منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع العـــام (https://hwazen.com/vb/f24.html)
-   -   تاريخ الطب النفسي في بلاد المسلمين (https://hwazen.com/vb/t113.html)

هوازن الشريف 05-18-2013 09:40 PM

تاريخ الطب النفسي في بلاد المسلمين
 
تاريخ الطب النفسي في بلاد المسلمين





عرف الإنسان الاضطرابات النفسية وكثيرا من وسائل علاجها منذ القدم ، فهي لم تكن وليدة عصرنا هذا فقط ونتيجة لمتغيراته الحضارية وما ارتبط به من اضطرابات سياسية واقتصادية ، و إنما هي قديمة قدم الإنسان ذاته على أرض الوجود . ولقد حاول الإنسان منذ عصور التاريخ المبكرة في علاج تلك الأمراض بشتى الوسائل المتاحة له ، وطبقاً لمعتقداته الروحية والاجتماعية تجاه تلك الأمراض .

وقد ظل علم النفس لفترة طويلة مجالاً لاجتهاد الفلاسفة والحكماء ورجال الكنيسة ، ثم أصبح فرعاً من فروع علم الفلسفة ، ولم يستقل عنها إلا بعد أن أصبح له موضوعه ومنهجه الخاص به ، وقد ساهم الإسلام بنظامه المتكامل الشامل المنظم للحياة النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها في تقويم نظرة الناس إلى النفس البشرية ، وأشار إلى شيء من أسرارها وخباياها .
ولقد احتوى القران الكريم على وصف موجز لطبائع النفوس ووسائل علاجها ، وكشف للإنسان عن بعض أسرار نفسه و أسرار الكون من حوله ، ودعاه إلى دراسة هذه وتلك ليعرف ويتعلم ومن ثم يتجه الاتجاه الصحيح ، كما أضافت السنة النبوية الكثير ، وفصلت ما ذكره القران مجملاً في هذا المجال .

تاريخ الطب النفسي في بلاد المسلمين :

لقد أسهم العلماء المسلمون السابقون إسهامات كثيرة هامة في الدراسات النفسانية ، لكنها لم تحظ من قبل باهتمام الباحثين ومؤرخي الدراسات النفسانية ، فهم يغفلون عن ذكر إسهامات العلماء المسلمين في الدراسات النفسية رغم أنه قد ترجم العديد منها إلى اللغة اللاتينية ، وأثرت تأثيراً كبيراً في آراء المفكرين الأوروبيين أثناء العصور الوسطى وحتى بداية عصر النهضة الأوروبية الحديثة .

يقول جورج مورا واصفا مرحلة الازدهار للطب النفسي :

" لقد كان موقف العرب أكثر إنسانية نحو المرضى العقليين ، مما أحدث شيئاً من التأثير على نظرة دول أوروبا الغربية تجاه المرضى العقليين ، وفي الواقع فإن هناك قلة نسبية في المعلومات الموثقة حول موقف العرب تجاه المرضى العقليين، لكنه بالرغم من ذلك فإنه يعرف الكثير من القوى الدينية والأخلاقية والعلمية التي يفترض أن هذه الاتجاهات قد نشأت عنها ، إضافة إلى ذلك فلقد أسست العديد من المستشفيات العقلية في بغداد في القرن الثامن الميلادي ، وكذلك في دمشق في القرن التاسع الميلادي ، وفي القاهرة في القرن الثالث عشر الميلادي ، ولقد وصف الرحالة العائدون إلى أوروبا من بلاد العرب في القرن الثاني عشر الميلادي ذلك العلاج المستنير الذي يتلقاه المرضى النفسانيون في تلك المراكز العلاجية ،ووصف جو الاسترخاء في تلك المراكز العلاجية المحاطة بالنوافير الساحرة والحدائق الغناء ووصف كذلك الطرق العلاجية التي تشمل وجبات خاصة وحمامات وأدوية وعطور .. الخ " .



ثم يضيف " كانت هناك عيادة خارجية ومدرسة طبية ملحقة بكل مستشفى .. وقد كانت الإمكانات العلاجية متاحة للمرضى الأغنياء والفقراء على حد سواء ، والذي يبدو ان معظمهم كان يعاني من ذهان الهوس والاكتئاب " .

ويقول د سليم عمار : " جاء الإسلام في بقعة تعتبر مفترقا للحضارات القديمة فأحيا التراث العلمي والفلسفي اليوناني والبيزنطي والفارسي و الساساني والسرياني واستطاع بفضل قيمه الأخلاقية والروحية السامية أن يحول قوما من البدو الرحل يعبدون الأصنام إلى قوم يدعون إلى طهارة النفس وسلامة الحياة ، وفي هذا الإطار اخذ الطب الروحاني انطلاقة عملاقة خاصة ، و أصبح الأطباء العرب شديدي التعلق بالممارسة والتجربة مما جعلهم ماهرين في المعاينات والنظريات الشاملة ، ومنها النظريات النفسية الجسمية (psychosomatic) ، ولقد كان القران الكريم هو الحافز لهذه الحركة الانبعاثية الحضارية إذ احدث تغييرا جذريا في كل ميادين الحياة الاجتماعية ، كما حثت كثير من آياته البينات على الإحسان للمرضى والسفهاء وبينت كيفية التصرف بأموالهم و أوصت بإسعافهم و الأخذ بأيديهم وتحت ظلال العقيدة الإسلامية التي حررت الفكر استطاع الحكماء والمفكرون و الأطباء العرب أن يطوروا علوم الإغريق وفلسفتهم ، وان يضيفوا إليها كثيراً من الابتكارات ، وأن يدخلوا عليها صبغتهم الأخلاقية والتطبيقية والاجتماعية والدينية الخاصة .

وقد تمثلت معالم تلك الفترة فيما يلي :

1- المستشفيات العقلية .
2- النظريات والمصنفات .

المستشفيات العقلية : يروى أنه في حوالي عام 93هـ أسس الخليفة الأموي الوليد ابن عبدالملك بدمشق أول بيمارستان للمرضى العقليين ، وكانت تخصص لهم جرايات تنفق عليهم للعيش داخل المأوى وخارجه .
وفي سنه 151هـ أسس العباسيون في بغداد أول قسم متخصص للأمراض العقلية ، ثم نسجت على منواله أقسام أخرى في جميع العواصم الإسلامية في المشرق والمغرب ، وكان أشهرها مستشفى قلاوون بمصر .
ولقد كانت القيروان في المغرب العربي في أواخر القرن التاسع الميلادي عاصمة العلم و الإشعاع الحضاري زمن الأغلبية الذين شيدوا البيمارستانات ، ثم شيدوا أمثالها في سوسة و صفاقس وتونس ، وكانت الصدقات تنفق على المرضى ، وتقدم لهم في المواسم أطيب المآكل والحلويات .
وفي القرن الرابع عشر الميلادي كان مستشفى قلاوون في القاهرة مثالاً مدهشاً للرعاية النفسية ، فقد كانت تحوي أربعة أقسام منفصلة للجراحة وطب العيون و الأمراض الباطنية و الأمراض العقلية .
ولقد كانت الهبات السخية التي يدفعها الأغنياء في القاهرة تتيح للمستشفى أن يقدم مستوى عاليا من الرعاية الطبية ومتابعة المريض في فترة نقاهته حتى يعود إلى حياته الطبيعية .

وفي تلك المستشفيات ملاحظتان تثيران الاهتمام :

الأولى : هي معالجة المرضى العقليين في مستشفى عام ، والتي قد سبق المسلمون فيها الاتجاه الحديث بما يقرب من 6 قرون .
الثانية : هي اشتراك المجتمع في رعاية المرضى .
وقد كان يخصص لكل مريض مرافقان وعدد من الأطباء اختيروا بعناية من مختلف دول الشرق . وكان يتم عزل المرضى الذين يعانون من صعوبة في النوم في غرف خاصة ، ويجلب لهم بعض القصاص المهرة فيسردون عليهم الحكايات مما يساعدهم على الاستغراق في النوم بهدوء . كما كان يصرف لكل مريض خمس قطع ذهبية عند خروجه من المستشفى .
وفي عهد الدولة السلجوقية ومن بعدها الدولة العثمانية ثم بناء العديد من المجتمعات العلاجية حول المساجد ، وكانت تسمى "التكايا" وقد استمرت لعدة قرون وهي تماثل إلى حد كبير المراكز الصحية العقلية الاجتماعية التي انشئت حديثا في أمريكا . كما بني العديد من المستشفيات في مختلف أنحاء الدولة العثمانية ، وكان مستشفى السلطان سليمان القانوني أبدع مستشفى نفسي في العالم في ذلك الحين .




النظريات والمصنفات : لقد سبق بعض العلماء المسلمين السابقين مثل الكندي و أبي بكر الرازي و مسكويه وابن حزم والغزالي وفخر الدين الرازي وابن تيمية وابن القيم الجوزية المعالجين النفسانيين المحدثين من اتباع مدرسة العلاج المعرفي السلوكي في تركيز الاهتمام في العلاج النفساني على تغيير أفكار الفرد ومعتقداته السلبية أو الخاطئة على اعتبار أن أفكار الفرد ومعتقداته هي التي تؤثر في سلوكه .
ولذلك فإن هؤلاء العلماء المسلمين السابقين هم في الحقيقة رواد العلاج المعرفي السلوكي الحديث .


وعني ابن حزم والغزالي وابن تيمية وابن القيم في علاج السلوك المذموم أو الخلق السيئ بضده ، وهو أسلوب اتبعه المعالجون النفسانيون السلوكيون المحدثون في علاج بعض الاضطرابات السلوكية مثل الخوف والقلق .
ولقد كان لابن سينا قصب السبق في اكتشاف العديد من النظريات التي لم يدركها العلماء إلا في العصر الحديث ، فلقد فسر ابن سينا حدوث النسيان بسبب تداخل المعلومات وهذا التفسير لم يصل إليه العلماء إلا في أوائل القرن العشرين بعد تلك الدراسة التي قام بها "جينكنز " عام1924 م والتي أوضحت أن النسيان لا يحدث بسبب مرور الزمن دون استخدام المعلومات و إنما يحدث بسبب انشغال الإنسان وازدياد نشاطه مما يؤدي إلى التداخل والتعارض بين معلوماته الجديدة والسابقة .

ولقد سبق ابن سينا والفارابي العلماء المحدثين في ذكر أهم أسباب حدوث الأحلام حيث ذكرا بأن الأحلام تحدث بسبب تأثير بعض المؤثرات الحسية التي تصدر من خارج البدن أو من داخله ، كما أشاروا إلى المعاني الرمزية للأحلام وكذلك إلى دور الأحلام في إشباع الدوافع والرغبات .
ولعل من يدقق النظر يدرك أن القران الكريم في تحريمه للخمر قد سبق الجميع في تقرير مبدأ التدرج في التعلم.
ولقد قدم أبو حامد الغزالي – رحمه الله – في كتابه " إحياء علوم الدين " بشكل خاص مباحث قيمة في دراسة السلوك والدوافع والانفعالات والعواطف ودورها في التربية كما اهتم بإعلاء الدوافع ومجاهدة النفس عن طريق تكوين العادات الصالحة .

ويتميز الغزالي عن كثير ممن سبقه من العلماء المسلمين باجتماع قوة العقل والدين عنده في آن واحد ، كما إنه يدرس النفس كما درسها الكثيرون باعتبارها موضوعاً من موضوعات الفلسفة ، و إنما درسها باعتبارها سبيلاً إلى زيادة معرفته بعظمة خالقه .
كما ازدهرت في القيروان مدرسة طبية رائدة كان من أول روادها اسحاق بن عمران الذي ألف إحدى عشرة مخطوطة لم يصل إلينا منها سوى كتابه في الماليخونيا .

ويحتوي هذا الكتاب على فصلين : تتعلق الأولى منهما بتعريف المرض وماهيته ومظاهره السريرية ، كما يشير إلى سبب المرض الناتج عن فقدان محبوب ما أو شيء مرغوب فيه برؤية تشابه نظرية التحليل النفسي .
أما الفصل الثاني من ذلك الكتاب فهو يعرض مختلف الوسائل العلاجية التي نعرفها اليوم ، والتي يمكن ترتيبها كما يلي :

1- العلاج بالوسائل النفسية والاعتناء بالمريض حتى تزول ظنونه ، وذلك بالألفاظ الجميلة الأنيقة وبالحيل المنطقية والمواساة والتنزه في الهواء الطلق والغابات والبساتين الزاهرة .
2- العلاج بالتغذية والحمية حيث يرجى تعديل الأسباب الرئيسية المشتركة في الصحة والمرض .كما صنف العديد من الأطعمة من حيث الكيف والكم لتكون دائما لذيذة صالحة .
3- العلاج بالاستحمام والمراهم و الإدهان بمثل زيت الكتان وزيت اللوز حيث يدلك بها الرأس والجسد كله.
4- العلاج بالأدوية والعقاقير التي قد تستخدم في العلاج الكلي أو العلاج الجزئي لكل صنف من أصناف المرض مثل الجوارش والسقوف والملينات .
ويعد أبو جعفر الجزار من أعظم علماء زمانه بالمغرب العربي ، ولقد كان يؤمن بالتفاعل القوي الذي يحصل بين الجسم والنفس ، كما أن له رسالة في النفس ذكر فيها اختلاف الأوائل حولها .

وبعد اندثار عصر بيت الحكمة بالقيروان تولى التطبيب بأفريقيا عائلة الأطباء الصقليين المشهورة ، وذلك في أواخر القرن الحادي عشر الميلادي حتى نهاية القرن الخامس عشر الميلادي وخاصة في عهد الدولة الحفصية المزدهرة . ولقد نبغ أطباء تلك المدرسة في البحث والمداواة ومنهم احمد الصقلي ومحمد بن عثمان الصقلي الذي درس في كتابه المختصر الفارسي كلا من اليقظة والنوم و الأحلام والفزع والكابوس و الأوهام ، كما عالج مرض الصرع وكذلك عوارض الهلع .

ورغم شهرة الجراح الشهير أبي القاسم الزهراوي في عالم الجراحة والصيدلة إلا أنه في مقالته الثانية في كتابه " التصريف لمن عجز عن التأليف" قد أشار إلى قواعد التربية وإلى مفاهيم العادة والطبيعة عند الصبي ، والى صعوبة أو يسر التأديب تبعا لما جبل الله ذلك الصبي عليه .

ولقد كتب الأديب والمؤرخ الفقيه والفيلسوف الإمام أبو محمد بن حزم لظاهري في علم النفس وماهية الأمزجة والسلوك متأثرا بالعوامل الطبيعية والاجتماعية ، وابرز بشكل جلي دور الدين في توجيه أفعال الفرد و التأثير على مشاعره . ولقد قدم العلماء المسلمون نظرياتهم وآراءهم في مصنفات تجاوزت في عددها المئات ، ولم يصلنا في العصر الحاضر إلا القليل منها .
ومن المعلوم أن الحضارة الإسلامية في كثير من جوانبها العلمية قد استفادت جدا من حضارة الإغريق . لكن ما ينبغي التنبه إليه انه لم يكن الدين في الحضارة الإغريقية مثلما هو في الحضارة الإسلامية أساسا للعلوم ونبراسا ومرجعا لها . ولذلك فإنك تجد العالم الإغريقي ملما بعلم الدين جنبا إلى جنب مع غيره من العلوم ، والذي كان يطلق عليه علم الإلهيات أو الميتافيزيقيا ( علم ما وراء الطبيعة) ومن ذلك نستنتج انه ربما يكون إغراق بعض العلماء المسلمين ممن تنقصهم المناعة العقدية الكافية في دراسة حضارة الإغريق وتشرب نفوس بعضهم لبعض من انحرافاتها الفلسفية يفسر لنا وقوع بعضهم في شيء من الأخطاء العقدية .

والعجيب في الأمر أنه في المقابل ذلك الازدهار المنقطع النظير في العالم الإسلامي فإنه مازالت بعض دول أوروبا في تلك الفترة من الزمن تحرق المرضى النفسيين لأنهم كما يظنون لا يمكن علاجهم لتلبسهم بالشياطين!!
وربما يفسر اندثار محاولة البحث في أوروبا داخل عقل المريض ونفسه وعدم تطور وتعزيز هذا المنحنى هو أن الإنسان الأوروبي لم يكن مهيئاً علمياً بقدر كاف ليستمر في محاولته في فحص الاضطراب النفسي والبحث في مسبباته النفسية والعضوية والذي ربما كان للكنيسة النصيب الأكبر في تخلفه .





م\ن

aaaaaa

إسمهان الجادوي 05-18-2013 10:57 PM

رد: تاريخ الطب النفسي في بلاد المسلمين
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته



جزاكِ الله خيرا و بارك الله فيكِ معلمتي



::aa::y::aa::y

نور الأمل 07-21-2013 02:24 AM


لقد كتبتِ وابدعتِ

كم كانت كلماتكِ رائعه في معانيها

فكم استمتعت بموضوعكِ الجميل

بين سحر حروفكِ التي

ليس لها مثيل

صافي 02-28-2014 06:38 PM

رد: تاريخ الطب النفسي في بلاد المسلمين
 



http://www.karom.net/up/uploads/13278539396.gif




http://www.karom.net/up/uploads/132533903412.gif

عطر الجنة 03-04-2014 05:32 AM

جزيتي اعلي الجنان

طرح رائع وعلم ينتفع به الى يوم الدين

سلمتي لنا دائما

عطر الجنة 06-19-2016 01:30 AM

رد: تاريخ الطب النفسي في بلاد المسلمين
 
موضوع جميل جدا
بالرغم من قرائتي له سابقا
إلا أنه يجذب محبي..
ثقافة التاريخ الإسلامي والغربي لقرائته

بوركت ..أ. هوازن
فحقا أهل العلم
يمتازون بثقافة لا مثيل لها
"جزاك الله خير الجزاء"


الساعة الآن 05:40 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)