منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع السيرة النبوية، الصحابة و السلف الصالح (https://hwazen.com/vb/f35.html)
-   -   سلسلة أشبال الإسلام حول الرسول صل الله عليه وسلم (https://hwazen.com/vb/t20957.html)

عطر الجنة 12-22-2020 04:01 AM

سلسلة أشبال الإسلام حول الرسول صل الله عليه وسلم
 






( 1 )

أنس بن مالك

خادم رسول الله صل الله عليه و سلم


منذ أن شاع الخبر ان النبي صل الله عليه وسلم وصاحبه قد خرجا مهاجرين الي المدينة و المؤمنون من اهل المدينة يخرجون الي اعالي المدينة لعلهم يتشرفون برؤية الحبيب صل الله عليه وسلم وهو قادم اليهم لينير و كان مع هذه الجموع و تلك الحشود صبي صغير دفع جسده وسط هذه الامواج , ووقف ينتظر الحبيب علي شوق ,انه انس بن مالك الصبي الصغير ,الذي لقنته امه الشهادة فامن بالله و هو بعد ابن عشر سنين ,فاحب النبي صل الله علي وسلم و لم يره بعد , و اشتاق لرؤيته , و سماع القران منه , و الجلوس بين يديه .


وطلع البدر علينا

و في ذات يوم اشرق نور الحبيب علي المدينة فاضاء منها كل شئ , و خرجت الرميصاء بنت ملحان ام انس مع والدها لتلقا الحبيب صل الله علي وسلم , وما ان رات النبي صل الله عليه وسلم حتي قالت : يا رسول الله , ما من احد من اهل المدينة الا
و اتحفك بهدية , و ليس عندي ما اهديه للك الا ولدي هذا انيس , فاجعله في خدمتك .

فقبل النبي صل الله عليه وسلم منها هذا , ومن هذه اللحظة سعد انس بصحبة النبي صل الله عليه وسلم فما فارقه حتي انتقل الي الرفيق الاعلي .


خير خلق الله محمد صل الله عيه وسلم :

عشر سنين كاملة انس او انيس – كما كان يدلله النبي صل الله عليه وسلم – بخدمة النبي صل الله عليه وسلم و صحبته حتي امتلات روحه حكمة , و فاضت نفسه علما و نورا .


و في صحبة الحبيب

و لم تخلوا هذه السنين من مواقف تعلم منها انس الكثير من استاذ البشرية و معلم الدنيا , يقول انس عن هذه المواقف : ارسلني النبي صل الله عليه وسلم لحاجة له فخرجت , و قصدت صبيانا يلعبون في السوق لألعب معهم , و لم اذهب لما امرني به , فلما صرت اليهم شعرت بانسان يقف خلفي و ياخذ ثوبي ... فالتفت فاذا النبي صل الله عليه وسلم يبتسم و يقول :

يا انيس اذهب الي ما امرتك ؟

فارتبكت و قلت :

ساذهب الان يا رسول الله .


وصايا الحبيب صل الله عليه و سلم


من وصاياه صل الله عليه و سلم لانس :

" يا بني , ان قدرت ان تصبح و تمسي و ليس في قلبك غش لاحد فافعل .. يا بني , ان ذلك من سنتي , و من احيّ سنتي فقد احبني , و من احبني كان معي في الجنة .. يا بني , اذا دخلت علي أهلك فسلم : يكن بركة عليك و علي اهل بيتك ".

يقول انس عن النبي صل الله عيه وسلم : خدمت رسول الله صل الله عليه وسلم عشر سنين , فما قلت لشيئ فعلته : لم فعلت هذا ؟ و لا لشئ تركته : لم تركت هذا؟


معلم الامة

و لقد عمر انس بعد رسول الله , حتي بلغ ما بعد الثمانين من العمر . قضاها كلها يعلم الامة ما تعلمه من النبي صل الله عليه و سلم طوال العشر سنوات التي صحب النبي صل الله عليه و سلم فيها , فكان جامعة كاملة تخرج منها كبار العلماء الذين نشروا الدين و حفظوه لنا , حتي وصل الينا غضا طريا كما نزل به الروح الامين علي قلب سيد المرسلين صل الله عليه وسلم .

فهذا انس بن مالك ثالث اكثر رواة الحديث بعد ابي هريرة و عبد الله بن عمر .

و يوم ان حضرته الوفاه قال : غدا اقبل علي حبيبي فاقول له :
يا رسول الله , هذا خويدمك انيس .


فجزاه الله عنا خيرا , و جزي امة الرميصاء عن الاسلام و المسلمين خير جزاء


https://p7.storage.canalblog.com/75/...4/93870989.gif


( 2 )
عبد الله بن الزبير

الشهيد المصلوب


ما ان وصل التبى صلى الله عليه و سلم الى المدينة حتى أطلق اليهود شائعة ملأت المدينة فقالوا : أن اليهود قد سحروا المسلمين فلن يولد للمسلمين مولود ذكر بعد اليوم , و اتتظر الناس ما تتجلى عته الأيام القادمة حتى كان الثانتى من شهر شعبان من العام الثانى للهجرة حين جاء البشير أن أسماء بنت أبى بكر ذات النطاقين زوجة الزبير بن العوام قد ولدت ولدا أسمياه عبد الله فكان يوم ميلاد هذا الشبل عيدا و فرحا للمسلمين .

عاش عبد الله فى مدينة الرسول صلى الله عليه و سلم و لربى فى حجره عليه الصلاة و السلام لأن خالته عائشة أم المؤمنين لم يكن لها ولد فكانت تصحب عبد الله معها فى بيتها فكانت تكنى بأم عبد الله .


أشبال الإسلام

و اختار النبى صل الله عليه و سلم جوار ربه و عبد الله يعد غلام فى الثامنة من عمره تقريبا و لأن الأسود لا تنجب الا أسودا فقد اصطحب الزبير بن العوام "أحد العشرة الذين بشرهم التبى صل الله عليه و سلم بالجنة " ولده معه فى الحروب و المعارك ليتربى على الجهاد فشهد و هو فى الرابعة عشر من عمره معركة اليرموك الشهيرة سنة " 15ه – 626 م " و اشترك مع أبيه فى فتح مصر و أبلى بلاء حسنا و خاض عمليات فتح شمال أفريقيا تحت قيادة عبد الله بن سعد فى عهد عثمان بن عفان و أبدى من المهارة و القدرة العسكرية ما كفل للجيش التصر كما اشترك فى الجيوش الاسلامية التى فتحت اصطخر .

و لما حوصر الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه فى بيته سنة " 25ه – 655م " كان عبد الله بن الزبير من أول المدافعين عنه , و اشترك فى الفتوحات و الغزوات فى عهد معاوية بن أبى سفيان .

فغزا أفريقيا تحت قيادة معاوبة بن حديج ( 45ه – 665 ) و شارك فى محاولة فتح القسطنطنية ( 49ه – 669م ) مع الجيش الذى قاده يزيد بن معاوية .


عبد الله فى ميزان الفاروق

وهكذا كبر هذا الشبل حتى صار أسدا جسورا يثب علة أعداء الله فيقتل منهم من لم يفر و لقد رأى فيه الفاروق عمر بن الخطاب أمارات النجابة و الشجاعة و تنبأ له بمسيتقبل بارع لما رأى من رباطة جأشه , و ثبات قلبه , و اعتداده بنفسه , فقد مر عمر بعبد الله و هو يلعب مع رفاقه من الصبيان فأسرعوا بلوذون بالفرار هيبة لعمر و اجلالا له , فى حين ثبت عبد الله بن الزبير و لزم مكانه فقال له عمر : ما لك لم تفر معهم ؟ فقال عبد الله :

"لم أجرم فأخافك , و لم يكن الطريق ضيقا فأوسع لك "


الحرية هى الحياة

و كما كان شجاعا مع الفاروق و هو بعد غلام صغير يلعب فى طرقات المدينة كان شجاعا مع معاوية بن أبى سفيان يوم أن كان خليفة للمسلمين و أراد أنة يأخذ البيعة من الناس لولده يزيد فوقف له عبد الله الصحابى بن الصحابى و معه البقية الباقية من أصحاب النبى صل الله عليه و سلم و أولادهم , حتى أن كل الأمصار بايعت ليزبد بن معاوية الا مكة و المدينة فقاد ابن الزبير حركة المعارضة لهذه الخطوة التى تحول الخلافة من الشورى و الاتنخاب الى الملك و التوريث و لم ينجح معاوية فى اقناع هؤلاء المعارضين من أبناء الصحابة فى مبايعة يزيد فلجأ الى الشدة و العنف فى سبيل تحقيق ذلك .

و كان الحسين بن على على رأس المعارضين وولده فى أمر توريث الحكم مع عبد الله بن الزبير ولما أستشهد الحسين بن على تحصن الزبير بن العوام بالبيت الحرام و بايعه المسلمون خليفة لهم طائعين غير مكرهين الا أن بنى أمية رفضوا هذه البيعة و حاصر الطاغية الحجاج بن يوسف الثقفى البيت العتيق فضرب الكعبة بالمنجنيق و استمر الحصار .


أسرة تعشق النضال

فلما علم بن الزبير أنه لن ينتصر على هذا الطاغية هرع الى أمه أسماء بنت أبى بكر ذات النطاقبن الفدائبة التى واجهت من قبل فرعون هذه الآمة أبا جهل يوم جاء الى بيت أبيها أبى بكر الصديق يوم الهجرة يسأل عنه و عن النبى صل الله عليه و سلم فما استطاع أبو قحافة والد أبى بكر أن يخرج اليه و خرجت هى اليه فضرب وجهها ضربة شديدة أسقطت قرطها من أذنها فما تحركت و ما قالت أين هم أو الى أين ذهبا . و هى أيضا من جرجت خلف المهاجرين بالزاد و الأنباء فى أشجع مغامرة تقوم بها فتاة فى مثل سنها هرع اليها يسألها التصحية على ما هو فيه من الحصار فسألته : ألست على الحق ؟ فقال : نعم .قالت : فما تخاف ؟ قال : أن يمثل بجسدى بعد قتلى . فردت : و هل يضر الشاة سلخها بعد أن ذبحت , ثم قالت قولتها المشهورة الخالدة : يا بنى امض على بركة الله فلضربة سيف فى عز خير من ضربة سوط فى ذل .

و قتل عبد الله بن الزبير بسهم و هو يصلى داخل الحرم و صلب على أبواب الحرم عدة أيام و كأنه قدر لأسماء بنت أبى بكر أن تواجه الطغاة فى كل حياتها فذهبت الى السفاح الحجاج بن يوسف الثقفى الذى قتل ابنها و صلبه فقالت : ألم يحن الوقت لهذا الفارس أن يترجل – أى ينزل من الصليب – و كان مما قالت : يا حجاج سمعت رسول الله صل الله عليه و سلم ينهى عن المثلة و سمعته يقول : " فى ثقيف رجلان كذاب و مبير " رواه الترمذى

و مبير : أى مسرف فى اهلاك الناس ثم قالت للحجاج :

أما الكذاب فقد رأيناه و أما المبير فأنت هو يا حجاج


و هكذا انتهت حياتة هذا الأسد الشجاع الذى عاش للحق منذ صباه الى أخر يوم فى حباته .





https://p7.storage.canalblog.com/75/...4/93870989.gif



( 3 )
زيد بن أرقم

صاحب الحق

هذا شبل آخر من أشبال الاسلام أنرل الله فيه قرآنا يتلى الى قيام الساعة كذبته الدنيا كلها فلم يصدقه أحد فيما قال حتى نقم عليه أقرب الناس اليه .


قصة آية

فما قصة هذا القرآن الذى نرل فى هذا الصحابى , يقول زيد كنت مع عمى و ذلك فى غزوة أحد عندما خرج النبى صل الله عليه و سلم بالجيش الاسلامى لقتال المشركين من قريش و غيرها الذين جاءوا للهجوم على المدينة , فلما دعا النبى صل الله عليه و سلم أصحابه للخروج خرج معهم المنافقون " و هم قوم من أهل المدينة أظهروا الاسلام و لكنهم فى الحقيقة كانوا لا يزالون مشركين و لكنهم خافوا ان هم أظهروا الشرك أن يغلبهم المسلمون و يعاودنهم فتظاهروا بالاسلام , و كان قائد المنافقين فى المدينة عبد الله بن أبى بن سلول و الذى كان يكره النبى صل الله عليه و سلم أنه كان سيتوج ملكا على المدينة يوم أن قدم النبى صلى الله عليه و سلم , فلما جاء النبى صل الله عليه و سلم انصرف الناس عن عبد الله بن أبى بن سلول فامتلأ قلبه بالحقد على النبى صل الله عليه

و سلم و لكنه أظهر الاسلام و انتظر الفرصة التى يقضى بها على الاسلام و فى غروة (احد) خرج و معه نحو ثلاثمائة من أهله و عشيرته مع جيش النبى صل الله عليه و سلم , فلما كان فى بعض الطريق تشاجر غلام من المهاجرين مع عبد من عبيد قوم عبد الله بن أبى بن سلول فقال : و الله ان مثلنا و مثل محمد

و أصحابه كمثل القائل : سمن كلبك يأكلك , يقصد أنه و قومه أحسنوا الى المهاجرين و أعطوهم ما يحتاجون اليه ثم ها هو

واحد منهم يتشاجر مع أهل المدينة و هم أصحاب الأرض ثم قال لأصحابه : لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا و لئن رجعنا الى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ويقصد بالاذل النبى صل الله عليه و سلم و المهاجرين

وبعد ذلك انفصل هذا المنافق بثلث الجيش الذى معه و قال :
لا نعلم ان قتالا سيحدث ؛ و اننا قد اعطينا محمدا العهد ان نحميه داخل المدينة؛ اما وقد خرج فلا عهد له علينا فى ذلك

ثم عاد و معه النبى صل الله عليه و سلم ثلث الجيش الى المدينة ؛ يقول زيد ابن ارقم : فسمعت ما قاله هذا المنافق فى حق النبى صل الله عليه و سلم و فى حق اصحابه ؛ فذكرت ذلك لعمى ؛ فذكره عمى لرسول الله صلى الله عليه و سلم فدعانى النبى صل الله عليه و سلم فحدثته ؛ فارسل رسول الله صل الله عليه و سلم الى عبد الله ابن سلول و اصحابه فحلفوا ما قالوا ؛ فكذبنى رسول الله صلى الله عليه و سلم و صدقهم ؛ فاصابنى شى لم يصبنى قط مثله ؛ فجلست فى البيت ؛ فقال عمى : ما اردت الى ان كذبك رسول الله صل الله عليه و سلم و مقتك فانزل الله تعالى :

( اذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله و الله يعلم انك لرسوله و الله يشهد ان المنافقون لكاذبون )

فبعث الى رسول الله صل الله عليه و سلم فقراها على ؛ ثم قال :

( ان الله قد صدقك )

ولقد اذل الله هذا المنافق فوقف له ولده عبد الله – وكان مؤمنا حقا – ووضع السيف فوق عنقه و قال : و الله لا تدخل المدينة حتى ياذن لك رسول الله صلىالله عليه و سلم فتدخل ذليلا و النبى صل الله عليه و سلم عزيز فلم يستطع ان يدخل المدينة حتى اذن له النبى صل الله عليه و سلم فدخلها ذليلا الفقيه العالم

وقد كان زيد ابن ارقم من اكثر اصحاب النبى صل الله عليه و سلم فقها و حفظا لاحاديث النبى صل الله عليه و سلم فقد قدم زيد بن ارقم فقال له ابن عباس يستذكره : كيف اخبرتنى عن لحم اهدى لرسول الله صل الله عليه و سلم و هو حرام ؟ قال : نعم ؛ اهدى له رجل عضو من لحم – اى عضو قطع من حيوان حى – فرده ؛ و قال :

( انا لا ناكله ؛ انه حرام )

وروى عنه انه شهد مع رسول الله صل الله عليه و سلم سبع عشرة غزوة ؛ و استصغر يوم احد فلم يشهدها ؛ ويقال : ان اول مشاهده المريسيع وقد سكن الكوفة ؛ و ابتنى بها دارا فى كنده وتوفى بالكوفة سنة ثمان و ستين وقيل : مات بعد قتل الحسين رضى الله عنه بقليل ؛ وشهد مع على صفين ؛ وهو معدود فى خاصة اصحابه ؛ وقد روى احاديث كثيرة عن النبى صل الله عليه و سلم



https://p7.storage.canalblog.com/75/...4/93870989.gif

(4 )
عبد الله بن عمر

الرجل الصالح

ابن الفاروق


هذا شبل آخر فى عرين الاسلام , والده أسد من أسود الدين الذين أعر الله بهم الاسلام , و فرق الله به بين الحق و الباطل أبوه خليفة النبى صل الله عليه و سلم على المؤمنين , و أخته احدى أمهات المؤمنين و أحد احفاده هو الخليفة الخامس من الخلفاء الراشدين ؛ كان عالما ورعا شديد الاتباع لهدى النبى صل الله عليه و سلم حتى روى ان النبى صلى الله عليه و سلم نزل تحت شجرة ؛ فكان يتعاهدها بالماء لئلا تيبس


ولقد روى البعض انه اسلم قبل ابيه فلم يجرؤ ان يكلم اباه فى الاسلام ؛ فلما شرح الله صدر ابيه للاسلام جاء يكلمه فى ان يسلم ؛ فقال له: والله يا ابتى انى على هذا الدين منذ اكثر من عام فوكزه ابوه و قال له : فماذا لو مت انا على الشرك ؟ اكنت تفرح ان اباك مات مشركا فخلد فى النار ؟ يقول هذا الصحابى : فما زال ابى يوبخنى و يلومنى كاما ذكر ذلك


وكان رجلا صالحا؛ هكذا قال عنه النبى صل الله عليه و سلم

فقد قال: رايت فى المنام كانما بيدى قطعة استبرق ولا اشير بها الى موضع من الجنة الاطارت بى اليه فقصصتها على اختى ام المؤمنين حفصه – زوجة النبى صل الله عليه و سلم – فقصتها على النبى صل الله عليه و سلم فقال لها : ان اخاك رجل صالح – او : ان عبد الله رجل صالح "

المهاجر الصغير

لا شك انك قد عرفته انه عبد الله بن عمر بن الخطاب اخو السيدة حفصه ام المؤمنين وما ان دعا الداعى الى الهجرة الى المدينة حتى سبق عبد الله الى الهجرة فسبق اباه ووصل الى المدينة وهو بعد ابن الثانية عشرة او اقل قليلا خرج مهاجرا فارا بدينه و دعوته : ليلحق بحبيبه صل الله عليه و سلم فى مدينته


جهاد و علم

وكما فر بدينه من المشركين فها هو يقف فى صفوف المجاهدين من المسلمين ليدافع عن الاسلام ؛ ويحمى الدين ؛

ففى يوم بدر فوجى الصحابة بهذا الشبل من اشبال الاسلام يقف فى صفوفهم ليقاتل مع المسلمين و لكن يد النبى صل الله عليه و سلم الحانيه ردته مع الصغار من الغلمان وكذلك كان الحال يوم احد وكان اول مشاهده الخندق وشهد غزوة مؤته مع جعفر بن ابى طالب رضى الله عنه ومات النبى صل الله عليه و سلم و هو راضى عنه و عندما ادرك ما عليه من امانة حمل هذا الدين للناس و ابلاغه لهم فانطلق مع الاسود من جنود المسلمين يفتح البلاد و ينقذ العباد من ظلم الكفر و ظلام الجهل فشهد اليرموك وفى ذلك له على اهل مصر يد فقد اشترك مع الفاتح عمرو بن العاص فى فتح مصر و افريقيةو كما انطلق يجاهد و يفتح البلاد فقد جعل على نفسه مسئولية تعليم المؤمنين فعاش ستين عاما يعلم الناس فالتفت حوله الافئدة و امتلك العقول و قد ظهر ذلك من التفاف اهل الشام حوله بعد قتل الامام على رضى الله عنه .


ثبات على الحق

فترك الخلاف وماانحاز الى أى طائفة ضد الأخرى فقد كان يرى أن حقن دماء المسلمين و الحفاظ على أرواحهم أهم من أى شيئ حتى عندما قام له مروان بن الحكم ليبايع له بالخلافة و قال له : ان أهل الشام يريدونك قال : فكيف أصنع بأهل العراق ؟ قال : تقاتلهم . قال : و الله لو أطعنى الناس كلهم الا أهل فدك " قرية بالحجاز " فان قاتلتهم يقتل منهم رجل واحد لم أفعل . فتركه و لقد عرف له الصحابه فضله حتى كان جابر بن عبد الله يقول : ما منا الا من مالت به الدنيا و بها ما خلا عمر و أبنه عبد الله .


على نهج رسول الله :


و كان كثير الأتباع لأثار رسول الله صل الله عليه و سلم حتى
انه كان ينزل منازله و يصلى فى كل مكان صلى فيه . و كان بعد رسول الله صل الله عليه و سلم يكثر الحج و كان كثير الصدقة

و ربما تصدق فى المجلس الواحد بثلاثين ألفا و كان اذا أعجبه شيئ من ماله تصدق به , فقد رأى يوما ناقة عظيمة له فأناخها مكانها , و أمر بها أن تساق الى أبل الصدقة لله .


قال نافع : كان ابن عمر اذا اشتد عجبه بشيئ من ماله قربه لربه , و كان رقيقه – أى عبيده – قد عرفوا ذلك منه , فربما لزم أحدهم المسجد , فأذا رآه ابن عمر على تلك الحال الحسنة أعتقه فيقول له أصحابه : يا أبا عبد الرحمن و الله ما بهم الا أن يخدعوك ! فيقول ابن عمر : من خدعنا بالله انخدعنا له .


من وصايا الحبيب

و لقد حفظ و روى عن رسول الله صل الله عليه و سلم أحاديث كثيرة , منها أنه قال : أخذ رسول الله صل الله عليه و سلم يوما ببعض جسدى و قال :

" يا عبد الله :كن فى الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل و عد نفسك فى أهل القبور "


و من وصاياه لنا

" البر شيئ هين , وجه طلق , و كلام لين "


توفى عبد الله بن عمر سنة ثلاث و سبعين بعد قتل عبد الله بن الزبير بثلاثة أشهر و كان سبب قتله أن الحجاج أمر رجلا فسم رأس رمح و غرسه فى الطريق ووضع الزج – أى الجديدة التى فى أسفل الرمح " فى ظهر قدم ابن عمر فأصابه . و انما فعل الحجاج ذلك لأنه خطب يوما و أخر الصلاة , فقال له ابن عمر : ان الشمس لا تنتظرك . فقال له الحجاج : فقد هممت أن أضرب الذى فيه عيناك ! قال : ان تفعل فاتك سيف مصلت !

و لم يستطع الحجاج أن يقتله أمام الناس : لما يعلم من حب الناس له , و تقديرهم له رضي الله عنه و جزاه عن الاسلام و المسلمبن خير جزاء .



https://p7.storage.canalblog.com/75/...4/93870989.gif
( 5 )
زيد بن ثابت

كاتب الوحى

بالعلم أجاهد

انه الغلام الأنصارى ابن الثالثة عشرة سنة , جاء يجر سيفا أطول منه , ووقف يستتر من النبى صل الله عليه و سلم مخافة أن يرده النبى صل الله عليه و سلم لصغر سنه و ضآلة جسمه و لكن النبى صل الله عليه و سلم يراه فيرده بلطف و ينطلق الجيش الى بدر لقتال المشركين و يعود الفتى الى أمه " النوار بنت مالك "
مهوما تملك الحسرة فؤاده و لكنه و ان كان لم يستطع القتال مع المسلمين فانه يجد أمرا آخر يستطع أن ينفعهم به و هو : العلم .

لقد فتش الفتى فى نفسه و بحث فى قدراته حتى اهتدى لفكرة يستطيع بها الجهاد فى سبيل الله و لكن بطريقة أخرى فهو يقر
أو يكتب , كما أنه يحفظ سبع عشرة سورة من القرآن كما نزلت على النبى صل الله عليه و سلم و لما عرض الصبى الفكرة فذهبوا به الى النبى صل الله عليه و سلم فسر به الرسول الكريم و قرر الاستعانة بالفتى فى عمل عظيم .


ترجمان الرسول

كان اليهود اذا جلسوا مع النبى صل الله عليه و سلم يحدث بعضهم بعضا بلغتهم العبرية حتى لا يفهم المسلمون ماذا يقولون
و كذلك كانوا اذا كتبوا الى النبى صل الله عليه و سلم رسالة
أو عهدا جعلوها بالعبرية . و هنا أراد النبى صل الله عليه و سلم أن يتعلم واحد من أصحابه هذه اللغة فاختار الفتى الأنصارى زيد بن ثابت .

و كان أول المهام النبوية أن قال له النبى صل الله عليه و سلم :

" يا زيد تعلم لى كتابة اليهود فانى لا آمنهم على ما أقول "

فقال : لبيك يا رسول الله . و بعدها أكب الفتى على العبرية لغة اليهود فحذقها فى عدة أيام , نعم أيام قليلة و كان زيد بن ثابت يتحدث العبرية و يكتبها و يقرأ بها كأنه أحد أهلها فجعل يكتب رسائل النبى صل الله عليه و سلم لليهود و يقرؤها له اذا هم كتبوا اليه .

الصحابى زيد يجيد لغتين معا

فلما أراد النبى صل الله عليه و سلم أن يكتب الى ملوك العجم أمر زيد بن ثابت أن يتعلم السريانية بأمر منه صل الله عليه و سلم كما تعلم العبرية و بذلك أصبح الفتى زيد بن ثابت ترجمان النبى صل الله عليه و سلم .


أصغر كاتب للوحى

و لما كان زيد بن ثابت قد أصبح جديرا بثقة النبى صل الله عليه

و سلم فقد عهد اليه بمهمة عظيمة على صغر سنه و هى :

كتابة الوحى فشرفه و شرف قومه كلهم بهذا الفضل .

وازداد اتصال زيد بالسماء و لما لا و هو يجلس الى جوار النبى صلى الله عليه و سلم فيكون أول من يسمع منه أيات الله و قد نزلت توا من السماء فيكتبها ... كل هذا و هو يعد فتى مازال أقرانه يلهون فى طرقات المدينة و لكنه أراد لنفسه الجنة و المنزلة العالية و مرافقة النبى صل الله عليه و سلم فتحمل أمانة الوحى و كتابة القرآن .

و هكذا فتحت كنوز البيان أمام الفتى ينهل منها ما يريد فها هو يتلقى الوحى من فم النبى صل الله عليه و سلم رطبا طريا موصولا بأسباب النزول و أحكام القرآن فتخصص فى علوم القرآن فكان مرجع الأمة حين أرادت جمع القرآن فى عهد أبى بكر الصديق رضى الله عنه .

و هكذا ملأت مدارسة القرآن نفس الفتى الأنصارى حكمة و فطنة . جعلها الله عونا للأمة فى ظرف حالك يوم أن اختلف المهاجرون و الأنصار على من يخلف رسول الله بعد وفاته . وكادت تجدث الفتنة لولا أن قام فبهم كاتب الوحى زيد بن ثابت فقال :

"يامعشر الأنصار كان رسول الله صل الله عليه و سلم مهاجرا و كنا أنصارا له و يكون خليفته مهاجرا أيضا و نكون أنصارا لخليفة رسول الله صل الله عليه و سلم .

ثم بسط يده الى أبى بكر الصديق و قال : هذا خليفتكم فبايعوه ..


جامع القرآن

ولقد تصدر زيد بن ثابت لأمر قال قال عته :

لو طلب منى أن أحرك جبل أحد لكان أهون على .

فما هذا الأمر العظيم ؟

انه جمع القرآن الكريم , قام زيد بن ثابت بهذه المهمة خير قيام فجمع القرآن من صدور الرجال و عسف النخل و رقع الجلد و العظم فلما أتم هذا الأمر جعل الخليفة عثمان بن عفان من هذا المصحف عدة نسخ و جعل فى كل مصر من الأمصار نسخة و حفظ الله بهذا العمل القرآن الى يومنا هذا فكلما قرأت فى مصحفك فادعو الله أن يجزى هذا الصحابى خير الجزاء قفد عاش متعلما و عالما و حمى الله به الأمة .


و لكي نتصور عظم هذه المهمة أقول لك

لم يكن هناك مكان تجمع فيه صحف القرآن و لم يكن أحد من الصحابة معه نسخة من المصحف كاملا , و كان على زيد بن ثابت أن يجمع القرآن من حفظ الرجال و لا يثبت آية فى المصحف الذى معه حتى يراها مكتوبة عند أحد الصحابة أو يشهد عليها اثنان من أصحاب النبى صل الله عليه و سلم أنهما سمعاها من رسول الله . و بعد سنوات من العمل أتم جمع القرآن الكريم فى عهد عثمان بن عفان ..






https://p7.storage.canalblog.com/75/...4/93870989.gif
(6)
الزبير بن العوام

حواري رسول الله


أسد حكايتنا الآن ابن عمة رسول الله صل الله عليه و سلم السيدة صفية بنت عبد المطلب , أسلم و هو ابن اثنتى عشرة سنة على أرجح ما قيل ، و كان اسلامه بعد أبى بكر رضى الله عنه بيسير كان رابعا أو خامسا فى الاسلام , و هو كذلك ابن أخى خديجة بنت خويلد الطاهرة أم المؤمنين .


أول المبادرين دائما

و رغم صغر سنه ساعة أن أسلم الا أنه كان من أصحاب الأوليات فى الاسلام .

فداء رسول الله صل الله عليه و سلم :

فقد كان أول من استل سيفا فى سبيل الله و كان سبب ذلك أن المسلمين لما كانوا مع النبى صل الله عليه و سلم بمكة وقع الخبر أن النبى صل الله عليه و سلم قد أخذه الكفار فأقبل يشق بسيفه و النبى صل الله عليه و سلم بأعلى مكة فقال له :

" ما لك ؟ . قال : أخبرت أنك أخذت . "

فصلى عليه النبى صل الله عليه و سلم و دعا له و لسيفه .


أنا يا رسول الله

و يوم الأحزاب عندما نادى النبى صل الله عليه و سلم من يأينا بخبر القوم ؟ ثلاث مرات و هذا الأسد يقول : " أنا يا رسول الله "

و يوم أن حاصر النبى صل الله عليه و سلم بنى قريظة كان فى طليعة المؤمنين الذين استجابوا لله و لرسوله و لقد قال له النبى صل الله عليه و سلم : " بأبى أنت و أمى "

وفى يوم موقعة الجمل أوصى الى ابنه عبد الله فقال :

" ما منى عضو الا قد جرح مع رسول الله صل الله عليه و سلم "


هجرة فى سبيل الله

ولما اشتد ايسذاء المشركين للمؤمنين بمكة هاجر الى الحبشة ثم الى المدينة و آخى رسول الله بينه و بين عبد الله بن مسعود لما آخى بين المهاجرين و الأنصار آخى بينه و بين سلمة بن سلامة بن وقش فلعلك عرفته انه : حوارى رسول الله الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد .


إلى فتح مصر

و لهذا الصحابى فضل على أهل مصر فقد كان مع جيش الفاتح عمرو بن العاص الذى فتح الله به مصر .


شبيه الملائكة

و فى يوم بدر يوم أن أيد الله سبحانه و تعالى عباده المؤمنين بالملائكة , نزلت الملائكة على شكل الزبير بن العوام الذى كان يرتدى عمامة صفراء معتجرا بها , ولقد شهد مع النبى صل الله عليه و سلم المواقع كلها و مات النبى صل الله عليه و سلم و هو راض عنه كما قال الفاروق بن الخطاب و ذلك لأن النبى صل الله عليه و سلم جعله من العشرة المبشرين بالجنة

و عندما كان النبى صل الله عليه و سلم على جبل حراء و معه
أبو بكر و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و على بن أبى طالب و طلحة و الزبير بن العوام و عبد الرحمن و سعد و سعيد بن زيد فانتفض بهم الجبل فقال له النبى صل الله عليه و سلم :

أسكن حراء فما عليك الا نبى و صديق و شهيد ...........


أسرة تعشق الجهاد

و لقد تزوج الزبير بن العوام من السيدة أسماء بنت أبى بكر ذات النطاقين فولدت له عبد الله بن الزبير الذى كان أول مولود بعد هجرة النبى صل الله عليه و سلم الى المدينة .

و قيل : كان للزبير ألف مملوك يؤدون اليه الخراج فما يدخل بيتهمنها درهم واحد ، كان يتصدق بذلك كله .


كافل الأيتام

أوصى الى الزبير سبعة من أصحاب النبى صل الله عليه و سلم منهم : عثمان و عبد الرحمن بن عوف و المقدادو ابن مسعود و كان يحفظ على أولادهم مالهم و ينفق عليهم من ماله .

و لقد اشترك فى موقعة الجمل ضد على ابن أبى طالب فلما تبين له أن عليا رضى الله عنه على الحق ترك القتال و انصرف الى الصحراء حتى أدركه أحد المحاربين فقتله , فلما جاء القاتل الى على رضى الله عنه يبشره بقتل الزبير رفض أن يلقاه و قال لمن حوله : بشروا قاتل ابن صفية – يعنى الزبير – بالنار .


وكان عمره لما قتل سبعا و ستين سنة و كان أسمر ربعة معتدل اللحم خفيف اللحية .





https://p7.storage.canalblog.com/75/...4/93870989.gif
( 7 )

عبد الله بن مسعود

الجاهر بالقرآن


"من سره أن يقرأ القرآن رطبا كما نزل فليقرأه على قراءة ابن

أم عبد "

هكذا قال النبى صل الله عليه و سلم عن هذا الصحابى الجليل

و لم لا و هو صاحب القرآن و أول من أسمع مشركى قريش الذكر الحكيم فكان أول من قرأ القرآن فى الحرم الشريف .

لعلك عرفته انه عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله صل الله عليه و سلم و خادمه .

ولاسلام ابن مسعود قصة يحلو ترديدها ذلك أن ابن مسعود كان عبدا مملوكا لواحد من سادات قريش و أكابر مجرميها هو :عقبة بن أبى معيط و الذى كان يستعمل ابن مسعود على رعاية غنيمات له خارج مكة و ذات صباح بينما هو جالس الى جوار الغنم اذ برجلين يبدو عليهما الوقار يمران به فيطلبان منه لبنا من هذه الغنيمات فيرد بأدب قائلا : انها ليست له , و لكنه يرعاها لسيد له . فأكبر الرجلان أمانة هذا الغلام و احتراما صدقة .

ثم طلب منه أحد الرجلين شاة صغيرة لم تلد من قبل فيتعجب الفتى من ذلك لأن الشاة التى لم تلد من قبل لا لبن فى ضرعها فبمسكها الرجل و يمسح على ضرعها و يسمى الله فينتفخ الضرع و يمتلئ باللبن فيشرب الغلام و يشرب صاحب الرجل و أخيرا يشرب هذا الرجل الذى حلبها كل هذا و الغلام متعجب مما يرى و عندها يطلب الغلام من هذا الرجل المبارك أن يعلمه من هذا القول فيرد الجل :

" انك غلام معلم "

لم يكن هذا الرجل الا محمدا صل الله عليه و سلم و معه صاحبه أبو بكر الصديق رضى الله عنه و منذ ذلك اليوم تعلق قلب الغلام برسول الله صل الله عليه و سلم و آمن بدعوته و صدق بكلام ربه .

و نال بعدها ما نال من العذاب فى سبيل دينه و تمسكطه بعقيدته حتى أكرمه الله بمن أعتقه من الرق و العبودية .

وبعد ذلك وضع نفسه فى خدمة النبى صل الله عليه و سلم فكان يحضر له الماء للوضوء و يستره اذا اغتسل حتى أذن له النبى صل الله عليه و سلم أن يدخل عليه بدون اذن فى أى وقت .

تشبه ابن مسعود برسول الله خلقا و هديا حتى صار أقرب الناس اليه هديا و سمتا ووثق فيه النبى صل الله عليه و سلم و فى علمه حتى قال :

( ما حدثكم به ابن مسعود فصدقوه )

ولقد بلغ من علمه انه كان يملى القران عن ظهر قلب بدون كتاب ومهما حاولنا ان نذكر لهذا الصحابى من الفضل ؛ فلا نستطيع ان نغفل انه اول من خرج الى الكعبة و المشركون ملتفون من حولها فقرا :

( الرحمن علم القران خلق الانسان علمه البيان )

فاخذت مشركى قريش الدهشة ؛ و ملك القران مسامعهم ؛ لكنهم اغتاظوا من جراته و اسرعوا اليه و هو المملوك الضعيف الذى لا عصبيه تحميه؛ او عشيره تمنعه ؛ وراحوا يضربونه؛ فما تركوه الا وما يعلم وجهه من قفاه من شدة الضرب فلما اخذه المسلمون و افاق مما فيه قال : و الله لاذهبن لهم غدا ؛ و لاسمعنهم ما يكرهون وهكذا علمنا ابن مسعود ان قوة المسلمين ليست فى عشيرتهم او عددهم ؛ ولكنها فى ايمانهم الذى يحرك اعمالهم و تنبض به قلوبهم و كما كان ابن مسعود قارئا للقران عالما بالحلال و الحرام فقيها فقد كان مجاهدا مقاتلا فى سبيل الله و برغم صغر حجمه الذى ربما ضحك منه الصحابه ذات يوم و دقة ساقية والتى قال عنها النبى صل الله عليه و سلم

" انها اثقل عند الله من جبل احد "


الا انه خاض مع النبى صل الله عليه و سلم المعركة تلو الاخرى و لنذكر منها موقفه يوم بدر عندما كان يبحث عن ائمة الكفر
و طواغيت قريش يبحث عن امية بن خلف الذى كان يسوم المسلمين فى مكة سوء العذاب و عن ابى جهل الذى ما ترك أمر سوء إلا و قدمه للمسلمين فى مكة ولو لم يفعل الا قتله سمية ام عمار بن ياسر لكفاه جرما و ذنبا و لكن يا للأسف لقد وجد امية مقتولا لكن ها هو ابو جهل قد سقط على الارض مصابا وبسرعة ينتقل اليه ابن مسعود بجسده الصغير و سيفه القصير و يعتلى صدره

ثم أخذ يقطع راسه بسيف و عندها و فى اخر رمق من الحياه

يقول له ابو جهل :

لقد ارتقيت مرتقا صعبا يا رويعى الغنم

ولما اراد ان يحمل راس عدو الله الى النبى صلى الله عليه و سلم لم يستطع فربطها بحبل و جرها على الارض ليلقيها بين يدى النبى صلى الله عليه و سلم هديه له و ايذانا بزوال دولة الشرك

و سلطان المشركين

هذا عبد الله بن مسعود الصحابى المجاهد


قارى القران الفقيه العابد ؛ الذى اسلم و هو بعد غلام صغير فصحب رسول الله صل الله عليه و سلم يتعلم منه و ينفع الدنيا بعلمه حتى لقى ربه فى خلافة عثمان بن عفان رضى الله عنه .




https://p7.storage.canalblog.com/75/...4/93870989.gif




(8 )
سعد بن أبي و قاص

خال رسول الله

( هذا خالى ؛ فليرنى امرؤ خاله )


هكذا اشار النبى النبى صل الله عليه و سلم الى هذا الصحابى عندما كان يجلس مع اصحابه فاقبل هذا الصحابى فاشار النبى صل الله عليه و سلم اليه و قال هذه المقالة نعم فهذا الصحابى من بنى زهرة اهل امنة بنت وهب ام النبى



الله ربى ... و الاسلام ديني

اسلم هذا الصحابى و عمره سبعة عشر عاما او اقل و شاء الله
أن يبتلى أشد الإبتلاء فما أن أاعلن إاسلامه و انضمامه للمؤمنين حتى حاولت أمه إعادته إلى دين الأباء و الأجداد و لكن أخفقت
فى جميع محاولات رده و صده عن سبيل الله فلجأت أامه إلى

و سيلة لم يكن احد يشك فى انها ستهزم روح سعد و ترد عزمه إلى وثنية اهله ....

لقد أعلنت أمه صومها عن الطعام و الشراب حتى يعود سعد إلى دين أبائه و قومه و مضت فى تصميم مستميت تواصل اضرابها عن الطعام و الشراب حتى اوشكت عن الهلاك كل ذلك و سعد
لا يبالى ولا يبيع ايمانه و دينه بشئ حتى و لو كان هذا الشئ هو حياه امه وحين كادت تشرف على الموت اخذه بعض اهله اليها ليلقى عليها نظرة و داع مؤملين ان يرق قلبه حين يراها وذهب سعد و راى مشهد يذيب الصخر و لكن ايمانه بالله و رسوله كان قد تفوق على كل صخر و على كل فولاذ فاقترب بوجهه من و جه امه وصاح بها لتسمعه :

تعلمين و الله يا امه ؛ لو كانت لكى مائة نفس ؛ فخرجت نفسا نفسا ما تركت دينى هذا لشئ ؛ كلى ان شئت و ان شئت لا تاكلى

ونزل الوحى يحيى موقف سعد و يؤيده فيقول :

( واإن جاهداك على أن تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما

و صاحبهما فى الدنيا معروفا )

أليس هو الأسد فى براثنه حقا ؟



الأول دائما

وعلى صغر سنه يوم اسلم فقد كان من أصحاب الأولويات فى الإسلام

فهو اول من أراق دما فى سبيل الله فقد كان اصحاب رسول الله صل الله عليه و سلم اذا صلوا ذهبوا الى الشعاب فاستخفوا بصلاتهم من قومهم فبينا سعد بن ابى و قاص فى نفر من أصحاب رسول الله صل الله عليه و سلم فى شعب من شعاب مكة إذا ظهر عليهم نفر من المشركين فناكروهم و عابوا عليهم دينهم حتى قاتلوهم فاقتتلوا فضرب سعد رجلا من المشركين بلحى جمل فشجه فكان اول دم اهريق فى الاسلام

و هو اول من رمى بسهم فى سبيل الله

وانطلق الاسد مع النبى صلى الله عليه و سلم يقاتل تحت لوائه فخاض معه اول معارك المسلمين بدرا الكبرى و فى أحد عندما كان ما كان و انهزم المسلمون من حول النبى صل الله عليه و سلم و كان من أمهر رماة العرب بالسهام فجعل النبى صل الله عليه و سلم خلفه و وقف يرمى بالنبل و الرسول صل الله عليه و سلم يقول : " ارم سعد بأبى أنت و أمى " فكان سعد يفتخر بها طوال حياته و يقول : " ما جمع النبى صل الله عليه و سلم لاحد غيرى أباه و امه " و قد دعا له النبى صل الله عليه و سلم فقال : " اللهم سدد رميه و اجب دعوته "

فكانت دعوته سيفا ماضيا لا يرد باذن الله و من ذلك ما يرويه عامر بن سعد فيقول :" راى سعد رجلا يسب على و طلحة و الزبير فنهاه فلم ينتهى فقال له : اذن ادعو عليك فقال الرجل : اراك تتهددنى كانك نبى فانصرف سعد و توضا و صلى ركعتين ثم قال : اللهم ان كنت تعام ان هذا اللرجل قد سب اقواما سبقت لك منهم الحسنى و انه قد اسخطك سبه اياهم فاجعله اية و عبره فلم يمض غير و قت قصير حتى خرجت من احدى الدور ناقة نادة

( هائجة ) لا يردها شئ حتى دخلت فى زحام الناس كانها تبحث عن شئ ثم اقتحمت الرجل فاخذته بين قوائمها وما زالت تتخبطه حتى مات

إن هذه الظاهره تنبا أول ما تنبا عن شفافيه روحه و صدق يقينه

و عمق اخلاصه.




بشارة بالجنة

و لقد كان واحدا من عشرة بشرهم النبى صل الله عليه و سلم بالجنة , و رجلا من ستة اختارهم الفاروق ليخلفه واحدا منهم بعد موته . ولكن و مهما نذكر من بطولات سعد مع الرسول صل الله عليه و سلم و من بعده فلا بد لك ان ذكرت سعد أن تذكر القادسية ...نعم القادسية ... يوم أن أراد الفاروق أن تدين دولة الفرس

و أن يزول سلطانها فقلب فى فى رجاله أيهم يرمى به ةالفرس ؟ فأشار عليه أصحابه قائلين : الأسد عاديا سعد بن أبى وقاص .

و سار سعد بالجيش فعسكر فى القادسية ولقى الفرس فحطم انوفهم و كسر شوكتهم و قتل رستم قائدهم .




يوم الرحيل

كتب سعد تاريخة باحرف من النور في سجل الخالدين , و كان سعد اخر المهاجرين موتا , و لما حضرته الوفاة دعا بجبة له من صوف , فقال : كفنوني فيها , فاني قد لقيت المشركين فيها يوم بدر , و هي علي , و انما كنت اخبئها لهذا اليوم .

و توفي بالعقيق علي سبعة اميال من المدينة , فحمل علي اعناق الرجال الي المدينة . فادخل المسجد و صل عليه الخليفة و ازواج النبي صل الله عليه و سلم .


فجزاه الله خيرا بفتوحاته و جهاده و صبره , و تقبله عنده في الصالحين .





https://p7.storage.canalblog.com/75/...4/93870989.gif

( 9 )
عمير بن ابي وقاص

إلى الجهاد

ها هم المسلمون قد اصتفوا للخروج الي قتال المشركين , فقد اذن الله للمؤمنين ان لهم الحق في قتال المشركين الذين طالما عذبوهم و اخذوا اموالهم و ديارهم .

و ما كاد المسلمون يسمعون الداعي ؛ حي علي الجهاد , حي على الجهاد ,حتى هب الجميع يخرجون الى ساحة المدينة بجوار المسجد ينتظرون أمرالنبى عليه الصلاة والسلام بالتحرك للقتال

و لآن النبى عليه الصلاة والسلام قائد حكيم , فما كان ليتحرك بالجيش حتى يتفقد أحوال جنوده , و يقف علي اخبارهم , و يحمسهم و يعدهم بالثواب الجزيل من الله سبحانه و تعالي .


نصر أو شهادة

و لكن النبي صل الله عليه وسلم راي فيما راي صبيا صغيرا قد حمل سيفا اطول منه , و قد وقف يتحاشي ان ينظر اليه النبي صل الله عليه و سلم ؛ خوفا من ان يرده النبي صل الله عليه

و سلم و لا يسمح له بالخروج الي القتال , فهو منذ ان سمع نفيرا ينادي في المسلمين : حي علي الجهاد . و هو يمني نفسه بلقاء المشركين , و يتخيل في نفسه انه ربما برز اليه ابو جهل يطلب منه النزال او المبارزة , و انه قد قام اليه كاسد جسور فيضربه ضربة تفلق هامته . او لربما خرج اليه صندير اخر من المشركين فيكتب الله له الشهادة علي يده حيث الجنة و الحور العين .

و لكن الفتي لم يفق الا علي يد النبي صل الله عليه و سلم الحانية تصرفه برفق , لانه بعد لا يزال صغيرا , و هنا ينخرط الصبي
في بكاء شديد , فما كان ان يرد عن الجهاد و يبعد من صفوف المقاتلين , فلما احس النبي صل الله عليه و سلم برغبته و حماسته اجازه و ضمه للصفوف .


هذا هو عمير

يقول أخوه سعد بن ابي وقاص

لما كان يوم بدر وقف عمير اخي في صفوف الجاهدين و هو بعد ابن ستة عاما او اقل فاستصغره النبي صل الله عليه و سلم فرده . فبكي عميرا بكا شديدا , فرق النبي صل الله عليه و سلم و اجازه مع المقاتلين , و كان مع عمير سيف طويل يكاد يكون اطول منه لا يستطيع امساكه و الضرب به لطوله عليه , فربط السيف له في يده .

و كان مما قاله عمير لاخيه سعد :

اني اخاف ان يردني رسول الله , و احب ان يرزقني الله الشهادة في سبيله .


إيمان .. هجرة .. شهادة

و قد كان عميرا صادقا مع الله فصدقه الله , و انه كان لا يريد

الا الشهادة فهو لا يريد العودة الي امه , و لماذا يرجع الم يؤمن بالله ؟ فترك لاجل املنه بالله كل غال و ثمين , حتي قطع المسافة من مكة الي المدينة سيرا علي قدميه و هو بعد لم يبلغ الرابعة عشر من عمره , كل هذا و غيره كان يدفعه ان يبحث عن اشد المشركين باسا ليقاتله , فاما ان يقتله فيستريح المسلمون من شره , او تكون الثانية فيتحقق حلمه , و ينال امله , فيلق الله شهيدا ,

و هنا ابصر عمير ما يريد انه عمرو بن عبد ود فارس قرش المغوار , الذي لم يهزم قبل في مبارزة , او يقهر في صراع

و قد ارتدي درعا سابغا لا تظهر منه الا عيناه , فانطلق اليه عمير كاسد ثائر لحماه , و ما لبث ان لقي الله شهيدا , فكان علي سنه التي لم تتجاوز السادسة عشر عاما مؤمنا مهاجرا بدريا شهيدا .


فجزاه الله خيرا و الحقنا به شهداء في جنات نعيم .


انه عمير بن ابي وقاص اخو سعد بن ابي وقاص الزهري , و امه حمنة بنت سفيان بن امية بن عبد شمس .



https://p7.storage.canalblog.com/75/...4/93870989.gif


( 10 )
معاذ بن جبل

سفير الاسلام


اعلم امتي بالحلال و الحرام معاذ بن جبل

يد صغيرة امتدة ليد النبي صل الله عليه و سلم تبايعه من بين اثنين و سبعين من الانصار , هؤلاء الانصار الذين خرجوا من المدينة الي مكة ليلتقوا بالنبي صل الله عليه و سلم فيبايعوه علي الاسلام و النصر لدين الله , و ما ان عاد الفتي الي المدينة حتي لزم الداعية مصعب بن عمير يسمع منه القران , ويتعلم منه ما نزل الله علي قلب نبيه صل الله عليه و سلم . سبحانه و تعالي ,

و كيف لا و قد ذاق حلاوة الايمان , و علم ان الدعوة الي الله فرض من الرحمن ؟


فريق الدعوة :

كون هذا الفتي الانصاري فريقا من اصحابه للدعوة الي الله , فتعال نسمع منهم ما فعلوه .

كان معاذ و معوذ ابنا عمرو بن الجموح قد امنوا , و لكن اباهم لم يؤمن ؛ فقد تعلق قلبه بصنمه مناة الذي صنعه من الخشب الثمين , و كساه الذهب و الحرير , و هو مع ذلك لا يقطع امرا حتي يستشير صنمه الذي يعبده , فلما عرض عليه اولاده الاسلام ابي , فقام اولاده الي الصنم و معهم معاذ بن جبل – بطل حديثا الان – فاخذوا الصنم عندما نام ابوهم , و القوه في حفرة كان القوم يلقون فيها القاذورات.

و في الصباح فجع الرجل عندما لم يجد صنمه , فطلبه حتي وجده في الحفرة , فاخذه و طبيه و توعد من فعل به هذه الفعلة بالويل و الثبور ان هو عرفه , و في اليوم التالي كرر الاولاد ما فعله بالامس , و هكذا .. لعدة ايام يلقون الصنم باليل و يخرجه ابوهم بالنهار , حتي كان ذات يوم ربط الرجل سيفا في عنق الصنم و قال له : ان كان فيك خير فادفع بهذا السيف السوء عن نفسك . فاخذه الاولاد و ربطوه في جيفة كلب ميت و القوه بالحفرة , فلما وجد الاب بالصباح قال : و الله لا اخرجك ابدا ؛ بئس الاله انت , ثم انشد يقول :


تالله لو كنت الها لم تكن

انت و الكلب وسط بئر في قرن

و نجحت الخطة و اسلم شيخ بني سلمة .


في صحبة الرسول صل الله عليه و سلم :


وجاء اليوم الذي طال انتظاره ووصل النبي صلي الله عليه و سلم الي المدينة , فضاء منها كل شئ , و لزم الفتي اقدام النبي صلي الله عليه و سلم ينهل من علمه و حكمته , حتي حتي انتهي العلم بالحلال و الحرام بين اصحاب النبي صلي الله عليه و سلم الي معذ بن جبل , فقال النبي صلي الله عليه و سلم : " اعلم امتي بالحلال و الحرام معاذ بن جبل "

و حسبه انه احد الستة الذين جمعوا القران الكريم علي عهد رسول الله صل الله عليه و سلم , و انطلق معاذ ينير الدنيا بالقران , و يحرر الناس بالاسلام , فما ان اتم الله علي نبيه صل الله عليه و سلم فتح مكة , حتي استخلف النبي صل الله عليه و سلم عتلب بن اسيد عليها و ترك معه الفتي الانصاري معاذ بن جبل يعلم الناس القران , و يفقه اهل مكة في دينهم .


سفير الي اليمن :

و ما ان عاد الي المدينة بعد ان قام بمهمته خير القيام حتي ارسله النبي صل الله عليه و سلم اميرا للدعاه الذين ارسلهم الي اليمن يعلمون الناس دينهم , و عندما همت هذه الكوكبة المباركة ان تخرج من المدينة خرج النبي صل الله عله و سلم يمشي و معاذ
و اصحابه يركبون , فاطال السير معهم يحدثهم و يوصيهم و كانه يودعهم وداع من لن يراهم بعد ذلك و كان مما قاله :

" يا معاذ , انك عسي الا تلقاني بعد عامي هذا ...و لعلك تمر بمسجدي و قبري .."

فبكي معاذ و اصحابه حتي بكت لبكائهم المدينة و انطلق معاذ و اصحابه الي اليمن يعلمون المسلمون هناك دينهم , فما عاد حتي انتقل الحبيب الي جوار ربه .


نهاية سفير الاسلام

و مضي الزمن بمعاذ من بعث الي اخره , و من فتح الي فتح , حتي اذا كانت خلافة الفاروق عمر بن الخطاب ارسل معاذ معاذ الي فلسطين سفيرا للاسلام يعلم الناس , فاصابه الطاعون بعيدا عن الوطن مهاجرا في سبيل الله و الدعوة الي الله .


فجزي الله سفير الاسلام خير الجزاء .






https://p7.storage.canalblog.com/75/...4/93870989.gif

( 11 )
معاذ ومعوذ

شبلا الاسلام هذه المرة هما أخوان أسلما وهما بعدلم يبلغا الحلم و لكنهما مع صغر سنهما و قرب عهدهما بالاسلام كونا مع صاحب لهما فريقا للدعوة لدين الله حاولوا فيه تخليص أحبائهم من الشرك و النجاةبهم من النار .

انهما معاذ و معوذ ابنا عفراء .


فهنا ما ان سمعا القران من الداعية المبشر مصعب بن عمير حتى علموا انه الحق من عند اللهفأسرعوا الى الله مرددين شهادة الحق , و لأنهم بعلمون أن المسلم كما يجب عليه أن يصلح نفسه فان الدعوة الى الله فرض عليه أيضا ...و بتوفيق الله لهما استطاعا أن يدخلا أمهما الاسلام , و لكن أباهم الذى قضى ستين عاما من عمره يعبد مناة" الصتم الخاص به " و الذى لا يقضى أمرا الا بمشورته , لن يكون تخليه عن دين أبائه و أجداده بالأمر اليسير , فكان لا بد من حيلة و خطة لأجل ذلك و كان أبناء عمرو بن الجموح يعرفون مدى تعلق أبيهم بصنمه مناة , و أنه فى كل صباح لابد أن يدخل اليه لينال منه البركة كما يعتقد و لا يقطع أمرا سائر يومه الا بمشورته فتسللوا ليلا الى مكان ذلك الصنم و معهم صاحبهم معاذ بن جبل فأخذوا الصنم و ألقوه فى حفرة يلقى فيها الناس القاذورات ثم عادوا الى البيت .


و فى الصباح أخذ عمرو بن الجموح يبحث عن صنمه فلم يجده و ظل يبحث عنه حتى عثر عليه فحمله و أزال ما عليه من أوساخ و توعد من فعل ذلك بالويل الشديد ان هو عرفه لم ييئس الصبية الصغار و كرروا هذا الأمر عدة مرات حتى اذا كان ذات يوم علق الرجل سيفا فى رقبة الصنم و قال له : ان كان فيك خير فهذا السيف لتدفع به السوء عن نفسك ..فأخذه الأولاد و بطوه بحبل مع جيفة كلب ميت و أخذوا السيف منه و ألقوه فى حفرة القاذورات , و كالعادة أصبح الرجل فلم يجد الصنم فذهب الى المزبلة ليأخذه كعادته كل يوم فلما وجده قد سلب منه السيف و ربط مع الكلب الميت فى حبل واحد أحس بسخف و خطأ ما كان يعتقد فى هذا الصنم و أتشد يقول :

و الله لو كنت الها لم تكن أنت و الكلب وسط بئر فى قرن


و ما لبث أن راجع نفسه و أعاد تفكيره حتى دخل فى الاسلام فانظر كيف استطاع أبناؤه انقاذه من النار بتحركهم و ما هى الا أيام قليلة حتى أذت المؤذن

حى على الجهاد با خيل الله اركبى


فكان هذا البيت المسلم فى طليعة المجاعدين برغم أت الله سبحانه و تعالى ٌد أنزل عذرا للأب فقد كان أعرج شديد العرج فلما كلمه أبناؤه فى أن يبقى و لا يخرج للقتال ذهب الى التبى صل الله عليه و سلم و قال له :

" يارسول الله أريد أن أطأ بعرجتى هذه الجنة "

فقال التبى صلى الله عليه و سلم لأولاده : "لاتمنعوه لعل الله أن يكرمه بالشهادة "


الموت لمن سب رسول الله

غمرت الفرحة وجهي معاذ ومعوذ عندما أذن لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يذهبا معه في غزوة بدر، بالرغم من صغر سنهما.

وعندما احتدمت المعركة هجم المسلمون على أعدائهم، كهجمة رجل واحد، وكان معاذ ومعوذ يقفزان هنا وهناك، يبحثان عن شخص معين، ولكنهما لم يجداه.

قترب معاذ من الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف، وهو يحرص ألا يراه أخوه معوذ، وهمس في أذنه قائلاً:

-يا عمّاه، هل تعرف أبا جهل؟

قال ابن عوف:

-نعم أعرفه، وماذا تريد منه يا ابن أخي؟

قال معاذ بغضب وهو يكزّ على أسنانه:

-سمعت أن أبا جهل يسبّ رسول الله صل الله عليه وسلم، وقد أقسمت إن رأيته أن أقتله، أو يقتلني.

تبسم ابن عوف لشجاعة هذا الغلام الصغير، ووعده أن يدله على أبي جهل.

وبعد قليل جاء معوذ وهو يحاول ألا يراه أخوه معاذ، واقترب من ابن عوف وسأله:

-يا عمي، أين عدو الله أبو جهل؟ لقد عاهدت الله على قتل أبي جهل لأنه يسب رسول الله صل الله عليه وسلم.

أشرق وجه ابن عوف وفرح كثيراً لوجود هذين الغلامين في جيش المسلمين.

بعد قليل رأى ابن عوف أبا جهل على فرسه يتبختر رافعاً رأسه يشجع المشركين وهو يصرخ: أعلُ هُبَل.

صاح ابن عوف:

-يا معاذ، يا معوّذ، هاهو ذا أبو جهل عدو الله وعدو رسوله وعدوكما.

ما إن سمع معاذ ومعوذ مقالة ابن عوف حتى هجما كصقرين على أبي جهل، وببسالة عجيبة أنزلاه عن فرسه، وأوقعاه أرضاً، وجلسا على صدره وقتلاه، وكان أبو جهل عريض المنكبين قوياً، ولكنه لم يستطع الدفاع عن نفسه أمام هذين الشبلين.

ركض معاذ ومعوذ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل منهما يصيح:

-لقد قتلت أبا جهل.

أضاء وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحاً بهذين الشبلين، وفرحاً بمقتل عدو الله أبي جهل الذي روّع المسلمين وعذبهم كثيراً، ثم سألهما:

-أيكما قتله؟

قال معاذ:

-أنا.. أنا.. يا رسول الله.

وقال معوذ:

-بل أنا يا رسول الله.

نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سيفي معاذ ومعوذ، فرآهما يقطران دماً، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لهما:

-كلاكما قتله

قضى التبى صلى الله عليه و سلم بعد المعركو بسلب أبى جهل لمعاذ بن عمرو بن الجموح لأن معوذ أخاه من أمه عفراء قضى له الله سبحانه و تعالى خيرا من ذلك فقد رزقه الله الشهادة فكان من شهداء بدر

خرجوا جميعا على أمل لقاء الله وقد أكرم الله الأب و من بعده وله الأكبر بشرف الشهادة فى سبيل الله


فجزى الله هؤلاء الأخيار خبر الجزاء و الحقنا بهم فى الصالحين



https://p7.storage.canalblog.com/75/...4/93870989.gif






( 12 )
الأرقم بن أبى الأرقم

صاحب الدار


النور الجديد

ما ان أذن الله لنوره أن يضيئ الدنيا برسالة الاسلام و أن يخرج الناس من عبادة الأصنام الى عبادة رب الأرض و السموات حتى انطلق النبى صل الله عليه و سلم يدعوا الناس الى الله .

و كان النبى صل الله عليه و سلم يعلم أن الناس لن يؤمنوا
بين يوم و ليلة و أن كثيرا منهم سسعاند و يكابر لأن تجارة قريش و مصالحها ارتبطت بحج العرب الى مكة و الطواف بالبيت الحرام و شراء الأصنام من متاجرها التى تنتشر حول الكعبة , فكان المشركون يرددون أنهم لو آمنوا لن يحج الى بيتهم أحد و لهذا اختار النبى صل الله عليه و سلم أن يدعو الى الله سرا فكان يكلم من يثق به , فكانت زوجته أم المؤمنين خديجه بنت خويلد أول من آمن من النساء ثم كان صاحبه أبو بكر الصديق أول المؤمنين من الرجال ثم كان على بن أبى طالب أول المؤمنين من الصبيان .

وعلم هؤلاء المؤمنون أن الله قد فرض عليهم و على كل مؤمن بالاسلام أن يدعو غيره الى الاسلام فانطلق الصديق فجاء بعدد من الرجال منهم عثمان بن عفان و طلحة و الزبير ....


و لكن ..... برغم كل ما كان يحيط بهذه الدعوة المباركة من سرية و حذر , فقد علمت قريش بخبر هذا الدين الجديد و هذه الدعوة الوليدة و بدأت تتربص بالمؤمنين و تراقب منازلهم و تمنع أى شخص من زيارتهم أو الحديث معهم و من ينجح فى الدخول اليهم يجد كمينا قد أعد فى انتظاره من مشركى قريش ليناله منهم شيئ من العذاب لكيلا تراوده نفسه أن يدخل فى هذا الدين .

و كان ممن آمن و صدق برسالة النبى صلى الله عليه و سلم فتى صغير لم بتجاوز السادسة عشرة من عمره و على الرغم من صغر سنه الا انه كان صاحب المنزلة الثانية عشرة فى ترتيب المؤمنين بهذا الدين .

إنه الأرقم بن أبى الأرقم و اسم أبى الأرقم عبد مناف بن أسد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى كان من السابقين الأولين الى الاسلام و لكن متى كانت عقول الرجال و أعمالهم تقاس بالسنين من أعمارهم .


دار الأرقم ..مهبط الوحى

فلما اشتد تضييق مشركى قريش على النبى صل الله عليه و سلم و على المؤمنين كان لا بد من ايجاد مكان يستطيع النبى صل الله عليه و سلم أن يلتقى فيه بالمؤمنين : يعلمهم دينهم و يأتى اليه فيه من أراد الاسلام ليشهد أن لا اله الا الله و أن محمدا رسول الله و عندها سارع هذا الفتى المؤمن يرحب بالنبى صل الله عليه و سلم و المؤمنين ضبوفا عنده فى داره , فلماذا اختار النبى صل الله عليه و سلم دار الأرقم بن أبى الأرقم بالذات لتكون مدرسة للأسلام و ملاذا للمؤمنين و مهبطا للوحى ؟


لهذا الأختيار عدة أسباب منها :

أولا : أن الأرقم من بنى مخزوم و معروف عن بنى مخزوم أنهم فى تنافس و عداء مع بنى هاشم قوم النبى صل الله عليه و سلم .

فلن يظن أحد من المشركين أن النبى صل الله عليه و سلم يختبئ مع أصحابه فى ديار بنى مخزوم .


ثانبا : أن دار الأرقم كانت فى أطراف مكة فيستطيع أى شخص يريد لقاء النبى صل الله عليه و سلم أن يتظاهر بالخروج من مكة ثم يدخل سرا الى دار الأرقم ليلتقى بخير الأنام صل الله عليه و سلم فيسمع القرآن و ذلك كما حدث فى يوم اسلام أبى ذر الغفغارى .


ثالثا : أن الأرقم كان لايزال فتى صغيرا فلن يشك أحدا أبدا

أن المؤمنين يجتمعون عنده فى داره

وهكذا سجل الأرقم بن أبى الأرقم اسمه فى سجل الخالدين فقد أرتبط اسمه باسم داره التى كانت ملتقى المؤمنين و مهبط الوحى على النبى صل الله عليه و سلم و لعلنا الآن نعرف لماذا نرى كثيرا من دور تحفيظ القرآن الكريم تتسمى بدار الأرقم بن أبى الأرقم تخليدا لهذا الفتى المجاهد من أصحاب النبى صل الله عليه و سلم .


هجره من الله

ومن هذا اليوم و قريش تفكر و تدبر كيف تقضى بسرعة على هذا الدين الجديد فكان التنكيل و التعذيب للمؤمنين و اشتد العذاب وزاد التنكيل حتى جاء الامر من الله سبحانه و تعالى للمؤمنين بالهجرة الى المدينة المنورة و كما قدم الارقم داره سارع يقدم نفسه فكان فى طليعة المهاجرين الاولين و ترك الارقم داره التى شهدت مهبط الوحى و مجلس النبى صل الله عليه و سلم و اجتماع الصحابة ؛ ليهاجر الى بلاد جديدة على امل ان يساهم فى نر الدعوة و العمل و التضحية من جديد لدين الله سبحانه و تعالى


وهكذا ما ان استقر الامر فى المدينة بعض الشئ حتى ادركت قريش انها لا حياه لدينها و اصنامها ان لم تقضى على هذا الدين الجديد فى المدينة فصارت بقواتها الى المدينة تبغى قتال المسلمين و القضاء عليهم فما ان دعا الداعى حتى كان الارقم بن ابى الارقم فى طليعة المجاهدين ؛ وانتصر المسلمون و كان لهذا الصحابى سيف اعطاه له النبى صل الله عليه و سلم نفلا من انفال المعركة و كما كانت داره فى مكة مامنا للمؤمنين فقد كانت داره فى المدينة مامنا للصدقات فاستعمله النبى صل الله عليه و سلم على الصدقات .



إلى رحاب بيت المقدس

وفى حياه الارقم مواقف كثيرة تعلم فيهامن الحبيب صل الله عليه و سلم : ومن ذلك انه تجهز يريد البيت المقدس ؛ فلما فرغ من جهازه جاء الى النبى صل الله عليه و سلم يودعه فقال : ما يخرجك احاجة ام تجارة ؟ قال : لا يا رسول الله بابى انت و امى و لكنى اريد الصلاة فى بيت المقدس

فقال رسول الله صل الله عليه و سلم :

صلاة فى مسجدى هذا خير من الف صلاة فيما سواه من المساجد الا المسجد الحرام

فجلس الارقم

و من هذا نتعلم كيف كان اصحاب النبى صل الله عليه و سلم يحبون بيت المقدس ولم لا و ها هو الارقم يريد ان يسافر شهرا كاملا ذهابا و شهرا عودة لا شيئ الا ليصلى فى المسجد الاقصى فماذا سنقول لهم اذا لقيناهم يوم القيامة و قد تركوه امانة فى ايدينا و هو الان محتل من احفاد القرده و الخنازير ؟


وهكذا عاش هذا الصحابى الجليل مجاهدا معلما عالما عاملا حتى بلغ من العمر بضع و ثمانين سنة و اوصى ان هو مات ان يصلى عليه سعد بن ابى و قاص فلما مات كان سعد بن ابى و قاص بالعقيق خارج المدينة فجاء مسرعا ليصلى على صاحبه صاحب الدار السابق للاسلام المهاجر المجاهد





https://p7.storage.canalblog.com/75/...4/93870989.gif
(13)
عبد الله بن عباس

ترجمان القران


" اللهم آته الحكمة "

هكذا دعا النبى صل الله عليه و سلم لهذا الفتى القرشى الذى انتقل النبى صل الله عليه و سلم الى الرفيق الاعلى و هو بعد ابن ثلاث عشرة سنة و مع صغر سنه فقد تصدر لمهام من اعظم المهام فقام بها خير قيام رضى الله عنه .



ابن عباس و المهام العظام

انه عبد الله بن عباس ابن عم النبى صل الله عليه و سلم

و اول هذه المهمات انه حفظ للامة الفا و ستمائة و ستين حديثا وعاها و فهمها عن النبى صل الله عليه و سلم اثبتها الامامان البخارى و مسلم فى صحيحيهما ثم قام يعلمها للدنيا كلها .


وثانى هذه الامور هى التاويل – اى تفسير القران – فلقد دعا له النبى صل الله عليه و سلم ان يفقهه الله فى الدين و يعلمه التاويل فكان ابن عباس يقول :

" و الله ما من آية فى كتاب الله الا و أنا أعلم متى نزلت و فيمن نزلت وما تأويلها "


وثالث هذه العظام هى الحكمة و تتجلى هذه الحكمة فى مواقف كثيرة نذكر بعضا منها :


أولا : أن عمر بن الخطاب كان يجعل ابن عباس فى مجلس مشورته يوم أن كان أميرا للمؤمنين فكم كان عمره وقتها ؟ كان فتى يخطو مبتعدا عن الخامسة عشر عاما بقليل فلما عاب عليه بعض الناس ذلك قال : " انه فتى كهول له لسان سئول و قلب عقول"


و ثانيا : ما تحكيه لنا كتب السيرة من تصدى هذا الصحابى الجليل لخمسة و عشرين ألفا من الخوارج بمفرده و كيف رد عشرين ألفا منهم الى صفوف المؤمنين دون قتال ذلك أن أناسا من المسلمين قد خذلوا الامام عليا رضى الله عنه فى خلافه مع معاوية رضى الله عنه فاسئأذن ابن عباس رضى اللله عنه أمير المؤمنين على بن أبى طالب أن يذهب الى الخوارج ليكلمهم فلما جآء اليهم و حدثهم عادوا الى صوابهم و انضموا الى حظيرة المسلمين .


و لعل أروع ما يشعرك بحكمة هذا الصحابى هو موقفه مع النبى صل الله عليه و سلم عندما أراد النبى صل الله عليه و سلم الصلاة فأسرع يحضر له الماء ليتوضأ ثم أشار له النبى صل الله عليه و سلم أن قف جانبى لتصلى فلما دخل النبى صل الله عليه و سلم فى الصلاة تأخر عبد الله بن عباس خلف النبى صل الله عليه و سلم فلما فرغ النبى صل الله عليه و سلم من الصلاة سأله : " لماذا لم تقف بجوارى ؟ فقال : أنت أجل فى عينى من أن أوازيك يل رسول الله فرفع النبى صل الله عليه و سلم يديه الى السماء

و قال :

" اللهم آته الحكمة "




تعلم العلم

و كما كان ابن عباس يعلى من شان طلب العلم كان كذلك يجل العلماء و يوقرهم ، فها هو ذا الصحابى زيد بن ثابت كاتب الوحى و رأس اهل المدينة فى القضاء و الفقه و القران و الفرائض يهم بركوب دابته فيسرع عبد الله بن عباس الى الركاب الذى يضع الراكب فيه قدمه ليركب الدابة – فيمسكه له فيقول له زيد بن ثابت : دع عنك هذا يا ابن عم رسول الله فيرد ابن عباس : هكذا امرنا ان نعامل علمائنا .


وكما حرص ابن عباس ان يلازم النبى صل الله عليه و سلم طوال حياته لينهل من معينه و يلزم هديه فقد عرف لكبار الصحابة مكانتهم و طلب العلم عندهم و هو فى ذلك يعلمنا الادب الرفيع مع اساتذتنا فيقول عن نفسه : كان اذا بلغنى الحديث عند رجل من صحابة النبى صل الله عليه و سلم اتيت بابه وقت قيلولته و توسدت ردائى عند عتبة داره فيسفى على الريح من التراب ما يسفى و لو شئت ان استاذن عليه لاذن لى ؛ و انما كنت افعل ذلك لاطيب نفسه فاذا خرج من بيته فرانى على هذه الحال قال :
يا ابن عم رسول الله ؛ هل ارسلت الى فاتيك ؟ فاقول:

( إن العلم يؤتى ولا يأتى )



معلم الامة

وكما انكب ابن عباس على طلب العلم فقد حمل على عاتقه مسئولية تعليم الامة و تفقيه الناس ولقد جعل من بيته جامعة ياتى اليها الدارسون و اصحاب المسائل و طلاب العلم من كل بقاع الارض و لقد قسم ايام الاسبوع الى يوم للفقه و يوم للمغازى و الفتوح و ثالث لايام العرب وتاريخهم ورابع للتفسير و التاويل

و لقد عاش ابن عباس احدى و سبعين سنة ملا الدنيا فيها علما

و فقها و ساعة ان انزلوه الى قبره سمعوا قارئا يقرا:

( يا ايتها النفس المطمئنة ارجعى الى ربك راضية مرضية فادخلى فى عبادى و ادخلى جنتى )


فسلام الله عليه فى الأولين و سلام الله عليه فى الأخرين و جزاه الله عنا و عن الإسلام و المسلمين خير الجزاء .




https://p7.storage.canalblog.com/75/...4/93870989.gif
(14)
عمير بن سعد

الإمتحان العسير


غلام ذاق اليتم على صغر سنه و حديث عهده بالدنيا فقد مات ابوه و ما ترك له مالا و لا سندا ؛ و اخيرا بدت فى حياته بارقه امل عندما تزوجت امه باحد اثرياء المدينة من الاوس و هو الجلاس بن سويد فكفل عمير بن سعد بطل قصتنا اليوم ...


احب عمير الجلاس زوج امه حب الولد لابيه و كذلك تعلق قلب الجلاس بعمير كانه و لده من صلبه .


و مضت الأيام و اشرقت الارض بنور ربها و اضاءت المدينة بحبيبها و دخل الغلام الانصارى فى الاسلام و هو بعد ابن العاشرة من العمر فحب دين الله و تعلق قلبه برسول الله صل الله عليه و سلم و تمضى الأيام و عمير يعيش فى سعادة ما بعدها سعادة فهو يعيش فى كنف رجل كريم و كذلك يحيا فى صحبة الحبيب صل الله عليه و سلم حتى كان يوم الامتحان الالهى الذى اراد الله فيه ان يختبر قلب عمير و هل يتعلق بالجلاس ام بالله و رسوله ؟

فلما كانت السنة التاسعة من الهجرة دعا النبى صل الله عليه و سلم الى غزوة تبوك و كانت السنة مجدبة و المال قليل لهذا حث النبى صلى الله عليه و سلم اصحابه على كثير من الانفاق و التبرع لتجهيز الجيش و كان عمير يذهب الى مسجد النبى صل الله عليه و سلم فيرى الصحابة عليهم رضوان الله و هم يسارعون الى التبرع فهذا ابو بكر ياتى بكل ماله الى النبى صل الله عليه و سلم و هذا عمر بن الخطاب ياتى بشطر ماله و هذا عثمان بن عفان يتبرع بثلاثة مائة بعير و جهازها و مئات الدراهم من الذهب و هؤلاء الذين لا يماكون نفقه و لا يجدون شيئا قد حال الفقر بينهم و بين الجهاد يأتون الى النبى صل الله عليه و سلم فيردهم لانه لا يجد ما يحملهم عليه فيرجعون و أعينهم تفيض من الدمع حزنا الا يجدوا ما ينفقون و فى كل هذا يتعجب الفتى عمير من زوج امه الجلاس فبرغم انه من اغنياء المدينة الا انه حتى الان لم يتبرع بشئ للغزو فى سبيل الله فاراد الفتى عمير ان يستحثه على الانفاق فجلس يحدثه عن الصحابه و تبرعهم و انفاقهم فى سبيل الله فما كان من الجلاس الا ان قال كلمة طعنت فى صدق النبى صل الله عليه و سلم و رسالته حيث قال :

( و الله ان كان محمد صادقا فيما يدعيه من النبوة فنحن شر من الحمير )

و هنا لم يملك الفتى نفسه فرد عليه قائلا : و الله رسول الله صادق و انت أشر من الحمير


اللهم اظهر براءتى

ثم انطلق الى النبى صل الله عليه و سلم يخبره بما قال الجلاس
و بخيانته لله و رسوله فما ان سمع النبى صل الله عليه و سلم
هذا الكلام حتى ارسل يستدعى الجلاس الذى جاء مسرعا فما

أن سأاله النبى صل الله عليه و سلم عن مقالته حتى اقسم بالله

ما قال و ان عميرا كاذب و هنا التفت الانظار الى عمير بل
و أاسرع البعض من المنافقين يلقون بالوم على عمير و يقولون :
هل هذا جزاء احسانه اليك فبكى الفتى وقال : اللهم أنزل على نبيك تبيان ما تكلمت به فما هى الا لحظات حتى غشى النبى صل الله عليه و سلم الوحى فارتعد الجلاس لأن أمره سينكشف و أشرق وجه عمير لأن الله سيظهر براءته و ما هى الا لحظات و قرأ النبى صلى الله عليه و سلم "
{يحلفون بالله ما قالوا و لقد قالوا كلمة الكفر بعد اسلامهم و هموا بما لم ينالوا و ما نقموا الا أن أغناهم الله و رسوله من فضله فأن يتوبوا يك خيرا لهم و ان يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما فى الدنيا و الآخرة و ما لهم فى الأرض من ولى و لا نصير} " التوبة 74



توبة صادقة

فردد الجلاس : بل أتوب يا رسول الله بل أتوب يا رسول الله صدق عمير و أنا من الكاذبين .

و هنا مد النبى صل الله عليه و سلم يده الشريفة فأمسك أذن عمير و قال : " وفت أذنك يا غلام ما سمعت و صدقك ربك "


وكان الجلاس بعدها يقول : جزى الله عميرا عنى خيرا فلوتركنى لمت على الكفر .

و كما أختار عمير الصدق فى هذا.. اختار الصدق فى حياته كلها و عاش مجاهدا معلما راعيا للمؤمنين حتى توفاه الله فى عهد الفاروق عمر رضي الله عنهم أجمعين .


https://p7.storage.canalblog.com/75/...4/93870989.gif



( 15 )
أسامة بن زيد

الحب بن الحب...

هكذا كان يسميه الصحابة رضى الله عنهم أجمعين ....


بطل قصتنا اليوم صحابى جليل انتقل النبى صل الله عليه و سلم الى جوار ربه و عمره بعد لا يزيد عن سبعة عشر عاما , مات النبى صل الله عليه و سلم و هو يحبه و يحب أبيه الذى قضى نحبه شهيدا فى حياة النبى صلى الله عليه و سلم وربما كان آخر اسم من أسماء الصحابه تطق به النبى صل الله عليه و سلم ساعة وفاته حيث كان يوصى أصحابه فيقول :" أنفذوا بعث أسامة "


نعم انه أسامة بن زيد بن حارثه حب رسول الله و ابن حبه و لعله آخر من دعا له النبى صل الله عليه و سلم فقد دخل على النبى صل الله عليه و سلم فى مرضه الذى مات فيه و النبى صل الله عليه و سلم لا يستطيع أن يتكلم فهوى أسامة فقبله و رسول الله برفع يده الى السماء ثم يصبها على أسامة فعرف انه كان يدعو له .


ولد هذا الصحابى فى السنه السابعه من البعثة النبوية الشريفة فكان بارقة أمل و اشراقة سعادة للنبى صل الله عليه و سلم فى هذا الوقت العصيب على المؤمنين فبمولده فى هذا الوقت بدأ حياته مسلما فلم يحيا يوما على غير لا اله الا الله أما أمه فهى

أم أيمن حاضنة النبى صل الله عليه و سلم و التى قال عنها النبى صل الله عليه و سلم :

" هى أمة بعد أمى , و بقية أهل بيتى "

و أما أبوه فزيد بن حارثة حبيب رسول الله و الذى كان مملوكا
لأم المؤمنين خديجة بنت خويلد فأهدته الى النبى صل الله عليه و سلم و لما جاء أهله ليفتدوه من الرق فخيره النبى صل الله عليه و سلم بين أن يعود مع أهله أو يبقى معه , فأختار أن يبقى مع النبى صل الله عليه و سلم و ذلك قبل البعثة لما رآه زيد من كريم خلق النبى صل الله عليه و سلم فأحبه النبى صل الله عليه و سلم

و أخذ بيده الى البيت العتيق و قال : أشهدكم يا معشر قريش أن زيدا ولدى يرثنى و أرثه و هكذا دعى ب ( زيد بن محمد ) حتى أبطل الأسلام عادة التبنى فعاد الى اسمه الأول زيد بن حارثة لهذا أحب النبى صل الله عليه و سلم زيدا و أحب ابنه أسامة و كثيرا ما كان يضع أسامة على احدى فخذيه و الحسن بن على سبطه على الاخرى و يداعبهما .


المجاهد الصغير

و على صغر عمر هذا الصحابى فقد شهد المعارك و الغزوات مع النبى صل الله عليه و سلم و برغم أن النبى صل الله عليه و سلم رده يوم أحد لصغره الا انه يوم الخندق أخذ يتطاول و يشد من قامته حتى رق له النبى صل الله عليه و سلم و أجازه فحمل السيف مجاهدا فى سبيل الله و فى يوم حنين حين انهزم المسلمون ثبت أسامة مع العباس عم النبى صل الله عليه و سلم فحولت هذه الفئه القليلة الهزيمة الى نصر للمسلمين و يوم مؤتة انضوى أسامة تحت لواء أبيه و شاهد بعينيه استشهاد أبيه و من بعده جعفر بن أبى طالب ثم عبد الله بن رواحة و شاهد كيف حول خالد بن الوليد الدفة لمصلحة المسلمين و عاد بهم الى المدينة .


القائد الصغير

و قبل أن يلحق النبى صل الله عليه و سلم بالرفيق الأعلى عبأ جيشا لغزو الروم و جعل فبه أبابكر و عمر و سعد بن أبى وقاص و أبا عبيدة بن الجراح و غيرهم من عظماء القادة و أمر على الجيش أسامة بن زيد و هو بعد ابن السابعة عشر و لكن المرض اشتد على النبى صل الله عليه و سلم فانتظر أسامة ليعرف ما يكون من أمر النبى صل الله عليه و سلم و لكن النبى صل الله عليه و سلم اختار جوار ربه و آثره على الخلود فى الدنيا و ما فيها .... فمن هو هذا الفتى الذى يختاره النبى صل الله عليه و سلم لقيادة جيش من الصحابة تعدى الثلاثين ألف صحابى ؟


إن أفضل ما نعرف به هذا الصحابى الجليل هو هذا الموقف :

أسامة فى ميزان الفاروق :

عندما جلس أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يقسم أموال بيت مال المسلمين و جاء دور ابنه عبد الله بن عمر فأعطاه عمر نصيبه ثم جاء دور أسامة بن زبد فأعطاه عمر ضعف ما أعطى ولده عبد الله !

وهكذا كان عمر يعطى الناس وفق فضلهم و بلائهم فى الاسلام فخشى عبد الله بن عمر أن بكون مكانه فى الأسلام متأخرا و هو الذى يرجو بطاعته و جهاده و بزهده و ورعه أن يكون عند الله من السابقين ..عندئذ سأل أباه قائلا :

"لقد فضلت على أسامة وقد شهدت مع رسول الله ما لم يشهد ؟ ".

فاجابه عمر :

"اسامه كان احب الى رسول الله صل الله عليه و سلم منك وابوه كان احب الى رسول الله صلي الله عليه و سلم من أبيك و أمه هى أم أيمن مولاة رسول الله صل الله عليه و سلم و حاضنته "


في مدرسة الحبيب

في حياة هذا الصحابي موقفين تعلم منها الكثير

قبل وفاة الرسول بعامين بعثه صل الله عليه و سلم أميرا على سرية خرجت للقاء بعض المشركبن الذين يناوئون الاسلام و المسلمين .... و كانت تلك أول امارة يتولاها أسامة ... و لقد أحرز فى مهمته النجاح و الفوز و سبقته أنباء فوزه الى النبى صل الله عليه و سلم ففرح بها و سر و لنستمع الى أسامة يروى لنا بقية النيأ يقول .. فأتيت النبى صل الله عليه و سلم و قد أتاه البشير بالفتح فاذا هو متهلل وجهه ..فأدنانى منه .. ثم قال : حدثنى ..فجعلت أحدثه ..و ذكرت أنه لما انهزم القوم أدركت رجلا , , و أهويت اليه بالرمح فقال : لا اله الا الله فطعنته و قتلته فتغير وجه النبى صل الله عليه و سلم و قال :

" ويحك يا أسامة , فكيف لك بلا اله الا الله ؟ ويحك يا أسامة فكيف لك بلا اله الا الله ؟ .. "


فلم يزل يرددها على حتى لوددت أنى انسلخت من كل عمل عملته و استقبلت الاسلام يومئذ من جديد فلا و الله لا أقاتل أحدا قال لا اله الا الله بعدما سمعت رسول الله صل الله عليه و سلم .

هذا هو الدرس العظيم الذى وعاه جيدا أسامة الحبيب منذ سمعه من النبى صل الله عليه و سلم الى أن رحل عن الدنيا راضيا مرضيا , و انه لدرس بليغ .


والدرس الثانى أنه لما سرقت المرأة المخزومبة ذات الحسب و الشرف فى المدينة و أراد النبى صل الله عليه و سلم أن بنفذ فيها حد الله و يقطع يدها , قال الناس : من يكلم فيها رسول الله صل الله عليه و سلم , فقالوا : ليس هناك أحد يجرؤ على ذلك غير الحب بن الحب أسامة ين زيد فلما هم أسامة رضى الله عنه أن يكلم النبى صل الله عليه و سلم ظهر الغضب على وجه النبى صلى الله عليه و سلم و قال : " أتشفع فى حد من حدود الله " ثم قام خطيبا فى الناس فقال : " انما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا اذا سرق فيهم الغنى تركوه و اذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد و الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها "

و تعلم أسامة الدرس و أيقن أن الولاء لله و ليس لأحد غيره .



ظل أسامة بعد ذلك جنديا مخلصا فى صفوف المسلمين يقاتل معهم حتى لقى ربه فى زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنهم أجمعين .


انتهت
سلسلة "أشبال الإسلام حول الرسول عليه الصلاة والسلام "


,,,في أمان الله,,,





الساعة الآن 03:43 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)