منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع العلوم الشرعية (https://hwazen.com/vb/f38.html)
-   -   ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (https://hwazen.com/vb/t20931.html)

إسمهان الجادوي 12-19-2020 11:39 AM

ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
 


ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ


أما بعد أيها المسلمون، فمع سلسلة "ثلاثيات" يستمر حديثنا، ونحن اليوم بإذن الله جل وعلا على موعدٍ مع ثلاثة أصنافٍ من الناس خَصمهم الله يوم القيامة، روى البخاري في "صحيحه" من حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قَالَ الله عز وجل في الحديث القدسي: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كُنْتُ خَصْمَهُ فقد خَصَمْتُهُ...».

ومن يقوى على خصومةِ رب العالمين له!
من يقدر على أن يكون خصمًا لله جل وعلا!
إنَّ من كان خصمُهُ الله، فإن نهايته الخسران والهلاك، ومآله الخزي والندم ونهايته سيئة ومؤلمة.

نعم، إنَّك بطبيعتك البشرية قد تخاف، وقد تعيش في قلقٍ وحيرة حينما يكون خصمُكَ مسؤولًا كبيرًا، أو محافظَ محافظة، أو مديرَ مديرية، أو مدير ناحية، أو مدير أمن، أو وزير دولة!

فكيف حينما يكون خصمُكَ ملِكَ الملوك!
كيف حينما يكون خصمُكَ خالقَ الخلقِ وموجدهم من العدم!
كيف حينما يكون خصمُكَ ربَّ المسؤول والمحافظ ومدير المديرية والناحية، ومدير الأمن والوزير!
إنَّه هذا لهو الخسرانُ بعينه والهلاكُ بذاته!
﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 13].

ولهذا يقول الله عز وجل في الحديث القدسي: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، والله يوم القيامة خصمٌ لكل ظالم، خصمٌ لكل جبار، خصمٌ لكل طاغيةٍ، خصمٌ للمفسدين، خصمٌ للمستبدين، خصمٌ للمبطِلين، خصمٌ للمجرمين، خصمٌ للكافرين، لكنَّ خصومته مع هؤلاءِ الثلاثة أشدُّ.

ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِه أَجْرَهُ.

وحتى لا ينسحب الوقتُ من تحتِ أقدامنا دون أن نشعر، تعالوا على جناحِ السرعة لنعرِّجٍ سويًّا على هؤلاءِ الثلاثة الذين سيكونُ اللهُ خصمَهُم يومَ القيامة، ألا وإنَّ أول هؤلاءِ الثلاثة: ((رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ)).

أي أعطى صاحبه موثقًا بالله وعاهَده بعهدِ الله أن يعطيَه كذا وكذا، أو يدفَع عنه من السوء كذا وكذا، ومن الشر كذا وكذا، وربما أكَّد له ذلك بالأيمانِ المغلظة بأنَّه لن يخونه ولن يَغدر به، وأن يكون له وفيًّا صادقًا أمينًا مُخلصًا! أمَّا الشخص الآخر، فقد ارتضى الله وكيلًا! وارتضى الله كفيلًا فوثَق به، ووثق بوعده، ووثق بعهده وأيمانه المغلظة، وأمَّا ذاك وبعد مرور فترةٍ من الزمن أو الشهور والأيام، ولَمَّا وأتتْه الفرصة غَدَر، ولَمَّا قَوِيَ وتمكَّن، نكث وانقلب على عقبيه، وضربَ بالأيمانِ والعهود والمواثيق عرض الحائط والله يقول: ﴿ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا ﴾ [النحل: 91]، ويقول جل وعلا: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا ﴾ [النحل: 92].

فالغدر يا كرام دليلٌ على خسةِ النفس وحقارتها، والغادر ممقوت من الله والملائكة والناس أجمعين، ويكفي الغادرُ سخطًا وغضبًا أن يكون الله خصمَهُ يوم القيامة، فهذا معنى الحديث، لكن هناك معنى آخر أعمق من هذا أو أبعد منه، فالواحدُ قد ينتسبُ إلى التدين إمَّا بسمت، إمَّا بمظهر، إمَّا بلحية، وإمَّا بثوب قصير، وإمَّا بمسبحةٍ طويلة، وإمَّا بتردُّدٍ على المسجد، فتُعرفَ بسمت أهلِ الدين، ثم تُمارسُ عملًا تجاريًّا أو مشروعًا استثماريًّا!

النَّاس وثقوا بك؛ لأنك من أهلِ الله؛ لأنك من روَّادِ المسجد؛ لأنَّك رجلٌ صالح؛ لأنَّك تاجرٌ أمين؛ لأنَّك من الملتزمين المتدينين.

فإذا وثقَ النَّاسُ بك، فاعلم أن هذه الثقة عهدٌ غليظ وميثاقٌ أكيد، فلا تستثمرِ السمتَ الإسلامي أو الهدي الإسلامي، وتخون أمانةَ اللهِ عز وجل وعهدَ الله سبحانه، ولا تجعله فخًّا تصطادُ به أموالَ الناس، أو تَبطشَ من خلاله بحقوقهم، ولأجل ذلكم، فإن الخيانة والغدر ونكث العهودِ ونقضها، ليست من صفاتِ المسلمين؛ لأنهم مأمورون بالوفاء بالعهد في كثيرٍ من الآيات الكريمة؛ قال سبحانه: ﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النحل: 91].

إنَّما الغدرُ والخيانةُ من الصفاتِ الذميمةِ التي لا يتحلى بها إلا فاقدُ الإيمانِ من كافرٍ مشرك، ويهودي، ونصراني ومنافق، ومن أخذ صفاتُهم من المسلمين؛ روى البخاري ومسلم من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ).

وأعظمُ الخيانة عندما تكون في موطنٍ أنت مُستأمنٌ فيه؛ كمن يخون وطنه ويخون بلاده!

ومن يخون من يأتمنه على أهله حالَ غيبته! ويأتمنه على داره وأمواله، وكل ذلك من الخيانةِ التي عظَّمَ الله أمرها وقبَّحَ شأنها، وصاحب الغدر لا يطول غدرُه بالنَّاسِ، ولا بد أن ينكشف عاجلًا أم آجلًا، ويوم القيامة يُشهَّر به على رؤوس الأشهاد، ويَحملُ لواءَ غَدره خِزيًا وعارًا بين الخلائق؛ روى البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ، فَقِيلَ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ)، وفي رواية مسلم: (لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ عِنْدَ اسْتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).

فضيحه على رؤوسِ الإشهادِ وعلى الملأِ من الخلائق.
أيها المسلمون الكرام، أمَّا الشخصُ الثاني ومن سيكون الله خصمه يوم القيامة، فهو: (وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ).

لقد كان فيما مضى من مصادرِ الاسترقاق خطفُ الأحرار وبيعهم، ومِن خَصَمَةِ الله هنا رجلٌ باع شخصًا حُرًّا وهو يعلم بحريَّته؛ أي كونه عامدًا متعمِّدًا، وأخذ ثمنه وأدخله على نفسه، وقد استحق من يقوم بهذا الفعل أن يكون الله تعالى خصمه؛ لأنه انتهك حقًّا من حقوق الله تعالى وهو حق العبودية، وقد جعل الله إثمَ ذلك شديدًا؛ لأن الله تعالى خلق النَّاس أحرارًا، ولأن المسلمين متساوون في الحرية، فلا يجوز لمسلم بيع حر؛ لأن من باع حرًّا، فقد منع التصرف فيما أباح الله له، وعَطَّلَ عَلَيْهِ الْعِبَادَاتِ الْمُخْتَصَّةَ بِالْأَحْرَارِ؛ كَالْجُمُعَةِ، وَالْحَجِّ، وَالْجِهَادِ، وَالصَّدَقَةِ وَغَيْرِهَا، وجَنَى عَلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وإِنَّ حَقَّهُ فِي الْحُرِّ إقَامَتُهُ لِعِبَادَتِهِ الَّتِي خَلَقَ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ لَهَا؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56].

بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
أمَّا بعد أيها المسلمون، فحديثُ جمعتنا اليوم عن ثلاثةِ من البشرِ خصمهم الله يوم القيامة، وإذا كان الله خصمَكَ يوم القيامة فلمن ستشكو؟! وممَّن سترجو الرحمة؟

وممَّن ستطلبُ العفو والمغفرة؟! إذا كان الله خصمَكَ يوم القيامة فسوف يُقيم عليك الحق، وسوف يُقيمُ عليك الحُجَّة، وسيقتص لكل مظلوم ظلمته أو ضعيفٍ سلبت حقَّه!

نعم، تخيَّل نفسكَ يوم القيامة وانت ترجو شفاعةَ ربك، وتأملُ عفوه ورحمته، وإذا بك تجدُ اللهَ خصمًا لك!

يُخاصمكَ نيابةً عن المظلومين، نيابةً عن المضطهدين، نيابةً عن المقهورين، نيابةً عن المكسورين، نيابةً عن المكلومين، نيابةً عن المشردين، نيابةً عن المتألمين، نيابةً عن المساكين والجائعين والمحرومين، فإذا دعتك قدرتك على ظلمِ الناس، فتذكر قدرةَ الله عليك:
لا تظلمنَّ إذا ما كنت مقتدرًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فالظُلْمُ تَرجعُ عُقباه إلى النَّدَمِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
تنامُ عَيْنُكَ والمَظْلومُ مُنَتَبِهٌ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
يدعو عليك وعينُ الله لم تنمِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


نعم أحبتي الكرام، يومُ القيامة هو اليومُ الذي تنهد فيه الأرض، وتسير الجبال، وتشتد الأمور، وتتعاظم الأهوال، وينزل الله للقضاء بين عباده بالعدل، فيحشرهم في ذلك اليوم وأقدامهم حافية، وأجسادهم عارية، وأبصارهم شاخصة، وقلوبهم واجفة؛ حيث يكون حالهم في ذلك اليوم أن كل امرئ منهم يكون له شأنه الذي يغنيه، فيفرُّ من أخيه، وأمِّه وأبيه، وصاحبته وبنيه.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يَطوي اللهُ عزَّ وجلَّ السَّماواتِ يومَ القيامةِ، ثم يأخذُهنَّ بيدِه اليُمنَى، ثم يقولُ: أنا الملِكُ، أين الجبَّارون؟ أين المُتكبِّرون ؟ ثم يَطوي الأرضين بشمالِه، ثم يقولُ: أنا الملِكُ، أين الجبارون؟ أين المُتكبِّرون؟ فيروم كل النجاة في هذا اليوم!

إلا أن ثلاثةُ أشخاصٍ لن ينجو من خصومة الله لهم:
رجل أعطى بي ثم غدر، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، أمَّا الشخصُ الثالث والأخير، فمن سيكونُ اللهُ خصمه يوم القيامة، هو (رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَه).

إنَّه رجلٌ عنده أُناس يعملون لديه، إمَّا خدم أو سائقين أو موظفين، أو عمال، أو غير ذلك من المهن الأخرى، ويمكث بعضهم أشهرًا، أو ربما سنوات وله استحقاقات مالية من رواتبه لم تُصرف له، وربما تحايل عليه.

وهذا من الحرام أن يَستأجر الواحدُ رجلًا لعملٍ ما، ثمَّ إذا انتهى من العملِ يمنعه حقه ولا يعطيه أجره، ويقع مثل ُهذا كثيرًا في زماننا هذا! وكم من مؤسسات؟! وكم من شركاتٍ يعملُ فيها موظفون أُجراء، ثم يوعدون بمكافئات وعلاوات، ثمَّ لا يُعطَونَ شيئًا، وإذا أُعطوا، أُعطوا بأقل ممَّا يوعدون به! وقد يلتفتُ ربُّ العمل بدعوى التحري على أخطاءٍ غير موجوده؛ لكي يخصم على عامل من عُمَّاله، فيقول: أنت فعلت كذا، وقصَّرت في كذا ولم تفعل كذا، ويختلقُ أمورًا هو يعلم أنَّها ليست موجودة، كل ذلك حتى لا يُعطي الأجير حقَّه، وكم هناك من أغنياء غلاظُ الأكباد من يستطيلون على عمالٍ ضعاف، مساكين، يستوفون المنفعة منهم كاملة، ثم لا يُوفونهن الأجر ويعطونهم حقهم الذي فرضوه لهم.

وهؤلاء الذين يأكلون أجور هؤلاءِ العمَّال المساكين، كأنَّما يأكلون نارًا في بطونهم، هؤلاء الذين يأكلون أجور هؤلاءِ العمَّال، أو يظلمونهم، فكأنَّما ما يأكلونه سحتًا ويكون الله عز وجل خصمهم يوم القيامة.

بل هؤلاء لا تُقبلُ لهم دعوة والعياذُ بالله، فهم يدعون الله فلا يستجيب لهم، ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [المؤمنون: 51]، وَقَالَ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ [البقرة: 172].

ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِىَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ».

وما أجمل تلك الصورة المشرقة الوضاءة الرائعة البهيَّة الزكيَّة النديَّة للشخص الثالث من أولئك الثلاثة الذين أَووا إلى الغار، وسُدَّت صخرةٌ كبيرة باب الغار الذي لجؤوا إليه.

فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عبدالله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (انْطَلَقَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، حَتَّى أَوَوْا الْمَبِيتَ إِلَى غَارٍ فَدَخَلُوهُ، فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ، فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الْغَارَ، فَقَالُوا: إِنَّهُ لَا يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلَّا أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ، فَقَالَ أَحَدُهم: اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ، فَأَعْطَيْتُهُمْ أَجْرَهُمْ غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ تَرَكَ الَّذِي لَهُ، وَذَهَبَ فَثَمَّرْتُ أَجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنْهُ الْأَمْوَالُ، فَجَاءَنِي بَعْدَ حِينٍ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّه، أَدِّ إِلَيَّ أَجْرِي، فَقُلْتُ لَهُ: كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أَجْرِكَ؛ مِنَ الْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ، وَالْغَنَمِ، وَالرَّقِيقِ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، لَا تَسْتَهْزِئُ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ فَأَخَذَهُ كُلَّهُ، قال: فَاسْتَاقَهُ كُلَّه ولَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا، ثمَّ قال: اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ، فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ، فَخَرَجُوا يَمْشُونَ).

اللهم ارزُقنا حبَّك وحبِّ من يُحبك، وحبَّ كل عملٍ يُقربنا إلى حبك.

اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات، وحبَّ المساكين، وإذا أردت بقومٍ فتنةً أن تقبضنا إليك غير مفتونين ولا خزايا نادمين.

﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].








أحمد عبدالله صالح
م.ق


الساعة الآن 05:38 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)