منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع الأمومة والطفولة (https://hwazen.com/vb/f107.html)
-   -   ابني يسألني في العقيدة (3) (https://hwazen.com/vb/t22584.html)

إسمهان الجادوي 07-25-2022 04:13 PM

ابني يسألني في العقيدة (3)
 
ابني يسألني في العقيدة (3)


ها نحن بفضل الله نطرق أبواب المقال الثالث في هذه السلسة؛ لنفتح بابًا على أسئلة الطفل عن الله - عزَّ وجلَّ - سائلين منه تعالى القبول والسداد والتوفيق، وهي من الأسئلة المهمة جدًّا؛ لأننا بإجابتنا نبني عقيدة الطفل وتصوُّره عن الإله المعبود جل وعلا، لذلك سأحرص أن تكون المعلومات بسيطة ودقيقة إن شاء الله، فمن خلال أسئلة الأطفال التي كنت أسمعها يمكن أن أقسمها إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: الأسئلة التي يسأل فيها الطفل عن صفات الله من خلال قياس صفات الله على صفاته الشخصية.
القسم الثاني: الأسئلة عن صفات الله الذاتية.
القسم الثالث: سؤال الطفل عن الكيفيات.

وفي نهاية سؤال من خلق الله؟ والذي سأفرد له حديثًا خاصًّا إن شاء الله.

والمبادئ التي سأذكرها إن شاء الله هي مبادئ توفيقية أو اجتهادية أردت من خلالها أن أفتح مسارات للوالدين للإجابة على سؤال الطفل وغرس مبادئ العقيدة، ولا مانع طبعًا إن كان للوالدين إجابات أخرى أو أسلوب آخر، المهم أن تكون الإجابة صحيحة ودقيقة ومصدرها الكتاب والسنة، وموافقة لمنهج أهل السنة والجماعة، فلنبدأ بعون الله:
القسم الأول: الأسئلة التي يقيس فيها الطفل صفات الله - عزَّ وجلَّ - على صفاته؛ مثل: هل الله يأكل؟ هل الله ينام؟ هل الله ذكر أو أنثي، هل الله له أصدقاء؟ هل له أب وأم؟ وغيرها الكثير.

ونلاحظ هنا أن الطفل سأل عن صفات الله من خلال قياس صفاته التي يراها في نفسه أو في المخلوقات حوله على صفات الله في محاولة منه لمعرفة صفات الله، في مثل هذه الأسئلة يحتاج الطفل إلى ثلاثة مبادئ:
١- أن لكل شيء صفاته الخاصة به، وهذا الأمر يستطيع الطفل ملاحظته من خلال رؤية ما حوله من الأشياء، فالطفل مثلًا صفاته ليس كصفات البنات، أو كصفات الحيوانات، أو كصفات الجمادات، فلكل شيء صفاته التي تميِّزه عن غيره.

٢- أن الله - عزَّ وجلَّ - له صفاته الخاصة اللائقة به، وأنه ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ [الشورى: 11].

فهو جل وعلا لا يشبه أيًّا من المخلوقات التي حولنا أو حتى قريب منها، فهو سبحانه له صفاته الخاصة به جل في علاه اللائقة به، فكل ما خطر ببالنا فالله - عزَّ وجلَّ - بخلاف ذلك، وهذا المبدأ نكرره كثيرًا على مسامع الطفل حتى يرسخ عنده.

إذًا هل تريد معرفة صفات الله فلننظر في القرآن والسنة، فنرى.......

٣- أن الله - عزَّ وجلَّ - له صفاته الخاصة به، وهي صفات الكمال والجلال والعظمة، ليست كصفات المخلوقات التي يعتريها النقص أو التعب، ونضرب له مثلًا لإيضاح اختلاف الصفات، وليكن مثلًا صفة الحياة أو صفه السمع، أو صفة البصر، فلو تحدثنا عن صفه الحياة فالله هو الحي وحياته جل وعلا كاملة، لا تنقص بمرض أو موت أو نوم، أو حتى غفوة يسيرة؛ قال -تعالى-: ‎ ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ﴾ [البقرة: 255]، أما نحن فأحياء أيضًا، لكن حياتنا ناقصة نمرض نموت ننام، وتأخذنا الغفوة كثيرًا، وغيرها من الصفات التي يمكن ذكرها للطفل، واستخراجها من القرآن والسنة الصحيحة.

٤- سورة الإخلاص التي هي صفة الرحمن، فرغم أنها قصيرة إلا أنها حوت صفات الله - عزَّ وجلَّ - التي تبني للطفل تصوره عن الإله المعبود بأنه واحد أحد، الأول جل في علاه، متفرد بالألوهية وبالربوبية على خلقه، تلجأ إليه الخلائق دائمًا، ليس له ولد وليس بمولود.

وهنا همسة يسيرة:
من الأفضل إثارة ذهن الطفل قبل الإجابة للفت انتباهه ولتثبيت المعلومة لديه؛ يعني أتذكر عندما سألت ابنتي سؤال: هل الله ذكر أم أنثى، أحضرت لها ورقة من الشجرة، وقلت لها: قولي لي: هل هذه الورقة ذكر أم أنثي؟ سكتت قليلًا وكأن السؤال أدهشها، كررته ثانية عليها، فقالت لي: أخيرًا إن ورقة الشجر ليس بذكر ولا أنثى، قلت لها: لماذا؟ قالت: لأنها ليست مثلنا، قلت لها: وكذلك الله - عزَّ وجلَّ - لا يوصف بذكورة ولا أنوثة؛ لأنه جل في علاه ليس مثلنا، ومن هنا بدأ الحوار عن اختلاف الصفات وصفات الله - عزَّ وجلَّ - وأنه سبحانه ليس كمثله شيء.

فإثارة ذهن الطفل عند الإجابة تجعله متيقظًا وسعيدًا بالحوار، ومتقبلًا للإجابة بفضل الله، فتثبت المعلومة عنده.

القسم الثاني: الأسئلة المتعلقة بذات الله:
وهذه الأسئلة التي يسأل فيها الطفل عن الصفات الخاصة بالذات الإلهية؛ مثل: هل الله له أذن؟ هل وجهه مثلنا؟ هل له عينان يرانا بهما؟ هل له أنف؟ ومثل هذه الأسئلة الكثير، ولا مشكلة أن نعيد المبادئ مره أخرى؛ حتى ترسخ في ذهن الطفل؟
أولًا: نحن لم نر الله ولكن نعرف بعض صفاته التي ذكرها الله - عزَّ وجلَّ - عن نفسه في القرآن، أو على لسان رسوله، فإذا فتحنا القرآن - ومن اللطيف جدًّا أن تتم عملية البحث مع الطفل - فنرى أن الله ذكر عن نفسه أنه جلا وعلا له وجه؛ قال -تعالى-: ﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 27]، ونقرأ في تفسيرها: (وقد نعت تعالى وجهه الكريم في هذه الآية الكريمة بأنه (ذو الجلال والإكرام)؛ أي: هو أهل أن يجل فلا يعصى، وأن يطاع فلا يخالف)؛ (تفسير ابن كثير).

فهنا إثبات صفة الوجه لله - عزَّ وجلَّ - وله ساق فقال -تعالى-: ﴿ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ﴾ [القلم: 42]، ونقرأ في تفسيرها: (أتى البارئ لفصل القضاء بين عباده ومجازاتهم، فكشف عن ساقه الكريمة التي لا يشبهها شيء)؛ (تفسير السعدي).

وهنا أثبت صفة الساق، وأنه سبحانه له يد جل وعلا؛ قال -تعالى- محدثًا إبليس: ﴿ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَي ﴾ [ص: 75]، وقال -تعالى-: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ﴾ [الملك: 1]، قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: فالمفهوم من هذا الكلام أن الله تعالى له يدان مختصتان به، ذاتيتان له كما يليق بجلاله، وأنه سبحانه خلق آدم بيده، منقول من موقع الشيخ ابن باز، وأنه جل وعلا له عين؛ قال -تعالى-: ﴿ وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ [هود: 37].

ثبت عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قول الله تعالى: ﴿ وَاصْنَعْ الفُلْكَ بِأَعْيُنِنا ﴾، قال: بعين الله تبارك وتعالى؛ رواه عنه البيهقي في الأسماء والصفات (2 /116)؛ موقع إسلام ويب.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: مذهب أهل السنة والجماعة أن لله عينين اثنتين، ينظر بهما حقيقة على الوجه اللائق به، وهما من الصفات الذاتية؛ انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين (4 /58).

فعلمنا أنه سبحانه له ساق ووجه وعينان ويدان جل وعلا، ومن هنا ندخل إلى المبدئ الثاني وهو مهم جدًّا.

ثانيا: أن الله - عزَّ وجلَّ - له صفاته الخاصة به التي لا يشبهها شيء، فهو سبحانه قال في كتابه: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ [الشورى: 11]، فالله له عينان ويدان ووجه وساق، لكن ليست مثلنا أبدًا، ولا تشبه أيًّا من المخلوقات، فهي لائقة بعظمة الله سبحانه وجماله وكماله، فهل ممكن أن تكون له نفس مسمى الصفة ولكن مختلفة؟ نعم، لا مشكله أبدًا في ذلك، فنحن نرى في المخلوقات اختلاف الصفات، وتكون لها نفس مسمى الصفة، فمثلًا نحن لنا أقدام ليس كأقدام الفراشة، وليس كأقدام القطة مثلًا رغم أنهم كلاهما اسمه قدم، فقد نشترك في نفس مسمى الصفة، لكن كل واحد له الصفة اللائقة به، فهذا في المخلوقات، فما بالنا في الخالق وهو العظيم الجليل سبحانه، فالله له عينان ويدان ووجه وساق، لكن ليست مثلنا أبدًا، ولا يشبه أيًّا من مخلوقاته، فهي لائقة بعظمة الله وجماله وكماله وجلاله سبحانه.

ثالثًا: هل تريد أن ترى الله؟
أتينا إلى المبدأ الثالث الذي من خلاله نصرف ذهن الطفل عن التفكر في ذات الله إلى التفكير فيما هو أنفع له، وهو ماذا نفعل لنرى الله، فلنبحث في القرآن؛ قال -تعالى-: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾ [يونس: 26]، فما هو الإحسان كي نفعله؟ وما هي الحسنة وزيادة أيضًا؟ جاء في تفسير السعدي: للذين أحسنوا في عبادة الخالق، بأن عبدوه على وجه المراقبة والنصيحة في عبوديته، وقاموا بما قدروا عليه منها، وأحسنوا إلى عباد الله بما يقدرون عليه من الإحسان القولي والفعلي، من بذل الإحسان المالي، والإحسان البدني، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعليم الجاهلين، ونصيحة المعرضين، وغير ذلك من وجوه البر والإحسان‏.‏

فهؤلاء الذين أحسنوا، لهم ‏ ‏الحسنى‏ ‏ وهي الجنة الكاملة في حسنها، وزيادة ‏وهي النظر إلى وجه الله، فيشرح الوالدان للطفل بجمل بسيطة كيف يكون من المحسنين حتى يدخل الجنة، ونرى ربنا جل وعلا بجمل بسيطة وعبارات تحفيزية، ولا مانع أبدًا من أن يتحدثوا معه عن نعيم الجنة وجمالها وطيب أرضها، فهذا الكلام أنفع له، فإذا سأل الطفل عن صفة ذاتية لله - عزَّ وجلَّ - لكننا لم نجدها في القرآن ولا في السنة، نرسخ له مبدأ التعامل الأساسي مع صفات الله، ونقول له: كيف لنا أن نعرف ونحن لم نر الله ولم نجدها في قرآنه، ولم يخبرنا بها رسول الله، فلا نملك إلا السكوت، ولا أستطيع أقول نعم أو لا؛ لأني ببساطة لا أعرف إلا الصفات التي أخبرنا بها الله عن نفسه في القرآن أو في الحديث، ولكن هل تريد أن ترى الله، ماذا نفعل إذًا؟ وهكذا.

والوالدان يتحدثان عن هذا الأمر كما قلت مسبقًا لصرف ذهن الطفل عن التفكر في ذات الله طويلًا.

همسة في أذن الوالدين:
منهج أهل السنة والجماعة في صفات الله وأسماء أن نثبت ما أثبته الله لنفسه، وننفي ما نفاه الله عن نفسه ونسكت عما لا نعرفه.

أن نحمل اللفظ على ظاهره طالما لم يكن هناك قرينة تصرفه عن معناه الظاهر، وسأكتفي بهذا القدر في هذا المقال فقد أطلت فيه كثيرًا، على أن ألتقي بكم في المقال الرابع إن قدر الله لنا اللقاء والبقاء إن شاء الله.


داليا رفيق بركات

م ق الألوكة

هوازن الشريف 08-02-2022 06:38 PM

رد: ابني يسألني في العقيدة (3)
 
اعجبني جدا تدرجها المبهر


شكرا


الساعة الآن 10:23 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)