الوردة الباقية الوردة الباقية1
فيصل بن سعود الحليبي
كم هي الوردة جميلة في منظرها ، ساحرة في لونها ، أخّاذة في عطرها ، تشدك إليها في صمت ، وتأخذ بلباب عقلك في حياء ، حتى تغدو أمام غيرك شاردًا ، وادعًا ، وما هي إلا لحظات وتجد نفسك هادئ النفس ، واسع الصدر ، تتمنى حينها أن تبقى هذه الوردة ، لتدوم هذه النظرة ، لتستمر هذه السعادة
ولكن أنّى لهذه الوردة الفاتنة كل هذه العطاء إن لم تسق بالماء !! وهي مع هذا آيلة إلى الذبول والفناء
غير أني أدعوك أن تقترب من وردة تعطيك عطاء أبلغ من عطاء هذه الوردة التي انشرح صدرك لها ، وأنِسْت بالنظر إليها ، وهي مع هذا لا تعرف الفناء ، بل تتسم بالخلود والبقاء !!
وكما احتاجت تلك إلى الماء لتبقى ثم لتفنى ، فإن هذه الوردة تحتاج إلى أمر آخر لتبقى ولا تفنى
لعلك أدركت المقصود فإن مثل هذه الوردة كمَثَلِ الحياة الزوجية السعيدة ، المملوءة بالمودة والصفاء ، الممزوجة بالمحبة والوفاء ، ألا يتمنى الزوجان فيها أن تبقى حياتهما كذلك ، لا في الدنيا فحسب ، بل في الآخرة أيضًا ؟*
قل : نعم *
إذاً فإنها تحتاج إلى أن تسقى بالإيمان ، وترعى بالخشية من الرحمن ، وتصفو بمحبة الله ورسوله* صلى الله عليه وسلم ، وتتآلف على القرآن ، وتتعاهد على نبذ المعاصي ، وتتعاون على البر والتقوى ، وتنذر نفسها للدعوة إلى الله في نفسها ، وبين الذرية والأهل والإخوان ، وتتراحم بقيام الليل ، وتتزكى بصيام النهار ، وتسمو بالجود والكرم ، وتجتمع قلوبها على النصح بالحكمة والموعظة الحسنة ، وتتحد صفوفها أمام إغراءات المنكر ، وتسارع في الخيرات ، وتقنع برزقها ، وتصبر في شدائدها ، وتهفو نفوسها إلى إعداد جيل صادق مع ربه ، باذل لدينه ، عامل لوطنه
كم تشدني تلك الصورة الزوجية الحانية التي يقول الرسول* صلى الله عليه وسلم فيها :* رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى ، ثُمَّ أَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّتْ ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ ، وَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ ، ثُمَّ أَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَصَلَّى ، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ رواه النسائي
ألا ما أسعدها من ساعة إيمان ، وما أرقه من نضح وفيّ ، وما أعذبه من ماء مخلص
ألا تستحق حياة هذين الزوجين أن تبقى ولا تفنى ، ولم لا تبقى ، والله تعالى يقول :*{ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ }*
وهو القائل سبحانه :*{ إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ }
فما أرخص حياتنا إن كانت وسيلة إلى شقوة الآخرة ، وما أغلاها إذا كانت وسيلة إلى سعادتها
----------------------
1*نشرت في نشرة التيسير بالأحساء ، العدد الثالث ، 1/5/1421هـ ، ونشرت في العدد * 96 ، ربيع الأول 1422هـ من مجلة الأسرة |
رد: الوردة الباقية |
رد: الوردة الباقية شكرا لتعطيرك موضوعي بردك الجميل |
رد: الوردة الباقية جزاك الله كل خير أختي ام يعقوب |
رد: الوردة الباقية |
رد: الوردة الباقية ياسمين ام الياس شكرا على طيب التواصل |
رد: الوردة الباقية جعلنا الله واياك اختى من اصحاب الجنه بل الفردوس الاعلى جزاك الله كل الخير rftg |
رد: الوردة الباقية حياك الله غاليتي أم يعقوب جزاك الله خيرا على الطرح القيم اللهم املأ بالإيمان قلوبنا وباليقين صدورنا وبالنور وجوهنا وبالحكمة عقولنا وبالحياء أبداننا واجعل القرآن شعارنا والسنة طريقنا يا من يسمع دبيب النمل على الصفا ويُحصى وقع الطير في الهواء ويعلم ما في القلب والكُلَى ويعطى العبد على ما نوى اللهم اغفر لنا جدنا وهزلنا وخطئنا وعمدينا وكل ذلك عندنا أسأل الله لكم راحة تملأ أنفسكم ورضى يغمر قلوبكم وعملاً يرضي ربكم وسعادة تعلوا وجوهكم ونصراً يقهر عدوكم وذكراً يشغل وقتكم وعفواً يغسل ذنوبكم و فرجاً يمحوا همومكم اللهم اجعلنا من ورثة جنتك وأهلا لنعمتك وأسكنا قصورها برحمتك وارزقنا فردوسك الأعلى حنانا منك ومنا و إن لم نكن لها أهلا فليس لنا من العمل ما يبلغنا هذا الأمل إلا حبك وحب رسولك صلى الله عليه وسلم والحمد لله رب العالمين ودمتم على طاعة الرحمن وعلى طريق الخير نلتقي دوما |
رد: الوردة الباقية اشكرك على طيب التواصل |
رد: الوردة الباقية بارك الله فيك و نفعك و نفع بك |
الساعة الآن 10:08 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By
Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)