منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد - وقاية الطفل من النفاق بعد الطلاق

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هلا والله وغلا مانور المنتدى
ليس هناك أفضل من أن يترعرع أطفالنا في ظل الأسر الطبيعية تحت رعاية ومسؤولية الوالدين ينعمون بالسوية في التربية لا يتسلل إلى قلوبهم الصغيرة الفطرية بذرة شك في حب المحيطين بهم والرغبة الصادقة في تحقيق مصالحهم وتقديمها على ما سواها، لكن ما إن يهتز ذلك الكيان الأسري وينزغ الشيطان بين الزوجين، وتضيع المودة بينهما ويحل الشقاق ويتعذر الإصلاح تصبح الامور أكثر تعقيدا ويرى كلا من الطرفين أن الانفصال هو أهون الأضرار ويحكم الخالق العليم {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِنْ سَعَتِهِ}. النساء: 130.

هنا لابد من الانتباه والحذر من الهروب من تحمل الأعباء وحماية الأطفال الذين تبدأ معانتهم في ظل أجواء الطلاق، تلك المعاناة التي تبدأ من لحظة إعلان انفصال الوالدين، ففي الغالب تكون أصعب لحظة في مرحلة الطفولة لما فيها من الارتباك والخوف بل ولربما الشعور بالذنب بأنهم سبب لهذا الانفصال خاصة صغار السن منهم، لأن الاطفال الأكبر سنا قد يكونون شاعرين بالفعل بذلك الانفصال بشكل ملموس قبل أن يحدث لما شاهدوه من التوتر في علاقة الوالدين.

وعلى كلٍ من الأب والأم الإفاقة وطرح الأنانية وراء الظهر لمعالجة بعض الأمور التي منها:

ـ أن تحطيم الكيان الأسري الطبيعي الواقي لدى الأطفال، والذي عرفوه وألفوه من بت مستقر متوازن بوجود الأب والأم معًا، يصاحبه هزة عنيفة بالتغيير الحادث بخروج أحد الوالدين من البيت، فلابد من الحرص على أن يحدث ذلك في جو يحاط فيه الأطفال بمزيد من الحب والاهتمام والحفاظ على بث الثقة في أن الحب لهم لن يتغير ولن يضيع.

ـ تجنب الصراع الشديد على حق حضانة الأطفال الذي غالبا ما يكون ملازما للطلاق، خاصة إذا ما كان نتيجة للعناد بين الزوجين، واستخدام الأبناء في الانتقام أو التعبير عن الرغبة الصارخة في التخلص منهم، كل ذلك ينبت في قلوب الصغار من الأمراض والاضطرابات النفسية ما يلحق الضرر بالجميع.

ـ ثم قد تأتي أزمة أخرى يعاني منها الأطفال وهي أزمة انضمام زوج أم أو زوجة أب للأسرة التي سينتقل الطفل ليعيش بينها، حيث يجد الطفل أن عليه أن يعترف بسلطات ولي الأمر الجديد ولا يستطيع أن يوازن بين ذلك وبين تصور أن هذا الجديد هو السبب الذي يمنع والديه الطبيعين أن يعودا للعيش معا، وفي نفس الوقت يجد نفسه في منافسة مع هذا الطرف لنيل الرعاية والتفضيل، لذلك من الأفضل عدم الانتقال فورا للعيش مع زوج الأم أو زوجة الأب، بل يكون الأمر بتريث وبالاهتمام بالتحدث مع الطفل عن الوضع الجديد ومحاولة بناء الثقة مع الطفل وإظهار الحب والاهتمام.

ـ وقد يعاني أيضا من البث المتواصل من أحد والديه الذي ظل وحيدا كيف ومدى الظلم الذي وقع عليه وانه هو الذي يضحي من أجله، فتختل الموازين في عقله الصغير وتنبت الأحقاد

ومن الخطير أن يلجأ الطفل شيئا فشيئا إلى تعلم اللعب على مشاعر الوالدين ومحاولة كل منهما لاستقطابه فلا يتورع في استخدام أساليب الكذب والنفاق، لذلك لابد من بذل الجهود والحرص على وجود وسيلة تواصل صادقة هدفها الحرص والحفاظ على سلامة وسعادة وصلاح أجيال الغد، فلئن كانا قد قررا لانفصال كزوجين، فلا بد أن يجدا وسيلة للتواصل المحترم كأبوين لمصلحة الأطفال، وألا يدعا مشاعرهما الخاصة تظل تفسد في حياة الصغار اللذين لا ذنب لهم، فلا يسمحا للأبناء أن يتكلما بسوء عن الأب/ الأم وسيلة لإرضائهما، أو يُشعرا الأطفال بالتأنيب والذنب إذا ما عبرا عن سعادتهما بالطرف الآخر، وكأنها خيانة، فيتعلم الأطفال النفاق والذب ويتأصل لديهم الشعور بالذنب.