منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع العلوم الشرعية (https://hwazen.com/vb/f38.html)
-   -   الوسائل التي تثبت المسلم أمام الفتن (https://hwazen.com/vb/t22197.html)

عطر الجنة 01-01-2022 06:34 PM

الوسائل التي تثبت المسلم أمام الفتن
 


https://lh3.googleusercontent.com/pr...2LD33_3NCS-wo8



إن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

(يآأيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ) سورة آل عمران 102.

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) سورة النساء 1.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) سورة الأحزاب 70-71.



الله تعالى يبتلي الناس بالشر والخير


إن الله I قد ابتلانا بالشر والخير (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ )سورة الأنبياء 35.

إن الابتلاء بالخير والشر فتنة من الله تعالى ليبلو بها النفوس، فيظهر الصابرون، ويسقط المنافقون الضعفاء.

إن هذه الفتن التي يبتلينا الله بها في الدنيا متعددة، فمنها فتنة المال، ومنها فتنة الجاه، ومنها فتنة الاضطهاد والطغيان،
ومنها فتنة الزوجة والأولاد، قال لله I (وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ ۝ فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ ۝ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ ) سورة التوبة 75-77.



هذه فتنة المال الذي إذا جاء إلى الإنسان، فإنه إذا لم يثبته الله U زلت قدمه، وهوى في مراتع الفساد والمعاصي، وأشغله ماله عن ذكر الله تعالى، فلم يعد يجد وقتاً لعبادة الله U،

وبذلك يكون المال وبالاً عليه، ونجد أيها المسلمون عدداً من الناس الذين تغيرت أحوالهم المادية، فتخرج من الجامعة فصار موظفاً بعد أن كان طالباً، أو اشتغل بتجارة فصار له مال بعد أن كان فقيراً أو متوسطاً، نجد حال هؤلاء قد تغير، وأنهم قد وقعوا في المعاصي، وصاروا يسهرون السهرات المحرمة، ويسافرون السفريات المحرمة، ويجلسون في مجالس السوء، وينشغلون بالمعاصي التي فتحت عليهم أبوابها بفعل أموالهم،
وكذلك من الناس من يصبح له جاه بعد إذ لم يكن، فيكون الجاه عليه فتنة، يكون له فتنة، وعليه وبال،

كما قال النبي ﷺ: ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها

من حرص المرء على المال والشرف لدينه.


لا يفسد دين المرء مثلما يفسده المال والجاه، كما أن زريبة الغنم لا يفسدها مثلما يفسدها ذئبان جائعان أطلقا فيها، فهكذا شبَّه النبي ﷺ المال والجاه، ولذلك فإن فتنة الجاه كانت للكفار عظيمة، فلما رأوا الضعفاء مع النبي ﷺ يجلسون أبوا أن يجلسوا وتكبروا عن تلك المجالس، فهم النبي ﷺ أن يقيم أصحابه ليجلس هؤلاء، فأنزل الله تعالى( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا )

فمن زينتها الجاه الذي إذا لم يستخدمه صاحبه في الخير أضر به ضرراً عظيماً (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا )سورة الكهف 28.

لا يفسد دين المرء مثلما يفسده المال والجاه، كما أن زريبة الغنم

لا يفسدها مثلما يفسدها ذئبان جائعان أطلقا فيها، فهكذا شبَّه النبي ﷺ المال والجاه، ولذلك فإن فتنة الجاه كانت للكفار عظيمة، فلما رأوا الضعفاء مع النبي ﷺ يجلسون أبوا أن يجلسوا وتكبروا عن تلك المجالس، فهم النبي ﷺ أن يقيم أصحابه ليجلس هؤلاء، فأنزل الله تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فمن زينتها الجاه الذي إذا لم يستخدمه صاحبه في الخير أضر به ضرراً عظيماًوَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا سورة الكهف 28.

ومن الفتنة كذلك: الفتنة بالزوجة والولد، يقول الله U:
( إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُم ) سورة التغابن 14.



فبعض الناس أركسته زوجته في المعاصي، كان مستقيماً قبل الزواج، فلم يهتم بالزواج من امرأة ذات دين، كما أوصى النبي ﷺ،

وقال: أنا أرشدها وأهديها، وأنا أحسن من حالها، وأرفع من شأنها، ولكنها نكسته وجرته، هي التي أضعفته، وأشغلته بمتاع الحياة الدنيا الزائل، وكذلك الولد فإن النبي ﷺ قال في الحديث الحسن

أو الصحيح بطرقه: الولد مجبنة مبخلة محزنة.
ومجهلة كذلك، فهو مجبنة لأنه يجبن أباه عن الجهاد في سبيل الله، ومحزنة بما يصيب الأب من الحزن إذا مرض الولد، وكذلك هو مبخلة يمنع الأب من التوسع في الإنفاق في سبيل الله، ومجهلة لأنه يشغل عن طلب العلم، فالدنيا فتن أيها المسلمون، الدنيا فتن، ولا بد أن يكون للمرء المسلم ثبات عند الفتن، لا بد أن يكون له مواقف ثابتة عند الفتن، إذا لم يواجه الفتن، بالبصيرة فإنه لا بد منزلق.


إن ما نرى من تغير أحوال بعض الناس من الهداية إلى الضلال،

ومن الاستقامة إلى الانحراف، إن بعض ما نراه من مظاهر الانحراف، ونشوئها عند بعض أصحاب النفوس التي كانت مستقيمة على طاعة الله ردحاً من الزمن إنه أمر مخيف، إنه أمر يدفعنا لأن نعيد حساباتنا، وأن ننظر في أنفسنا مرة أخرى، وأن نخشى على أنفسنا من الهلاك، أن نخشى على أنفسنا سوء الخاتمة، أن نخشى على أنفسنا من المصير الأسود الذي انقاد إليه بعض الناس، ولذلك فإن المسلم يجب أن يكثر من قوله ﷺ:

يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. فهذا القلب يتغير بفعل هذه العوامل.



من أهم الوسائل التي تعين المسلم على الثبات القرآن الكريم


إن كتاب الله I من أهم الوسائل بل هو أهمها لمواجهة الفتن الكثيرة، ومنها فتنة الخوف، والظلم، والطغيان، وما عسى أن يتعرض له المتمسك بدينه، القائم على شريعة الله من ألوان العذاب، أو الاضطهاد، والتخويف، إن اجتماع الفتن من أنواع السراء والضراء يوجب التوجه إلى كتاب الله U الذي كان يثبت قلب محمد ﷺ، فينزل برداً وسلاماً على ذلك القلب المؤمن؛ ليزيده تماسكاً وثباتاً، ونحن أحوج والله إلى هذه المسألة أن نقبل على كتاب الله بالتلاوة، والحفظ، والتدبر، والتأمل، بعد قراءة التفسير لنعرف عوامل المواجهة التي تمكننا من الثبات عند هذه الفتن المتكاثرة.

من الوسائل التي تثبت المسلم أمام الفتن العبادة والدعاء


إن للعبادة ولا شك أثراً عظيماً في مواجهة الفتن، الفتن كثيرة في هذه الأيام، كثيرة جداً، فإذا لم يكن المسلم صاحب عبادة محافظاً على الفرائض قائماً بالنوافل وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه.

إن الحاجة للدعاء عظيمة، فإنه قد لا يملك المسلم في المواجهة أكثر من سلاح الدعاء في بعض الأحيان، فإنه قد يحاصر حصاراً تاماً، ويكون عاجزاً عن الأخذ ببعض الأسباب الدنيوية، فلا حيلة له حينئذٍ إلا التوجه إلى الله بالدعاء (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا ) سورة آل عمران 8.

(رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا) سورة البقرة 250.


إن مثل هذه الأدعية لا بد أن تكون ديدناً للمسلم، وحصناً حصيناً يلجأ إليه، وهو مقاومة مهمة من أنواع المقامة، التي تعين على الثبات عند الفتن.



من الوسائل التي تعين المسلم على الثبات قراءة سير الصالحين


إن اللجوء إلى سير عباد الله الصالحين، اللجوء إلى سيرهم إن كانوا أمواتاً، وإلى كلماتهم التي سطرت وأفعالهم التي دونت من أهم الأمور، فلننظر مثلاً في رجل آتاه الله مالاً وجاهاً، في رجل أعطاه الله من المال والجاه أمراً عظيماً، ولكنه كان يستخدم ماله وجاهه في طاعة الله، لقد ضرب مثلاً عظيماً، رغم أنه مجهول عند الكثير من المسلمين، ألا وهو يحيى بن محمد بن هبيرة رحمه الله تعالى، الوزير، العالم، العادل، هذا الرجل
الذي كان في القرن الخامس الهجري، كان أبوه جندياً، ولكنه كان يحثه على تحصيل العلم، وإدراك الفوائد، ويمضي به صغيراً إلى بغداد يحضر مجالس العلم، ولكن أباه مات، ولم يخلف له شيئاً، فمنعه فقره عن طلب العلم، ولكنه بعد أن حفظ القرآن الكريم لجأ إلى شيء من العمل والتكسب؛ لأجل سد حاجته وحاجة أهله، لقد دفعه الفقر إلى طلب الرزق، ومعلوم أن الوظيفة تشغل عن طلب العلم، فاشتغل بالكتابة، واشتهر أمره في أمانته، وحسن كتابته، وضبطه، وكتمانه للسر، فترقى شيئاً فشيئاً، حتى اتخذه الخليفة المكتفي مشرفاً على المخزن، ثم رقاه إلى أن صيره صاحب الديوان، ولما ظهرت كفاءته وأمانته أسند إليه الوزارة، فصار هو الوزير في البلد، أعظم شخصية بعد الخليفة، لكن هذا الرجل الصالح الذي كان سلفي المعتقد، على مذهب الإمام أحمد رحمه الله في الفقه، هذا الرجل لم تطغه وزارته، ولم تشغله الأموال التي كانت تأتيه، فإنه كان يجتهد في اتباع الصواب، ويحذر من الظلم، ويقرب الأخيار من الفقهاء، والمحدثين، والصالحين، وكانت أمواله مبذولة لطلب العلم، وفقراء البلد، وكان ناصراً للسنة، رفع الله السنة في عصره، وعهده، وبجهده رفعاً عظيماً، وكان يقول: والله لقد كنت أسأل الله تعالى الدنيا لأخدم بما يرزقني منها العلم وأهله، وكان صادقاً في ذلك ليس كبعض الناس الذين يقولون: نتاجر ونطلب الأموال للصدقة، ونحو ذلك من مشاريع الخير( فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ ) سورة التوبة 76.
ولذلك كانت السنة تدور وعليه ديون، وكان يقول: ما وجبت عليّ زكاة قط؛ لأن السنة لم تكن تدور وعنده شيء من المال يخرج زكاته، هذا الرجل الذي وصفه العلماء في عصره وبعده رحمهم الله: بأنه كان شديداً في اتباع السنة، وسيَر السلف، وكان يتحدث بنعم الله عليه، ويذكر وهو في منصبه، في منصب الوزارة أمام الناس يذكر شدة فقره القديم، وكان إذا استفاد شيئاً من العلم أو فائدة فذكرها في مجلس قال: أفادني فلان، فينسب الفضل لصاحبه، ويذكر معلمه، مع أنه وزير، وكان عفيفاً محموداً، كثير البر والمعروف، وقراءة القرآن، والصلاة، والصيام، ويكثر مجالسة أهل العلم، وكان يحضر مجلسه الفضلاء، والعلماء، وأعيان الفقهاء، والصالحين -رحمه الله تعالى-

وألف مصنفات عظيمة، ومن أعظمها الإفصاح عن معاني الصحاح في تسعة عشر كتاباً، شرح فيه البخاري ومسلم من خلال مسند الحميدي رحمه الله تعالى، وعندما وصل إلى قوله ﷺ: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين".
شرح الفقه وعرفه وانطلق من خلاله للكتابة في مسائل الفقه، واختلاف أهل العلم فيها، فهذه التي أخذت فطبعت في مجلدين
من ذلك الكتاب العظيم، الذي لا زالت مخطوطاته متفرقة في الدنيا، هذا الرجل الذي طاولته أيدي الحاقدين، ووصلت أحقادهم إلى تحريض الطبيب الذي يعالجه فدس له السم في الدواء..

وقال ابن الجوزي رحمه الله: كان الوزير يتأسف على ما مضى

من زمانه، ويندم على ما دخل فيه من شؤون الوزارة، ثم صار يسأل الله U الشهادة، ويتعرض بأسبابها، وكان صحيحاً يوم السبت الثاني عشر من جماد الأولى، سنة ستين وخمسمائة، فنام ليلة الأحد في عافية، فلما كان وقت السحر تقيأ، فأحضروا الطبيب الذي كان يخدمه فسقاه شيئاً، يقال: إنه سمه فمات، ثم سُم الطبيب بعده بستة أشهر، فكان الطبيب يقول وهو يصارع الموت: سُقيت كما سَقيت ومات الطبيب.

هذا الذي مضى فيما نحسب شهيداً إلى الله U، لم يفتنه المال، ولم يفتنه الجاه، وإنما استعمله في طاعة الله تعالى، وهذا درس عظيم لكل من آتاه الله مالاً أو جاهاً كيف يستخدمه في طاعة الله U.

إن سيَر الصالحين أيها المسلمون كانت ولا تزال معيناً لا ينضب، ووعاءً لا ينفد من الأوعية التي نستخلص منها دروساً في مواجهة الفتن المعاصرة.

لقد كان ابن القيم رحمه الله يقول عن شيخه: كنا إذا اشتد بنا الخوف، وساءت منا الظنون من مؤامرات الأعداء وكيدهم- وضاقت بنا الأرض، أتيناه، فما هو إلا أن نراه، ونسمع كلامه، فيذهب ذلك كله عنا، فيذهب ذلك عنا، وينقلب انشراحاً، وقوة، ويقيناً، وطمأنينة، فسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقاءه، وفتح لهم أبوابها في دار العمل، وآتاهم من روحها ونسيمها وطيبها، ما استفرغ قواهم لطلبها والمسابقة إليها، وكذلك في هذه الحياة من القدوات،

وأهل العلم، والصالحين، من يلجأ إليهم بعد الله في طلب الدعاء، وطلب النصيحة والتوجيه، فلا تتردد يا عبد الله إذا آنست من نفسك ضعفاً، أو شككت بأنك على شفا جرف هار، أن تتقدم إلى مثل أولئك الأخيار بطلب بالنصيحة، والتوجيه، والتثبيت علّ الله أن ينفعك بما عنده، وأن يثبتك بما تسمع منه.

إن هذه الفتن التي نعيشها وهذا الخوف الذي يروجه الأعداء، وهذا الإرجاف الذي يشيعه المنافقون، ينبغي أن يقابل من العبد المسلم، ينبغي أن يقابل بتوكل على الله( وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) سورة الطلاق 3.
( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ )سورة الأنفال 64.

فهو حسبك، وحسب المؤمنين، فهو كافيك، وكافي المؤمنين، فهو مثبتك، ومثبت المؤمنين، هو الذي يثبت جنانك، ويثبت أجنة المؤمنين.

لا بد من عدم الإغترار بالباطل، وعدم الانصياع لتخويفه،

قال الله U: (لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ ۝مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ) سورة آل عمران 196-197.

وقال الله تعالى (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ ) سورة الرعد 17.

لا يحق إلا الحق، ولا يصح إلا الصحيح، ولا يبقى إلا ما يريد الله تعالى مما ينفع الناس، فإن الباطل وإن كانت له نفشه ورغوة فإنه عما قليل زائل، ولذلك كان من الواجب

على المؤمنين أن يتمعنوا في سير ما قصه الله علينا من سير المكذبين (وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ)

سورة الأنعام 55.

ولا بد أن يتحلى المسلم بما يعينه على المواجهة في الفتنة من الأخلاق المعينة على ذلك، وأهمها الصبر بجميع أنواعه: الصبر على طاعة الله، والصبر عن معصية الله، والصبر على أقدار الله تعالى المؤلمة.

إن قصار النفس الذين لا يصبرون، طالما يبدون آهات الجزع، ويتأوهون تأوهات المحبط، ولذلك فإنه لا يجوز بأي حال اليأس من رحمة الله قال الله U:(وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَسورة آل عمران 139.

هذا الكلام في غمرة الهزائم المتتابعة التي تلحق بمن ينتسبون إلى الإسلام، وهذا الكلام في غمرة اشتداد أعداء الدين على أهله، وفي غمرة ما يحيكونه من المؤامرات، يبقى هذا المفهوم، مفهوم الاستعلاء بالإيمان هو الذي ينبغي أن يعمر قلب المؤمن.

كان الإمام أحمد رحمه الله تعالى وهو يساق إلى المأمون الظالم الذي حمل الناس على الباطل، كان ثابت الجنان، كان مقيداً يرسف في قيوده، ولكن نفسه الأبية بين جنبيه، وقلبه الثابت كان ينبض بالإيمان، والتوكل على الله U، وكان العلم رائده،

وهو الذي كان من أسباب ثباته، وكانت وصايا الناس من أصحابه القلة ممن يعرفهم وممن لا يعرفهم معيناً له، فكان يقول له أحد أصحابه: يا هذا أنت اليوم رأس والناس يقتدون بك، فو الله لئن أجبت إلى خلق القرآن ليجيبن خلق، وإن لم تجب ليمتنعن خلق من الناس كثير، ومع هذا فإن الرجل إن لم يقتلك فإنك تموت، لا بد من الموت، فاتق الله ولا تجب، فجعل أحمد يبكي ويقول: ما شاء الله.

ثم كذلك لما صار إلى الرحبة رحمه الله دخل رجل فقال للإمام أحمد بعدما سأل عنه: يا هذا ما عليك أن تقتل هاهنا وتدخل الجنة، ثم قال: أستودعك الله ومضى، وكان أعرابياً من البادية

سمع بالإمام أحمد جيء به في الطريق فعرض له بهذه الكلمات، وكذلك كان معه غلام شاب يافع يقال له: محمد بن نوح، كان ممن لم يجب في الفتنة، فلذلك لما أشرف على الموت قال: يا أحمد إن يقتلك الحق مت شهيداً، وإن عشت عشت حميداً، فقوّى قلبي،

ثم مات فغسله الإمام أحمد رحمه الله، وكفنه، وصلى عليه،

وقال: ما رأيت أحداً على حداثة سنه، وقدر علمه أقوم بأمر الله من محمد بن نوح، إني لأرجو أن يكون قد ختم له بخير

حتى اللصوص كان لهم من الدور في تثبيت الإمام ما كان،

فكان اللص يقول لأحمد رحمه الله في السجن:

يا أحمد إني لأصبر على الضرب وأنا على الباطل، أفلا تثبت عليه وأنت على الحق، فكان ذلك مما يقوي عزمه، وقيل له فيما قيل: إنه سوط أو أسواط ثم لا تدري أين يقع البقية، يعني عندما يغمى عليه من شدة الضرب، فكان ذلك مما قوى في عزمه.

إن مغريات الحياة الدنيا كثيرة، إن هذه الأشياء من الكماليات وغيرها ، وهذه الزينات والبهارج مما ترونه في الأسواق، ومما ترونه في المباني، ومما ترونه في السلع، ومما ترونه في الأغذية،

إن هذه البهارج كثيرة، إنها خلابة، إنها تأخذ بالألباب، وهذه الفتن وعلى رأسها فتنة المال والنساء وهي من أشد ما يفتن المسلم في هذا الزمان

فاحذر من أن تنغمس في هذه الأوحال فتموت على معصية فتلقى الله وهو غاضب عليك، فتنال غضبه، وتدخل في عذابه،
وأي العذابين أشد وأبقى؟ عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة،

اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد،

اللهم إنا نسألك الشوق إلى لقائك، والنظر إلى وجهك في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين

اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا





https://lh3.googleusercontent.com/pr...2LD33_3NCS-wo8

بريق الافق 01-06-2022 07:11 PM

Re: الوسائل التي تثبت المسلم أمام الفتن
 
45mm

...اكرمتنا ياغاليه...

... وفقك الله وسدد خطاك لكل خير ...

لك شكري وتقديري والاحترام

دمت بخير وراحة بال

ffffMM

إسمهان الجادوي 01-07-2022 12:26 PM

رد: الوسائل التي تثبت المسلم أمام الفتن
 
مدائن من الشكر لروحك الطيبة
على النقـــــل الرائع والمميز
ارقى التحايا لروحك العذبة

عطر الجنة 01-08-2022 01:29 AM

رد: الوسائل التي تثبت المسلم أمام الفتن
 
شكر لكن غاليات
سرني تشريفكم لموضوعي

وانارتعقيبكم به البهجة والسرور
جزاكن الله خيرا


الساعة الآن 05:25 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)