منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

الكذب عند الأطفال

تقول أُمُّ صالح: «لا أدري ماذا أفعل مع ابني الصغير الذي يبلغ من العمر تسع سنوات، إنه دائم الكذب، يكسر ويضيع الألعاب والأغراض الخاصة بإخوته في البيت، وينسب ذلك لإخوته».

ما سبق جزءٌ من شكوى أُمِّ صالح عندما تواصلت مع الهاتف الاستشاري الأسري.

كثيرٌ من الآباء والأمهات يشعرون أنهم فشلوا في تربية أبنائهم إذا اكتشفوا أن طفلهم يكذب، ومردُّهم في ذلك أن كُلَّ طفلٍ يُولَد على الفِطْرة النقيَّة كما قال صلى الله عليه وسلم: ((ما مِن مَوْلُودٍ إلَّا يُولَدُ على الفِطْرةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدانِهِ، أَوْ يُنَصِّرانِهِ، أَوْ يُمَجِّسانِهِ))؛ رواه البخاري، فهو يتعلم الصدق والأمانة شيئًا فشيئًا من البيئة التي يعيش فيها متى ما كان المحيطون به يراعون الصدق في أقوالهم ووعُودِهم، ولكن إذا نشأ الطفل في بيئة تتصف بالخداع وعدم المصارحة والتشكُّك في صدق الآخرين فأغلب الظن أنه سيتعلم نفس الاتجاهات السلوكية الكاذبة، بل يسهل عليه الكذب خصوصًا إذا كان يتمتع بالقدرة الكلامية ولباقة اللسان، وكان أيضًا خِصْب الخيال.

قد ينظر الوالدان إلى كذب الطفل على أنه أمرٌ بسيطٌ وطارئ؛ لكن خبراء علم النفس يُؤكِّدون ضرره البالغ، وخصوصًا حين يكبر الطفل؛ ذلك لأن الكذب بشكل مستمر يجعل منه وسيلةً مقنعةً وفعَّالةً للطفل، تجلب له المنافع وتُجنِّبه المتاعب؛ لكن الكذب لدى الصغار يختلف باختلاف غرضه ودوافعه وأنواعه وأساليبه؛ ومن هذه الأنواع: الكذب الخيالي والتقليدي، والالتباس والتفاخر، والكذب الانتفاعي، وغيرها من أنواع الكذب عند الأطفال.

وإليكم عشر خطوات تساعدك في علاج الكذب عند الأطفال:
1- على الوالد أن يتبين الدافع إلى الكذب ونوعه، وأن يبتعد عن علاجه بالضرب أو السخرية أو التشهير، بل يعالج الدوافع التي دفعت إليه.

2- يجب توفير جوٍّ من الصدق والاستقامة في بيئة الطفل المنزلية والمدرسية، وهنا يجب أن يمتنع الوالد عن خداع الطفل، ويقدم له الحقائق التي في مستوى فهمه دون كذب أو غشٍّ أو اختلاق أعذار، وألا يَعِدَ الطفلَ بشيءٍ إلا إذا كان قادرًا على التنفيذ.

3- على الوالد أن يتجنب الظروف التي تُشجِّع على الكذب.

4- لا يجوز للوالد إعطاء الكاذب فرصةَ الإفلات من كذبته دون أن يكشفه؛ لأن الإفلات بالكذب له لذة خاصة تُشجِّع على تبنِّيه واقترافه مرةً أخرى، ولكشف الكذب على الوالد أن يتسلَّح بالأدلة القاطعة، وألا يلصق التهمة بالطفل وهو في شكٍّ، فلا نتهمه مثلًا بالكذب لمجرد كونه تعثَّر في الكلام أو اضطرب في المناقشة.

5- لا يجوز للوالد أن يضع الطفل في مواقف يصعب عليه فيها أن يقول الصدق، ولا يجوز له أن يُرغمه على الاعتراف بذنبه؛ لأن الاعتراف محرج بوجه عام؛ ولاسيَّما إذا كان الاعتراف سيتمُّ أمام إخوانه وزملائه عَلَنًا.

6- لا يجوز للوالد أن يُوقِع العقاب بالطفل بعد الاعتراف بذنبه؛ لأن هذا العقاب يُقلِّل من أهمية الصدق ومكانته في نظر الطفل.

7- قد يكون الطفل لا يكذب بل يتخيَّل، وتتوقع أنت أنه يكذب، فوضِّح له الفرق بين الاثنين.

8- ابتعد عن تحقيره أو السخرية أو التشهير به أمام إخوته؛ لأن ذلك يخفض من مفهوم ذاته؛ ومن ثَمَّ قد يلجأ للكذب لإخفاء مواطن الضعف في شخصيته أمامك وأمام الآخرين.

9- يجب أن نزرع في الطفل المفاهيم والأخلاق الإسلامية، وبيان حكم الإسلام في الكذب من القرآن والسُّنَّة، وأن نوضِّحها له بما يتناسب مع عمره وعقله.

10- إن الصفة التي نكثر تأكيدها والإشارة إلى أنها متأصِّلة في الطفل هي الصفة التي يعتنقها الطفل ويُصدِّقها؛ لذا كلما زاد مديحُك له على صدقه وأمانته، ازداد تمسُّكُه بها؛ لذا (امدح دائمًا صدقه).

أسأل الله العظيم أن يُبارك لكم في ذريَّاتِكم، وأن يجعل بيوتَنا عامرةً بطاعةِ الله، وأن يُصلح أولادَنا من كل مرض وبلاء، وصلى الله على سيِّدنا محمد.

عدنان بن سلمان الدريويش

الألوكة