منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع العلوم الشرعية (https://hwazen.com/vb/f38.html)
-   -   الغربة الاعظم غربة يوم القيامة (https://hwazen.com/vb/t2283.html)

أم انس السلفية 11-21-2013 04:10 PM

الغربة الاعظم غربة يوم القيامة
 
الغربة الاعظم غربة يوم القيامة



مِن مشاهدِ القيامة:


قال الله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج: 1 - 2].


لقدْ ظهرتْ آياتُ الله الباهِرات في زلزلة الساعة، وما يتواكب معها مِن أحداثٍ مُجلجلةٍ، وظهرت معها آياتُ الاغتراب بين الأمِّ ووليدها، كمشهدٍ حيٍّ مِن مشاهدِ يوم الدِّين، التي سيكون الإنسانُ فيها وحيدًا غريبًا، قدِ انقطعتْ به وشائجُ النسب والقُرْبى من كلِّ سبيل: ﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلاَ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ ﴾ [المؤمنون: 101]، وقال الله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوا يَوْمًا لاَ يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ [لقمان: 33].



قال: وإنَّ الرجلَ ليَلقَى ابنه فيتعلَّق به، فيقول: يا بني، أيّ والدٍ كنتُ لكَ؟ فيُثني بخيرٍ، فيقول له: يا بني، إني احتجتُ إلى مِثقال ذرةٍ من حَسناتك؛ لعلِّي أنجو بها ممَّا ترى، فيقول ولدُه: يا أبتِ، ما أيسرَ ما طلبت! ولكنِّي أتخوف مثل الذي تتخوَّف، فلا أستطيع أن أعطيَك شيئًا"؛ الإمام ابن كثير (4/743)، دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان - مِن دون.


وتزداد الغربة بين الأهل عندما تزفر النار، ويشتد سعيرها، وتطالعها العيون وهي تفتت الأوصال، حينئذٍ يأمُل كلُّ فردٍ في النجاة، ولو تَقلَّب أولادُه وأهلُه، والدنيا بأسرِها في دَرَكات العذاب؛ قال الله تعالى: ﴿ يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ * وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ ﴾ [المعارج: 11 - 14].


هذه هي الحقيقةُ الغائِبة عن أذهانِ الذين يَعيشون في الدنيا للاستحواذِ على وهْمِ الاستهلاكِ لمصلحة أولادِهم، تلك الحقيقة القاطِنة عقولَ وألباب أُولي النهى، والموفَّقين باليقين بأنَّ المؤمن يَسيرُ إلى مولاه في رِحلة اغترابٍ متواصِلةِ الأشواط، حتى يفوزَ أخيرًا بسُكْنى جنَّات الخلود، وهناك يأوي إلى موطِنه الأصلي، وميراث أبيه آدمَ القديم، وعندَها يُودِّع الغربة، ويتسلَّم ميراثه المنشود:
فَحَيَّ عَلَى جَنَّاتِ عَدْنٍ فَإِنَّهَا أعمق معاني الغربة
مَنَازِلُكَ الأُولَى وَفِيهَا الْمُخَيَّمُ أعمق معاني الغربة

وَحَيَّ عَلَى رَوْضَاتِهَا وَخِيَامِهَا أعمق معاني الغربة
وَحَيَّ عَلَى عَيْشٍ بِهَا لَيْسَ يُسْأَمُ أعمق معاني الغربة

وَلَكِنَّنَا سَبْيُ الْعَدُوِّ فَهَلْ تَرَى أعمق معاني الغربة
نَعُودُ إِلَى أَوْطَانِنَا وَنُسَلَّمُ؟ أعمق معاني الغربة



نعم، كانتِ الجنَّة أُولى المساكن لأبِي البشر آدمَ - عليه السلام - ثم شاءتْ إرادة الله - تعالى - أن يَهبطَ إلى الأرض بعْدَ أكْلِه من الشجرة؛ لحِكمةٍ قدَّرها الحكيم العليم.



فالأمان الحقيقي - إذًا - في الجنَّة؛ حيث يذهب الحُزن ولا يُقارب أهلَها نَصَبٌ ولا لُغُوبٌ، ولا جوعٌ ولا عطشٌ، ولا مرضٌ ولا هرمٌ، ولا فناءٌ ولا حرمانٌ، أمَّا قبل ذلك فالإنسانُ يَنتقِل بين مدارات الاغتراب، ويكدحُ حتى يصلَ في النهاية إلى مستقرِّه؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ ﴾ [الانشقاق: 6].


إلى زَمَانِ الحبيبِ المُصْطَفَى - صلَّى الله عليه وسلَّم:
فإلى زمانِ رَسولنا الأعظمِ سيِّدنا محمَّدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم - حتى ترتوي الرُّوح، وتطمئنَّ القلوبُ، وتُظلَّل العمرَ أفراحٌ وبشرياتٌ حُرِمَ منها أهلُ الدنيا وطلاَّبها الذين يَسيرون في دُروبها، ولا تَنقطِع بهم الآمالُ، ولا ينتهي بهم المسير.


إلى زمان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كي تتذوَّقَ هذه المشاعِر طَيِّبة المذاق مِن أنَّه والدُك، فهو القائل - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّما أنا لكم بمنزلةِ الوالدِ أُعلِّمكم))؛ النووي في "المجموع" (3/109) بسندٍ صحيحٍ عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - كما أنَّ زَوجاته أمَّهات المؤمنين؛ قال الله - تعالى -: ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ﴾ [الأحزاب: 6].


فيا لطُهرِ النَّسَب الرُّوحي الكريم إلى هذه الشَّجَرة المغدِقة المِعطاءة، حينما تستشعر أنَّ سيِّدنا محمدًا - صلَّى الله عليه وسلَّم - أبوك، وعائشة - رضي الله تعالى عنها - أمُّك، وفاطمة أختُك، يا الله! إنَّ ذلك شرفٌ لا يُدانيه شرفٌ يومَ أن يَنتسبَ الإنسانُ إلى هذه الأُسْرة التي ما خَلَق الله تعالى مثلَها في العالمين.


عِشْ بإحساسِك ومشاعرك في زمانِ الحبيب - صلَّى الله عليه وسلَّم - واروِ عطشَ الرُّوح إلى واحاتِ الأمان والطُّمأنينة والسكينة، بانتمائك إلى هذا الجيل، جيل أبي بكرٍ وعمر، وعثمان وعلي، وعبدالرحمن وأبي عُبَيدة، وخالد وبلال، وعمار وصُهَيب ومُصْعب، فقد قال النبيُّ الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((المرْءُ مَعَ مَن أحَبَّ))؛ صحيح البخاري (6168) عن عبدالله بن مسعودٍ - رضي الله تعالى عنه.


الوطنُ الأمُّ لاَ تَنْسَاهُ:
وفي مُعترَك الحياة، وزْحمة المشاغل يَنسَى الإنسانُ نفسَه وموطنَه الأصلي، وفيه الأهل والأحباب والأقارب، فلا تَراه يتواصَل مع أهلِه الذين يَنتمي إليهم، ومِن المتوقَّع تبعًا لذلك أنَّ أولاده وذريته بجميعِ أفرادها سينشؤون على أرْض الغُرْبة في انقِطاعٍ تامٍّ مع موطنِهم الأصلي، وتلك بليَّةٌ ابتُلِيَ بها كثيرٌ مِن المسلمين في بلادِ المهجَر.


إنَّ احتواء الوطن في القلْب، والحنين إليه، والتطلع لزيارته، وملء العين والرُّوح منه، كلُّ ذلك مِن الإيمان، وقد عبَّرَ النبيُّ الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن ذلك حين وَداعِه لمكَّةَ المصونة - حرَسها الله تعالى - حين قال وهو يُودِّعها إلى المدينة المنوَّرة: ((ما أطْيَبَكِ مِن بلد، وأحبَّك إليَّ! ولولا أنَّ قومي أخرجوني منك ما سكنتُ غيرَكِ))؛ الألباني في "صحيح الترمذي" (3936) بسندٍ صحيح، عن عبدالله بن عباسٍ - رضي الله تعالى عنهما.


ولهذا، فهناك ضرورةٌ ماسَّةٌ في التواصُلِ الدائم مع الوطنِ الأُم؛ لتعميقِ الارتباط باللُّغة العربية التي هي وسيلةُ التعبُّد، ولتعميقِ الارتباط أيضًا بالأخلاقِ العربية، حتى لا ينجرفَ المغتربُ أكثرَ في تيَّارات المجتمع الغريب، الذي لا يَتوافَق مع نُظُم الإسلام الاجتماعية.


ولن يعدَم العقلاءُ وسيلةً مِن وسائل الاتصال والترابط الدائم مع الوطنِ الأُمِّ، إمَّا بالرسائل أو الهاتف، أو دوائر (الإنترنت)، فضلاً عن تنظيمِ الزيارات كلَّ فترةٍ ممكنةٍ، وخصوصًا ذَهاب البنين والبنات الصِّغار إلى الموطن الأصلي، وقضاء عُطلة الصيف أو بعضها فيه؛ لربطِهم دائمًا بجُذورهم الدِّينيَّة والاجتماعيَّة والثقافيَّة.


وأسأل اللهَ - تعالى - أن يرحمَ غُربتنا في هذه الدنيا، وأن يردَّنا إلى الجَنَّة بلا حِساب،ولا سابقةِ عذاب.

إسمهان الجادوي 11-22-2013 06:01 PM

اللهم أسترنا فوق الأرض و تحت الأرض و يوم العرض عليك
جزاكِ الله خيرا و بارك الله فيكِ أختي

صافي 11-22-2013 11:04 PM


أم انس السلفية 11-25-2013 06:44 PM

http://www.amiraa.com/bsh/uploads/im...b95259fd5e.gif

أم الخير 11-26-2013 12:50 AM


أم انس السلفية 12-02-2013 03:29 PM

http://www.amiraa.com/bsh/uploads/im...b95259fd5e.gif


الساعة الآن 06:04 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)