منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع الثقافة العامة والتغير للافضل (https://hwazen.com/vb/f124.html)
-   -   الربط بين العقل والعاطفة بين فلسفة تطوير الذات وديننا الإسلامي (https://hwazen.com/vb/t13010.html)

عطر الجنة 08-08-2016 01:24 PM

الربط بين العقل والعاطفة بين فلسفة تطوير الذات وديننا الإسلامي
 
[postback=massy/images/backgrounds/59.gif]
[formatting="font-family: Tahoma; font-size: 13px; color: rgb(0, 0, 0); font-weight: normal; font-style: normal; text-align: center; background-color: rgb(255, 255, 255); border-style: groove; border-width: 1px; border-color: rgb(0, 0, 0); width: 91%; background-image: url(massy/images/backgrounds/27.gif);"]


http://i687.photobucket.com/albums/v...-Ln/91-aLp.png
http://s01.arab.sh/i/00040/9q876l88lw2z.png

&&الربط بين العقل والعاطفة بين فلسفة تطوير الذات وديننا الإسلامي &&





http://img.dev-point.com/imgcache/2013/11/119637.gif





الركائز الثلاثة: التواصل والوعي والالتزام

نقترح عليك أن تعتبر التواصل والوعي والالتزام كركائز ثلاثة تساعدك في جعل علاقاتك السبيل إلى التطوير من ذاتك.

ويتمثل التحدي في أن تستخدم هذه الركائز كأهداف أساسية في عملية شفائك ونموك. كما يجب أن يكون هدفك هو أن تسمح لها أن تعطيك الاتزان والثبات في رحلة الربط بين العقل والعاطفة.

سوف نوفر لك ركيزة واحدة- نموذج التواصل- ثم أضف أنت الركيزتين الأخريين- الوعي والالتزام، ليكتمل توازن هذه الركائز الثلاثة.


سوف تساعدك قراءة هذا المقال أيضاً في زيادة معدل الوعي لديك إن شئت. كما سيساعدك الالتزام بتعلم نموذج التواصل وزيادة الوعي في أن تحقق الثلاثة ركائز معاً.

يبدأ نموذج التواصل أولاً بتعلم كيفية التواصل مع الذات. سوف يؤهلك الاستماع للرسائل الموجودة داخلك إلى التواصل مع الآخرين أيضاً.

فعلى سبيل المثال، أدرك" ص" الرسالة الموجودة داخله التي تقول:" زواجي غير ناجح. أعتقد أنه ينبغي أن ينهي هذا الزواج".

ولكنه في الوقت نفسه يسمع رسالة أخرى تقول:" لقد دامت هذه العلاقة لمدة خمسة عشر عاماً. لدينا العديد من الذكريات السعيدة المشتركة الخاصة بحياتنا معاً وبأبنائنا الثلاثة.

أعتقد أنني يجب أن أعطي الركائز الثلاثة الموجودة في هذا المقال الفرصة لأرى إذا كانت ستناسبني أم لا".

إن كلتا الرسالتين صحيحتان وصادقتان- على الرغم من أنهما تبدوان متعارضين- وأصبح" ص" يتعلم أن يستمع إليهما، ويدرك الاختلاف، ويبحث عن الحلول المناسبة لكل منهما.

كما يمكنة أن يشرك زوجته في الحديث عن تلك الأصوات الداخلية والمشاعر التي تراوده كالتالي:" اليوم، يقول ناقدي الداخلي ذو الصوت المدوي إنني أريد أن أعمل على علاج علاقتنا.

هناك صوت آخر داخلي- ولكن صوته ليس عال كالصوت السابق- يقول إنني يجب أن أتخلى عن هذه العلاقة.

أعدك أن أنحي هذا الصوت جانباً؟ لنبدأ من جديد في استعادة علاقتنا بشكل أفضل علنّا نخرج من هذه المنحة قادرين على تشكيل علاقات أنجح بفضل استفادة كل منا من الآخر.
وأعدك أيضاً أن أُخبرك دائماً بأي تغيير يحدث في مشاعري".


يُعد الوعي بمثابة نداء لليقظة والانتباه. وقد يتغير معدل زيادة الوعي بجميع جوانب الحياة- مشاعرك وتصرفاتك ومعتقداتك- من مستوى بسيط إلى مستوى شامل. يوفر لك كل نداء لليقظة فرصة لاتخاذ القرار المتوازن. هل يمكنك أن تصف واحداً من نداءات اليقظة الخاصة بك؟

كانت" س" تظن أنه ليس هناك داعٍ للذهاب إلى المحاضرات التي تتناول كيفية إحداث اتزان بين العقل والعاطفة. فكانت تظن أن زواجها يسير على خير ما يرام. وعندما ذهبت هي وزوجها إلى مقابلة المعالج النفسي، اكتشفت أن زوجها يريد أن يترك المنزل ويشرع في إجراءات الطلاق.

وجاء نداء الاستيقاظ الخاص بها في شكل صدمة كلية. وأخيراً قررت أنه من الأفضل أن تذهب إلى هذه المحاضرات لتساعد نفسها في فهم سبب زغبة زوجها" كين" في الانفصال عنها.

وقد تعلمت أخيراً أنها تحتاج إلى المحاضرات أكثر مما يحتاجها هو.

إن كلمة الالتزام هي كلمة عملية!
حيث إنها تعتمد على الأفعال لا الأقوال فقط. هل تلتزم بأن تتواصل بطريقة أفضل مع نفسك- ومع شريكك- باستخدام أدوات تواصل جديدة؟ هل أنت مستعد لتجربة نموذج التواصل المذكور في هذا المقال؟ هل تلتزم باكتشاف الطرق التي تساعدك في تغيير التحديات إلى قرارات متوازنة بين العقل والعاطفة عن طريق زيادة الوعي بنفسك والوعي بعلاقاتك مع الآخرين؟
مثال
ظل"ك " و" ج" متزوجين لمدة خمسسة عشر عاماً.
ولكن"
ك" بدأ يشعر بعدم السعادة، فقرر إنهاء زواجه لأنه أصبح لا يشعر بالحب تجاه زوجته" ج". فاننفصلا،

ولكن للمفاجأة، فقد ظل"
ك" لا يشعر بأي سعادة حتى بعد أن ترك زوجته وأصبح وحيداً. فبدأ يستمع للرسائل الداخلية وبدأ يتعلم كيف أن يكون على صلة بنفسه.

بدأ"
ك" يقرأ هذا المقال، الذي اقترضه من صديق له، وقرر أن يستعين برأي أحد المتخصصين، وتعهد بأن يتحمل وحده مسئولية عدم شعوره بالسعادة بدلاً من توجيه اللوم إلى زوجته" ج".



http://img-fotki.yandex.ru/get/4604/...a55a_L.gif.jpg
أعمال العقل والعاطفة
لا شك أنك قد بدأت تكتشف الآن العملية التي تساعدك في أن توازن بين عقلك وعاطفتك في أتخاذ القرارات. لقد عرفت أيضاً أن التواصل والوعي والالتزام، هم الأسس الثلاثة لتعلم اتباع مثل هذا المبدأ الحياتي. كما بدأت تدرك المعنى المقصود من مبدأ" الاستفادة من علاقاتك بالآخرين:.



لذلك عند تعاملك مع الناس فعليك أن تجمع بين العقل والعاطفة في آن واحد.. ولأننا ندرك تماما أن من الناس من هو عقلاني بالفطرة فهو يتعامل مع الأمور والوقائع بعقلانية
( حرفية) والبعض الآخر على النقيض فهو في كل تحركاته وسكناته عاطفي التوجه والميول.. لكن في نظري انه اذا كان المزج بين هذين السلوكين ضروري في حياة الانسان واستقراره النفسي إلا أن ضرورته في تعامله مع الناس أشد وتواجده في العلاقات الإنسانية أكثر أهمية



ولأن الإنسان مجموعة من العواطف ولوجود درجات متفاوتة بين الناس في الوجدانيات كان لأهمية استحضار هذا المعنى حال التعامل مع الناس مهما جدا فمن يغفل هذا الجانب فهو يفوت على نفسه فرصا عظمى للاستحواذ على قلوب الناس بل وعقولهم ومن يفوت هذا المعنى ايضا فهو يخسر الذوق والروعة الكلامية وانتقاء المفردات التي تأخذ بالعقل.. فحتى لو كان من يقابلك ممن يتعامل مع الاشياء بعقلانية وموضوعية إلا اأن مفتاح العقول هي القلوب .. فمتى قبل القلب فانه الملك وبقية الأعضاء والجوارح جنود منقادون له منفذون لطلبه..

ولهذا حين نتأمل سيرة النبي محمد صل الله عليه وسلم نجد العجب العجاب نرى انه تعامل مع شخصيات متعددة فهذا حليم وهذا حاد الطبع وهذا شديد في الحق وهذا ذو أناة وذاك أعرابي ....الخ ومع هذا نجد أنه عليه الصلاة والسلام كان آسرا بأسلوبه ساحرا في تعامله حيث كان يعرف مفتاح كل شخصية وما يناسبه من القول والفعل ومن ثم يستوعبه ويؤثر فيه

وبخلاف هذا نجد من كان يغفل عن هذا المعنى يقع في كثير من الأخطاء فهو ان كان عاطفيا صرفا فهو سيقع فخا لعواطفه فالعقل سياج للقلب المتقلب.. ! وان كان عقلانيا صرفا فهو سيجد صعوبة في فهم فلسفة التواصل الإنساني.. فكل تواصل بينك وبين الآخر فهو يمر بسلسة من التصورات ومزيج من الكلمات وخطئ واحد منك يجعلك تخسر هذا الشخص..

ان التواصل بينك وبين الأخرين لا يعتمد على من تكون أنت فقط! فمعرفتك بنفسك ومعرفتك بضرورة استحضار العقل والعاطفة لا يكفي احيانا بل لابد من معرفة الاخرين وسلوكهم وتصوراتهم وذلك حسب الدراية التي تكتسبها من خلال احتكاكك بالناس ولهذا نرى من الناس من اذا جلس مع شخص جلسة او جلستين فهو يفهمه ويعرف ميوله وفكره وخيالاته حتى لو لم يعش معه وبالتالي يعرف مفاتيح عقله واستراتيجياته في الاستجابة للاشياء والبعض الاخر قد يدرك مفتاح شخصية الآخرين لكنه يفشل في التواصل معه بالاسلوب والكلام والفكر والبعض يحسن التواصل لكن لا يدري بأية شيء يتواصل ولا المنطق الذي يحسن ولا يحسن..

علينا ان نتعلم لغة التواصل مع الاخرين وان ندرك انهم مجموعة من المشاعر والأفكار تختلف عنا ولها خصوصيتها ونمطيتها وشفرتها الخاصة والا نعجل بالحكم على الناس والا نجعل الظنون تقودنا في كل حال بل لندع للفكر مساحة يتحرك فيها ومن يعود نفسه على المرونة في التعامل مع الاخرين وحسن التعايش معهم فهو أقدر على احداث التغيير في نفوسهم وقلوبهم وعقولهم.

http://coeurlionne6.c.o.pic.centerbl...7_ZNj2QfAZ.gif
وبين الله عز وجل في كتابه العظيم

http://coeurlionne6.c.o.pic.centerbl...7_ZNj2QfAZ.gif
فقد كرم الله سبحانه وتعالى ابن آدم، ومَنَّ عليه بالعقل والقدرة والإرادة، وميَّزه بها على سائر الخلائق، قال سبحانه:
(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا[الإسراء:70].

وبهذا التكريم والتفضيل افترق الإنسان عن البهيمة في عدة صفات منها العقلُ الراجح الذي يؤهله لتحمل التكاليف، ومنها التوازنُ بين العقل وبين الشهوة، فالبهيمة لا تحركها إلا الغرائز والشهوات، كشهوة الأكل، وشهوة الشرب، وشهوة النوم، وكغريزة البقاء، وغريزة التزاوج. وهكذا.

وليس للعقل في عالم البهائم أثر حقيقي وإنما السيطرة في عالم البهائم للشهوات والغرائز، أما الإنسان فعالم آخر عقله راجح وغرائزه وشهواته وعواطفه متزنة مع عقله، وكلما اكتمل لدى الإنسان هذا التوازن كلما ازداد كمالا وعدلا وتوفيقا.

ولذلك ؛؛ التوازن بين العقل والعاطفة، العاطفة
من عَطَفَ، أي: مال، وهي قابلية النفس للميل والتأثر الشديد بسبب المشاعر، كالمحبة، والبغض، والشفقة، والعصبية، وغيرها من المشاعر.

هذه المشاعر إذا تأججت بالنفس وتحرك الإنسان بموجبها وحدها دون العقل سوف توقعه في الظلم والإساءة والإفساد؛ لأن العاطفة لوحدها -أيها الأخوة- تؤدي إلى الميل الشديد نحو شيء معين دون تبصُّر أو هوية أو اعتبار لحق أو باطل، وعلى العكس أيضا تؤدي إلى الابتعاد عن ذلك الشيء ومجافاته بلا سبب شرعي أو عقلي سوى العاطفة، العاطفة لوحدها لا توصل إلى الحق.

ولا ننسى أن نذكر في هذا المقام أنه بالرغم من ذلك فإن العاطفة صفة مطلوبة وضرورية في الإنسان، إذ بها يرغب في الأجر، ويرهب من فواته، ويرجو ويخاف ويتأثر بما في كتاب الله من الوعظ والتذكير.

بالعاطفة يبقى الحب، ويتآلف الناس، ويصفح بعضهم عن بعض، ويزول الشقاق،
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) [آل عمران:159].

(وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) [الحجر:88].

(لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة:128].

لولا العاطفة لفسدت عقيدة الولاء والبراء والحب في الله والبغض في الله، لكن ينبغي ألا يكون للعاطفة المجردة الفصل في المواقف دون العقل، بل لا يكون الرشاد إلا بالتوازن، فالإنسان الذي تحركه عاطفته قبل عقله فهي الخداع، سهل الخداع، كثير الأخطاء، سريع القرار.

لقد كان من أسباب اشتراط شهادة امرأتين في العقود والمعاملات التجارية أن المرأة في فطرتها ذات عاطفة فياضة، قد تؤدي بها إلى النسيان
(أنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى) [البقرة:282].

وجاء فيما ينبغي مراعاته في المفتِي ألا يُفتي في حال انشغال قلبه بغضب أو رهب أو إرهاق أو شهوة، أو طمع في مصلحة أو غرض يناله من قِبل المستفتي مما يخرجه من الاعتدال، وكذلك إذا طغت عليه شدة الحزن أو شدة الفرح ونحوهما، فإن غلب انفعاله على صحة تفسيره وجب عليه أن يكف عن الإفتاء حتى يعود إلى طبيعته.

وقد صح في البخاري أنه -صل الله عليه وسلم- قال:
"لا يقضين حكَم بين اثنين وهو غضبان".
وذكر مما ينبغي مراعاته أن لا يفتي في المعاملات شخصاً قريباً له إن كان إفتاءه بما هو في صالح قريبه، ولا يفتي عدوا إن كان الجواب في غير صالحه، كل هذه الاعتبارات والشواهد تشير إلى شدة تأثير عاطفة الإنسان في مدى حكم تصرفاته، واستقامة فكره، وصحة قراره، واعتدال موقفه.

لذلك اشتهر أن لدى العرب من المشاعر العاطفية القوية ما ليس عند الغربيين، الغربيون إجمالا أعصابهم باردة، لا يشتعلون بسرعة، أما العرب فيشتعلون بحرارة، سريعون في الغضب، سريعون في الفرح، سريعون في التأثر؛ والحقيقة أن كلا الطرفين ذميم: البرود وشدة الحرارة.

فالإنسان يحتاج إلى توازن بحيث لا يطغى العقل على العاطفة، ولا العاطفة على العقل، فمن الخطأ أن لا تجد الرحمة في مواقف تستدعي الرحمة، وألا تجد العقل والحزم في مواقف تستدعي ذلك، المخرج من هذه الفوضى إنما يكون أولا بالتؤدة والتأني؛ لأن العاطفة المفرطة تدفع صاحبها للعجلة، وتحجب عنه الصورة الكاملة، وتمنعه من كمال الفهم، واستيفاء النظر، واستشراف العواقب.

وقد حصل هذا من أفضل الناس بعد الرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه، حصل من عمر الفاروق بنيته الطيبة وغيرته على الإسلام، نعم، لقد كانت عاطفته إيمانية فياضة ولكنها دفعته إلى الاستعجال في اتخاذ الموقف الخطأ بالرغم من مواقفه العظيمة -رضي الله عنه- التي وافقها القرآن مرات عديدة.

ففي موقفه يوم الحديبية اعترض على بعض بنود الصلح غيرةً للدين، فكان يقول: يا رسول الله! ألسنا المسلمين؟ ألسنا المسلمين؟ أليسوا المشركين؟ فكيف نرضى بالدنية في ديننا؟ ويضطرب ويتألم -رضي الله عنه-، هذه عاطفة إيمانية، وموقف حميد في أصله من حيث المنبع، لكنه في تلك الظروف وبتلك الكيفية كان خطأ.

ولذلك يقول -رضي الله عنه- بعد ذلك الموقف: "عملت لذلك أعمالا"، أي أعمالا صالحة تجبر ذلك الخطأ، حيث كان -رضي الله عنه- بعد ذلك إذا تذكر موقفه مع رسول الله -صل الله عليه وسلم- يتصدق ويعتق وينفق ليكفر عن ذلك الموقف.

إذاً لا تعجل في اتخاذ قرار ما لمجرد فرط محبة، أو من أجل العصبية لعرق أو نسب أو بلد، أو لمجرد الكراهية الشديدة لأمر ما، هذه المشاعر العاطفية المجردة تدفعك للعجلة، تمهَّلْ وفكر ودع لنفسك وقتا كافياً للتأمل وإبعاد النظر؛ فإن التؤدة مهمة في ضبط التوازن بين العقل والعاطفة.

هذا أولا، وثانيا ينضبط التوازن بالتحكُّم في المشاعر، بوضع كل شيء في مكانه الصحيح، فكما أن مقام الشفقة والرحمة لا يحتمل القسوة، فإن مقام الحزم والشدة لا يحتمل اللين والرأفة، هذا ما نتعلمه من القرآن، قال سبحانه
(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ) [النور:2].
الرأفة هي أرق الرحمة، يعني لا تمعنكم الشفقة من إقامة حدود الله.

فليس الإنسان منهياً عن الرأفة ذاتها، لا، بل الرأفة صفة جميلة اتصف بها النبي -صل الله عليه وسلم-:
(لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة:128].

حَرِيٌّ بنا أن نتصف بها؛ وإنما النهي عن تأثير الرأفة في منع إقامة الحد، أو إنكار المنكر، أو تعطيل إثبات الولاء والبراء من المشركين.

فينبغي أن يكون استحضار الرأفة والعمل بمقتضاها في مواطنها الصحيحة، كان لسعد بن معاذ -رضي الله عنه- موقف حازم مع مَواليه وأنصاره السابقين من يهود بني قريظة، فقد نزلوا على حكمه فيهم؛ طمعاً في حميَّته لكونه سيد الأوس، والأوس هم أقرب الناس إليهم من المسلمين، هم حلفاؤهم حلفاء بني قريظة.

ولكن لم يمنع سعداً عاطفةٌ ولا شفقة ولا سابق حلم وحمية من الحكم الصحيح في خيانتهم الكبرى، ولما أسر عليه بعض قومه من الأوس وهو على الدابة سائراً إلى موقع الحدث: يا سعدُ أَجْمِلْ إلى مواليك فأحسِنْ فيهم؛ فإن رسول الله -صل الله عليه وسلم- قد حكَّمَكَ فيهم، يكررون ذلك عليه وهو ساكت لا يرجع إليهم شيئاً.


هكذا تجتنب العاطفة عند إقامة الحدود، ولقد كان موقف أبي بكر خير من موقف الفاروق بحادثة ارتداد بعض الأعراب عن دفع الزكاة، وذلك لما أمر أبو بكر بقتالهم، وقال له عمر: يا خليفة رسول الله تألف الناس وارفق بهم، رد عليه الصديق: أجَبَّارٌ في الجاهلية خوَّارٌ في الإسلام؟! فلماذا أتألفهم؟! قُبِض رسول الله -صل الله عليه وسلم- وانقطع الوحي وتم الدين، أينقض وأنا حي؟ والله لو منعوني عقالا كانوا يعطونه رسول الله لقاتلتهم عليه.

إذاً، فالتحكم بالعواطف تجاه الحدود والأحكام مهم جداً، كما أن التحكم بالعواطف حين التقاء السيوف مع أعداء الله في أرض المعركة أمر لازم، ولذلك قال تعالى:
(فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ) [محمد:4].

وقال تعالى: (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ) [الأنفال:12]، لا وقت هنا للعاطفة.

لكن تفيض العاطفة في مكانها الصحيح حين التعامل مع الأطفال والنساء والضعفاء، كصبره -صل الله عليه وسلم- على نسائه وغيرتهن، وتفهمه لصغر سن عائشة -رضي الله عنها- حين وضعت رأسها على منكبه وهي تنظر على لعب الحبشة، يسترها حتى ملَّتْ وشبعت. ويركب على ظهره الشريف الحسَنُ والحسين وهما طفلان -رضي الله عنهما- فيسعد بذلك -صل الله عليه وسلم- رأفة بهما، وهكذا.

لذلك ينبغي أن يدرب المسلم نفسه على التحكم بعاطفته بحسب الموقف، وهذا ما يقودنا إلى العامل الثالث من عوامل ضبط التوازن بين العقل والعاطفة، ألا وهو معرفة الموقف الشرعي الصحيح قبل الموقف العاطفي؛ لأننا أصلا محاسبون على ما تكنه قلوبنا من ود وحب، أو بغض وكره، بل إن دين الإسلام قائم على ذلك.

ففي إسناد سنن أبي داوود بإسناد صحيح عن أمامة عن رسول الله قال -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان
إذاً فمن أحب لله وأبغض لله فقد استكمل الإيمان.

وقال تعالى: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا -رضي الله عنه-مْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [المجادلة:22].

وقال سبحانه: (قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) [التوبة:24].

فلينتبه كل مؤمن إلى هذا الأمر الحاسم من أمور العقيدة، محبة الله ورسوله تُقَدَّمُ على كل محبة، والناس إنما يقربون من قلب المؤمن أو يبتعدون عن قلبه بحسب قربهم من الله أو بعدهم عن الله، هذا هو الميزان الصحيح.

أما الأصل من القبيلة أوالعرق أو القربة إنما يأتي مكملا للحب في الله، فإذا خرج الإنسان عن دين الله، أو ابتدع فيه، أو أعرض عن أصل من أصوله، أو قدَّم رضا الخلائق على رضا الله تعالى، أو قدَّم قوانين البشر على شريعة الإسلام، فقد يعيش معه المؤمن، وقد يصبر على كبائره، ولكن لا يكون له في قلب المؤمن موطن ولو كان ذا رحم، ولو كان ما كان ليس له في قلب المؤمن مودة، وذلك حتى يصطلح مع الله، حتى يتوب إليه.

http://upload.3dlat.net/uploads/3dla...0933578113.pnghttp://upload.3dlat.net/uploads/3dla...0933578113.png



[/formatting]
[/postback]

هوازن الشريف 08-15-2016 04:01 PM

رد: الربط بين العقل والعاطفة بين فلسفة تطوير الذات وديننا الإسلامي
 
http://up.mosw3a.com/files/58421.gif

لي
عودة

حمامة الاسلام 08-15-2016 10:34 PM

رد: الربط بين العقل والعاطفة بين فلسفة تطوير الذات وديننا الإسلامي
 
بارك الله فيك و نفعك و نفع بك

أم إلياس 08-16-2016 12:52 AM

رد: الربط بين العقل والعاطفة بين فلسفة تطوير الذات وديننا الإسلامي
 
[snake]عطر الجنة[/snake]

بصراحــة رائع جدا هذا الموضوع
انتِ تمتلكِ ذوق راقي في جـلب ماهو مميّز وجميل
دائما كلاماتِك ترتدي ثوب التميز والابداع الثقيلان
يجبرني قـلمكِ دوما أن احلق بعيد حيث الإبداع
اللا متناهي والجمال الخلاب والكلمة الراقية الفذة
صانعة راقية للحروف تنسجِيها بإحترافية عالية تنم عن فكر متميز ومتفرد
سجلي اعجابي بقلمك وتنسيقك



امي فضيلة 08-16-2016 01:09 AM

رد: الربط بين العقل والعاطفة بين فلسفة تطوير الذات وديننا الإسلامي
 



حياك الله ابنتي الغالية عطر الجنة





كما عودتنا دوما على الانتقاء الرائع والهادف للمواضيع





جزاك الله خيرا على الموضوع القيم المضمون


أسأل الله لكم راحة تملأ أنفسكم ورضى يغمر قلوبكم


وعملاً يرضي ربكم وسعادة تعلوا وجوهكم


ونصراً يقهر عدوكم وذكراً يشغل وقتكم


وعفواً يغسل ذنوبكم و فرجاً يمحوا همومكم


اللهم اجعلنا من ورثة جنتك وأهلا لنعمتك وأسكنا


قصورها برحمتك وارزقنا فردوسك الأعلى



حنانا منك ومنا و إن لم نكن لها أهلا فليس لنا من العمل ما يبلغنا



هذا الأمل إلا حبك وحب رسولك صلى الله عليه وسلم والحمد لله رب العالمين



ودمتم على طاعة الرحمن





























عطر الجنة 09-08-2016 12:20 PM

رد: الربط بين العقل والعاطفة بين فلسفة تطوير الذات وديننا الإسلامي
 
ياهلا وغلا أحبتي
نورتوا الصفحة
بحروفكم ومروركم الكريم
ازدان الموضوع جمالا

"جزاكم الله خير الجزااء"



الساعة الآن 12:00 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)