منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   خيمة الحج والعمرة (https://hwazen.com/vb/f22.html)
-   -   جامع أحكام_وآداب_عيد_الأضحى (https://hwazen.com/vb/t13073.html)

أم انس السلفية 08-14-2016 06:32 PM

جامع أحكام_وآداب_عيد_الأضحى
 
(أهم ما يحتاجه المسلم في هذا اليوم المبارك: من أحكام صلاة العيد وأحكام ذبح الأضحية وغيرها)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
وبعد؛ فهذا ملف جامع بأهم أحكام شعيرة عيد الأضحى المبارك وبأهم ما ينبغي فعله في هذا اليوم الكريم، ألخصمه من كتب الفقه المالكي.
فأقول وبالله أستعيد:
أولا- ما يفعله المسلم في صلاة عيد الأضحى:
أهم أحكام وآداب شعيرة عيد الأضحى، ملخصة ومهذبة ومبسطة من "الرسالة" لابن أبي زيد القيرواني و"التلقين" للقاضي عبد الوهاب البغدادي المالكيين:
صلاة العيدين سنة واجبة، يخرج لها الإمام والناس وقت الضحى بعد ارتفاع الشمس ووقت حلّ النافلة، بقدر ما إذا وصل الإمام إلى المصلى حانت الصلاة.
وسنتها المصلى دون المسجد إلا في حالة العذر.
وليس في صلاة العيد أذان ولا إقامة، فيصلي بهم ركعتين يقرأ فيهما جهرا بأم القرآن وسورة الأعلى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} وسورة الشمس: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}، ونحوهما من السور كالليل والضحى...
ويكبر في الركعة الأولى سبعا قبل قراءة الفاتحة يدخل فيها تكبيرة الإحرام، وفي الركعة الثانية يكبر ست تكبيرات يدخل فيها تكبيرة القيام.
وفي كل ركعة سجدتان، ثم يتشهد ويسلم، ثم يرقى المنبر إن كان، فيخطب.
ويجلس في أول خطبته قبل قيامه، ويجلس في وسطها أيضا كما في صلاة الجمعة، ويُستحب للإمام التكبير أثناء الخطبة. ثم ينصرف إلى ذبح أضحيته.
ويستحب أن يرجع الإمام من طريق غير الطريق التي ذهب منها، والناس كذلك.
ومما يُستحب للإمام دون غيره أن يُخرج أضحيته إلى المصلى، فيذبحها فيها، ليعلم ذلك الناس فيذبحون بعده، والذبح بعده واجب، فإن تعذر إخراجها فلا حرج، وينتظر الناسُ ذبح الإمام ثم يذبحون بعده، والبعيد يتحرى ويقدر ذبح الإمام فيذبح بعده.
ولْيذكر الإمام الله في خروجه من بيته في عيد الفطر وعيد الأضحى جهرا حتى يأتي المصلى، والناس كذلك يفعلون مثل الإمام. فإذا دخل الإمام للصلاة قطعوا ذلك، ليستعدوا للصلاة.
ويكبرون بتكبير الإمام في خطبته، وينصتون له فيما سوى ذلك.
ويكبر المصلي أيام النحر الثلاث بعد كل الصلوات من صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الصبح من اليوم الرابع منه، وهو آخر أيام منى، فيكبر إذا صلى الصبح ثم يقطع التكبير.
والتكبير دبر الصلوات صيغته: "الله أكبر الله أكبر الله أكبر"، وإن جمع مع التكبير تهليلا وتحميدا فحسن جائز. فيقول إن شاء ذلك: "الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد". وقد روي عن مالك هذا والأول، والكل واسع جائز.
والأيام المعلومات المذكورة في قوله تعالى: {ويذكروا اسم الله في أيام معلومات} أيام النحر الثلاثة. والأيام المعدودات المذكورة في قوله تعالى: {واذكروا الله في أيام معدودات} أيام منى، وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر.
ويستحب في الفطر الأكل قبل الذهاب إلى المصلى، وفي الأضحى تأخيره إلى الرجوع من المصلي.
والغسل للعيدين حسن وليس بلازم، ويستحب فيهما الطيب والحسن من الثياب والأجمل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثانيا- أحكام أضحية العيد:
كلامي هنا تلخيص لما جاء في رسالة ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله التي سوف اختم بالنقل منها إن شاء الله. فأقول وبه أستعين:
1- الأضحية سنة واجبة، وليست فرضا، بمعنى أن الذي لا يستطيعها لا تجب عليه. فهي مثلها مثل صلاة العيد والغسل ليوم الجمعة...
2- رب الأسرة ومن يعولها تكفيه أضحية واحدة له ولمن يعوله ويُنفق عليه.
3- الأضحية لها شروط، وأهم ما يُشترط فيها أن تكون سالمة من العيوب التي جاءت في الأحاديث الصحيحة: فلا تُجزئ:
أ- العرجاء الواضحة العرج.
ب- العوراء الظاهر عورها.
ج- المريضة البيّن مرضها.
د- العزيلة الضعيفة جدا.
هـ- التي كانت مشقوقة الأذن بشكل كبير (إذا قطع منها ثلث الأذن فما فوق).
و- مكسورة القرن الذي يسيل بالدم لحظة الذبح.
4- من السنة أن يذبح الإنسان أضحيته بيده، فإن لم يستطع أو كان غائبا أو خائفا فلينب عنه غيره، والنيابة في الذبح جائزة إن شاء الله.
5- الأصل أن الذبح لا يكون إلا بعد ذبح الإمام، والإمام هنا إمام المنطقة التي يعيش فيها المسلم؛ لأنه نائب عن الإمام الأعظم إن وُجد. فإذا كان بعيدا عن المصلى قدّر وقت ذبح الإمام ثم ذبح بعده. ولا يجوز الذبح قبل ذبح الإمام.
6- ذبح أضحية العيد تكون بعد صلاة العيد مباشرة، فمن قدمها على الصلاة لم تُجزئه، وهي لحم قدمه لأهله كما جاء في الحديث.
فمن فاته الذبح قبل زوال اليوم الأول انتظر اليوم الثاني أيضا في وقت الضحى، فإن فاته اليوم الثاني انتظر اليوم الثالث، ولكن يجوز له أن يذبح طيلة النهار إلا في الليل. وهذه هي الأيام الثلاث التي يُشرع فيها ذبح الأضحية، ولكن اليوم الأول أفضل من الثاني والثاني أفضل من الثالث.
7- والأضحية يحرم بيع شيء منها لا لحم ولا صوف ولا جلد...
8- وأركان الذبح الواجبة والمفروضة هي:
أ- أن يسمي الله تعالى عليها، فيقول أثناء الذبح: "بسم الله، الله أكبر". فإن نسي التسمية فلا حرج عليه وتُؤكل، وإن تعمد تركها لا تُؤكل لقوله تعالى: {ولا تاكلوا مما لم يُذكر اسم الله عليه}.
ب- أن يذبح الأضحية (الغنم والبقر) في موضع النحر من العنق، فيقطع الحلقوم والأوداج ولا بُدّ (الحلقوم هو القصبة الهوائية التي يمر منها الأكل والماء، والأوداج عرقان معروفان إذا لم يُقطعان لم تمت الضحية)، ولا يذبحها من القفا ولا من الجنْب.
والإبل تُنحر ولا تُذبح.
ج- أن يكون الذبح مسترسلا غير متقطع، فلا يرفع الذابح المذية أثناء الذبح ثم يُرجعها، فإن فعل ذلك لم تُؤكل.
9- ومن سنن الذبح (وليست بواجبات) أن يجعل الأضحية تجاه القبلة، ويدعو الله تعالى بأن يتقبل منه الأضحية، ويشكره على أن هداه لذلك. ويأكل منها ويتصدق منها، والتصدق بالثلث سنة.
10- ومن استمر في الذبح حتى فصل الرأس عن الجسد يكون قد فعل مكروها، ولكن تُؤكل الأضحية وتصح، وليس ذلك بحرام كما يظن العامة.
11- تجوز الشركة في ثواب الأضحية دون الاشتراك في ثمنها، فلا يجوز الاشتراك في الثمن في مذهبنا، وإنما يجوز للإنسان أن يُدخل معه غيره في الثواب.
فهذه أهم الأحكام المتعلقة بأضحية العيد، وهي التي قال فيها الإمام ابن أبي زيد القيرواني في "الرسالة":
((والأضحية سنة واجبة على من استطاعها... ولا يجوز في شيء من ذلك عوراء ولا مريضة ولا العرجاء البين ضلعها ولا العجفاء التي لا شحم فيها ويتقى فيها العيب كله ولا المشقوقة الأذن إلا أن يكون يسيرا وكذلك القطع ومكسورة القرن إن كان يدمي فلا يجوز وإن لم يدم فذلك جائز.
وليل الرجل ذبح أضحيته بيده بعد ذبح الإمام أو نحره يوم النحر ضحوة، ومن ذبح قبل أن يذبح الإمام أو ينحر أعاد أضحيته، ومن لا إمام لهم فليتحروا صلاة أقرب الأئمة إليهم وذبحه.
ومن ضحى بليل أو أهدى لم يجزه.
وأيام النحر ثلاثة يذبح فيها أو ينحر إلى غروب الشمس من آخرها. وأفضل أيام النحر أولها، ومن فاته الذبح في اليوم الأول إلى الزوال فقد قال بعض أهل العلم يستحب له أن يصبر إلى ضحى اليوم الثاني.
ولا يباع شيء من الأضحية جلد ولا غيره.
وتوجه الذبيحة عند الذبح إلى القبلة وليقل الذابح بسم الله والله أكبر وإن زاد في الأضحية "ربنا تقبل منا" فلا بأس بذلك.
ومن نسي التسمية في ذبح أضحية أو غيرها فإنها تؤكل وإن تعمد ترك التسمية لم تؤكل...
ولا يباع من الأضحية والعقيقة والنسك لحم ولا جلد ولا ودك ولا عصب ولا غير ذلك.
ويأكل الرجل من أضحيته ويتصدق منها أفضل له، وليس بواجب عليه...
والذكاة قطع الحلقوم والأوداج ولا يجزىء أقل من ذلك. وإن رفع يده بعد قطع بعض ذلك ثم أعاد يده فأجهز فلا تؤكل. وإن تمادى حتى قطع الرأس أساء ولتؤكل. ومن ذبح من القفا لم تؤكل)).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثالثا- السِّنُّ المجزئ من الأنعام في الأضحية
يختلف سنّ وعُمُر كل أضحية في الإجزاء حسب نوعها وجنسها:
فسن الإبل الصالحة للأضحية: ما أتم 5 سنين ودخل في العام السادس.
والبقر: ما أتم العام الثالث ودخل في الرابع.
والمعز ما أتم السنة الأولى ودخل في الثانية.
والغنم: الأفضل فيها ما أتم السنة، ويجوز فيها ما كان بين ثمانية أشهر فما فوق. والأفضل فيها ما أتم سنة.
وأفضلها كلها الأغنام في المذهب المالكي.
قال ابن أبي زيد القيرواني في الرسالة:
((وأقل ما يجزىء فيها من الأسنان:
- الجذع من الضأن (1)؛ وهو ابن سنة، وقيل ابن ثمانية أشهر، وقيل ابن عشرة أشهر.
- والثًّنِيُّ (2) من المعز؛ وهو ما أوفى سنة ودخل في الثانية.
- ولا يجزىء في الضحايا من المعز والبقر والإبل إلا الثني.
- والثني من البقر ما دخل في السنة الرابعة.
- والثني من الإبل ابن ست سنين.
- وفحول (3) الضأن في الضحايا أفضل من خصيانها، وخصيانها أفضل من إناثها، وإناثها أفضل من ذكور المعز ومن إناثها، وفحول المعز أفضل من إناثها، وإناث المعز أفضل من الإبل والبقر في الضحايا)). اهـ.
[ينظر الرسالة: ص 79].
ملاحظات:
- (1) "الضأن" هو الغنم.
- (2) الثًّنِيُّ في الأنعام من غيّر أسنانه الأمامية بأسنان جديدة، وتسمى هاتين السِّنّين ب"الثنتين". ونحن في الدارجة المغربية يقول أهل البوادي هذا كبش: "ثْنِيْ"، أي غيّر ثنتيْه الأصليتين بثنتين جديدتين.
- (3) الفحول أي: الذكور.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
رابعا- مسألة الاشتراك في الأضحية.
اتفق أهل العلم على عدم جواز الاشتراك في ثمن الغنم ضأنه ومعزه، لأن الأحاديث الواردة في الاشتراك ذُكر فيها الإبل والبقر دون الغنم. هذا مُجمع عليه بين المذاهب.
وإنما اختلفوا في البقر والإبل، هل تجوز فيها الشركة أم لا؟ وجمهور العلماء على جواز أن يشترك سبعة أشخاص في الناقة أو البقرة، واستدلوا على جواز الاشتراك في الإبل والبقر بعدة أحاديث منها ما رواه مالك ومسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: ((نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الحُدَيبِيَةِ البَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ)).
والمالكية يرون أن الاشتراك في الثمن لا يكون مطلقا، وإنما يكون في الثواب والأجر، وذلك في حالتين:
إحداهما ((أَنْ يُشْرِكَ المضحى جَمَاعَةً معه وَهَذِهِ:
لَا بُدَّ فيها من ثلاثة شُرُوطٍ: أَنْ يَكُونَ الذي أَشْرَكَهُ معه قَرِيبًا له وَلَوْ حُكْمًا لتدخل الزَّوْجَةُ، وَأنْ يَكُونَ في نَفَقَتِهِ، وَأَنْ يَكُونَ سَاكِنًا معه. إنْ كان يُنْفِقُ عليه تَبَرُّعًا كَأَخِيهِ أو جَدِّهِ أو عَمِّهِ وَأَمَّا لو كان يُنْفِقُ عليه وُجُوبًا فَيَكْفِي الشَّرْطَانِ الْأَوَّلَانِ.
ثَانِيهِمَا أَنْ يُشْرِكَ جَمَاعَةً في ضَحِيَّةٍ وَلَا يُدْخِلُ نَفْسَهُ مَعَهُمْ:
وَهَذِهِ جَائِزَةٌ من غَيْرِ شَرْطٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ في الصُّورَتَيْنِ عَدَدٌ بَلْ وَلَوْ أَكْثَرَ من سَبْعَةٍ، وَفَائِدَةُ التَّشْرِيكِ سُقُوطُ التَّضْحِيَةِ عن الْجَمِيعِ)). اهـ.
(يُنظر حاشية العدوي على شرح الرسالة ج1ص500).
وأدلة المالكية على أن الاشتراك لا يكون في الثمن ويجوز في الأجر والثواب كثيرة منها ما يلي:
1-أن مالكا رضي الله عنه في الموطأ بعد روايته لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: ((نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الحُدَيبِيَةِ البَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ))، روى ما يقابه، ووجه ذلك الحديث بما يراه الصواب. فقد روى عن ((أَبَي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا "نُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ يَذْبَحُهَا الرَّجُلُ عَنْهُ، وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، ثُمَّ تَبَاهَى النَّاسُ بَعْدُ فَصَارَتْ مُبَاهَاةً" قَالَ مَالِكٌ: وَأَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الْبَدَنَةِ وَالْبَقَرَةِ وَالشَّاةِ، أَنَّ الرَّجُلَ يَنْحَرُ عَنْهُ، وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ الْبَدَنَةَ وَيَذْبَحُ الْبَقَرَةَ وَالشَّاةَ الْوَاحِدَةَ هُوَ يَمْلِكُهَا، وَيَذْبَحُهَا عَنْهُمْ، وَيَشْرَكُهُمْ فِيهَا، فَأَمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ النَّفَرُ الْبَدَنَةَ أَوِ الْبَقَرَةَ أَوِ الشَّاةَ يَشْتَرِكُونَ فِيهَا فِي النُّسُكِ وَالضَّحَايَا فَيُخْرِجُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ حِصَّةً مِنْ ثَمَنِهَا وَيَكُونُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ لَحْمِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ يُكْرَهُ وَإِنَّمَا سَمِعْنَا الْحَدِيثَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَكُ فِي النُّسُكِ وَإِنَّمَا يَكُونُ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ الْوَاحِدِ")).
فمالك رحمه الله يصرّح بأنه سمع الحديث الذي فيه أنه لا يُشترك في النسك، والنسك تدخل فيه الأضحية وهدي الحاجّ...
ومعلوم أن الراوي إذا خالف مرويه وهو يعلم به فإنه لا يخالفه إلا لعلمه بأنه خاص أو منسوخ أو ما شابه ذلك. ومالك رحمه الله كان يرى أن عمل أهل المدينة وقضاء عمر والخلفاء مقدم على أي أثر؛ لأن ذلك فيه توجيه لظواهر النصوص.
2- ما ذهب إليه مالك ذهب إليه غير واحد من أهل العلم كالليث بن سعد وفقهاء المدينة.
3- أن مالكا يمنع الشركة في الأضحية والهدي الواجب؛ لأنهما متعلقان بالمكلف على التعيين، ولا يُنكر الاشتراك في هدي التطوع في الحج، ولذلك وجّه ما رواه جابر بن عبد الله في الحديبية بأنهم اشتركوا في الهدي بأنه هدي تطوع وليس هدي واجب، لأن النبي عليه السلام والصحابة رضوان الله عليهم لم يحجوا عام الحديبية كما هو معلوم باليقين، بل أحصروا في الحديبية وصالحوا قريشا على أن يعودوا ولا يحجوا ذلك العام، فكان هديهم تطوعا وليس بواجب، وهدي التطوع يفعل فيه صاحبه ما يشاء ويشترك معه غيره فيه ولا حرج. كما صح في ذلك النقل عن مالك، ولا يُشترك في الهدي الواجب والأضحية.
أما ظاهر المدونة فالمنع المطلق سواء كان هدي تطوع أو هدي واجب أو أضحية، وهو المقدم عند جمهور المالكية.
4- من قال بالشركة في الأضحية قاسها على الهدي في الحج الذي فيه النص على التشريك، ولا نص في الأضحية، ومالك لم يقس الأضحية على التشريك في الهدي وإنما قدم النص على القياس خلافا للشافعي وأبي حنيفة.
وقد بين سبب هذا الاختلاف الحاصل بين مالك ومن معه وبين الجمهور ابن رشد الحفيد في ّالبداية" بقوله:
((وأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: وَهِيَ عَدَدُ مَا يُجْزِي مِنَ الضَّحَايَا عَنِ الْمُضَحِّينَ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ:
فَقَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ أَنْ يَذْبَحَ الرَّجُلُ الْكَبْشَ أَوِ الْبَقَرَةَ أَوِ الْبَدَنَةَ مُضَحِّيًا عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ بِالشَّرْعِ، وَكَذَلِكَ عِنْدَهُ الْهَدَايَا.
وَأَجَازَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٌ أَنْ يَنْحَرَ الرَّجُلُ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعٍ، وَكَذَلِكَ الْبَقَرَةَ مُضَحِّيًا أَوْ مُهْدِيًّا.
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْكَبْشَ لَا يُجْزِي إِلَّا عَنْ وَاحِدٍ، إِلَّا مَا رَوَاهُ مَالِكٌ مِنْ أَنَّهُ يُجْزِي أَنْ يَذْبَحَهُ الرَّجُلُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ لَا عَلَى جِهَةِ الشَّرِكَةِ بَلْ إِذَا اشْتَرَاهُ مُفْرَدًا، وَذَلِكَ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «كُنَّا بِمِنًى فَدُخِلَ عَلَيْنَا بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْنَا مَا هُوَ؟ فَقَالُوا: ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَزْوَاجِهِ»
وَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ عَلَى وَجْهِ الْكَرَاهَةِ لَا عَلَى وَجْهِ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ مُعَارَضَةُ الْأَصْلِ فِي ذَلِكَ لِلْقِيَاسِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْأَثَرِ الْوَارِدِ فِي الْهَدَايَا.
وَذَلِكَ أَنَّ الْأَصْلَ هُوَ أَنْ لَا يُجْزِي إِلَّا وَاحِدٌ عَنْ وَاحِدٍ، وَلِذَلِكَ اتَّفَقُوا عَلَى مَنْعِ الِاشْتِرَاكِ فِي الضَّأْنِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّ الْأَصْلَ هُوَ أَنْ لَا يُجْزِي إِلَّا وَاحِدٌ عَنْ وَاحِدٍ، لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّضْحِيَةِ لَا يَتَبَعَّضُ إِذْ كَانَ مَنْ كَانَ لَهُ شِرْكٌ فِي ضَحِيَّةٍ لَيْسَ يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ مُضَحٍّ إِلَّا إِنْ قَامَ الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ عَلَى ذَلِكَ.
وَأَمَّا الْأَثَرُ الَّذِي انْبَنَى عَلَيْهِ الْقِيَاسُ الْمُعَارِضُ لِهَذَا الْأَصْلِ فَمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ: «نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» . وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ: «سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» .
فَقَاسَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ الضَّحَايَا فِي ذَلِكَ عَلَى الْهَدَايَا. وَأَمَّا مَالِكٌ فَرَجَّحَ الْأَصْلَ عَلَى الْقِيَاسِ الْمَبْنِيِّ عَلَى هَذَا الْأَثَرِ، لِأَنَّهُ اعْتَلَّ لِحَدِيثِ جَابِرٍ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ حِينَ صَدَّ الْمُشْرِكُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْبَيْتِ، وَهَدْيُ الْمُحْصَرِ بَعْدُ وَلَيْسَ هُوَ عِنْدَهُ وَاجِبًا وَإِنَّمَا هُوَ تَطَوُّعٌ، وَهَدْيُ التَّطَوُّعِ يَجُوزُ عِنْدَهُ فِيهِ الِاشْتِرَاكُ، وَلَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْهَدْيِ الْوَاجِبِ.
لَكِنْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الضَّحَايَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ فَقَدْ يُمْكِنُ قِيَامُهَا عَلَى هَذَا الْهَدْيِ ; وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ لَا فِي هَدْيِ تَطَوُّعٍ وَلَا فِي هَدْيِ وُجُوبٍ، وَهَذَا كَأَنَّهُ رَدٌّ لِلْحَدِيثِ لِمَكَانِ مُخَالَفَتِهِ لِلْأَصْلِ فِي ذَلِكَ)). اهـ.
وعلى كل حال، فإن الخلاف ليس بالقوي جدا، ومن اشترك في البقر والإبل يكون قد فعل مكروها؛ لأن مالكا كره ذلك ولم يصرّح بعدم الإجزاء، ومذهب الجمهور له حظ من النظر، ومذهب مالك أحوط إن شاء الله وهو المقدم.
* خلاصة الحكم:
الاشتراك بالمال في الأضحية مكروه عند المالكية مطلقا، ويجوز التشريك في الثواب لا في الثمن بشروط. والاشتراك في الثمن جائز عند الجمهور بشرط أن يكون في الإبل والبقر.
ولكن إن وقع ونزل واشترى الناس البقرة أو الناقة للاشتراك فلا بأس بذلك مع الكراهة، عملا بدليل المخالف.
ــــــــــــــــــــــــ
خامسا- من فقه الأضحية ان نذبح بعد ذبح الإمام، فهل هو الإمام الحاكم أو إمام الصلاة؟
يشترط العلماء المالكية في صحة أضحية العيد أن يقع الذبح بعد ذبح الإمام، فهل المراد بالإمام في كلامهم حاكم المسلمين أم إمام الصلاة؟ فكثير من الناس يقع لهم خلط في المسألة.
الأصل هنا هو إمام المسلمين وأميرهم وحاكمهم الذي يقودهم ويسوسهم، ولكن لا ننس أن أمير المسلمين كان فيما مضى هو من يصلي بالناس الأعياد وخطب الجمعة في بلدة سكناه، وكان الولاة يفعلون مثل ذلك في الأقاليم التابعة له نيابة عنه.
ولكن حين تخلى الحاكم والولاة عن خطة الإمامة والصلاة والخطابة انتقل الحكم إلى من ينوب عنهم وهو إمام الصلاة الذي يخطب في الناس ويصلي بهم العيد.
فقولنا هو إمام الصلاة لا يلغي إمامة أمير المسلمين؛ لأن الأول نائب عن الثاني.
وإلى قرون قريبة منا كان الخليفة أو السلطان أو واليه هو من يتولى صلاة العيد والخطبة.
ثم إنه لا ننس أن من ينتظر أضحية أمير المسلمين (في كلام فقهائنا) هو من يكون في مصر الحاكم وحاضرا في صلاته، أما الأمصار البعيدة فتتبع أئمة الصلاة فيها؛ لبعد المسافة واختلاف الأوقات... فلا يصح أن ينتظر سكان ما وراء النهر في نيسابور وسمرقند ذبح الخليفة في دمشق أو بغداد أو في مصر حتى يذبحوا ! والفارق الزمني بينهما يعد بالساعات...
ونجد فقهاءنا دائما عندما يتحدثون عن هذا الشرط يربطونه بصلاة الإمام، أي أنه هو الذي يصلي بالناس ويخطب فيهم، فعلم أنه إن أناب عنه من يصلي بهم اتبع الناس النائب عنه.
يقول الإمام ابن أبي زيد القيرواني في "الرسالة" (1/79) وهو ينص على هذا المعنى:
((ولْيلٍ الرجل ذبح أضحيته بيده بعد ذبح الإمام أو نحره يوم النحر ضحوة، ومن ذبح قبل أن يذبح الإمام أو ينحر أعاد أضحيته، ومن لا إمام لهم فليتحروا صلاة أقرب الأئمة إليهم وذبحه)).
وعلل المالكية وجب الذبح بعد ذبح الإمام بكون الصحابة كانوا لا يذبحون إلا بعد ذبح النبي عليه الصلاة والسلام، وأنه عليه السلام أمر من ذبح قبله أن يعيد الذبح.
يقول القاضي عبد الوهاب البغدادي المالكي في كتابه "المعونة" (1/666):
((وإنما قلنا إن المأموم لا يذبح حتى يذبح الإمام وأنه يعيد إن فعل خلافًا لأبي حنيفة والشافعي؛ لحديث أبي بردة بن نيار أنه ذبح أضحيته قبل أن يذبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمره أن يعيد؛ ولأنه ذبح قبل الإمام فأشبه إذا ذبح قبل الصلاة)).
وكما نعلم فالذبح قبل صلاة العيد لا يجزئ عند الجمهور، وهو الأصح.
والله تعالى أعلى وأعلم، والحمد لله رب العالمين.

حمامة الاسلام 08-14-2016 11:25 PM

رد: جامع أحكام_وآداب_عيد_الأضحى
 
بارك الله فيك و نفعك و نفع بك

أم انس السلفية 08-16-2016 09:46 PM

رد: جامع أحكام_وآداب_عيد_الأضحى
 
وفيك بارك المولى
اختي حمامة الإسلام شكرا


الساعة الآن 02:31 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)