#1
| |||||||||||||
| |||||||||||||
يوم عرفة ... يَتَراصّ الحَجيج على الرّواحل ؛ ويَتدفّقون إلـى عَرفـه ! فاليومُ .. سَتُتلى لهم فاتِحة البَدء مِن حَكاية فضلٍ ؛ لن تَنتهي ! يَمدُّ الحَجيج الخُطى .. ومـا بيـن النّبضة والنّبضة ؛ تَخفِقُ أرواح ! مَْا بينَ النّبضة والنّبضة ؛ يَطيرُ حمامُ القلبُ إلى عَرفه ! فاليومُ .. المَوعـِد مـَعَ الله ! فيا مَكـّةَ الله .. يـا بَلدةَ اللهِ فاضَ الفَضلُ فانْهَمِري ! يَلتَفِتُ الحَجيج اليوم إلى ثِيابهم : هل اكْتَمَل الإحرامُ مِن بياضِ الحَلال ؟! يَتمضْمَضون تاريخاً مِن الشّوك .. فقد ابْتَلَّـت الأفواهُ كثيراً مِن أعراضِ النّاس ! ينتَحي حـَاجٌّ ويَبكي : ( يـا رَبّـي .. احْـدَودَبَت أرواحُنا مـِن ثِقَـل مـا فِيها . يـا َربّي .. إنّ علَينا مِن شَعَث الجَاهِلية هُموما وهُموما . يـا رَبّي .. أدْعوكَ ؛ وشَـوكُ المَعاصـي على شَفتَيّ . َ يـا رَبّي .. لا تَجعل رُجوعي مِن هُنا مُرّاً ) ! يغرَق الحَجيج في أسرارِ صَمت تُنبؤُك َ؛ أنَّ في الخَوابي دَمعٌ يُخفيه القَوم ! يُداري شابٌ اخْتِنَاقه .. مَـا أصدق الدّمع وهـوَ يفضَح ُصاحِبه ! يَنتَبِذ رجلٌ عَن خَيْمَتِه فـي نَـوْحٍ شَهِـيّ : ( يـا رَبِّ .. هَبْ ضَعفي يداً بَيضاءَ مِن غيرِ سُوء تَمتَدّ إليكَ .. و ادَّخِرني لَدَيك ) ! تَرْتَجّ البِقاع .. ويَشتَدّ النّاس في الوَجَل .. وتَسمعُ هَمْس تَائِب : ( يـا رَبّي سُفُني مَثقوبة .. وأشْتَهي الإبحار إليكَ .. وليسَ معي إلا أشْرِعة مُمَزّقة ! يـا رَبِّ .. تُذكي خَطيئتي ناراً أنتَ تَعْلّمُها .. فأطْفِئ أُوار النّار ) ! تَلْمَحُ عبْداً ؛ يَتأرْجَح بينَ احتراقٍ وَرغبةٍ في انْعِتاق . فيـَا للهِ .. كيفَ يَهتَزّ العَرشُ لِبَعض الدّعـوات ؟! تطرُق الأرواحُ ، ويَفيض وَهْجٌ خَفِيّ ، ويَهتَزُّ عابدٌ مِن شِدَّة الوَجْد ويَصيح : ( يا عافِية العَليل يا عَرَفه .. يا الله .. لا تَترُكني مُلقىً دونَ طَريـق ! يـا ربِّ .. لا مَسافةَ بينَ الكافِ والنُّون .. لا مسَافةَ إلا في وَهْمِي .. لا مَسافةَ إلا مِن ذَنْبِي . فيا مَـولْاي .. أنتَ الحَبيبُ وأنتَ الحُبّ يا أمَلي مَـن لي سِـواكَ ومَن أرجوهُ يا ذُخري ) ! يـا رَبِّ .. في مَوِقفِ عرَفه ؛ أعمارٌ هي ثلاثونَ ، أو أربَعون ، أو سِتُّون انتظاراً .. فامْنُن عليها بِدَهشةِ الفَضْل ! في نَاحِيةٍ بَعيدة .. تَسيلُ عينُ حاجٍّ وهُوَ يقولُ : ( يا رَبِّ قَد كََبُرتُ فأعْتِقني .. يـا وَيـلاهُ ؛ كيفَ قَيَّدْتُ فـي الهَباء طَريقـي ) ! فيا لازدحام ِالدّعوات .. ويـا لازدحام الدَّمَعات ؛ تُرَتِّل أسماءَ أصحابِها .. (وَ دَمَعاتُ أهل العِشق تَرتِيل ) ! يقومُ عاشِقٌ في عرَفه يَشتهي أن تَقع قَدَمٌ على قَدم .. وهـو يقـولُ : ( قليلٌ مِن يـَدِ اللهِ كَوْثَر ) .. فكيفَ واليومُ هو يومُ الكَثير ! صَدَق الثّورِيُّ إذْ قالَ : " أخْسَرُ النّاس صَفقةً ؛ مَن ظنَّ أنّ اللهَ لا يَغْفِرُ لِهَؤُلاء " ! تلوحُ خُيوط النّعيم ؛ تَنْسِجُ للحَجيجِ بُردة المَغفرة .. عَبَقٌ شَهيٌّ يَغمُر المَكـان .. تُظَلّل السّكينة غُربة التّائهين .. لا قَلَقَ بَعدَ اليوم ولا سَـراب ! يَخِفّ وَجيبُ القُلوب لحظةَ الاقتراب الإلهيّ .. وتُمسُّ الأحلام .. فَقد استُجيبَ الدُّعاء ! يَبكي لاجِئٌ يَمَنِيٌّ : يـا رَبّ .. مُنّ عَلينا بِزَمنٍ { فيهِ يُغاثُ النَّاسُ وفيهِ يَعصرُون } ! فَيَردُّ عَليه صَبِيّ مِن الشّام : يـا رَبّ آمِين ! يَمنحُ رِجلٌ مِن القُدسِ مِنديلَ شَهيد ؛ لِسَيّدة مِن العِراق ويقولُ لَها : لَنْ يَجِفّ زَمنٌ فيهِ عرَفَه ! لولا دُعاءُ عرَفَه .. لصارَ العَالَمُ خراْبـاً ! تَصْفرُّ الشّمس .. وتُصبح عَرَفه ؛ ساحةَ عُـرسٍ مُبَلَّلة بالنّـدى .. الغُيومُ في أيدِي الحَجيج .. وفي قُلوبهم مَطَر .. يَبتَسِمون للسَّماء .. ثَمَّة ضوءٍ يُعيدُ تَرتِيبهم .. فَقد اكْتَملَ الشَّفَقْ ! (أيُّها الطّيبون .. لا تَنسونا اليومَ مـِن صالـح الدُعــاء ) . 🔹د.كِفَاح أَبو هَنّوْد 🔹 |
مواقع النشر (المفضلة) |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 2 : | |
, |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
ثم عرفت محمد | أم انس السلفية | براعم شعاع | 7 | 02-16-2014 05:13 PM |