منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع الأدب العربي (https://hwazen.com/vb/f19.html)
-   -   الأمالي في لغة العرب للبغدادي (https://hwazen.com/vb/t21874.html)

إسمهان الجادوي 08-23-2021 02:40 PM

رد: الأمالي في لغة العرب للبغدادي
 

( فحسبي بقاء الله من كل ميت ** وحسبي حياة الله من كل هالك )
( لقد ذاق هذا الموت من كان قبلنا ** ونحن نذوق الموت من بعد ذلك )
( فإن مت فاذكرني بذكر محبب ** فقد كان جما في رضاك مسالكي )
( وإلا ففي دبر الصلاة بدعوة ** يلقى بها المسجون في نار مالك )
( عليك سلام الله حيا وميتا ** ومن بعد ما تحيا عتيقا لمالك )
ثم دخل عليه أبو المنذر يعلى بن مخلد المجاشعي وقال كيف ترى ما بك يا حجاج من غمرات الموت وسكراته فقال يا يعلى غما شديدا وجهدا جهيدا وألما مضيضا ونزعا جريضا وسفرا طويلا وزادا قليلا فويلي ويلي إن لم يرحمني الجبار فقال له يا حجاج إنما يرحم الله من عباده الرحماء الكرماء أولى الرحمة والرأفة والتحنن والتعطف على عباده وخلقه أشهد أنك قرين فرعون وهامان لسوء سيرتك وترك ملتك وتنكبك عن قصد الحق وسنن المحجة وآثار الصالحين قتلت صالحي الناس فأفنيتهم وأبرت عترة التابعين فتبرتهم وأطعت المخلوق في معصية الخالق وهرقت الدماء وضربت الأبشار وهتكت الأستار وسست سياسة متكبر جبار لا الدين أبقيت ولا الدنيا أدركت أعززت بني مروان وأذللت نفسك وعمرت دورهم وأخربت دارك فاليوم لا ينجونك ولا يغيثونك إذ لم يكن لك في هذا اليوم ولا لما بعده نظر لقد كنت لهذه الأمة اهتماما واغتماما وعناء وبلاء فالحمد لله الذي أراحها بموتك وأعطاها مناها بخزيك ( قال ) فكأنما قطع لسانه عنه فلم يحر جوابا وتنفس الصعداء وخنقته العبرة ثم رفع رأسه فنظر إليه وأنشأ يقول
( رب إن العباد قد أيأسوني ** ورجائي لك الغداة عظيم )
( قال ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا الحسن بن خضر عن أبيه عن بعض ولد علي رضي الله تعالى عنه قال كان علي يعلم أصحابه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ويقول

اللهم داحي المدحوات وبارئ المسموكات وجبار القلوب على فطرتها شقيها وسعيدها اجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك ورأفة تحننك على محمد عبدك ورسولك الخاتم لما سبق والفاتح لما أغلق والمعلن الحق بالحق والدامغ لجيشات الأباطيل كما حمل فاضطلع بأمرك بطاعتك مستوفزا في مرضاتك بغير نكل في قدم ولا وهي في عزم واعيا لوحيك حافظا لعهدك ماضيا على نفاذ أمرك حتى أورى قبسا القابس آلاء الله تصل بأهله أسبابه به هديت القلوب بعد خوضات الفتن ووضحت أعلام الإسلام ومنيرات الأحكام فهو أمينك المأمون وخازن علمك المخزون وشهيدك يوم الدين وبعيثك نعمه ورسولك بالحق رحمه اللهم افسح له في عدنك منفسحا واجزه مضاعفات الخير من فضلك مهنآت غير مكدرات من فوز ثوابك المحلول وجزيل عطائك المعلول اللهم أعل على بناء الناس بناءه وأكرم لديك مثواه وأتمم له نوره وأجزه من ابتعاثك له مقبول الشهادة ومرضي المقالة ذا منطق عدل وخطة فصل وبرهان عظيم ( قال ) وحدثنا أبو عمر قال أخبرنا الغطفاني عن رجاله قال سئل أبو عبد الله جعفر بن محمد بن علي رضي الله عنهم عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن قال فأدار دارة كبيرة وأدار في وسطها دارة صغيرة وقال الكبيرة هي الإسلام والصغيرة هي الإيمان فإذا زنى خرج في ذلك الوقت من الإيمان إلى الإسلام فإن كفر خرج من الدارة الكبيرة إلى الشرك والكفر والعياذ بالله
وقرأنا على أبي الحسن قال قال أبو محلم حدثني وكيع بن الجراح وأبو نعيم قالا حدثنا زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي قال قال علي ابن أبي طالب رضي الله عنه أشد جنود ربك عشرة الجبال الرواسي والحديد يقطع الجبال والنار تذيب الحديد والماء يطفئ النار والسحاب المسخر بين السماء والأرض يحمل الماء والريح تقطع السحاب وابن آدم يغلب الريح يستتر بالثوب أو الشيء ويمضي لحاجته والسكر يغلب ابن آدم والنوم يغلب السكر والهم يغلب النوم فأشد خلق الله عز وجل الهم قال

أبو محلم ) أخبرني معتمر بن سليمان التميمي قال لما جيء بالشجاء وكانت امرأة من الخوارج إلى زياد قال لها ما تقولين في أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه قالت ماذا أقول في رجل أنت خطيئة من خطاياه فقال بعض جلسائه أيها الأمير أحرقها بالنار وقال بعضهم اقطع يديها ورجليها وقال بعضهم اسمل عينيها فضحكت حتى استلقت وقالت عليكم لعنة الله فقال لها زياد مم تضحكين قالت كان جلساء فرعون خيرا من هؤلاء قال لها ولم قالت استشارهم في موسى فقالوا أرجه وأخاه وهؤلاء يقولون اقطع يديها ورجليها واقتلها فضحك منها وخلى سبيلها ( قال ) وقال حدثنا أبو محلم قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال قال الحجاج بن يوسف لعلي بن الحسين رضي الله عنهما أنتم كنتم أكرم عند شيخكم من آل الزبير عند شيخهم قال عمرو وذاك أنه لم يشهد الطف أحد من بني هاشم أطاقت يده حمل حديدة إلا قتل قتل الحسين وقتل الحجاج عبد الله بن الزبير وطاف من العشي بين عباد وعامر ابن عبد الله واضعا يديه عليهما ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو الحسن جحظة قال قال الشعبي ما لقينا من علي رضي الله عنه أن أحببناه قتلنا وإن أبغضناه كفرنا ( قال ) وحدثنا أبو بكر بن أبي الأزهر قال حدثنا الزبير قال أخبرنا ابن ميمون عن أبي مالك قال قال ابن هرمة
( مهما ألام على حبهم ** فإني أحب بني فاطمه )
( بني بنت من جاء بالمحكمات ** والدين والسنن القائمه )
فلقيه بعد ذلك رجل فسأله من قائلها فقال من عض أمه فقال له ابنه يا أبت ألست قائلها قال بلى قال فلم تشتم نفسك قال أليس الرجل يعض بظر أمه خيرا له من أن يأخذه ابن قحطبة ( قال ) وأخبرنا محمد بن أبي الأزهر قال حدثنا الزبير قال حدثنا أبو زيد عمر بن شبة قال حدثنا سعيد بن عامر الضعي عن جويرية بن أسماء قال لما أراد معاوية البيعة ليزيد ولده كتب إلى مروان وهو عامله على المدينة فقرأ كتابه وقال إن أمير المؤمنين قد كبر سنه

ودق عظمه وقد خاف أن يأتيه أمر الله تعالى فيدع الناس كالغنم لا راعي لها وقد أحب أن يعلم علما ويقيم إماما فقالوا وفق الله أمير المؤمنين وسدده ليفعل فكتب بذلك إلى معاوية فكتب إليه أن سم يزيد قال فقرأ الكتاب عليهم وسمى يزيد فقال عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما فقال كذبت والله يا مروان وكذب معاوية معك لا يكون ذلك لا تحدثوا علينا سنة الروم كلما مات هرقل قام مكانه هرقل فقال مروان أن هذا الذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج قال فسمعت ذلك عائشة رضي الله تعالى عنها فقالت ألابن الصديق يقول هذا استروني فستروها فقالت كذبت والله يا مروان إن ذلك لرجل معروف نسبه قال فكتب بذلك مروان إلى معاوية فأقبل فلما دنا من المدينة استقبله أهلها فيهم عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير والحسين بن علي وعبد الرحمن بن أبي بكر رضوان الله عليهم أجمعين فأقبل على عبد الرحمن بن أبي بكر فسبه وقال لا مرحبا بك ولا أهلا فلما دخل الحسين عليه قال لا مرحبا بك ولا أهلا بدنة يترقرق دمها والله مهريقه فلما دخل ابن الزبير قال لا مرحبا بك ولا أهلا ضب تلعة مدخل رأسه تحت ذنبه فلما دخل عبد الله بن عمر قال لا مرحبا بك ولا أهلا وسبه فقال إني لست بأهل لهذه المقالة قال بلى ولما هو شر منها قال فدخل معاوية المدينة وأقام بها وخرج هؤلاء الرهط معتمرين فلما كان وقت الحج خرج معاوية حاجا فأقبل بعضهم على بعض فقالوا لعله قد ندم فأقبلوا يستقبلونه قال فلما دخل ابن عمر قال مرحبا بك وأهلا بك يا ابن الفاروق هاتوا لأبي عبد الرحمن دابة وقال لإبن أبي بكر مرحبا بابن الصديق هاتوا له دابة وقال لإبن الزبير مرحبا بابن حواري رسول الله هاتوا له دابة وقال للحسين مرحبا بابن رسول الله هاتوا له دابة وجعلت ألطافه تدخل عليهم ظاهرة يراها الناس ويحسن إذنهم وشفاعتهم قال ثم أرسل إليهم فقال بعضهم لبعض من يكلمه فأقبلوا على الحسين فأبى فقالوا لإبن الزبير هات فأنت صاحبنا قال على أن تعطوني عهد الله أن لا أقول شيأ إلا تابعتموني عليه قال فأخذ عهودهم رجلا رجلا ورضي من ابن عمر بدون

ما رضى به من صاحبيه قال فدخلوا عليه فدعاهم إلى بيعة يزيد فسكتوا فقال أجيبوني فسكتوا فقال أجيبوني فسكتوا فقال لإبن الزبير هات فأنت صاحبهم قال اختر منا خصلة من ثلاث قال إن في ثلاث لمخرجا قال أما أن تفعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ماذا فعل قال لم يستخلف أحدا قال وماذا قال أو تفعل كما فعل أبو بكر قال فعل ماذا قال نظر إلى رجل من عرض قريش فولاه قال وماذا قال أو تفعل كما فعل عمر بن الخطاب قال فعل ماذا قال جعلها شورى في ستة من قريش قال ألا تسمعون أني قد عودتكم على نفسي عادة وإني أكره أن أمنعكموها قبل أن أبين لكم إن كنت لا أزال أتكلم بالكلام فتعترضون علي فيه وتردون علي وإني قائم فقائل مقالة فإياكم أن تعترضوا حتى أتمها فإن صدقت فعلى صدقي وإن كذبت فعلى كذبي والله لا ينطق أحد منكم في مقالتي إلا ضربت عنقه ثم وكل بكل رجل من القوم رجلين يحفظانه لئلا يتكلم وقام خطيبا فقال أن عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير والحسين بن علي وعبد الرحمن بن أبي بكر قد بايعوا فبايعوا فانجفل الناس عليه يبايعونه حتى إذا فرغ من البيعة ركب نجائبه فرمى إلى الشام وتركهم فأقبل الناس على الرهط يلومونهم فقالوا والله ما بايعنا ولكن فعل بنا وفعل
وحدثنا اسحق قال كان أشعب إذا حدث عن عبد الله بن عمر يقول قال حبيبي عبدالله وكان يبغضني في الله قال اسحق قال ابن أبي عتيق رضي الله تعالى عنهما دخلت على أشعب يوما وعنده متاع حسن وأثاث فقلت أما تستحي أن تطلب من الناس وعندك مثل هذا فقال يا فديتك معي من لطف المسئلة ما لا تطيب نفسي بتركه وكان يقول أنا أطمع وأمي تتيقن فإذا اجتمع طمعي ويقين أمي فقل ما يفلتنا
( مجلس ) أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد قال أخبرني عمي عن أبيه عن ابن الكلبي عن أبيه قال وفد عامر بن جوين الطائي على المنذر بن النعمان الأكبر جد النعمان بن المنذر وذلك بعد انقضاء ملك كندة ورجوع الملك إلى لخم وكان عامر قد أجار امرأ القيس ابن حجر أيام كان مقيما بالجبلين وقال كلمته التي يقول فيها


( هنالك لا أعطي مليكا ظلامة ** ولا سوقة حتى يؤب ابن مندله )

إسمهان الجادوي 08-23-2021 02:40 PM

رد: الأمالي في لغة العرب للبغدادي
 
وكان المنذر ضغنا عليه فلما دخل عليه قال له يا عام لساء مثوى أثويته ربك وثويك حين حاولت إصباء طلته ومخالفته إلى عشيره أما والله لو كنت كريما لأثويته مكرما موقرا ولجانبته مسلما فقال له أبيت اللعن لقد علمت ابناء أدد إني لأعزها جارا وأكرمها جوارا وأمنعها دارا ولقد أقام وافرا وزال شاكرا
فقال له المنذر يا عام وإنك لتختال هضيبات أجأ ذات الوبار وأفنيات سلمى ذات الأغفار مانعاتك من المجر الجرار ذي العدد الكثار والحصن والمهار والرماح الحرار وكل ماضي الغرار بيد كل مسعر كريم النجار
قال له عامر أبيت اللعن إن بين تلك الهضيبات والرعان والشعاب والمصدان لفتيانا أبطالا وكهولا أزوالا يضربون القوانس ويستنزلون الفوارس بالرماح المداعس لم يتبعوا الرعاء ولم ترشحهم الإماء فقال الملك يا عام لو قد تجاوبت الخيل في تلك الشعاب صهيلا وكانت الأصوات قعقعة وصليلا وفغر الموت وأعجز الفوت فتقارشت الرماح وحمي السلاح لتساقى قومك كأسا لا صحو بعدها فقال مهلا أبيت اللعن أن شرابنا وبيل وحدنا أليل ومعجمنا صليب ولقاءنا مهيب فقال له يا عام انه لقليل بقاء الصخرة الصراء على وقع الملاطيس فقال أبيت اللعن أن صفاتنا عبر المراديس فقال لأوقظن قومك من سنة الغفلة ثم لأعقبنهم بعدها رقدة لا يهب راقدها ولا يستيقظ هاجدها فقال له عامر أن البغي أباد عمرا وصرع حجرا وكانا أعزمنك سلطانا وأعظم شأنا وأن لقيتنا لم تلق أنكاسا ولا أغساسا فهبش

وضائعك وصنائعك وهلم إذا بدا لك فنحن الألى قسطوا على الأملاك قبلك ثم أتى راحلته فركبها وأنشأ يقول هذه الأبيات
( تعلم أبيت اللعن أن قناتنا ** تزيد على غمز الثقاف تصعبا )
( أتوعدنا بالحرب أمك هابل ** رويدك برقا لا أباك خلبا )
( إذا خطرت دوني جديله بالقنا ** وحامت رجال الغوث دوني تحدبا )
( أبيت التي تهوى وأعطيتك التي ** تسوق إليك الموت أخرج أكهبا )
( فإن شئت أن تزدارنا فأت تعترف ** رجالا يذيلون الحديد المعقربا )
( وأنك لو أبصرتهم في مجالهم ** رأيت لهم جمعا كثيفا وكوكبا )
( وذكرك العيش الرخي جلادهم ** وملهى بأكناف السدير ومشربا )
( فأغض على غيظ ولا ترم التي ** تحكم فيك الزاعبي المحربا )
( قال أبو علي ) وأخبرنا أبو عثمان قال أخبرني التوزي عن أبي عبيدة قال قدم متمم بن نويرة على عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وكان به معجبا فقال يا متمم ما يمنعك من التزويج لعل الله أن ينشر منك ولدا فإنكم أهل بيت قد درجتم فتزوج امرأة من أهل المدينة فلم تحظ عنده ولم يحظ عندها فطلقها ثم قال
( أقول لهند حين لم أرض عقلها ** أهذا دلال العشق أم أنت فارك )
( أم الصرم ما تهوى فكل مفارق ** علي يسير بعد ما بان مالك )
فقال له عمر ما تنفك تذكر مالكا على كل حال فلم يمض لهذا الأمر إلا قليل حتى طعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ورحمه ومتمم بالمدينة فقال يرثى عمر رضي الله عنه
( يسألني ابن بجير أين أبكره ** عني فإن فؤادي عنك مشغول )
( هلا بيوم أبي حفص ومصرعه ** أن بغاءك ما ضيعت تضليل )
( أن الرزيئة فابكه ولا تسمن ** عبء تطيف به الأنصار محمول )


( قال أبو علي ) وأخبرنا أبو عثمان قال أخبرني التوزي عن أبي عبيدة قال كان مرة بن محكان جوادا قال أبو بكر بن دريد أحسبه عنبريا فحمل حمالات فعجز عنها فحبسه عبيد الله بن زياد فقال الأبيرد في ذلك
( أبلغ عبيد الله عني رسالة ** رسالة قاض بالفرائض عالم )
( فإن أنت عاقبت ابن محكان في الندى ** فعاقب هداك الله أعظم حاتم )
( حبست كريما أن يجود بمساله ** سعى في ثأى في قومه متفاقم )
( كأن دماء القوم إذ علقت به ** على مكفهر من ثنايا المخارم )
( قال أبو بكر ) أخبرني عمي عن أبيه عن ابن الكلبي عن أبيه قال قتل الشيظم بن الحرث الغساني رجلا من قومه وكان المقتول ذا أسرة فخافهم فلحق بالعراق أو قال بالحيرة متنكرا وكان من أهل بيت الملك فكان يتكفف الناس نهاره ويأوي إلى خربة من خراب الحيرة فبينا هو ذات يوم في تطوافه إذ سمع قائلا يقول
( لحى الله صعلوكا إذا نال مذقة ** توسد إحدى ساعديه فهوما )
( مقيما بدار الهون غير مناكر ** إذا ضيم أغضى جفنه ثم برشما )
( يلوذ بآذراء المثاريب طامعا ** يرى المنع والتعبيس من حيث يمما )
( يضن بنفس كدر البؤس عيشها ** وجود بها لو صانها كان أحزما )
( فذاك الذي إن عاش عاش بذلة ** وإن مات لم يشهد له الناس مأثما )
( بأرضك فاعرك جلد جنبك إنني ** رأيت غريب القوم لحما موضما )
فكأنه نبهه من رقدة فأقبل على صاحب خيل المنذر فأقام عنده أياما وقال له إني رجل من أهل خيبر أقبلت إلى هذه البلدة بتجارة فأصبت بها ولي بصر بسياسة الخيل فاصطنعني فضمه إلى بعض أصحابه حتى وافق غرة من القوم فركب فرسا جوادا من خيل المنذر وخرج من الحيرة يتعسف الأرض حتى نزل بحي من بهراء فأخبرهم بشأنه فأعطوه زادا

ورمحا وسيفا وخرج حتى أتى الشأم فصادف الملك متبديا وكان إذا تبدى لا يحجب أحد عنه فأتى قبة الملك فقام قريبا منه وأنشأ يقول
( يا صاحب الخيل الجياد المقربه ** وصاحب الكتيبة المكوكبه )
( والقبة المنيعة المحجبه ** وواهب المضمرة المرببه )
( والكاعب البهكنة المؤتبه ** والمائة المدفأة المنتخبه )
( والضارب الكبش فويق الرقبه ** تحت عجاج الكبة المكتبه )
( هذا مقام من رأى مطلبه ** لديك إذ عمى الضلال مذهبه )
( وخال أن حتفه قد كربه ** )
فأذن له الملك فدخل عليه وقص قصته فقال له الملك أنى لحلمك يا شيظم أن يثوب ولنوارك أن يؤوب ثم بعث إلى أولياء المقتول فأرضاهم عن صاحبهم ( قال أبو علي ) وحدثني أبو بكر قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال قال أعرابي لإبن عمه اطلب لي امرأة بيضاء مديدة فرعاء جعدة تقوم فلا يصيب قميصها منها إلا مشاشتي منكبيها وحلمتي ثدييها ورانفتي أليتيها ورضافي ركبتيها إذا استلقت فرميت تحتها بالأترجة العظيمة نفذت من الجانب الآخر فقال وأنى بمثل هذه إلا في الجنان
( مجلس في صفة الأسد ) قال أبو علي أخبرنا أبو بكر بن دريد قال أخبرنا الأشنانداني عن التوزي عن أبي عبيدة قال اجتمع عند يزيد بن معاوية أبو زبيد الطائي وجمل بن معمر العذري والأخطل التغلبي فقال لهم أيكم يصف الأسد في غير شعر فقال أبو زبيد أنا يا أمير المؤمنين لونه ورد وزئيره رعد وقال مرة أخرى زغد ووثبه شد وأخذه جد وهوله شديد وشره عتيد ونابه حديد وأنفه أخثم وخده أدرم ومشفره أدلم وكفاه عراضتان ووجنتاه ناتئتان وعيناه وقادتان كأنهما لمح بارق أو نجم طارق إذا استقبلته قلت أفدع وإذا استعرضته قلت أكوع

وإذا استدبرته قلت أصمع بصير إذا استغضى هموس إذا مشى إذا قفى كمش وإذا جرى طمش براثنه شثنه ومفاصله مترصه مصعق لقلب الجبان مروع لماضي الجنان إن قاسم ظلم وإن كابردهم وإن نال غشم ثم أنشأ يقول
( خبعثن أشوس ذو تهكم ** مشتبك الأنياب ذو تبرطم )
( وذو أهاويل وذو تجهم ** ساط على الليث الهزبر الضيغم )
( وعينه مثل الشهاب المضرم ** وهامه كالحجر الململم )
فقال حسبك يا أبا زبيد ثم قال قل يا جميل فقال يا أمير المؤمنين وجهه فدغم وشدقه شدقم ولعزه معرنزم مقدمه كثيبف ومؤخره لطيف ووثبه خفيف وأخذه عنيف عبل الذراع شديد النخاع مرد للسباع مصعق الزئير شديد المرير أهرت الشدقين مترص الحصرين يركب الأهوال ويهتصر الأبطال ويمنع الأشبال ما إن يزال جاثما في خيس أو رابضا على فريس أو ذا ولغ ونهيس ثم قال
( ليث عرين ضيغم غضنفر ** مداخل في خلقه مضبر )
( يخاف من أنيابه ويذعر ** ما أن يزال قائما يزمجر )
( له على كل السباع مفخر ** قضاقض شثن البنان قسور )
فقال حسبك يا ابن معمر ثم قال قل يا أخطل فقال ضيغم ضرغام غشمشم همهام على الأهوال مقدام وللأقران هضام رئبال عنبس جريء دلهمس ذو صدر مفردس ظلوم أهوس ليث كروس
( قضاقض جهم شديد المفصل ** مضبر الساعد ذو تعثكل )
( شرنبث الكفين حامي أشبل ** إذا لقاه بطل لم ينكل )
( ململم الهامة كمش الأرجل ** ذو لبد يغتال في تمهل )


( أنيابه في فيه مثل الأنصل ** وعينه مثل الشهاب المشعل )
فقال له حسبك وأمر لهم بجوائر وأنشد أبو علي لجميل بن معمر
( سقى الله جيراني الذين تحملوا ** بمرتجس أضحى بذي الرمث يهطل )
( له سلف منه بنجد مريم ** ومنه عشار في تهامة بهل )
( ولولا ابنة العذري ما بت موهنا ** لبرق عنا من نحوها يتهلل )
( قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا العكلي قال حدثني حاتم بن قبيصة قال أغزى زياد ابنه عباد لفارس وأصحبه المهلب ففتح فبينا هم كذلك إذ جاءهم فتى شاب بفرس يقوده إلى المهلب فقال أيها الأمير أحب أن تقبل مني هذا الفرس فإنه من شر خيلنا فقبله المهلب منه فلما ذهب الفتى نظر إليه المهلب وحركه فقال والله ما أرى فيه ما قال ولا أحسبه إلا تعرض لصلتنا فأمر له بوصيفتين فحملتا على الفرس ورده إلى الشاب فقبل الوصيفتين ورد الفرس إلى المهلب فكان في خيله وكان داود بن قحدم القيسي أحد بني قيس بن ثعلبة نشأ في حجر المهلب وكان يلي القيام على خيله فقد مواشيراز وبها حمران ابن أبان واليا عليها وعلى فارس فقال لهم هل لكم في السباق فقال عباد ونحن على ظهرها فقال المهلب أجلنا أجلا فقال كم تريدون قال أربعين يوما قال نعم فعلفها الرطاب عشرين وأضمرها عشرين فقال داود بن قحدم للمهلب أن الفرس الذي أهداه الشاب إلينا لا والله ما أضمه إلى شيء من خيلنا إلا سبقه فقال المهلب لعله فرس منزاق يصبر في القرب ولا يصبر إذا بعدت الغاية قال لا أدري قال لا ترسله حتى أجيء قال فأمر المهلب بلقحة تحلب والفرس يسمع فلما سمع صوت الحلاب أصاخ بسمعه حتى أدنيت منه العلبة فشربها فلما رأى المهلب ذلك قال لداود لا ترسل الخيل حتى تعلم أنه قد

توسط الميدان فاستهان داود بالفرس فحمل عليه شابا فقال المهلب والله لقد مر بي سابقا وما أرى معه من الخيل واحدا قال فأخذه عباد بن المهلب فحمله إلى الشام وأهداه إلى معاوية وسمى الأعرابي فسبق خيل الشام فذلك قال عبد الملك بن مروان
( سبق عباد وصلت لحيته ** وكان خرازا تجود قربته )
( قال ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو حاتم قال حدثنا الأصمعي قال جئت إلى أبي عمرو بن العلاء فقال لي من أين أقبلت يا أصمعي قلت جئت من المربد قال هات ما معك فقرأت عليه ما كتبت في ألواحي فمرت به ستة أحرف لم يعرفها فخرج يعدو في الدرجة وقال شمرت في الغريب أي غلبتني ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن قال قال عمي سمعت بيتين لم أحفل بهما قلت هما على كل حال خير من موضعهما من الكتاب قال فإني عند الرشيد يوما وعنده عيسى بن جعفر فأقبل على مسرور الكبير فقال له يا مسرور كم في بيت مال السرور فقال ما فيه شيء فقال عيسى هذا بيت الحزن فاغتنم لذلك الرشيد وأقبل على عيسى فقال والله لتعطين الأصمعي سلفا على بيت مال السرور ألف دينار فاغتنم عيسى وانكسر فقلت في نفسي جاء موضع البيتين فأنشدت الرشيد رحمه الله تعالى
( إذا شئت أن تلقى أخاك معبسا ** وجداه في الماضين كعب وحاتم )
( فكشفه عما في يديه فإنما ** تكشف أخبار الرجال الدراهم )
قال فتجلى عن الرشيد وقال لمسرور أعطه على بيت مال السرور ألفى دينار فأخذت بالبيتين ألفي دينار وما كان البيتان يساويان عندي درهمين وأنشدني أبو بكر لمحمد بن صالح
( طرب الفؤاد وعاده أحزانه ** وتشعبت شعبا به أشجانه )
( وبدا له من بعدما ما أندمل الهوى ** برق تتابع موهنا لمعانه )


إسمهان الجادوي 08-23-2021 02:41 PM

رد: الأمالي في لغة العرب للبغدادي
 
( يبدو كحاشية الرداء ودونه ** صعب الذرى متمنع أركانه )
( فدنا لينظر أين لاح فلم يطق ** نظرا إليه ورده سجانه )
( فالوجد ما اشتملت عليه ضلوعه ** والماء ما سمحت به أجفانه )
( ثم استعاذ من القبيح ورده ** نحو العزاء عن الصبا إيقانه )
( وبدا له أن الذي قد ناله ** ما كان قدره له ديانه )
( حتى اطمأن ضميره وكأنما ** هتك العلائق عامل وسنانه )
( يا نفس لا يذهب بقلبك باخل ** بالود باذل تافه منانه )
( يعد القضاء وليس ينجز موعدا ** ويكون قبل قضائه ليانه )
( فاقنع بما قسم المليك فأمره ** مالا يرد عن الفتى اتيانه )
مجلس في الخيل المنسوبة ) قال أبو علي حدثنا أبو بكر عن الأصمعي قال كان الحرون من خيل العرب حدثني رجل من أهل الشام قال كان مع مسلم بالري ثم جاء فشهد معه وقعة إبراهيم قال حدثني بهذا النسب مسلم قال الحرون بن الأثاثي بن الخزز بن ذي لاصوفة بن أعوج فرس مسلم بن عمرو الباهلي في الإسلام وكان مسلم اشتراه من أعرابي بالبصرة بألف درهم معاوضة بمتاع وذكر أنه كان في عنقه رسن حين أدخله الأعرابي يطير عفاؤه فسبق الناس عليه عشرين سنة وكان يسبق الخيل ثم يحرن حتى تلحقه الخيل فإذا لحقته سبقها ثم حرن ثم سبقها وكان الحجاج قد بعث بابن له يقال له البطان إلى الوليد بن عبد الملك فصيره لمحمد ابنه وولد البطان البطين وولد البطين الذائد وكان هشام بن عبد الملك يشتهي أن يسبق الذائد فأتوه بفرس بربري يقال له المكانب بعد ما حطم الذائد وسبق أيضا عشرين سنة قال فضمه إليه فكان سائسه يقول جهد المكانب الذائد جهده الله أي في الجرى وهو متفسخ قال فجاء معه يتقدمه بشيء والذائد ابن البطين وأشقر مروان من نسل الذائد ( قال الأصمعي )

كان عبد الله بن علي قدم بأشقر مروان البصرة قال فرأيته أشقر أعور من نسل الذائد ( قال ) وحدثني جعفر بن سليمان قال كان لا يدخل على الذائد سائسه حتى يأذن يحرك له مخلاة فيها شعير فإن تحمحم دخل عليه وإن هو دخل قبل أن يفعل ذلك شد عليه وكذا كان يصنع بالفرس إذا جرى معه يكدمه ( قال الأصمعي ) الوجيه ولاحق والغراب وسبل وهي أم أعوج كانت لغني وأعوج كان لبني آكل المرار ثم صار لبني هلال بن عامر وجروة فرس شداد بن عمرو أبي عنترة بن شداد ومياس وهداج لباهلة لبني أعيا قالت الحارثية
( شقيق وحرمي هراقا دماءنا ** وفارس هداج أشاب النواصيا )
والكلب فرس رجل من بني عامر أو غطفان وقرزل فرس الطفيل أبي عامر بن الطفيل وذو الخمار فرس مالك بن نويرة والجوب فرس أرقم بن نويرة وذات النسوع فرس بسطام ابن قيس والنعامة فرس للحرث بن عباد وولدت النعامة الشيط وهو لبني سدوس وكان لخزز بن لوذان وفيه يقول
( لا تذكري مهري وما أطعمته ** فيكون جلدك مثل جلد الأجرب )
والمتمطر فرس حيان بن مرة من نسله وكامل فرس الحوافزن وحلاب وقيد لبني تغلب ومخالس لبني عقيل واليحموم والدفوف للنعمان بن المنذر والعصا فرس جذيمة الأبرش وفي بني تغلب فرس يقال له العصا فارسه الأخنس بن شهاب والهطال لزيد الخيل والنحام لرجل يقال السليك بن سلكة السعدي وداحس لقيس بن زهير والغبراء لحذيفة بن بدر الذبياني ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو العباس قال حدثني علي بن عبد الله الهاشمي قال حدثنا العكلي عن أبي معمر قال قدم زياد والمهلب بن أبي صفرة البصرة فجاء إلى الجمعة وقد لبس قميصا مرحضا وملاءة ممصرة فصعد المنبر فقال رب فرح بامارتي لن تنفعه ورب

مبتئس بها لن تضره ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس إن معاوية قد قال ما بلغكم وشهدت الشهود بما قد سمعتم وإني امرؤ قد رفع الله مني ما وضعوا وحفظ مني ما ضيعوا وإن عبيدا لم يأل أن يكون كافلا مبرورا وأبا مشكورا وأنا قد سسنا وساسنا السائسون فلم نجد لهذا الأمر خيرا من لين في غير وهن ولا من شدة في غير جبرية ألا وإنها ليست كذبة أكثر عليها شاهدا من الله ومن المسلمين من كذبة إمام على منبر فإذا سمعتموها مني فاختبروها في واعلموا أن لها عندي أخوات وإذا رأيتموني أجري الأمور فيكم على أذلالها وأمضيها لسبلها فلتستقم لي قناتكم والله لآخذن المقبل بالمدبر والمحسن بالمسيئ والمطيع بالعاصي حتى يلقى الرجل منكم أخاه فيقول يا سعد انج فإن سعيدا قد قتل فقام إليه رجل يقال له صفوان بن الأهتم فقال والله لقد آتاك الله الحكمة وفصل الخطاب فقال كذبت ذاك نبي الله داود عليه الصلاة والسلام ثم قام إليه الأحنف ابن قيس فقال أصلح الله الأمير أن الجواد بشده وأن السيف بحده وأن المرء بجده وإن جدك قد بلغ بك ما ترى وأن الثناء بعد البلاء ولسنا نثني عليك حى نبتليك فأول خيرا نثن به ثم قام أبو بلال مرداس بن أدية فقال يا أيها الإنسان أنا قد سمعنا ما قمت به وما أديت عن نفسك وإن الله ذكر وليه وخليله إبراهيم فقال وإبراهيم الذي وفى أن لا تزر وازرة وزر أخرى وأنت تزعم أنك تأخذ بعضنا ببعض وتقتل بعضنا ببعض ثم سكت فما رؤي بعد ذلك ( قال أبو العباس ) وحدثت بهذه الحديث من وجه آخر فيه فقال زياد يا هذا أنا لن نبلغ الحق حتى نخوض إليه الباطل خوضا وأنشدنا الرفيع بن سلمة العبدي المعروف بدماذ
( تفكرت في النحو حتى مللت ** وأتعبت روحي له والبدن )
( وأتعبت بكرا وأشياعه ** بطول المسائل من كل فن )
( فمن علمه ظاهر بين ** ومن علمه غامض قد بطن )


( فكنت بظاهره عالما ** وكنت بباطنه ذا فطن )
( سوى أن بابا عليه العفاء ** للفاء يا ليته لم يكن )
( وللواو باب إلى جنبه ** من المقت أحسبه قد لعن )
( إذا قلت هاتوا لما قيل ذا ** فلست بآتيك أو تأتين )
( بما نصبوه أبينوه لي ** فقالوا جميعا بإضمار أن )
( وما أن رأيت لها موضعا ** فأعرف ما قيل إلا بظن )
( فقد خفت يا بكر من طول ما ** أفكر في أمر أن أن أجن )
( قال أبو بكر ) يعني ببكر أبا عثمان المازي ( قال أبو العباس ) فبلغ ذلك المازني فقال والله ما أحسب أنه سألني قط فكيف أتعبني ( قال أبو العباس ) كان علي رضي الله تعالى عنه يأخذ البيعة على أصحابه فجعلوا يقولون نعام يريدون نعم فقال علي رضي الله عنه أن النعام والباقر في الصحراء لكثير ما لكم أبد لكم الله مني من هو شر لكم مني وأبدلني الله منكم من هو خير لي منكم ( قال أبو العباس ) قرأت على التوزي عن أبي عبيدة إملاء عليه قال مر حاتم بن عبد الله الطائي ببلاد عنزة فناداه أسير لهم يا أبا سفانة أكلني الإسار والقمل فقال له ويحك والله لقد أسأت بي إذ نوهت بي في غير بلاد قومي قال فنزل فشد نفسه في مكانه في القد وأطلقه حتى عرف مكانه ففدي فداء كثيرا ( قال ) وفي غير هذا الحديث أن امرأة آسره أتته والحي خلوف ببعير قد نيط وبشفرة فقالت له افصده فقام فنحره أو قال مرة أخرى فلثم في نحره فلطمته فقال ( لو غير ذات سوار لطمتني ) فقلت أمرتك أن تفصده فنحرته فقال ( ذلك فصدي أنه ) فبذلك عرف وقال أبو العباس مرة أخرى فقال ( هكذا فزدى أنه ) بالزاي وجعل الهاء بدل الألف في الوقف وهو الأصل وهي لغته فبذلك عرف وأنشدنا في مثل ذلك
( لا أفصد الناقة من أنفها ** لكنني أوجرها العاليه )


وأنشدنا أبو علي لجحظة كتب بها الى الوزير ابن مقلة وكانت عند أبي علي بخط جحظة كما كتب بها
( سلام عليكم من شييخ مقوس ** له جسد بال وعظم محطم )
( ألم يك في حق الندام وحرمة المدائح أن يحنى عليه ويرحم ** )
( ابا حسن أنصف فأنت محكم ** ولا تقربن الظلم فالظلم مظلم )
( أيصبح مثلي في جوارك ضائعا ** وحوضك للطراق بالجود مفعم )
( ووالله ما قصرت في شكر نعمة ** متنت بها قدما وذو العرش يعلم )
( قال ) وأخبرنا أبو عثمان الأشنانداني قال أخبرنا التوزي عن أبي عبيدة قال كان أبو دهبل الجمحى جميلا وضيا وكان عفيفا فخرج إلى الشام فنزل جيرون فجاءته عجوز فقالت أن ابنة لي وردها كتاب من حميم لها وليس عندها أحد يقرؤه فتدخل إليها في هذا القصر فتقرؤه فتحتسب الأجر فيها ففعل فدخل فأغلق الباب دونه وإذا امرأة في القصر رأته فأعجبها فدعته إلى نفسها فأبى فامرت حشمها فسجنوه في منزل من الدار ومنع من الطعام والشراب حتى كاد يهلك ثم أمرت به فأخرج ودعته إلى نفسها فأبى وقال أما الحرام فلا ولكن أن أردت أن أتزوجك فعلت فقالت نعم وأحسنت إليه حتى ردت له روحه فتزوجته ومنعته من الخروج حتى طال ذلك عليه ثم قال لها ذات يوم قد أثمت في ولدى وأهلي فأذني في أن أطالعهم وأرجع إليك فقالت لا أستطيع فراقك فعاهدها أن لا يغيب عنها أكثر من ستة أشهر وأعطته مالا كثيرا وغير ذلك فخرج حتى قدم على أهله بمكة فوجدهم قد نعي لهم واقتسم ولده ماله وزوجوا بناته ووجد زوجته لم تأخذ من ماله شيأ وبكت عليه حتى غمضت فقال لبنيه أما أنتم فخطكم ما أخذتم من مالي وقال لزوجته هذا المال لك فاصنعي به ما شئت وأقام عندها حتى قربت المدة ثم مضى إلى الشام فوجد زوجته الثانية قد ماتت حزنا عليه وأسفا لفراقه فقال فيها


( صاح حيا الإله حيا ودورا ** عند أصل القناة من جيرون )
( عن يساري إذا دخلت إلى الدار ** وإن كنت خارجا فيميني )
( فبتلك اغتربت بالشام حتى ** ظن أهلي مرجمات الظنون )
( وهي زهراء مثل لؤلؤة الغواص ميزت من جوهر مكنون ** )
( وإذا ما نسبتها لم تجدها ** في سناء من المكارم دون )
( تجعل المسك واليلنجوج والند صلاء لها على الكانون ** )
( ثم ماشيتها إلى القبة الخضراء تمشي في مرمر مسنون ** )
( قبة من مراجل ضربتها ** قبل حد الشتاء في قيطون )
( ثم فارقتها على خير ما كان ** قرين مفارقا لقرين )
( فبكت خشية التفرق للبين بكاء الحزين إثر الحزين ** )
( فسلى عن تذكري واطمئني ** بايابي وإن هم عذلوني )
( قال أبو علي ) وهذا الشعر يروى لعبد الرحمن بن حسان وبه كان سبب أمر يزيد الأخطل بهجاء الأنصار وفيه أبيات ليست في شعر عبد الرحمن ( قال ) أبو بكر بن الأنباري قال بعض مشيختنا قال اسحق بن إبراهيم الموصلي كان أشعب فيمن يألف مصعب بن الزبير فغضبت عائشة بنت طلحة يوما على مصعب وكانت زوجته ومن أحب الناس إليه فشكا ذلك إلى أشعب فقال ما لي إن رضيت أصلح الله الأمير قال حكمك قال عشرة آلاف درهم قال ذلك لك فانطلق أشعب حتى أتاها فقال لها جعلت فداءك قد علمت حبي لك وميلي

إليك قديما وحديثا على غير منال أنلتنيه ولا فائدة أفدتنيها وهذه حاجة قد عرضت ترتهنين بها شكري وتقضين بها حقي بغير مرزية قالت وما هي قال قد جعل لي الأميران رضيت عنه عشرة آلاف درهم قالت ويحك لا يمكنني ذلك قال بأبي أنت وأمي أرضى عنه حتى يعطيني العشرة آلاف درهم ثم عودي إلى ما عودك الله من سوء خلقك فضحكت من كلامه ورضيت ( قال اسحق ) أتي ابن أبي مساحق بابن أخت له وقد أحبل جارية من جواري جيرانه فقال له يا عدو الله إذ ابتليت بالفاحشة فهلا عزلت قال جعلت فداءك بلغني أن العزل مكروه قال أفما بلغك أن الزنا حرام وأنشد اسحق
( يعلو بهم جدهم صاعدا ** وجدنا في رجله رهصه )
( قال أبو محلم ) سمعت جرير بن عبد الحميد ينشد
( أن اكتحالا بالبياض الأبرج ** ونظرا في الحاجب المزجج )
( مئنة من الفعال الأعوج ** )

إسمهان الجادوي 08-23-2021 02:41 PM

رد: الأمالي في لغة العرب للبغدادي
 
( قال ابن حبيب ) قال هشام قولهم بنو الشهر الحرام قالت بنو عامر بن عوف هو مالك ابن عمير بن عامر بن بكر بن عامر بن عوف وكان أبي يقول الشهر الحرام وهو عبدود بن عوف ابن كنانة بن عوف بن عذرة وهم رهط هشام الكلبي وإنما سمى بذلك لأنه كان يحرم الشهر الحرام ( وقال التيمي ) أنشدنا أبو مسلمة الكلابي وقد باع جاريته نبأ من عثمان بن سجيم التاجر فقال له بعض أصحابه يا أبا مسلمة بعت نبأ فقال
( وقد تخرج الحاجات يا أم مالك ** كرائم من رب بهن ضنين ** )
فبلغ أبا مصعب فاشتراها وردها على أبي مسلمة ( قال الأصمعي ) كان بين عمرو بن معد يكرب

وبين رجل من مراد يقال له أبي كلام فتنازعا في القسم فعجل عمرو وكانت فيه عجلة وكان عبد الله أخو عمر ورئيس قومه فجلس مع بني مازن رهط من سعد العشيرة وكانوا فيهم فقعد عبد الله يشرب ويسقيهم رجل يقال له المخزم من بني زبيد له مال وشرف وكان عبد من عبيد المخزم قائما يسقى القوم فسبه عبد الله وضربه فقام رجل نشوان من بني مازن فقتل عبد الله فرأس عمرو بعد أخيه وكان غزا غزوة فأصاب فيها ومعه أبي المرادي فادعى أنه كان مساند عمرو فأبى عمرو أن يعطيه فلما رجع عمرو من غزانة جاءت بنو مازن فقالوا قتله رجل منا سفيه ونحن يدك عليه وعضدك وإنما قتله سكران فنسألك بالرحم أن تأخذ الدية وتأخذ بعد ذلك ما أحببت فأخذ عمرو الدية وزادوه بعد ذلك أشياء كثيرة فغضبت أخت له تسمى كبشة وكانت ناكحا في بين الحرث بن كعب فقالت
( وأرسل عبد الله إذ حان يومه ** إلى قومه أن لا تخلوا لهم دمى )
( ولا تأخذوا منهم إفالا وأبكرا ** وأترك في بيت بصعدة مظلم )
( ودع عنك عمرا أن عمرا مسالم ** وهل بطن عمرو غير شبر لمطعم )
( فإن أنتم لم تقتلوا واتديتموا ** فمشوا بآذان النعام المصلم )
( ولا تشربوا الافضول نسائكم ** إذا أنهلت أعقابهن من الدم )
( جدعتم بعبد الله آنف قومه ** بني مازن أن سب ساقي المخزم )
فلما حضت كبشة أخاها عمرا أكب بالغارة عليهم وهم غارون فأوجع فيهم ثم إن بني مازن احتملوا فنزلوا في مازن بن مالك بن عمرو بن تميم فقال عمرو في ذلك
( تمنت مازن جهلا خلاطي ** فذوقي مازن طعم الخلاط )
( أطلت فراطكم عاما فعاما ** ودين المذحجي إلى فراط )
( أطلت فراطكم حتى إذا ما ** قتلت سراتكم كانت قطاط )
( غدرتم غدرة وغدرت أخرى ** فما إن بيننا أبدا يعاط )


( بطعن كالحريق إذا التقينا ** وضرب المشرفية في الغطاط )
( قال أبو علي ) في كتاب الخيل لأبي عبيدة أنشد أبو عبيدة لعبد الغفار الخزاعي هذه الأبيات وذكر أن عروضها لا تخرج
( ذاك وقد أذعر الوحش بصلت الخد رحب لبانه مجفر ** )
( طويل خمس قصير أربعة ** عريض ست مقلص حشور )
( حدت له تسعة وقد عريت ** تسع ففيه لمن رأى منظر )
( بعيد عشر وقد قربن له ** عشر وقد طالت ولم تقصر )
( نقفيه بالمحض دون ولدتنا ** وعضه في آرية ينشر )
( نصبحه تارة ونغبقه ** ألبان كوم روائم ظؤر )
( حتى شتا عندنا يقال ألا ** تطوون من بدنه وقد أضمر )
( موثق الخلق جرشع عتد ** منضرج الحضر حين يستحضر )
( خاظى الحماتين لحمه زيم ** نهد شديد الصفاق والأبهر )
( رقيق خمس غليظ أربعة ** نائي المعدين لين أشعر )
( قال أبو عبيدة ) يعني بقوله طويل خمس أي طويل نصيل الرأس طويل الأذنين طويل العنق والكتفين طويل البطن من غير أن تقرب إلى الأرض طويل الأقراب طويل الناصية طويل الذراعين طويل الرجلين فهذا ما يستحب من الفرس أن يطول وذكر هذا الشاعر منها خمسا وقوله قصير أربعة أي قصير الأرساغ قصير عسيب الذنب قصير النضي قصير الكراعين قصير الأطرة وهي عصبة فوق الصفاق فهذا ما يستحب أن يقصر من الفرس وهن عشر وذكر هذا الشاعر منهن أربعا وقال عريض ست أي عريض الجبهة عريض اللبان عريض المحزم عريض الفخذين عريض وظيفي الرجلين عريض مثنى الأذنين فهذا ما يستحب أن يعرض من الفرس وهن تسع وذكر هذا الشاعر

منهن ستا وقوله حدث له تسعة أي حديد الأذنين حديد المنكبين حديد العينين حديد القلب حديد عرقوبي الرجلين حديد المنجمين وهما عظمان في الكعبين متقابلان في باطنهما حديد الكتفين فهذا ما يستحب أن يحد من الفرس وهن ثلاث عشرة وذكر هذا الشاعر منهن تسعا وقوله وقد عريت تسع أي عارى النواهق عاري السموم عاري الخدين عاري الجبهة عاري مثنى الأذنين عاري الكعبين عارى عصب اليدين عارى عصب الرجلين فهذا ما يستحب أن يعرى من الفرس وهن خمس عشرة وذكر هذا الشاعر منهن تسعا وقوله تسع كسين أي مكتسى الكتفين مكتسى المعدين مكتسى الناهضين مكتسى الفخذين مكتسى الكاذتين مكتسى أعلى الحماتين فهذا ما يستحب أن يكتسى من الفرس وهن اثنتا عشرة وذكر هذا الشاعر منهن تسعا وقوله بعيد عشر بعيد ما بين العينين بعيد ما بين الحجفلة والناصية بعيد ما بين الأذنين والعينين بعيد ما بين أعالي اللحيين بعيد ما بين الناصية والعكوة بعيد ما بين الحارك والمنكب بعيد ما بين العضدين والركبتين بعيد ما بين البطن والرفغين بعيد ما بين الحجبتين والجاعرتين بعيد ما بين الشراسيف فهذا ما يستحب أن يبعد ما بينهما من الفرس وذكر هذا الشاعر منهن عشرا ولم يعد البين أعني بين كل شيئين فيكن ستا ولكنه عد كل اثنين تباعدا وقوله وقد قربن له عشر أي قريب ما بين المنخرين قريب ما بين الأذنين قريب ما بين المنكبين قريب ما بين الرفغين قريب ما بين الركبتين والجنبين قريب ما بين الجبب والأشاعر قريب ما بين الحارك والقطاة قريب ما بين المعدين والقصريين قريب ما بين الجاعرتين والعكوة قريب

ما بين الثفنتين والكعبين قريب ما بين صبي اللحيين فهذا ما يستحب أن يقرب من الفرس وإن عددت البين وجدت أحد عشر بينا وإن عددت ما قرب منها فهن ثنتان وعشرون وذكر هذا الشاعر منهن عشرا وقوله طويل خمس جاء تفسيرهن ستة عشرة عضوا وقد تقدم ذكره وقوله رقيق خمس أي رقيق الحجافل رقيق الأرنبة رقيق عرض المنخرين رقيق الجفون رقيق الحاجبين رقيق الأذنين رقيق الخدين رقيق الشعر رقيق الجلد رقيق شعر الثنن رقيق شعر الركبتين رقيق الخصل فهذا ما يستحب أن يرق من الفرس وهن سبع عشرة وقد ذكر هذا الشاعر منهن خمسا وقوله غليظ أربعة أي غليظ الخلق غليظ القوائم غليظ القصرة غليظ عكوة الذنب وقد أرحب منه أي رحب الشدقين رحب المنخرين رحب الإهاب رحب الجوف رحب العجان رحب اللبان فهذا ما يستحب أن يرحب من الفرس وهن تسع وذكر الأسدي في قوله وفيه من الطير خمس ثم فسر الخمس في البيت الثاني فقال
( غرابان فوق قطاة له ** ونسر ويعسو به قديرا )
وفي الفرس من أسماء الطير ثمانية عشر اسما العصفور وهو عظم ناتئ في كل جبين وهو أيضا من الغرر إذا دق وهو أصل منبت الناصية وهو الدماغ بعينه والنعامة وهي الجلدة التي تغطي الدماغ والذباب وهي النكتة الصغيرة التي في العين ومنه البصر وجمعه أذبة وذبان وهو إنسان العين أيضا والسحاءة وهي الخفاش أحد السحاءتين وهما عظيمان صغيران في أصل اللسان والصرد عرق أخضر في أصل اللسان من أسفله وهما صردان والصرد أيضا بياض يكون في الظهر من أثر الدبر في موضع السرج يقال فرس

صرد إذا كان ذلك به والفراشة عظم يتفتت في الرأس وجمعها فراش وهي عظام رقاق طراق بعضها على بعض كالقشر وهي أيضا ما بين لهواته عند أصل لسانه وهي في الكتفين ما شخص من فروع الكتفين إلى أصل العنق إلى مستوى الظهر والحمامة القص وهو من الرهابة إلى منقطع أصل الفهدتين والسمامة وجمعها سمائم وسمام وهي ما رق عن صلابة العظم في الوجه والسمامة أيضا الدارة التي في سالفة العنق
والناهض وهما ناهضان والجمع نواهض وأنهض وهو اللحم الذي يلي العضدين من أعلاهما المجتمع والقطاة ما بين ا لحجبتين والوركين وهو مقعد الردف خلف الفارس والجميع قطا والغراب أحد الغرابين وهما ملتقى أعالي الوركين والقطاة بينهما على العجز وقال قوم أنهما فروع كتفي الوركين السفليين إلى الفخذين
والغراب ما ارتفع من أصل الذنب والخرب في الصدر وهو الرحبيان وهو أعالي غضون الفهدتين إلى أسفل المنكبين مما يلي اللبان والنسر وجمعه النسور وهو ما ارتفع عن بطن الحافر من أعلاه كأنه النوى والحصى والزرق وهو في الشية الشعرات البيض في اليد أو في الرجل والدخل وهو لحم الفخذين وأنشد إذا تحجبن بزهر دخله واليعسوب في الشية وهو أن تكون الغرة على قصبة الأنف أعلى من الرثم منقطعة فوقه ويقال أنه كل بياض على قصبة الأنف عرض أو اعتدل ثم ينقطع قبل أن يساوي أعلى المنخرين وإن ارتفع على قصبة الأنف وعرض واعتدل حتى يبلغ أسفل الخليقاء قل أو كثر ما لم يبلغ العينين والهامة والصقر ( قال أبو علي ) قال أبو بكر بن أبي الأزهر حدثني البصري المسمعي قال حدثني عبد الملك بن مروان التميمي تيم بكر قال حدثنا محمد بن الفضل الأنصاري عن سلمة بن ثابت عن هشام بن حسان قال قلت للحسن البصري يزعم ا لناس أنك تبغض عليا قال أنا أبغض عليا كان سهما صائبا من مرامي الله عز وجل رباني هذه الأمة وذا فضلها وشرفها وذا قرابة قريبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج فاطمة الزهراء وأبا الحسن والحسين لم

يكن بالسروقة لمال الله ولا بالنؤومة في أمر الله ولا بالملولة لحق الله أعطى القرآن عزائمه وعلم ماله فيه وما عليه حتى قبضه الله إليه ففاز برياض مونقه وأعلام مشرقه أتدري من ذاك ذاك علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ( قال أبو علي ) حدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول ولم يقله إن شاء الله بغيا ولا تطاولا ما رأيت أحدا قبلي أعلم مني قال الأصمعي وأنا لم أر بعد أبي عمرو وأعلم مني قال أبو حاتم وكان كثيرا ما يقول لي يا بني إن طفئت شحمة عيني هذه يومئ إلى عينه لم تر مثلي وربما قال لم تر أحدا يشفيك من هذا الحرف أو هذا البيت ( قال أبو علي ) حدثنا أبو بكر بن دريد قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قال عمي سمعت يونس بن حبيب يقول كان المنذر بن ماء السماء جد النعمان بن المنذر ينادمه رجلان من العرب خالد بن المضلل وعمرو بن مسعود الأسديان وهما اللذان عناهما الشاعر بقوله
( ألا بكر الناعي بخيرى بني أسد ** بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد )
فشرب ليلة معهما فراجعاه الكلام فأغضباه فأمر بهما فقتلا وجعلا في تابوتين ودفنا بظاهر الكوفة فلما أصبح وصحا سأل عنهما فأخبر بذلك فندم وركب حتى وقف عليهما فأمر ببنيان الغريين وجعل لنفسه في كل سنة يومين يوم بؤس ويوم نعيم فكان يضع سريره بيتهما فإذا كان في يوم نعيمه فأول من يطلع عليه وهو على سريره يعطيه مائة من إبل الملوك وأول من يطلع عليه في يوم بؤسه يعطيه رأس ظربان ويأمر به فيذبح ويغرى بدمه الغريان فلم يزل كذلك ما شاء الله فبينا هو ذات يوم من أيام بؤسه إذ طلع عليه عبيد بن الأبرص قال له الملك ألا كان الذبح غيرك يا عبيد فقال عبيد ( أتتك بحائن رجلاه ) فقال له الملك أو أجل قد بلغ إناه ثم قال يا عبيد أنشدني فقد كان يعجبني شعرك فقال حال الجريض دون القريض وبلغ الحزام الطبيين قال أنشدني


( أقفر من أهله ملحوب ** فالقطبات فالذنوب )
فقال
( أقفر من أهله عبيد ** فاليوم لا يبدي ولا يعيد )
( عنت له معنة نكود ** وحان له منها ورود )
فقال أنشدني هبلتك أمك فقال ( المنايا على الحوايا ) فقال بعض القوم أنشد الملك هبلتك أمك فقال ( لا يرحل رحلك من ليس معك ) فقال له آخر ما أشد جزعك من الموت فقال
( لا غرو من عيشة نافده ** وهل غير ماميتة واحده )
( فأبلغ بني وأعمامهم ** بأن المنايا هي الراصده )
( لها مدة فنفوس العباد ** إليها وإن كرهت قاصده )
( فلا تجزعوا لحمام دنا ** فللموت ما تلد الوالده )
فقال له المنذر لا بد من الموت ولو عرض لي أبي في هذا اليوم لم أجد بدا من ذبحه فأما إذا كنت لها وكانت لك فاختر من ثلاث خصال إن شئت من الأكحل وإن شئت من الأبجل وإن شئت من الوريد فقال ثلاث خصال مقادها شر مقاد وحاديها شر حاد ولا خير فيها لمرتاد فإن كنت لا بد قاتلي فاسقني الخمر حتى إذا ذهلت لها ذواهلي وماتت لها مفاصلي فشأنك وما تريد فأمر المنذر له بحاجته من الخمر فلما أخذت منه وقرب ليذبح أنشأ يقول
( وخيرني ذو البؤس في يوم بؤسه ** خلالا أرى في كلها الموت قد برق )
( كما خيرت عاد من الدهر مرة ** سحائب ما فيها الذي خيرة أنق )
( سحائب ريح لم توكل ببلدة ** فتتركها إلا كما ليلة الطلق )
وأمر به فقصد فلما مات طلي بدمه الغريان وحدثنا أبو بكر عن أبي عثمان عن التوزي

عن أبي عبيدة قال قال حذيفة بن اليمان ما خلق الله عز وجل شيأ إلا صغيرا ثم يكبر إلا المصيبة فإنه خلقها كبيرة ثم تصغر ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثني عمي عن أبيه قال سئل ابن الكلبي عن قول عبد الله بن الزبعرى
( ألا لله قوم ** ولدت أخت بني سهم )
قال هي ريطة بنت سعيد بن سهم وكان بنوها ثمانية هاشم بن المغيرة وكان أكبر القوم وهو جد عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه من قبل أمه حنتمة بنت هاشم وهشام ابن المغيرة ومهاشم ومهشم جميعا واحد وهو أبو حذيفة وأبو أمية بن المغيرة وهو زاد الركب وأبو ربيعة بن المغيرة وهو ذو الرمحين جد عمر بن أبي ربيعة الشاعر وعبد الله بن المغيرة وخراش بن المغيرة والفاكه بن المغيرة ولم يسلم منهم غيره وهو شيخ كبير يومئذ أعمى فقال ابن الزبعري
( ألا لله قوم ولدت ** أخت بني سهم )
( هشام وأبو عبد ** مناف مدره الخصم )
( وذو الرمحين أشباك ** من القوة والحزم )
( يكن القول في المجلس أو ينطق عن حكم ** )
( فهذان يذودان ** وذا من كثب يرمي )
( أسود تزدهي الأقران ** مناعون للهضم )
( وهم يوم عكاظ منعوا الناس من الهزم ** )
( بجأواء طحون فخمة القونس كالنجم ** )
( فإن أحلف ببيت الله لا أحلف عن إثم ** )
( ما إن إخوة بين ** قصور الشام والردم )


( كأمثال بني ريطة من عرب ولا عجم ** )

إسمهان الجادوي 08-23-2021 02:42 PM

رد: الأمالي في لغة العرب للبغدادي
 
( قال ) وأخبرني عمي عن أبيه عن ابن الكلبي قال أبعد قبور اخوة على الأرض قبور بني أم الفضل الهلالية أم ولد العباس بن عبد المطلب واحد بالمدينة وآخر بالطائف وآخر بالشام مات في طاعون عمواس بالشام في سلطان عمر رضي الله تعالى عنه وعبد الله بن العباس الحبر دفن بالطائف وصلى عليه محمد بن علي رضي الله تعالى عنه وآخر بإفريقية وآخر بسمرقند والفضل بن العباس رضي الله تعالى عنه رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم مات في طاعون عمواس بالشام وعبيد الله بن العباس الجواد مات بالمدينة وقثم بن العباس شبيه النبي صلى الله عليه وسلم مات بسمرقند زمن معاوية في إمارة سعيد بن عثمان وعبد الرحمن بن العباس قتل بإفريقية زمن عمر رضي الله تعالى عنه أمهم أم الفضل الهلالية وهي لبابة بنت الحرث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة
( قال ) وأخبرنا الأشنانداني عن التوزي قال كان للخليل بن أحمد صديق يكنى أبا المعلى مولى لبني يشكر وكان أصلع شديد الصلع فبينا هو والخليل جالسان عند قصر أوس إذا مرت بهما امرأة يقال لها أم عثمان من ولد المعارك بن عثمان ومعها بنات لها فقال أبو المعلى للخليل يا أبا عبد الرحمن ألا نكلم هذه المرأة قال ويحك لا تفعل فإنهن أعد شيء جوابا والقول إلى مثلك يسرع فجلسن يتروحن فقال لأمهن يا أمة الله ألك زوج قالت لا والله ولا لواحدة منا قال فهل لكن في أزواج قالت وددنا والله قال فأنا أتزوجك ويتزوج هذا إحدى بناتك فقالت له أما أنت فقد اتبلاك الله ببلاءين أما أحدهما فإنه قد قرع راسك بمسحاة وجعل لك عقصة في قفاك بيضاء فكأنما صارت في قفاك نخامة فبلغ من نوكك أنك خضبتها بحمرة فلو كنت إذا ابتليت خضبت بسواد فغطيت عوارك هذا الذي أبداه منك ثم قالت له أظنك من رهط الأعشى فقال لها أبو المعلى أنا مولى لبني يشكر قالت أفتروي بيت الأعشى


( وأنكرتني وما كان الذي نكرت ** من الحوادث إلا الشيب والصلعا )
فما بقي بعد هذا إلا الموت هزالا ثم التفتت إلى الخليل فقالت من أنت يا عبد الله فقال أنا الخليل بن أحمد كفي رحمك الله فقد والله نهيته عن كلامك وحذرته هذا قالت أما إنك قد نصحت له أما علم هذا الأحمق أن النساء يخترن من الرجال المسحلاني المنظراني المخبراني الغليظ القصره العظيم الكمره الذي إذا طعن فأصاب حفر وإذا أخطأ قشر وإذا أخرجه عقر قال فضحك الخليل ثم قامت المرأة ومعها بناتها يتهادين فتمثل أبو المعلى بقول عمر بن أبي ربيعة المخزومي
( فتهادين وانصرفن ثقال الحقائب ** )
فقالت يا أحمق أما تدري ما قال الشاعر في قومك قال لا فقالت قال
( ويشكر لا تستطيع الوفاء ** وتعجز يشكر أن تغدرا )
وإني أقسم بالله لو كان لكل واحدة منا من الأحراج بعدد ما أهدى مالك العكلى إلى عمرة بنت الحرث النميري ما أعطيناك ولا صاحبك منها شيأ فقال الخليل نشدتك بالله كم كانت الهدية التي أهداها العكلي إلى النميرية قالت له أراك حاذقا بالتجميش قليل الرواية للشعر ثم أنشدته قول العكلي
( هديتي أخت بني نمير ** لحرك يا عمرة ألف عير )
( في كل عير ألف كر أير ** )
قال فقال الخليل إما إنه قد قصر أفلا جعل لإستها بعض الهدية ولم يدعها فارغة قالت قد أشفق على هديته أن تحترق أمل تر وبيت جرير حيث يقول
( ولو وضعت فقاح بني نمير ** على خبث الحديد إذا لذابا )
فقال الخليل لأبي المعلى
( نصحتك يا محمد أن نصحي ** رخيص يا رفيقي للصديق )


( فلم تقبل وكم من نصح ود ** أضيع فحاد عن وضح الطريق )
قال ثم انصرفت المرأة وبقي الخليل وأبو المعلى متعجبين منها ومن ذرابة لسانها وسرعة جوابها ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال أخبرنا أبو حاتم قال حدثنا العتبي ومحمد بن سلام كلاهما قالا كانت قريش تجارا وكانت تجارتهم لا تعدو مكة إنما تقدم عليهم الأعاجم بالسلع فيشترونها منهم ثم يتبايعونها بينهم ويبعنونها على من حولهم من العرب فكانوا كذلك حتى ركب هاشم بن عبد مناف إلى الشام فنزل بقيصر فكان يذبح كل يوم شاة ويصنع جفنة ثريد ويجمع من حوله فيأكلون وكان هاشم من أجمل الناس وأتمهم فذكر ذلك لقيصر فقيل له ههنا رجل من قريش يهشم الخبز ثم يصب عليه المرق ويفرغ عليه اللحم وإنما كانت العجم تصب المرق في الصحاف ثم تأتدم بالخبز فدعا به قيصر فلما رآه وكلمه أعجب به فكان يبعث إليه في كل يوم فيدخل عليه ويحادثه فلما رأى نفسه تمكن عنده قال له أيها الملك إن قومي تجار العرب فإن رأيت أن تكتب لي كتابا تؤمن تجارتهم فيقدموا عليك بما يستطرف من أدم الحجاز وثيابه فتباع عندكم فهو أرخص عليكم فكتب له كتاب أمان لمن يقدم منهم فأقبل هاشم بذلك الكتاب فجعل كلما مر بحي من العرب بطريق الشام أخذ من أشرافهم ايلافا والأيلاف أن يأمنوا عندهم في أرضهم بغير حلف إنما هو أمان الطريق وعلى أن قريشا تحمل إليهم بضائع فيكفونهم حملانها ويؤدون إليهم رؤس أموالهم وربحهم فأصلح هاشم ذلك الإيلاف بينهم وبين أهل الشام حتى قدم مكة فأتاهم بأعظم شيء أتوابه بركة فخرجوا بتجارة عظيمة وخرج هاشم معهم يجوزهم يوفيهم إيلافهم الذي أخذ لهم من العرب حتى أوردهم الشام وأحلهم قراها ومات في ذلك السفر بغزة وخرج المطلب بن عبد مناف إلى اليمن فأخذ من ملوكهم عهدا لمن تجر إليهم من قريش وأخذ الإيلاف كفعل هاشم وكان المطلب أكبر ولد عبد مناف وكان يسمى الفيض وهلك بردمان من اليمن وخرج عبد

شمس بن عبد مناف إلى الحبشة فأخذ إيلافا كفعل هاشم والمطلب وهلك عبد شمس بمكة فقبره بالحجون وخرج نوفل بن عبد مناف وكان أصغر ولد أبيه فأخذ عهدا من كسرى لتجار قريش وإيلافا ممن مر به من العرب ثم قدم مكة ورجع إلى العراق فمات بسلمان واتسعت قريش في التجارة في الجاهلية وكثرت أموالها فبنو عبد مناف أعظم قريش على قريش منة في الجاهلية والإسلام ( قال أبو علي ) حدثنا أبو بكر بن دريد عن أبي حاتم قال لما قتل عبد الله بن علي بني أمية بنهر أبي فطرس بعث إلي قال قد خلت عليه فإذا قت لى مصر وعين والخراسانية بين يديه بأيديهم الكافر كوبات فقال لي ما تقول في مخرجنا هذا قلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه قال فما تقول في هؤلاء القتلى قلت ومن هؤلاء قال بنو أمية قلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان أو زنا بعد احصان أو قتل نفس بغير نفس وتشاغل عني فخرجت وطلبني فحال الله بيني وبينه أنه على كل شيء قدير وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال حدثني أبي قال اجتمعت عند خالد بن عبد الله القسري فقهاء الكوفة وفيهم أبو حمزة الثمالي فقال خالد حدثونا بحديث عشق ليس فيه فحش فقال أبو حمزة أصلح الله الأمير بلغني أنه ذكر عند هشام بن عبد الملك غدر النساء وسرعة تزويجهن بعد انقضاء عدتهن فقال هشام أنه ليبلغني من ذلك العجب فقال بعض جلسائه أنا أحدثك يا أمير المؤمنين عما بلغني عن امرأة من بني يشكر كانت عند ابن عم لها فمات عنها بعد مسئلته إياها عما تريد أن تصنع بعده فأخذ العهود عليها في ذلك وكان اسمه غسان بن جهضم بن العذافر وكان اسم ابنة عمه أم عقبة بنت عمرو بن الأبجر وكان لها محبا وكانت له كذلك فلما حضره الموت وظن أنه مفارق الدنيا قال ثلاثة أبيات ثم قال اسمعني يا أم عقبة ثم أجيبي فقد تاقت نفسي إلى مسألتك عن نفسك فقالت والله لا أجيبك بكذب ولا أجعله آخر حظي منك فقال


( أخبري بالذي تريدين بعدي ** ولاذي تضمرين يا أم عقبة )
( تحفظيني من بعد موتي لما قد ** كان مني من حسن خلق وصحبه )
( أم تريدين ذا جمال ومال ** وأنا في التراب في سحق غربه )
فأجابته تقول
( قد سمعت الذي تقول وما قد ** يا ابن عمي تخاف من أم عقبه )
( أنا من أحفظ النساء وأرعاه ** لما قد أوليت من حسن صحبه )
( سوف أبكيك ما حييت بنوح ** ومراث أقولها وبندبه )
فلما سمع ذلك أنشأ يقول
( أنا والله واثق بك لكن ** احتياطا أخاف غدر النساء )
( بعد موت الأزواج يا خير من عوشر ** فارعي حقي بحسن الوفاء )
( إنني قد رجوت أن تحفظي العهد فكوني أن مت عند الرجاء ** )
ثم أخذ عليها العهود واعتقل لسانه فلم ينطق بحرف حتى مات فلم تمكث بعده إلا قليلا حتى خطبت من كل وجه ورغب فيها الأزواج لإجتماع الخصال الفاضلة فيها فقالت مجيبة لهم
( سأحفظ غسانا على بعد داره ** وأرعاه حتى نلتقي يوم نحشر )
( وإني لفي شغل عن الناس كلهم ** فكفوا فما مثلي بمن مات يغدر )
( سأبكي عليه ما حييت بدمعه ** تجول على الخدين مني فتهمر )
ولما تطاولت الأيام والليالي تناست عهده ثم قالت من مات فقد فات فاجابت بعض خطابها فتزوجها فلما كانت الليلة التي أراد الدخول بها فيها أتاها غسان في منامها وقال
( غدرت ولم ترعى لبعلك حرمة ** ولم تعرفي حقا ولم تحفظي عهدا )
( ولم تصبري حولا حفاظا لصاحب ** حلفت له بتا ولم تنجزي وعدا )


( غدرت به لما ثوى في ضريحه ** كذلك ينسى كل من سكن اللحدا )
فلما سمعت هذه الأبيات انتبهت مرتاعة كأن غسان معها في جانب البيت وأنكر ذلك من حضر من نسائها فأنشدتهن الأبيات فأخذن بها في حديث ينسينها ما هي فيه فقالت لهن والله ما بقى لي في الحياة من أرب حياء من غسان فتغفلتهن فأخذت مدية فلم يدركنها حتى ذبحت نفسها فقالت امرأة منهن هذه الأبيات
( لله درك ماذا ** لقيت من غسان )
( قتلت نفسك حزنا ** يا خيرة النسوان )
( وفيت من بعد ما قد ** هممت بالعصيان )
( وذو المعالي غفور ** لسقطة الإنسان )
( إن الوفاء من الله لم يزل بمكان ** )
فلما بلغ ذلك المتزوج بها قال ما كان فيها مستمتع بعد غسان فقال هشام بن عبد الملك هكذا والله يكون الوفاء ( قال أبو بكر ) وأنشدنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة لإبن ميادة المري
( حمراء منها ضخمة المكان ** ساطعة اللبة والجران )
( كأنها والشول كالشنان ** تميس في حلة أرجوان )
( لو جاء كلب معه كلبان ** أو لاعب في كفه دفان )
( وزافنان ومغنيان ** ما برحت أعظمها الثماني )
يعني قوائمها كما قال الآخر يصف ناقة طيبة النفس عند الحلب
( طوت أربعا منها على ظهر أربع ** فهن بمطوياتهن ثمان ) وكما قال الآخر


( نعوس لو أن الدف يضرب حولها ** لتنحاش عن قاذورة لم تناكر )
( قال أبو علي ) وأنشدنا جحظة قال أنشدني أبو عبد الله بن حمدون عن الزبير رحمه الله
( هجرتك لما أن هجرتك أصبحت ** بنا شمتا تلك العيون الكواشح )
( فلا يفرح الواشون بالهجر ربما ** أطال المحب الهجر والجيب ناصح )
وأنشدني لأعرابي يكنى بأبي الخيهفعى
( هجرت مشيمة فالفؤاد قريح ** ودموع عينك في الرداء سفوح )
( ولقد جرى لك يوم سرحة رابغ ** فيما يعيف سانح وبريح )
( أهوى القوادم بالبياض ملمع ** قلق المراتع بالفراق يصيح )
( حسن إلي حديث من أحببته ** وحديث ذي الشنآن منه قبيح )
( الحب أبغضه إلي ستيره ** صرح بذاك فراحة تصريح ) ( وقال ) قال الشنفرى
( أقيموا بني أمي صدور مطيكم ** فإني إلى أهل سواكم لأميل )
( فقد حمت الحاجات والليل مقمر ** وشدت لطياتي مطايا وأرحل )
( وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى ** وفيها لمن خاف القلى متعزل )
( لعمرك ما بالأرض ضيق على امرئ ** سرى راغبا أو راهبا وهو يعقل )
( ولي دونكم أهلون سيج عملس ** وأرقط زهلول وعرفاء جيأل )
( هم الرهط لا مستودع السر شائع ** لديهم ولا الجاني بما جر يخذل )


إسمهان الجادوي 08-23-2021 02:43 PM

رد: الأمالي في لغة العرب للبغدادي
 
( وكل أبي باسل غير أنني ** إذا عرضت أولى الطرائد أبسل )
( وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن ** بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل )
( وماذاك إلا بسطة عن تفضل ** عليهم وكان الأفضل المتفضل )
( وإني كفاني فقد من ليس جازيا ** بحسنى ولا في قربه متعلل )
( ثلاثة أصحاب فؤاد مشيع ** وأبيض إصليت وصفراء عيطل )
( هتوف من الملس الحسان يزينها ** رصائع قد نيطت عليها ومحمل )
( إذا زل عنها السهم حنت كأنها ** مرزأة ثكلى ترن وتعول )
( ولست بمهياف يعشي سوامه ** مجدعة سقبانها وهي بهل )
( ولا جبا أكهى مرب بعرسه ** يطالعها في شأنه كيف يفعل )
( ولا خالف دارية متغزل ** بروح ويغدو داهنا يتكحل )
( ولست بعل شره دون خيره ** ألف إذا ما رعته أهتاج أعزل )
( ولست بمحيار الظلام إذا نحت ** هدى الهوجل العسيف يهماء هوجل )
( إذا الأمعز الصوان لاقى مناسمى ** تطاير منه قادح ومفلل )
( أديم مطال الجوع حتى أميته ** وأضرب عنه الذكر صفحا فأذهل )
( وأستف ترب الأرض كي لا يرى له ** علي من الطول أمرؤ متطول )
( ولولا اجتناب الذام لم يبق مشرب ** يعاش به إلا لدي ومأكل )
( ولكن نفسا حرة لا تقيم بي ** على الضيم إلا ريث ما أتحول )


( وأطوي على الخمص الحوايا كما انطوت ** خيوطة ماري تغار وتفتل )
( وأغدوا على القوت الزهيد كما غدا ** أزل تهاداه التنائف أطحل )
( غدا طاويا يعارض الريح هافيا ** يخوت بأذناب الشعاب ويعسل )
( فلما لواه القوت من حيث أمه ** دعا فأجابته نظائر نحل )
( مهلهلة شيب الوجوه كأنها ** قداح بكفي ياسر تتقلقل )
( أو الخشرم المبعوث حثحث دبره ** محا بيض رداهن سام معسل )
( مهرتة فوه كأن شدوقها ** شقوق العصي كالحات وبسل )
( فضج وضجت بالبراح كأنها ** وإياه نوح فوق علياء ثكل )
( وأغضى وأغضت وأتسى وأتست به ** أرامل عزاها وعزته أرمل )
( شكا وشكت ثم أرعوى بعد وارعوت ** وللصبر إن لم ينفع الشكو أجمل )
( وفاء وفاءت بادرات وكلها ** على نكط مما يكاتم مجمل )
( وتشرب أساري القطا الكدر بعدما ** سرت قربا أحشاؤها تتصلصل )
( هممت وهمت وابتدرنا وأسدلت ** وشمر مني فارط متمهل )
( فوليت عنها وهي تكبوا لعقره ** يباشره منها ذقون وحوصل )
( كأن وغاها حجرتيه وحوله ** أضاميم من سفلى القبائل نزل )
( توافين من شتى إليه فضمها ** كما ضم أذواد الأصاريم منهل )
( فعبت غشاشا ثم مرت كأنها ** مع الصبح ركب من أحاظة مجفل )
( وآلف وجه الأرض عند افتراشها ** بأهدأ تنيبه سناسن قحل )
( وأعدل منحوضا كأن فصوصه ** كعاب دحاها لاعب فهي مثل )
( فإن تبتئس بالشنفرى أم قصطل ** لما اغتبطت بالشنفري قبل أطول )
( طريد جنايات تياسرن لحمه ** عقيرته لإيها حم أول )


( تبيت إذا ما نام يقظى عيونها ** حثاثا إلى مكروهة تتغلغل )
( وإلف هموم ما تزال تعوده ** عيادا كحمى الربع أو هي أثقل )
( إذا وردت أصدرتها ثم إنها ** تثوب فتأتي من تحيت ومن عل )
( فإما تريني كابنة الرمل ضاحيا ** على رقبة أحفى ولا أتنعل )
( فإني لمولى الصبر أجتاب بزه ** على مثل قلب السمع والحزم أفعل )
( وأعدم أحيانا وأغنى وإنما ** ينال الغنى ذو البعدة المتبذل )
( فلا جزع لخلة متكشف ** ولا مرح تحت الغنى أتخيل )
( ولا تزدهي الأجهال حلمي ولا أرى ** سؤولا بأعقاب الأحاديث أنمل )
( وليلة نحس يصطلي القوس ربها ** وأقطعه اللائي بها يتنبل )
( دغست على بغش وغطش وصحبتي ** سعار وإرزيز ووجر وأفكل )
( فأيمت نسوانا وأيتمت إلدة ** وعدت كما أبدأت والليل أليل )
( فأصبح عني بالغميصاء جالسا ** فريقان مسؤل وأخر يسأل )
( فقالوا لقد هرت بليل كلابنا ** فقلت أذئب عس أم عس فرعل )
( فلم يك الأنبأة ثم هومت ** فقلنا قطاة ريع أم ريع أجدل )
( فإن يك من جن لأبرح طارقا ** وإن يك إنساما كها الإنس يفعل )
( ويوم من الشعرى يذوب لوابه ** أفاعيه من رمضائه تتململ )


( نصبت له وجهي ولا كن دونه ** ولا ستر إلا الأتحمي المرعبل )
( وضاف إذا هبت له الريح طيرت ** لبائد عن أعطافه ما ترجل )
( بعيد بمس الدهن والفلى عهده ** له عبس عاف من الغسل محول )
( وخرق كظهر الترس قفر قطعته ** بعاملتين ظهره ليس يعمل )
( فألحقت أولاه بأخراه موفيا ** على قنة أقعى مرارا وأمثل )
( ترود الأراوى الصحم دوني كأنها ** عذارى عليهن الملاء المذيل )
( ويركدن بالآصال حولي كأنني ** من العصم أدفى ينتحي الكيح أعقل )
وأنشد لجرير بن الغوث أحد بني كنانة بن القين مخضرم
( طرقت سوية من بعيد بعدما ** كادت حبالك يا سوي تقضب )
( جاءت تمايل في المطارف بادنا ** والخطو منقطع المطا متهيب )
( فسألتها أنى اهتدت لرحالنا ** أم كيف آبك طيفها المتأوب )
( فثنت بسالفة كأن سموطها ** في جيد آلفة الرياض تضرب )
( وتبسمت بفم شنيب نبته ** كالأقحوان له ندى يتصبب )
( عذب الرضاب لو أنه يشفى به ** وصب لأدرك شكوه المتوصب )
( نظرت إليك من الطراف كأنما ** يعطو لصوتك شادن متربب )
( عجبا لتيلك نظرة ولراقب ** غير أن يرهبه الوعيد فيرهب )
( نظرت فكاد يشاب شر بيننا ** ولربما يجني الدلال ويأشب )
( اخترت عن خبر يزيد فضافني ** همي فكان إلى يزيد المرغب )
( فإليك تختضع المطي كأنها ** عوج القسي الماسخية تشسب )
( وردت نطاف فلم تجد بللا بها ** قد كان أذهبه سموم صيهب )
( حتى دفعن إلى يزيد ولم يكن ** ليروع طالبه السنيح الأعضب )


( بعث البشير وكان ولد بليلة ** ميمونة ولقاه يوم طيب )
( فدعا له الخلفاء لما بشروا ** كيما يرى قمرا ينير ويحجب )
( ملكا فلم تر غير عام واحد ** حتى مضت لك شرطتان وموكب )
( شربت قريش سؤره ورضوا به ** ورجوا منازله العلى فتذبذبوا )
( لك فوق من يطأ الحصى أكرومة ** فأفخر بفضل يا يزيد يغلب )
( بيتان قد فرعا البيوت بناهما ** أبواك حيث تنجب المتنجب )
( ما مثل أمكما التي ولدتكما ** أما ولا كأبيكما ملكا أب )
( نزلا بكم وسط السماء فلم يكن ** مثل الذي نزلا منازل تطلب )
( هدم الحصون من العدو وحصنه ** بالأمن مرتفع المناكب مصعب )
( أفق ترى راياته من فوقه ** كالطير تحنو مرة وتقلب )
( قال أبو علي ) قال لي أبو بكر بن دريد يقال ألاح الرجل على الرجل يليح إذا جزع عليه وأنشد
( وقد رابنى من صاحبي أن صاحبي ** يليح عن قرصى ويبكي على جمل )
( فلو كنت عذري العلاقة لم تبت ** بطينا وأنساك الهوى شدة الأكل )
( قال ) إنما قال عذري الهوى لأن العشق في بني عذرة كثير ويليح يذهب به ويليح يشفق ( قال ) ويقال ( أشباك بفلان ) كما يقال حسبك بفلان وأنشد
( وذو الرمحين أشباك ** من القوة والحزم )
قال ويقال ( بسل ) في معنى آمين يحلف الرجل ثم يقول بسل والبغز بالزاي النشاط للإبل قال الشاعر
( تخال باغزها بالليل مجنونا ** ) والحنج الأصل يقال

فلان في حنج صدق أي في أصل كرم والدعبوب الطريق الدارس وأنشد
( وكل قوم وإن طالت سلامتهم ** يوما طريقهم في الشر دعبوب )
والدعبوب حب أسود يختبز في الجدب وقالوا رجل دعبوب أي ضعيف والدعبوب نمل ويقال حضنهم بمعنى منعهم ( قال ) وقلت الأنصار يوم السقيفة أنحضن عن هذا وأنشدنا أبو علي قال قال أنشدني ابن الأعرابي لمحمد بن وهيب
( إذا اختلجت عيني رأت من تحبه ** فدام لعيني ما حييت اختلاجها )
( وما ذقت كأسا مذ تعلقني الهوى ** فأشربها إلا ودمعي مزاجها )
وأنشد لأبي بكر بن دريد
( لو أن قلبا ذاب من كمد ** ما كان بين ضلوعه قلب )
( لو كنت صبا أو تسر هوى ** لعلمت ما يتجرع الصب )
( يهوى اقترابك وهو قاتله ** فشفاؤه وسقامه القرب )
وأنشد له
( صدغ كقادمة الخطاف منعطف ** في وجنة يجتنى من صحنها الورد )
( لو ذاب في نظر خد لرقته ** لذاب من لحظ عيني ذلك الخد )
( قال ) أبو بكر بن دريد قال أو هفان المهزمي قال الأصمعي السدوس بفتح السين الطيلسان والسدوس بضم السين اسم القبيلة ( قال ) وخالفه سيبويه في الطيلسان بالضم وفي القبيلة بالفتح فحكيت ذلك لأحمد بن يحيى فقالوا القول ما قال الأصمعي ويقال كل ما في العرب عدس بضم العين وفتح الدال إلا عدس بن زيد فإنه بضمهما وكل ما في العرب سدوس بفتح السين الأسدوس بن أصمع في طيء ولك ما في العرب فرافصة بضم الفاء إلا فرافصة أبا نائلة امرأة عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه وكل ما في العرب أسلم بفتح الهمزة واللام إلا أسلم بن الحاف بن قضاعة وكل ما في العرب ملكان بكسر الميم إلا ملكان في جرم بن ربان ( قال ) وحدثنا أبو سعيد السكري قال أتي عبد الملك بعود فقال

للوليد بن مسعدة الفزاري ما هذا قال عثود يشقق ثم يرقق ثم يعلق عليه أوتار يضرب بها فتضرب الكرام برؤسها الحيطان وامرأته طالق إن كان أحد في المجلس إلا ويعلم منه مثل ما أعلم أنت أولهم يا أمير المؤمنين وقال سلامة بن جندل
( ليس بأسفى ولا أقنى ولا سغل ** يعطى دواء قفي السكن مربوب )
الأسفى الخفيف الناصية والإسم منه السفا مقصور والفعل سفي يسفى سفا مثل عمي يعمى عمى والسفاء ممدود من الطيش والجهل وكذلك من الخفة ( قال أبو علي ) قال أبو بكر بن دريد قال أبو عثمان الأشنانداني كثر مدعو هذه القصيدة فما أدرى لمن هي وكان أبو عبيدة يصححها العليل بن الحجاج الهجيمى وهي هذه
( أما القطاة فإني سوف أنعتها ** نعتا يوافق نعتي بعض ما فيها )
( سكاء مخطومة في ريشها طرق ** سود قوادمها صفر خوافيها )
( تنتاش صفرا بأفحوص بقنتها ** يكاد يأزي على الدعموص آزيها )
( تسقي رذيبن بالموماة قوتهما ** في ثغرة النحر من أعلى تراقبها )
( كأن مجلوزة قدام جؤجؤها ** أو جرو حنظلة لم يغد واعيها )
( تشتق في حيث لم تنفذ مصعدة ** ولم تصوب إلى أدنى مهاويها )
( حتى إذا استأنيا للوقت واحتضرت ** تجرسا الوحي منها عند غاشيها )
( فرفعا من شؤن غير زاكية ** على لديدى أعالي المهد ألحيها )
( مدا إليها بأفواه ميسرة ** صعرا ليتستنزلاها الرزق من فيها )
( كأنها حين مداها لرزقهما ** طلى بواطنها بالورس طاليها )
( حثلين رضا رفاض القيض عن زغب ** ورق أسافلها بيض أعاليها )
( ترأدا حين قاما ثمت اختطيا ** على نحائف مياد مجاثيها )
( تكاد من لينها تنآد أسوقها ** تأود الربل لم تعرد نواميها )

إسمهان الجادوي 08-23-2021 02:43 PM

رد: الأمالي في لغة العرب للبغدادي
 
( لا أشتكي نوشة الأيام من ورقى ** إلا إلى من أرى أن سوف يشكيها )
( لدلهم مأثرات قد عرفن له ** أن المآثر معدود مساعيها )
( تنمي به من بني لأي دعائمها ** ومن جمانة لم تخضع سواريها )
( بنى له في بيوت المجد والده ** وليس من ليس يبنيها كبانيها )
( مجلس في لا جرم وتفسيرها والوجوه فيها ) قال أبو علي حدثنا أبو بكر محمد ابن القاسم قال ذهب بعضهم إلى أن لا جرم أصله تبرئة ونفي بمنزلة لا بد ولا محالة ثم نقل عن التبرئة إلى القسم كما قالوا لاقومن حقا يقينا ثم قدموا حقا فجعلوه قسما فقالوا حقا لأزورنك وجرم اسم منصوب بلا على التبرئة ولا خبر ههنا للتبرئة إذ لم يقصد لها إنما قصد للأقسام والحلف وإلى هذا القول ذهب الفراء وأصحابه وفيه جواب آخر وهو أن أصله فعل ماض فحول عن طريق الفعل ومنع التصرف فلم يكن له مستقبل ولا دائم ولا مصدر وجعل مع لا قسما وتركت الميم على فتحها الذي كان لها في معنى المضى وإن كان الحرف منقولا إلى الأداة كما نقلوا حاشى وهو فعل ماض مستقبله يحاشي ودائمه محاش ومصدره محاشاة من باب الأفعال إلى باب الأدوات لما أزالوه عن التصرف فقالوا قام القوم حاشا عبد الله فخفضوا به ولو كان فعلا ما عمل خفضا وأبقوا عليه لفظ الفعل الماضي وكما نقلوا ليس وأصلها الفعل الماضي عن أصلها إلى سبيل الأدوات لما أزالوها عن التصرف وخروج المصدر منها فأقروا آخرها على أمرها الأول ( فإن قيل ) كيف تكون لا جرم قسما وليس فيه معظم يقسم به ( قيل ) إن الأقسام عند العرب على ضربين أحدهما يقع الأقسام فيه بمن يجل قدره وتعلو منزلته وهو الذي تسبق إليه الأفهام ويستعمل في أكثر الكلام حين يقول القائل وإلهي لأفعلن ذلك وكقيل العرب في الجاهلية والرحم لأقصدنك والعشيرة لأقضين حقك وهو مكروه عند أهل العلم لأنه لا ينبغي أن يحلف حالف بغير الله تبارك وتعالى والضرب الثاني أن يعتقد الحالف اليمين والحلف بالعظيم عندهم الكبير في

نفسه ثم يأتي ببدل منه فيقول حلفا صادقا لأزورنك فجعل حلفا صادقا مكتفي به عن المحلوف به عند وضوح المعنى ولو أظهر اليمين ولم يبن على الإكتفاء والإختصار لقال أحلف بالله حلفا صادقا ولهذه العلة أقسموا بالحق فقالوا حقا لأفعلن ذلك إذ جعلوه عوضا من اليمين وحملوا على الحق ألفاظا معناهم فيها كمعناه فقالوا كلا لأطيعنك يعنون حقا وقالت الفصحاء جير لأفعلن وعوض لأجلسن يعنون بتينك اللفظتين حقا فاحتملت لا جرم من معنى الأقسام مثل الذي احتملت كلا وجير وعوض قال أعشى بكر
( رضيعي لبان ثدي أم تحالفا ** بأسحم داج عوض لا نتفرق )
وقال الآخر
( وقلن على الفردوس أول مشرب ** أجل جيران كانت أبيحت دعاثره )
قال ابو بكر دعاثره يعني حياضا وقال الكميت
( أأسلم ما تأتي به من عداوة ** وبغض لهم لا جير بل هو أشجب )
وقال الآخر
( إن الذي أغناك يغنيني جير ** والله نفاح اليدين بالخير )
وقال الآخر
( جامع قد أسمعت من تدعو جير ** ولا ينادي جامع إلى خير )
وقال الآخر
( كلا زعمتم بأنا لا نقاتلكم ** إنا لأمثالكم يا قومنا قتل )
أراد حقا زعمتم والراء في جير مكسورة والضاد في عوض مضمومة ومن العرب من يغير لفظ جرم مع لا خاصة لتحولها عن لفظ الفعل فيقول بعضهم لا جرم بضم الجيم وسكن الراء ويقول آخرون لا جر بفتح الجيم والراء وحذف الميم ويقال لا ذا جرم ولا ذا جر بغير ميم ولا أن ذا جرم ولا عن ذا جرم ومعنى اللغات كلها حقا وأنشد الفراء هذا البيت وبعض الثاني


( لأهدرن اليوم هدرا صادقا ** هدر المعنى ذي الشقاشق اللهم )
( إن كلابا والدي لا ذا جرم ** )
( قال أبو علي ) وحدثنا ابو بكر قال قال يحيى بن خالد الحسود عدو مهين لا يدرك وتره ولا ينال ثأره إلا بالمنى ( قال ) وقال عبد الملك بن مروان للحجاج بن يوسف الثقفي أنه ليس من أحد إلا وهو يعرف عيب نفسه فعب نفسك قال أعفني يا أمير المؤمنين قال لتفعلن قال أنا لجوج حسود حقود فقال عبد الملك ما في الشيطان شيء شرا مما ذكرت وقال الأحنف بن قيس الملول ليس له وفاء والكذاب ليست له حيلة والحسود ليست له راحة والبخيل ليست له مروأة ولا يسود سيء الخلق ( قال ) وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال رأس العقل الإيمان بالله والتودد إلى الناس وما استغنى رجل استبد برأيه ولم يهلك أحد عن مشورة وإذا أراد الله بعبد هلكة كان أول ما يهلكه رأيه وكان يقال لا ظهير أوثق من المشورة ( قال ) وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الحزم فقال أن تستشير ذا الرأي وتطيع أمره وقال أعرابي ما غبنت قط حتى يغبن قومي قيل وكيف ذلك قال إني لا أفعل شيأ حتى أشاورهم ( قال ) وأنشدنا محمد بن يزيد النحوي في الحمى
( تفاءلت باسم سواها لها ** كأن ليس لي باسمها خبره )
( فطورا ألقبها سخنة ** وطور ألقبها فترة )
( ويربوا الطحال إذا ما أكلت ** فيعلو الترائب والصدره )
( كأني إذا رحت من منزلي ** لبست الثياب على زكره )
( قال ) وحدثنا الزبير قال حدثنا إبراهيم بن منذر عن مطرف بن عبد الله بن خويلد الهذلي عن أبيه عن جده قال بينا أنا وأبي نطوف بالبيت إذا نحن بعجوز كبيرة تضرب أحد لحييها بالآخر أقبح عجوز رأيتها قط فقال لي يا بني أتعرف هذه قلت ومن هذه قال هذه التي يقول فيها الشاعر


( سلام ليت لسانا تنطقين به ** قبل الذي نالني من قيله قطعا )
( أدعو إلى هجرها قلبي فيتبعني ** حتى إذا قلت هذا صادق نزعا )
( يلومني فيك أقوام أجالسهم ** فما أبالي أطار اللوم أم وقعا )
قال وأنشدنا الزبير
( فلو كان يستغني عن الشكر ماجد ** لعزة مجد أو علو مكان )
( لما أمر الله العباد بشكره ** فقال اشكروا لي أيها الثقلان )
( قال ) وأنشدني الرياشي قال أنشدنيها تمام للحرث بن عباس بن مرداس السلمى يوصى ابنه رضي الله تعالى عنهما
( احفظ بني وصية أوصيكها ** إن كنت تؤمن بالكتاب المنزل )
( أكرم خليل ابيك حيث لقيته ** ولقد عققت أباك إن لم تفعل )
( والجار أكرم جار بيتك مادنا ** حتى يبين ثواءكم في المنزل )
( والضيف إن له عليك وسيلة ** لا يتركنك ضحكة للنزل )
( ورفيق رحلك لا تجهل إنما ** جهل الرفيق على الرفيق النيطل )
( واشغب بخصمك أن خصمك مشغب ** وإذا علوت على الخصوم فأجمل )
( واستوص خيرا بالعشيرة كلها ** ما حملوك من المثاقل فاحمل )
( يصلوا جناحك يا بني وإنما ** يعلو الشواهق ذو الجناح الأجدل )
( ان امرأ لا يستعد رجاله ** لرجال آخر غيره كالأعزل )
( وإذا أتتك عصابة في شبهة ** يتحاكمون إليك يوما فاعدل )
( واصدق إذا حدثت يوما معشرا ** وإذا عييت بأصل علم فاسأل )
( وذر المجاهل إنها مشؤومة ** وإن امرؤ وأهدى النصيحة فاقبل ) قال أبو بكر وحدثنا أبو زيد عمر بن شبة قال حدثني الباهلي قال حدثنا الهيثم بن


عدى عن مجالد وابن عياش عن الشعبي قال لما انهزم ابن الأشعث ضاقت بي الأرض وكرهت ترك عيالي وولدى فلقيت يزيد بن أبي مسلم وكان لي صديقا وكانت الصداقة تنفع عنده فقلت له قد عرفت الحال بيني وبينك وقد صرنا إلى ما ترى قال يا أبا عمرو أن الحجاج لا يكذب ولا يعوى ولا ينبح ولكن قم بين يديه وأقر بذنبك واستشهدني على ما شئت قال فوالله ما شعر الحجاج إلا وأنا ماثل بين يديه فقال أعامر قلت نعم أصلح الله الأمير قال ألم أقدم العراق فاحسنت إليك وأدنيتك وأوفدتك على أمير المؤمنين واستشرتك قلت بلى أيها الأمير قال فأين كنت من هذه الفتنة قلت استشعرنا الخوف واكتحلنا السهر وأحزن بنا المنزل وأوحش بنا الجناب وفقدنا صالح الأخوان وشملتنا فتنة لم نكن فيها بررة أتقياء ولا فجرة أقوياء وهذا يزيد بن أبي مسلم قد كان يعرف عذرى وكنت أكتب إليه فقال صدق أصلح الله الأمير قد كان يكتب إلي بعذره ويخبرني بحاله فقال الحجاج فهذا الأحمق ضربنا بسيفه ثم جاءنا بالأكاذيب كان وكان انصرف إلى أهلك راشدا ( قال ) وأنشدنا محمد بن يزيد النحوي قال أنشدنا التوزي لغلام يقوله في مؤدبة وكان أقعد فقال
( فرح المقعد لما أقعدا ** فرحة لله حتى سجدا )
( فسألناه لماذا قال لي ** أنني كنت زمانا مفسدا )
( أشتري الثوب فلا يقطعني ** فهو اليوم قميص وردا )
( قال ) وأنشدني الرياشي للربيع بن ضبع الفزاري هذه الأبيات
( ألا أبلغ بني بنى ربيع ** فأنذال البنين لكم فداء )
( بأني قد كبرت ورق عظمي ** فلا يشغلكم عني النساء )
( وإن كنائني لنساء صدق ** وما أشكو بني وما أساءوا )
( إذا جاء الشتاء فأدفؤني ** فإن الشيخ يهرمه الشتاء )


( وأما حين يذهب كل قر ** فسربال خفيف أورداء )
( إذا عاش الفتى مائتين عاما ** فقد أودى المسرة والفتاء )
قال أبو بكر ولبعض المحدثين شبيه بهذا
( لا تدع لذة يوم لغد ** وبع الغي بتعجيل الرشد )
( أنها إن أخرت عن وقتها ** باختداع النفس عنها لم تعد )
( فاشغل النفس بها عن شغلها ** لا تفكر في حميم وولد )
( أو ما خبرت عما قيل في ** مثل باق على مر الأبد )
( إنما دنياي نفسي فإذا ** تلفت نفسي فلا عاش أحد )
( قال أبو بكر ) وسألت بندار بن لدة عن قول عمر يشئز فقال لي يزعج وأنشدني
( أهاجك العارض الوميض ** نعم فقلبي له مهيض )
( يشئزني الشوق عن فراشي ** وكيف يشتاق من يبيض )
ومعنى يبيض يقيم فلا يبرح يقال باض فلان بالمكان وألب به وأرب به إذا لزمه فلا يبرحه ومعنى البيت كيف يشتاق من لا يتهيأ له أن يبرح موضعه ويقصد وطن محبوبه
( قال ) وحدثنا محمد بن يزيد قال قيل للأحنف بن قيس أي المجالس أطيب قال ما سافر فيه البصر واتدع فيه البدن وقيل للمأمون ما أحسن الأماكن قال ما بعد فيه نظرك ووقف استحسانك عليه فقيل له فأي الأشياء أحسن فقال أحسن الاشياء ما نظر إليه الناس ( قال ) وقال محمد بن يزيد حدثني بعض أولاد العجم قال قيل لشراعة بن الزندبو ذأي المواضع أطيب قال ما اجتمع حسنه وتوسطت مسافة النظر إليه وقيل له أي أوقات الشرب اطيب قال نشاط على غب قيل له فإذا استوى ذلك قال لا تقوم الخلافة بضحكات الصبوح قيل له فمن أمتع الجلساء قال الذي إذا عجبته عجب وإذا

غني طرب وإذا أعطى شرب قيل له فأي المواضع أطيب للشرب قال إذا لم تكن شمس محرقة ولا مطر مغرق فالشرب على وجه السماء وأنشدنا الزبير لعبد الرحمن بن حسان في آل سعيد بن العاص رضي الله تعالى عنهم
( أعفاء تحسبهم ملحياء ** مرضى تطاول أسقامها )
( يهون عليهم إذا يغضبون ** سخط العداة وإرغامها )
( ورتق الفتوق وفتق الرتوق ** ونقض الأمور وإبرامها )
( قال ) وأخبرنا الزبير قال حدثنا عمر بن عثمان قال حدثني رجل من أهل منبج قال قدم علينا الحكم بن المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب ولا مال معه فأغنانا كلنا فقلنا كيف ذاك قال علمنا مكارم الأخلاق فعاد غنينا على فقيرنا فغنينا كلنا قال عمر بن عثمان قال الراثجي يرثى الحكم بن المطلب
( ماذا بمنبج لو ننبش مقابرها ** من التهدم بالمعروف والكرم )
( سالوا عن المجد والمعروف ما فعلا ** فقلت أنهما ماتا مع الحكم )
( قال ) وحدثنا الزبير قال حدثنا ابن عياش السعدي عن أبيه قال رأيت جارية من العرب وضيئة أعجبتني فماشيتها إلى مظلتها فقالت لي عجوز بفناء المظلة مالك ولهذا الغزال النجدي والله لا تحلى منه بشيء فقالت الجارية دعيه يا أماه يكن كما قال ذو الرمة
( وإن لم يكن إلا معرس ساعة ** قليل فإني نافع لي قليلها )
( قال ) وحدثنا أبو العباس عن ابن عائشة قال وقف وفد بباب عمر بن عبد العزيز فابطأ عليهم إذنه فقال أحدهم ما يصلح هذا أن يكون عبد اللحجاج فنمت الكلمة إليه فأذن لهم فدخلوا فقال أيكم القائل كذا وكذا قال فأرموا فقال حقا لتقولن فقال رجل من القوم أنا قلتها وما ظننتها تبلغ ما بلغت قال فإن الله يغفر لك كيف ذكرت الحاج وما كانت له دنيا ولا آخرة فهلا فضلت علي زيادا الذي جمع لهم كما تجمع الذره وحاطهم كما تحوط الأم

البره ( قال ) وحدثنا محمد بن يزيد قال خرج سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم إلى منتزه له وحمل معه بناته فاتبعه أشعب فلم يجد مسلكا للدخول عليه فتسور الجدار فقال له وقد بصر به يا أشعب اتق الله بناتي بناتي فقال أشعب لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد قال فضحك منه وأدخله ( قال ) وحدثني محمد بن يزيد قال حدثني علي بن عبد الله قال دخل قوم على عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه فكلمهم فأغلظوا له فغضب فقال له ابنه عبد الملك وما يغضبك يا أمير المؤمنين وإنما يحبسك أن تأمر فتطاع فقال أما غضبت أنت يا عبد الملك قال بلى والله ولكن ما ينفعني حلمي إذا لم أرده على غضبي فيسكن وأنشد
( وما الحلم إلا ردك الغيظ في الحشا ** وصفحك بالمعروف والصدر واغر )
( ترى المجد والأحلام فينا فما ترى ** سفيها هفات إلا وآخر زاجر )
( قال ) وأنشدنا الزبير قال أنشدني عمي مصعب بن عبد الله قال الزبير وأنشدنيه سعيد بن عمر الزبيري عن عبد الرحمن بن أبي الزناد قال قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود رضي الله تعالى عنهم هذه الأبيات
( تغلغل حب عثمة في فؤادي ** وباديه مع الخافي يسير )
( تغلغل حيث لم يبلغ شراب ** ولا حزن ولم يبلغ سرور )
( صدعت القلب ثم ذررت فيه ** هواك فليم فالتأم الفطور )
( أكاد إذا ذكرت العهد منها ** أطير لو أن انسانا يطير )
( وأنفذ قادحاك سواد قلبي ** فأنت علي ما عشنا أمير )
( قال ) وأنشدنا الزبير
( لا تشتمن امرأ من أن تكون له ** أم من الروم أو صفراء دعجاء )
( فرب معربة ليست بمنجية ** وربما أنجبت للفحل عجماء )

إسمهان الجادوي 08-23-2021 02:43 PM

رد: الأمالي في لغة العرب للبغدادي
 
( وإنما أمهات القوم أوعية ** مستودعات وللأحساب آباء )
( قال ) وأنشدني الزبير قال أنشدني عمي لإبن الحر
( إن تك أمي من نساء أصابها ** سباء القنا والمرهفات الصفائح )
( فتبا لفضل الحر أن لم أنل به ** كرائم أبناء النساء الصرائح )
( قال ) وحدثنا الرياشي قال كتب يزيد بن عبد الملك إلى هشام وكان الخليفة بعده هذه الأبيات
( تمنى رجال أن أموت وإن أمت ** فتلك سبيل لست فيها بأوحد )
( فما عيش من ير جورداي بضائري ** وما عيش من يرجو رداي بمخلد )
( فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى ** تجهز لأخرى مثلها فكأن قد )
قال فكتب إليه هشام
( ومن لا يغمض عينه عن صديقه ** وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب )
( ومن يتتبع جاهدا كل عثرة ** يجدها ولا يسلم له الدهر صاحب )
قال فكتب إليه يزيد
( لعمرك ما أدري وإني لأوجل ** على أينا تعدو المنية أول )
( وإني على أشياء منك تريبني ** قديما لذو صفح على ذاك مجمل )
( إذا سؤتني يوما صفحت إلى غد ** ليعقب يوما منك آخر مقبل )
( وإني أخوك الدائم العهد لم أحل ** إن ابزاك خصم أو نبابك منزل )
( أحارب من حاربت من ذي عداوة ** وأحبس مالي أن غرمت فاعقل )


( ستقطع في الدنيا إذا ما قطعتني ** يمينك فانظر أي كف تبدل )
( وكنت إذا ما صاحب رام ظنتي ** وبدل سوأ بالذي كنت أفعل )
( قلبت له ظهر المجن ولم أدم ** على ذاك الأريث ما أتحول )
( وفي الناس إن رثت حبالك واصل ** وفي الأرض عن دار القلى متحول )
( إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته ** على طرف الهجران أن كان يعقل )
( ويركب حد السيف من أن تضيمه ** إذا لم يكن عن شفرة السيف مزحل )


( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدن الزبير بن بكار
( وأبثثت عمرا بعض ما في جوانحي ** وجرعته من مر ما أتجرع )
( ولا بد من شكوى إلى ذي حفيظة ** إذا جعلت أسرار نفسي تطلع )
قال وأنشدنا أيضا
( ألا يا خليل النفس هل أنت قائل ** لزينب حاجاتي التي أنا تائب )
( وما بي عي أن أقول بحاجتي ** ولكنما يمشي علي الرقائب )
( بلى فاسلمي يا دار زينب وانعمى ** صباحا إذا ما كان سلم مقارب )
( فأما سلام والحروب مكانها ** فلا كيف يهدي بالسلام المحارب )
( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو بكر بن أبي الأزهر قال أنشدنا أحمد بن يحيى ثعلب لبعضهم
( إني وإن بني عمي لفي خلق ** عما قليل أراه سوف ينكشف )
( يزملون جنين البغض بينهم ** والضغن أسود أو في وجهه كلف )
( إذا لقيناهم نمت عيونهم ** والعين تخبر ما في القلب أو تصف )
( قال ) وحدثنا محمد بن يزيد قال حدثني ابن عائشة قال قال مسلمة بن عبد الملك لنصيب أمدحت فلا يعني رجلا من أهل بيته قال له قد كان ذاك قال أو حرمك قال قد كان ذاك قال أفلا هجوته قال لم أفعل قال ولم قال لأني كنت أحق بالهجاء منه إذ وضعت مدحي في مثله فأعجب مسلمة قوله فقال له سلني قال لا أفعل قال ولم قال لأن بدك بالعطاء أسمح مني بالسؤال فأعطاه ألف دينار ( قال ) وأنشدنا محمد بن يزيد لشيخ من الأزد يقوله في محمد ابن يحيى بن خالد وقد امتدحه فحرمه
( أقلني يا محمد بن يحيى ** مقالا لم أكن فيه صدوقا )
( جعلتك فيه ذا مجد ويأس ** وتلك مقالة بك لن تليقا )


( فلست بضائر أبدا عدوا ** ولست بنافع أبدا صديقا )
( قال ) وأنشدنا أيضا
( من الناس من يغشى الأباعد نفعه ** ويشقى به حتى الممات أقاربه )
( فإن كان خيرا فالبعيد يناله ** وإن كان شرا فابن عمك صاحبه )
( قال ) وأنشدنا محمد بن يزيد
( سقاني هذيل من شراب كأنه ** دم الجوف قد يدني الحليم من الجهل )
( حططت عليه وافر العقل صاحيا ** فما زال بالتقريب والأهل والسهل )
( وما زلت أسقى شربة بعد شربة ** من الراح حتى أبت مختلس العقل )
( سقاني ثلاثا واثنتين وأربعا ** فخترن ما بين الذؤابة والنعل )
( فرحت كأن الأرض أركل متنها ** إذا هي دارت بي فيعدلها ركلى )
( كأني ونفسي بين دار ابن سالم ** ودار غريب في أفاحيص أووحل )
( قال ) وحدثنا أبو زيد عمر بن شبة قال حدثنا الباهلي عن الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء قال حدثني أدهم التميمي قال لقيت كثير عزة فقال لي لقيني جميل بن معمر في موضعك هذا فقال لي من أين أقبلت فقلت من عند أبي الحبيبة وإلى الحبيبة أعني أبا بثينة وأعني عزة فقال لي أن لي إليك حاجة ولا بد من قضائها ترجع إلى بثينة وتواعدها لي موعدا قلت إني أستحى من أبيها وعهدي به آنفا قال فلا بد من ذاك قلت متى أحدث عهدك بها قال بالدوم وهم يرحضون ثيابا ( قال ) فرجعت إلى أبيها عودي على بدئي فقال ما ردك يا ابن أخي قال قلت أبياتا عرضت لي أحببت أن أنشدكها قال وما هي قلت
( وقلت لها يا عز أرسل صاحبي ** على نأى دار والرسول موكل )
( بأن تجعلي بيني وبينك موعدا ** وأن تأمريني بالذي فيه أفعل )
( وآخر عهد منك يوم لقيتني ** بأسفل وادي الدوم والثوب يغسل )


( قال ) فضربت بثينة الجدار وقالت اخسأ اخسأ فقال لها الشيخ مهيم يا بثينة فقالت كلب يأتينا إذا نوم الناس من وراء الرابية قال فرجعت إلى جميل فأخبرته أنها قد وعدته إذا نوم الناس من وراء الرابية ( قال ) وحدثنا الزبير قال حدثني محمد بن يحيى قال حدثني رجل من أهل اليمامة قال كان لنا غلام زنجي أعجمي قد نطق وفهم شيأ من العربية وكان يسوق ناضحا لنا ويرتجز بكلام لا نتبينه فمر بنا رجل فسمع كلامه وأصغى إليه فقلنا له أتفهم ما يقول قال نعم ينشد
( فقلت لها أنى اهتديت لفتية ** أناخوا بجعجاع قلائص سهما )
( فقالت كذاك العاشقون ومن يخف ** عيون الأعادي يجعل الليل سلما )
قال فكنا نتفهمه بعد فنرد لفظه إلى ترجمتنا ( قال ) وأنشدنا محمد بن يزيد لأعرابي يقوله في ابنه
( ألا يا سمية شبي الوقودا ** لعل الليالي تؤدي يزيدا )
( فنفسي فداؤك من غائب ** إذا ما المسارح أضحت جليدا )
( كفاني الذي كنت أسعى له ** فكان أبالي وكنت الوليدا )
( قال ) وحدثنا عمر بن شبة قال حدثني يحيى قال حدثني رجل من ولد خزيمة بن يحيى قال قدم رجل من أهل الشأم من بني مرة على أبي جعفر المنصور فتكلم معه كلاما حسنا فقال له أبو جعفر حاجتك فقال يبقيك الله يا أمير المؤمنين قال حاجتك فإنه ليس كل ساعة يمكنك هذا ولا تؤمر به فقال والله ما أستقصر عمرك ولا أخاف بخلك ولا أغتنم مالك وإن سؤالك لشرف وإن عطاءك لزين وما بامرئ بذل وجهه إليك نقص ولا شين فقال أبو جعفر يا ربيع لا ينصرف من مقامه إلا بمائة ألف درهم فحملت معه قال وأنشدنا محمد بن يزيد
( كل يوم يمر يأخذ بعضى ** يأخذ الأطيبين مني ويمضي )


( قد تلذذت بالمعاصي قديما ** نفس كفي ليس المعاصي بفرض )
( قال ) وأنشدنا أيضا
( كن حييا إذا خلوت بذنب ** واحذر السخط من علي مجيد )
( ويك بارزت من يراك عتوا ** وتواريت عن عيون العبيد )
( وبحلم الإله عدت إلى الذنب ولم تخش غب يوم الوعيد )
( أقرأت القرآن أم لست تدري ** أن ذا العرش دون حبل الوريد )
( انتهى ) ما أملاه أبو علي من النوادر زائدا على ما في الأمالي صلة لها بحمد الله وعونه وآخر ما جمعت من ذلك قصيدة رثي بها أبو بكر بن دريد لبعض البغداديين يقولها لها فيه تغمده الله برحمته ورضوانه وهي هذه
( يلوم على فرط الأسى ويفند ** خلي من الوجد الذي يتجدد )
( ويكبر أن ينهل دمع أراقه ** تضرم نار في الحشا ليس تخمد )
( ويستصغر الرزء الذي جل قدره ** وكل امرئ باك عليه ومسعد )
( حرام على الأجفان أن ترد الكرى ** أجل مالها إلا التسهد مورد )
( وبسل على المحزون أن يقبل الأسى ** بلى حظه حزن به الدهر يكمد )
( فما لجفوني عذرة حين ترقد ** ولا لدموعي سلوة حين تجمد )
( هو الدهر يرمينا بأسهم صرفه ** فيصمي الرمايا حين يرمي ويقصد )
( فلا جمع ألا والزمان مفرق ** ولا شمل إلا بالخطوب مبدد )
( ولا عهد إلا والليالي وصرفها ** تحول به عن كل ما كنت تعهد )
( ولا حال إلا وهي رهن تنقل ** إذا صلحت في اليوم أفسدها الغد )
( جرت عادة الدنيا بكل الذي ترى ** وليس لها ترك لما تتعود )
( فصبرا وتسليما لكل ملمة ** إذا لم يكن يوما على الدهر منجد )

إسمهان الجادوي 08-23-2021 02:51 PM

رد: الأمالي في لغة العرب للبغدادي
 
( لعمرك ما أصبحت جلدا على التي ** منيت بها لكنني أتجلد )
( أفي كل يوم يفقد الدهر ماجدا ** يعز علينا فقده حين يفقد )
( وتفجعنا الدنيا بعلق مضنة ** تنافس فيه ما حيينا وتحسد )
( نودع خلان الصفاء وتقطع المقادير منا ود من يتودد ** )
( نفارق من نلقى الردى بفراقه ** وينأى القريب الإلف منا ويبعد )
( أرانا بصرف الدهر نفنى وننفد ** وتفنى صروف الدهر أيضا وتنفد )
( عليك ( أبا بكر ) سلام ورحمة ** بها في جنان الخلد أنت مخلد )
( وجاد ثرى ضمنته كل وابل ** من المزن وكاف يراح ويرعد )
( إذا ما استطار البرق في جنبائه ** حسبت الظبا فيه عشاء تجرد )
( وإن أرزمت فيه الرواعد خلته ** حنين متال في يفاع يردد )
( فقد ضم منك الترب مجدا وسوددا ** يقصر عن أدنى مداه المسود )
( فقدناك فقدان المصابيح في الدجى ** إذا ضل عن قصد الهداية مقصد )
( وماتت بموت العلم منك قلوبنا ** وكنت حياها لم تزل بك ترشد )
( لتبكك أبكار المعاني وعونها ** وغر القوافي حين تروى وتنشد )
( تسير مسير الأنجم الزهر كلما ** خبا ضوء شعر أشرقت تتوقد )
( لأنشرت بالعلم الخليل فخلتنا ** نشاهده أن ضمنا منك مشهد )
( وجالستنا بالأصمعي ومعمر ** وأوجدتنا ما لم يكن قبل يوجد )
( وخلنا أباز يد لدينا ممثلا ** وأنت بفضل العلم أعلى وأزيد )
( وشاهدتنا بالمازني وعلمه ** وما غاب عنا إذ حضرت المبرد )
( وكنت إماما في الروايات كلها ** يضاف إليك الصدق فيها ويسند )
( هوت أنحم الأداب والعلم واغتدت ** رياضهما من بعده وهي همد )


( وكان جناب العلم إذ كان مخصبا ** وأفنانه ميل رواء تميد )
( فقد أصبحت مذبان وهي هشائم ** ثوابتها تجتث منها وتعضد )
( مضيت ( أبا بكر ) حميدا وخلفتء ** مساعيك فضلا بيننا ليس يحجد )
( كما ودع الغيث الذي عم نفعه ** وأضحى به كل البرية يرفد )
( توحدت بالآداب والعلم والحجا ** فأنت بحسن الذكر منها موحد )
( حمدنا بك الأيام ثمت عاضنا ** مصابك منها ذم ما كان يحمد )
( شهدنا على الأيام أن سرورها ** غرور كما كنا بفضلك نشهد )
( على أي شيء منك نأسى إذا جرت ** محاسن وصف بادئات وعود )
( على علمك الوارى الزناد إذا غدا ** زناد امرئ في علمه هو مصلد )
( وأخلاقك الغر التي لو تجسدت ** لكانت نجوم السعد حين تجسد )
( على رأيك الماضي المضيء الذي به ** يفض رتاج الخطب والخطب مؤصد )
( لقد شملت فيك الرزية يعربا ** ولم يخل منها فيك من يتمعدد )
( مضى ( ابن دريد ) ثم خلد بعده ** سوائر أمثال تغور وتنجد )
( بدائع من نظم ونثر كأنها ** عقود زهاها درها حين تعقد )
( كأن لم تكن تروى غليل مسامع ** بقول به يطفى الغليل ويبرد )
( ولم تنده الخصم الألد بمسكت ** يغادره مستوهلا يتلدد )
( ولم توقظ الآراء عند سناتها ** وقد توسن الآراء حينا وترقد )
( ولم تجل أصداء القلوب ولم يقم ** ثقافك منها كل ما يتأود )
( فما منك معتاض ولا عنك سلوة ** نظيرك معدوم وحزني مؤبد )
( عليك سلام الله ما ذر شارق ** وغرد في الأيك الحمام المغرد )



الساعة الآن 06:15 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)