شعاع القران الكريم وعلومه تفسير | اعجاز | علوم القران |
الإهداءات |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| |||||||||||
| |||||||||||
من روائع بلاغة القرءان القرءان كله بلاغة في نظم آياته و تناسق سوره .. و نحن هنا ننبه على شي من هذا المعنى بخصوص السور الستة في آخر المصحف : سورة : " الكافرون " تصور القطيعة الحادة بين المنهج الإسلامي و المنهج الجاهلي بحيث لا يمكن اطلاقا قبول انصاف الحلول , فإما اسلام و إما جاهلية , و لهذا استعمل القرآن التكرار في نفي جهة العبودية , بل و نوع بين الجملة الفعلية و الإسمية للدلالة على أن هذه القطيعة بين المنهجين و عدم الجنوح لأنصاف الحلول هي قارة و ثابتة و مستمرة أبدا فلا تلاقي و لا تقارب : " لكم دينكم و لي دين " . و لا نغفل عنوان السورة الذي نأخذ منه رغبة القرآن في تسمية الحقائق بأسمائها بلا زيف و لا مراوغة , فهؤلاء في حكمه كافرون , إذن يجب أن يسميهم باسمهم هذا , شعورا منه بعزته و تفوقه و من جهة ثانية تنبيها لهذه المخاليق المشوهة أنهم كافرون يجب أن يتحملوا مسؤولية هذا الكفر المنبئ عن انحراف فظيع في الفطرة . تلتها سورة : " النصر " التي تبشر بعالمية الإسلام و شمول دعوته أرجاء الأرض و خضوع العقل البشري في خاتمة المطاف لتعاليمه في الحياة .. و ايضا فيها لمحة نفسية عميقة الدلالة و هي ضرورة خضوع العبد لله و الاعتراف له بالفضل و النعمة و بهذا لا تغره نشوة النصر و لا تستفزه شهوة الغلبة على الاعداء : " فسبح بحمد ربك و استغفره " .. و بهذا يكون عنوان السورة " النصر " له إشارة عجيبة إلى النصر في مستوييه : المادي ( انتشار الإسلام في الأرض ) و المعنوي ( انتصار الإسلام في معركة القلب و الفكر ) . ثم تلتها سورة : " المسد " التي تصور في شخص " أبي لهب " نهاية الكفر و دمار الجاهلية في مسارات التاريخ الأرضي و المصير الأخروي , و أنها مهما انتشت و انتفتخت و استكبرت فإن نهايتها محتومة , و ما مدة أجلها و الإملاء لها للغطرسة و الرغبة في الإفساد في الارض و السعي لتشويه معاني الإنسانية في الإنسان إلا لأجل تصفية القلوب و الإرتقاء بالعقول إلى مدارك فقه معاني التوحيد الخالص و العبودية الشاملة لتجليات الحياة , فإن الاشياء بضدها تعرف و تتبين .. و في لفتة دقيقة الإيحاء عميقة الدلالة سميت السورة ب " المسد " ( الحبل المفتول بدقة و قوة ) و كان المفروض أن تسمى مثلا ب " اللهب " باعتبار أن هذا العنوان سيناسب الأصل الذي سيقت لأجله السورة و هو إعلان نهاية رمز الكفر " أبو لهب " و مصيره الفظيع و اما عنوان المسد فهو تنبيه للفرع في القصة و هو زوجته !! و المعنى في تصوري - و الله أعلم - أن فيه تنبيها قويا لخطورة دور المرأة في الحياة , و أن الأمر ليس كما يتصور الكثيرون عن حقيقة دورها و مهمتها , فهي شطر الإنسانية بل مهدها الواسع , بحسب ما تكون ينعكس ذلك على الواقع و المجتمع القريب " الأسرة " و البعيد " الأمة " , و هذه الإنسانة المشوهة لما تنازلت عن انسانيتها و ذهبت بعيدا في شرود عجيب عن حقائق مهمتها في الحياة , لا عجب أن ناسب في حكمة القرآن أن تسمى هذه السورة - كما هو الحال يوم القيامة - باسم " المسد " في رمزية بديعة لردها بعنف و قسوة إلى الآصل الذي شردت منه . بعد هذه السور الثلاث التي ينتج بعضها بعضا : إعلان القطيعة مع الجاهلية + التبشير بالنصر بمستوييه المادي و المعنوي + اعلان نهاية الكفر و مصيره الأخروي .. تأتي السور الأخيرة في هندسة البناء القرآني في تناسبية رائعة .. سنجد بعد هذه الإنسيابية في ترتيب هذه السورة الثلاث انها تنتهي بالضرورة الفطرية و التاريخية و المصيرية إلى سورة " الإخلاص " المعلنة لحقائق التوحيد و عظمة الألوهية السامية و المتجاوزة للكون و الحياة و الإنسان و التاريخ , فصيرورة التاريخ الكلي للبشرية كما بدأ بالتوحيد و انطلق من خلال معانيه لابد أن يصير إليه تارة أخرى مهما تقلبت عليه أعراض الإنحراف و الضلال , و كذلك هذه الفطرة الإنسانية العجيبة بدأت بالتوحيد في عالم الذر : " ألست بربكم ؟ قالوا : بلى شهدنا " [الاعراف 172] ثم خلال مساراتها في عالم الدنيا ستنتهي إلى هذا التوحيد الخالص الذي انطلقت منه أول مرة .. و تلك هي قصة العقل الإنساني , قد يضل و قد ينحرف و قد يكابر و يجادل و لكن تبقى حقيقة واحدة متجذرة في أعماقه هي حقيقة وجود : الله جل مجده فلا يجد بدا من الإقرار بهذه الحقيقة و لو في خفية عن أعين الرقباء , و السورة تكون خاتمة السور الثلاث و من ثم فهي إعلان عن دوافع القطيعة مع الجاهلية و غايات النصر المنشود و تسام عن أوهام الجاهلية المستكبرة التي غرها باطلها المنتفش , و من جهة أخرى تنبيه لأصحاب هذا الدين على ضرورة إحلاص التوحيد لله تعالى الذي يعني إخلاص الدخول في تعاليم العبودية لله تعالى في شتى مظاهر الحياة و عدم الغفلة عنه في غمرة الخوض في ملابسات الواقع أو التمكين في الارض . و لأن الإنسان مهما بلغ في مستويات العلم و الحكمة و مهما ارتقى في معارج السمو و الصفاء يظل هو هو , الإنسان الضعيف الضئيل لن يثبت على منهج الحق إلا بالله جاءت سورتا " الفلق " و " الناس " المنبهتان على ضرورة الإلتجاء إلى الله لأجل الحماية من شر كل ذي شر سواء كان منظورا أم مجهولا غيبيا .. و مضمون السورتين و ترتيبهما له معنى عجيب , فالفلق تتحدث عن شر الإنسان و تربصه بالإنسان البرئ و الناس تتحدث عن شر ابليس و يقظته لتدمير الانسان , و من ثم كان تقديم شر الانس على شر الجن لانه طبيعي جدا أن يقدم ما هو مألوف للفطرة و يؤخر العظيم لمزيد تنبيه على شره و عنفه و لهذا اكتفى في الفلق فقط ب " قل أعوذ برب الفلق من شر ... " اما الثاني فأكثر من مصادر الاستعاذة فقال : " قل أعوذ برب الناس , ملك الناس , إله الناس , من شر .. " .. فكأن الأمر يقول : لا عليك أن تعلن القطيعة مع الشرك و الجاهلية , فإن النصر لك , و لا تهتم بانتفاشة الكفر و غروره فإن نهايته محتومة , لتبقى الحقيقة الخالدة هي نهاية المدارك العقلية الزاكية و لتكون الصيرورة التاريخية متجهة نحو وجهتها المعلومة .. الله . و خذ حذرك و التجئ الى الله خالق الكل و مدبر الوجود أن يعيذك من شر الإنس و الجن . و بهذه الإنسيابية في التلاحم و التناسب سواء في الترتيب أم في رمزية العناوين أو في المضامين , تكون هذه السور قد رسمت منهجا كليا لطبيعة العلاقة التي يجب أن تجمع بينه و بين الله تعالى من جهة و بينه و بين الجاهلية سواء في عالمها المنظور " الانس " أم في عالمها المجهول " الجن " و الله تعالى أعلم . آخر تعديل عطر الجنة يوم
10-18-2018 في 11:07 PM. |
11-05-2018 | #2 |
|
رد: من روائع بلاغة القرءان تمنيت انه كتاب جزاك الله خيرا |
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا قال ابن عون: "ذكر الناس داء،وذكر الله دواء" قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى : (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له" السير6 /369 قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره" الفتاوى السعدية 461 |
مواقع النشر (المفضلة) |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 4 : | |
, , , |
|
|