سيدنا إبراهيم كان أمة
 

✍د.الشيماء حسن
ما نقله القرآن لنا عن خليل الرحمن (إبراهيم) مُحبب جدا...وغني جدا ...ومُبهج جدا ..
وكلما حاولت الإحاطة به ...من عظمته.... تفلت المعنى وضعفت قدرة الكلمة ...
اسأل الله تعالى أن يميتنا ويبعثنا على نهج سيدنا إبراهيم قدوة المُحققين وإمام المستدلين على التوحيد

هناك أربع منح ربانية لم تُذكر إلا مع (إبراهيم) عليه السلام...

🍁🍁المنحة الأولى هي (الرُشد)🍁🍁
وإن أردت أن تعرف ماهو الرشد هو كمال الإدراك وعلو الفكر بحيث لا يؤدي هذا الكمال إلى نقصان أو باطل...يعني أن تفكر بشكل سليم ولا يهديك هذا التفكير إلا إلى الصواب في النهاية ..فإن فكرت بشكل سليم ولكنك وصلت لنهاية خاطئة فهذا ليس رشدا ...ربما كان اجتهادا منك ولم توفق...
الآية الكريمة (ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين)...قال (رشده) ولم يقل (الرشد) أو (رشدا) لان هذه الاضافة تبين أن الرشد الذي أوتي لإبراهيم هو رشد الأنبياء وهو مختلف عن الرشد الذي قد يبلغه العامة...كما جاء في آية اليتامى في سورة النساء (فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم)...فلم يقل آنستم منهم (رشدهم)...
وتلك المنحة آتاها الله إبراهيم وهو صغير ولم يكلف بالنبوة وحمل الرسالة
وهي التي مكنته من الاستدلال على وجود الله تعالى رغم نشأته في بيئة توارث أهلها عبادة الأصنام عن ابائهم (وجدنا آبائنا كذلك يفعلون) فكان هو الوحيد الذي مكنه رشده وسمح له عقله من السباحة عكس التيار السائد ورفض سياسة اتباع الاباء بدون اعمال العقل
🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂

🍁🍁المنحة الثانية وهي (الحجة )🍁🍁
(وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه)...لم يذكر القرآن أن الله أعطى نبيا حجة إلا تلك التي أعطاها لإبراهيم
فإن كان الرشد يؤهل الانسان للتعرف على الصحيح الذي يؤدي بدوره إلى صحيح...... فإن الحجة هي القدرة على ايصال ما وصل اليه الفكر الراشد إلى الآخرين بالبراهيين القاطعة التي من بعدها يصبح اكمال الحوار بالمنطق مستحيلا
وهو ما استطاع أن يصل إليه إبراهيم عليه السلام في حواره مع قومه حين وصل بهم في نهاية الحوار أن سلموا بينهم وبين أنفسهم (فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون) وهو رجوع المنقطع عن حجته المتفطن لصحة حجة خصمه ورجعوا إليه بتسليمهم بما يقول (ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون)
وما استطاع أن يصل إليه أيضا بعد حواره مع النمرود حين ألجمه الصمت تماما (فبهت الذي كفر)
هذه هي الحجة...منحة لم تؤت لغير إبراهيم

🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂
🍁🍁المنحة الثالثة وهي فتح ملكوت السموات والارض امام نظر سيدنا إبراهيم 🍁🍁
فقد فرجت له السماوات فنظر إلى ما فيها حتى انتهى بصره إلى العرش ورأى مكانه في الجنة
وفرجت له الأرضون السبع فنظر فيهن
وهذا النظر كشف له كل شيء فجعل علمه علم يقيني تحقق عنده بثبوت النظر
( وكذلك نُري إبراهم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين)

سيدنا إبراهيم أوتي تمام الأدراك والفكر دون ان يشوبه نقصان وأوتي قوة الحجة وأوتي اليقين
وكل هذه المنح قد وردت في القرآن مضافة إلى نون العظمة أو نون الجماعة أو ما تعرف (بنون الكبرياء) فالله الواحد يذكر نعمه بصيغة الجمع (آتينا ) (آتيناها) (نُرى) لكي تشعر انت وأشعر أنا ويشعر كل قاريء بفخامة هذه المنح وعظمتها وذلك باضافتها إلى عظيم

🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂

🍁🍁المنحة الرابعة : وهي القلب السليم 🍁🍁
وتأمل هنا ...كل المنح السابقة ذكر الله تعالى أنها هو من أعطاها لنبيه ...فهي لن تكرر لغيره
ولكن القلب السليم هو قلب جاء به إبراهيم لربه (إذ جاء ربه بقلب سليم) فهي صفة بشرية استطاع نبي الله إبراهيم أن يصل إليها ويجيء ربه بها
وهو عمل تطهيري بشري يستطيع أي إنسان أن يجتهد ويحاول أن يصل به إلى الله
وهذه الوضعية الشفافة شديدة النقاء لم تحدث إلا عن يقين صاحبها إن هذا هو الملاذ الآمن الوحيد
فقد كان في دعائه عليه السلام...(ولا تخزني يوم يبعثون...يوم لا ينفع مال ولا بنون...إلا من أتى الله بقلب سليم) فقد وصل سيدنا إبراهيم بفكره الراشد ومنطقه الصائب لهذه الحقيقة ولم يجعلها فقط في دعائه
بل سعى إليها سعيا حتى أخبر الله عنه أنه قد (جاء ربه بقلب سليم) ....وصل خلاص

اسأل الله ان يصل إليه كل ساع
ومن اللطائف التي قراتها عن السير في طريق سلامة القلب فإنك عند كل فعل حتى ولو كان صغيرا ...يجب أن تتوقف وتسأل نفسك سؤالين
الأول: لم أفعله؟
والثاني: كيف أفعله؟
السؤال الأول يسأل عن الاخلاص ...هل الفعل ده يفعل لشهرة؟!! لشهوة؟!! أم هو مجرد لله
السؤال الثاني: يسأل عن الاتباع...هل فيه مخالفة للسنة ؟
فإن خلا الفعل من شرك يناقض التوحيد...وبدعة تخالف السنة..وشهوة تخالف الأمر...وغفلة تناقض الذكر ....وهوى يناقض الاخلاص...فقد سلم قلب صاحبه

و...
يارب قلبا يليق بلقائك
pppo pppo pppo

رد: سيدنا إبراهيم كان أمة
 

رد: سيدنا إبراهيم كان أمة