منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع العلوم الشرعية (https://hwazen.com/vb/f38.html)
-   -   رسالة : بداية السلوك إلى ملك الملوك (https://hwazen.com/vb/t1138.html)

مريم مصطفى رفيق 07-25-2013 07:12 AM

رسالة : بداية السلوك إلى ملك الملوك
 

بداية السلوك إلى ملك الملوك



بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة : بداية السلوك إلى ملك الملوك (أيمن عرفان)
مقدمة:
لو عدنا بذاكرة التاريخ قليلاً ، نرى أن الله عز وجل قد أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم في زمن أحوج ما يكون الناس فيه إليه، فقد كانت الأرض كلها غارقة في ظلمات الجاهلية ، وانحط الإنسان بفكره ومعتقده أسوأ انحطاط فسجد للحجر وعَظَّم النار وفي أحسن حالاته فهو صاحب كتاب سماوي بدل فيه وعدل حسب أهوائه ، فلما بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم برسالة الإسلام ، كان سبيله هو سبيل النجاة الأوحد لأهل الأرض جميعا، ومركز النور الذي تمحى به سحائب الظلمة، فالتف حوله الصحابة لينهلوا من عذب منهله، فعلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر دينهم، وأدبهم بأدب رباني، ورباهم بمنهج سماوي، فسرت في جسد المجتمع الإسلامي روح الشريعة الغراء والسنة المطهرة، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه مجرد معلم ينقل لهم علوم الشرع بل تأمل في كتاب الله لتجد قوله تعالى:”هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ”. إذاً فقد كان هناك التعليم وفي الوقت نفسه هناك التزكية والتوجيه والتربية والتأديب والإرشاد، بل وقد كان هناك النموذج الملموس للقدوة: “لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا”. فتزكية النفس يجب أن يكون ملازما لتلقي العلم، وكيف لا والله عز وجل القائل :" قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا". ثم انتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى وترك لمن بعده الطريق الواضح القويم متمثلا في كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فتلقفها الصحابة رضوان الله عليهم وساروا على نهج قائدهم فما حادوا عنه قيد أنملة شريعة وأدبا وخلقا وسلوكا إلى الله عز وجل.
هذا وقد حدد النبي صلى الله عليه وسلم المرجعية التي ينبغي أن تكون لكل مسلم في كل زمان ومكان، فقد روى الحاكم في المستدرك عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما : كتاب الله و سنتي، و لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض”.
فعن طريق دراسة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعرف الإنسان على ما هو مطلوب منه، يتعرف على آفات النفوس وكيفية علاجها ، يتعرف على العبادات اللازمة وكيفية أدائها ، فهو يبصر بعين قلبه النموذج المحمدي في السلوك إلى الله، فإذا أقبل السالك على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم اكتسب من العلم نورا يقشع عنه ظلمات الجهل، كالسيل ينزل على الوادي فيحمل الزبد بعيدا ولا يبقى في الأرض إلا ما ينفع الناس" أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاع زَبَدٌ مِّثْلُه كَذَلِك يَضْرِب اللّه الْحَقّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَب جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ " ، وبكتاب الله وسنة نبيه يقترب السالك من المثل العليا حيث أن رسول الله هو الصورة البشرية الكاملة من القرآن، هو ترجمة القرآن على صورة سلوك فعلى قدر قربك من هذه الصورة المحمدية يكون قربك من الله.
وعليه بعد ذلك بالصحبة الصالحة، فعن طريق الصحبة الصالحة يكتسب السالك عدة أمور، منها أنه سيقف على آفات نفسه وقد بين الإمام الغزالي رحمه الله في كتابه إحياء علوم الدين أن طرق معرفة آفات النفس أربعة : 1- أن يجلس بين يدي شيخ بصير بعيوب النفس ، وقد عز في هذا الزمان وجوده. 2-أن يطلب صديقا صدوقا بصيرا متدينا فيجعله رقيبا على نفسه. 3-أن يعرف عيوب نفسه من ألسنة أعدائه فإن عين السخط تبدي المساويا. 4-أن يخالط الناس فما رآه فيهم مذموما فيطالب نفسه به وينسبه لنفسه فالمؤمن مرآة أخيه.
فإذا كان هناك ود ومحبة وأخوة وصلة وصدق تربط بين الإخوان في الله سيستطيع كل منهم أن يتعرف على عيوبه من خلال إخوانه، كذلك ففي صحبة الإخوان علو الهمة في ترك المنكرات والإقبال على الطاعات، والأنس من وحشة المبتدئين.
ثم عليه بعد ذلك بمحاسبة نفسه في كل وقت وحين، فلا يمر يوم إلا وقد حاسبها فيقف على عيوبها ويجاهد في تقويمها حتى تتم تزكيتها وذلك هو المراد.
أسس الطريق :
أسس الطريق ما هي إلا الوسائل التي نعتقد أن التمسك بها يصل بنا إلى الهدف المرجو من الطريق ، ولعلك تلاحظ أن هذه الأسس لا خلاف عليها عند جميع علماء المسلمين ، ألا وهي :-
(1) الإخلاص : يقول ربنا تبارك وتعالى في محكم التنزيل :" أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ" ، فمنذ اللحظة الأولى لسلوك الطريق يجب أن يكون الله عز وجل مقصودك وغايتك ، حتى بداية سيرك في طريق الله يجب أن تصاحبه نية أنك إنما تفعل ذلك ابتغاء مرضات الله عز وجل وحده لا شريك له ، هذا الإخلاص سر بين العبد وربه ، يستودعه قلب من شاء من عباده ، فإياك أن تشرك بالله ما لم ينزل به سلطانا ، فربنا تعالى أغنى الشركاء عن الشرك .
(2) التوبة : إذا أراد السالك إسلام وجهه لله وأخلص في ذلك ، أول ما يبدأ به السلوك هو التوبة ، فهي الأرض التي يمكن أن تبني عليها كيانك السلوكي ، إذ كيف يتصور إنسان أن يصل إلى المقامات العلا وهو بعد لا يزال غارقا في حضيض المعصية ، فلابد من توبة يحدث بها الانفصال التام عن المعاصي وأهلها من رفقاء السوء والسبل المؤدية إليها ، يصاحب هذا الانفصال عن المعاصي ندم على ما اقترفه منها ، وعزم أكيد على أن لا يأت الذنب في المستقبل ، وإن كان للناس حقوق عنده فلا تصح له توبة قبل أن يؤدي الحقوق إلى أهلها.
(3) الاستقامة :
بعد التوبة تأتي الاستقامة ، إذ أن الله عز وجل يخاطب حبيبه فيقول :"فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ " ، فإذا لم تثمر التوبة استقامة فإن هذا يعني أن التوبة لم تقبل، فالاستقامة تعني التزام الأمر في التشريع والأخلاق ونظام المجتمع ، واجتناب النهي في كل ذلك .
لاحظ أن كل أساس من هذه الأسس لا يأتيه السالك مرة واحدة فقط ثم ينصرف عنه ، بل هو ملازم له طالما أنه سالك إلى الله ، فالإخلاص كما كان في بداية الطريق فهو ملازم لصاحبه في جميع الحالات إذ أن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصا لوجهه الكريم ، والتوبة التي بدأ بها المريد السلوك لا تقف عند هذا الحد بل تتجدد دائما وأبدا بل ويترقى في مراتبها ويتذوق مقاماتها ، فشتان بين من يتوب عن المعاصي ، وبين من يتوب عن أن يشغل قلبه إلا الله .
(4) العلم: وهذا ركن ركين من أركان الطريق فأول السالك رعاية الأقوال ثم بعد ذلك الاقتداء بالأعمال، ثم التحقق بالأحوال، روى الطبراني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما عبد الله عز وجل بشئ أفضل من فقه في الدين ، ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد ، ولكل شئ عماد وعماد هذا الدين الفقه ، ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ، وإنما أنا قاسم والله يعطي". من هنا كان من أهم أسس السلوك إلى الله الفقه في الدين. والعلم منه ما هو فريضة ومنه ما هو فضيلة، فعلم الفريضة هو ما لا يتحقق الإسلام إلا به، أو ما يوجبه حكم الإسلام وهو المأمورات والمنهيات، وأما الفضيلة فهو ما زاد على ذلك مما يكسب فضيلة في النفس تتفق مع الكتاب والسنة. والعلم الفريضة منه ما يكون فريضة على كل مسلم ومسلمة كأركان الإسلام الخمسة وأحكامها يشترك فيها الغني والفقير والذكر والأنثى والتاجر والصانع ، ومنه ما يجب العلم به حين تنشأ الحاجة إليه مثل أحكام الطلاق والمواريث والبيوع وغيرها .
بعض الأدعياء يترك العلم مدعيا أنه تعلم علما لدنيا أي علم وراثة ويستند إلى قول الله عز وجل :"وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" وهذا مما يحدث التباس على الناس فيتبعون جاهلا ظنا منهم أنه بتقواه الله أورثه الله العلم ، وهنا يجب أن نتساءل : كيف استطاع هذا الإنسان أن يصل إلى التقوى أصلا ؟ إن التقوى إما أن تكون تقوى الشرك ، أى أنه يتقي الوقوع في الشرك ، وهذه التقوى لابد لها من علم دراسة ألا وهو علم التوحيد والعلم بذات الله وبحقها وما يجوز على الله وما لا يجوز والواجب والمستحيل في حق الله وغير ذلك. وإما أن تكون التقوى تقوى المعاصي ، وهذه تكون باتقاء ما يغضب الله عز وجل ، وهذا يتطلب علم دراسة ألا وهو علم الحلال والحرام ومعرفة الأمر والنهي ، وعلم الخواطر والتفرقة ما بين لمة الشيطان ولمة الملك وغيرها. وإما أن تكون التقوى تقوى الأغيار ، أن تتقي أن يكون في قلبك غير الله ، وهذه أيضا تتطلب علم دراسة ألا وهو علم اليقين وعلم المشاهدة وهكذا ، إذا ففي جميع الأحوال لا تحدث التقوى إلا بعلم دراسة ، وعلى ذلك فالمفهوم الصحيح للعلم اللدني أو علم الوراثة هو أن السالك حينما يتحقق أولا بعلم الدراسة ثم يمن الله عليه فيعمل بمقتضى ما علم ويرزقه الله التقوى ، عندها يستنير قلبه بأنوار علم الوراثة فيمن الله عليه بمعرفة أسرار العبادات ويعلمه الحكم في الأمور. إذ هل يعقل أن يكون وليا لله ومربيا لمريدين وهو لا يحسن الوضوء ؟ وماذا يفيده أن يقوم طول الليل راكعا وساجدا ووضوءه فاسد وصلاته باطلة ؟ ولذلك حينما انتقل الإمام الشافعي رحمه الله إلى جوار ربه ، رثته السيدة نفيسة فقالت : " رحم الله الشافعي ، لقد كان يحسن الوضوء" ، فهذا من أهم أسس الطريق ، عبادة الله على علم .
(5) النية : لابد لكل عمل من نية ، فعليها يترتب الأجر والثواب ، وبالنية تتحول العادات إلى عبادات ، فيكون الأكل عبادة إذا كان بنية التقوي على طاعة الله ، والعمل عبادة إذا كان ليعف نفسه عن الحرام وعن سؤال الناس ، وكذلك النوم والجماع وكل شيء حتى المزاح ومداعبة الأبناء ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من صلحت نيته صلح عمله ".
(6) المجاهدة : وحتى يكون السالك مجاهدا لابد أن يعرف من هو عدوه المطلوب منه مجاهدته ، والعدو الأول للسالك إلى الله هو الشيطان ، وهو عدو ضعيف ، ويستطيع السالك أن ينتصر عليه بالاستعاذة والإيمان والتوكل على الله والتحقق بالعبودية لله حيث يقول ربنا : "إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ". وقال أيضا :"إِن عِبَادِي لَيْس لَك عَلَيْهِم سُلْطَانٌ إِلاَّ مَن اتَّبَعَك مِن الْغَاوِين". وبين لنا العلاج السريع فقال :" وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" .
والعدو الثاني للسالك إلى الله وهو أقوى من الشيطان هو النفس ، وللنفس أربعة مراكز : أ) مركز للشهوة في المخالفات . ب) مركز للشهوة في الطاعات . جـ ) مركز في الميل إلى الراحات . د) مركز في العجز عن أداء المفروضات .
فإذا أردت جهاد النفس فاحكم عليها بالعلم في كل حركة ، واضربها بالخوف عند كل خطرة، واسجنها في قبضة الله أينما كانت، واشك عجزك إلى الله كلما غفلت، فهي التي لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها. ودواؤها في أربعة أدوية ، اثنان باطنان واثنان ظاهران ، فالباطنان طرح النفس على الله طرحاً لا يصحبه حول ولا قوة ، والتسليم لأمر الله تسليماً لا يصحبه الاختيار مع الله، وأما الظاهران فذم الجوارح عن المخالفات، والقيام بحقوق الواجبات.
والعدو الثالث الدنيا ، لو كانت تعدل عند الله جناح بعوضة لما سقا الكافر منها شربة ماء ، فلا أقول لك ازهد فيها إذ أنها عدم فكيف تزهد في لا شيء ، ولكني أقول لك اجعل شعارك فيها :" لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ". وعلى ذلك فليست القضية أنك تملك أسباب الدنيا أو لا تملكها ، وإنما القضية ألا تكون لها عبدا .
(7) الذكر: الذكر ركن قوي في طريق الوصول إلى الحق ، بل هو العمدة في الطريق ، ولا يصل أحد إلى الله إلا بدوام الذكر ، ومهما تحدثنا عن الذكر وأشدنا بفوائده فلن نوفيه حقه ولكننا هنا نختصر قدر الإمكان، ولقد أفرد العلماء كتبا لهذا الباب.
والذكر على أربعة وجوه: 1- ذكر اللسان : وهو ذكر العادة ، فقد يواظب اللسان على الذكر مع عدم مواطأة القلب للسان ، وبهذا الذكر والمداومة عليه يصل السالك إلى النوع الثاني من الذكر. 2- ذكر القلب : وهو ذكر أثر الصفات ، أي ذكر النعم ، فالقلب يمتلئ بذكر النعمة التي هي أثر صفات الله عز وجل. (3) ذكر السر : هو ذكر الصفات وذكر الهيبة ، فإذا ذكرت صفة الرحمة رأيت هذه الصفة مجردة ، وهنا تحدث الهيبة. (4) ذكر الروح : هو ذكر الذات العلية ، حيث يستشعر السالك وجود الله في كل وقت وحين، وذلك في مقام الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك .
وذكر السالك المبتدئ يكون باللسان أو بالقلب وأفضله ما اجتمع فيه اللسان والقلب ، فإن صعب عليه استحضار القلب فلا يترك ذكر اللسان ، فرب ذكر مع غفلة يجر لذكر مع حضور .
والذكر يكون في جميع الأوقات ليلا ونهارا لقول الله عز وجل : "الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ". وإن كان هناك أذكار مخصوصة لأوقات مخصوصة كأذكار الصباح والمساء وأذكار الخروج من المنزل ودخول المسجد وركوب الدابة وغيرها ، فعلى السالك إلى الله أن يتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل هذه الأذكار المخصوصة بالزمان والمكان ، وأما الذكر المطلق الذي لا يتعلق بزمان ولا مكان فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذكار كثيرة منها :-
القرآن الكريم : وقد حض ربنا في كتابه وكذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، القرآن الكريم كاملا ، وكذلك السور والآيات ذات الخصوصية مما لا يخفى على أحد.
الاستغفار : وقد روى أبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم والبيهقي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ، ومن كل ضيق مخرجا ، ورزقه من حيث لا يحتسب ".
التهليل : روى الترمذي بسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير " ، وأخرج الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة ، كانت له عدل عشر رقاب ، وكتبت له مائة حسنة ، ومحيت عنه مائة سيئة ، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك"، وعموماً فالتهليل أفضل الذكر.
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: روى الإمام مسلم بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا " ، وصلاة الله على عبده رحمته إياه، فالصلاة على النبي مجلبة لرضا الله ورحمته ولشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ، ولدفع هموم الدنيا والآخرة حيث روى الطبراني عن محمد بن يحيى بن حبان عن أبيه عن جده :" أن رجلا قال : يا رسول الله ، أجعل ثلث صلاتي عليك ؟ ، قال : نعم إن شئت . قال : الثلثين ؟ ، قال : نعم إن شئت . قال : فصلاتي كلها ؟ ، قال : إذا يكفيك الله ما أهمك من دنياك وأخراك ".
التسبيح : روى الإمام مسلم والنسائي والترمذي عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ألا أخبرك بأحب الكلام إلى الله ؟ فقال : يا رسول الله أخبرني بأحب الكلام إلى الله . قال : أحب الكلام إلى الله سبحان الله وبحمده " ، وروى مسلم والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة ، غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر ".
الدعاء : الدعاء مأمور به في كتاب الله حيث يقول ربنا :" وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ " ، فسمى الدعاء عبادة ، وأخرج بن ماجة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من لم يسأل الله يغضب عليه " ، إذ أن الإعراض عن الدعاء دليل الكبر ، ولا يرد القضاء إلا الدعاء .
الملائكة تعلمنا الدعاء :" الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِين تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِم عَذَاب الْجَحِيم" ، والقرآن يعلمنا الدعاء: "اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ " ، فالسالك له أن يدعو بما تدعو به الملائكة ، وله أن يدعو بما ورد في القرآن الكريم من أدعية ، وله أن يدعو بما ورد من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، وله أن يدعو بغير المأثور طالما أنه لا يدعو بإثم ولا قطيعة رحم ، فقد روى الترمذي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول : اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله ، لا إله إلا أنت الأحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، فقال : سألت الله بالاسم الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب ".
وعموما فإن السالك إلى الله ينبغي له أن يظل لسانه رطب من ذكر الله ، ومن أجمل وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصيته لأم أنس حينما قالت له : يا رسول الله أوصني . فقال :" اهجري المعاصي فإنها أفضل الهجرة ، وحافظي على الفرائض فإنها أفضل الجهاد ، وأكثري من ذكر الله فإنك لا تأتين بشيء أحب إليه من كثرة ذكره " ، وذكر الترمذي عن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في طريق مكة ، فمر على جبل يقال له جمدان فقال : سيروا ، هذا جمدان ، سبق المُفَرِّدون . قالوا : وما المفردون يا رسول الله ؟ قال: المستهترون بذكر الله يضع الذكر عنهم أثقالهم فيأتون يوم القيامة خفافا "، المستهترون أي المولعون بالذكر ، المداومون عليه ، لا يبالون بما قيل فيهم ولا ما فعل بهم ، فهنيئا لهم إذ هم من السابقين .
(8) الهمة العالية : الهمة العالية أساس من أسس الطريق ، همة مجردة من تسويف يفسد صاحبه ويرمي به في بحور الكسل والتقاعس ، فلا تؤجل عمل اليوم إلى الغد، إذ أن الأعمال بعضها من بعض ، وإلا فمن رضي بالأدنى حرم الأعلى .
(9) العبودية : فيجب أن يتصف العبد بالعجز والذلة أمام مولاه ، ليس بمعنى الكسل وترك الاجتهاد وإنما عجزك عن كل فعل إلا بقدرة الحق الجواد ، فإذا أكرم الله عبدا في حركاته وسكناته نصب له العبودية لله ، وستر عنه حظوظ نفسه ، وإذا أهان الله عبدا في حركاته وسكناته نصب له حظوظ نفسه وستر عنه عبوديته فهو يتقلب في شهواته ، فمن وصل بتطهير قلبه من الشيطان والنفس والدنيا بكثرة الذكر إلى العبودية فقد ظفر بخير عميم .
(10) الخلوة : الخلوة هي نوع من الفرار إلى الله ، وهي ليست بدعة فقد اختلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة في غار حراء ، وبعد البعثة أرسى لنا النبي صلى الله عليه وسلم قواعدها حينما سن لنا سنة الاعتكاف ، فالخلوة في الطريق إلى الله نقصد بها ما سنه لنا النبي صلى الله عليه وسلم من الاعتكاف ، فمن دين الله عز وجل أن يخلو العبد القادر المستطيع إلى ربه فترة ترويض ورياضة يتخلص فيها من عقده وأزماته النفسية ، ويتطهر فيها من خطاياه وآثامه ونزواته ، ويتزود فيها بزاد من الإيمان واليقين والقرب من الله فيخرج منها وقد صفا قلبه واستنار باطنه وتخلص من بعض أمراضه وكأنه ولد من جديد خاصة إذا كان قد جدد توبته وآب إلى بارئه وحاسب نفسه وعاتبها ووقف على عيوبه وهذبها. هذا ومن المتعين على المختلي أن يؤدي قبل خلوته جميع التزاماته الأدبية والمادية ، نحو عمله ونحو أهله خاصة والناس عامة فلا تكون خلوته سببا في تضرر أحد ، ولا في انشغاله هو عن الله بشيء .
وللخلوة ثلاثة أنواع: 1) خلوة كاملة : وفيها انعزال مطلق للعبادة إلى مدة ما، فإذا كانت في رمضان فالسنة الآكدة فيها العشرة أيام الأخيرة من رمضان، وإن كانت في غيره فلا موعد محدد لها . 2) الخلوة الجزئية : وهي الانعزال للعبادة يوميا في مكان معين لوقت معين ولو بعض ساعة بعد الفراغ من مطالب الحياة اليومية المعتادة ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك وفي قيامه الليل خير شاهد ودليل ، وشروطها حفظ الجوارح والقلب تماما عن محارم الله أثناء الوجود مع الناس ، والإسراع بالتوبة إلى الله عما يبدر منه ، مع الانشغال الدائم بالذكر المختار أيا كان ، وإن صمت اللسان فالقلب على ذكره مقيم ، والتدريب على ذلك يسير بإذن الله. 3) خلوة الجلوة : وهي استمرار انشغال القلب بالذكر مع القيام بمطالب الحياة المعتادة (قلب مع الخالق وجسم مع الخلق) ، وهذه الخلوة ليس فيها عزلة على الإطلاق إلا بقدر مقدور كلما أمكن ذلك .
(11) المراقبة : من أسس الطريق المداومة على المراقبة ، فلا يغيب عن الله سبحانه وتعالى طرفة عين ، ومن داوم على مراقبة قلبه لله ونفي غير الله من قلبه ترقى في مدارج السالكين.
(12) التقوى : الأمر بها في كتاب الله :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ " ، فهي أصل من أصول السلوك ، وقيل في تفسيرها أن معنى قول الله عز وجل اتقوا الله حق تقاته أن يطاع فلا يعصى ، ويذكر فلا ينسى ، ويشكر فلا يكفر ، ويكفي أن الفاضلة بين العباد عند الله بالتقوي :" يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ " .
(13) الورع : هو الوقوف عند حدود العلم بغير تأويل ، وهو نوع من الخوف ، بل هو أعلى مقامات التقوى ، فإذا كانت التقوى بالكف عن الحرام والشبهات ، فالورع هو منتهى الحياء من الله حتى يتعفف السالك عن الحلال خشية الوقوع في الحرام .
(14) الخوف والرجاء معاً : روى البيهقي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" رأس الحكمة مخافة الله ". وقد قال ربنا :" جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ" ، ودوام الخوف فقط قد يوصل السالك إلى اليأس من رحمة الله ، ولذلك كان لزاما أن يصاحبه الرجاء لقول الله عز وجل :" أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا " ، وقوله :" تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ "، فالخوف والرجاء كجناحي الطائر للسالك إلى الله ، إلا أن الخوف يجب أن يغلب أثناء الحياة حتى يمنع صاحبه عن الزلل ، فإذا جاء الموت وجب للرجاء أن يغلب حيث ترتاح القلوب لرؤية كرم المرجو سبحانه .
(15) الصبر : الصبر نوعان : صبر فريضة ، وهو الصبر على الطاعات وعن المعاصي ، وصبر فضيلة ، وهو الصبر عند الصدمة الأولى والصبر على الأوجاع وعلى البلاء ، والسالك في طريق الله أحد ثلاثة :- إما متصبر ؛ وهو الذي صبر في الله ، يصبر مرة ويجزع مرة ، ولا يقوى على مداومة الصبر ، يتصبر في الله تعالى ابتغاء الأجر والثواب .
وإما صابر ؛ وهو من صبر في الله ولله ، فهذا أعلى درجة إذ لديه الاستسلام .
وإما صبار ؛ وهو من صبر في الله ولله وبالله ، فهو يرى أن كل ما يأتيه الله به جميل .
(16) الزهد : بتزكية النفس تنجلي مرآة القلب فترى قبح الدنيا وزوالها فتزهد فيها طمعا في الباقية ، ويقول الإمام على كرم الله وجهه :" إن الزهد ليس في عدم تملك الأشياء ، وإنما الزهد ألا تتملكك الأشياء ".
(17) التوكل: هو أن تكون لله كما لم تكن ، فيكون الله تبارك وتعالى لك كما لم يزل ، فالتوكل هو الانخلاع من الحول والقوة ، ولتنظر إلى قول الله تعالى :" وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا " ، والتوكل على الله يكون على قدر معرفتك بالله ، ويكون صدق التوكل بأن ترى الله وقد تولى أمرك من الأزل ، فلا تحسب ما سوف يكون ، وإنما ترضى بالنتائج.
(18) الرضا : الرضا هو سكون القلب تحت جريان الحكم ، وسرور القلب بمر القضاء، والرضا هو أن ترضى بالحق مدبرا ومختارا ، وأن ترضى به قاسما ومعطيا ، وأن ترضى به إلهً ورباً ، فقد ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا ، وإن القلوب إذا استنارت تنفتح عين البصيرة فيعاين الإنسان حسن تدبير الله تعالى فينتزع السخط والضجر .
(19) الحياء : الحياء هو أن تحفظ الرأس وما وعى ، والبطن وما حوى ، وأن تذكر الموت والبلى ، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا ، من فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء ، هكذا وصف لنا الحياء ، وهو مقام عزيز ؛ فحفظ الرأس وما وعى معناه ألا توجد به هواجس ولا خواطر ولا شكوك ولا ارتياب ، وحفظ البطن وما حوى معناه التحفظ من الحرام في كل مأكول ومشروب ، وأما ذكر الموت والبلى فذلك أن الموت أعظم واعظ ، فإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح . هذا هو الحياء العام ، أما الحياء الخاص فهو موهبة ، وانظر إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو يقول عن نفسه :" ما اغتسلت في بيت مظلم إلا وانطويت على نفسي حياء من الله" ، فالحياء إذا هو تعظيم الروح لعظيم الجلال.
(20) الحب : هو ميدان السالكين إلى الله وسمتهم الذي اتسموا به عبر العصور ، هذا الأساس مستمد من حديث عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار ".
فهكذا تكون دعوة الإسلام، أساسها الحب، حب لله، وحب لرسول الله، وحب لعباد الله ، وحب للخير ، وحب أهل الخير والصلاح ، وصدق الشافعي حين قال :
أحب الصالحين ولست منهـملعلي أن أنال بهـم شـفـاعـة
وأكره من بضاعته المعاصيوإن كنا سويا في البضاعة
والحب نوعان ، حب لا يتأتى إلا بامتثال الأمر :"قُلْ إِن كُنتُم تُحِبُّون اللّه فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ". وحب خاص وهو من اصطفاء الله تعالى لعبده فهو محض موهبة وليس للكسب فيه أي مدخل ، ومن ادعى أنه يحب الله وهو لا يتورع عن محارمه فهو كاذب لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول :" المرء مع من أحب ". ومن المعروف أن المحبة هي موافقة المحبوب ، فمحبة الله تصبغ المحب بالأخلاق السامية الربانية المصدر مثل الرحمة والحلم والصبر وغيرها ، ويظل يصبغ حتى ينقطع الجهد ولا يقوى على الارتفاع فوق ذلك لطبيعته البشرية ، فذلك المراد من الحديث القدسي الذي يرويه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قال :" من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته ".
هذه الأسس العشرين من أسس الطريق تنقسم إلى قسمين ، النصف الأول وهي الأسس الفعلية السلوكية التي يسهل للمبتدئ التمسك بها، والنصف الثاني منها يتقلب فيها السالك جيئة وذهابا فتصبح له أحوالا، فإذا استمر على التمسك بها تصبح لازمة من لوازم سلوكه لله.
هذا ونحب أن ننبه إلى أن العاطي والمانح هو الله، ونحن نأخذ بالأسباب، وأن السعيد من سعد في بطن أمه والشقي من شقي في بطن أمه، ولكن أملنا في فضل الله كبير، نقبل عليه بما شرع لنا وكلنا يقين بقوله عز وجل "اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ

إسمهان الجادوي 07-25-2013 02:03 PM

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

ماا شاء الله رسالة قيمة و ثمينة

جزاكِ الله خيرا و بارك الله فيكِ أختي

مريم مصطفى رفيق 08-28-2013 03:03 AM

حياك الله اختي اسمهان
وبارك الله في مرورك القيم
جعلنا الله جميعا من السالكين اليه
وفقك الله

ام معاذ 08-29-2013 02:51 PM

يااااااا الله موضوع قمة في الروعة

http://im31.gulfup.com/lSG2g.gif


الساعة الآن 02:17 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)