك فلما ملك أفريدون وقهر الضحاك قتل نمرود وشرد
النبط.
والله أعلم.
ومن الأحداث في زمن الخليل عليه السلام وكان إبراهيم بفلسطين
وإسماعيل إلى جرهم ولوط إلى سدوم ويعقوب إلى أرض كنعان فهؤلاء كلهم أرسلوا في
زمانه.
ومن الأحداث في أيام الخليل عليه السلام هلاك قوم لوط قد ذكرنا أن
لوطًا عليه السلام هاجر مع عمه إبراهيم عليه السلام مؤمنًا به متبعًا له على دينه
إلى الشام معهما سارة.
وقد قيل: كان معهم تارخ أبو إبراهيم وهو على غير دينه حتى صاروا
إلى حران فمات تارخ بحران على كفره.
وشخص إبراهيم ولوط وسارة إلى الشام واختتن لوط مع إبراهيم ولوط ابن
ثلاث وخمسين سنة ثم مضوا إلى مصر فصادفوا هناك فرعونا من فراعنتها ويقال له أخو
الضحاك وجهه الضحاك عاملًا عليها من قبله فرجعوا عودًا على بدئهم إلى الشام فنزل
إبراهيم فلسطين ونزل لوط الأردن فأرسل اللهّ تعالى لوطًا وذلك في وسط عمر
إبراهيم.
وهو: لوط بن هاران بن تارخ ورأيت بخط أبي الحسين بن المنادي:
هازن بالزاء المعجمة من غير ألف.
بعث إلى أهل سَدُوم فكانوا أهل كفر باللّه وركوب الفاحشة.
قال مجاهد: كان بعضهم يجامع بعضًا في المجالس.
قال العلماء بالسير: كان لوط يدعوهم إلى عبادة اللّه وينهاهم عن
الفاحشهَ ولا يزجرهم وعيده ولا يزيدهم إلا عتوًا فسأل اللّه تعالى أن ينصره عليهم
فبعث اللّه تعالى جبرئيل وميكائيل وإسرافيل فأقبلوا مشاة في صورة رجال شباب فنزلوا
على إبراهيم وكان قد احتبس عنه الضيف أيامًا ففرح بهم ورآهم في غاية الحسن والجمال
فقام يخدمهم فجاء بعجل سمين فأمسكوا فقال: ألا تأكلون.
فقالوا: لا نأكل طعامًا إلا بثمنه قال: فإن له ثمنًا قالوا:
وما هو.
قال: تذكرون اسم الله على أوله وتحمدونه على آخره فنظر جبرئيل إلى
ميكائيل وقال: حق لهذا أن يتخذه اللّه خليَلاَ ثم رأى إمساكهم ففزغ منهم وظنهم
لصوصًا قالوا: لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط فضحك سارة تعجبًا وقالت: لحقتم
بابنا ولا تأكلون طعامنا.
فقال جبرئيل: أيتها الضاحكة أبشري بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب
وكانت بنت تسعين سنة وإبراهيم ابن مائة وعشرين سنة.
فلما سكن روعه وأعلموا لماذا أرسلوا فناظرهم في ذلك كما قال اللهّ
عز وجل:
{
فلما
ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط
}
.
وكان جداله إياهم أن الملائكة قالوا:
{
إنا مهلكوا أهل هذه
القرية
}
.
فقال لهم: أتهلكون قرية فيها أربعمائة مؤمنون.
قالوا: لا قال: ثلاثمائة.
قالوا: لا قال مائتان قالوا: لا قال: مائة قالوا
لا قال:
أربعون قالوا لا قال: أربعة عشر قالوا: لا.
وكان يعدهم أربعة عشر مع امرأة لوط.
فسكت واطمأنت نفسه.
هذا قول سعيد بن جبير.
قال ابن عباس: قال الملك لإبراهيم: إن كان فيها خمسة يصلون رفع
عنهم العذاب.
قال حذيفة: جاءت الرسل لوطًا وهو في أرض له يعمل فيها وقد قيل لهم
واللّه أعلم: لا تهلكوهم حتى يشهد عليهم لوط فأتوه فقالوا: إِنّا مضيفوك
الليلة.
فانطلق بهم فلما مشى ساعة التفت فقال: أما تعلمون مايعمل أهل هذه
القرية واللهّ ما أعلم على ظهر الأرض ناسًا أخبث منهم.
فانطلق بهم فلما بصرت عجوز السوء امرأته بهم انطلقت وأنذرتهم.
وقال السدي عن أشياخه: لما خرجت الملائكة من عند إبراهيم نحو قرية
لوط أتوهم نصف النهار فلما بلغوا نهرسدوم لقوا ابنة لوط تستقي الماء لأهلها وكانت
له ابنتان اسم الكبرى ريثا والصغرى رعرثا فقالوا لها: يا جارية هل من منزل.
قالت: نعم مكانكم لا تدخلوا حتى آتيكم فزعت عليهم من قومها فأتت
أباها فقالت يا أبتاه أدركت فتيانًا على باب المدينة ما رأيت وجوه قوم هي أحسن من
وجوههم لا يأخذهم قومك فيفضحوهم وقد كان قومه نهوه أن يضيف رجلًا فجاء بهم فلم يعلم
أحد إلا أهل بيت لوط فخرجت امرأته فأخبرت قومها وقالت إن في بيت لوط رجالًا مارأيت
مثل وجوههم قط.
فجاء قومه يهرعون إليه.
قال علماء السير: فلما أتاه قومه جعل يلطف بهم ويقول: اتقوا
اللهّ ولا تخزوني في ضيفي.
ويقول: هؤلاء بناتي أهن أطهر لكم مما تريدون ".
فلما لم يلتفتوا إلى قوله قال:
{
لَوْ أن لِي بِكُمْ
قوَّةً
}
أي: لو أن لي أنصارًا ينصرونني عليكم أو عشيرة يمنعونني
منكم لحلت بينكم وبين ما جئتم.
فلما اشتد الأمر عليه قالت له الرسل: إنا رسل ربك لن يصلوا إليك
فقال: أهلكوهم الساعة.
فقال جبرئيل: إن موعدهم الصبح.
فطمس جبرئيل أعينهم فقالوا: يا لوط جئتنا بقوم سحرة كما أنت حتى
تصبح.
فأمر أن يُسري بأهله فخرج وقت سحر ثم أدخل جبرئيل جناحه في أرضهم
فرفعها وكانت خمس قريات أعظمها سدوم حتى سمع أهل السماء صياح الديكة ونباح الكلاب
فجعل عاليها سافلها ورموا بالحجارة فكانوا أربعآ آلاف ألف وتبعت الحجارة شذاذ القوم
وسمعت امرأة لوط الهدة فقالت: واقوماه فأدركها حجر فقتلها.
وتوفي لوط وهو ابن ثمانين سنة وعلى مقتضى الحساب يكون وفاة لوط قبل
إبراهيم بسنين كثيرة.
ومن الحوادث في أيام الخليل عليه السلام فإنها توفيت بالشام وقيل:
ماتت بأرض كنعان وهي بنت مائة وسبع وعشرين سنة فدفنت بمزرعة اشتراها إبراهيم.
وأما هاجر فقد ذكرنا في الحديث الصحيح أنها ماتت بمكة قبل بناء
البيت.
ومن الحوادث تزوج الخليل بعد سارة قال ابن إسحاق: لما ماتت سارة
تزوج بعدها من الكنعانيين من العرب العاربة واسمها قَنْطورا بنت يقطان.
ويقال: بنت مقطور وقد قال حذيفة: يوشك بنو قنطورا أن يخرجوا أهل
البصرة منها.
قال شيخنا أبو منصور اللغوي: يقال ان قنطورا كانت جارية لإبراهيم
فولدت أولادًا والترك من نسلها.
قال ابن إسحاق: ولدت له قنطورا ستة نفر: منهم مدين وأولاده
الذين أرسل إليهم شعيب وقيل: تزوج أخرى اسمها حجون فولدت له خمس بنين.
وكان ممن يتبع في زمن ابرِاهيم الخليل عليه السلام ذو القرنين وإن
كانوا قد اختلفوا في زمان كونه.
فروي عن علي رضي الله عنه أنه قال: كان من القرون الأول من ولد
يافث بن نوح.
وقيل: انه من ولد عيلم بن سام.
وانه ولد بأرض الروم حين نزلها ولد سام.
وقال الحسن البصري: كان بعد ثمود.
وذكر أبو الحسين بن المنادي أنه كان في زمان فقد روى الفضل بن عطية
عن عطاء عن ابن عباس: أن ذا القرنين لقي إبراهيم الخليل بمكة فسلم عليه وصافحه
واعتنقه.
وجاء في حديث آخر: أن إبراهيم الخليل كان جالسًا في مكان فسمع
صوتًا فقال: ما هذا الصوت قيل له: هذا ذو القرنين في جنوده.
فقال لرجل عنده: إئت ذا القرنين وأقرئه مني السلام فأتاه فقال:
إن إبراهيم يقرأ عليك السلام قال: ومن إبراهيم.
قال: خليل الرحمن قال: وإنه لها هنا.
قال: نعم فنزل عن فرسه ومشى فقيل له: إن بينك وبينه مسافة
فقال: ما كنت أركب في بلد فيه إبراهيم فمشى إليه فسلم عليه وأوصاه وأهدى إليه
إبراهيم بقرًا وغنمًا.
واختلف العلماء في اسم ذي القرنين على أربعة أقوال: أحدها: عبد
الله.
قاله علي رضي الله عنه.
وقال ابن عباس: اسمه عبد الله بن الضحاك.
والثاني: الإسكندر قاله وهب.
وقيل: هو الإسكندر بن قيصر.
قاله أبو الحسين ابن المنادي وكان قيصر هذا أول القياصرة وأقدمهم
وإنما سمي بذي القرنين بعد ذلك بزمان طويل.
والثالث: عياش قاله محمد بن علي بن الحسين.
والرابع: الصعب بن جاثر بن القلمس.
ذكره أبو بكر بن أبي خيثمة.
واختلفوا هل كان نبيًا أم لا.
فقال عبدالله بن عمرو وسعيد بن المسيب والضحاك بن مزاحم: كان
نبيًا.
وخالفهم الأكثرونْ في هذا فروينا عن علي رضىِ الله عنه أنه قال:
كان عبدًا صالحًا أمر قومه بتقوى الله لم يكن نبيًا ولا ملكًا.
وقال وهب: كان ملكًا ولم يوح إليه.
وقال أحمد بن جعفر المنادي: كان على دين إبراهيم.
واختلفوا في سبب تسميته بذي القرنين.
على عشرة أقوال: أحدها: أنه دعا قومه إلى الله تعالى فضربوه على
قرنه فهلك فغبر زمانًا ثم بعثه اللّه تعالى فدعاهم إلى الله فضربوه على قرنه الآخر
فهلك فذلك قرناه.
قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه في رواية.
والثاني: انه سمي بذي القرنين لأنه سار إلى مغرب الشمس وإلى
مطلعها رواه أبوصالح عن ابن عباس.
وأخبرنا محمد بن عمر الأرموي أخبرنا أبو الحسين بن المهتدي أخبرنا
عمر بن شاهين حدثنا محمد بن سليمان الباغندي حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أبو
أسامة قال: حدثني زائدة عن سماك بن حرب عن حبيب بن جادم قال: قال رجك لعلي رضي
اللّه عنه: كيف بلغ ذو القرنين المشرق والمغرب.
فقال علي: سخر له السحاب ومدت له الأسباب وبسط له النور.
وفي رواية أخرى عن علي رضي الله عنه أنه قال: كان عبدًا صالحًا
ناصح لله وأطاعه فسخر له والثالث: لأن صفحتي رأسه كانتا من نحاس.
والرابع: لأنه رأى في النوم كأنه امتد من السماء إلى الأرض فأخذ
بقرني الشمس فقص ذلك على قومه فسمي بذي القرنين.
والخامس: لأنه ملك فارس والرّوم.
والسادس: لأنه كان في رأسه شبه القرنين.
رويت هذه الأقوال الأربعة عن وهب ابن منبه.
والسابع: لأنه كانت له غديرتان من شعر.
قاله الحسن.
قال أبو بكر بن الأنباري: والعرب تسمى الضفيرتين من الشعر غديرتين
وضفيرتين وقرنين.
ومن قال سمي بذلك لأنه ملك فارس والروم قال: لأنهما عاليان على
جانبين من الأرض فقال لهما قرنان.
والثامن: لأنه كان كريم الطرفين من أهل بيت ذوي شرف.
والتاسع: لأنه انقرض في زمانه قرنان من الناس وهو حي.
والعاشر: لأنه سلك الظلمة والنور.
ذكر هذه الأقوال الأربعة أبو إسحاق الثعلبي.
قال مجاهد: ملك الأرض أربعة مؤمنان وكافران فالمؤمنان: سليمان
بن داود وذو القرنين والكافران: نمرود وبخت نصر.
قال أبو الحسين أحمد بن جعفر: زعموا أن ذا القرنين أحد عظماء ملوك
الأرض إلا أن الله أعطاه مع ذلك التوحيد والطاعة واصطناع الخير ومدّ له في الأسباب
وأعانه على أعدائه وفتح المدائن والحصون وغلب الرجال وعمر عمرًا طويلًا بلغ فيه
المشارق والمغارب وبنى السد فيما بين الناس وبين يأجوج ومأجوج وكان في ذلك رحمة
للمؤمنين وحرزًا منيعًا من البلاء الذي لاطاقة لهم به.
ذكر طرف من أخباره روى أبو الحسين بن المنادي بإسناد له عن عتبة بن
عامر الجهني أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ذا القرنين فقال: " إن أول أمره
أنه كان غلامًا من الروم أعطي ملكًا حتى أتى أرض مصر فابتنى عندها مدينة يقال لها
الاسكندرية فلما فرغ من بنائها أتاه ملك فعرج به فقال له: انظر ما تحتك قال: ما
أرى مدينتي وأرى مدائن معها ثم عرج به فقال له: انظر فقال: قد اختلطت المدائن
ثم زاد فقال له: انظر فقال: أرى مدينتي وحدها لا أرى غيرها فقال له الملك:
إنما تلك الأرض كلها وهذا السواد الذي ترى محيطًا به البحر وإنما أراد اللهّ أن
يريك الأرض وقد جعل لك سلطانًا فيها فسر في الأرض علّم الجاهل وثبت العالم.
فسار حتى بلغ مغرب الشمس ثم أتى السدين وهما جبلان لينان ينزل عنهما
كل شيء فبنى السد ثم سار فوجد يأجوج ومأجوج يقاتلون قومًا وجوههم كوجوه الكلاب ثم
قطعهم فوجد أمة قصارًا يقاتلون الذين وجوههم كوجوه الكلاب ثم مضى فوجد أمة من
الغرانيق يقاتلون القوم القصار ثم مضى فوجد أمة من الحيّات تلتقم الحية منها الصخرة
العظيمة ثم أفضى إلى البحر المدير بالأرض.
وروى أبو الحسين بإسناد له عن علي بن الحسين بن علي عن أبيه عن جده
علي بن أبي طالب رضي اللهّ عنهم أنه قال: كان ذو القرنين عبدًا صالحًا وكان قد
ملك ما بين المشرق والمغرب وكان له خليل من الملائكة اسمه رفائيل يأتي ذا القرنين
ويزوره فبينما هما يومًا يتحدثان قال ذو القرنين: يا رفائيل حدثني كيف عبادتكم في
السماء فبكى رفائيل وقال: يا ذا القرنين وما عبادتكم عند عبادتنا ان في السموات
من الملائكة هو قائم أبدًا لا يجلس ومنهم الساجد لا يرفع رأسه أبدًا ومنهم الراكع
لا يستوي قائمًا أبدًا ومنهم الرافع وجهه لا يجلس أبدًا وهم يقولون: سبحان الملك
القدوس رب الملائكة والروح ربنا ما عبدناك حق عبادتك.
فبكى ذو القرنين بكاء شديدًا ثم قال: يا رفائيل إني لأحب أن أعيش
فأبلِغ من عبادة ربي حقَّ طاعته.
فقال رفائيل: أوتحب ذلك قال: نعم قال: فإن للّه عيناَ في
الأرض تسمى عين الحياة فيها عزيمة أنه من شرب منها شربة إنه لن يموت حتى يكون هو
الذي يسأل الموت.
قال ذو القرنين: فهل تعلمون أنتم موضع تلك العين فقال رفائيل:
لا غير أننا نتحدث في السماء أن للهّ في الأرض ظلمة لا يطؤها إنس ولا جان فنحن نظن
أن تلك العين هي التي في تلك الظلمة فجمع ذو القرنين حكماء أهل الأرض وأهل دراسة
الكتب وآثار النبوة وقال: أخبروني هل وجدتم فيما قرأتم من كتب الله وما جاءكم من
أحاديث الأنبياء وحديث من كان قبلكم من العلماء أن الله وضع في الأرض عينًا سماه
عين الحياة فقالت العلماء: لا فقال ذو القرنين: فهل وجدتم فيها أن الله وضع في
الأرض ظلمة لا يطؤها إنس ولا جان.
قالوا: لا فقال عالم من العلماء واسمه أفشنجير: أيها الملك لم
تسأل عن هذا.
فأخبره بالحديث وما قال له رفائيل في العين والظلمة فقال: أيها
الملك إني قرأت وصية آدم فوجدت فيها أن الله وضع في الأرض ظلمة لا يطؤها إنس ولا
جان فقال ذو القرنين: فأي أرض وجدتها في الأرض.
قال: وجدتها على قرن الشمس.
فبعث ذو القرنين في الأرض فحشر الناس إليه الفقهاء والأشراف والملوك
ثم سار يطلب مطلع الشمس فسار إلى أن بلغ طرف الظلمة ثنتي عشرة سنة فإذا الظلمة ليست
بليل وظلمة تفور مثل الدخان فعسكَرثم جمع علماء عسكره فقّال: إني أريد أن أسلك
هذه الظلمة فقالت العلماء: أيها الملك إنه من كان قبلك من الأنبياء لم يطلبوا هذه
الظلمة فلا تطلبها فإنّا نخاف أن يتفق عليك منها أمر تكرهه ويكون فيها فساد الأرض
فقال: ما بد من أن أسلكها فخرت العلماء سجدًا وقالوا: أيها الملك كف عن هذه
الظلمة ولا تطلبها فإنا لو نعلم أنك إن طلبتها ظفرت بما تريد ولكنا نخاف العتب من
اللّه ويتفق عليك أمر يكون فيه فساد الأرض وما عليها فقال: ما بد من أن أسلكها
فقالت العلماء: شأنك بها فقال ذو القرنين: أي الدواب بالليل أبصر.
قالوا: الخيل قال: فأيها أبصر.
قالوا: الإناث أبصر قال: فأي الإناث.
قالوا: البكارة.
فأرسل ذو القرنين فجمع له ستة آلاف فرس أنثى بكارة ثم انتخب من أهل
عسكره أهل الجلد والعقل ستة آلاف رجل فدفع إلى كل رجل فرسًا وعقد للخضر على مقدمته
على ألفين وكان الخضر وزير ذي القرنين وهو ابن خالته.
وبقي ذو القرنين في أربعة آلاف فقال ذو القرنين للناس: لا تبرحوا
من عسكركم هذا اثنتي عشرة سنة فإن نحن رجعنا إليكم فذلك وإلا فارجعوا إلى بلادكم
فقال الخضر: أيها الملك إنا نسلك ظلمة لا ندري كم السير فيها ولا يبصر بعضنا
بعضًا فكيف نصنع بالضلال إذا أصابنا فدفع ذو القرنين إلى الخضر خرزة حمراء فقال:
حيث يصيبك الضلال فاطرح هذه الخرزة إلى الأرض فإذا صاحت فليرجع إليها أهل
الضُّلال.
فسار الخضر بين يدي في القرنين يرتحل ونزل ذو القرنين وقد عرف الخضر
ما يطلب ذو القرنين وذو القرنين يكتم الخضر.
فبينما الخضر يسير إذ عارضه واد فظن الخضر أن العين في الوادي فلما
قام على شفير الوادي قال لأصحابه: قفوا ولا يبرحن رجل من موقفه ورمى بالخرزة في
الوادي فمكث طويلًا ثم أضائته الخرزة وطلب صوتها فانتهى إليها فإذا هي على حافة
العين فنزع الخضر ثيابه ثم دخل العين فإذا ماء أشد بياضًا من اللبن وأحلى من الشهد
فشرب واغتسل وتوضأ ثم خرج فلبس ثيابه ثم رمى بالخرزة نحو أصحابه فصاحت فرجع الخضر
إلى صوتها وإلى أصحابه فأخذها وركب فسار.
ومرّ ذو القرنين فأخطأ الوادي فسلكوا تلك الظلمة أربعين يومًا
وأربعين ليلة فخرجوا إلى ضوء ليس بضوء شمس ولا قمر وأرض حمراء ورملة.
وإذا قصر مبني في تلك الأرض طوله فرسخ في فرسخ مسور ليس عليه باب
فنزل ذو القرنين بعسكره ثم خرج وحده حتى دخل القصر فإذا حديدة طرفاها على حافتي
القصر وإذا طائر أسود كأنه الخطاف أو شبه بالخطاف مذموم بأنفه إلى الحديدة معلق بين
السماء والأرض فلما سمع الطائر خشخشة ذي القرنين قال: من هذا قال: اُنا ذو
القرنين فقال الطائر: يا ذا القرنين أما كفاك ما وراءك حتى وصلتَ إلي يا ذا
القرنين حدثني هل كثر البناء بالأجر والجص.
قال: نعم.
فانتفض الطائر انتفاضة ثم انتفخ فبلغ ثلث الحديدة ثم قال: هل كثرت
شهادات الزور في الأرض.
قال: نعم.
فانتفض الطائر ثم انتفخ فبلغ ثلثي الحديدة ثم قال: يا ذا
القرنين: حدثني هل كثرت المعازف في الأرض قال: نعم.
فانتفض ثم انتفخ فملأ الحديدة وسد ما بين جداري القصر فاجتث ذو
القرنين فرحًا فقال الطائر: هل ترك الناس شهادة أن لا إله إلا اللهّ.
قال: لا فانضم الطائر ثلثًا ثم قال: هل تركت الصلاة المفروضة.
قال: لا فانضم الطائر ثلثًا ثم قال: هل ترك الناس غسل الجنابة
قال: لا فعاد الطائر كما كان ثم قال: يا ذا القرنين اسلك هذه الدرجة إلى أعلى
القصر فسلكها فإذا سطح وعليه رجل قائم فلما سمع خشخشة ذي القرنين قال: من هذا.
قال: أنا ذو القرنين قال: يا ذا القرنين أما كفاك ما وراءك حتى
وصلت إليّ قال: ومن أنت قال: أنا صاحب الصور وإن الساعة أقتربت وأنا أنتظر أمر
ربي أن أنفخ فأنفخ.
ثم ناوله حجرًا فقال: خذها فإن شبع شبعت وإن جاع جعت فرجع به إلى
أصحابه فوضعوا الحجرفي كفه ووضعوا حجرًا آخر مقابله فإذا به يميل فتركوا آخر كذلك
إلى ألف حجر فمال ذلك الحجر بالكل.
فأخذ الخضر كفًا من تراب وتركه في احدى الكفتين وأخذ حجرًا من تلك
الحجارة فوضعه في الكفة الأخرى وترك معه كفًا من تراب فوضعه على الحجر الذي جاء به
ذو القرنين فاستوى في الميزان فقال الخضر: هذا مثل ضرب لكم إن ابن آدم لا يشبع
أبدًا دون أن يحثى عليه التراب كما لم يشبِع هذا الحجر حتى وضعت عليه التراب.
قال: صدقت يا خضر لا جرم لا طلبت أثراَ في البلاد بعد مسيري هذا
فارتحل راجعًا حتى إذا كان في وسط الظلمة وطىء الوادي الذي فيه زبرجد فقال من
معه: ما هذا الذي تحتنا فقال ذو القرنين: خذوا منه فإنه من أخذ ندم ومن ترك
ندم.
فأخذ قوم وترك قوم فلما خرجو من الظلمة إذا هو بزبرجد فندم الآخذ
والتارك.
ثم رجع ذو القرنين إلى دومة الجندل وكانت منزله فأقام بها حتى
مات.
قال الحسن البصري: ان ذا القرنين كان يركب وعلى مقدمته ستمائة ألف
وعلى ساقته ستمائة ألف.
كتاب أم الإسكندر إليه قال كعب الأحبار: إن أم ذي القرنين كانت
حازمة عاقلة فلما بلغها أن ابنها قد فتح المدائن واستعبد الرجال ودانت له الملوك
كتبت إليه.
بسم اللهّ الرحمن الرحيم.
من روقية أم الإسكندر إلى الإسكندر الموتى له الضعيف الذي بقوة ربه
قوي وبقدرته قهر وبعزته استعلى يا بني لا تدع للعجب فيك مساغًا فإن ذلك يرديك ولا
تدع للعظمة فيك مطمعًا فإن ذلك يضعفك يا بني ذلل نفسك للذي رفعك.
واعلم أنك عن قليل محوَّل عما أنت فيه يا بني إياك والشح فإن الشح
يرديك ويزري بك وانظر هذه الكنوز التي جمعتها أن تعجل حملها إليّ كلها مع رجل مفرد
على فرس أجرد.
فلما ورد عليه الكتاب جمع الناس فقال: انظروا فيما كتبت أمي
وسألتني فيه: أن أرسل بهذه الأموال فقالوا: وكيف السبيل إلى حملها على فرس
فقال: هل عندكم غير هذا.
قالوا: لا فدعا كاتبه فقال: أكتب كلَّ مال جمعته فاحصه واجعله
في كتاب وبين مواضعها وعدتها ففعل الكاتب ثم ختم الكتاب وحمل رجل على فرس ثم قال
له: امض بهذا الكتاب إلى أمي ثم قال لهم: إنما سألتني أمي أن أبعث إليها بعلم
مالي أجمع ومواضعها.
قال: إن ذلك إلى اليوم معروف بالروم في بيت مملكتهم وبيوت أموالهم
يجدون علم ذلك في أرض كذا وكورة كذا وموضع كذا وكذا ومن المال كذا وكذا مما كنزه
الإسكندر وكان اللهّ لم يجعل فيه من الحرص شيئًا ولم يجمع
الدنيا إلا ما كان يسر
بمن معه فيقويهم على ذلك وكان مسيرة ذلك رحمة للمؤمنين.
صفة بناءالسد ذكر أبو الحسين بن المنادي عن الموجود في أيدي الفرس
عن كتبهم الموروثة: أن ذا القرنين لما عزم على المسير إلى مطلع الشمس أخذ على
طريق كابل في الهند وتبت فتلقته الملوك بالهدايا العظيمة والتحايا الكريمة والطاعة
والأموال إلى أن صار إلى الأرض المنتنة السوداء فقطعها سيرًا في شهر ثم جاءته
الأدلاء فانتهوا به إلى الحصون الشامخة والمدن المعطلة من أهلها وقد بقيت منهم فيها
بقايا سألوه بأجمعهم أن يسد عنهم الفج الذي بينهم وبين يأجوج ومأجوج فسار إليه ونزل
بجيشه العظيم الهائل ومعه الفلاسفة والصناع والحدادون فاتخذ قدور الحديد الكبار
والمغارف الحديدية وأمر أن يجعل كل أربعة من تلك القدور على ديكدان طول كل واحد
خمسين ذراعًا أو نحوها وأمر الصناع أن يضربوا اللبن الحديد فاتخذوا النحاس والحديد
وأضرموا عليه النار فصارت حجارة لم ير الناس مثلها كأنها تشبه جبل السد.
طول كل لبنة ذراع ونصف بالذراع الأعظم وسمكها شبر.
فما زالوا يبنون السد من جانب الجبل وجعل في وسطه بابأ عظيمًا طوله
أقل من عرضه فالعرض مائة ذراع كل مصراع خمسين ذراعًا والطول خمسين ذراعًا وعليه قفل
عظيم نحو عشرة أذرع وفوقه بأذرع غلق أطول من ذلك القفل! وكل ذلك أملس كملاسة
الجبل وبلونه.
فذكروا أنه لما فرغ من بناء السد أمر بالنار فاضرمت عليه من أسفله
إلى أعلاه فصار معجونًا كأنه حجر واحد مثل الجبل سواء فلما فرغ من بنائه مال راجعًا
بعد أن لقي الأمم التي خلف يأجوج ومأجوج.
قال أبو الحسين: وبلغني عن خردا ذبه قال: حدثني سلام
الترجمان: أن الواثق لما رأى في المنام أن السد الذي سده ذو القرنين ببناء بين
يأجوج ومأجوج انفتح وجهني فقال: عاينه واتني بخبره وضم إليَ خمسين رجلًا ووصلني
بخمسة آلاف دينار وأعطاني ديتي عشرة آلاف درهم وأمر بإعطاء كل رجل معي ألف درهم
ورزق ستة أشهر وأعطاني مائتي بغل يحمل الزاد والماء.
فشخصنا من سر من رأى بكتاب من الواثق إلى إسحاق بن إسماعيل صاحب
أرمينية وهو بتفليس في إنفاذنا فكتب لنا إلى إسحاق صاحب السرير وكتب لنا ذاك إلى
ملك الدان فكتب لنا إلى قلانشاه فكتب لنا إلى ملك الخرز وسرنا من عند ملك الخرز
يومًا وليلة ثم وجه معنا خمسين رجلًا أدلاء فسرنا من عنده خمسة وعشرين يومًا ثم
سرنا إلى أرض سوداء منتنة الريح وقد كنا تزودنا قبل دخولها طيبًَا نشمه للرائحة
المكروهة فسرنا فيها عشرة.
أيام ثم صرنا إلى مدن خراب فسرنا فيها سبعة وعشرين يومًا فسألنا عن
تلك المدن التي كان يأجوج ومأجوج طرقوها فخربوها ثم صرنا إلى حصون بالقرب من جبل
السد في شعب منه.
وفي تلك الحصون قوم يتكلمون بالعربية والفارسية مسلمون يقرأون
القرآن لهم كتاتيب ومساجد فسألوا: من أين أقبلتم فأخبرناهم أنا رسل أمير المؤمنين
فأقبلوا يتعجبون ويقولون: أمير المؤمنين! قلنا: نعم فقالوا: أشيخ هوأم شاب
فقلنا: شاب فتعجبوا وقالوا: أين يكون قلنا: بالعراق في مدينة يقال لهاسرمن
رأى فقالوا: ما سمعنا بهذا قط.
ثم سرنا إلى جبل أملس ليس عليه خضراء وإذا جبل مقطوع بواد عرضه مائة
وخمسون ذراعًا وفيه السد وإذا عضادتان مبنيتان للمشي مما يلي الجبل من جنبتي الوادي
عرض كل عضادة خمسة وعشرون ذراعًا الظاهر من تحتها عشرة أذرع خارج الباب وعليه بناء
مكين من حديد مغيب في نحاس في سمك خمسين ذراعًا.
يتبع<<
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا
عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا
قال ابن عون:
"ذكر الناس داء،وذكر الله دواء"
قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى :
(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له"
السير6 /369
قال العلامة السعدي:"
وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم
فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم
ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة
والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره"
الفتاوى السعدية 461
فترة الأقامة :
6559 يوم
الإقامة :
ارض الحرمين
معدل التقييم :
زيارات الملف الشخصي :
3462
مواضيعي ~
•
ركني الهادي
•
شعاع الترحيب والضيافة
•
شعاع الإعلانات الإدارية
إحصائية مشاركات »
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل :
2.20 يوميا
هوازن الشريف
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى هوازن الشريف
زيارة موقع هوازن الشريف المفضل
البحث عن كل مشاركات هوازن الشريف