منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع القران الكريم وعلومه (https://hwazen.com/vb/f28.html)
-   -   وقفات بلاغيه في سورة الانسان (https://hwazen.com/vb/t21447.html)

هوازن الشريف 03-19-2021 03:45 PM

وقفات بلاغيه في سورة الانسان
 
ï´؟إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ï´؟ظ£ï´¾ ï´¾ [الإنسان آية:ظ£]




https://www.youtube.com/watch?v=pTjHMGNdEmU

(إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً {3})
نلاحظ أنه كما قال تعالى في الآية السابقة (إنّا خلقنا) بالتوكيد وضمير التعظيم قال في هذه الآية أيضاً (إنا هديناه) بالتوكيد وضمير التعظيم

أي بإسناد الفعل إلى نفسه تعالى لأن الهداية أمر مهم وهي الغاية التي خُلق الإنسان
وقد تفوق خلق الإنسان.
والخلق لِعِلّة كما قال تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)
فإذا كان الخلق مؤكد فلا بد من أن تكون الهداية مؤكدة
وكما أسند تعالى الخلق إلى نفسه في آية سورة الإنسان (إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج)
أسند الهداية إلى نفسه أيضاً في قوله (إنا هديناه السسبيل)
ومن ناحية أخرى فإن المنهج الصحيح لا يستطيعه أحد إلا الله تعالى
ولا يُنسب إلا إلى الله تعالى ولو تُرِك الناس إلى عقولهم لأصبحوا شيعاً وأحزاباً كلٌ يختار ما يشاء،
إذن الطريق الصحيح للهداية لا يستطيعه إلا الله تعالى لأنه هو الذي خلق وهو أعلم بمصالح العباد.

(إنا هديناه السبيل) عدّى الفعل بنفسه وفعل هدى قد يتعدى بنفسه كقوله (إهدنا الصراط المستقيم) وقد يتعدى بـ (إلى)
كما في قوله تعالى (يهدي إلى الحق) بمعنى يدلّه ويرشده إليه،

وقد يتعدّى باللام كما في قوله (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) و قوله (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم)
وقد تكلمنا باستفاضة عن فعل هدى في شرح سورة الفاتحة
. وفي هذه الآية قال تعالى (إنا هديناه السبيل) لأن التعدية بالفعل بإلى تقال لمن لم يكن في الطريق فتدله وترشده إليه

فإذا وصل إلى الطريق يحتاج لمن يعرّفه به وبماذا في الطريق فحينها يتعدى الفعل باللام أما تعدية الفعل بدون حرف جر فتقال لمن كان في الطريق

فتبين له مراحل في الطريق ومن لم يكن في الطريق أو كان بعيداً عنها فترشده اليها وتدله إليها.

وقال تعالى مخاطباً رسوله صلى الله عليه وسلم
(ويهديك صراطاً مستقيما) والرسول صلى الله عليه وسلم سلك الطريق وقال تعالى على لسان الرسل (وقد هدانا سبلنا)
وهم أيضاً كانوا في الطريق.
وقال تعالى (فاتبعني أهدك صراطاً سويا) في خطاب ابراهيم ïپµ لأبيه
الذي لم يكن في الطريق وكذلك قال تعالى مخاطباً المنافقين (ولهديناهم صراطاً مستقيما).

إذن عدم تعدية الفعل في الآية بحرف جر جمعت المعنيين

وبذلك أتمّ تعالى نعمته على الإنسان بأن يدلّه ويرشده إلى الطريق
لما كان بعيداً عنها ويبيّن له معالم ومراحل الطريق عندما يصل إليها
وقامت الحجة على الجميع إذن فالله تعالى يستحق الشكر على ذلك.
(إما شاكراً وإما كفورا): شاكراً صيغة إسم فاعل
وكفورا صيغة مبالغة لم يجعلهما على نمط واحد لم يقل إما شاكراً وإما كافراً أو إما شكوراً وإما كفورا.

لأن الشكور قليل مصداقاً لقوله تعالى (وقليل من عبادي الشكور)
ول قال تعالى شكورا لكان أخرج من بينهم الشاكرين وهم الأكثر
فالآية حينها لن تشكل مجموعة الخلق الشاكرين.
وكذلك لم يقل كافراً (اسم فاعل) لأن الكافر لم يستعملها القرآن الكريم مقابل الشاكر وإنما بمقابل المؤمن
(فمنكم كافر ومنكم مؤمن) إذن لا تصح المقابلة (شاكرا) و(كافرا) لأن القرآن لم يستعملها هكذا.

صيغة كفور يستعملها القرآن لأمرين :

للكافر المبالغ في الكفر (إن الإنسان لكفور مبين) (وكذلك نجزي كل كفور)
ولجاحد النعمة غير الشاكر (إما شاكراً وإما كفورا) (وكان الشيطان لربه كفورا).

وهنا يأتي سؤال:

كي تكون كفرواً بمعنى غير شاكر في قوله تعالى (وكان الشيطان لربه كفورا)؟
يدل على ذلك اللام في (لربه) لأن الكفر المقابل للإيمان يُعدّى بالباء لا باللام كما في قوله تعالى (إن الذين يكفرون بالله ورسوله) (وكانوا بشركائهم كافرين)
فلا نقول يكفر لله وإنما يكفر بالله.

وكذلك الكفر المقابل للشكر لا يُعدّى باللام فكفران النعمة يتعدى بنفسه (فاشكروا لي ولا تكفرون)
بمعنى كفر النعمة أو كفر صاحب النعمة (وإن كفرتم) إذن ما هي اللام في (لربه)؟

اللام هنا هي لام التقوية إذا جئنا بصيغة المبالغة أو اسم الفاعل هذا الفعل الذي يتعدى بنفسه يمكن إضافة لام التقوية له كما
في قوله تعالى (وهو الحق مصدقاً لما معه) فعل صدّق يتعدى بنفسه واللام للتقوية وكذلك قوله تعالى )فعّال لما يريد)
أي فعّال ما يريد. إذا تأخر الفعل أو كان مصدراً أو صيغة مبالغة قد يُؤتى باللام المقوّية كما جاء في قوله تعالى (وكان الشيطان لربه كفورا).


أمر آخر أنه تعالى اختار الشكر على الإيمان في آيات أخرى

منها قوله تعالى في سورة التغابن (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {2})
أما في آية سورة الإنسان اختار الشكر مع كفران النعمة لأن نعمة الخلق والهداية لا تقتضي الإيمان فقط وإنما تقتضي الشكر
لأنه لما أنعم تعالى على الإنسان بالسمع والبصر والعقل والإختيار والهداية كل هذه نعم تقتضي الشكر
فهو الإيمان وزيادة في الآية السابقة في سورة التغابن ذكر تعالى نعمة الخلق فقط
أما في سورة الإنسان ذكر الخلق والهداية فكما زاد وتفضّل بأن جعل الخلق وزيادة ينبغي أن تكون الزيادة أيضاً فذكر الشكر وزيادة.

(إنا خلقنا) لم يكتف بذلك بل قال (سميعاً بصيرا)
وجعل له عقلاً واختياراً لذا يقتضي الإيمان وزيادة ثم النعم مثل قوله (هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة)
فالنعمة تقتضي الشكر وليس مجرد الإيمان ومسألة الشكر والإيمان مناسب لجوّ السورة
فقد جاء في سورة الإنسان قوله تعالى (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً {9})
وقوله تعالى (إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً {22})
فذكر الشكر مناسب من جهة السياق ومن ناحية جو السورة الكلي .
وهناك أمر آخر حسّن اختيار الشكر (إنا هديناه السبيل)
والسبيل هي الطريق المسلوكة الميسّرة السهلة وهناك فرق بينها وبين النجد (وهديناه النجدين)
فربنا هدانا السبيل الميسرة للهداية وكونها ميسرة يستدعي الشكر
ولما قال (وهديناه النجدين) أتبعها بقوله تعالى (ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ {17})
التواصي بالصبر لأن سلوك النجدين يحتاج لمجاهدة وصبر أما هداية السبيل الميسرة فتحتاج إلى شكر.

إضافة إلى ما سبق من أين ما نظرنا فالسياق يستدعي الشكر.

وقد يرد السؤال:

لماذا قدّم الشاكر على الكفور؟
قدّم الشكر لأنه قدّم ما يستدعي الشكر (النعم التي ذكرها)
ثم أنه في السورة أفاض في ذكر جزاء الشاكرين في سبع عشرة آية من الآية
(إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً {5}) إلى قوله (إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً {22})
في نهاية الآية بينما اختصر في عقاب الكافرين ولم يذكرهم إلا في آية واحدة هي
(إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا وَأَغْلَالاً وَسَعِيراً {4})

إذن
الإفاضة في ذكر جزاء الجنة وذكر الشاكرين اقتضى تقديم الشاكرين على الكافرين،
وهناك أمر آخر أنه تعالى قدّم الرحمة على العذاب في آخر السورة أيضاً (يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً {31})

لذا بدأ بالشاكرين (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً {3})

فأول السورة وآخرها على نفس النسق. ثم إن هذا التقديم (الشاكر على الكفور)
هو نظير ما تقدم في القرآن فحيثما اجتمع الشكر والكفر قدم الشكر على الكفر (ليبلوني أأشكر أم أكفر)
(ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر) (واشكروا لي ولا تكفرون)

إلا في آية واحدة فقط في سورة الزمر (إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ {7})

والسبب في ذلك أنه تقدم ذكر الكفر والكافرين في سورة الزمر (أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ {3})

فناسب سياق السورة تقديم الكفر على الشكر وكذلك في آخر السورة ذكر عقاب الكافرين أولاً
(وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ {71})

ثم جزاء الشاكرين (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ {73}). وقد قال الرازي إن القرآن كله كالسورة الواحدة بل كالآية الواحدة بل الكلمة الواحدة.

عطر الجنة 03-19-2021 10:13 PM

رد: وقفات بلاغيه في سورة الانسان
 
بارك الله فيك وبك أ. هوازن
على سمو ماطرحته
وتسلم يديك..
مانحرم من ابداعك

جزاك الله خيرا ع جهودك


الساعة الآن 05:50 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)