منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

العادة تُنتج فقدان المعنى من قلب المحتوى، وتخلق فجوةَ واسعة بين المحتوى وتذوّق معناه وترسيخ فحواه، وتجعل منكَ سطحيًا فارغًا إلى الضياع أقرب، وتُبعدُكَ رويدًا عن الإتقان!

أنتَ أنتَ .. في كل مراحل الحياة الثقيلة والهزيلة، الجيدة والسيئة، الليّنة والقاسية، كل مُرٍّ مَرَّ عليكَ شكّلك، وكُلّ ألَمٍ ألّمَّ بكَ رَبّاك. وكل لحظةٍ مررت بها كانت سبيلًا لوصولك لذاتك الآن!

ما أردتَ فهمه، حللّه، فكّكه، وابدأ به خطوةً خطوة، وانظر لكل زاويةٍ ما رأيتها من قبل، ولكل تفصيلٍ لم يلفت انتباهك سابقًا، تعامُلُك مع كل شيءٍ يعود لنظرتك عنه، لا تنتظر من القرآن نهضةً وأنتَ تقرأه حينَ المناسبة، ولا من الصّلاة أثرًا وأنت لا تتّبع بعدها الصراط المستقيم. اختبار الصلاةِ يبدأ بالتسليمة الثانية. واختبار صراطك المستقيم العمل . فاستقم تَقُم ، وإن قُمتَ أقَمت.

حينما تعلم أن الله يعلم عنك كل حركةٍ وعمل، كل همسٍ وصمت، كل أنفاسك والسكون، ستدرك أن الله أعظم من أن تصلي له دون انتباه، وتدعوه دون يقين، وتذكُرهُ ولا يلينُ قلبك! فلا تردد الحمد عادةً فإنّها تحمل بعض حكايتك، والحمد على ألمٍ يَضُم، وعلى فرحٍ يَعُم.

هذا الدين لا يرضى هوان الرجال، ولا يُحمَلُ بالضعف، ولا يُطيق أثقاله المهازيل، وكل كتفٍ متآكلٍ سوفَ يَسقُط، وكل روحٍ غيرَ تواقةٍ هي للجفاف أقرب، وكل نفسٍ تُزرَعُ في غير أرضها تذبل، وكل عملٍ خلى من الإخلاص خَلَّ وتخلّى، الله يُربّي أهله ويصطفي عباده ويجتبي من صدق، ويختار من وجّه لله قلبه والجسد، ويصنع رجالًا على عينه التي لا تنام.

يتيمٌ أنتَ بفقد الهمم، مسكينٌ بضياع وقتك، مخدوعٌ بانشغالك بالفراغ، مظلومٌ إن ظننت أن الهدف هو فقط ،وضع الهدف بل هو الحياة لأجله، خذ الكتاب بقوة، وأنت المؤمن القوي فلا تهدأ.

زمانك صعب، مؤلم ، ودربُ الله لله ما أثقله وأصلبه، إن أُرهقتَ أرهَقتَ من بعدك، وإن هُدمتَ هَدَمت بُنيانًا سبق. وإن استسلمتَ فلعلّك اوشكت البلوغ، نعوّل على ذاتك من العُمق أولًا و ينظر الله لظلٍ صَقَلت فيه نفسك، أرجوكَ لا تبرح لحظةً فأنت تعلمُ حالَ أمّتك، أرجوكَ لا تترك علمًا إلا وأخذته، فكرةً إلا وزرعتها، يدًا إلا وأخذتها، روحًا إلا وسقَيتَها.

لله نحنُ وأمّةٌ تئن، وقلبٌ يحن، وألمٌ لا يفارق أهله.. لا تبكِ وكفّ قليلًا .. أو فلتبكِ يا رجُل وطهّر ما فيك، دمعُكَ حرقةٌ ترفع راية نصرك.

لكن !! بعدَ الدّمع شُدّ أركانك مُهاجرًا وابدأ غَرسَك.

#تمكين