منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع القران الكريم وعلومه (https://hwazen.com/vb/f28.html)
-   -   قصة أصحاب الجنة (https://hwazen.com/vb/t21295.html)

عطر الجنة 02-20-2021 04:11 AM

قصة أصحاب الجنة
 


http://img-fotki.yandex.ru/get/4206/...de7726d_XL.png






من قصص القرآن العظيم قصة أصحاب الجنة التي قال الله فيها:

ضرب الله تعالى لهم مثلاً في قصة أصحاب الجنّة الذين اختبرهم – جلّ شأنه – بنعمة الثمرات والخيرات؛ فكان من شأنهم –
وقد كفروا بالنعم – ما هو من جنس كفرانهم: لعلّهم يعتبرون أو يكون ذلك ذكراً لهم وقد أنعم عليهم بالرسالة الخاتمة، فماذا كانت عاقبة كفران النعمة والعبث المزري لأولئك؟ ذلك ما أفصحت عنه الآيات الكريمات في سورة القلم.
في هذه السورة المباركة، وبعد ذكر مجموعة من مساوئ الأخلاق التي اتّسم بها سلوك واحد من زعماء المشركين البارزين، والكشف عن قوله إذا تليت عليه آيات الله (أساطير الأولين)، والعيد الشديد على صنيعه المردي: يقول الله تبارك وتعالى:

(إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلا يَسْتَثْنُونَ * فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ * فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ * أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ * فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ * أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ) القلم/ 17-24.

لقد أقسم أصحاب هذا البستان المشتمل على أنواع الفواكه والثمار: أن يقوموا بالقطاف ليلاً فيجذُّوا الثمر كلّه في نجوة من الناس، لكيلا يعلم بهم فقير أو مسكين، وبذلك لا ينتقص من محصول البستان شيء – على زعمهم – فلا عطاء ولا صدقة
ولا إحسان!! وكان حلفهم عاماً لم يستثنوا منه حالة من الحالات، ولا إنساناً – مهما كان شأن احتياجه من الناس؛ وذلك خلافاً
لخطة أبيهم الذي ورثوا عنه هذه النعماء، نعماء البستان الزاخر بالخيرات، فقد كان هذا الأب على السنن القويم كثير العطاء والبذل.

ولهذا – كما قال العلماء – حنَّثهم الله في إيمانهم
فقال جلّ شأنه (فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ) .
لقد أصابت جنتهم – بستانهم – الجائحة بقدرة الله تعالى وهم نائمون، فحرموا من خيراتها بذنبهم حين استجابوا لنداء الشيطان، وما زينت لهم الأهواء، فخافوا النقص إذا فعلوا الخير، بأن يجعلوا للفقير والسائل والمسكين نصيباً من الفاكهة والثمر.

وكان المفترض أن يشكروا نعمة الله عليهم، فيظلوا على نهج أبيهم السويِّ، لا أن يسفهوه بعد موته، ويقبضوا أيديهم عن البر.

لقد وقعوا في الإثم مرتين: مرة حين قبضوا أيديهم عن الإحسان، وأخرى حين خالفوا عن المسلك النيِّر الذي كان ديدنَ أبيهم كلما حان القطاف، وفي ذلك إغضاب وإساءة له بعد موته.

فقد استيقظوا مبكرين لإنفاذ ما ائتمروا به وأقسموا عليه، ونادى بعضهم بعضاً ليذهبوا إلى الجذاذ وهو القطع والقطاف، دليل الإصرار على الانحراف واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير.

ونلاحظ الأسلوب القرآني الفذّ في تصوير مشاعرهم وخلجات نفوسهم، حتى كأنّك تراهم أمامك – وهم على هذه الحال – شاخصين يتهامسون (فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ)، يتناجون فيما بينهم بحيث لا يُسمعون أحداً كلامهم. وبماذا يتخافتون؟ بعضهم لبعض: لا تمكنوا اليوم فقيراً يدخل عليكم، ولا تفسحوا المجال لمسكين يستشرف لأخذ شيء – مهما قلّ من الثمر. وهكذا يتخافتون ويتهامسون – بقسوة قلب – كأنهم كتلة تخافت وتهامست، معطّلةً عقولهم، مغشّى على قلوبهم بما سيطر عليهم من الشح الذميم

(أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ) وكانوا جادين فيما عزموا عليه، يحملون في دخيلة أنفسهم الكثير من الغيظ من أولئك الضعفاء المحتاجين.

وبذلك تجمعت أسباب أن يكونوا على قوة وشدة يستخدمونها لإنجاز أفكارهم المجافية لما ينبغي من عمل الخير، وتحصين النعمة بالشكران؛ ذلكم قوله تعالى: (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ)

ولكنهم فوجئوا بالمأساة الأليمة، مأساة استحالة النضارة في القطوف الدانية، والثمار الزكية الشهية إلى سواد مُدلِهم بشيء منه، بل هو – كما يوحي شكله المرهق – صورة غضب الله ومؤاخذته لهم على كفران النعمة، والمخالفة عن طريق أبيهم السويِّ: بما أقسموا على منع الخير، وقبض أيديهم عن عطاء من هم أهل للعطاء، وقطع رجائهم وقد تعودوا أن يكون لهم ذلك من قبل.

ولكن الله قادر على أن يحيي الأرض بعد موتها، ألان قلوبهم بعد قسوة، فأيقظهم المصاب من سبات الغفلة، فرجعوا إلى بارئهم معترفين بظلمهم، وأنّ ما جنته أيديهم كان الضلال المبين، راجين أن يبدلهم الله خيراً منها (فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ * قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ * عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ * كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)

هكذا كان العذاب في الدنيا حرماناً من الثمر كلّه بجانب ما حدث لهم من الهلع والاضطراب لثقل المفاجأة، ولعذاب الآخرة لمن يقع في مثل هذه الحمأة الظالمة أشد وأعتى. إنّ هذه القصة بما تحمل من العظة النافعة والعبرة الناجعة، تمثل – كما أسلفت من قبل – واحداً من المؤشرات في العهد المكي يقفنا على أهمية التكامل في المجتمع الإسلامي كما يراد له أن يكون. صحيح أنّ القصة بوقائعها العميقة المؤثرة حصلت لأناس كانوا قبلنا، ولكن عرضها بهذا الأسلوب المعجز مثلاً لموقف كفار قريش مع المعركة الفاصلة بين التوحيد والوثنية: دليل هذه الوجهة الإسلامية في البناء، بدءاً من داخل النفس، الوجهة التي أطلت تباشيرها قبل الهجرة، وقبل حيازة المسلمين سلطة التوجيه والحكم.

ألا وإنّ العبرة قائمة بذلك حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وطوبى للمعتبرين!








الساعة الآن 11:19 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)