منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع الفقه (https://hwazen.com/vb/f284.html)
-   -   ملف عن الغسل وأنواعه (https://hwazen.com/vb/t18391.html)

عطر الجنة 08-09-2018 06:29 PM

ملف عن الغسل وأنواعه
 







http://ar.assabile.com/media/categor.../ightissal.png




تعريف الغُسْل: هو: ـ بضم الغين وفتحها ـ مصدرٌ للفعل غَسَل، والفتح أشهر من الضم.

ومعناه لغة: سيلان الماء مطلقاً على أي شيء كان، يقال: غسل يده، وغسل السيارة، غسْلاً ـ بفتح الغين وضمها ـ بمعنى: أسال الماء إسالة.

أما في الاصطلاح: فالغُسل ـ بالضم ـ اسم مصدر، وهو ما يستعمله الفقهاء، ويطلقونه على: إسالة الماء على جميع البدن على وجه مخصوص.

مشروعية الغسل: هو مشـروع في الإسلام سـواء كان لرفع الحدث، أو للنظافة، أو للتبرُّد. قال الله تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)}. النساء /43.


وروى الشيخان أن النبي صل الله عليه وسلم قال: "حقٌّ على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوماً، يغسل فيه رأسه وجسده "


وأجمع الفقهاء على مشروعية الغسل من الجنابة والحيض والنفاس، وللنظافة، وللتبرُّد، لا يُعرف في هذا مخالف.

الحكمة من الغسل: للغسل حكم وفوائد وآثار عديدة منها:
1ـ التعبد والتبرُّر إلى الله تعالى: بفعل ما أمر به كالاغتسال من الجنابة، والنفاس، والحيض، وفي هذا من الامتثال لأوامره ما لا يخفى، وبخاصة أنه تترتب على فعله عبادات أخرى كالمكوث في المسجد، والصلاة، وقراءة القرآن، والطواف بالكعبة.


روى مسلم عن رسول الله صل الله عليه وسلم أنه قال:

"الطُّهور شطر الإيِمان ".


والطُّهور: يشمل الغسل، والوضوء. والإِيمان هنا: الصلاة، أخذاً من الآية {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ غڑ ...} البقرة /143. أي: صلاتكم.

2ـ حصول النظافة: فبالغسل ينـزاح عن الجسم ما أصابه من إفرازات التعرُّق والدَرَن، وتطيب رائحة الإنسان، ويكون ذلك سبباً في السلامة من الأمراض، وتَحبُّبه إلى الناس.



روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان الناسُ أهل عمل، ولم يكن لهم كُفاة، فكان لهم تَفَل، فقيل لهم: لو اغتسـلتم يوم الجمعة ". وفي رواية: "لو أنكم تطهَّرتم ليومكم هذا ".

3ـ حصول النشاط: فالجسم ينشط بالغسل ويكتسب قوة وحيوية، ويذهب عنه الفتور والخمول والكسل، ولا سيما إذا كان الغسل بعد جهد بدني وتعب جسمي.


أنواع الغُسـل
الغسل نوعان: الأول: فرض واجب،

والثاني: سنة مستحب، ونتناول كل نوع وأحكامه في مبحث خاص، على النحو التالي:
النوع الأول: الغسل الواجب المفروض
موجبات الغسل الفرض: هي ستة: خروج المني، والجماع مطلقاً، وانقطاع الحيض، وانقطاع النفاس، ودخول الكافر في الإسلام، وموت المسلم، وإليك بيان هذا:
1ـ خروج المَنِيِّ: يجب على المكلف الاغتسال بخروج المني، دفقاً ـ في دفعات ـ بلذة، من الرجل أو من المرأة، سواء كان خروج المني باحتلام، أو مداعبة، أو نظرِ شهوة، أو تفكير شهوة.

والدليل على هذا ما أخرجه ابن ماجه وغيره بإسناد حسن عن علي - رضي الله عنه - قال: سألت رسول الله صل الله عليه وسلم فقال: "في المنيِّ الغُسل".

وروي الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت: "سئل رسول الله - صل الله عليه وسلم - عن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلاماً, فقال: يغتسل، وسئل عن الرجل يرى أنه قد احتلم, ولا يجد البلل فقال: لا غُسْل عليه, فقالت أم سُلَيْم: وهل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت ؟ قال: نعم, إذا رأت الماء, النساء شقائق الرجال".


وَصِفةُ المَنِيِّ: ثخين أبيض عند الرجل, رقيق أصفر عند المرأة, كما في صحيح مسلم, يخرج دفقاً بشهوة وتلذذ, ويصيب الجسم فتور وكسل بعد خروجه.


وإذا خرج المني من المستيقظ بغير لذة ولا دفق, بسبب برد، أو حَرٍّ، أو مرض, فليس عليه غسل,
لما رواه أحمد وأبو داوود والترمذي وصححه عن علي - رضي الله عنه - أن النبي صل الله عليه وسلم قال: "إذا فضَخْتَ الماء ـ قذفته بلذَّة ـ فاغتسـل, وإن لم تكن فاضخاً, فلا تغتسل ". وفي تلك الحالات يكون الخارج أشبه بالمَذْي, وإن كان لا يسمى مَذْياً, والمَذْي نجس, ويُغسل الثوب ونحوه منه باتفاق الفقهاء.

وصفة المَذْي: ماء رقيق أبيض, يخرج دون دفق , بمداعبة ونحوها. وهو لا غُسْل فيه, وإنما الوضوء, لما رواه أبو داود عن علي - رضي الله عنه - قال: "كنت رجلاً مذَّاء, فاستحيَيْتُ أن أسأل رسول الله - صل الله عليه وسلم - لمكان ابنته مني, فأمرتُ المقداد فسأله, فقال: يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ".

أما الوَدْيُ: فهو ماء أبيض رقيق, يخرج في إثر البول, وليس فيه غسل, وهو نجس كالبول والمذي.

ومن أحسَّ بحركة المني فأمسك ذكَرَه، فلم يخرج منه المني، ففي غُسْله قولان:
القول الأول: لا غسل عليه ؛ لظاهر الحديث الآنف:"إذا رأتِ الماءَ". والماء هنا: المني الذي لم يظهر من الجسم, بل لا زال محتَبَساً فيه.


القول الثاني: عليه الغسل؛ لأن المني خرج من مقَرِّه, فأشبه ما لو ظهر من الجسم, وبخاصة أنه يبعد عادة عدم خروجه بعدئذ, وهو المختار.

فإن اغتسل ثم خرج المني المحتبَس في عضوه لم يُعِدِ الغسلَ؛ لأنه انفصل عن مقره, وهو واحد, ولا يخرج وقتئذ بدفق.

ومثل ذلك: لو خرج بعض المني فاغتسل, ثم خرجت بقيتُه, فلا يعيد الغسل, لعدم الشهوة والدفق في الخارج الجديد, لكنه يتوضأ لخروجه.

2ـ الجماع مطلقاً: هو من موجبات الغسل المفروض, ولو لم يُنـزِل مَنِـيَّاً, وحَدُّ الجماع: التقاء الختانيْن, بتغييب حشفة الرجل في فرج المرأة, وذلك لما رواه مسلم وغيره: "إذا التقى الختانان، وغابت الحشفة, وجَب الغسل أنزل أو لم يُنـزل".

والختانان: موضع الخَتْن, وهو في الرجل: الجلدة التي تبقى بعد الختان, وفي المرأة: الجلدة التي في أعلى الفرج, ويُقطع منها إذا اختُتِنت.


فإذا غابت الحشفة ـ رأس الذكر ـ تحاذى ختان الرجل بختان المرأة والتقيا, فيجب الغسل عليهما لذلك, فإن أدخل بعض الحشفة ولم يُنْزِلا, فلا غسل عليهما؛ وذلك لظاهر الحديث, فإن أنزل الرجل, اغتسل هو لخروج المني بحسب ما سبق.

هذا, ويجب الغسل على البالغ بالإيلاج في كل فرج: قُبُلٍ، أو دُبُر, من آدمي وغيره, مستيقظ أو نائم, ولو كان المجامَع إنساناً صغيراً ما دام يُشتهى مثله, وذلك لظاهر النصوص وعمومها.

3ـ انقطاع الحيض: الحيض: الدم الخارج من رحِم البالغة في أوقات معلومة, بلا علة ولا مرض, ويطلق عليها اسم الدورة الشهرية، والعادة الشهرية عند المرأة, وإذا أتى الفتاةَ أوَّلَ مرة, دلَّ على بلوغها سنَّ التكليف, فإذا انقطع الحيض عن المرأة وطهرت منه وجب عليها الاغتسال شرعاً؛ وذلك لأداء العبادات التي لا تصح دون الاغتسال المفروض, وبهذا يكون انقطاع الحيض من موجبات الغسل المفروض الذي أمر به النبي صل الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة, منها ما رواه الشيخان، أنه قال لفاطمة بنت أبي حُبَيْش: "دعي الصلاة قدْر الأيام التي كنت تحيضين فيها, ثم اغتسلي وصلِّي". وسيأتي قريباً مزيدٌ لبيان أحكام الحيض.

4ـ انقطاع النفاس: النفاس: الدم الخارج من المرأة عقب المولود. وقد اتفق عامة الفقهاء على وجوب الغسل من النفاس بعد انقطاعه؛ لأنه والحيض سواء؛ لعموم الآية:
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ...}. البقرة /222.


ومعنى تطهَّرن: اغتسلن, لأن الآية منعت وطء الزوجة قبل الغُسل, فدل على وجوبه عليها.

أما إن ولدت المرأة ولم ترَ دماً, فهي طاهر لا نفاس عليها, وفي وجوب الغسل قولان: أحدهما: لا يجب؛ لأن الوجوب من الشرع على النفساء, وليست هذه نفساء ولا في معناها.
والثاني: يجب عليها الغسل؛ لأن الولادة مظِنَّةٌ للنفاس, فيتعلق الإيجاب بها، ولا عبرة للحالات القليلة.


والقول الأول هو المختار, لكنها تتوضأ وتصلي ... وسيأتي قريباً مزيدُ بيان لأحكام النفاس.

5ـ دخول الكافر في الإسلام: إذا أسلم الكافر وجب عليه الغسل سواء كان كافراً أصلياً، أو مرتداً، رجلاً، أو امرأة، اغتسل قبل إسلامه، أو لم يغتسل، وهذا هو القول الراجح عند الحنابلة، وبه قال المالكية. أما الحنفية والشافعية فقالوا باستحباب غسل الكافر إذا أسلم.

واسـتدل الموجبون بما رواه البيهقي في سننه وابن خزيمة في صحيحه أن النبي صل الله عليه وسلم أمر عاصم بن قيس بالاغتسـال بعد أن أسلم.



وروى الشـيخان وابن خزيمة في صحيحه والبيهقي في سـننه ـ وفيهما تصريح بالأمر ـ أن النبي صل الله عليه وسلم أمر ثمامة بن أثال حين أسلم أن يغتسل، ففعل. وأضاف الموجبون: بأنه يقام ـ هنا ـ مظِنَّةُ حدث الكافر، مقامَ حقيقة الحدث؛ لاحتماله في الأمر التعبدي المبني على الاحتياط.

واستدل القائلون باستحباب غُسل الكافر إذا أسلم، بالحديث المتفق عليه، وهو: أن النبي صل الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن قال: "اُدْعُهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، فإن هم أطاعوك، فأعلمهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات .." ولم يذكر فيه الغُسْل، ولو كان واجباً لأمرهم به، وأضافوا: أنه أسلم العدد الكثير من الناس والجمُّ الغفير، فلو أُمروا بالغسل لنُقل متواتراً وكان واجباً. وأجابوا عن أمر النبي - صل الله عليه وسلم - لثمامة ولعاصم بالغسل، بأنه على سبيل الندب والاستحباب، أو لاحتمال علمه بالوحي أنهما كانا جُنُبَيْن.



وأما إقامة الظن، فاعتُرض بعدم إقامته في المغمى عليه والمجنون، حيث لا يجب عليهما الغسل بعد الصحو عند الحنابلة والمالكية أنفسهم! والقول الأول أولى؛ للنص، ولأن أدلة الآخرين عامة.

6ـ موت المسلم: أجمع عامة الفقهاء على وجوب غَسْل المسلم إذا مات إلا الشهيد، فإنه له أحكاماً خاصة.

وتغسيل الميت المسلم أمر تعبدي لا علاقة له بالحدَث، وهو يتضمن معنى إكرام المسلم والوفاء به بعد وفاته، وورد في وجوب غسل الميت المسلم ما رواه الشيخان في الرجل المُحْرِم الذي قتلتْه ناقتُه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اغسلوه بماء وسِدْر". والسِّدْر: نبات له رائحة حسنة.

وبناء عليه: لا حرج في أن يُجعَل مع الماء الذي يُغسَّل به الميِّت يسيرٌ من الطِيِبِ، أو الصابون، أو " الشامبو " ونحوه مما يزيد في حسن رائحته ونظافته.
ما يحرم على الجنب فعله: يحـرم على الجنب ـ

المحْـدِث حدثاً أكبر ـ فعلُ ما يلي:
1ـ الصلاة مطلقاً: سواء كانت فرضاً أو نفلاً، وكذا ما في معناها كصلاة الجنازة، وسجود التلاوة، وسجود الشكر، وذلك للآية: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}النساء /43.


وروى مسلم أن النبي صل الله عليه وسلم قال: "لا تُقبَلُ صلاةٌ بغير طَهور ". وهذا يشمل الطهارة من الجنابة.

2ـ المُكْث في المسجد أو الجلوس فيه: لا يجوز للجنب المكوث في المسـجد أو الجلوس فيه؛ لما رواه أبو داود بإسـناد حسن وابن ماجه، ورواه ابن خزيمة في صحيحـه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن المسـجد لا يَحِلُّ لحائض ولا جنب ".

وقول عطاء: رأيت رجالاً من أصحاب النبي صل الله عليه وسلم يجلسون في المسجد وهم مُجْنِبون إذا توضؤا وضوء الصلاة. رواه أحمد ورواه سعيد بن منصور في سننه بسند صحيح، لكنَّ الأول أولى للنص النبوي، وهو الأشهر والمعمول به.


هذا، ويرى عامة الفقهاء أنه يجوز للجنب المرور في المسجد دون المكوث فيه، سواء كان المرور لحاجة ـ كقِصَر الطريق ـ أو لغير حاجة، وذلك للآية: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}.النساء /43.
ولما رواه ابن المنذر ـ كما في المغني ـ أن أصحاب النبي صل الله عليه وسلم كانوا يمشون في المسجد وهم جُنُب.

أما اتخاذ المسجد طريقاً، فقد روي عن الإمام أحمد وغيره كراهة اتخاذ المسجد طريقاً، للجنب ولغيره؛ وذلك احتراماً للمسجد، وصيانة له من الابتذال والامتهان.

3ـ مسُّ أو قراءة آية من القرآن فأكثر: قال الله تعالى: {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ }الواقعة /79.



وروى الدارقطني ومالك وابن خزيمة في صحيحه والحاكم بإسناد لا بأس به، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يمسَّ القرآنَ إلا طاهرٌ ".



وهذا يشمل الطهارة من الحدث الأكبر ـ الجنابة والحيض ونحوه ـ ومن الحدث الأصغر، كما يشمل كثيرَ القرآن وقليلَه، باليد، أو بطرف الجسم، كالكتف، والرأس، وعليه جمهور الفقهاء، وسيأتي مزيدُ بيان لهذا في أحكام الوضوء.
وفي حرمة قراءة الجنب آية فأكثر،


روى ابن ماجه والدارقطني والحاكم وصححه عن علي - رضي الله عنه - قال: "كان ـ أي: النبي صل الله عليه وسلم ـ لا يَحْجِبه عن القرآن شيء سوى الجنابة ". وفي لفظ للترمذي وصححه: "كان يُقرؤنا القرآن ما لم يكن جنباً ". وفي رواية لأحمد وأبي يعلى: "أن النبي صل الله عليه وسلم توضأ ثم قرأ شيئاً من القرآن، ثم قال: هكذا لمن ليس بجنب، فأما الجنب، فلا، ولا آية".

ورجال الحديث ثقات كما قال الهيتمي.

هذا، ويجوز للجنب النظر في المصحف دون مسِّه، كما يجوز له استعراض ما يحفظه في خاطره ونفْسِه دون تلفظٍ به، ويجوز له الدعاء بالأدعية القرآنية، بنيَّة الدعاء لا قراءة القرآن، كقوله: {وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} البقرة/201.

ونحو ذلك، كما يجوز له ذكر الله تعالى وتسبيحه وحمده، لحديث عائشة رضي الله عنها: "كان النبي صل الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه ".رواه مسلم.

4ـ الطواف بالكعبة: يحرم على الجنب الطـواف بالكعبة مطلقاً؛ لأن الطـواف كالصلاة؛ لحديث: "الطواف بالبيت صـلاة، إلا أن الله أباح فيه الكلام ". رواه الترمذي والحاكم وصححه .

أركان الغسل الواجب: يقصد بأركان الغسل الواجب، صفة الغسل المُجْزئ، المشتمل على فعل الواجبات فقط، والتي لا يصح الغسل إلا بها، وهي ركنان:
الركن الأول: النية: ومعناها: استحضار قصد الغُسْل للطهارة من الجنابة، ومحلها القلب، وإن تلفظ بها بلسانه أجزأه،

وفي الحديث المتفق عليه: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ".
الركن الثاني: غَسْلُ جميع البدن مرة واحدة: وهذا يتضمن إيصال الماء إلى جميع ظاهر الجسم، بَشَرةً، وشـعراً، وفماً، وأنفاً، دون مشـقة أو ضرر، قال الله تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}.. النساء/43.

أي: تَعمُّوا جميع الجسد بالماء.

وروى البخاري عن جابر رضي الله عنه يصف غُسل النبي صلى الله عليه وسلم: كان يُفيض الماء على رأسه، ثم يفيض على سائر جسده.
وروى مسلم أن النبي صل الله عليه وسلم قال لأم سلمة، وقد سألته عن الغُسل: "إنما يكفيك أن تَحثي على رأسـك ثلاث حَثَيَات، ثم تُفيضين عليك المـاء فتطهرين ". ومعنى هذا: أنه لا يجب على المرأة أن تَفُكَّ ضفائرها حال الغُسْل من الجنابة؛ وذلك دفعاً للمشقة عنها؛ لأن الغسل من الجنابة يتكرر في أوقات متقاربة.

أما حال الغسل من الحيض والنفاس فتفُكُّ المرأة ضفائرها وتنقضُها، لما رواه ابن ماجه بإسناد صحيح عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها وكانت حائضاً: "اُنْقُضي شعرَكِ واغتسلي". ولأنه ليس في هذا مشقة؛ لأن الحيض يأتي في كل شهر مرة.

الصفة المسنونة للغسل: لغسل الجنابة صفتان: صفة إجزاء واجبة سبق بيانها، وصفة كمال مسنونة، وهي الهيئة الشاملة الكاملة للغسل، التي كان يفعلها النبي صل الله عليه وسلم ، وهي تشتمل على الفرائض والسنن، ولا شك أن المواظبة على الصفة المسنونة للغسل، تدل على كمال الاقتداء بالهدي النبوي، والتأسي برسول الله صل الله عليه وسلم ،


وهذه الصفة تتضمن الأمور التسعة التالية:
1ـ النية: وسبق الكلام عليها آنفاً.


التسمية: وهي قول: بسم الله... وذلك لعموم حديث: "كل أمر ذي بال لا يُبدأ فيه بـ بسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر ".
رواه أبو داوود بسند حسـن.

ومعنى أبتر: ناقض الخير والبركة. ويسمِّي في سـرِّه إذا كان مكشوف العورة.

غسل اليدين للرسغين ثلاثاً: وورد في هذا حديث الشيخين عن ميمونة زوج النبي صل الله عليه وسلم ، وهي تصف غسل النبي صل الله عليه وسلم.

غسل الأذى عن الجسم: وذلك بغسل الفرج والفخذين، وإزالة ما بهما من قذر وأذى، كبراز ومنيٍّ ومذي. روي الشيخان عن ميمونة رضي الله عنها قالت: "وَضَع رسول الله صل الله عليه وسلم وضوء الجنابة فغسل مذاكيره، ثم دلَك بيده الأرض ـ وهي تراب ـ مرتين أو ثلاث ".وإنما فعل ذلك لعدم تيسُّر الصابون ونحوه ساعتئذ ...
الوضوء: وذلك كوضوئه للصلاة، لحديث الشيخين عن عائشة رضي الله عنها تصف غسل النبي صلى الله عليه وسلم: "وتوضأ وضوءه للصلاة ". وقد يكون فَعَل ذلك ليُعدَّ الجسم تدريجياً لتقبُّل درجة حرارة الماء أو برودته... ويكون هذا أعون على الغسل وأيسر لتقبل حال الماء.

صب الماء على الرأس ثلاث مرات: بحيث يصل إلى أصول الشعر، مع تخليله بيده لحديث الشيخين الآنف عن عائشة رضي الله عنها، وفيه أنه صبَّ الماء على رأسه ثلاث مرات، وخلَّل شَعْرَه بيده.

7ـ صب الماء على سائر البدن: ويبدأ بالجهة اليمنى ثم اليسرى، لحديث عائشة رضي الله عنها الآنف وفيه: أنه أفاض الماء على بشرته ثلاث مرات، وغسل سائر جسده بادئاً بالشق الأيمن ثم الأيسر. وفي حديث آخر متفق عليه: "كان يحب التيامن في كل شيء ... وفي طهوره، وفي شأنه كله ".

تدليك البدن: وذلك ليطمئن إلى وصول الماء إلى ثَنِيَّات جسمه وإبطيه وسُـرَّته وغيرها، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } المائدة /6.


قال العلماء: تشديد الطاء في الآية للمبالغة في الطهارة، وتحصل بالتدليك، والفَرْك، والدَعْك، والأمر هنا: للندب كما ذكر جمهور الفقهاء.

غسل القدمين: لما رواه الشيخان عن ميمونة رضي الله عنها قالت: " ثم غسل جسده، ثم تنحَّى عن مقامه ذلك فغسل رجليه".



النوع الثاني: الغسل المستحب
يراد بالغسل المستحب: الغسل المشروع على وجه الندب والاستحباب, الذي راعى فيه الشرع مجموعة من الاعتبارات الدينية، والاجتماعية، والصحية.



وهو ثمانية أنواع على النحو التالي:
أولاً: غسل الجمعة: يُسَنُّ للمسلم الاغتسال يوم الجمعة, ابتداء من طلوع الفجر, تكرمة لهذا اليوم, روى الشيخان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الغُسْلُ يوم الجمعة واجب على كل محتلم". وهذا يشمل الرجل والمرأة, والمسافر والمقيم.

وقالت طائفة من الفقهاء: إنما يسن غسل الجمعة لمن يحضر صلاة الجمعة؛ لحديث البخاري: "إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل ". وحملوا الأمر بالاغتسال في الحديث الذي قبل هذا على الندب, ويؤيد هذا ما رواه الترمذي وحسَّنه: "من توضأ يوم الجمعة فبِهَا وَنِعْمَتْ, ومَن اغتسل فالغسل أفضل".

والمختار أن الغسل شـرع من أجل اجتماع الناس للصـلاة في هذا اليوم, لما رواه الشـيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان الناس مَهَنَةَ ـ خَدَمَةَ ـ أنفسِهم, وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم, فقيل لهم: لو اغتسَلتم".



وبناء على هذا, فإنه كلما قَرُب وقت الغسل من صلاة الجمعة كان أفضل؛ لأنه أبلغ في حصول المقصود من الغسل للصلاة, وهو إزالة التَفَل والعرق والإفرازات المنفِّرة, ولِتَطيب رائحة الجسم استعداداً لمخالطة الناس في المسجد, كل ذلك مع مراعاة سنة التبكير إلى صلاة الجمعة قدر الإمكان .

ثانياً: غسل العيدين: يسن الغسل في يوم عيد الفطر وعيد الأضحى, لمن أراد حضور الصلاة, ولمن لا يحضرها, كمريض، ومسافر، وامرأة؛ وذلك لأن يوم العيد يوم تزيُّن وزيارات وتواصل وبهجة, فسُنَّ له الغسل, روى ابن ماجه بسند ضعيف


عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله صل الله عليه وسلم كان يغتسل يوم الفطر ويوم الأضحى. وهذا الحديث يتقوى بما رواه مالك في الموطأ: "أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل يوم الفطر, قبل أن يغدو إلى المصلى" .
ومما يعضد العمل بالحديث وبما ذهب إليه ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن المقصد من مشروعية الغسل يوم الجمعة متوفر في الغسل يوم العيد وزيادة؛ لأن المعنى فيهما واحد, وهو تحقيق النظافة من أجل ملاقاة الناس ومخالطتهم في البيوت والطرقات فضلاً عن المساجد.


ثالثاً: الغسل للإحرام: يندب للمسلم الاغتسال للإحرام بحج أو بعمرة, لما رواه الترمذي ـ وقال: حديث حسن غريب ـ عن زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه أنه رأى النبي صل الله عليه وسلم تجرَّد لإهلاله واغتسل. أي نزع ثيابه للإحرام, واغتسل ورفع صوته بالتلبية.

رابعاً: الغسل لدخول مكة والمدينة: يندب للمسلم الاغتسال لدخول مكة المكرمة, للحديث المتفق عليه: أن ابن عمر رضي الله عنهما كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طُوى, حتى يصبح ويغتسل, ثم يدخل مكة نهاراً, وكان يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله.



خامساً: الغسل للوقوف بعرفة: يُسنُّ للحاج الاغتسال ليوم عرفة إن تيسر له ذلك, روى البيهقي في سننه والشافعي في مسنده أن علياً رضي الله عنه كان يغتسل يوم الجمعة, ويوم العيدين, وإذا أراد أن يحرم، وفي يوم عرفة.
وروى مالك في الموطأ أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل لإحرامه قبل أن يحرم, ولدخول مكة, ولوقوفه عشية عرفة.

سادساً: الغسل للحاجة إلى النظافة في لقاءات الناس: ذكر بعض الحنفية والشافعية والحنابلة: أنه يندب للمسلم الغسل حال الحاجة إلى النظافة, وبخاصة حين مخالطته الناس واجتماعه بهم, وظاهر كلامهم أن هذا الغسل مشروع سواء كان هذا اللقاء لأمر ديني أو دنيوي، كحضور الصلاة للاستسقاء، ولكسوف الشمس, ولخسوف القمر, ولرمي الجمرات, أو حضور ندوة أو محاضرة علمية, أو حفلة, أو اجتماع بالناس في مجالسهم العامة والخاصة, ونحو ذلك في الحالات التي يُحِسُّ المسلم فيها بحاجته إلى النظافة, قبل مزاحمته الناس واجتماعه بهم، في أفراحهم ولقاءاتهم ومناسباتهم الدينية والاجتماعية.
ويستند هذا الأمر إلى عموم المقاصد والغايات المرجوة من مشروعية غسل الجمعة والعيدين والإحرام ونحوه مما تقدم بيانه, حيث دعا الإسلام إلى التحلي بأعلى قدر ممكن من النظافة وحسن المظهر, وبخاصة حال مخالطة الناس, كما هو واضح في مجموع الأحاديث السابقة, وفيما رواه أحمد والحاكم وصححه وحسَّنه النووي:" إنكم قادمون على إخوانكم, فأصلحوا رحالكم، وأحسنوا لباسكم, فإن الله عز وجل لا يحب الفُحْشَ ولا التفحُّش ". وجاء في أحد طرقه: " حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس ".
سابعاً: الغسل من تغسيل الميت: يرى جمهور الفقهاء استحباب الغسل لمن غسَّل ميتاً؛ لحديث: "من غسَّل ميتاً فليغتسل". رواه أحمد وابن ماجه, ورواه الترمذي وحسنه، لكنَّ ابن حجر والنووي ضعفاه. وقد صُرِف الأمر في هذا الحديث عن الوجوب لحديث الحاكم: "ليس عليكم في غَسْل ميتكم غُسْل إذا غسَّلتموه".


ثامناً: الغسل للإفاقة من إغماء ونحوه: يندب الغسل لمن أفاق من جنون أو إغماء؛ لما رواه الشيخان: أن رسول الله صل الله عليه وسلم ثَقُل, فقال: أَصلَّى الناس؟ فقالوا: لا, هم ينتظرونك, فقال: ضعوا لي ماء في المِخْضَب فأغتسلُ, ثم ذهب لينوء فأغمي عليه, ثم أفاق فاغتسل.
ولو صحا المغمى عليه فوجد بللاً ـ منياً ـ في ثيابه, وجب عليه الغسل في أحد قولين للفقهاء, وفي القول الآخر: لا يجب؛ لاحتمال أن المني حصل عن مرض ونحوه, والقول الأول أولى, وهو الأحوط .

"هذا والله أعلم .. والحمد لله رب العالمين"
"المصدر "
من موقع فضيلة الشيخ الدكتور /عبد العزيز بن فوزان الفوزان



















نوال 08-10-2018 01:08 AM

رد: ملف عن الغسل وأنواعه
 
جزاك الله خيرا

عطر الجنة 10-09-2018 12:58 AM

رد: ملف عن الغسل وأنواعه
 
نورت متصفحي أختي
لا خلا ولا عدم
دمت بحفظ الله


الساعة الآن 08:07 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)