منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   خيمة الحج والعمرة (https://hwazen.com/vb/f22.html)
-   -   ماذا بعد الحج؟! وكيف هي حال العبد بعد فريضة الحجّ؟ (https://hwazen.com/vb/t18445.html)

عطر الجنة 08-24-2018 03:18 PM

ماذا بعد الحج؟! وكيف هي حال العبد بعد فريضة الحجّ؟
 




https://i0.wp.com/www.picgifs.com/di...ter-042341.gifhttps://i0.wp.com/www.picgifs.com/di...ter-042341.gif




http://daleelalmasjed.com/upload/e12_300592796.jpg






الحمد لله الذي جعل حجّ بيته الحرام سبباً في ثبات العبد على الدوام، وصلاح حاله في سائر الأيام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك العلام، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ خير من حجّ وصام، وداوم على طاعة ربّه واستقام؛ صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه البررة الكرام.


ففي الأيامِ القليلةِ الخاليةِ من هذا الشهر قضى الحجّاجُ عبادةً من أعظم العبادات، وقربةً من أعظم القربات، وعاش المسلمون أجواء الطاعة في العشر الأول الفاضلات، وضجتْ بالافتقار إلى الله كلُّ الأصواتِ بجميع اللغات، وهملتْ دموع التوبةِ في صعيد عرفاتٍ على الوجنات، وراح الحجّاج يتقلّبون بين هاتيك العرصاتِ، وفي تلك البقاعِ الطّاهرات؛ حتّى أدّوا مناسكَهم، وأتمّوا حجّهم في رحلةٍ هي من أروع الرَحلات، ثمّ عادوا بعدها إلى ديارهم فرحين مسرورين بما نالهم في رحلتهم من الفضلِ والخيراتِ والرّحماتِ ï´؟قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَï´¾ [يونس:58].


وهنا سؤالاً يطرح نفسه، ماذا بعد الحج؟! وكيف هي حال العبد بعد فريضة الحجّ؟!



وللإجابة عن هذا السؤال
إن الحج ميلاد جديد، وأوّل ما ينبغي أن يُفتتح به هذا الميلاد هو توبةُ العبدِ لربِّه، وعزمُه على إصلاحِ شأنِه كلِّه:

ï´؟وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَï´¾ [النور:31].


وإن من الخطأ الكبير أن يظن الإنسان أن مواسم الطاعات فرصة للتخفُّف من الذنوب والسيئات، ثم إذا ذهبت هذه المواسم وقع بعدها في المخالفات، وتنتهي فترة إقباله على الله تعالى بانتهاء تلك المواسم والأيام الفاضلات، والحال أنّه يجب على المسلم أن يجعل مواسم الخير محطّة تحوّل كامل لواقعه وحياته؛ من حياة الغفلة والإعراض عن الله، إلى حياة الاستقامة والإقبال على الله.



وإنّ من إغواء الشيطان وخداع النفوس الأمّارة بالسوء أن ينتكس كثير من الناس بعد الحج على عقبيه، ويعود إلى سالف ذنوبه ومعاصيه، وربنا سبحانه ينادينا بنداء الإيمان أن نستقيم على شرعه، ونستجيب له ولرسوله، ونتقيه حق تقاته، ونعبده حق عبادته في حياتنا إلى مماتنا، قال تعالى ï´؟يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَï´¾ [آل عمران:102].



وهذا يقتضي منا أن نقف مع أنفسنا بعد رحيل ذاك الموسم العظيم والأيام الفاضلات جملة من الوقفات:


الوقفة الأولى
نتذكر فيها عظيم نعمة الله علينا، حيث إنه مع كثرة ذنوبنا وعظيم خطايانا وزللنا؛ يكرمنا الرحيم الرحمن بالوقوف بين يديه، وأن نستغفره ونستهديه؛ يكرمنا بأن ييسر لنا الحج ليغفر لنا ذنوبنا وخطايانا؛ فما أكرمه من إله واحد أحد، وما أعظمه من رب غفور رحيم تنزه عن الصاحبة والولد

ï´؟وَمَا بِكُم مّن نّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِï´¾ [النحل: 53]،
ï´؟وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌï´¾ [النحل: 18].


الوقفة الثانية
كيف يقابل المؤمن هذه النعمة الإلهية والمنحة الربانية؟!
إنّ ذلك لا يكون إلا بالشكر لربّه، والإنابة إلى خالقه؛
ï´؟هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُï´¾ [الرحمن:60]،

وليس الشكر محصوراً في الشكر اللساني كما يظنّ بعض الناس، بل هو عامٌّ يشمل الشكر القلبي؛ بحيث يظل قلبك متعلقًا بخالقك، مستشعرًا نعمته عليك، ويشمل أيضاً الشكر العملي، بحيث تكون بعيدًا عن كل ما يغضبه عليك، قريبًا من كل ما يحبه ويرضاه منك، وقد قال تعالى مبينًا هذا المعنى

ï´؟اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُï´¾ [سبأ:13].



ولنا في رسول الله أسوة حسنة؛ فقد كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه الشريفتان –كما في الصّحيحين-؛ : يا رسول الله، أتصنع هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! فيجيب صلوات ربي وسلامه عليه معلمًا الأمّةَ حقيقةَ الشكرِ
(أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا).



الوقفة الثالثة
إن للحج المبرور أمارة، ولقبوله منارة؛ فقد سئل الحسن البصري رحمه الله تعالى: ما الحج المبرور؟ فقال: أن تعود زاهدًا في الدنيا، راغبًا في الآخرة).

فينبغي أن يكون حجُّنا باعثًا لنا إلى المزيد من الخيرات وفعل الصالحات، وحاجزًا لنا عن مواقع الهلكات، ومانعًا لنا من الوقوع في الآفات والمخالفات.



وإذا كان الحاج منذ أن يُلبي وحتى ينقضي حجه وينتهي: كلُّ أعمالِ حجِّه ومناسكه تعرِّفه بالله، وتذكِّره بحقوقه جلّ في علاه، وأنه لا يستحق العبادة سواه، ولا تُسلَم النفس إلا إليه سبحانه؛ فكيف يهون على الحاج بعد ذلك أن يصرف حقًا من حقوق الله من الدعاء والاستعانة والذبح والنذر إلى غيره؟! وأيُّ حج لمن عاد بعد حجه يفعل شيئًا من ذلك الشرك الصريح والعمل القبيح؟! وأيُّ أثر للحج فيمن عاد بعد حجِّه مضيعًا للصلاة، مانعًا للزكاة، آكلاً للرِّبا، آخذا للرُّشا، قاطعًا للأرحام، والغًا في الموبقات والآثام؟!
إنّ من لبى في الحج للرّحمن عليه أن يّلبّي له بالطّاعة في كل مكان وزمان؛ فإنّ معنى التّلبية: إجابة لك بعد إجابة، وطاعة لك بعد طاعة، ومن امتنع عن محظورات الإحرام أثناء حجّ بيت الله الحرام، فليعلم بأنّ هناك محظورات على الدوام، وطول الدهر والعام؛ فليحذر إتيانها وقربانها؛ قال جلّ وعلا

ï´؟تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَاï´¾ [البقرة: 187].


الوقفة الرابعة
التزام التقوى والاستقامة بعد الحج؛ فإنّ الله تعالى ذكّر بالتّقوى في سياق آيات الحجّ عند الكلام على الهدي الذي يتقرّب به الحاجّ لربّه؛ مشيراً بذلك إلى أنّ حصول التّقوى من أعظم مقاصد الحج وفوائده؛ حيث قال سبحانه
ï´؟لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْï´¾ [الحج:37].


فهذه التقوى التي يتربَّى عليها الحاجّ في حجّه هي التي ينبغي أن يسير عليها في حياتِه متعامِلاً بمقتَضاها مع نواهي الله وأوامِرِه، وكما أنّ الحجَّ لا رفثَ فيه ولا فسوقَ ولا جدال، فإنّه تربِيَةٌ وتهذيبٌ للسّلوك ليصبِحَ ذلك خلُقَ العبد في كل حال، وليكونَ كما وصَفَ النبيّ عليه الصلاة والسلام فيما رواه الترمذي
(لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلاَ اللَّعَّانِ وَلاَ الْفَاحِشِ وَلاَ الْبَذِيءِ).
فلنحذر كلّ الحذر من العودة إلى الأفعال القبيحة، والخلال المشينة، وعلينا بلزوم الأعمال الطيّبة، والخلال الكريمة؛ فما أحسن الحسنة تتبعها الحسنة، وما أقبح الحسنة تتبعها السيّئة؛
ï´؟وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًاï´¾ [النحل:92].



وأما الاستقامة فإنّها مِن أولى ما يوصَى به المسلم بعد التّقوى؛ كما أوصَى بها النبيُّ r سفيانَ بن عبد الله رضي الله عنه حين قال: يا رسولَ الله، قل لي في الإسلامِ قولاً لا أسأل عنه أحدًا بعدَك، قال: (قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ فَاسْتَقِمْ) رواه مسلم.
ولما كان العبد مَع الاستقامة معرَّضاً للخَطَأ والتّقصير: قال الله عزّ وجلّ: ï´؟فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُï´¾ [فصلت:6]،
وإلى ذلك أشار الحديثُ الصحيح الذي رواه أحمد وابن ماجَه عن ثوبان رضي الله عنهأنّ النبيَّ عليه الصلاة والسلام قال:

(اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُواأي: لن تستوعبوا جميع العبادات، ولن تقدروا على كلّ الطاعات؛ ولهذا قال النبيّ عليه الصلاة والسلام - كما في الصحيحَين- (سَدِّدُوا وَقَارِبُوا).
فالمطلوبُ مِنَ العبد الاستقامةُ؛ وهي السّدادُ والمقاربةُ، فإن لم يحصُل سدادٌ ولا مقارَبَة، فهو مفرِّط مضيِّع بلا موارَبة.


الوقفة الخامسة
أنّ المؤمن ينبغي أن يحمل دائماً في قلبه همّ القبول لعمله، ويتذكّر في كلّ حين، قولَ الحقِّ في الكتاب المبين
ï´؟إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَï´¾ [المائدة:27].

وهذا ليس في الحجّ وحده، بل في الحجّ وغيره؛ فكم في الناس من يؤدي العمل والعبادة، ولا يلتفت إلى قضية القبول، وكأنّ عنده ضمانا من الله بالقبول، بينما يصف ربنا تبارك وتعالى حال عباده الصالحين قال سبحانه وتعالى

ï´؟وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَï´¾ [المؤمنون:60، 61].


فاحرصوا همّ القبول من ربكم لكلّ عمل تعملونه صغيرًا كان أو كبيرًا، والزموا الاستغفار؛ فإنّه بالاستغفارِ تُختَم الأعمال الكبار، وقد قال تعالى لحجّاج بيته الأبرارï´؟ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌï´¾ [البقرة:199].
وطوبى ثّم طوبى لمن وجَدَ في صحيفتِه استغفارًا كثيرًا.



  • الوقفة السادسة
    إأن رحلة الحج الإيمانية هذه تذكرنا بالموت وكربته، والقبر وظلمته، واليوم الآخر وشدته، خاصة عندما نتجرد من الملابس ونغتسل للإحرام، فهل نتذكر هذه الأمور دائمًا؟ فهي من العوامل التي تدفع للتمسك على طريق الحق والثبات على طريق الهداية، والحرص على فعل الطاعات، والبعد عن المحرمات، والثبات حتى الممات، قال تعالى:
    {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46].
    ومن أراد الثبات على طريق الطاعة فليصاحب الأخيار دائمًا، وليحرص على مجالسة الصالحين وحضور المحاضرات النافعة، والدروس الوعظية المفيدة، وليذكر نفسه دائمًا بالأمور التي ترقق القلب، وتذكر بالموت، فيزور المقابر ويعود المرضى، ويتعظ بالحوادث التي تخطف الأرواح فجأة.


    الوقفة السابعة
    إن رحلة الحج تذكرنا بالأنبياء الكرام، واتبعنا سُنَّة أبي الأنبياء خليل الرحمن، الذي رفع شعار التوحيد، وعلمنا الإخلاص وتمسكنا في الحج بإخلاص العمل لله، واتباع سُنَّة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حتى تكون أعمالنا مقبولة، وقد قال الرسول صل الله عليه وسلم: "خذوا عني مناسككم".
    فلماذا لا نستمر على التمسك بالسنة دائمًا؟ قال الرسول الكريم صل الله عليه وسلم: "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى". قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: "من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى"رواه البخاري..
    الوقفة الثامنة
    حرصنا قبل الحج على التوبة، ورد المظالم إلى أهلها وإرجاع الحقوق لأصحابها، والتوبة مطلوبة قبل الحج وبعده، قال تعالى: {وَتُوبُوا إلى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31].
    والحاج يحرص على تجديد التوبة قبل الحج؛ لأنه يرجو أن يعود مغفورًا له كيوم ولدته أمه؛ فينبغي له أن يستمر بعد الحج في مجاهدة نفسه ومحاربة هواه والشيطان، والإقلاع عن الذنوب، والندم على ما فات، والعزم الصادق على عدم العودة إلى الذنوب مرة أخرى، وإن عاد فباب التوبة مفتوح، ولكن علينا بالمبادرة بالأعمال الصالحة وتجنب المنكرات قبل أن يخطفنا الموت، فهو يأتي بغتة والعمل الصالح هو الذي ينفع الإنسان يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
    فالمطلوب من العبد أن يعزم عزمًا أكيدًا، وأن يصر إصرارًا جازمًا على عدم العودة إلى الذنب، فمتى فعل ذلك صحت توبته وقبلت. ثم لأنه إنسان ضعيف ويتعرض للفتن، فقد يقع مرة أخرى وتضعف إرادته ويستولي عليه الشيطان، ولا ينجح في محاربته؛ فمن أزله الشيطان بعد ذلك فوقع في الذنب مرة أخرى؛ فإنه يحتاج إلى توبة جديدة صادقة، ولا علاقة لهذه التوبة (الثانية) بالتوبة الأولى، وتوبته الأولى صحيحة غير باطلة؛ لحديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه- أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله، أحدنا يذنب، قال: "يُكتب عليه". قال: ثم يستغفر منه ويتوب. قال: "يُغفر له ويتاب عليه". قال: فيعود فيذنب. قال: "فيُكتب عليه". قال: ثم يستغفر منه ويتوب.
    قال: "يُغفر له ويتاب عليه، ولا يمل الله حتى تملوا".
    والأوضح منه ما ورد في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صل الله عليه وسلم
    فيما قال عن ربه -عز وجل- "أذنب عبد ذنبًا، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي! فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي! فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي! فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. اعمل ما شئت فقد غفرت لك"

    رواه البخاري رقم (7507)، ومسلم رقم (2758)، واللفظ له..
    الوقفة التاسعة
    أننا قبل الحج جاهدنا أنفسنا وأبعدناها عن المعاصي والرفث، وتركنا الجدال بغير فائدة وذلك بالتقوى ، كما أمرنا الله تعالى بهذا، حيث قال {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ} [البقرة: 197].
    والتقوى لا بد أن تستمر في الحج وبعده، فهل نحاول أن نبتعد عن المحرمات، وأن نجعل بيننا وبين ما حرَّم الله موانع أو حواجز أو وقاية، ويكون ذلك بامتثال الأوامر واجتناب النواهي؟ ومن يفعل ذلك يجعل الله له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب.
    والتقوى أيضًا هي: الخوف من الجليل سبحانه وتعالى، والعمل بالتنزيل كتاب الله، وسُنَّة الحبيب المصطفى صل الله عليه وسلم)، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل. وحتى ننال ثمار التقوى،
    وهي كثيرة، فعلينا: استشعار معيَّة الله تعالى حيث قال {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128].

    الوقفة العاشرة
    تعلمنا في الحج مجموعة من الدروس والفوائد والعبر، ومن أهم الدروس: درس الاستسلام لله تعالى، وفي ذلك الاقتداء بأبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام وابنه إسماعيل، وأمه السيدة هاجر، فقد تعرضوا لاختبارات ومحن عديدة ونجحوا فيها جميعًا، وواجهوا الشيطان وحاربوه، ولم يسمحوا له بالاستيلاء عليهم أو غوايتهم.
    وأهم درس للنساء هو استسلام السيدة هاجر أم إسماعيل لأمر الله تعالى حينما علمت أن زوجها أبا الأنبياء إبراهيم عليه السلام تركها بأمر الله تعالى، فنتعلم منها درس طاعة الزوجة لزوجها، واستسلامها لأمر ربها، فقد أحسنت التوكل على الله، وأيقنت أنها لن تضيع هي وطفلها لما تركها في مكان موحش لا أنيس فيه ولا ونيس، ولا زرع أو ضرع، فقالت بلغة الواثق من قدرة الله تعالى على كل شيء: "إذن لن يضيعنا" بعدما سألت زوجها (إبراهيم) سؤالاً واحدًا:
    "آلله أمرك بهذا؟".
    وببركة هذا الاستسلام فجَّر الله في هذا المكان بئر زمزم المبارك، وجعله مكانًا آمنًا، وصارت قلوب الناس تهواه وتحب زيارته.
    ونجد أن درس الاستسلام يتكرر من الابن الذي توليت تربيته الأم المستسلمة لأوامر الله، فيطيع إسماعيل أباه -عليهما الصلاة والسلام- فيعلن استسلامه التام في امتحان شاق وشديد، ويسلم نفسه لوالده لما طلب أن يذبحه، والوالد نجح هو الآخر في هذا الاختبار الصعب، ويرجم شيطانه وينفذ الجميع أمر الله، فتأتي المكافأة اللائقة ويظهر النجاح المشرف من أسرة أعلنت استسلامها لأوامر الله تعالى والانقياد له بالذل والطاعة.
    ويتكرر الاستسلام من الابن للأب لما أمره بأن يفارق زوجته التي لا تحمد الله ولا تعرف الرضا أو القناعة بعد زيارته للمكان ليتفقد تركته، ثم ينفِّذ الابن البار أمر والده، ويستسلم ويسارع بطاعته مرة ثالثة ورابعة، ويشتركا في رفع القواعد من البيت ليكون مثابة للناس وأمنًا.






وصلّ الله على نبيّنا محمّد، وعلى آله، وسلّم تسليماً كثيراً.



http://www.imageslove.net/ar/photo/i...585606_180.gifhttp://www.imageslove.net/ar/photo/i...585606_180.gif







نوال 08-25-2018 02:36 AM

رد: ماذا بعد الحج؟! وكيف هي حال العبد بعد فريضة الحجّ؟
 
جزاك الله خيرا يالحبيبة
موضوع رااائع حقاً
ماذا بعد الحج
كتب الله اجرك ونفع بك

عطر الجنة 08-25-2018 07:01 PM

رد: ماذا بعد الحج؟! وكيف هي حال العبد بعد فريضة الحجّ؟
 
مشكوورة يالحبيبة
زينت الموضوع بحضورك وردك المحب
لا خلا ولا عدم يارب


الساعة الآن 05:17 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)