منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع العلوم الشرعية (https://hwazen.com/vb/f38.html)
-   -   الحب في الله في اجتماعاتنا العائلية (https://hwazen.com/vb/t22927.html)

عطر الجنة 02-04-2023 12:30 AM

الحب في الله في اجتماعاتنا العائلية
 

الحمد لله أولاً وآخِرًا، والصلاة والسلام على خيرته من خلقه.
الحبُّ في الله تلك العبادة - نعم العبادة - التي تَكاد تَغِيب عن وَعينا في حياتنا اليوميَّة إلاَّ شيئًا يسيرًا، لا يَكاد يُذكَر من بعض مَن يَحرِص على تطبيق السنَّة النبويَّة.
ومَن فَهِمَ معنى العبادة عرف القصد؛ لأنَّ أكثرَنا لَمَّا حصر العبادة في أركان الإسلام، فاتَه كثيرٌ من ألوان وأشكال وأصناف القُربات والعِبادات، التي كان السلف يَتفنَّنون في مُمارَستها ويَتَنافَسون عليها؛ إذ العبادة - كما عرَّفها ابن تيميَّة -: اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما يُحبُّه الله ويَرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، ومع حفظنا لهذا التعريف منذ المراحل الدراسيَّة الأولى، إلاَّ أنَّ تطبيقنا العملي يَكاد يُخالِف علمنا ويقصر عنه.

وإذا جئنا إلى الحبِّ في الله القائم على معنى المحبَّة - ويقصد بها المودَّة - وهي مشاعر قلبيَّة داخليَّة، لكنَّ آثارَها تظهر على السلوك الخارجي، ويُمكِن أن نلحظها في لمحات العيون، وحركات الجوارح، وفلتات اللسان، سلبًا أو إيجابًا، وهي وإن كانت تعني مَيْلَ القلبِ لشيءٍ أو شخص، فإنَّنا لن نَزِيد على هذا؛ لأنَّ توضيحَ الواضح نوعٌ من العِيِّ، وشرح المعلوم لا فائدة منه، بل قد يكون تعقيدًا له.

واجتماعنا مع أهلينا وقرابتنا - نرجو ونأمُل أن يكون محبَّة في الله؛ إذ إنَّنا لم نَجتمع على عصبيَّة، ولا على مصلحة من مصالح الدنيا، وإنَّما اجتَمعنا من أجل طاعة الله في صِلَة الرحم، والمحافظة على روابط القرابة، وإبقاءً لأواصِر النَّسَب، وبرًّا لوالدينا حينما نصل قرابتهم، ونحفظ وُدَّ أنسابهم وذوي وُدِّهم، والرحم التي لا تُوصَل إلا بهم.

ويتخلَّل هذا الاجتِماعَ الذي نَحرِص عليه عباداتٌ كثيرة، منها: إفشاءُ السلام، وإطعامُ الطعام، وصلة الأرحام، وذكر الله، والتبسُّم في وجه أخيك، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتعليم الصِّغار آداب المجالس وآداب الحديث وربطهم بقرابتهم... إلى غير ذلك من عِبادات نُمارِسها من خِلال الاجتماع، ونفقدها في حال الانعِزال عن الآخَرين؛ ولهذا - والله أعلم - فضَّل النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - الذي يُخالِط الناس ويَصبِر على أذاهم على الذي يعتزلُهم.

ولَمَّا أردت أن أتكلَّم عن المحبَّة في الله وعلاقتها باجتماعاتنا العائلية والأسرية الكبيرة والصغيرة، حاولت حصرَ الموضوع في نِقاطٍ؛ ليسهُل عرضه، علمًا بأنَّ التقسيم نظريٌّ يُراد به تقريبُ الموضوع ليس إلاَّ، وأمَّا الحبُّ في الله والبغضُ في الله، فستجده داخِلاً في جميع مَناحِي الحياة، ونُمارِسه بشكلٍ يومي بعلمٍ أو بغير علم؛ إذ يُمارِسه المؤمن بحبِّه للمؤمنين وأعمال الإيمان التي يَراها منهم، ويبغض الكفَّار والفجَّار؛ لما يراه من حالهم وأعمالهم، فإلى المقصود من هذا الموضوع، والله المستعان:

1 - المحبة هي العروة الوثيقة:
وفيه أيضًا: أنَّ العبد إذا أحبَّ إخوانَه في الله سادَتْ المحبَّة في المجتمع وتآلَفوا، وصار سببُ اجتماعهم حرصَهم على طاعة الله وتنافُسهم فيها.

وممَّا نُسِب للشافعي - رحمه الله -:
أُحِبُّ الصَّالِحِينَ وَلَسْتُ مِنْهُمْ
وَأَرْجُو أَنْ أَنَالَ بِهِمْ شَفَاعَهْ
وَأَكْرَهُ مَنْ بِضَاعَتُهُ الْمَعَاصِي
وَإِنْ كُنَّا سَوَاءً فِي الْبِضَاعَهْ
ومن فضائل المحبَّة في الله كذلك: حماية أعراض المسلمين، فتقلُّ بذلك الغيبة والنميمة في المجتمع، ويُمنع سبُّ المسلم كما جاء في حديث الصحابي المجلود في الخمر؛ لأنَّ الإنسانَ لا يرضى أن يسبَّ أحدٌ أخاه في الله، وإن كان مقصِّرًا، فتجده يذبُّ عنه مَن أراد أن يسبَّه أو يغتابه.

كما أنَّ العبد الذي امتَلأ فؤادُه بالمحبَّة يَعِيش في وِئام وسلام مع نفسه ومع الآخرين، فيهنأ بعيشه ويهنأ بمنامه، واختلاطِه مع الآخَرين على عكس مَن فقَد المحبَّة، وانظر - يا أخي - لحالِك كيف يُصبِح حينما تختلف مع شخصٍ؟ وكيف يكون ليلُك حينما تُرِيد أن تنام، فيُنكِّد عليك خلافُك مع الآخَرين منامَك، وينغص طعامَك، ويصرفك عن كثيرٍ من أحبابك؟ فكيف إذا كان هذا الخلافُ مع مَن تضطرُّ للقائه كلَّ يومٍ؟ هذا واللهِ من العذاب.

وَمِنْ نَكَدِ الدُّنْيَا عَلَى الْحُرِّ أَنْ يَرَى
عَدُوًّا لَهُ مَا مِنْ صَدَاقَتِهِ بُدُّ
رُوِي عن عمر بن الخطاب - رضِي الله عنْه - أنَّه كان إذا تذكَّر أخًا له في الله في الليل، تَململ، وقال: يا طولها من ليلةٍ، حتى إذا صلى الغَداةَ ذهب إلى أخيه واعتَنَقه.
وعن عمرَ - رضِي الله عنه - أيضًا: إذا رزقكم الله - عز وجل - مودَّة امرئٍ مسلم، فتشبَّثوا بها، وسنعلَم بعد قليلٍ معنى هذا.

وكان ابن مسعود - رضِي الله عنْه - إذا خرَج إلى أصحابه، قال: أنتم جلاء حزني.

وكان بلال بن سعد يقول: أخٌ لك كلَّما لقيك ذكَّرك بحظِّك من الله خيرٌ لك من أخٍ كلَّما لقيك وضَع في كفِّك دينارًا.

الأنبياء - عليهم السلام -):
قال أبو حاتم: أبو مسلم الخولاني اسمه عبدالله بن ثوب، يَماني تابعي من أفاضلهم وأخيارهم، وهو الذي قال له العنسي: أتشهَد أنِّي رسول الله؟ قال: لا، قال: أتشهد أنَّ محمدًا رسول الله؟ قال: نعم، فأمَر بنار عظيمة فأُجِّجت وخوَّفه أن يقذفَه فيها إن لم يُواتِه على مراده، فأبَى عليه، فقذفه فيها، [فلم تضرَّه]، فاستعظَم ذلك، وأمَر بإخراجه من اليمن فأُخرِج، فقصَد المدينة، فلقي عمر بن الخطاب - رضِي الله عنه - فسأله من أين أقبلَ؟ فأخبره، فقال له: ما فعل الفتى الذي أُحرِق؟ فقال: لم يحتَرِق، فتفرَّس فيه عمر أنَّه هو، فقال: أقسمتُ عليك بالله أنت أبو مسلم؟ قال: نعم، فأخذ بيده عمرُ حتى ذهبَ به إلى أبي بكر، فقصَّ عليه القصة، فسُرَّا بذلك، وقال أبو بكر: الحمدُ لله الذي أَرانا في هذه الأمَّة مَن أُحرِق، فلم يحترق مثل إبراهيم - صلَّ الله عليه وسلَّم.

وقيل: إنَّه كان له امرأة صبيحة الوجه، فأفسدتها عليه جارة له، فدعا عليها، وقال: اللهم أعمِ مَن أفسد عليَّ امرأتي، فبينما المرأة تتعشَّى مع زوجها إذ قالت: انطفأ السراج؟ قال زوجها: لا، فقالت: فقد عَمِيتُ لا أُبصِر شيئًا، فأُخبِرَتْ بدعوةِ أبي مسلم عليها، فأتَتْه، فقالت: أنا قد فعلت بامرأتك ذلك، وأنا قد غررتها وقد تبتُ، فادعُ الله يرُد بصري إليَّ، فدعا الله، وقال: اللهم رُدَّ بصرها، فردَّه إليها.

10 - أخيرًا، وبعدَ أنْ عرفنا فضلَ الحب في الله مع إخواننا المسلمين، أفلا نَزِيده فضلاً ورفعةً ببذله لقرابتنا الذين لهم علينا حقُّ الإسلام وحقُّ القرابة؟


كثيرٌ مِنَّا - يبذله بسَخاء مع إخوانه المسلمين، ولا غَضاضة في ذلك أبدًا، لكن الغَضاضة في البخل به على قرابتنا، الذين يحتاجون هذه اللفتات الإيمانية، التي نَنشُر بها عبيرَ المحبَّة الصادقة، التي نُؤجَر بها، ونَزِيد من ترابُطنا الأسري.

فلنتحابَّ في الله؛ عسى أن نُحشَر على منابرَ من نورٍ يوم القيامة، وعسى أن يظلَّنا الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظله، اللهم إني أحبُّ كلَّ عبدٍ لك صالحٍ في الله.

لم يحتَرِق، فتفرَّس فيه عمر أنَّه هو، فقال: أقسمتُ عليك بالله أنت أبو مسلم؟ قال: نعم، فأخذ بيده عمرُ حتى ذهبَ به إلى أبي بكر، فقصَّ عليه القصة، فسُرَّا بذلك، وقال أبو بكر: الحمدُ لله الذي أَرانا في هذه الأمَّة مَن أُحرِق، فلم يحترق مثل إبراهيم - صلَّى الله عليه وسلَّم.

وقيل: إنَّه كان له امرأة صبيحة الوجه، فأفسدتها عليه جارة له، فدعا عليها، وقال: اللهم أعمِ مَن أفسد عليَّ امرأتي، فبينما المرأة تتعشَّى مع زوجها إذ قالت: انطفأ السراج؟ قال زوجها: لا، فقالت: فقد عَمِيتُ لا أُبصِر شيئًا، فأُخبِرَتْ بدعوةِ أبي مسلم عليها، فأتَتْه، فقالت: أنا قد فعلت بامرأتك ذلك، وأنا قد غررتها وقد تبتُ، فادعُ الله يرُد بصري إليَّ، فدعا الله، وقال: اللهم رُدَّ بصرها، فردَّه إليها.

10 - أخيرًا، وبعدَ أنْ عرفنا فضلَ الحب في الله مع إخواننا المسلمين، أفلا نَزِيده فضلاً ورفعةً ببذله لقرابتنا الذين لهم علينا حقُّ الإسلام وحقُّ القرابة؟


كثيرٌ مِنَّا - يبذله بسَخاء مع إخوانه المسلمين، ولا غَضاضة في ذلك أبدًا، لكن الغَضاضة في البخل به على قرابتنا، الذين يحتاجون هذه اللفتات الإيمانية، التي نَنشُر بها عبيرَ المحبَّة الصادقة، التي نُؤجَر بها، ونَزِيد من ترابُطنا الأسري.

فلنتحابَّ في الله؛ عسى أن نُحشَر على منابرَ من نورٍ يوم القيامة، وعسى أن يظلَّنا الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظله، اللهم إني أحبُّ كلَّ عبدٍ لك صالحٍ في الله.


الساعة الآن 05:52 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)