شعاع اللغة العربية نحو وصرف - وقواعد اللغة العربية |
الإهداءات |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| ||||||||||||||
| ||||||||||||||
ضبط المصحف [5] : الإمالة والإشمام والاختلاس رأينا في الحلقة السابقة كيف تطوَّرت علامات الحركات الثلاث، من نظام "النَّقْط المُدَوَّر" الذي وضعه أبو الأسود الدؤلي (للفتحة نقطة فوق الحرف، وللضمة نقطة أمام الحرف، وللكسرة نقطة تحت الحرف) إلى نظام "شكل الشِّعْر" الذي نستعمله اليوم. فهل اندثرت علامات أبي الأسود الدؤلي إلى الأبد؟ كلا. فأهل الضبط ما زالوا يستعملونَها في الدلالة على حركات من نوع خاص، احتفظت بِها بعض القراءات القرآنية. كيف؟ في فُصحانا المعاصرة، لا نكاد نستعمل غير الحركات الأصلية الثلاث: الفتحة والضمة والكسرة. غير أن بعض القراءات القرآنية الصحيحة احتفظت لنا بـحركات من نوع خاص كانت تستعملها العرب، وما تزال مستعملةً في بعض العاميات، وهي الحركات التي تدخلُها الإمالة والإشمام والاختلاس. وقد ارتأى علماء الضبط الإشارة إلى هذه الحركات الفرعية بـنُقطة متوسطة الحجم، هي من بقايا نظام أبي الأسود الدؤلي. وقد احتفظت هذه النقطة بصورتِها الأصلية عند المغاربة (●). أما عند المشارقة، فقد تحولت في العصور الأخيرة إلى مُعَيَّن فارغ الوسط (◊). -1- الإمالة أ- تعريفها هي حركة بين الفتحة والكسرة. وبتعبير آخر: هي تقريب للفتحة نحو الكسرة (وإن كان بعدها ألِفٌ، قُرِّبت هذه الألف - تبعا لذلك - نحو الياء). والإمالة نوعان: 1- إمالة كبرى (وتسمى أيضا: الإمالة الْمَحْضَة، والإضجاع، والبَطْح): وهي حركة وَسَطٌ بين الفتحة والكسرة (تُذكّرنا - على سبيل التقريب - بطريقة لفظ الصائت é في اللغة الفرنسية). لنستمع الآن إلى الشيخ عبد الرشيد صوفي، يرتل سورة الضحى برواية خَلَف عن حمزة، ولنتأمل طريقة نطقه لكلمة (الضُّحى) وما يليها من رؤوس الآيات: 2- إمالة صغرى (وتسمى أيضا: الإمالة غير المحضة، والتقليل، وبَيْنَ بَيْنَ). وهي حركة وسط بين الفتحة والإمالة الكبرى. لنستمع الآن إلى الشيخ محمود خليل الحصري، يرتل سورة الضحى برواية ورش عن نافع (من طريق الأزرق)، ولنتأمل طريقة نطقه للكلمات المشار إليها سابقا: * ويُقابل الإمالةَ بنوعيها: الفتحُ الخالص. لنستمع الآن إلى الشيخ سعود الشريم، يرتل سورة الضحى برواية حفص عن عاصم، ولنتأمل طريقة نطقه للكلمات المشار إليها سابقا: ب- طريقة ضبطها تُضبط الإمالة بنوعيها بوضع نقطة (أو مُعيَّن) تحت الحرف، تأثُّرًا بالكسرة الدؤلية القديمة، دُونَ وَضْعِ فتحةٍ فوقه. وهذه أمثلة لضبط الإمالة في بعض القراءات، بالطريقتَين: [ومن المشارقة مَن يفضل الإشارة إلى الإمالة الكبرى بالمُعَيَّن، وإلى الإمالة الصغرى بالنقطة] لكن، أحيانا تكُون الإمالة في الوقف فقط، كأنْ يُوقَفَ في بعض القراءات على الألف التي تُحذَفُ في الوصل لالتقاء الساكنين، نحو: (قُرًى) و(فَتًى)، ونحو: (وَتَرَى الشَّمْسَ)، أو يُوقف في قراءة الكسائي على بعض هاءات التأنيث، نحو: (حَبَّة) و(مَعِيشَة) و(رَحْمَة)، حيث يُميل الكسائي فتحةَ ما قبل الهاء وقفًا (بشروط معينة). ففي مثل هذه الحالات، لا تُوضَع نقطة الإمالة، لأن "الضبط مبني على الوصل"، كما رأيْنا في أول الحلقة السابقة. وهنا تؤخذ كيفية الوقف من أفواه الشيوخ، لا من طريقة الضبط. ج- ملحوظات 1- ليس لحفص من هذا الباب إلا موضع واحد، هو كلمة (مَجْر۪ٮٰهَا) [هُوَ يفتح الميم هنا] بسورة هود؛ فلقد قرأها بالإمالة الكبرى.2- أما ورش من طريق الأزرق، فله مواضع كثيرة، نحو: (مُجْر۪ٮٰهَا) [هُوَ يَضُمُّ الميم هنا] (وَالنَّه۪ارِ) (طه۪) ... إلخ؛ وقد قرأها كلها بالإمالة الصغرى، باستثناء فتحة الهاء من (طه۪)، فإن المشهور عنه فيه الإمالة الكبرى. -2- الإشمام سبق لي تناوُل أنواع الإشمام بتفصيل، في إجابة لي على سؤال لأحد الإخوة الأفاضل: ما معنى الإشمام عند النحاة؟ ولا بأس هنا من تلخيص بعض ما ذُكِرَ هناك، حتى يقترن بيانُ الضبط ببيان النطق. النوع الأول: المقصود: ضمُّ الشفتين بُعَيْدَ تسكين الحرف، كمن يريد النطق بضمة، من غير أن يظهر لذلك أثرٌ في النطق.إشمامُ السكونِ الضَّمَّ ولهذا النوع من الإشمام ثلاثة مواضع: 1- عند الوقف على حرف مضموم ضمة إعراب أو بِناءٍ، نحو: (نَسْتَعينُ)؛ إذ تجوز لكل القرّاء هُنا ثلاثةُ أوجه: السكون (أي: السكون الخالص المعروف)، والإشمام (أي: تسكين الحرف، وضَمُّ الشفتين بعد ذلك مباشرةً، من غير صوت)، والرّوْمُ (أي: الإتيان ببعض الحركة، أي: بجزء ضعيف منها). وهذا شريط يوضح فيه الدكتور أيمن رشدي سويد ذلك [ابتداءً من الدقيقة 15:20]: وليس لإشمام الوقف هذا أيُّ علامة في الضبط؛ لأن "الضبط مبني على الوصل". 2- عند الإدغام الكبير (وهو إدغام متحرك في متحرك آخر)، إذا كان المُدغَمُ مضموما في الأصل. وليس لهذه الحالة - في غير قراءة أبي عمرو البصري - غير موضع واحد، هو كلمة (تَأْمَـ۫ـنَّا) بسورة يوسف، وأصلُها: (تَأْمَنُنَا). فلقد قرأها أبو جعفر المدني بـالإدغام الخالص. وضبطها على قراءته واضح: (تَامَنَّا) [هو يُبْدِل الهمزة الساكنة ألِفًا]. أمّا باقي القراء العشرة، فلهم فيها وجهان: الإشمام (أي: الإشارة إلى الضمة حال الإدغام) والاختلاس (الذي قد يُسمَّى أيضا: الإخفاء أو الرَّوْم). وهذا شريط يوضح فيه الدكتور أيمن ذلك: وعلى الأخذ بوجه الإشمام، تُضبط هذه الكلمة – على المذهب الراجح المعتمد – بتشديد النون المفتوحة، مع وضع نقطة (أو مُعَيَّن) بين الميم والنون [المفروض أن توضع أمام النون الساكنة (تأثُّرًا بالضمة الدؤلية القديمة)، وقبل النون المفتوحة؛ ولكن هذا لا يتأتّى مع رسم نون واحدة مشددة]. وهذا بيان ذلك، بالطريقتَين [وإن كان المغاربة يفضلون الاختلاس]، وبقراءَتَيْ تحقيق الهمزة الساكنة وتخفيفها: 3- في موضعَيْن من سورة الكهف، على رواية شُعْبة عن عاصم: (مِن لَّدُنِهِ) و(مِن لَّدُنِي)؛ فقد قرأ شُعبة بسكون الدال مع إشمامها الضمَّ (وله في الموضع الثاني الاختلاس أيضا). وهذا شريط يوضح فيه الدكتور أيمن ذلك [ابتداءً من الدقيقة 52:00]: وعلى هذه الرواية، يكُون الضبط بوضع نقطة (أو مُعَيَّن) أمام الدال، تأثُّرًا بالضمة الدؤلية القديمة. وهذا بيان ذلك، بالطريقتَين: المقصود: النطق بحركة مركبة من ضمة وكسرة، إفرازًا (بأن تأتي بجزء قليل من الضمة أوّلاً، ثم بجزء كثير من الكسرة، وهذا هو الصحيح المعتمد)، وقيل: شُيُوعا (بأن تمزج الضم بالكسر من أوّل وهلة، فيأتي النطق شبيها بنطق الحرف u بالفرنسية أو الحرف ü بالألمانية، وهذا مذهب ضعيف). وقد ورد هذا النوع من الإشمام في بعض القراءات القرآنية، في الأفعال الماضية الثلاثية الجوفاء المبنية للمجهول: (قِيلَ) (وَغِيضَ) (وَجِيءَ) (وَحِيلَ) (وَسِيقَ) و(سِيءَ) و(سِيئَتْ). فكُلُّ فِعْلٍ منها يُقرأ حرفُهُ الأول بالإشمام في بعض القراءات [إشارةً إلى أن الأصل فيه الضم]، وبالكسرة الخالصة في القراءات الأخرى [لِمُناسبة الكسرِ الياءَ]. لنستمع الآن إلى الدكتور أيمن رشدي سويد، يرتل سورة المُلك برواية ورش عن نافع، مع وقفة يُبيّن فيها كيفية الإشمام الوارد في قوله تعالى: (فَلَمّا رَأَوْهُ زُلْفةً سيئَتْ وُجُوهُ الذينَ كَفَرُوا) [ابتداءً من الدقيقة 21:45] : ولنستمع الآن إلى الشيخ محمود الشيمي، يرتل سورة الفجر برواية الدوري عن الكسائي، مع الانتباه إلى الإشمام الوارد في قوله تعالى: (وَجيءَ يَوْمَئِذِ بِجَهَنّمَ) [ابتداءً من الدقيقة 2:45] : ب- كيفية ضبطه وهذه أمثلة لضبط هذا الإشمام في بعض القراءات، بالطريقتَين: ج- ملحوظات ليس لحفص من الباب أي موضع في القرآن الكريم. ولورش من هذا الباب: (س۫ـىٓءَ بِهِمْ) بِهود والعنكبوت، و(س۫ـيٓـءَـتْ) [الهمزة فوق الخط] بالمُلك. النوع الثالث: إشمامُ الصادِ الزَّايَ المقصود: نطق حرف الصاد مَشُوبًا بحرف الزاي. وقد ورد هذا في بعض القراءات القرآنية، في كلمة (صِراط)، وفي الصاد الساكنة قبل الدال نحو: (أَصْدَقُ) و(تَصْدِيقَ) و(يَصْدِفُونَ)، وفي (الْمُصَيْطِرُونَ) و(بِمُصَيْطِرٍ). لنستمع الآن إلى الشيخ أشرف عبد الباري، يرتل سورة الفاتحة برواية خَلَف عن حمزة، ولننتبه إلى طريقة التلفظ بالصاد في (الصِّرَاطَ) و(صِرَاطَ). وهذا النوع من الإشمام لا علاقة له بِموضوعنا (فنحن نتحدث عن الحركات، لا عن الحروف). -3- الاختلاس هو الإسراع بالنطق بالحركة. ويُقال لهُ أيضا: الإخفاء. وقد يقال له مجازا: الرَّوْمُ؛ ولكنه غير الرَّوْمِ الذي يكُون في الوقف.الاختلاس أ- تعريفه والفرق بينهما: * أن الاختلاس مختص بالوصل، والثابت فيه من الحركة أكثر من الذاهب (قدَّر بعضهم الثابت بثُلُثَيِ الحركة)، ويكُون في الحركات الثلاث. * وأما رَوْمُ الوقف، فهو مختص بالوقف، والثابت فيه من الحركة أقلُّ من الذاهب، ولا يكُون عند القُرَّاء إلا في الضمة والكسرة (أما النُّحاة فيُجيزونه في الفتحة أيضا). وقد ورد الاختلاس في بعض القراءات القرآنية، في أحرُفٍ مُعيَّنة، كاختلاس فتحة العين في (لا تَعَدُّوا في السَّبْتِ) [نحن لا نتحدث هنا عن رواية حفص، الذي يقرأ (لا تَعْدُوا)]، وكسرة العين في (نِعِمَّا)، وضمة الراء في (وَمَا يُشْعِرُكُمْ)، وكذا ضمة النون الأولى في (تَأْمَـۨـنَا)، وهو الوجه الثاني لغير أبي جعفر. وهذا شريط للدكتور أيمن يوضح ذلك [ابتداء من الدقيقة 14:00]: ب- طريقة ضبطه يُضبط الاختلاس بوضع نقطة (أو مُعَيَّن) فوق الحرف في حالة الفتحة المختلَسة، وأمامه في حالة الضمة المختلسة، وتحته في حالة الكسرة المختلسة، تأثُّرًا بالحركات الدؤلية القديمة. وهذه أمثلة لضبط الاختلاس في بعض القراءات، بالطريقتَين: وأما وجهُ الاختلاس في (تَأْمَـۨـنَا)، فيُضبط بكيفيات مختلفة، نكتفي منها بِما جرى عليه عَمَلُ المغاربة (مع ما يُقابله بطريقة المشارقة)، وذلك بإلحاقِ نُون صغيرة، توضع النقطةُ (أو المعيَّن) أمامها، مع عدم تشديد النون الثانية. دمتم بكل خير. م ن |
02-13-2021 | #2 |
إدارة قناة اليوتوب |
رد: ضبط المصحف [5] : الإمالة والإشمام والاختلاس نفع الله بك أختي ويعطيك العافية.. يارب ع الانتقاء القيم كل الشكر والتقدير جزاك الله كل خير |
|
02-14-2021 | #3 |
|
رد: ضبط المصحف [5] : الإمالة والإشمام والاختلاس شكرا لمرروك الذي عطر المكان ونشر بشذاه أركان موضوعي فبارك الله فيك |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 2 : | |
, |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
باب الوقف على أواخر الكَلِم .. (( الرَّوم والإشمام )) ج١ | هوازن الشريف | شعاع علم التجويد والقراءات | 1 | 04-11-2020 03:38 PM |
مسائل في الإمامة في الصلاة | أم يعقوب | شعاع الفقه | 11 | 01-13-2016 05:22 PM |
شعر وشعراء من قبيلة جهينة في العصر الجاهلي والإسلام | عطر الجنة | شعاع الأدب العربي | 3 | 10-20-2015 04:46 PM |
الرَّوم والإشمام...(( ماهو الإشمام؟)) د.أيمن سويد | هوازن الشريف | شعاع الصوتيات والمرئيات للدروس الدينيـة | 5 | 02-19-2015 07:25 PM |
قراءات ورش في باب الإمالة | عطر الجنة | قسم خاص بالورشيات | 4 | 01-28-2015 07:06 PM |