منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع القران الكريم وعلومه (https://hwazen.com/vb/f28.html)
-   -   أثر القصة القرآنية في الهداية (https://hwazen.com/vb/t21038.html)

عطر الجنة 01-06-2021 03:53 PM

أثر القصة القرآنية في الهداية
 


https://upload.3dlat.net/uploads/3dl...1a0f74d011.png






الحمدلله رب العالمين وصل الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ...


الغرض من إنزال الكتب السماوية وتوجيه الخطاب إلى الناس
هو إنتشالهم من مستنقع الضلال وبراثن الانحراف العقائدي والخلقي ، وهدايتهم إلى الحق وإرشادهم إلى الخير ، قال تعالى

(وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةًلِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (الأعراف:52)

(وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً)(الاسراء:2)

(إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ ...)(المائدة:44)

(... وَآتَيْنَاهُ الْأِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ)(المائدة:46)

(ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ)(البقرة:2)

(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ...) (البقرة:185)

ومن الأساليب التي استخدمتها الكتب السماوية ـ في صدد الهداية والإرشاد ـ الأسلوب القصصي ، وقد تميز القرآن الكريم ـ بسبب بلاغته الإعجازية ـ عن بقية الكتب السماوية بالسرد الشيق والبليغ للقصة مع التركيز على الهدفية بشكل دقيق ، حتى قال تعالى :

{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ...} سورة يوسف .


وبين الحق سبحانه و تعالى في آياته المحكمات الواضحات

القصة كأحد الأساليب والطرق للهداية لما فيها من جذب للقارئ وأثر كبير على النفوس ، فالقارئ للقصة ـ بطبيعة الحال ـ بعد تأثره بالقصة التي قرأها ؛ يحاكي شخصياتها البارزة لا شعوريا ؛ مما ينعكس هذا على مجمل حركته وسلوكياته الفردية والاجتماعية ، وبالتالي قد تتبدل هذه المحاكاة إلى طبيعة سلوكية تشكل جزء أساسي في شخصيته .

ثم أن الجانب المميز في القصة القرآنية أنها أخبار لا تداخلها الأسطورة ، وليست مخترعة من نسج الخيال كما هو الحال في بقية القصص ، بل هي تحكي وقائع وأحداث تأريخية محددة ، وتشتمل على عناصر أهمها المبادئ والأهداف السامية التي يحملها أبطال تلك القصص ، والسلوكيات التي تفتح لنا آفاقا على عالم الغيب والملكوت . من هنا ذكر سبحانه وتعالى أن مائز ما يقصه من القصص أنها أنباء بالحق :

(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً) (الكهف:13)

(وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) (هود:120)

فلنتدبر في آية من آيات الله وقصة من قصص الحقة ، لنعيش في أجوائها ؛ علنا نستلهم منها العبر ونتلمس من خلالها طريق الهداية والرشاد .

قال تعالى :{وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} (87-88) سورة الأنبياء

هذه أحدى القصص القرآنية التي ذكرها الله تعالى بإيجاز بليغ ، وهي تحكي لنا جانبا من حياة نبي الله يونس (عليه السلام) ومسيرته التبليغية ، ولنوضح بعض مفاصل هذه القصة ، ثم نذكر القصة بنحو من التفصيل :


أولا : من هو ذا النون ؟

(النون) ـ في اللغة ـ السمكة العظيمة و بتعبير آخر الحوت ،و (ذا) بمعنى صاحب ، و (ذا النون) معناها صاحب الحوت، وصاحب الحوت إشارة إلى نبي الله يونس (عليه السلام) . وقد اختارـ سبحانه وتعالى ـ هذا الاسم ليونس بسبب الحادثة التي سنشير إليها في ضمن القصة .


ثانيا : ما هي الظلمات ؟

الظلمة ـ لغة ـ شدة الظلام (1) ، يقول صاحب تفسير الأمثل : (من الممكن أن يكون هذا التعبير إشارة إلى ظلمة البحر في أعماق الماء ، وظلمة بطن الحوت ، وظلمة الليل) .


ثالثا : ما الذي عمله يونس عليه السلام فتركه واستغفر الله عليه ؟

لا شك أن تعبير " مغاضبا " إشارة إلى غضب يونس على قومه الكافرين ، و هذا الغضب في مثل هذه الظروف أمر طبيعي ، إذ تحمل هذا النبي المشفق المشقة والتعب سنين طويلة من أجل هداية القوم الضالين ، إلا أنهم لم يلبوا دعوته الخيرة من جهة ، ومن جهة أخرى ، فإن يونس لما علم أن العذاب الإلهي سينزل بهم سريعا ، فإن ترك تلك المدينة لم يكن معصية ، ولكن كان الأولى به كنبي عظيم أن لا يتركها حتى اللحظة الأخيرة - اللحظة التي سيعقبها العذاب الإلهي - ولذلك آخذه الله على هذه العجلة ، واعتبر عمله تركا للأولى ، فلم يكن ما فعله الله تعالى بنبيه عقوبة على فعله ،
بل كان درسا وتأديبا إلهيا لعبد من عباده المخلصين يترتب عليه تساميه في مدارج الكمال والقرب الألهي .


رابعا : ماذا نستفيد من قصة نبي الله يونس عليه السلام ؟

كما ذكرنا سابقا أن القصص القرآنية ليست للترف والتسلية بقدر ما هي للعبرة والهداية ، وعليه ما الذي يمكن استفادته من قصة يونس (عليه السلام) ؟

وردت في الآية المباركة حكمة وهي شاملة لكل المؤمنين ولا تختص بنبي الله يونس عليه السلام (وكذلك ننجي المؤمنين).

فالناس كثيرا ما يذنبون والله غفور رحيم وكم من شهوة قصيرة أوردت ندما كثيرا ،فهل هناك سبيل إلى التوبة هل هناك طريق يؤوب إليه الخطاءون ؟ إن كثيرا من الحوادث المؤلمة والابتلاءات الشديدة والمصائب المحزنة تكون نتيجة طبيعية لذنوبنا ومعاصينا ، وهي سياط لتنبيه الأرواح الغافلة ، أو هي مواقد لتصفية معادن أرواح الآدميين فمتى ما تنبه الإنسان إلى ثلاثة أمور [ التي انتبه إليها يونس في مثل هذا الظرف ] فإنه سينجو حتما :

1 - التوجه إلى حقيقة التوحيد ، وأنه لا معبود ولا سند إلا الله ، مناديا في الظلمات (أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ)

2 - تنزيه الله عن كل عيب ونقص وظلم وجور ، وتجنب كل سوء ظن بذاته المقدسة ، بقوله : (سُبْحَانَكَ).

3 - الاعتراف بذنبه وتقصيره (إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ).

وعلى هذه الأمور الثلاثة ترتبت النتيجة الحتمية من الباري تعالى (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ)

وجعل هذه هي المنجية لجميع المؤمنين : (وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ)


روي عن رسول الله ( صل الله عليه وآله وسلم ) أنه قال :

" اسم الله الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى دعوة يونس بن متى " فقال رجل : يا رسول الله هي ليونس خاصة أم لجماعة المسلمين ؟ قال : " هي ليونس خاصة وللمؤمنين إذا دعوا بها ، ألم تسمع قول الله وكذلك ننجي المؤمنين ؟ فهو شرط من الله لمن دعاه".

وكما هو واضح أن المراد ليس قراءة الألفاظ والكلمات فقط ، بل جريان حقيقتها في أعماق روح الإنسان ، أي أن ينسجم كل وجوده مع معنى تلك الألفاظ حين قراءتها، فيكون دعائه صادرا من قلبه ومن كل جوارحه.

يقول صاحب تفسير الأمثل معقبا على ما جاء في الآية المذكورة:
يلزم التذكير بهذه المسألة ،

وهي أن العقوبات الإلهية على نحوين :

أحدهما : عذاب الاستئصال ، أي العقوبة النهائية التي تحل لمحو الأفراد الذين لا يمكن إصلاحهم ، إذ لا ينفعهم أي دعاء حينئذ ،

لأن أعمالهم ذاتها ستكرر بعد هدوء عاصفة البلاء .


والآخر : عذاب التنبيه ، والذي له صفة تربوية ، ويرتفع مباشرة بمجرد أن يؤثر أثره ويتنبه المخطئ ويثوب إلى رشده . ومن هنا يتضح أن إحدى غايات الآفات والابتلاءات والحوادث المرة هي التوعية والتربية .


إن حادثة يونس عليه السلام تحذر بصورة ضمنية جميع قادة الحق والمرشدين إليه بأن لا يتصوروا انتهاء مهمتهم مطلقا ، ولا يستصغروا أي جهد وسعي في هذا الطريق ، لأن مسؤولياتهم ثقيلة جدا).


قصة يونس (عليه السلام) :

كما نقلها في تفسير الأمثل : إن " يونس عليه السلام"
كان لسنين طوال مشتغلا بالدعوة والتبليغ بين قومه في أرض نينوى بالعراق ، ولكن رغم كل ما بذله من جهود ومساع فإن إرشاداته وتوجيهاته لم تؤثر في قلوبهم ، فغضب وهجر تلك الأرض ، وذهب باتجاه البحر وركب السفينة ، وأثناء الطريق هاج البحر ، فكاد كل ركاب السفينة أن يغرقوا .

وهنا قال ربان السفينة : إني أظن أن بينكم عبدا هاربا يجب أن يلقى في البحر - أو إنه قال : إن السفينة ثقيلة جدا ويجب أن نلقي فردا منا تخرجه القرعة - فاقترعوا عدة مرات ، وكان اسم يونس (عليه السلام) يخرج في كل مرة ! فعلم أن في هذا الأمر سرا خفيا ، فسلم للحوادث ، وعندما ألقوه في البحر ابتلعه حوت عظيم وأبقاه الله في بطنه حيا . وأخيرا انتبه إلى أنه قد ترك الأولى ، فتوجه إلى الله واعترف بتقصيره ، فاستجاب الله دعوته وأنجاه من ذلك المكان الضيق.

من الممكن أن يتصور استحالة هذا الحادث من الناحية العلمية ، ولكن لا شك أن هذا الأمر خارق للعادة ، إلا أنه ليس بمحال عقلي ، كإحياء الموتى فإنه يعد أمرا خارقا للعادة وليس محالا.


وفي الجوامع : كان يونس قد بعث إلى نينوى من أرض الموصل فكذبوه فذهب عنهم مغاضبا فلما فقدوه خافوا نزول العذاب فلبسوا المسوح وعجوا وبكوا فصرف الله عنهم العذاب ، وكان قد نزل وقرب منهم .


وعنه عليه السلام : إن يونس لما أذاه قومه دعا الله عليهم فأصبحوا أول يوم ووجوههم صفر ، وأصبحوا اليوم الثاني ووجوههم سود ، قال : وكان الله واعدهم أن يأتيهم العذاب حتى نالوه برماحهم ففرقوا بين النساء وأولادهن ، والبقر ، وأولادها ، ولبسوا المسوح والصوف ، ووضعوا الحبال في أعناقهم والرماد على رؤوسهم وضجوا ضجة واحدة إلى ربهم ، وقالوا : آمنا بإله يونس فصرف الله عنهم العذاب ، وأصبح يونس وهو يظن أنه هلكوا فوجدهم في عافية .

وفي العلل : عن الصادق عليه السلام أنه سئل لأي علة صرف الله العذاب عن قوم يونس وقد أظلهم ولم يفعل كذلك بغيرهم من الأمم ؟ قال : لأنه كان في علم الله أنه سيصرفه عنهم لتوبتهم ، وإنما ترك أخبار يونس بذلك لأنه عز وجل أراد أن يفرغه لعبادته في بطن الحوت فيستوجب بذلك ثوابه وكرامته .

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 - لسان العرب 12 :378





إسمهان الجادوي 01-22-2021 02:51 PM

رد: أثر القصة القرآنية في الهداية
 
لكِ كل التقدير لهذا الجهد .
عملٌ قيم نسأل الله أن ينفع به وأن يجعله في موازين حسناتكِ وأن يجزل لكِ الثناء .

دمتِ موفقة وللخير مسددة

عطر الجنة 02-08-2021 01:40 AM

رد: أثر القصة القرآنية في الهداية
 
كل الشكر ع المرور والتعقيب الجميل
الله يعطيكـِ العافيه
خالص مودتى لكـِ


الساعة الآن 06:04 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)