منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع العلوم الشرعية (https://hwazen.com/vb/f38.html)
-   -   الشهوة الخفية والعمل اللاوعي (https://hwazen.com/vb/t1268.html)

امي فضيلة 08-15-2013 03:12 PM

الشهوة الخفية والعمل اللاوعي
 
بسم الله الرحمن الرحيم،



والحمد لله رب العالمين،


والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وبعد:

الشهوة الخفية والعمل اللاوعي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن الناظر في مخلوفات الله العجيبة التي تعيش حول الإنسان

ليعجب كل العجب من خلقها و سائر أمورها و تصرفاتها،

و الشأن نفسه في أمر النفس الإنسانية التي هي معجزة

بحد ذاتها. يقول الله تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي


أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ

عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (فصلت: 53).

و هناك طاقات و أحاسيس و شهوات كامنة في الذات الإنسانية

يحّس و يشعر بها كل فرد بدرجات متفاوتة. و لذلك، فالناظر

في أمر الإنسان في ظاهره و باطنه في علانيته و سريرته

ليعجب أشد العجب في خلقه و سلوكه و تصرفاته و أحواله،

و التي عامة لا تخلو من اتباع للهوى و تصيد للشهوات

الظاهرة والخفية و المحفوفة بإغواء و إغراء الشياطين و أمثالهم.


و لذلك فالمسلم مطالب بإخلاص العمل و العبادة لله عز وجل


و تجنب ضده مما قد يخفى على الإنسان من عبادة نفسه

و فساد نيته و اتباع هواها.

و أرى أن التسمية الشرعية لهذه المخفيات و الأحاسيس

و الشهوات هي "الشهوة الخفية"، و التي ينبغي أن تُضبط

بالشرع بحيث لا تخل بالعقل و لا العاطفة فيقع المحذور

الشرعي.

فالنفس إن لم تنضبط بشرع الله القويم سارت وراء هواها

و ما تشتهي و تميل إليه في خفاياها و سريرتها، و انجرفت

وراء العاطفة من غير تحكيم للعقل أو انضباط بالشرع، و ربما

نتج عن ذلك أمور لا تُحمد عقباها. ففساد النية باتباع الهوى

و الشهوات الخفية المحاطة بمداخل و إيحاءات و زخارف

شيطانية هي من أشد الأمراض النفسية فتكاً في بني

الإنسان و الإنسانية. و لذلك جاء الشرع موجهاً و منبهاً بضلال

الهوى و فساده حيث يقول عزّ من قائل: (أفرأيت من اتخذ إلهه

هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل

على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكّرون)

(الجاثية: 23). و قوله: (أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت

تكون عليه وكيلا) (الفرقان: 43). و قوله: (إن يتبعون

إلا الظن وما تهوى الأنفس) (النجم: 23). و في الحديث:

(تعس عبد الدينار، وعبد الدرهم، وعبد الخميصة، إن أعطي

رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك

فلا انتقش) (الجامع الصحيح: 2887).

و الإنسان بطبعه البشري غير معصوم من الأمراض و الأخطاء

و العثرات و المعوّقات التي تُخرجه عن سلوكياته العادية.

و كذلك، فإن الإنسان يتأثر بمن حوله و بيئته في تفكيره

و طباعه و أخلاقياته و سلوكياته و تصرفاته و مكتسباته الذاتية

إلى غير ذلك من خصوصياته و عمومياته. و الإنسان بذاته

و نفسه عالم عجيب لا يكاد يبين. و لذلك، فإن الإنسان ربما

يظهر أموراً يطلع عليها الآخرون، و ربما أخفى غيرها بشعور

أو غير شعور. و نحن لا نزال نذكر أنّه أحياناً قد نُنسّى أمراً

فنتذكر بقدرة قادر، ولا نعلم كيف حدث ذلك. فذلك النسيان

الطارئ الذي يعترينا هو من أحوال النفس الإنسانية الذي

جاء تفسيره في الأثر بسبب سحابة و ظلمة القلب كما أورده

شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى- المجلد الخامس،

و صاحب كنز العمال (36512)، و نحوه عند الألباني

في صحيح الجامع (5682): (لقي عمر بن الخطاب على بن ابي

طالب فقال‏:‏ يا ابا الحسن، ربما شهدت وغبنا، وربما شهدنا

وغبت، ثلاثة اشياء اسالك عنهن، فهل عندك منهن علم‏؟‏

فقال على بن ابي طالب‏:‏ وما هن‏؟‏ قال‏:‏ الرجل يحب الرجل

ولم ير منه خيرًا، والرجل يبغض الرجل ولم ير منه شرًا‏.‏

فقال‏:‏ نعم، سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول‏:

‏ ‏(‏ان الارواح جنود مُجَنَّدَة، تلتقي في الهواء، فَتَشَامُّ،

فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف‏)‏ قال عمر‏:‏

واحدة‏.‏ قال عمر‏:‏ والرجل يحدث الحديث اذ نسيه، فبينما

هو قد نسيه اذ ذكره‏.‏ فقال‏:‏ نعم، سمعتُ رسول اللّه

صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏ما من القلوب قلب الا وله

سَحَابة كسحابة القمر، فبينما القمر يضىء اذ تجللته سحابة

فاظلم، اذ تجلت عنه فاضاء، وبينما القلب يتحدث اذ تجللته

فنسي، اذ تجلت عنه فذكر‏)‏‏.‏ قال عمر‏:‏ اثنتان‏.‏ قال‏:

‏ والرجل يرى الرؤيا‏:‏ فمنها ما يصدق، ومنها ما يكذب‏.‏ فقال‏:‏

نعم، سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏

‏(‏ما من عبد ينام فيمتلئ نومًا الا عُرِج بروحه الى العرش،

فالذي لا يستيقظ دون العرش فتلك الرؤيا التي تصدق،

والذي يستيقظ دون العرش / فهي الرؤيا التي تكذب‏)‏‏.‏

فقال عمر‏:‏ ثلاث كنت في طلبهن؛ فالحمد للّه الذي اصبتهن

قبل الموت‏.).

و هناك أيضاً أحداث خافية أو شبه خافية تنتابنا، ولا نكاد نشعر

بها إلا إذا ظهرت من خارج أنفسنا. فمثلاُ عند البعض تكون

هناك أفعال و شهوات خفية ربما لم يشعروا بها كالرياء و حب

الرئاسة و حب الثناء و المديح و التظاهر و العظمة و غيرها

من الأحاسيس و الأعمال التي قد تخفى على أصحابها. و لذلك

جاء في الحديث: (ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من

المسيح الدجال؟ الشرك الخفي؛ أن يقوم الرجل فيصلي،

فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل) (صحيح الترغيب: 30).

و لذلك أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالتعوذ من

الشرك الخفي: (يا أبا بكر، للشرك فيكم أخفى من دبيب

النمل والذي نفسي بيده، للشرك أخفى من دبيب النمل،

ألا أدلك على شيء إذا فعلته ذهب عنك قليلة و كثيرة ؟ قل:

اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك و أنا أعلم، و استغفرك

لما لا أعلم) (صحيح الأدب: 551).

و قد جاء في الحديث بإسناد حسن عن خطورة الشهوة الخفية:

(يا نعايا العرب! يا نعايا العرب! ثلاثاً، إن أخوف ما أخاف عليكم

الرياء، و الشهوة الخـفـية) (السلسلة الصحيحة: 508).

و أيضاً جاء في سنن ابن ماجة و نحوه عند الإمام أحمد في

مسنده‏ ‏عن الصحابي ‏شداد بن أوس رضي الله عنه أنه‏ ‏قال:

‏(‏قال رسول الله ‏‏صلى الله عليه وسلم:‏ ‏إن أخوف ما أتخوف

على أمتي الإشراك بالله، أما إني لست أقول يعبدون شمساً

ولا قمراً ولا وثناً ولكن أعمالاً لغير الله وشهوة خفية)

(سنن ابن ماجه: 4195؛ مسند الإمام أحمد: 16517، 16498).

يقول الزمخشري في "الشهوة الخفية"‏:‏ (هي كل شيء من

المعاصي، يضمره صاحبه ويصر عليه). و يذكر الغزالي فيها‏:‏

(يريد أن الإنسان إذا لم تقدر نفسه على ترك بعض الشهوات،

ويروم أن يخفي الشهوة، ويأكل في الخلوة ما لا يأكل في

الجماعة)‏.‏ و قيل لأبي داود السجستاني‏:‏ ما الشهوة الخفية‏؟‏

قال‏:‏ (حب الرئاسة‏.‏ فهي خفية تخفي على الناس، وكثيرًا

ما تخفي على صاحبها)‏.‏

و هناك شواهد كثيرة تبيّن أن الإنسان يخفى عليه كثيراً

من أمور نفسه من فساد النية و الشهوات و الأهواء المؤثرة

عليه، و خاصة إذا كان للشيطان نصيب منها. و ربما ظلت

هذه الشهوات غير ظاهرة كالران على قلب الإنسان

من كثرة شهواته و ذنوبه. يقول الله تعالى في ذلك:

(كلّا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) (المطففين: 14)

و في الحديث: (إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في

قلبه فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه فإن زاد زادت فذلك

الران الذي ذكره الله في كتابه (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا

يكسبون) (صحيح ابن ماجه: 3422).

و في علم النفس بمجالاته المختلفة نُظّر لما يُسمى بالعقل

الباطن أو اللاواعي أو اللاشعور، و هذا المفهوم ربما

لا يبعد عن مفهوم الشهوة الخفية و أبعادها. و لكن ما قد

نحتاج إلى فهمه و إثباته هو كيفية التنظير العلمي لعمل

اللاواعي في تفجير و إطلاق خفايا النفس البشرية الكامنة

المؤثرة في سلوك و تصرفات الإنسان، و علاقة هذه الأحاسيس

و الشهوات الكامنة الخفية بمفهوم العقل الواعي و العقل

اللاواعي من ناحية علمية تطبيقية منهجية مبرهنة. فهل

من إجابة في هذا الصدد من أهل الاختصاص؟


لؤلؤة الخير 08-16-2013 03:28 AM

موضوع في قمة الروعه

لطالما كانت مواضيعك متميزة

لا عدمنا التميز و روعة الإختيار

دمت لنا ودام تألقك الدائم


http://uploads.sedty.com/imagehostin...1367687211.gif

امي فضيلة 08-16-2013 07:45 PM

حياك الله ابنتي الغالية لؤلؤة الخير


جزاك الله خيرا على المرور والتعقيب

أسأل الله لكم راحة تملأ أنفسكم ورضى يغمر قلوبكم

وعملاً يرضي ربكم وسعادة تعلوا وجوهكم

ونصراً يقهر عدوكم وذكراً يشغل وقتكم

وعفواً يغسل ذنوبكم و فرجاً يمحوا همومكم


اللهم اجعلنا من ورثة جنتك وأهلا لنعمتك وأسكنا

قصورها برحمتك وارزقنا فردوسك الأعلى


حنانا منك و إن لم نكن لها أهلا فليس لنا من العمل ما يبلغنا

هذا الأمل إلا حبك وحب رسولك صلى الله عليه وسلم

والحمد لله رب العالمين


ودمتم على طاعة الرحمن


وعلى طريق الخير نلتقي دوما


الساعة الآن 10:55 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)