شعاع اللغة العربية نحو وصرف - وقواعد اللغة العربية |
الإهداءات |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| |||||||||||||
| |||||||||||||
القول السَّافر في السَّفَر والمُسْفِر والمُسافِر. كل شيء في مادة ( سَفَرَ ) المعجمية حَسَنٌ بَسَنٌ ، ماتع ممتع . والعرب أمة ذوق وفصاحة ، ومن ذوقها وفصاحة لسانها أنها تتكلم بالكلمة بأصواتها منتظمة وهي تلقي لها بالا من العناية والكياسة. من هنا كانوا أكثر استسلاما أمام فصاحة القرآن الكريم وبيانه؛ لأنهم أعلم ما يكونون أن كلام الرحمن ما تنزلت به الشياطين ، ولا قدر على مثله كاهن ولا عرَّاف ولا ساحر ولا شاعر ولا ناثر بل وعجز عنده أفصح فصحائهم وإن كانت حروف كلامهم حروفه وجملهم جمله . عرفت العرب السين والفاء والراء ، فأجرتها في كلامها على أحسن ما كان وما يكون من ضروب الرَّوعة والجمال والبِشْر والتفاؤل ، فسَمَّت أبناءها : سَفَرًا ومُسْفِرًا ومُسافرًا ولما كنا - نحن العرب المعاصرين - امتدادا لتلك الأمة البليغة ذات العقل الرشيد والرأي السديد ، والأذن الواعية والعين المبصرة رغبنا في أن تكون أسماؤنا كأسمائهم وإن دخلها تحريف النطق وعجمة العصر . أيها السادة .. ( السَّفْر ) كشف الغطاء ، قالت العرب : سَفَرَ العِمامةَ عن رأسه ، والخِمارَ عن وجهه . وسَفْرُ العمامةِ لا يكون إلا في ميدان القتال أو للترحيب بالغريب الضيف ، وأحسب أن رَمي العقال عند بعض أحبابنا من هذا وهو عِزُّ الرجلِ وشرفُه في عرفنا . وسَفْرُ الخمارِ عن الوجه لم يكن مختصًّا عند العرب القدماء بالنساء بل كان الرجال يلتثمون الخِمار أيضا ؛ لشدة الحر أو للتخويف وإثارة الفزع في القلوب . .. ولعلكم أيها الفضلاء تتذكرون كيف دخل الحجاج بن يوسف الثقفي مسجد الكوفة ثم ألقى خطبته البليغة ، ولعلنا نتذكر استشهاده بقول سُحَيْم بن وُثَيْل الرِّياحِي : أنا ابنُ جَلا وطَلّاعِ الثَّنايا متى أَضَعِ العمامةَ تعرفوني وما أشبهَ الليلةَ بالبارحة !! فالشِّماغ في ملبسنا نرتديه على رؤوسنا ولنا فيه مآرب أخرى . وقالت العرب : سَفَرَ البيتَ إذا كَنَسَه بالمِسْفَر وهو المِكْنسة ، وفي لهجة الأحسائيين : المَخَمَّة والعُسُو وهو العرجون أو عذق النخل بعد يبسه، والمخَمَّة صحيحة فصيحة . ولما أرادت العرب معنى : أشْرَقَ لونُه قالت : أَسْفَرَ ، وشهد لهم قول الحق - جل شأنه - :( والصبحِ إذ أسفر ) . ولما رأت جمال بعض الوجوه وإشراقَها اشْتَقَّتْ لهذا المعنى اسم فاعل للدلالة على الإشراق ، فقالت : مُسْفِر ، والمُسْفِر والمُسْفِرة هي من جملة صفات الموعودين بالثواب العظيم يوم القيامة .. اقرأ قول الله تعالى : ( وجوه يومئذ مسفرةٌ ، ضاحكة مستبشرة ). ولما كان السَّفَر من شأنه الشُّقُّة والتعب والنَّصب سَمَّتْه العرب بالسَّفر ، وسَمَّت من رَكِبَه : مسافرين ، ومن كانوا جماعة فيه سَفْرًا وسُفَّارًا تفاؤلا بالسَّفَر السعيد ، والسّرعةِ في القدوم ، والأخوّةِ المتحصلة من رِفقة السَّفَر ، بل أجرت طعام السُّفَّار مجرى مسمياتهم فقالت : السُّفْرَة ؛ لطعام المُسافر خاصة . وقد قيدنا هذا المعنى في كلامنا ، فأطلقنا السُّفْرَة على السُّمَاط خاصة .. وما أَرَقَّ قول أهل دمشق : تعال .. نُكْسُر السُّفْرة أي نأكلُ معا . ولما كان السَّفَر لا يقوى عليه إلا رجاله كالسَّبْهان انتدبت العرب رجالا هم السُّفَراء لها في الأقاليم والأمصار ، فعرفوا بالسُّفَراء . ولما كان من شأن بعض وجوه النساء الجمال والضياء احتجن إلى خِمار وغِطاء ؛ لِيستتِرن به من نظرةٍ خاطفةٍ أو عينٍ ثاقبةٍ ، وإن كان في العرب أدب من الحياء والغَيْرة والمروءة ما جعلها من خير الأمم ، فسَمَّت العرب من سَفَرَتْ عن وجهها وهي كحالها تلك : سَافِرة ، ولم تكن تعني ما نَعْنيه نحن في مدلول كلامنا .. اقرأ معي قول الشاعر الفارس عنترة العبسي: ثِيابُ بنِي عَوْفٍ طَهَارَى نَقِيَّةٌ وأَوْجُهُهُمْ بِيْضُ المَسافِرِ غُرَّان ُ. ولما كانت الكِتابة والكَتَبَة والكِتاب أغلى ما يوهب ، وأروع ما يُحَصَّل، وأشدّ ما يُبْكى عليه إذا فُقِدَ قالت العرب: سَفَرَ الكتابَ أي كَتَبَه . وقالت: السِّفْر للكِتاب؛ لأنه يُسْفِرُ عن الحقائق . وقالت: السَّفَرة للذين يكتبون ويحسنون الكتابة.. ولما كان السَّفَرة هم النماذج العليا والقمم المثلى شرَّف الله - تعالى - ملائكته الكرام بالكِتابة وسَمَّاهم سَفَرَة ، اقرأْ معي قوله تعالى: ( بأيدي سفرة ، كرامٍ بررة ) واقرأ أيضا ( كراما كاتبين ) . ومن جميل ما قالت العرب : سَفَرَتِ الحربُ إذا وَلَّتْ .. أيها السادة .. الأسماء قد تكون عنوانات لأصحابها ، فلْنُحسن اختيارها ، ولنَتخَفّف من محدثاتها وخاصة ما لانَ منها وما رَقَّ ، ولنا في بعض أسماء العرب قدوة حسنة . |
09-29-2016 | #2 |
|
رد: القول السَّافر في السَّفَر والمُسْفِر والمُسافِر. ماشاء الله تبارك الله ممتع جدا الموضوع سلمت يداك الماسيه ننتظر جديدك |
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا قال ابن عون: "ذكر الناس داء،وذكر الله دواء" قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى : (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له" السير6 /369 قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره" الفتاوى السعدية 461 |
مواقع النشر (المفضلة) |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 5 : | |
, , , , |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
القول الصحيح "أن الله أرسل الآيات البينات ..وليست المعجزات" | عطر الجنة | شعاع العلوم الشرعية | 4 | 06-03-2016 06:45 PM |
القول الوجيز السّليم في وصف الصّراط المستقيم | ام عبدالله وامنه | شعاع العلوم الشرعية | 6 | 02-25-2015 08:41 PM |
القول في أول ما نزل من القرآن | ام مصطفى | شعاع القران الكريم وعلومه | 2 | 07-12-2013 05:22 AM |