منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع العلوم الشرعية (https://hwazen.com/vb/f38.html)
-   -   عاشوراء.. ذِكْرَى للمؤمنين (https://hwazen.com/vb/t22619.html)

إسمهان الجادوي 08-07-2022 08:46 PM

عاشوراء.. ذِكْرَى للمؤمنين
 
عاشوراء.. ذِكْرَى للمؤمنين


قدِم النبيُّ ﷺ المدينة، فوجد اليهودَ صِيامًا عاشوراء، فسألهم: ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ فقالوا: هذا يوم عظيم؛ أنْجَى اللهُ فيه موسى وقومَه، وغرق فرعونُ وقومُه؛ فصامه موسى شُكرًا؛ فنحن نصومه، فقال رسول الله ﷺ: "فنحن أحَقُّ وأولى بموسى منكم". فصامه رسول الله ﷺ، وأمَرَ بصيامه، وذلك قبل أن يُفرَض رمضان. كما روى أحمد والبخاري ومسلم، رحمهم الله.

هذا الصيام، وذلك اليوم غدَا ذِكرى تُعيد للنفوس معنى من معاني النصر بعد الانهزام، والتمكين بعد الاستضعاف، والعِزّة بعد الامتهان؛ فقوم موسى كانوا في غاية من الهوان والذل من فرعون وقومه، وأي حال يكون بعد تقتيل الأبناء، واستبقاء الإناث، وإذلال الرجال، وامتهان النساء!.

إن حالة الضعف التي مرّتْ في تاريخ هذه الأمة وفيها الأنبياء والعلماء والقُرّاء.. تحكي صورة من سُنن الله في الأرض، وكيف أن تبديل شرع الله، وكتم الحق، والإفساد، ومخالفة الأوامر، والاحتيال على النصوص، وارتكاب المحرمات بأدنى الحِيَل، والزور، وإقامة الأحكام على الضعفاء، وترْك الشُّرفاء.. أحال قوتهم لضعف، وجمعهم لشتات.

حالةً تحكي لأُمة الإسلام أن الغلبة والنصر للحق، ولو طال أمدُ الظلم، وأن العِزّة للدِّين، وأن الفئة القليلة تغلب الكثيرة، ليس لمعايير الدنيا ولا لمقاييس موازينها، بل {بإذن الله} فـ ﴿ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً ﴾ [البقرة: 249]

إن ذِكرى عاشوراء محكومة بالنص والنقل، لا بالاستحسان والعقل، فالنبي ﷺ صامه، ورغّب في صيام عاشوراء، وأرسى قاعدة مهمة ينبغي أن يحوطها المؤمنون بقواعدهم وضوابطهم، حيث إحياء السُّنة ومخالفة المبتدعة، وإغاظة الفجرة، فعاشوراء يُصام، ويُصام معه يومًا قبله، أو بعده؛ مخالفة لليهود، الذين طالما خالفوا الشرائع، وحرّفوا، وبدّلوا، ونكثوا، وزوّروا، وطعنُوا، وغدروا.. فلا يفرحون بموافقة، بل يشكر المؤمنُ اللهَ تعالى على نصره وتمكينه لعباده وإعلاء دِينه، ويتجرّد من التبعية لمَن ليس أهلًا للاقتداء.

ذِكرى عاشوراء والصيام، كلاهما نَصْرٌ؛ فمَن خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى انتصر وظفر، ومَن صام وصان؛ يُثاب بالريان وعظيم الأجر، فما النصر إلا صبر، وما الصبر إلا تقوى، وما التقوى إلا خوف وامتثال.

عاشوراء الذي رغّب النبي ﷺ في صيامه، وصامه مَن صامه من أصحابه، اقتصر فِعْل الأصحاب فيه على الصيام، ولم يكن في السلف الصالح مَن يلطم وينوح ويصيح.. ولم يكن منهم مَن يخرج نحو المزارات، ومواطن الشرك والبدع، أو يتمسّح ويتبرّك بالقبور.

عاشوراء ذِكرى تُحيي في النفوس عوامل النصر لا ذكرى اللطم، وبشائر الفتح لا ذكرى النوح، واضطرار الخَلق لإحياء السُّنن لا إحداث البدع، ذِكرى ليوم من أيام الله، ونصر عظيم، وزوال حُقبة من حقب الاضطهاد والكفر والإفساد، لرجُل مِن أفسد وأعتى مَن عرفتْه تلك الديار، قال تعالى: ﴿ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا ﴾ [المزمل: 16]، "أي شديدًا ثقيلًا".

عاشوراء ليس ذِكرى حَدَثٍ لن يتكرر، وفتحٍ لن يعود، وآيةٍ لن تقع، فالذي أنجى موسى وقومه، قد أنجى نوحًا وإبراهيمَ وعيسى وصالحًا وهودًا ويونسَ.. وقبلُ موسى من اليم، ومن الغرق، ومن فرعون، ومن كل ما يحوط ذلك الجبار الكفّار، بل عاش في أكناف قصره، ونشأ فيه، ويشاء اللهُ أن يكون حتفه على يديه، وأمام عينيه.

عاشوراء ذِكرى لفتوح عظيمة في تاريخ أمة الإسلام، بدأتْ في مكة حيث شعّ النور، وكثر المسلمون، وانتشر الإسلام؛ ليعُم الأرضَ نداؤه، فأنّى اتجهتَ تجد الإسلامَ وتلقى المسلمين..

ولا تزال الذكرى الطيبة والأحداث المبشرة تنير تاريخ الأمة، وأقبح ما في مُستبطِئي النصر أن يرصدوا آلم الأمة ويغفلوا عن آلام غيرها، ومصابُها فيه الأجر والعبرة والتمحيص، ولغيرها الذلة والخسار؛ فـ ﴿ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ﴾ [النساء: 104].

استبطأ قومُ موسى النصرَ، و﴿ قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا ﴾ [الأعراف: 129] فقال لهم قولَ العارف بربه، الواثق بنصره، المؤمن بكتابه ولقائه: ﴿ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 129] ثم نبّههم بعبارة تُبشّر بالنصر، وتذكّر بما قد يكون حالهم بعد الضعف والفرقة والخوف والذلة: ﴿ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 129].

وأقبح من استبطاء النصر وأشنع أن تجعل أَمْرك إلى غير مَن خلقك ورزقك وأحياك وأماتك، أو تظن به تعالى ظن السُّوء، قال ﷻ: ﴿ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ ﴾ [فصلت: 23] "فمَن أحسنَ الظنَّ أحسن العملَ، ومَن أساء الظن أساء العمل".

وإنك لترى شيئًا من البشائر تتحقق، رغم ضعف العتاد، وقوة الأجناد، فلا تُهلِكْ أمةً موعودة بالنصر والتمكين بقصر نظرك أو غشاوة بصيرتك، فإن رب الأمة ناصرها متى ما نصرتْ دِينه وكتابه ورسوله وعباده، وبقدر العمل يكون الأمل.

غَبَرَ فرعون وقومه، وبقيت العِظات والعبر، وما طال ليلٌ إلا بلجه نور وفجر، ولا استطال داءٌ إلا أذهبه عافية وشفاء، وما ضاقت إلا لتُفرَج، فعليك بمَن بيده مفاتيح الفرج.

د. يحيى بن علي بن فلاح
م ق

عطر الجنة 08-08-2022 03:41 PM

رد: عاشوراء.. ذِكْرَى للمؤمنين
 
حالةً تحكي لأُمة الإسلام أن الغلبة والنصر للحق، ولو طال أمدُ الظلم، وأن العِزّة للدِّين، وأن الفئة القليلة تغلب الكثيرة، ليس لمعايير الدنيا ولا لمقاييس موازينها، بل {بإذن الله} فـ ﴿*كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً*﴾ [البقرة: 249]



lpm35سلمت يمناك غاليتي
على حسن الانتقاء
ولاحرمنا جديدك الشيق
تحياتي لسموك

إسمهان الجادوي 08-09-2022 02:53 PM

رد: عاشوراء.. ذِكْرَى للمؤمنين
 
أسعدني ردودك وتعطيرك لصفحتي
فجزاك الله الفردوس إن شاء الله
ودمتم بحفظ الله ورعايته


الساعة الآن 05:50 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)