منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد


	السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على رسوله الأمين المبعوث بالآيات الباهرة رحمة للعالمين و الصلاة على آله و أصحابه الطاهرين إلى يوم الدين.و بعد ....فإن من أعظم النعم أن يوفق الله سبحانه عبده المؤمن للاشتغال بالقرآن الكريم تلاوة و حفظا و فهما و تدبرا وأعظم من ذلك أن يوفقه الله سبحانه للعمل بما علم حتى يكون علمه حجه له لا حجة عليه.و من هذه النقطة يبدأ هذا الموضوع و هو يتعلق بالحديث التالي:قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلّم: «يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ في الدُّنْيَا فإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيةٍ تَقْرَؤُهَا». سنن أبي داود(حسن صحيح)و الموضوع يتضمن مباحث في عدة محاور هي: (1)من هو (صاحب القرآن ) في هذا الحديث هل الذي يحفظه عن ظهر قلب أم الذي يقرأ من المصحف ؟؟؟. (2)هل هناك أحاديث صريحة تدعو المسلم لحفظ القرآن عن ظهر قلب ؟؟؟ (3) من هوصاحب القرآن الذي يقال له (اقْرَأْ وَارْتَقِ) هل هو الذي يحفظه عن ظهر قلب فقط أم هو الذي يحفظه و يعمل به ؟؟؟ (4)ما معنى حديث («الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ. وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ، لَهُ أَجْرَانِ». هل هذا معناه أن الذي يتتعتع بالقرآن أجره أكثر من أجر الماهر بالقرآن ؟؟؟ (5) أيهما أفضل القرءة من المصحف أم القراءة عن ظهر قلب ؟؟؟ هذه هي المحاور الأساسية للموضوع و أسأل الله التوفيق و السداد في شرحها و توضيحها ،و بيان أقوال العلماء المتعلقة بها. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المحور الأول(1)من هو (صاحب القرآن ) في هذا الحديث هل الذي يحفظه عن ظهر قلب أم الذي يقرأ من المصحف ؟؟؟ حديث صاحب القرآنعن عَبْدِ الله بنِ عَمْرٍو ، قال قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلّم: «يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ في الدُّنْيَا فإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيةٍ تَقْرَؤُهَا».سنن أبي داوود 4/338 (صاحب القرآن)قال الملا علي القاري:يقال عند دخول الجنة وتوجه العاملين إلى مراتبهم على حسب مكاسبهم (لصاحب القرآن) أي من يلازمه بالتلاوة والعمل لا من يقرؤه وهو يلعنه. (اقرأ وارتق) أي إلى درجات الجنة أو مراتب القرب. (ورتل)،أي لا تستعجل في قراءتك في الجنة التي هي لمجرد التلذذ والشهود الأكبر كعبادة الملائكة، (كما كنت ترتل)، أي قراءتك وفيه اشارة إلى أن الجزاء على وفق الأعمال كمية وكيفية، (في الدنيا) من تجويد الحروف ومعرفة الوقوف الناشىء عن علوم القرآن ومعارف الفرقان، (فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها)،وقد ورد في الحديث أن درجات الجنة على عدد آيات القرآن وجاء في حديث من أهل القرآن، فليس فوقه درجة، فالقراء يتصاعدون بقدرها قال الداني : وأجمعوا على أن عدد آي القرآن ستة آلاف آية، ثم اختلفوا فيما زاد فقيل: ومائتا آية وأربع آيات، وقيل: وأربع عشرة، وقيل: وتسع عشرة، وقيل: وخمس وعشرون، وقيل:وست وثلاثون .قال الطيبي :وقيل المراد أن الترقي يكون دائماً، فكما أن قراءته في حال الاختتام استدعت الافتتاح الذي لا انقطاع له، كذلك هذه القراءة والترقي في المنازل التي لا تتناهى وهذه القراءة لهم كالتسبيح للملائكة لا تشغلهم من مستلذاتهم بل هي أعظم مستلذاتهم.وقال ابن حجر: ويؤخذ من الحديث أنه لا ينال هذا الثواب الأعظم إلا من حفظ القرآن وأتقن أداءه وقراءته كما ينبغي له، فإن قلت ما الدليل على أن الصاحب هو الحافظ دون الملازم للقراءة في المصحف؟؟ قلت أصل فيما في الجنة أنه يحكي ما في الدنيا [وقوله في الدنيا] صريح في ذلك على أن( الملازم له نظراً لا يقال له صاحب القرآن على الإطلاق) وإنما يقال ذلك لمن لا يفارق القرآن في حالة من الحالات وأيضاً ففي رواية عند أحمد يقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة إقرأ واصعد [فيقرأ ويصعد) بكل آية درجة، حتى يقرأآخر شيئ معه فقوله معه صريح في أنه حافظه، وفي حديث عند الرامهرمزي فإذا قام صاحب القرآن بقراءته آناء الليل وآناء النهار ذكره، وإن لم يقم به نسيه.مرقاة المفاتيحوتـخصيص الصاحب فـي الـحديث بالـحافظ عن ظهر قلب دون التالـي من الـمصحف، لأن ما فـي الـجنة أصله أن يحكى ما فـي الدنـيا، وفـي الدنـيا لا يطلق ذلك إلا علـى الـحافظ له، نظراً إلـى أن القارىء إنما يطلق علـى من لا يفارقه القرآن أبداً، وذلك الـحافظ له عن ظهر قلب، وقد وردت أحاديث تومىء إلـى تفسير الصاحب بالـحافظ عن ظهر قلب .دليل الفالحين( محمد بن علان الصديقي الشافعي) 3/ 597 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وقال الطيبي : والمنزلة التي في الحديث هي ما يناله العبد من الكرامة على حسب منزلته في الحفظ والتلاوة لا غير. وذلك لما عرفنا من أصل الدين أن العامل بكتاب الله المتدبر له أفضل من الحافظ والتالي [له] إذا لم ينل شأنه في العمل والتدبر، وقد كان في الصحابة من هو أحفظ من الصديق وأكثر تلاوة منه، وكان هو أفضلهم على الإطلاق لسبقه عليهم في العلم بالله وبكتابه وتدبره له، وعمله به وإن ذهبنا إلى الثاني (يقصد الحفظ مع العمل بما حفظ من الآيات )وهو أحق الوجهين وأتمها فالمراد من الدرجات التي يستحقها بالآيات سائرها وحينئذ تقدر التلاوة في القيامةعلى قدر العمل فلا يستطيع أحد أن يتلو آية إلا وقد أقام ما يجب عليه فيها، واستكمال ذلك إنما يكون للنبي، ثم للأمة بعده على مراتبهم ومنازلهم في الدين ومعرفة اليقين، فكل منهم يقرأ على مقدار ملازمته إياه تدبراً، وعملاً. اهـ. وهو في غاية من الحسن والبهاء ونهاية الظهور والجلاء ولا عبرة بطعن ابن حجر فيه وتضعيف كلامه وحمله على التكلف والمنافاة لظاهر الحديث فإن التحقيق كما يستفاد من حديث أن من عمل بالقرآن فكأنه يقرؤه دائماً وإن لم يقرأه، ومن لم يعمل بالقرآن فكأنه لم يقرأه وإن قرأه دائماً، وقد قال الله تعالى : {كِتَـٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ إِلَيْكَ مُبَـٰرَكٌ لِّيَدَّبَّرُوۤا ءَايَـٰتِهِۦ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواٱلالْبَـٰبِ}.فمجرد التلاوة والحفظ لا يعتبر اعتباراً يترتب عليه المراتب العلية في الجنة العالية.مرقاة المفاتيح (الملا علي القاري ) 4 /642ـ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال التوربشتي: الصحبة للشيء الملازمة له إنساناً أو حيواناً مكاناً أو زماناً وتكون بالبدن وهي الأصل وبالعناية والهمة.وصاحب القرآن هو ملازمه بالهمة والعناية ويكون: ذا تارة (1) بنحو حفظ وتلاوة (2) وتارة بتدبير وعمل.فإن قلنا بالأول فالمراد من الدرجات بعضها دون بعض والمنزلة التي في الحديث ما يناله العبد من الكرامة على قدر منزلته في الحفظ والتلاوة لا غير.أو بالثاني وهو أتم الوجهين وأحقهما فالمراد بالدرجات سائرها فلا يستطيع أحد أن يتلو آية إلا وقد أقام ما يجب عليه فيها واستكمال ذلك للمصطفى صلى اللّه عليه وسلم ثم من بعده على مراتبهم في الدين انتهى،وناقشه في بعضه الطيبي ثم قال: والذي نذهب إليه أن سياق الحديث تحريض لصاحب القرآن على التحري في القراءة والإمعان في النظر فيه والملازمة له والعمل بمقتضاه وكل هذه الفوائد يعطيها معنى الصاحب.فيض القدير 2 /641قال الامام القرطبي قال علماؤنا رحمة الله عليهم: حملة القرآن وقراؤه هم العالمون بأحكامه وبحلاله وحرامه والعاملون بما فيه. وقال مالك: قد يقرأ القرآن من لا خير فيه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سؤال و لكن ما جزاء المؤمن الذي يعمل بالقرآن و لا يحفظه عن ظهر قلب ؟؟؟ الجواب في الحديث التالي الذي جاء في صحيح مسلم :عن النواس بن سمعان قال سَمِعْتُ النَّبِيَّ يَقُولُ: «يُؤْتَى بِالْقُرْآنِ يَوْمَ القِيَامَةَ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ. تَقْدُمُهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلُ عِمْرَانَ» وَضَرَبَ لَهُمَا رَسُولُ اللّهِ ثَلاَثَةَ أَمْثَالٍ، مَا نَسِيتُهُنَّ بَعْدُ. قَالَ: «كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ ظُلَّتَانِ سَوْدَاوَانِ. بَيْنَهُمَا شَرْقٌ. أَوْ كَأَنَّهُمَا حِزْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا». الحديث يدل على أن أهل القرآن هم الذين يعملون به و هم الذين يكون القرآن شافعا لهم .و جاء في تحفة الأحوذي (يأتي القرآن) أي يوم القيامة (وأهله) عطف على القرآن (الذين يعملون به) دل على من قرأ ولم يعمل به لم يكن من أهل القرآن، ولا يكون شفيعاً لهم، بل يكون القرآن حجة عليهم.تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي 8 /161 (كأنهما غمامتان أو ظلتان) أي سحابتان (سوداوان) لكثافتهما وارتكام البعض منهما على بعض وذلك من المطلوب في الظلال قيل إنما جعلنا كالظلتين لتكونا أخوف وأشد تعظيماً في قلوب خصمائهما، لأن الخوف في الظلة أكثر قال المظهر: ويحتمل أن يكون لأجل اظلال قارئهما يوم القيامة (بينهما شرق) أي ضوء ونور. (أو كأنهما حزقان ) أي طائفتان من طير صواف تحاجان عن صاحبهمامرقاة المفاتيح 4/611تحاجان عن صاحبهما والمحاجة المخاصمة وإظهار الحجة، وصاحبهما هو المستكثر من قراءتهما وظاهر الحديث أنهما يتجسمان حتى يكونا كأحد هذه الثلاثة التي شبهها بها صلى الله عليه وسلّم ثم يقدرهما الله سبحانه وتعالى على النطق بالحجة، وذلك غير مستبعد من قدرة القادر القوي الذي يقول للشيء كن فيكون.تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي 8 /161ـ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سؤال:(1)ما مثل من يقرأ القرأن ولا يعمل به ؟؟؟ هل يشبه بالمنافق ؟؟؟ ما الدليل على ذلك ؟؟؟سؤال (2)كيف نجمع بين حديث (اقرأ و ارتقي ) و حديث ( الماهر بالقرآن ) ؟؟و ما هي النتائج المستخلصة من الجمع بين هذين الحديثين ؟؟؟ ÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷سؤال (1):ما مثل من يقرأ القرأن ولا يعمل به ؟؟؟ هل يشبه بالمنافق ؟؟؟ ما الدليل على ذلك ؟؟؟ الجواب على هذا السؤال يؤخذ من حديث ( الأترجة ) و قد جاء بروايتين عند الامام البخاري بزيادة في لفظ أحداهما عن الأخرى و بالجمع بين الروايتين يتبين لنا حال الذي يقرأ القرآن و لا يعمل به كما وضحه الحافظ ابن حجر . و سأذكر الروايتين حتى تتبين الزيادة المقصودة في اللفظ . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ (5427) ــ عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر .ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ (5059) ــ عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قالالمؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالتمرة طعمها طيب ولا ريح لها ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كالريحانة ريحها طيب وطعمها مر ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كالحنظلة طعمها مر أو خبيث وريحها مر .قال الحافظ ابن حجر " المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به " وهي زيادة مفسرة للمراد وأن التمثيل وقع بالذييقرأ القرآن ولا يخالف ما اشتمل عليه من أمر ونهي لا مطلق التلاوة، فإن قيل لو كان كذلك لكثر التقسيم كأن يقال الذي يقرأ ويعمل وعكسه والذي يعمل ولا يقرأ وعكسه، والأقسام الأربعة ممكنة في غير المنافق وأما المنافق فليس له إلا قسمان فقط لأنه لا اعتبار بعمله إذا كان نفاقه نفاق كفر، وكأن الجواب عن ذلك أن الذي حذف من التمثيل قسمان.الذي يقرأ ولا يعمل، الذي لا يعمل ولا يقرأ، وهما شبيهان بحال المنافق فيمكن تشبيه الأول بالريحانة والثاني بالحنظلةفاكتفى بذكر المنافق، والقسمان الآخران قد ذكرا.فتح الباري (باب من راءى بقراءة القرآن أو تأكل به أ فخر به ) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ سؤال (2) :كيف يمكن الجمع بين حديث (اقرأ و ارتقي ) و حديث ( مع السفرة الكرام البررة ) و ماهي النتائج المستخلصة من هذا الجمع ؟؟؟ ـــ عن عَبْدِ الله بنِ عَمْرٍو ، قال قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلّم: «يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ في الدُّنْيَا فإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيةٍ تَقْرَؤُهَا». (4937)-عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال"مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران" .هذه محاولة مني للجمع بين الحديثين :أقول و بالله التوفيق : ليس معنى قولي الجمع بين الحديثين أن هناك تعارض بينهما ،كلا بل مقصدي أن أبين أن أحدهما حالة خاصة من الآخر .إذا كان الأمر كذلك:فما هو الحديث الذي يشتمل على المعنى العام و ماهو الحديث الذي يعتبر حالة خاصة منه ؟؟؟الجواب :حديث(اقرأ و ارتقي ) هو الذي يشمل المعنى العام و حديث ( مع السفرة الكرام البررة) هو الذي يكون حالة خاصة منه .و ذلك لأن حديث (مع السفرة ) يبين منزلة حافظ واحد معين في الحديث و هو الحافظ للقرآن كله المتقن في ترتيله وأداء أحكامه و العامل بمقتضاه بما يعني أنه ترقى في المنازل حتى وصل أعلى منزلة و هي منزلة السفرة الكرام البررة .أما حديث (أقرأ وارتقي ) فالحفاظ تبعا له منازلهم متفاوته كل على حسب حفظه منهم من درجته أدنى و منهم من درجته أعلى كل ذلك بحسب تفاوتهم في الحفظ و العمل بما حفظوه .ولفظ (و هو حافظ له ) في الحديث يدل على معنيين : (1) حافظ لحروفه . (2) حافظ لحدودهبمعنى أنه متقن في تلاوته و ترتيله حافظ للآيات أتم الحفظ ، و عامل بما علم .و هذا يؤكد على أن صاحب القرآن الذي يقال له اقرأ وارتقي إنما هو الحافظ لحروفه و حدودهالعامل به و هو السؤال الذي طرحته في بداية الموضوع و الذي اختلف فيه العلماء فالحافظ ابن حجر يرى أن هذه المنزلة لحافظ القرآن عن ظهر قلب و الامامان الطيبي و التوربشتييريان أن تلك المنزلة لمن يحفظ عن ظهر قلب و يعمل بما حفظ يعني العلم و العمل معا و ليس العلم فقط فاقتضاء العلم العمل . ملاحظة : هذا الحديث بهذه الزيادة في اللفظ بقوله ( و هو حافظ له ) أظن أنها لاتوجد إلا في صحيح البخاري وقد بحثت عن هذا الحديث بهذه الزيادة طويلا و ذلك لأن الحافظ ابن حجر بعد أن شرح حديث (الماهر بالقرآن) بدون هذه الزيادة في أحد الأبواب نبه على أن في صحيح البخاري رواية أخرى لهذا الحديث بها زيادة في اللفظ و هي كلمة ( وهو حافظ له ) حتى وجدته في تفسير سورة عبس من الصحيح و مع أن هذا الموضع هو مظنة للبحث لأن في السورة ذكر للسفرة الكرام البررة إلا أني سبحان الله لا أدري كيف غابت عني هذه الفكرة لذلك أخذت وقتا في البحث عن هذا الحديث في الصحيح و الحمدلله أني وجدته أخيرا . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ هذا ما وفقني الله به في هذه المسألة و أسأل الله العفو والمغفرة لأي زلل أو خطأ ،و الله أعلم . ملخص لما سبق : من العرض السابق و ما يتضمن من أقوال للعلماء نستطيع أن نلخص أحوال الناس مع القرآن و الجزاء المترتب على كل حال كما يلي : (1) الحافظ للقرآن الماهر به العامل بما جاء به من أوامر المجتنب لما جاء به من نواهي لا يتعد حدوده و يلتزم بآدابة متمثلا ما جاء من وصف للنبي صلى الله عليه وسلم على لسان أم المؤمنين (كان خلقه القرآن ) فهذا الذي له أعلى الدرجات مع السفرة الكرام البررة . (2) الحافظ له أو لبعض آياته وسوره العامل ببعض ما جاء به ومفرط في البعض الآخرهذا يقال له ( اقرأ و ارتقي ) فكل آيه قرأها قراءه صحيحة بأحكامها وكان يعمل بها في الدنيا هذه الآية بهذه الشروط يقال له فيها اقرأ وارتقي و أما الآيات التي يقرأها و إن كانت مجوده بأحكامها إلا أنه لم يكن يعمل بها في الدنيا فهذه لا تحسب له و لا يرتقي بسببها درجة نعم قد يأخد أجرا على قراءة كل حرف من حروفها و لكن لا يرتقي الدرجة التي ذكرت في الحديث لأنه لم يعمل بما علم فاقتضاء العلم العمل . (3) الذي يعمل بالقرآن ولكن لا يحفظه عن ظهر قلب فهذا يدخل في دائرة الشفاعة و هو ممن يشفع له القرآن على عمله به و التزامه بحدودة و مدى هذه الشفاعه لا يعلمه إلا الله سبحانه و قد يرفعه الله بهذه الشفاعة أعلى الدرجات على حسب الإخلاص و الاتقان و فضل الله واسع ودرجات الجنة لا يعلم ماهيتها و كنهها إلا رب العالمين . (4) الذي يقرأ القرآن من المصحف و ليس حافظ له و لا يعمل به أو لا يعمل بأكثره و هو الذي وصفه الحافظ ابن حجر بأنه يكون شيبيه بالمنافق من حيث تشبيهه بالريحانة ريحها طيب و طعمها مر .هذا ما حكمه هل هو فعلا شبيه بالمنافق كما قال الحافظ ابن حجر ؟؟أقول فضل الله كبير ورحمته وسعت كل شيء قد يكون المرء مقصرا جدا و لكن يحب الله ورسوله و يقرأ القرآن و يقر بأخطائه و ذنوبه و يشفق منها و يعد نفسه بالتوبة دائما فمثل هذا هل يكون كالمنافق ؟؟؟ و هو حال الكثير من المسلمين . و من منا لم يقصر ؟؟؟؟؟ مثل هذا أرجو أن يكون له نصيب من قول النبي صلى الله عليه وسلم : (من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة , و الحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول : ألم حرف ،و لكن (ألف ) حرف ، و (لام) حرف ‘ و (ميم ) حرف ) (اسناده صحيح ).واضح من هذا الحديث أن الأجر مترتب على قراءة كل حرف من الحروف التي يقرأها القارئ.و الله سبحانه أعلم بعباده و ما تكنه صدورهم و مدار الجزاء على أعمال القلوب و النوايا قبلالأعمال و الله يمن على من يشاء من عباده و لايخرج أحد من المسلمين من واسع فضله و عظيم منه و كرمه هذا في حال المشفق المقر المتأمل لعفو الله و مغفرته .أما المستكبر المستعلي الذي لا يحرك له القرآن قلبا و لا تزيده قراءة القرآن إلا بعدا فهذا الذي قد يكون الشبيه بالمنافق و الذي ذكره الحافظ ابن حجر فيما سبق . ÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷سؤال : لماذا إستحق حافظ القرآن العامل به هذه المنزلة الرفيعة بعد دخوله الجنة ؟؟ أقول وبالله التوفيق : لا شك أن المسلم قبل دخوله الجنة يمر بأحوال بها من الخوف و الفزع ما الله به عليم إلا من رحم الله ، من أهوال الحشر و الحساب و المرور على الصراط ثم النجاة بفضل الله و الدخول إلى الجنة و بعد الدخول إلى الجنة يكون في حالة من الفرح والسرور لأنه يرى مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر و عند دخول الجنة يقال له ( رتل و ارتق ) و هو في هذه الحال بين حالين حالة الفزع الأولى قبل دخول الجنة و حالة الفرح الثانية عند دخول الجنة و كلا الحالين مظنة ارتباطاللسان و التلعثم و النسيان و من يثبت و يستطيع أن يرتل بتأن و ضبط وأتقان كما كان يرتل في حال العافية والأمن في الدنيا لا شك أن من يستطيع أن يفعل هذا دون إسقاط أي أية أو حرف لهو توفيق عظيم و تثبيت من رب العالمين ، و هذا التثبيت إنما هو جزاء على اجتهاد هذا الحافظ و تعاهده للقرآن في الدنيا إلى أن توفاه الله و هو متقن حافظ حريص على مراجعة الحفظ و هو حصيلة جهده في الدنيا و الله لا يضيع اجر من أحسن عملا .أما رأيتم إخوتي حفاظ القرآن الكريم في الدنيا في مسابقات حفظ القرآن الكريم كيف يصيبهم أمام لجنة التحكيم القلق و التوتر و التلعثم ونسيان بعض الآيات مع أنهم استعدوا لهذا أتم الاستعداد ، فما بالكم بالمؤمن الذي عاين أمر الآخرةو ما يصاحبها من أهوال ، ثم كيف يثبت على التلاوة المتأنية الصحيحة و هو في موضع اختبار أعظم من كلاختبارات الدنيا فلا شك أنه لا يثبت في ذلك الموقف إلا من وفقه الله . فمن ثبت و رتل كما كان يرتل في الدنيا فهو الذي له تلك الدرجات العالية الرفيعة التي ذكرت في الحديث الشريف .و ما يلقاها إلا ذو حظ عظيم .و الله اعلم . المحور الثاني : هل هناك آيات صريحة في كتاب الله تحث على حفظ القرآن عن ظهر قلب ؟؟؟ الجوابالحقيقة أن الأمر في القرآن جاء بالتلاوة في بعض الآيات أو بوصف من يتلون كتاب الله في آيات أخرى ولم يأت أمر بالحفظ بل جاء حفظ الآيات في الصدور كمدح للذين أوتوا العلم .و الآيات التالية توضح ذلك .قال تعالى{إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَـٰذِهِ ٱلْبَلْدَةِ ٱلَّذِى حَرَّمَهَا وَلَهُۥ كُلُّ شَىْءٍۖ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ(91)وَأَنْ أَتْلُوَا ٱلْقُرْءَانَۖ فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِى لِنَفْسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَآ أَنَا˚ مِنَ ٱلْمُنذِرِينَ (92)} النملو الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أمر لأمته . قال تعالى:(1) {وَٱتْلُ مَآ أُوحِىَ إِلَيْكَ مِن كِتَـابِ رَبِّكَۖ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَـٰتِهِۦ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِۦ مُلْتَحَدًا(27)}الكهفقال تعالى :(2) {ٱتْلُ مَآ أُوْحِىَ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَـٰبِ وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَۖ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِۗ وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُۗ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)} العنكبوتقال تعالى:(3){إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَـٰبَ ٱللَّهِ وَأَقَامُوا ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَـٰرَةً لَّن تَبُور(29) َلِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِه إِنَّهُۥ غَفُورٌ شَكُورٌ(30) }فاطرقال الامام القرطبي:هذه آية القراء العاملين العالمين الذين يقيمون الصلاة الفرض والنفل، وكذا في الإنفاق. {لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِه إِنَّهُۥ غَفُورٌ شَكُورٌ}قيل: الزيادة الشفاعة في الآخرة.تفسير القرطبي 14 /344 و قال الحافظ ابن كثير: يخبر تعالى عن عباده المؤمنين الذين يتلون كتابه ويؤمنون به، ويعملون بما فيه من إقام الصلاة والإنفاق مما رزقهم الله تعالى في الأوقات المشروعة ليلاً ونهاراً، سراً وعلانية{يَرْجُونَ تِجَـٰرَةً لَّن تَبُورَ}أي يرجون ثواباً عند الله لا بد من حصوله،{إِنَّهُۥ غَفُورٌ}أي لذنوبهم{شَكُورٌ}للقليل من أعمالهمقال قتادة: كان مطرف رحمه الله إذا قرأ هذه الأية يقول: هذه آية القراءتفسير ابن كثير 14 /344. و قال صاحب البحر المحيط{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتْلُونَ}: ظاهره يقرأون،{كِتَـٰبَ ٱللَّهِ} : أي يداومون تلاوته. وقال مطرف بن عبد الله بن الشخير: هذه آية القراء،ويتبعون كتاب الله، فيعملون بما فيه؛وعن الكلبي: يأخذون بما فيه. تفسير البحر المحيط 7/ 295آية الحفظقال تعالى: {بَلْ هُوَ ءَايَـٰتُۢ بَيِّنَـٰتٌ فِى صُدُورِ ٱلَّذِينَ أُوتُوا ٱلْعِلْمَۚ (49)}العنكبوتقال الحافظ ابن كثيرأي هذا القرآن آيات بينة واضحة في الدلالة على الحق أمراً ونهياً وخبراً، يحفظه العلماء يسره الله عليهم حفظاً وتلاوة وتفسيراً. تفسير ابن كثير 6 /257ـ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ و الله أعلم . المحور الثالث : (2) هل هناك أحاديث صريحة تدعو المسلم لحفظ القرآن عن ظهر قلب ؟؟؟ الحقيقة ليست هناك أحاديث صريحة يأمر فيها النبي أمرا مباشرا بحفظ القرآن عن ظهر قلب و لكن هناك أحاديث تدل على أفضلية لصاحب القرآن الذي يحفظه أو يحفظ بعض السور عن ظهر قلب و الأحاديث التالية تدل على ذلك :ترجم الإمام البخاري في كتاب فضائل القرآن بابا بعنوان (1) باب القراءة عن ظهر القلبجاء فيه الحديث التالي(5030) روى الامام البخاري بسنده عن سهل بن سعد رضي الله عنه:أن امرأة جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، جئت لأهب لك نفسي، فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصعد النظر إليها وصوبه، ثم طأطأ رأسه، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئا جلست، فقام رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله، إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، فقال: (هل عندك من شيء). فقال: لا والله يا رسول الله، قال: (اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئا). فذهب ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله ما وجدت شيئا، قال: (انظر ولو خاتما من حديد). فذهب ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله ولا خاتما من حديد، ولكن هذا إزاري - قال سهل: ما له رداء - فلها نصفه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما تصنع بإزارك، إن لبسته لم يكن عليها منه شيء، وإن لبسته لم يكن عليك شيء). فجلس الرجل حتى طال مجلسه، ثم قام فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم موليا، فأمر به فدعي،فلما جاء قال: (ماذا معك من القرآن). قال: معي سورة كذا وسورة كذا وسورة كذا، عدها،قال: (أتقرؤهن عن ظهر قلبك). قال: نعم، قال: (اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن).قال الحافظ ابن حجر في شرح هذا الحديثالمراد بقوله " باب القراءة عن ظهر قلب " مشروعيتها أو استحبابها، والحديث مطابق لما ترجم به،فدل على فضل القراءة عن ظهر قلب لأنها أمكن في التوصل للتعليم .فتح الباري شرح صحيح البخاري 10 /96قلت أنا: و القراءة عن ظهر قلب لا تكون إلا لمن كان يحفظ هذه السور باتقان و هذا يحمل معنى الحث على استظهار سور القرآن و حفظها . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (2) الحديث الثاني الدال على أفضلية حافظ القرآن حديث صحيح مسلم التالي المتعلق بمن هو أحق بالإمامة في الصلاة :عن أبي مسعود الأنصاري قال قالَ لَنَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ الله . فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً. فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ. فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً. فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً. فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِلْماً. وَلاَ يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ. وَلاَ يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ» قَالَ الأَشَجُّ فِي رِوَايَتِهِ مَكَانَ سِلْماً سِنّاً.قال الامام النووي في شرح هذا الحديثفيه دليل لمن يقول بتقديم الأقرأ على الأفقه وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد وبعض أصحابنا،وفي قوله: «فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة» دليل على تقديم الأقرأ مطلقاً. شرح النووي على صحيح مسلم 5 /141وروى أبو بكر البزار بإسناد حسن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إذا سافرتم فليؤمّكم أقرؤكم وإن كان أصغرَكم وإذا أمّكم فهو أميركم». تفسير القرطبي 1/342ـ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (3) الدليل أيضا على أفضلية حافظ القرآن على غيرهما جاء من خبر في دفن شهداء أحدفقد ترجم الامام أبو الفضل الرازي في كتاب فضائل القرآن باب فيتقديم النبي صلى الله عليه وسلم في اللحد أكثرهم أخذاً للقرآنروى فيه بسنده عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك‏:‏ عن جابر قال‏:‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول‏:‏‏(‏أيهم أكثر للقرآن فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد‏)‏الحديث‏.‏فضائل القرآن وتلاوته الرازي ص148 يقول الشيخ الطاهر بن عاشوروالقرآن: الكلام المقروء المتلوّ. وكونه قُرآناً من صفات كماله، وهو أنه سهْل الحفظ، سهْل التلاوة، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ} (القمر: 22) ولذلك كان شأن الرسول صلى الله عليه وسلّم حفظ القرآن عن ظهر قلب ، وكان شأن المسلمين الاقتداء به في ذلك على حسب الهمم والمَكْنَات، وكان النبي صلى الله عليه وسلّم يشير إلى تفضيل المؤمنين بما عندهم من القرآن. وكان يوم أحد يقدم في لحد شهدائه مَن كان أكثرهم أخذاً للقرآن تنبيهاً على فضل حفظ القرآن زيادة على فضل تلك الشهادة. تفسير التحرير والتنوير الطاهر بن عاشو24 /229 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (4)حديث (إن الرجل الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب).مسند الامام أحمد (اسناده صحيح )(الخرب أي الخراب)لأن عمارة القلوب بالإِيمان، وقراءة القرآن وزينة الباطن بالاعتقادات الحقة والتفكر في نعماء الله تعالى .وقال الطيبي : يطلق الجوف وأريد به القلب إطلاقاً لاسم المحل على الحال، واحتيج لذكره ليتم التشبيه له بالبيت الخرب بجامع أن القرآن إذا كان في الجوف يكون عامراً مزيناً بحسب قلة ما فيه وكثرته، وإذا خلى عما لا بد له منه من التصديق والاعتقاد الحق والتفكر في آلاء الله ومحبته وصفاته، يكون كالبيت الخرب الخالي عما يعمره من الأثاث والتجمل. اهـ. مرقاة المفاتيح 4 /642قلت أنا:فيه حث على حفظ ما يتيسر من القرآن كل حسب طاقته و لو كان قدرا بسيطا كما يدل عليه لفظ( شيء) . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (5) حديث(خيركم من تعلم القرآن وعلمه) حديث صحيح .وقال بعض المحققين: والذي يسبق للفهم من تعلم القرآن حفظه وتعلم فقهه فالخيار من جمعهما. قال الطيبي: ولا بد من تقييد التعلم والتعليم بالإخلاص فمن أخلصهما وتخلق بهما دخل في زمرة الأنبياء.فيض القدير 3/665ـ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (6)حديث الماهر بالقرآن(1812)عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليهوسلم ( الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذى يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران ).صحيح مسلم(4937) روى الامام البخاري بسنده عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(مثل الذي يقرأ القرآن( وهو حافظ له ) مع السفرة الكرام البررة ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران) .قال القرطبيالماهر الحاذق وأصله الحذق بالسباحة، قاله الهروي والمراد بالمهارة بالقرآن جودة الحفظ وجودة التلاوة من غير تردد فيه لكونه يسره الله تعالى عليه كما يسره على الملائكة فكان مثلها في الحفظ والدرجة. السفرةوالمراد بها الملائكة الذين هم حملة اللوح المحفوظ، كما قال تعالى : {بِأَيْدِى سَفَرَةٍ * كِرَام۠ بَرَرَةٍ}. سموا بذلك لأنهم ينقلون الكتب الإلهية المنزلة إلى الأنبياء فكأنهم يستنسخونهاقال القاضي عياض:يحتمل أن يكون المراد بكونه مع الملائكة أن يكون له في الآخرة منازل يكون فيها رفيقاً للملائكة لا تصافه بصفتهم من حمل كتاب الله تعالى، ويحتمل أن يراد أنه عامل بعملهم وسالك مسلكهم من كونهم يحفظونه ويؤدونه إلى المؤمنين، ويكشفون لهم ما يلتبس عليهم فكذلك الماهر . انتهىقلت:و في هذا الحديث بهذه الزيادة في اللفظ و هي كلمة(و هو حافظ له )تأكيد على فضيلة ظاهرة و جزاء مؤكد و مخصص لحافظ القرآن الماهر به المتثبت المتقن في حفظه العامل بما فيه . ما معنى (و الذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران) و هل أجرة أكثر من الماهر ؟(له أجران)أي أجر لقراءته وأجل لتحمل مشقته، وهذا تحريض على تحصيل القراءة وليس معناه أن الذي يتتعتع فيه له من الأجر أكثر من الماهر بل الماهر أفضل، وأكثر أجراً مع السفرة وله أجور كثيرة، حيث اندرج في سلك الملائكة المقربين، أو الأنبياء والمرسلين أو الصحابة المقربين .مرقاة المفاتيح 4 /611قال القاضي وغيره من العلماء: وليس معناه الذي يتتعتع عليه له من الأجر أكثر من الماهر به، بل الماهر أفضل وأكثر أجراً لأنه مع السفرة وله أجور كثيرة ولم يذكر هذه المنزلة لغيره، وكيف يلحق به من لم يعتن بكتاب الله تعالى وحفظه وإتقانه وكثرة تلاوته وروايته كاعتنائه حتى مهر فيه والله أعلم. شرح النووي على صحيح مسلم 6 /70ـ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ روى ابن الضريس بسنده عن الحارث بن قيس ، قال: «كنت رجلا في لساني لكنة، وكنت أتعلم القرآن، فقيل لي: ألا تعلم العربية قبل أن تعلم القرآن؟ فذكرت ذلك لعبد الله-ابن مسعود- وقلت: إنهم يضحكون مني، ويقولون: تعلم العربية قبل أن تعلم القرآن. فقال: لا تفعل؛ فإنك في زمان تحفظ فيه حدود القرآن، ولا يبالون حفظ كثير من حروفه، وإن بعدك زمانا تحفظ فيه الحروف، وتضيع فيه الحدود» فضائل القرآن (محمد بن ضريس) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ روى سعيد بن منصور بسنده عن عقبة بن صعير ، قال: سمعت أبا صالح ، يقول:لأن أكون جمعت القرآن، ثم قمت به سنة، كان أحب إلي من كذا، وكذا، وذلك أنه بلغني أنه يقال لصاحب القرآن: «اقرأ، وارق ، ورتل، فيرجى إذا كان جمع القرآن أن يكون من المقربين» سنن سعيد بن منصور ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سؤال فإن قال قائل‏:‏ هل تعين فرض حفظ جميع القرأن على أعيان جماعة المكلفين أم لا‏؟؟؟.‏والجواب‏:‏ إنه لم يتوجه ذلك على كل واحد منهم فرضا وذلك لأن الله عز وجل أرءف بعباده من أن يكلفهم ما لا طاقة لعامتهم به وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏بعثت بالحنيفية السهلة السمحة‏)‏ فلو كلفوا على العموم لعجز الأكثر عنه لأن القرأن أعظم شانا وأمنع جانبا من أن يتأتى حفظه لكل إنسان أو يتسر بكل لسان أو ينطلق به أو يطيقه كل أحد أو يحيط به كل حفظ أو يحتمله كل سن . وكان مقاتل بن سليمان يقول‏:‏ لولا أن الله تعالى يسره مااستطاع أحد أن يتكلم بكلام الرحمن‏لكن الله عز وجل وإن لم يكلفهم جميعه على الأعيان لما فيه من المشقة والإمتناع عن الأكثر فإنه عز وجل لم يحب من جميعهم إلا حفظه طواعية منهم أو الجد والاجتهاد فيه إلى تصرم الأجال وإبلاء العذر عند الله عز وجل.فضائل القرآن وتلاوته الرازي ص27 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سؤالهل الصحابة كلهم كانوا يحفظون القرآن ؟؟؟ يجيب على هذا السؤال الحافظ ابن عبدالبر في كتاب التمهيد قائلا :وكان الصحابة رضي الله عنهم لم يكن منهم من يحفظ القرآن كله ويكمله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلا قليل منهم: أُبي بن كعب وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وأبو زيد الأنصاري وعبد الله بن مسعود وكلهم كان يقف على معانيه ومعاني ماحفظ منه ويعرف تأويله وبحفظ أحكامه، وربما عرف العارف منهم أحكاما من القرآن كثيرة وهو لم يحفظ سورها.قال حذيفة بن اليمان: تعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن وسيأتي قوم في آخر الزمان يتعلمون القرآن قبل الإيمان، ولا خلاف بين العلماء في تأويل قول الله عز وجل{يَتْلُونَهُۥ حَقَّ تِلاوَتِهِ}أييعلمون به حق عمله ويتبعونه حق اتباعه. قال عكرمة: ألم تستمع إلى قول الله عز وجل{وَٱلْقَمَرِ إِذَا تَلَـﯩـٰهَا}أي تبعها.التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد للحافظ ابن عبدالبر14 /131 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ و الله أعلم . المحور الرابع : أيهما أفضل القراءة من المصحف أم القراءة عن ظهر قلب ؟؟ الجواب على ذلك يأتي من الامام ابن كثيررحمه الله :قال الحافظ ابن كثير في تعليقة على ترجمة البخاري لباب القراءة عن ظهرقلبإنما أورد البخارى فى هذه الترجمة حديث أبى حازم عن سهل ابن سعد الحديث الذى تقدم الآن، وفيه أنه عليه السلام قال للرجل: فما معك من القرآن؟ قال: معى سورة كذا وسورة كذا لسور عدها، قال:اتقرأهن عن ظهر قلب؟ قال: نعم، اذهب قد ملكتها بما معك من القرآنوهذه الترجمة من البخارى رحمه الله مشعرة بأن قراءة القرآن عن ظهر قلب أفضل ، والله أعلم. ولكن الذى صرح به كثيرون من العلماء أن قراءة القرآن من المصحف أفضل لأنه يشتمل على التلاوة والنظر فى المصحف، وهو عبادة كما صرح به غير واحد من السلف، وكرهوا أن يمضى على الرجل يوم لاينظرفى مصحفه.واستدلوا على أفضلية التلاوة فى المصحف بما رواه الإمام العلم أبو عبيد رحمه الله فى كتابه فضائل القرآن: حدثنا نعيم بن حماد عن بقية ابن الوليد عن معاوية بن يحيى عن سليم بن مسلم عن عبدالله بن عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قال:قال النبى صلى الله عليه وسلم:فضل قراءة القرآن نظرًا على من يقرؤه ظهرًا كفضل الفريضة على النافلة،وهذا الإسناد فيه ضعف فإن معاوية ابن يحيى هذا هو الصدفى أو الأطرابلسى وأيا ما كان فهو ضعيف.وقال الثورى عن عاصم عن زر عن ابن مسعود قال:أديموا النظر في المصحف. وقال حماد بن سلمة عن على بن زيد عن يوسف بن ماهك عن ابن عباس عن عمر أنه كان إذا دخل بيته نشر المصحف فقرأ فيه. وقال حماد أيضًا عن ثابت عن عبدالرحمن بن أبى ليلى عن ابن مسعود أنه كان إذا اجتمع اليه إخوانه نشروا المصحف فقرأ أو فسر لهم. إسناد صحيح.وقال حماد بن سلمة عن حجاج بن أرطاة ، عن ثوير بن أبى فاخته عن ابن عمر ، قال: إذا رجع أحدكم من سوقه فلينشر المصحف وليقرأ. وقال الأعمش عن خيثمة: دخلت على ابن عمرو وهو يقرأ فى المصحف فقال: هذا جزئى الذى أقرأ به الليلة.فهذه الاثار تدل على أن هذا أمر مطلوب لئلا يعطل المصحف فلا يقرأ منه ولعله قد يقع لبعض الحفظة نسيان فيستذكر منه، أو تحريف كلمة أو آية أو تقديم أو تأخير فالاستثبات أولى والرجوع إلى المصحف أثبت من أفواه الرجال.فأما تلقين القرآن فمن فم الملقن أحسن، لأن الكتابة لا تدل على الأداء كما أن المشاهد من كثير ممن يحفظ من الكتابة فقط يكثر تصحيفه وغلطه، وإذا أدى الحال إلى هذا منع منه إذا وجد شيخًا يوقفه على ألفاظ القرآن. فأما عند العجز عما يلقن فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، فيجوز عند الضرورة ما لا يجوز عند الرفاهية، فاذا قرأ فى المصحف والحالة هذه فلا حرج عليه، ولو فرض أنه قد يحرف بعض الكلمات عن لفظها على لغته ولفظه،وقال بعض العلماء:المدار فى هذه المسئلة على الخشوع، فإن كان الخشوع أكثر عند القرا ة عن ظهر قلب فهو أفضل، وإن كان عند النطر فى المصحف أكثر فهو أفضل. فإن استويا فالقراءة نظرًا أولى لأنها أثبت وتمتاز بالنظر إلى المصحف.قال الشيخ أبو زكريا النواوى رحمه الله فى التبيان: والظاهر أن كلام السلف وفعلهم محمول على هذا التفضيل. فضائل القرآن للحافظ ابن كثير. قال الامام النووي القراءة من المصحف أفضل من القراءة على ظهر القلب؛لأنها تجمع القراءة والنظر في المصحف،وهو عبادة قاله أصحابنا، والسَّلف، ولم أر فيه خلافاً ؛ ولعلهم أرادوا بذلك في حق من يستوي خشوعه، وحضوره في حالتي القراءة في المصحف، وعن ظهر القلب، أما من يزيد خشوعه وتدبره، وينجمع فكره بالقراءة عن ظهر القلب فهي أفضل في حقه.مختصر التبيان في آداب حملة القرآن للامام النووي .قال الحافظ ابن حجرصرح كثير من العلماء بأن القراءة من المصحف نظراً أفضل من القراءة عن ظهر قلب. وأخرج أبو عبيد في «فضائل القرآن» من طريق عبيد الله بن عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم رفعه قال: «فضل قراءة القرآن نظراً على من يقرؤه ظهراً كفضل الفريضة على النافلة» وإسناده ضعيف،ومن طريق ابن مسعود موقوفاً «أديموا النظر في المصحف» وإسناده صحيح، ومن حيث المعنى أن القراءة في المصحف أسلم من الغلط، لكن القراءة عن ظهر قلب أبعد من الرياء وأمكن للخشوع. والذي يظهر أن ذلك يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص. وأخرج ابن أبي داود بإسناد صحيح عن أبي أمامة «اقرأوا القرآن، ولاتغرنكم هذه المصاحف المعلقة، فإن الله لا يعذب قلباً وعى القرآن» . فتح الباري شرح صحيح البخاري 10 /96 قال الامام الحليمي :وأما القراءة من المصحف فإنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلّم صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «قراءة القرآن في غير المصحف ألف درجة، والقراءة في المصحف تضاعف على ذلك ألفي درجة». ملاحظة : قلتبين الحافظ ابن حجر في الفتوحات الربانيةدرجة هذا الحديثفقال( غريب ).تابع كلام الامام الحليمي :وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان إذا دخل بيته نشر المصحف فقرأ. ودخلوا على عمر رضي الله عنه وهو يقرأ في المصحف ـ وكان والله قارئاً ـ فقال: إني أكره أن يأتي علي يوم لا أنظر في عهد الله،وكان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه إذا أصبح أمر غلامه فنشر المصحف فقرأه، وقال نافع: كان ابن عمر رضي الله عنه إذا فتح المصحف ليقرأ، بدأ فقال:اللهم أنت هديتني لو شئت لم أهتد، لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.وقال خيثمة: دخلت على عبد الله بن عمر وهو يقرأ في المصحف فقلنا له: ما تصنع؟ فقال: أقرأ جزئي الذي أقرأه، ورأى عبد الله بن مسعودمصحفاً مزيناً بالذهبفقال: إن أحسن ما يزين به المصحفتلاوته في الحق. و كان زيد بن عبد الله بن الشخير يقرأ في المصحف حتى يغشى عليه. وكان الربيع يقرأ في المصحف، فإذا طال عليه عبث بالورق. فقال يونس بن عبيد: كان خلقاً للأولين النظر في المصاحف. وقال الأوزاعي رضي الله عنه: كان يعجبهم النظر في المصحف،ولكل واحدة من القراءة في المصحف القراءة من الحفظ فائدة،ففائدة القراءة من الحفظثبات الذكر وهو أمكن للتفكير فيه،وفائدة القراءة من المصحفالاستثباتلئلا يغلطبإسقاط حرف، أو زيادته، أو تقديم أو تأخير. فالأولى إذاً أن يقرأ الحافظ من حفظه مرة ومن المصحف أخرى.وأيضاً، فإن القارىء في المصحف يستعملفي القراءة لسانه وعينيه،والقارىء من حفظه يقبض علىاستعمال اللسان دون العين. والقارىء في المصحفيقضي حق القرآن وحق المصحف،لأن المصحف لم يجد ليهمل، إنما اتخذ ليرجع إليه فيقرأ منه، وله على الانفراد حق. ألا ترى أن المحدث لا يقرأ القرآن ولا يمس، فمن أقل منه فقد قضى حقه وحق ما فيه ومن قرأ من حفظه لم يكن منه إلا قضى حق القرآن وحده.فكانت القراءة من المصحف أولى وأفضل.المنهاج مختصر شعب الإيمان للحليميملاحظة هامة :أما حديث (من أدام النظر في المصحف متع ببصره ما دام في الدنيا) فهو حديث باطل . فقدجاء في سؤالات الآجري لأبي داود ما يلي : قلت لابي داود :وحدث عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم : " من أدام النظر في المصحف " (الحديث) فقال : هذا باطل . سؤالات أبي عبيد الآجري 2 /225قلت :بطلان هذا الحديث لا ينفي وجوب المداومة على القراءة من المصحف لأنه نوع من أنواع العبادة و التقرب إلى الله سبحانه و تعالى . و قد كان هذا دأب الصالحين قبلنا .قال أبو بكر الأوسيكان مالك قد أدام النظر في المصحفقبل موته بسنين وكان كثير القراءة طويل البكاء.ترتيب المدارك وتقريب المسالك للقاضي عياض1 /92و روي الحافظ أبو نعيم الأصبهاني بسنده عن الوليد بن عقبة، قال: كان سفيان الثوري يديم النظر في المصحف فيوم لا ينظر فيه يأخذه فيضعه على صدره. حلية الأولياءلأبي نعيم الأصبهاني 6 /393 و الله أعلم . سؤال:هل هناك تعارض بين حديث في الجنة مائة درجةأعدها الله للمجاهدين و بين حديثأقرأ و ارتق حيث أن الدرجات فيه على عدد آي القرآن وهي 6236 آية و بالتالي فهي عدد الدرجات ؟؟؟ و هل أجر حافظ القرآن العامل به أعظم من أجر المجاهد في سبيل الله ؟؟؟التفصيل في هذا الموضوع : (1)درجات المجاهدين في الجنة(2790) عن أبي هريرة رضي اللهعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلممن آمن بالله وبرسوله وأقام الصلاة وصام رمضان كان حقا على الله أن يدخله الجنة جاهد في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها فقالوا يا رسول الله أفلا نبشر الناس قالإن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة أراه فوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة . قال محمد بن فليح عن أبيه: وفوقه عرش الرحمن. (صحيح البخاري)(2809)- أنس بن مالك أن أم الربيع بنت البراء وهي أم حارثة بن سراقة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا نبي الله ألا تحدثني عن حارثة وكان قتل يوم بدر أصابه سهم غرب فإن كان في الجنة صبرت وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاءقال يا أم حارثة إنها جنان في الجنة وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى. (صحيح البخاري )معنى(أصابه سهم غرب) أي لا يعرف راميه، أو لا يعرف من أين أتى . (2)درجات حافظ القرآن العامل به2199) ـ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم: «يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَارْقَ ، وَرَتِّلُ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلْ فِي الدُّنْيَا، فَإنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا». رواه الترمذي، وأبو داود وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، وقالالترمذي: حديث صحيح.قال الخطابي: جاء في الأَثَرِ أَنَّ عَدَدَ آي القُرْآنِ عَلَى قَدْرِ دَرَجِ الجَنَّةِ، فَيُقَالُ لِلْقَارِىء: ارْقَ فِي الدَّرَجِ عَلَى قَدْرِ مَا كُنْتَ تَقْرَأُ مِنْ آي القُرْآنِ، فَمن اسْتَوْفَى قِرَاءَةَ جَمِيعِ القُرْآنِ اسْتَوْلَى عَلَى أقْصَى دَرَجِ الجَنَّةَ فِي الآخِرَةِ، وَمَنْ قَرَأَ جُزْءاً مِنْهُ كَانَ رُقِيُّهُ فِي الدَّرَجِ عَلَى قَدْرِ ذلِكَ، فَيَكُونُ مُنْتَهى الثَّوَابِ عِنْدَ مُنْتَهى القِرَاءَةِ. الترغيب والترهيب 2 /228 و معالم السنن للخطابي .وقالت عائشة رضي الله عنها: «إن عدد آي القرآن على عدد درج الجنة، فليس أحد دخل الجنة أفضل ممن قرأ القرآن» ذكره مكي رحمه الله.التذكرة في أحوال الموتى 2 /414(4937) -عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال"مثل الذي يقرأ القرآنوهو حافظ لهمع السفرة الكرام البررة ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران" . المقارنة :* أعلى درجة للمجاهد في سبيل الله الفردوس الأعلى كما في حديث أم حارثة ابن سراقة رضي الله عنها .* أعلى درجة لحافظ القرآن العامل به درجة السفرة الكرام البررة .* درجة الفردوس من الممكن أن يحصلها مؤمنون لم يكونوا من المجاهدين في سبيل الله والدليل على ذلك ما يلي : (1) من القرآن الكريم : الآيات التي جاءت في أول سورة المؤمنون قال سبحانه :{قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ (1)ٱلَّذِينَ هُمْ فِى صَلاتِهِمْ خَـٰشِعُونَ (2)وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُعْرِضُونَ(3)وَٱلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَـوٰةِ فَـٰعِلُونَ (4)وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَـٰفِظُونَ (5) إِلا عَلَىٰۤ أَزْوَٰجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذَٰلِكَ فَأُولَـٰۤﯩـِٕكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ(7)وَٱلَّذِينَ هُمْ لامَـٰنَـٰتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَٰعُونَ (8)وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَٰتِهِمْ يُحَـافِظُونَ (9)أُولَـٰۤﯩـِٕكَ هُمُ ٱلْوَٰرِثُونَ (10)ٱلَّذِينَ يَرِثُونَٱلْفِرْدَوْسَهُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ (11)}قلت :و في هذه الآيات دليل على أن المؤمنين القائمين بالأعمال الصالحة المذكورة في الآيات يكون جزاءهم الفردوس و ليس من هذه الأعمال المذكورة الجهاد في سبيل الله . (2) من السنة النبوية:قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق :( فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس)و في هذا دليل على أن الفوز بالفردوس يتحصل عليه المؤمن بالدعاء و الاجتهاد في العبادة و ليس بالضرورة أن يكون مجاهدا في سبيل الله .* أما الدرجة العليا لحافظ القرآنالعامل به و هي درجة السفرة الكرام البررة فلم يرد في الكتاب و لا في السنة ما يشير إلى إمكانية حصولها لمن لم يتحقق فيه هذا الشرط .ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ و بعد هذه المقارنة ماهي النتيجة المستخلصة ؟؟؟ نستطيع أن نستفيد من قول الإمام المناوي و نربطه بالنتائج السابقة للحصول على إجابةمقنعة للسؤال . - إن شاء الله - قال الامام المناويفي الجنة مائة درجةيعني درجها الكبائر مائة وفي ضمن كل درجة منها درجات صغار كثيرة فلا تعارض بينه وبين خبر أحمد يقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة اقرأ واصعد فيقرأ ويصعد بكل آية درجة حتى يقرأ آخر شيء معه (ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض) هذا التفاوت إما بحسب الصورة كطبقات السماء أو بحسب المعنى أي باعتبار التفاوت في القرب إلى اللّه ولا مانع من الجمع، وفيه دلالة على أنها في غاية العلو ونهاية الارتفاع.فيض القدير 3 /476 النتيجة : معنى قول الامام المناويأن المائة درجة التي أعدها الله سبحانه و تعالى كل درجة منها بينها و بين الأخرى كما بين السماء و الأرض مقسمة إلى درجات أصغر منها .تقريب المعنى للذهن بطريقة أوضح :(المسألة فقط تقريب للأذهان و لا أجزم أبد أبدا بصحتها)يعني المائة درجة للمجاهدين = 6236 درجة و التي هي درجات حفاظ القرآن الكريم .و بما أن بين كل درجتين من درجات المائة درجات أصغركما قال الامام المناوي فقد تكون بين كل درجتين تقريبا62 أو 63 أو أكثر أو أقل يعنى قد لا تكون الدرجات كلها متساوية بل بينها تفاوت في العدد و لكنها في النهاية تكمل ال 6236 درجة . و بالتالي على حسب اتقان الحفظ و العمل به تكون درجة الحافظ و على حسب إقدام و إخلاص المجاهد و بلائة في أرض المعركة تكون درجته و بالتالي قد يكون هناك تساوي بين بعض الحفاظ و بعض المجاهدين في الدرجات و هذا ممكن جدا . و لكن أعلى درجة للمجاهد و هي الفردوس الأعلى لابد أن تساوي أعلى درجة للحافظ لأن الفردوس الأعلى ليس بعده منزلة لأن فوقه عرش الرحمن . و لكـــــــــــــــــــــــندرجة الحافظ العامل به تتميز بشيء :أنه يكون مع الملائكة السفرة الكرام البررة و هي منزلة لم تذكر للمجاهد . وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .ألم يكن هذا الحافظ فيجهاد دائب مستمرفي الدنيا لتثبيت الحفظ وإتقانة مع شدة معاناة ذلك بدليل قوله صلى الله عليه وسلم(تعاهدوا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصيا من الإبل في عقلها )مع جهاد النفس بالعمل بما علم ؟؟؟ بـــــــــــــــــــلى . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ و الله أعلم . سؤال: هل تستمع الملائكة للقارئ المتقن الخاشع الحسن الصوت ؟؟؟ الإجابة على هذا السؤال نجدها في الأحاديث التالية :المعول على ذلك حديث أسيد بن حضير رضي الله عنه و سأذكره من مصادر مختلفة للاستفاده من الزيادات التي في ألفاظ الحديث.(1)حديث (أسيد بن حضير رضي الله عنه من صحيح البخاري )(5018 ) (عن أسيد بن حضير قال بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة وفرسه مربوطة عنده إذ جالت الفرس فسكت فسكتت فقرأ فجالت الفرس فسكت وسكتت الفرس ثم قرأ فجالت الفرس فانصرف وكان ابنه يحيى قريبا منها فأشفق أن تصيبه فلما اجتره رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها فلما أصبح حدث النبي صلى الله عليه وسلم فقال اقرأ يا ابن حضير اقرأ يا ابن حضير قال فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى وكان منها قريبا فرفعت رأسي فانصرفت إليه فرفعت رأسي إلى السماء فإذا مثل الظلة فيها أمثال المصابيح فخرجت حتى لا أراها قالوتدري ما ذاك قال لاقال تلك الملائكة دنت لصوتك ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (2)رواية صحيح مسلم(1895) عن أبي سعيد الخدرى عنأسيد بن حضير بينما هو ليلة يقرأفى مربده إذجالت فرسه فقرأ ثم جالت أخرى فقرأ ثم جالت أيضا قال أسيد فخشيت أن تطأ يحيىفقمت إليها فإذا مثل الظلة فوق رأسىفيها أمثال السرج عرجت فى الجو حتى ماأراها - قال - فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله بينماأنا البارحة من جوف الليل أقرأ فى مربدى إذ جالت فرسى . فقال رسول الله صلىالله عليه وسلم ( اقرإ ابن حضير ). قال فقرأت ثم جالت أيضا . فقال رسول الله صلىالله عليه وسلم ( اقرإ ابن حضير ). قال فقرأت ثم جالت أيضا . فقال رسول الله صلىالله عليه وسلم ( اقرإ ابن حضير ). قال فانصرفت . وكان يحيى قريبا منها خشيتأن تطأهفرأيت مثل الظلة فيها أمثال السرج عرجت فى الجو حتى ما أراهافقال رسولالله صلى الله عليه وسلم ( تلك الملائكةكانت تستمع لكولو قرأت لأصبحت يراها الناسما تستتر منهم ). ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (3)رواية سنن النسائي الكبرى(7981) ـ عن أبي سعيد الخدري عن أسيد بن حضير ، ـوكان من أحسن الناس صوتاً بالقرآنـ قال: قرأت سورة البقرة، وفرسٌ لي مربوط، ويحيى ابني مضّجع قريباً مني وهو غلام، فجالت الفرس جولة، فقمت ليس لي همٌّ إلا ابني يحيى، فسكنت الفرس، ثم قرأتُ فجالت الفرس فقمت ليس لي هم إلا ابني، ثم قرأت فجالت الفرس فإذا ليس لي هم إلا ابني، ثم قرأتُ فجالت الفرس فرفعت رأسي فإذا بشيء كهيئة الظُّلَّة في مثل المصابيح مُقْبل من السِّماء، فهالني، فسكتُّ، فلما أصبحتُ غدوت على رسول الله فأخبرته، فقال: اقرأ يا أبا يحيى، فقلت: قد قرأت فجالت الفرس فقمت ليس لي هم إلا ابني، قال: اقرأ يا أبن حضير، قال: قد قرأت فرفعت رأسي فإذا كهيئة الظلَّة فيها مصابيح فهالتني، فقال: تلك الملائكة دَنْوا لصوتك، ولو قرأت لأصبح الناس ينظرون إليهم. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (4)رواية أخرى في صحيح مسلم(1892) عن البراء قال كان رجل يقرأسورة الكهف وعنده فرس مربوط بشطنين فتغشته سحابة فجعلت تدور وتدنو وجعل فرسه ينفر منها فلما أصبح أتى النبى صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال( تلك السكينة تنزلت للقرآن ) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سأذكر شرح الحديث باختصار بأسلوبي على هيئة أسئلة و ذلك طبعا بعد الاستفادة من قرائتي لشروح هذه الأحاديث من فتح الباري و عمدة القاري وشرح الامام النووي على صحيح مسلمو ذلك يكون لدي مجال أوسع في الاستفادة من الزيادات في الألفاظ في روايات الحديث و توظيفها بطريقة تخدم الموضوع . الشرح (1)من هو الصحابي الذي وقعت له هذه القصة و أين و من كان معه في ذلك الوقت ؟؟؟و أي السور كان يقرأ ؟؟ الصحابي الذي وقعت له هذه القصة هو الصحابي أسيد بن حضير و قد كان رضي الله عنه في مربده و المربد هو المكانيجفف فيه التمر كالبيدر للحنطة وغيرهاكما قال الامام النوويو فرسة مربوط بحبل عنده و بالقرب من الفرس كان إبنه يحيى و هو غلام صغير نائم و قد كان أسيد بن حضير رضي الله عنه يقرآ سورة البقرة و أيضا قرأ من سورة الكهف كما جاء في الرواية الرابعة التي من صحيح مسلمحيث جاء في الرواية رقم (4) قول البراء بن عازب رضي الله عنه كان رجل يقرأ سورة الكهف و عنده فرس (الحديث ) و قد فسر ابن حجر ذلك بأن الرجل الذي في هذه الرواية هو نفسه أسيد بن حضير رضي الله عنه و قد ذكر في الروايات السابقة أنه كان يقرأ سورة البقرة و في هذه الرواية أنه كان يقرأ سورة الكهف و الجمع بينهما كما ذكر الحافظ ابن حجر أنه قرأ من السورتين و في هذا الحديث فضيلة لسورة البقرة و أيضا سورة الكهف و فضيلة ظاهرة لأسيد بن حضير لأن الملائكة دنت لتستمع لقراءته . (2) ما الدليل على خشوع أسيد بن حضير رضي الله عنه في قراءته ؟؟الدليل على ذلك الفقرة التالية من الحديث الشريف :(بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة وفرسه مربوطة عندهإذ جالت الفرسفسكت فسكتت فقرأفجالت الفرسفسكت وسكتت الفرس ثمقرأ فجالت الفرسفانصرف وكان ابنه يحيى قريبا منها فأشفق أن تصيبه فلما اجتره رفع رأسه إلى السماء)من الحديث يتضح لنا أن الفرس جالت ثلاث مرات و في كل مرة كان الغلام الصغيرالنائم قريب من الفرس و احتمال أن تطأه الفرس بحوافرها احتمال قوي و مع ذلك استمر أسيد رضي الله عنه في القراءة و لم ينهض لجر ابنه بعيدا عن الفرس إلا في المرة الثالثة بعد أن أشفق على الصغير أن يصاب بأذى من جولان الفرس و اضطرابها . و هذا يدل على استغراقه و خشوعه في قراءته و تعظيمه لحق القراءة حتى أنه لم يتشاغل بابنه عن القراءة إلا بعد أن أيقن بأن الخطر قد أحدق بالغلام الصغير حينها شعر بأن من واجبه كأب مسؤول عن رعيته أن يراعي حق هذا الطفل و يحفظ عليه حياته و أمنه . (3) لماذا كانت الفرس تضطرب و تجول عندما يقرأ أسيد رضي الله عنه و تسكن إذا سكت عن القراءة ؟؟ الجواب من الفقرة التالية من الحديث الرابع:(فتغشته سحابة فجعلت تدور وتدنو وجعل فرسه ينفر)عندما كان أسيد رضي الله عنه يقرأ كانت السحابة التي بها الملائكة تدور و تدنو لتقترب أكثر من أسيد رضي الله عنه لذلك كانت الفرس تنفر و تجول و تضطرب عندما ترى السحابة تدورو عندما يسكت أسيد رضي الله عنه عن القراءة كانت السحابة تسكن لذلك كانت الفرس تهدأ و تسكن . ( ملاحظة قال الامام النووي لفظ الفرس يذكر و يؤنث ). (4) و لماذا كانت الملائكة تستمع لقراءة أسيد رضي الله عنه ؟؟ كانت الملائكة تستمع إليه رضي الله عنه لأنه كما جاء في رواية الامام النسائي(وكان من أحسن الناس صوتاً بالقرآن)و لقول الرسول صلى الله عليه وسلم له عندما قص عليه القصةفي رواية الامام مسلم ( تلك الملائكةكانت تستمع لك ) و في رواية الامام البخاري (تلك الملائكة دَنْوا لصوتك) و في شعب الايمان عند الامام البيهقي بلفظ(قال تلك الملائكة أتت لصوتك). (قلت أنا)و الجمع بينهما أن الملائكة أتت للاستماع لقراءته لحسن صوته و دنت لتكون أقرب و أقرب للاستماع و الانصات جيدا لقراءته . (5) ما معنى كلمة السكينة في قوله صلى الله عليه وسلم( تلك السكينة تنزلت للقرآن )؟؟ قال الامام النووي :قد قيل في معنى السكينة هنا أشياء المختار منها أنها شيء من مخلوقات الله تعالى فيه طمأنينة ورحمة ومعه الملائكة والله أعلم. و قال الامام بدر الدينالعيني السكينة. واختلفوا في معناها والمختار أنها شيء من مخلوقات الله تعالى فيه طمأنينة ورحمة ومعه ملائكة يستمعون القرآن.وعن الضحاك بن مزاحم قال: هي الرحمة، وعنه هي سكون القلب وهذا اختيار الطبري، وقيل هي الطمأنينة، وقيل الوقار، وقيل الملائكة . (6) ماذا حدث عندما توقف أسيد بن حضير رضي الله عنه عن القراءة و انتقل من مكانه إلى ابنه يحيى ؟؟؟ عندما توقف أسيد بن حضير رضي الله عنه عن القراءة وانتقل من مكانه إلى المكان الذي به ابنه يحيى بدأت الملائكة ترتفع شيئا فشيئا حتى ما يكاد يراها , بدليل قولهقال فانصرفت . وكان يحيى قريبا منها خشيت أن تطأه( فرأيت مثل الظلة فيها أمثال السرج عرجت فى الجو حتى ما أراها)وهذا يعني أن الملائكة كانت في سحابة فيها أمثال المصابيحو كانت هذه السحابة تدنو شيئا فشيئا عندما كان يقرأ و عندما كان يتوقف عن القراءة و هو في مكانه كانت السحابة تسكن عن الحركة و لكن لا ترتفع عن مكانها ، و لكن عندما ترك مكان قراءته كان هذا إيذانا منه بتوقفه عن القراءة عندها ارتفعت الملائكة صعودا في الجو حتى ما يكاد يراها . و لأن هذا دليل على اشتغال القلب عن القراءة فكان ذلك سببا في صعود الملائكة واختفائها . (7) ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم لأسيد رضي الله عنه بعد أن قص عليه القصة( اقرأ يا ابن حضير اقرأ يا ابن حضير) ؟؟ هل معنى ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يقرأ عليه في ذلك الوقت ؟؟؟ يجيب على ذلك الحافظ ابن حجر فيقول :معنى (اقرأ يا ابن حضير)أي كان ينبغي أن تستمر على قراءتك، وليس أمرا له بالقراءة في حالة التحديث، وكأنه استحضر صورة الحال فصار كأنه حاضر عنده لما رأى ما رأى، فكأنه يقول: استمر على قراءتك لتستمر لك البركة بنزول الملائكة واستماعها لقراءتك، وفهم أسيد ذلك فأجاب بعذره في قطع القراءة، وهو قوله " خفت أن تطأ يحيى " أي خشيت إن استمريت على القراءة أن تطأ الفرس ولدى. (8) ماذا كان يحصل لو كان أسيد رضي الله عنه استمر بقراءته إلى وقت الصبح ؟؟ لو استمر في القراءة لحصل ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث و هو بقاء الملائكة بهيئاتهم أمام الناس ظاهرين لا يتوارون منهم كما جاءت الروايات في ذلك بالألفاظ التاليةولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم .(تلك الملائكة دَنْوا لصوتك، ولو قرأت لأصبح الناس ينظرون إليهم) ( تلك الملائكة كانت تستمع لك ولو قرأت لأصبحت يراها الناس ما تستتر منهم ). و كأني فهمت أن الملائكة ستظل تقترب و تدنو حتى تصل إلى الأرض و عند الصباح سيراها الناس على الأرض على هيئاتها دون استتار . و الله أعلم . قال الامام النوويوفي هذا الحديث جواز رؤية آحاد الأمة الملائكة، وفيه فضيلة القراءة وأنها سبب نزول الرحمة وحضور الملائكة، وفيه فضيلة استماع القرآن. قوله صلى الله عليه وسلّم: «اقرأ فلان» وفي الرواية الأخرى اقرأ ثلاث مراتمعناه كان ينبغي أن تستمر على القرآن وتغتنم ماحصل لك من نزول السكينة والملائكة وتستكثر من القراءة التي هي سبب بقائها. قال الحافظ ابن حجر معلقا على قول الامام النوويقال النووي: في هذا الحديث جواز رؤية آحاد الأمة للملائكة، كذا أطلق، وهو صحيح لكن الذي يظهر التقييد بالصالح مثلا والحسن الصوت، قال: وفيه فضيلة القراءة وأنها سبب نزول الرحمة وحضور الملائكة. وقد أشار في آخر الحديث بقوله " ما يتوارى منهم " إلى أن الملائكة لاستغراقهم في الاستماع كانوا يستمرون على عدم الاختفاء الذي هو من شأنهم.و في الحديثوأن التشاغل بشيء من أمور الدنيا ولو كان من المباح قد يفوت الخير الكثير فكيف لو كان بغير الأمر المباح( يقصد الحافظ ابن حجر أن انشغال أسيد رضي الله عنه بابنه كان سببا في ارتفاع الملائكة بعدما كانوا يستمعون لتلاوته ) .و قال الامام بدر الدين العينيوفيه جواز رؤية بني آدم الملائكة فالمؤمنون يرونهم رحمة والكفار عذابا، لكن بشرط الصلاح وحسن الصوت. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سؤال هل حدثت مثل هذه القصة لصحابي آخر ؟؟؟ قال الحافظ ابن حجرأخرج أبو داود من طريق مرسلة قال " قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: ألم تر ثابت بن قيس لم تزل داره البارحة تزهر بمصابيح؛ قال: فلعله قرأ سورة البقرة. فسئل قال: قرأت سورة البقرة " ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (25763)ـ حدّثنا عفان قال حدثنا سليمن بن المغيرة قال حدثنا ثابت قال: كان أبو هريرة يقول: البيت إذا تلي فيه كتاب الله اتسع بأهله وكثر خيره وحضرته الملائكة وخرجت منه الشياطين، والبيت الذي لم يتل فيه كتاب الله ضاق بأهله وقل خيره وتنكبت عنه الملائكة وحضره الشياطين. (25759)ـ حدّثنا هشيم عن عباد عن ابن سيرين قال: البيت الذي يقرأ فيه القرءان تحضره الملائكة وتخرج منه الشياطين ويتسع بأهله ويكثر خيره، والبيت الذي لا يقرأ فيه القرءان تحضره الشياطين وتخرج منه الملائكة ويضيق بأهله ويقل خيره. مصنف ابن أبي شيبة7/166, 167 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ و الله أعلم . الشيخ الباحث أو مسلم العربي منقول للفائدة