منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع الثقافة العامة والتغير للافضل (https://hwazen.com/vb/f124.html)
-   -   بحث عن تعريف الإنتماء في ظل الشريعة الإسلامية (https://hwazen.com/vb/t15323.html)

عطر الجنة 02-04-2017 08:42 PM

بحث عن تعريف الإنتماء في ظل الشريعة الإسلامية
 



http://www.ayehayeentezar.com/galler...2091081815.gif


http://fa-tools.ir/code/graphic/ziba/joda/11.gif
بحث عن تعريف
الإنتماء في ظل الشريعة الإسلامية


http://fa-tools.ir/code/graphic/ziba/joda/11.gif

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله المبعوث رحمة للعالمين، ورضِي الله عن الصحابة والتابعين، ومَن تبِعهم بإحسان إلى يوم الدين.


يُعرف الانتماء لغةً بأنه الانتساب إلى شيء ما.
أمّا اصطلاحاً فهو الارتباط الحقيقي، والاتصال المباشر مع أمرٍ مُعيّن تختلف طبيعته بناءً على الطريقة التي يتعامل فيها الفرد معه، ويعرف أيضاً بأنه التمسك، والثقة بعنصر من عناصر البيئة المحيطة بالأفراد، والمحافظة على الارتباط به وجدانياً، وفكرياً، ومعنوياً، وواقعياً مما يدلّ على قوة الصلة التي تربط بين الفرد، والشيء الذي ينتمي له، سواءً أكان انتماؤه لوطنهِ، أو عائلتهِ، أو عمله، أو غيرهم.


الانتماء نوعان:
الانتماء الديني و الانتماء الوطني.

فالانتماء الديني هو شعور المسلمين بالاعتزاز و الفخر بهذا الدين. يكون هذا الانتماء عن طريق القيام بما حث عليه الله و رسوله صل الله عليه و سلم و اجتناب ما نهوا عنه. كما يكون بلاعتزاز بماض و تراث شمخين و حضارة اسلامية تركت بصماتها في ميادين مختلفة عبر القرون و الاجيال. فالاسلام جاء ليوحد الناس و يساوي بينهم حتى يكونوا كالبنيان المرصوص.


أما الانتماء الوطني فهو ارتباط الانسان منذ وجوده بالمكان الذي يعيش فيه، و هو وراثي يولد مع الفرد من خلال الارتباط بالوالدين و بالارض التي ولد فيها. ثم يربط بين سكان هاته الارض علاقات في المدرسة، المسجد٬ مكان العمل، الشارع... و نعمة الانتماء للوطن لا تستشعر إلا بفقدانها.


فالشعور بالانتماء للوطن من أهم دعائمه، والتي تحافظ على استقراره ونموه، وهو يشير إلى مدى شعور الأفراد بالانتماء إلى وطنهم، ويمكن أن نستدل على ذلك من خلال (المشاركة الإيجابية في أنشطة المجتمع، الدفاع عن مصالح الوطن، الشعور بالفخر والاعتزاز بالانتماء للوطن، المحافظة على ممتلكاته، وكل هذه المؤشرات يمكن أن تقاس ويُستدل عليها.

فأساس الانتماء هو المشاركة، وحث الآخرين على التعاون معهم لمواجهة المشكلات، ووضع البرامج المناسبة لمواجهتها.

الانتماء يبدأ تصاعديًّا بانتماء الإنسان لنفسه، من خلال سعيه لأن يكون الأفضل؛ بتنمية مهاراته وقدراته، وإثبات نجاحه وتفوُّقه، باعتبار أن هذا النجاح والتفوق وسيلة مثلى للتواصل مع غيره، وإذكاء روح المنافسة الإيجابية....، ثم بالانتماء إلى أسرته
(وطنه الصغير)،

من خلال الترابط العائلي وتنمية روح المشاركة بودٍّ وحب وتآلُفٍ وتناغم، وبداية الإحساس بالمسؤولية الجماعية،... ثم بالانتماء إلى المجتمع الصغير وهو المدرسة والجامعة للطالب، والوظيفة والعمل إلى من تخطَّى تلك المرحلة، ويظهر ملمح هذا الانتماء جليًّا في الإحساس بالفخر لانتمائك إلى مدرسة كذا أو جامعة كذا، أو العمل في شركة ما، والدفاع عن هذا الكِيان الذي ينتسب إليه، وعدم قَبول أي مساسٍ به، فأي انتقاص من قدره يعده انتقاصًا لقدره وقيمته الذاتية...،
ثم بالانتماء للوطن الكبير، وهو الذي يفرز حبًّا فيَّاضًا للوطن، يعده الرسول الكريم - صل الله عليه وسلم -
(شُعبة من شُعَب الإيمان).


إن الانتماء للوطن وصيانته والحفاظ عليه، هو قيمة إسلامية؛ فأوطاننا قطعة من جسد الإسلام، وأهله جزء من أجزائه، ومؤسساته جزء لا يتجزأ منها، أما عدم الانتماء، فإنه يولد الفتور والسلبية واللامبالاة، وعدم تحمُّل المسؤولية، ومِن ثَمَّ فالشعور بالانتماء يبدأ من مرحلة الطفولة التي هي أهم المراحل لغرْس المفاهيم والمعارف والقيم، ومن هنا نتساءل:


هل يمكن غرس قيمة الانتماء داخل نفوس الأبناء منذ الصغر؟

وما دور الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام والجهات الحكومية والسياسية المعنية بتنمية أو إضعاف رُوح المواطنة والانتماء داخل المواطن؟ وما الذي يؤثر على الانتماء سلبًا أو إيجابًا؟ وكيف نقوِّي الشعور بالانتماء ونعالج ضَعفه؟ وما أهمية الانتماء لحفظ أمن واستقرار الوطن؟ وهل انتماؤنا للوطن يتعارض مع الانتماء للدين؟ وكيف نتجنَّب ما هو خطر على الانتماء للوطن؟


إن الحاجات هي من دوافع السلوك الإنساني، والإنسان بحاجة مُلحة إلى الانتماء.

إن الفرد الإنساني يولد وهو مُجهز بخمس حاجات أساسية؛ واحدة منها تنتمي للمخ القديم كما يسميه، وهي التي تختص بتداوُل الحاجات الفسيولوجية العضوية للإنسان؛ من حاجة للمأكل والمشرب والتنفس، وحاجات الوجود أو الامتداد، أما الحاجات الأربع الأخرى، فهي تنتمي للمخ الجديد، وهي الحاجة للانتماء والمحبة، والحاجة لتقدير القوة والبأس، والحاجة للحرية والمشاركة في القرار، والحاجة للراحة النفسية، وإلى الوجود في بيئة تقبل الفرد وتُشجعه.


إذًا لا شك أننا سنحتاج للانتماء؛ فهو احتياج بشري ومطلب فطري، وهو عدة أنواع، أولها: الانتماء إلى الدين الإسلامي، وهو أصل مقرر في الشرع، فالمسلمون أمة واحدة وهم أتباع مِلة واحدة، اتَّفق عليها جميع الأنبياء، ينتسبون إليها، ويجتمعون عليها؛ قال تعالى﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ [الأنبياء: 92].

ثم الانتماء إلى القبيلة وهو أمر أقرَّه الشرع، يكفي في الدلالة على ذلك قوله تعالى
(
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات: 13].

ثم الانتماء إلى الأسرة بأن ينسب الولد إلى أبيه مما أقره الإسلام؛ قال تعالى
﴿
ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الأحزاب: 5].

ثم الانتماء إلى الوطن والأرض، الانتماء إلى الأرض محل المولد.

وحب الوطن مما أقره الإسلام؛ فعن الزهري أخبرنا أبو سلمة بن عبدالرحمن أن عبدالله بن عدي بن الحمراء الزهري، أخبره أنه سمع النبي - صل الله عليه وسلم - وهو واقفٌ بالحزورة في سوق مكة قال
((والله، إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله - عز وجل - ولولا أني أُخرجت منك، ما خرَجت)).




إن أحق الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية: أهل الحديث والسنة، الذين ليس لهم متبوع يتعصبون له إلا رسول الله - صل الله عليه وسلم - وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله، وأعظمهم تمييزًا بين صحيحها وسقيمها، ثم الانتماء إلى المهنة والصنعة، فليس في الشرع ما يمنع ذلك.

فيقال: فلان النجار، وفلان الحداد، وفلان الصباغ، وفلان الخراز، وفلان الإسكافي، أو فلان الجزار، أو الخباز، وهكذا...، ثم الانتماء الاجتماعي:

الشعور بالانتماء للمجتمع من أهم دعائم المجتمع، والتي تحافظ عل استقراره ونموه، وهو يشير إلى مدى شعور أفراد المجتمع بالانتماء إلى مجتمعهم.


الانتماء والأسرة:
هناك الكثير من الأشخاص يشعرون بعدم الانتماء إلى أُسرهم، يرون أنهم مجبرون على هذه العائلة، ولو عاد الأمر إليهم لما اختاروا أن يكونوا في أُسَرهم من الأساس.


وجاءت الشريعة الإسلامية الغراء لتؤكِّد وتقرِّر العناية بالوطن، وضرورة الحفاظ علية بقوله تعالى:
﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ [النساء: 66].

ولنا في رسول الله - صل الله عليه وسلم - القدوة الحسنة، وهو خير مِن خير مَن يُعلمنا حبَّ الوطن والانتماء؛ فهو المعلم الأول، الذي أُوتي جوامع الكلم، يعلمنا صلوات الله وسلامه عليه أن حب الوطن من الإيمان، ولا خير فيمن لا يحب وطنه.


الإسلام دين الفطرة السليمة والله - سبحانه وتعالى - يقول:
﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
[الروم: 30].

ومحبة الوطن طبيعة طبَع الله النفوس عليها، ولا يخرج الإنسان من وطنه إلا إذا اضطرته أمور للخروج منه، وقد اقترن حبُّ الأرض في القرآن الكريم بحب النفس؛ قال تعالى ﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا [النساء: 66].

واقترن في موضع أخر بالدين ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة: 8].

هذا يدل على تأثير الأرض، وعلى أن طبيعة الإنسان التي طبعه الله عليها حب الوطن والديار، ولكنَّ لهذا الحب حدودًا يجب ألا يتجاوزها؛ لأن فوق هذا الحب حبًّا آخرَ أَولَى منه وأهم، وهو حب العقيدة والدين، فإذا ما تعارض حب الوطن مع الدين، وجَب حينئذ تقديم الأعلى وهو الدين، فبعقيدتنا وإسلامنا وتعاليمه، سوف يتحرر العقل والفكر من التخبط الناشئ عن خلو القلب من هذه العقيدة، وتكسب النفس الراحة، فلا خلْط ولا اضطراب في الفكر والسلوك، ولا تحوُّل نوعي في الفكر، ولا انحراف في السلوك الجماعي أو الفردي، ويمكن عندها بناء مجتمع قوي بعقيدته، ثم بمجموع أفراده؛ حيث عندها يدرك كل منهم ماذا تعني المواطنة، وماذا يعني الانتماء إلى وطنه؟


المحبة للأوطان والانتماء للأمة والبلدان، أمرٌ غريزي، وطبيعة طبع الله النفوس عليها، وحين يولد الإنسان في أرض، وينشأ فيها - فيشرب ماءها، ويتنفس هواءها، ويحيا بين أهلها - فإن فطرته تربطه بها، فيحبها ويواليها، ويكفي لجرْح مشاعر إنسان أن تشير بأنه لا وطنَ له، لقد فطر الله تعالى الناس على حب المال والأهل والولد، والأوطان وغيرها؛ حتى يَعمُروا الأرض التي جعلهم مستخلفين فيها، وبيَّن تعالى أن الغاية مِن خلْق الخلق هو عبادته وحده لا شريك له؛ كما قال تعالى
﴿
وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: 56].

إن الانتماء هو قِيم ومبادئ، وإحساس ونصيحة، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وعزة وموالاة، وتضحية وإيثار، والتزام أخلاقي للفرد والأمة.


إن الانتماء للوطن من أهم القِيَم التي يجب على المؤسسات التربوية أن تحرص على تنميتها لدى الطلاب؛ نظرًا لما يترتب عليها من سلوكيات إيجابية، ينبغي غرسها في نفوس الناشئة، ويأتي كذلك عامل الأسرة وهو عامل ربما يعده بعضهم أهم من أي عامل آخر، بحكم أن كلاًّ منا يولد ويعيش ويتربى داخل الأسرة أولاً وأخيرًا، بل ويتعلم ويتشرب كثيرًا من القيم والعادات والسلوكيات من داخل الأسرة، وقد نتَّفق مع هذا الرأي،

ولكن بعد تطوُّر التكنولوجيا بمبرزاتها المختلفة والهائلة -
مثل: الأقمار الصناعية والشبكات العنكبوتية، والحاسبات الآلية، ووسائل الاتصال المختلفة من جوَّالات وغيرها - فقد تضاءل دور الأُسر، وضَعف بعد الغزو الفضائي والتكنولوجي المنافس للدور الرئيسي للأسرة، فدخلت معها عوامل مؤثرة أخرى ومهمة في عملية التنشئة الاجتماعية، وتعزيز المواطنة والانتماء، وهي الإعلام بوسائله المختلفة.

إن وسائل الإعلام أصبحت جزءًا من حياة الناس، وغدت هذه الوسائل من إذاعة وتلفزيون وإنترنت، وصحافة وفضائيات وغيرها - ذات تأثير قوي في صناعة شخصية الفرد، وأصبحت
هي الموجِّه الأول لفكر الفرد.



ويعتبر الاهتمام بالتراث والثقافة والجذور، جزءٌ من محافظة الشعوب على صَوْن هُويتها الوطنية والثقافية، وأصبح هذا التراث - سواء ما يعود منه إلى المكان، أو الذي يرجع إلى علَمٍ من أعلام الأمة بجميع تخصُّصاته - جزءًا لا ينفصل من الأمة.

إن دور الثقافة والتراث مهم في تكوين مفهوم الانتماء الوطني لدى المواطن، وتشكيل إحدى الوسائل الأساسية المهمة في تعزيز وتنمية مفهوم الاعتزاز الوطني.


الانتماء للوطن أساس للإصلاح السياسي، فلا يجوز لنا التحدث عن السياسة أو إصلاحها، أو الديمقراطية أو إصلاحها، دون أن ينتمي هذا المراد إعطاؤه هذه الديمقراطية أو إعطاؤه جرعات في السياسة؛ لذلك كان التحدي الأكبر أمام المواطن والمسؤول على السواء، هو الانتماء الكامل وغير المنقوص لوطن أنت فيه وابنك وابنتك، ومن قبل كان الآباء والأجداد.


إن الشعور بالانتماء للوطن يتزايد من شعور الفرد بالأمان الاقتصادي والسياسي في وطنه، وهذا الشعور يؤدي به إلى زيادة الإنتاج لمحاولة الارتفاع بمستواه الاقتصادي؛ مما يشعره بالانتماء أكثر إلى هذا الوطن، أما إذا ضعف الانتماء، فهذا بلا شك كارثة قوميه؛ فإنه يولد الفتور والسلبية واللامبالاة، وعدم تحمُّل المسؤولية، فعندما يَضعُف الانتماء الوطني يتحول المواطن إلى فريسة سهلة لكل أنواع التعصب البعيدة عن الشأن العام ومصالح الأمة والوطن.


عندما يشعر المواطن بالاعتزاز بالانتماء إليه، وإحساسًا بالمسؤولية تجاه قضاياه الوطنية، والدفاع عن مصالحه وأمنه القومي، والاستعداد للتضحية في سبيله، هذا الوطن الذي منحه جنسيته دون أدنى تعبٍ أو مشقة، فالجنسية ليست وثيقة إدارية قانونية، إنما هي انتماء وولاء للوطن،
والجنسية تعني الانتماء لشعبٍ والولاء لوطنٍ، فلأي شعب ينتمي مزدوجو الجنسية؟
ولأي وطن يوالون وينتمون مع جمعهم بين الجنسيات؟

نحن أمام تناقُض واضح، وطن منح الجنسية لمواطنه دون طلب، ومعه كل الحقوق المترتبة على ذلك، ومواطن سعى لطلب جنسية أخرى من دولة أخرى؛ حتى يحصل بموجبها على حقوق وواجبات والتزامات في تلك الدولة.

إن ازدواج الجنسية يتنافى مع متطلبات الانتماء للوطن وما يقتضيه من حبٍّ ومودة، وأُخوَّة وتعاوُن في سبيل إحقاق الحق وحماية الأمن والاستقرار.

إن استطعنا حل أزمة ضَعف الانتماء، فلا بد من التفكير في حل حاسم لخائن الوطن والخيانة للوطن من الجرائم البشعة التي لا تُقرها الشريعة الإسلامية، والتي يترك فيها لولي الأمر أن يعاقب من يرتكبها بالعقوبة الزاجرة التي تردع صاحبها، وتمنع شرَّه عن جماعة المسلمين، وتكفي لزجر غيره.

الانتماء الصادق للوطن من الفطرة ومن الدين، ومن ضَعف انتماؤه، اختلَّت فِطرته، وضَعف دينه؛ فالناس مجبولون على حب أوطانهم، فلا بد من ضرورة التوعية من الدعاة وولاة الأمر.

إنه مهما اختلفنا مع الحاكم أو الحكومات، فلا يكون هذا هو الرد والمقابل، وإنه حتى وإن شعرنا بالظلم من أوطاننا، فلا يوجد عُرف أو دين، أو عقيدة، أو فكر، يُبرر الخيانة للوطن، وبهذا نتجنَّب ضَعف الانتماء للوطن والدخول في متاهات الخيانة التي تلحق بنا وبأوطاننا الضرر والألم، للأمن والاستقرار أهمية بالغة في الانتماء.

إن الشعور بالانتماء للوطن يساعد في تدعيم قاعدة الأمن والاستقرار.

الاستقرار الإيجابي هو الاستقرار المبني على شعور عميق بالرضا والأمن والعدالة، وتكافؤ الفرص، والاستقرار السلبي هو الاستقرار المبني على الخوف والرعب من سلطة غاشمة، أو الخوف والرعب من فتنة عمياء تأكل الأخضر واليابس.

ويمكن أن يُوصَف الاستقرار الوطني بأنه الحالة التي يكون فيها البلد مستقرًّا اقتصاديًّا، وسياسيًّا، وبيئيًّا واجتماعيًّا، فإذا تحقق الإسلام والإيمان توفرت أسباب الأمن، لكن قد يكون هناك شُذَّاذ لم يتمكن الإسلام والإيمان من قلوبهم، فتحصل منهم نزوات تُخل بالأمن، وهنا وضع الله - سبحانه - زواجر وروادع لهؤلاء، تَكُف عدوانهم، وتصون الأمن من عبَثهم، فلا خلاف في أن تعزيز قِيَم الانتماء للوطن بالضوابط الشرعية للعقيدة الإسلامية، تعود علينا بالأمن على الوطن.

إن الأمن الركيزة الأساس التي يستمد منها المجتمع استقراره وتقدُّمه وحضارته وازدهاره، وكما أن الانتماء إلى الوطن صمام أمان لحماية البلاد من الفتن والأهواء والأفكار المنحرفة والضالة التي تعود بالدمار على البلاد والعباد على حد سواء، فإن الاستقرار مرتبط ارتباطًا كاملاً بالأمن؛ حيث لا استقرار بدون أمن، فاستقرار المجتمع يعتمد على استقرار الفرد، واستقرار الدولة يعتمد على أمنها واستقرار مجتمعاتها، وأدنى مستوى للاستقرار هو استقرار الفرد ذاته.

إن بعض الأسر قد تضطر للسفر أو العمل أو الدراسة للخارج، والمكوث لفترات طويلة، وهو ما ينتج عنه آثار سلبية كثيرة تنعكس على الأسرة والأولاد من السفر للخارج، ومن أهم هذه الآثار السلبية هو التباعد بين الأبناء والوطن الأم، وعدم إحساس الأسرة بالانتماء لوطنهم الأم؛ إذ تمثل الغربة تربة خصبة للشعور بعدم الانتماء لمن ضعفت عندهم سبل تنمية الانتماء للوطن، فهو - وعن بُعد عن وطنه - يبدأ بالتساؤلات أهمها: ما هو وطني الأحق الذي أنتمي إليه؟

ويجيب: وطني هو المكان الذي أشعر فيه بقيمتي كإنسان، وطني هو المكان الذي يمكنني العيش فيه دون الخوف من الغد، وطني هو المكان الذي يحترمني الناس فيه، وطني هو المكان الذي أجد فيه أصدقاءَ مخلصين؛ ولهذا مرجع عن المغترب: لِمَ ترَك وطنه؟ وما هي الطريقة التي غادر بها الوطن؟ وكيف كانت عيشته بالوطن؟
أسئلة إجابتها مختلفة عند كل مغترب
ولكن من المؤكد أن حياة المغترب ألم وعذاب وتعب وشقاء وحزن
و بكاء بعد عن أحبابه وأهله ووطنه...


هل يتعارض الانتماء للدين مع الانتماء للوطن؟
إن أعلى صور الانتماء وأسماها هي الانتماء للشريعة الإسلامية؛ امتثالاً لتعاليمها، والتزامًا بأحكامها، وتطبيقًا لأوامرها ونواهيها، ثم الاعتزاز بذلك، والتفاعل مع قضاياها، والسعي في تحقيق المصالح التي تأمر بها، ودفْع المضار التي تَنهى عنها، وإن انتماء الإنسان إلى وطنه هو انتماء يشمل كل الأمور التي تخصه، فالوطن ليس حيزًا جغرافيًّا نعيش به فحسب، بل أكبر من ذلك بكثير، وكلمة وطن أشمل وأعمُّ من ذلك بكثير؛ فالوطن هو تاريخ المرء، وجذوره، وأسلافه، ومخزونه الثقافي، وكل ما يَمُتُّ إليه بصلة، لا تعارُض أو تناقض بين الانتماء إلى الوطن والانتماء إلى الدين في الرؤية الإسلامية؛ لأن الانتماء الوطني منبعه من الانتماء الديني، ويستمد قواعده من الشريعة وأساسها، وعليه فإن الانتماء للوطن انتماء وولاء بحكم الشرع أولاً، ثم بحكم الفطرة وسنن الله في الخلق، فالوطن جزءٌ من كِيان الأمة الإسلامية ومحبته والولاء له والانتماء إليه، مما تقتضيه الضرورة وتدعو إليه الفطرة وتعاليم الشريعة الإسلامية؛ لأن الحفاظ على الوطن وصيانته هو قيمة إسلامية، فأوطاننا قطعة من جسد الإسلام وأهله جزءٌ من أجزائه، ومؤسساته جزء لا يتجزأ منها.


وللأمن الفكري أهمية وضرورة الاهتمام به من أجل الوطن؛ فهو له أهمية عظمى، كأهمية تأمين الغذاء والمأوى تمامًا، وينبغي أن نَحمَد الله على سلامة العقول والأفكار، فهو الركيزة الأساس التي يستمد منها المجتمع استقراره وتقدُّمه، وحضارته وازدهاره، كما أن الانتماء إلى الوطن صمام أمان لحماية البلاد من الفتن والأهواء، والأفكار المنحرفة والضالة، التي تعود بالدمار على البلاد والعباد على حد سواء.

إن أهمية الأمن الفكري تَنبِع من ارتباطه بدين الأمة، وأساس ذكرها وعُلوها، وسبب مجدها وعزها، ومن غايته المتمثلة في سلامة العقيدة، واستقامة السلوك، وإثبات الولاء للأمة، وتصحيح الانتماء لها.

ومن أخطر ما يواجه الانتماء للوطن العلمانية؛ فهي ترفض الحكم بما أنزل الله - سبحانه وتعالى - وإقصاء الشريعة عن كافة مجالات الحياة.

إن الانتماء للذات هو الأصل الذي يمهِّد لكل انتماء؛ فمن اهتمَّ بنفسه ونفعها وأسعدها كاملاً، أَضفى تلقائيًّا وبأقل مجهود نفعًا وسعادة على أُسرته، ثم عائلته، ثم جيرانه وزملائه وأصدقائه، ثم بلدته، ثم وطنه ودولته، ثم أُمته، ثم الأبعد فالأبعد، حتى تَسعَدَ الأرض كلها وكلُّ مَن عليها، والعكس صحيحٌ بكل تأكيد.

أما إن تعارضت هذه الانتماءات - بسبب قطْع الصلة بأهم وأقوى وأفضل انتماء، وهو الانتماء لله تعالى، أو قطعها مع الدين، أو النفس، أو الأسرة، أو العائلة، أو الجيرة، أو الزمالة، أو الصداقة، أو البلدة، أو الدولة، أو الأمة، أو الأرض، بسبب سوء العلاقة بين العقل وأي منها، أو بسبب جهلٍ أو تفكير شِرِّير، أو مخالفة لوصايا الخالق بتعاوُن على إثمٍ وعدوان - فالانتماء للوطن هو الذي يَنبِع معناه من الدين، ويسير في نفوس الناس على هَدْي من تعاليمه، وليس الانتماء أقوال نستوردها من الخارج - ضمن ما نستورده - ثم نترجمها على عِللها، وندفع بها إلى العقول دون أدنى تهذيبٍ أو إصلاح.

الانتماء للوطن يُعد بَيْعه لولاة الأمر، والانتماء للوطن الإسلامي وتحقيق الأمن الفكري هما من مقتضى البيعة الشرعية لولاة الأمر، ولزوم الجماعة القائم على التعاون على البر والتقوى، ومن مقتضى البيعة الشرعية لولاة الأمر والانتماء للوطن المسلم: تحريم معصية ولي الأمر، والاعتراض عليهم في المعروف، ونقض عهده، ومعاهداته.

الانتماء للوطن يوجب طاعة ولاة الأمر، وبطاعتهم يعمُّ الأمن والاستقرار.


إن طاعة ولي الأمر واحترام شخصيته وهيبته، مما هو واجب على الرعية؛ لما في مخالفة ذلك من نشر المفاسد، وإثارة الفتن والقلاقل، مما لا يمكن ردُّه ولا دفعه؛ فقد دلَّ الكتاب والسنة على وجوب طاعة أُولي الأمر ما لم يأمروا بمعصية، فتأمل قوله تعالى
﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء: 59].


فمن الشعور بالانتماء تكون الطاعة لولي الأمر،ويكون المواطن مواطنًا صالحًا؛ يعمل للخير، ويؤلف بين القلوب؛ لتسود الرحمة والتآخي، والتعاطف والإحسان بين الناس، والإخلاص في العمل، والنية الصادقة في أن يكون حصنًا منيعًا لوطنه، مدافعًا عنه وعن دينه، والتصدي لكل ما يلحق بوطنه الضرر، أو يُشيع فيه الخراب، أو يُوقظ الفتنة، ويسعى للشقاق والخلاف، وهو من أسباب الاضطرابات وعدم الاستقرار في الدول متعددة الفرق والمذاهب، بما يهدِّد أمْنها عبر صراعات مذهبية وعرقية.

فمن استقرار الأمن طاعة ولاة الأمر التي لا تأتي إلا بالشعور بالانتماء والحب للوطن والخوف على مصالحه، ومن الأمن يأتي الانتماء، وبالانتماء يزداد الأمن والاستقرار.


و خلاصة القول أن الانتماء من القيم النبيلة التي تؤدي إلى تماسك المجتمعات و الحفاض على استقرارها و نموها و تعاون أفرادها على مواجهة المشاكل ؛ وأيضا هو منظومة تتألف من عدة عوامل؛ إما تؤثِّر، أو تتأثر به.



http://i238.photobucket.com/albums/f...f?t=1204727628

http://www.ayehayeentezar.com/galler...2091081815.gif



نوال 02-04-2017 08:54 PM

رد: بحث عن تعريف الإنتماء في ظل الشريعة الإسلامية
 
نعم انا انتمي لهذا الدين والأسلام والمسلمين


بورك فيك يالحبيبة عطر الجنة


جزاك الله خيرا

عطر الجنة 02-04-2017 09:07 PM

رد: بحث عن تعريف الإنتماء في ظل الشريعة الإسلامية
 
كل الشكر لك يالغلااا
على مرورك الجميل

الله يعطيك العافيه يارب
"خالص مودتى لك"



حمامة الاسلام 02-05-2017 11:18 AM

رد: بحث عن تعريف الإنتماء في ظل الشريعة الإسلامية
 
بارك الله فيك و نفعك و نفع بك

عطر الجنة 02-16-2017 02:17 AM

رد: بحث عن تعريف الإنتماء في ظل الشريعة الإسلامية
 
يشرفني ..
ردك ومروووووورك العطر


"لك مني خالص التحية"


الساعة الآن 01:59 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)