منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع التاريخ الإسلامي و الغربي (https://hwazen.com/vb/f176.html)
-   -   حياة العرب قبل مجيء الإسلام (https://hwazen.com/vb/t20507.html)

عطر الجنة 08-25-2020 09:05 PM

حياة العرب قبل مجيء الإسلام
 

https://img-fotki.yandex.ru/get/6720...9b908e8_XL.png


كانت الجزيرة العربية قبل مجيء الإسلام في شر حال ،
فلما امتنَّ عليهم بالإسلام ، وصاروا من أهله ، وأبنائه :
صار أهل الجزيرة في خير حال ، فقد سادوا الأمم ، وأصبحوا خير أمة أخرجت للناس .

ويتمثل السوء الذي وُجد في الجزيرة العربية قبل الإسلام في مظاهر كثيرة ، لا نستطيع حصرها في هذا الجواب لكثرتها ،


ولا يمنع هذا أن نذكر أبرز تلك المظاهر ، ومنها :
أ. في جانب العقيدة :


1. كان العرب يعبدون الأصنام ، ويتقربون لها ، ويذبحون عندها ، ويعظمونها التعظيم كله ، وهي من صنع أناسٍ مثلهم من البشر ، وأحياناً تكون من صنع أيديهم ، من التمر ، أو الطين ، أو غيرها ، وكان عدد الأصنام التي حول الكعبة المشرفة حوالي 360 صنماً .


قال تعالى واصفاً أولئك الجاهليين ( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ) يونس 18 .
2. كانوا يتطيرون : فإذا أراد أحدهم زواجاً ، أو سفراً ،

أو تجارة : ألقى طيراً في السماء ، فإن ذهب يميناً : مضى في أمره ، واعتقد فيه الخير والنفع ، وإن ذهب الطير شمالاً :
أحجم عن أمره ، وترك المضي فيه ، واعتقد فيه الشرَّ ! .
وكانوا يتشاءمون : فإذا سمع أحدهم صوت بومة ، أو رأى غراباً : ضاق صدره ، واعتقد أنه سيصيبه ضرر أو أذى في يومه ، وكانوا لا يتزوجون في شوال ؛ اعتقاداً منهم بأنه لن يكتب له النجاح .


3. كان ولاء أهل الجزيرة العربية يتوزع على القوى العظمى في زمانهم ، فبضعهم ولاؤه للروم ، وآخرون للفرس ، وثالث للحبشة .

ب. في جانب الأخلاق والسلوك والعادات :

أ. كان العرب في الجاهلية يغزو بعضهم بعضاً ، ويقتل بعضهم بعضاً ، لأتفه الأسباب ، وتطول الحروب بينهم لأعوامٍ عديدة ، فيُقتل الرجال ، وتُسبى النساء والأطفال .


ومن ذلك : " حرب البسوس " وقد دامت ثلاثين سنة ، بسبب أن ناقة وطئت بيضة " قبَّرة " – نوع من أنواع الطيور - فكسرتها ، ومنها : " حرب داحس والغبراء " ، وقد دامت أربعين سنة ، بسبب أن فرساً غلبت أخرى في الجري .

ب. كانوا لا يتنزهون عن الخبائث ، ومنها أنهم كانوا يأكلون الميتة ، ويشربون الدم .

ج.كان غير القرشيين يطوفون بالكعبة عراة نساء ورجالاً ، إن لم يمن عليهم القرشيون بثياب من عندهم ، ويعتقدون أن ثياباً عصي الله فيها لا تصلح أن يطاف بها ، وتقول قائلتهم :
اليوم يبدو كله أو بعضه وما بدا منه فلا أحلُّه !!


د. وكان الزنا منتشراً بينهم ، وكذا آثاره ، ومن أعظمها : نسبة الولد لغير الزوج .


عن عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت :

إَنَّ النِّكَاحَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ :



فَنِكَاحٌ مِنْهَا :نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ أَوْ ابْنَتَهُ فَيُصْدِقُهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا .


وَنِكَاحٌ آخَرُ : كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا أَرْسِلِي إِلَى فُلَانٍ فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا وَلَا يَمَسُّهَا أَبَدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِذَا أَحَبَّ وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الْوَلَدِ فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ نِكَاحَ الِاسْتِبْضَاعِ .

وَنِكَاحٌ آخَرُ : يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ وَمَرَّ عَلَيْهَا لَيَالٍ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمْتَنِعَ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا تَقُولُ لَهُمْ قَدْ عَرَفْتُمْ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ وَقَدْ وَلَدْتُ فَهُوَ ابْنُكَ يَا فُلَانُ تُسَمِّي مَنْ أَحَبَّتْ بِاسْمِهِ فَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْتَنِعَ بِهِ الرَّجُلُ .

وَنِكَاحُ الرَّابِعِ : يَجْتَمِعُ النَّاسُ الْكَثِيرُ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ لَا تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جَاءَهَا وَهُنَّ الْبَغَايَا كُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ تَكُونُ عَلَمًا فَمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ فَإِذَا حَمَلَتْ إِحْدَاهُنَّ وَوَضَعَتْ حَمْلَهَا جُمِعُوا لَهَا وَدَعَوْا لَهُمْ الْقَافَةَ ثُمَّ أَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِالَّذِي يَرَوْنَ فَالْتَاطَ بِهِ وَدُعِيَ ابْنَهُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ .

فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ هَدَمَ نِكَاحَ الْجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ إِلَّا نِكَاحَ النَّاسِ الْيَوْمَ .رواه البخاري ( 4834 ) .
( فيُصدقها ) يجعل لها مهراً .
( طمثها ) حيضها .

( فاستبضعي منه ) اطلبي منه المباضعة ، وهي المجامعة .
( نجابة الولد ) أي ليكون نفيساً في نوعه ، وكانوا يطلبون ذلك من أشرافهم ، ورؤسائهم ، وأكابرهم .
( الرهط ) ما دون العشرة من الرجال .
( يصيبها ) يجامعها .
( البغايا ) جمع بغي وهي الزانية .
( رايات ) جمع راية وهي شيء يرفع ليلفت النظر .
( علماً ) علامة .
( القافة ) جمع قائف ، وهو الذي ينظر في الملامح ويُلحق الولد بمن يرى أنه والده .
( فالتاط به ) فالتحق به ، والتصق .

هـ. وكانوا يقتلون أولادهم بسبب ما هم فيه من فقر ، وبسبب خوفهم من الوقوع في الفقر ، وكان بعضهم يدفنون بناتهم خشية وقوعهن في الأسر ، وجلب العار لهم ، قال تعالى
( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ )
الأنعام/ من الآية 151 ،

وقال تعالى ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً ) الإسراء/ 31 ،
وقال عز وجل ( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ . يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ) النحل/ 58 ، 59 .

و. كان عندهم الفخر بالآباء والنسب ، حتى إنهم ليذكرون آباءهم ويفتخرون بهم في موسم الحج ، وأثناء إقامة شعائره .
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم :

" إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالآبَاءِ ؛ مُؤْمِنٌ تَقِىٌّ ، وَفَاجِرٌ شَقِىٌّ ؛ أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ ، لَيَدَعَنَّ رِجَالٌ فَخْرَهُمْ بِأَقْوَامٍ إِنَّمَا هُمْ فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ ، أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الْجِعْلاَنِ الَّتِى تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتْنَ " .
رواه الترمذي ( 3955 ) وأبو داود ( 5116 )


العبية : الكبر والفخر .
الجِعلان : دويبة سوداء ، كالخنفساء تدير الخراء بأنفها .


ز. وكانوا يتعاملون بالربا ، على أشكال وأصناف وصور متنوعة .
وقد أجمل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه حالهم في الجاهلية فقال أمام النجاشي في الحبشة لما هاجر إليها :

" كنَّا قوماً أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ، ويأكل القويُّ منا الضعيف " رواه أحمد ( 3 / 265 ) وحسنه محققو المسند .

ح. المرأة في الجاهلية :
وقد تعرضت المرأة لأبشع صنوف العذاب ، والإهانة ، والتحقير ، في الجاهلية ، ويتمثل ذلك في صور كثيرة –


وهذا غير الوأرد الذي ذكرناه من بعض أفعال العرب - :
1. كانت المرأة تُحرم من الميراث مطلقاً ، فلا نصيب لها فيما يتركه ولدها ، أو والدها ، أو أمها من مال ، ولو عظم ، بل كانوا يعاملونها على أنها سلعة تورث ! وإلى ذلك الإشارة في قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً ) النساء/ 19 .
روى البخاري ( 4303 )عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَولَه : كَانُوا إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقَّ بِامْرَأَتِهِ ، إِنْ شَاءَ بَعْضُهُمْ تَزَوَّجَهَا ، وَإِنْ شَاءُوا زَوَّجُوهَا ، وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُزَوِّجُوهَا ، فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِى ذَلِكَ .


2. وكانوا يجبرونهن على الزواج بمن يكرهن ، أو يمنعونهن من الزواج .

3. وكان الأزواج يعلقون أمر زوجاتهم ، فلا هي زوجة له ، ولا هي تستطيع الزواج بغيره ، ومن ذلك : أنه كان يحرمها على نفسه ، ويجعلها كأمه ، أو أخته ، أو يحلف أن لا يجامعها ، فتصير معلقة ، فجاء الإسلام بتحريم الظهار ، وبوضع أمدٍ لمن أقسم أن لا يجامع زوجته ، وجعل ذلك إلى أربعة أشهر ، فإما أن يكفر عن يمينه ويجامعها ، أو يجبر على تطليقها ، وهو ما يسمَّى " الإيلاء " ، وهو المذكور في قوله تعالى ( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ . وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) البقرة/ 226 ، 227 .


4. ولنقرأ ماذا كانت تفعل الزوجة بعد وفاة زوجها :
قَالَتْ زَيْنَبُ بنت أبي سلمة : كَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّىَ عَنْهَا زَوْجُهَا دَخَلَتْ حِفْشًا ، وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا ، وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ ، ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَائِرٍ فَتَفْتَضُّ بِهِ ، فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَىْءٍ إِلاَّ مَاتَ ، ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعَرَةً فَتَرْمِى .

رواه البخاري ( 5024 ) ومسلم ( 1489 ) .
والحِفش : البيت الصغير .
تفتض : تمسح به جلدها .


وقد غيَّر الإسلام بتشريعاته الحكيمة تلك الصور والعادات والأحكام الجاهلية ، وأبدلهم خيراً منها ، ولا يسعنا ذكر ذلك البديل لصور الجاهلية كلها ، فمثل هذا يحتاج لسِفْرٍ كبير ، وحسبنا الإشارة إلى صور الجاهلية ، وبعض ما جاء به الإسلام من تغيير له ، وللاستزادة : ينظر كتاب " بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب " محمود شكري الألوسي ،
و " المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام "
و " تاريخ العرب قبل الإسلام " .


....والله أعلم....

منقول من عدة مصادر
""يتبع""

__________________



https://img-fotki.yandex.ru/get/5811...294ec77_XL.png

عطر الجنة 08-25-2020 09:09 PM

رد: حياة العرب قبل مجيء الإسلام
 

أيام العرب في الجاهلية

يطلق لفظ أيام العرب على الوقائع الحربية التي دارت بين القبائل العربية، أو بين القبائل العربية وما جاورها من الدول. وجلّ هذه الأيام كان في الجاهلية لسيادة العصبية القبلية عصرئذ وعدم وجود دولة توحّد قبائل العرب، وقد نشبت طائفة منها في الإسلام.
ودوافع هذه الأيام كانت على الأغلب العصبية القبلية، فكل قبيلة كانت وحدة مستقلة، وكان التنافس بين القبائل على موارد المياه ومنابت الكلأ من أبرز أسباب هذه الحروب. وربما نشبت الحرب من جرّاء الاعتداء على جار للقبيلة أو انتهاك حماها.
فإذا سقط من إحدى القبيلتين المتحاربتين قتلى يزيدون على عدد قتلى القبيلة الأخرى تجددت الوقائع بينهما طلباً لثأر هؤلاء القتلى، فكانت الأيام القبلية لذلك متصلة طوال العصر الجاهلي.

وقد يكون الدافع إلى هذه الحروب التنازع على الرياسة والشرف، أو رغبة الدولة أو القبيلة في بسط سلطانها على من يجاورها من القبائل، أو نحو ذلك من أسباب النزاع. وكثير من هذه الأيام كان ينشب لدواعٍ تافهة لا تستدعي إراقة الدماء، كأن يعتدي أحد أبناء قبيلة على رجل من قبيلة أخرى فيستجير كل منهما بقبيلته، وتنشب الحرب بين القبيلتين.

والقبيلة ملزمة بنصرة أبنائها ظالمين كانوا أو مظلومين، ولهذا كان أي نزاع صغير لا يلبث أن يتحول إلى نزاع قبلي واسع النطاق.
كانت الوقائع تتخذ صورة الغارات المفاجئة في أكثر الأحيان. فإذا أصابت القبيلة غِرّة من قبيلة أخرى غزتها فاستاقت الماشية وسبت النساء وأسرت الرجال أو قتلت بعضاً منهم. على أن القبيلة الغازية كانت تتحامى سفك الدماء ماأمكنها ذلك وتفضّل الأسر على القتل، لأن الأسير يفتديه قومه فتنعم القبيلة الغازية بما تغنم من أنعام، في حين أن القتل يعرّض القبيلة لطلب الثأر. ومن هنا كان عدد القتلى يسيراً في تلك الأيام.
إلا أن من أيام العرب ما سفكت فيه دماء كثيرة، وتوالت الوقائع فيه أياماً متوالية كحرب البسوس وحرب داحس والغبراء مثلاً.
وكانت القبيلة المعتدى عليها تتربص بالقبيلة المعتدية حتى تسنح لها فرصة الإغارة عليها والطلب بثأرها. وكانت الأعراف القبلية تفرض على القبيلة التي قتل أحد رجالها أن تثأر له مهما يطل الأمد وإلاّ لحقها العار أبد الدهر. وفي بعض الأحيان كانت القبيلة تقنع بقبول الدية لقاء قتلاها حقناً للدماء، كالذي حدث في حرب داحس والغبراء، فقد احتمل الحارث بن عوف وهرم بن سنان ديات القتلى فأطفآ بذلك نار الحرب بين حيّي عبس وذبيان، وكلاهما من غطفان.

كان الغزو من السجايا التي تفاخر بها القبائل في العصر الجاهلي لأنه برهان على قوة القبيلة وشجاعتها ومنعتها، ولكنه في الوقت عينه كان ضرورة حيوية فرضتها أحوال العرب المعيشية، وبيئتهم الضنينة بالخيرات.
وربما تحالفت طائفة من القبائل على جيرانها، والقبائل المتحالفة لايغير بعضها على بعض وإنما تشترك كلها في قتال القبائل المعادية لها.
وكان للشعراء أثرهم في هذه الأيام، إذ كانوا يحرّضون قومهم على القتال وطلب الثأر، فإذا عجز قومهم عن ذلك هجوهم، صنيع الشاعر قُريط بن أُنيف حين هجا قومه بني شيبان لأنهم لم يستنقذوا إبله. وربما شارك الشعراء في الغزو والقتال فهم شعراء وفرسان مقاتلون في الوقت عينه، ومن هؤلاء مثلاً: عنترة بن شدّاد[ر]، وعامر بن الطفيل[ر]، ودريد بن الصِمّة[ر]، وعمرو بن كلثوم[ر].

وأيام العرب في الجاهلية على أضرب:

فمنها أيام وقعت بين بطون القبيلة الواحدة، وهي شر أنواع الحروب وأخطرها على وحدة القبيلة، وربّما أدت إلى فنائها، وكان ذوو الرأي في القبيلة يحاولون إطفاء نار الحرب بين بطونها حرصاً على بقائها. ومن هذه الحروب تلك التي وقعت بين بطون قبيلة عدوان القيسية وأدّت إلى فناء كثرة رجالها بعد أن كانت ذات شوكة وعدد. ومنها حرب الفساد التي وقعت بين بطني جَديلة والغَوث من قبيلة طيّئ واضطرت جديلة على أثرها إلى الجلاء عن مواطنها. ومنها الأيام التي وقعت بين بطون بني مُرّة الذبيانية، والحروب التي نشبت بين بطون قبيلة بَجيلة بنت أنمار.

والضرب الثاني الأيام التي نشبت بين قبائل تَمتّ إلى أصل واحد، كحرب البَسُوس بين قبيلتي بكر وتغلب، وكلتاهما من ربيعة. ومنها حرب داحس والغبراء بين عبس وذبيان. ومنها كذلك الحروب التي وقعت بين الأوس والخزرج بيثرب، وكلاهما من قبيلة الأزد، ومن وقائعها: حرب سمير، وحرب كعب بن عمرو، وحرب حاطب، وكان آخر أيامها يوم بُعاث.

والضرب الثالث أيام دارت بين قبائل من أصول شتى، وهي أكثرها، ومن أشهرها يوم الكلاب الأول، ويوم الكُلاب الثاني الذي انتصرت فيه قبيلة تميم العدنانية على قبيلة مذحج القحطانية، ويوم رَحْرحان لبني عامر على بني تميم. ومن هذه الأيام كذلك حروب الفجار التي دارت بين قبيلة كنانة وقريش من جانب وبين قبائل تنتمي إلى قيس عيلان من جانب آخر. وأشهر هذه الأيام يوم شِعب جَبَلة لبني عامر وبني عبس على بني تميم وأسد وذبيان يناصرهم بعض أمراء كندة.

وضرب آخر من هذه الأيام، وهي الحروب التي نشبت بين إمارتي الغساسنة أمراء الشام والمناذرة أمراء الحيرة. وكانت إمارة الغساسنة تخضع لسلطان دولة الروم في حين كانت إمارة المناذرة تستظل بسلطان دولة الفرس، وقد وقعت الحرب أحياناً بين إحدى هاتين الإمارتين وبين إحدى القبائل العربية، كيوم السُلاّن الذي انتصر فيه بنو عامر على النعمان بن المنذر ملك الحيرة، وكيوم طِحفة الذي انتصر فيه بنو يربوع التميميون على المنذر بن ماء السماء ملك الحيرة.

والضرب الأخير من هذه الأيام هو الأيام التي شبت نارها بين قبيلة عربية أو عدة قبائل وبين الأعاجم من الفرس والروم ومن يواليهم من قبائل العرب، وأشهر هذه الأيام يوم الصَّفقة الذي أوقع فيه كسرى أنوشروان ببني تميم في حصن المشقَّر لعدوانهم على قوافله، ويوم ذي قار الذي انتصر فيه بنو شيبان على جيش كسرى أبرويز ومن والاه من قبائل العرب.
__________________


عطر الجنة 08-25-2020 09:12 PM

رد: حياة العرب قبل مجيء الإسلام
 

وفيما يلي تفصيل لأشهر هذه الأيام:
حرب البسوس
نشبت هذه الحرب بين قبيلتي بكر وتغلب، وكلتاهما من ربيعة، وكان الذي هاجها مقتل كليب، سيد بني تغلب، بيد جَسّاس بن مُرة البكري. كان كليب في ذلك الحين سيد ربيعة كلها بلا منازع، وهو الذي هزم قبائل قحطان في يوم خَزاز، وكان جبّاراً متسلّطاً، بلغ من جبروته وعزّته أنه كان لا يسمح لأحد أن يورد إبله مع إبله، وكانت القبيلة لا تنزل ولا ترحل إلاّ بأمره، وكان لا يحتبي أحد في مجلسه، وكانت ربيعة لا تصدر إلاّ عن رأيه في جميع أمورها، حتى ضُرب المثل بعزّته فقيل: أعزّ من كليب وائل.
واتفق أن امرأة تدعى البسوس نزلت في جوار بني مُرّة البكريين، وهي خالة جَسّاس بن مُرّة، فوردت ناقتها الماء مع إبل كليب، فغضب كليب وأمر برميها بسهم فقتلها، فغضب لذلك جسّاس وانتهز غِرّة من كليب فقتله، فشبّت الحرب بين بكر وتغلب لهذا السبب وهبّ مُهلهل، أخو كليب، للطلب بثأر أخيه، وكانوا يلتقون في الوقعة بعد الوقعة، ومن أيامها: يوم التحالق، ويوم واردات، ويوم القصيبات، واستمرت الحرب بين القبيلتين أمداً طويلاً. وكان آخر من قتل من جرّائها جسّاس بن مُرّة، قتله الهجرس بن كليب، وأخيراً دخل ملك الحيرة بين الطرفين فتكافّا عن القتال.

حرب داحس والغبراء
نشبت هذه الحرب بين قبيلتي عبس وذبيان، وكلتاهما من غطفان، وسببها رهان وقع بين حُذيفة بن بدر الفزاري الذبياني وبين قيس بن زهير بن جذيمة العبسي على سَبَق عيّناه (مايناله الفائز في السباق)، فأجرى كل منهما فرسه، فسبقت فرس قيس بن زهير، وكان حذيفة قد أكمن لها رجالاً يردّونها عن الغاية، فلما جاءت سابقة ردّوها لتكون السابقة فرس حذيفة. وتنازع الرجلان أيهما أحق بالسبق، وأدّى هذا النزاع إلى نشوب الحرب بين القبيلتين، وقتل في وقائعها نفر من أشرافهما، وقد شارك عنترة العبسي في هذه الحرب، وطال أمد القتال حتى دخل بينهما شريفان من بني مُرّة هما الحارث بن عوف وهرم بن سنان المرّيّان الذبيانيان، فأديا من مالهما ديات القتلى الذين فضلوا بعد إحصاء قتلى الحيين وأطفآ بذلك نار الحرب. وقد مدح زهير بن أبي سلمى[ر] هذين الشريفين في معلقته.

يوم شِعب جَبَلة
كان هذا اليوم من أعظم أيام العرب في الجاهلية، وقد حدث قبل الإسلام بزهاء خمسين سنة. فبعد حرب داحس نبا بعبس موطنها إلى جوار بني ذبيان فلجأ سيدها قيس بن زهير إلى الأحوص بن جعفر الكلابي العامري واستجار به، فأجاره، وتحالف بنو عامر وبنو عبس، فلما بلغ بني ذبيان نبأ هذا الحلف حشدوا جموعهم وعليهم حصن بن حُذيفة بن بدر، ومع بني ذبيان حلفاؤهم بنو أسد، ورفدهم جمع من كندة يقودهم شرحبيل بن أخضر ومعاوية بن الجون، وجمع من بني تميم يقوده لقيط بن زرارة، وأقبل معهم كل من كان له ثأر لدى بني عبس وبني عامر، فاجتمع من قبائل العرب جمع لم يكن في الجاهلية مثله كثرةً، وأيقنت العرب بهلاك بني عامر. فلما بلغ النبأ بني عامر لاذوا بسيدهم الأحوص بن جعفر، فاستشار قومه في الأمر، فأشار عليه أحدهم أن يتحصنوا بشعب جبلة، وهو هضبة في نجد لاتؤتى إلا من جانب واحد، فنزلوا في أعلاها ومعهم إبلهم، وقدم أعداؤهم فأرادوا أن يرقوا الشعب إليهم، فأرسلوا عليهم الإبل تحطم كل شيء مرّت به وتقذف بالحجارة بقوائمها، وانحدر بنو عامر، وبنو عبس خلفها يرمون القوم بالسهام والحجارة، فوقعت الهزيمة بذبيان وحلفائها، وقُتل جماعة منهم، وممن قتل يومئذ لقيط بن زرارة، قائد القوم، وأُسر نفر منهم.

يوم الكُلاب الأوّل
شاركت في هذا اليوم قبائل كثيرة، وكان الحارث بن عمرو المقصور قد ملك الحِيرة أيام كسرى قباذ، بعد أن نفى المنذر بن ماء السماء اللخمي، وقد ملّك الحارث قبل وفاته أولاده على القبائل الموالية له، فملّك ابنه حجراً على بني أسد وغطفان، وابنه شرحبيل على بكر بن وائل وبني حنظلة، وابنه معد يكرب على بني تغلب والنمر بن قاسط، وابنه سلمة على قيس عيلان. فلمّا مات الحارث نشب النزاع بين أولاده وطمع كل منهم في ملك أخيه، ونشبت الحرب بين شرحبيل ومن معه من القبائل وبين سلمة والقبائل الموالية له، ودارت الحرب في موقع يعرف بالكُلاب، وهو ماء، وأسفرت الموقعة عن هزيمة شرحبيل ومقتله.

يوم الصفقة
سبب هذا اليوم أن كسرى أنوشروان كان يرسل قوافل تحمل العروض والميرة إلى عامله باليمن، وكان يتولى حراسة قوافله خفراء من ربيعة وتميم، فطمع هوذة بن علي الحنفي، سيد بني حنيفة باليمامة، في الجعل الذي يعطى للخفراء من بني تميم، فأخذه. فلما بلغ بني تميم صنيعه أغاروا على القافلة فانتهبوها وقتلوا خفراءها وأسروا هوذة بن علي، فافتدى نفسه بثلاثمئة بعير.
فلما بلغ كسرى مافعلته بنو تميم بعيره دبّر لهم مكيدة بالاتفاق مع هوذة فحبس عنهم الميرة في سنة مجدبة، ثم أقام لهم هوذة سوقاً بالمُشَقّر ليمتاروا منها وأرسل كسرى جيشاً من الأساورة يقوده المكعبر، عامل كسرى على البحرين، فلما قدم بنو تميم ليمتاروا، كانوا يدخلونهم حصن المشقّر رجلاً رجلاً، فيقتلونهم، حتى قتلوا منهم جمعاً كبيراً، فكان هذا اليوم من أسوأ الكوارث التي مني بها بنو تميم.

يوم خَزَاز (أو خزازى)
كان هذا اليوم من أعظم أيام العرب في الجاهلية، وهو أول يوم انتصفت فيه القبائل المعدّية من قبائل اليمن، وهو من أقدم أيام العرب زمناً. كانت قبائل ربيعة ومضر تدين في ذلك الحين لسلطان اليمن، ثم تمرّدت عليه، فجمعت اليمن جموعاً لقتال المعدّيّين، وكثرتها من مذحج، ورأّست قبيلة ربيعة عليها كليب وائل، فأمر كليب سلمة بن خالد الملقّب بالسفّاح التغلبيّ، أن يوقد ناراً على جبل خزاز حين يرى جموع اليمن مقبلة عليهم، ففعل. والتقى الفريقان فكان النصر لكليب ومن معه من القبائل، وكان هذا النصر من مفاخر قبيلة تغلب التي أشاد بها شعراؤها، ومنهم عمرو بن كلثوم القائل في معلقته:
ونحن غداة أُوقد في خزازى = رفدنا فوقَ رِفد الرافدينا

عطر الجنة 08-25-2020 09:17 PM

رد: حياة العرب قبل مجيء الإسلام
 

يوم ذي قار
هذا اليوم هو أول يوم انتصف فيه العرب من العجم. ويقال إنه حدث في زمن النبي
صلى الله عليه وسلم. وكان سببه أن كسرى أبرويز غضب على النعمان بن المنذر ملك الحيرة، وقد أوغر صدره عليه زيد بن عدي العباديّ لأنه قتل أباه عدي بن زيد، فلجأ النعمان إلى هانئ بن مسعود الشيباني فاستودعه أهله وماله وسلاحه، ثم عاد فاستسلم لكسرى، فسجنه ثم قتله. وأرسل كسرى إلى هانئ بن مسعود يطلب إليه تسليمه وديعة النعمان، فأبى هانئ دفعها إليه دفعاً للمذمة، فغضب كسرى على بني شيبان وعزم على استئصالهم، فجهّز لذلك جيشاً ضخماً من الأساورة الفرس يقودهم الهامرز، ومن قبائل العرب الموالية له، من تغلب والنمر بن قاسط وقضاعة وإياد، وولى قيادة هذه القبائل إياس بن قبيصة الطائي، وبعث معهم كتيبتيه الشهباء والدوسر. فلما بلغ النبأ بني شيبان استجاروا بقبائل بكر بن وائل، فوافتهم طوائف منهم، واستشاروا في أمرهم حنظلة بن سيّار العجلي، واستقر رأيهم على البروز إلى بطحاء ذي قار، وهو ماء لبكر بن وائل قريب من موضع الكوفة. والتقى الفريقان في ذي قار، وبدافع العصبية للعرب تخلّت قبيلة إياد عن مواقعها وعادت أدراجها. وقد وقعت في بدء المعركة مبارزة بين الحوفزان بن شريك الشيباني والهامرز قائد جيوش كسرى، فقتل الحوفزان الهامرز، وبعد معركة حامية الوطيس وقعت الهزيمة بجيش كسرى ومن والاه، وقد افتخر شعراء بكر بن وائل بما أحرزوه يومئذ من النصر المبين ومن ذلك قول الأعشى:
وجند كسرى غداةَ الحِنو صَبّحهم = منّا كتائب تزجي الموت فانصرفوا
إذا أمالوا إلى النُشاب أيديهم = مِلنا ببيض فظلّ الهامُ يختطف
وخيلُ بكرٍ فما تنفك تطحنُهم = حتى تولَّوا وكاد اليوم ينتصف
لو أنّ كلَّ مَعَدٍّ كان شاركنا = في يوم ذي قار ماأخطاهم الشَرَفُ


يوم طِخفة
نشب نزاع بين المنذر بن ماء السماء، ملك الحيرة، وبين بني يربوع من تميم، بسبب محاولة المنذر نزع الردافة منهم، وكانت ردافة ملوك الحيرة لهم قبل ذلك. فوجه المنذر إليهم جيشاً يقوده ابنه قابوس وأخوه حسّان، فلجأ بنو يربوع إلى شِعب طِخفة. وهو شعب لا يؤتى إلاّ من مدخل ضيّق، ووضعوا نساءهم في أعلاه. فلما أتاهم جيش المنذر، ودخل الشعب من مدخله الضيق أرسل بنو يربوع على الجيش نعمهم، فبددّت شملهم ورماهم الفرسان بسهامهم فوقعت الهزيمة بجيش ملك الحيرة، وأُسر ابنه قابوس ثم أُطلق. وهذا اليوم من الأيام التي فخرت بها شعراء بني يربوع ومنهم جرير ومن قوله في ذلك:
إنّا بطِخفةَ أو أيام ذي نجبٍ = نعمَ الفوارسُ لمّا التفّتِ العُذَرُ


وقعتا عين أُباغ وحليمة
هاتان الوقعتان من الحروب التي نشبت بين إمارتي اللخميين بالحيرة والغساسنة بالشام، ففي يوم عين أُباغ، وهو واد وراء الأنبار على طريق الفرات إلى الشام، وجه المنذر بن ماء السماء، ملك الحيرة، إنذاراً إلى الحارث بن جَبلة الغساني المعروف بالحارث الأعرج، أن يدفع إليه الفدية وإلاّ حاربه، وكانت إمارة اللخميين بالحيرة تخضع لسلطان أكاسرة الفرس، في حين أن إمارة الغساسنة كانت موالية للروم، ودارت رحى الحرب بينهما فوقعت الهزيمة بجيش المنذر وأسفرت الموقعة عن مقتله.
فلما تولى المنذر بن المنذر بن ماء السماء الملقب بالأسود، ملك الحيرة بعد أبيه، سار إلى الحارث الغساني طلباً بدم أبيه، ومعه قبائل العرب الموالية له، وأراد الحارث بث الحمية في نفوس جنده فوعد من يأتيه برأس المنذر أن يزوّجه ابنته حليمة، وفي غمرة القتال استطاع ابن الحارث قتل المنذر، ثم قُتل بعد ذلك، ولكن النصر انعقد يومئذ للغساسنة وقد أشاد النابغة الذبياني في مدائحه للغساسنة بهاتين الوقعتين فقال:
يوما حَليمة كانا من قديمهمٌ = وعينُ باغٍ فكان الأمر ماائتمرا


حروب الفِجار
نشبت هذه الحروب بين قبيلة كنانة ـ ومنها قريش ـ وبين قبيلة قيس عيلان، ودُعيت بالفجار لأنها وقعت في الأشهر الحُرم، وهي الأشهر التي كانت الحروب محرّمة فيها، وهي: ذو القعدة، وذو الحجّة، والمحرَّم، ورجب. وقد امتدّ القتال في هذه الحروب أربع سنين، وهما فجاران، في كلّ منهما أيام دار فيها القتال بين الفريقين.
فأيام الفجار الأول ثلاثة، ولم يقع فيها قتال في اليوم الأول، ثم نشب القتال في اليوم الثاني، وكانت حصيلته مقتل نفر قليل من المتحاربين، ثم توسط بينهما حرب بن أميّة، واحتمل دماء القتلى، وكذلك لم يقع قتال في اليوم الثالث لتفاهة الدافع إليه.
وأيام الفجار الثاني خمسة وكان القتال فيها أشد من أيام الفجار الأول، والأيام الخمسة هي: يوم نخلة، وكان النصر فيه لقيس عيلان على كنانة وقريش، واليوم الثاني يوم شَمْطة، وكان كذلك لقيس على كنانة، واليوم الثالث يوم العبلاء، وانتصرت فيه قيس عيلان كذلك، واليوم الرابع يوم عكاظ. وكان القتال فيه عنيفاً وأسفر عن هزيمة قيس عيلان، وقد شارك الرسولصلى الله عليه وسلم في هذا اليوم وكان فتى حديث السن، فكان يناول أعمامه النبل، وفي اليوم الخامس، وهو يوم الحريرة ثأرت قيس عيلان لهزيمتها في يوم عكاظ.

____________________________________
مراجع للاستزاذة:
ـ جاد المولى والبجاوي وأبو الفضل إبراهيم،
أيام العرب في الجاهلية(القاهرة 1961م).
ـ الأصفهاني، الأغاني، (طبعة دار الكتب، مصر).
ـ ابن الأثير، الكامل، (دار الكتاب العربي، بيروت).
ـ نقائض جرير والفرزدق، تحقيق الصاوي (القاهرة 1935).
ـ ابن حبيب، المنمق (طبع حيدر آباد 1964)
.


الساعة الآن 07:27 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)