منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد - حرق لعُمر الطفل في غير محلّه

من أجل الآباء الذين يتحمّسون لهذا المشروع،و يستغلون أجازة الصيف في الإعداد لذلك
##الظاهرة المُسمّاة :
خُطباء المستقبل
التي انتشرت منذ سنوات
حيث يُريد الأبُ لابنه أن يكون طفلا داعيا و خطيبا .
فيُلقّن الوالدُ ابنَه خُطبة لأحد الدّعاة فيجعل ولده يعكف على الخطبة حتى يحفظها حرفيا ، ثم يجعله يُقلده في لِبسه و طريقة كلامه،و حركاته ، ثم يأخذ ولدَه يدور به على حفلات العُرس ،و المآتم ..و لو حظه حلو:
يمكن يأخذه على إحدى القنوات التي تُروّج لمثل هذا ،و كثيرٌ من المشاهدين فرِحٌ مسرور بهؤلاء الأطفال أقصد خُطباء المستقبل ..
#أقول:
جزى اللهُ خيرا كلّ أبٍ يُحب الخير لولده ،و يريد منه أن ينفع المسلمين ..
لكنّها عجلةُ غير محمودة ،و بمثل ذلك أخطأ الطريق و ضيّع عُمر ولده وقتل إبداعه ،و لم يُصب..
الدعوة إلى الله ليس لُعبة
الشأن فيه أعظم من مجرد أمنية لك أن ترى ولدك على المنبر ،و تسمع ثناء الناس عليه..فيحفظ كلمتين من داعية و يُردّهما على المنبر و هو لا يفقه ما يقول،و لا يعي ما يقول
الدعوة دِينٌ و علم و مسؤولية و عمل ..
- أولا هذا غايتُه أن ابنك سيصير نُسخةً مُكرّرةً ،لا إبداع و لا تميّز و لا تفوّق ،بل هو كالببغاء يُردّد ما لا يفهم
- ثانيا ،هذا لا يناسب سِنّه حيث تُعيّشه دَور الشيخ و الواعظ و المربي ،و تقتل طفولته
- ثالثا: كثير ممن رأيتهم بعيني من هؤلاء الأطفال يعيش غرورا بمعنى الكلمة ..صدّق أنّه شيخ ..داعية ،و يتشبّع بما لم يُعطه
و ما ذاك إلّا بسبب انبهار من حوله به ،و توقيرهم له ..الشيخ راح.. الشيخ جاء،بعضُهم يخطب رسميّا في مساجد ،و تذهب السيارة تنقله من قريته إلى بلد أخرى ..
- رابعا : هذا حرق لعُمر الطفل في غير محلّه
فالطفل الذي تُعِدّه ليكون عالما أو داعية مُصلحا لا يكون بأن تحبسه على خطبة لشيخ ليحفظها ثم يُردّدها و يقلّد لبسه و كلامه و حركاته!
هذا لا يصنع منه إلا صورةً باهتةً ..و سُرعان ما ينتهي صفر اليدين
و إنّما حقُّه - إن كان يُحب ذلك و يميل إليه - أن يدخل البيوت من أبوابها فيتعلّم الخُلق،و اللغة و الشعر و يحفظ كتاب الله ،و يتعلّم التجويد ،ثم أحكام الشريعة ..و نحو ذلك
و يبقى يطلب مثل هذا زمنا طويلا
ثم إذا بلغ سِنًا تسمح له بالدعوة شرع فيها غيرَ مُقلّد أحدا،بل يكون له شخصيته المستقلة،ينتفع ولا يصير نُسخة من أحد
# ثمّ: لماذا ينبغي أن يكون شيخا
لماذا تفرضُ عليه ذلك الطريق،رُبّما لا يَهواه ..فلماذا تفرضه عليه
اجعل له شخصيّة يختار فيها الطريق المناسب لمواهبه و ميوله ..
# لم أفرح لحظة واحدة حينما ظهر الطفل (( مُسلم )) الذي كان والدُه يدور به على الأفراح و المناسبات و القنوات يَفرِضه على الناس فرضا،وظلّ كثير من الناس ينفُخ فيه و يغلو ..على ماذا ..لا أدري واللهِ
و قد رأيت جُرأة الولد الشديدة ،و حُبه للميكرفون و تعالُمه ،بل و ادعاءَه أنه تربّى على يد المشايخ و العلماء! غفر الله لأبيه و هدى ولدَه ..
واللهِ إنّي لأُشفق على هؤلاء الأطفال مما يصنعه بهم أباؤهم و من يُشجّعهم على مثل ذلك ..
و أخيرا:
اجعل لولدك شخصيّة يختار بها طريقه،لا تُلزمه ،شُعب الإيمان و طرق الخير و النفع كثيرة جدا
و على فرْض أنّه اختار طريق الدعوة و التعليم فلا يكون بالتقليد و العجلة هذه
#هذه الطاقات و المواهب صارت نُسخًا باهتةً مُكرّرة
كان حقُّها أن تُستغلّ أحسن من ذلك
و كان واجبا على أهل العلم تبصير أولياء أمور هؤلاء الأطفال
ثم يُنتقى الموهوبون منهم
و يُعَدُّ لها برامج تكوينية المتكاملة
و يُصبَر عليها
و تُشجّع
و تبقى زمنا طويلا في تعلّم اللسان العربي و فروعه ،و علوم الشريعة ،و الأخلاق و نحوها ،فإذا شُهِد لها بالكفاءة من أهل الاختصاص شرع في الدعوة غيرَ تارك طلب العلم ،غير مُتعالم ،لا يقفو ما لا علم له به،و لا يتشبّع بما لم يُعطه .
أسأل الله أن يهدينا لما اختُلف علينا من الحق ..
و أسأل الله التوفيق لكلّ والد يريد الخير لولده أن يُهدى سبيله ..
#حسين عبد الرزاق