منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع العلوم الشرعية (https://hwazen.com/vb/f38.html)
-   -   لا تكن كالتي نقصت غزلها بعد رمضان (https://hwazen.com/vb/t23085.html)

عطر الجنة 04-27-2023 02:36 PM

لا تكن كالتي نقصت غزلها بعد رمضان
 


لا تكن كالتي نقصت غزلها بعد رمضان
إنَ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله الا الله وأن محمداً رسول الله، أما بعد..

تقبل الله منا ومنكم صالح العمل وبارك الله لكم فيما يستقبلكم من حياة..

حقيقة الذي يخرج من شهر رمضان كأنه قد خرج من حياة جديدة وبداية عام جديد، فالناس عادةً يستقبلوا العام الجديد في بداية السنة أو في بداية العام الدراسي وينسون أحياناً أن البداية الحقيقة هي من بعد ليلة القدر حين قُدّرت الآجال ونزلت فيها المقادير من عند الله -عزوجل- فيكتَب فيها كل ما سيكون من الأقدار إلى ليلة القدر العام القادم، فكما كان يقول أحد السلف:

(الرجل يسفق بالأسواق – يمشي في الأسواق- وقد كُتب عند الله عز وجل من الموتى).

فلا أحد يعلم ما الذي نزل من المقادير ولا أحد يعلم من منا الذي تقبل منه عمله ومن الذي استجاب الله دعاءه ومن الذي لم يُقبل ومن الذي لم يستجاب دعاؤه؟
فحديثنا اليوم ربما قرأتم من قبل العبارة التي تقول: لا شيء يروي القلب ولا ظماؤه إلا الحديث عن الله عزوجل ولا شيء يزيح عنا تلك الأثقال التي بدواخلنا ولا ينير تلك الظلمات إلا وحي السماء"
وهذه العبارة تصف حال أغلبنا بعدما خرجنا من شهر رمضان بنفسيات عالية وإيمان مرتفع، ولكن ما إن جاء العيد بأيامه البهيجة ولياليه المزدحمة ومضى أول أسبوعين من شهر شوال والقلب مشغول والعقل قد ازدحم من أمور الدنيا حتى الصلاة لا يتأنى المرء فيها ولا يكاد يخشع كما كان في شهر رمضان, ولكن حينما تبدأ باستعادة حياتك الطبيعية وتصلي بخشوع وتأني, فكأن روحك عادت إليك وينتعش قلبك حتى وكأنك ترتشف رشفات عذبة من ماء زلال بارد على الظمأ فيشعر به كل جزء من روحك قبل جسدك -فكما أسلفنا قبل قليل- فإنه بالحديث عن الله -عز وجل- والقرب منه تنتعش الروح وتحيا .

وعلى هذا السياق فقد ذكر الله -عز وجل- في كتابه العزيز مثال رائع في قمة البلاغة فقال (وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا)[سورة النحل:92]

ففي هذا المثال يحذرنا الله أن نتشبه بمن؟ ألا نكون مثل من؟

حذرنا الله -عز وجل- من أن نتشبه بامرأة تجيد الغزل ولكم أن تتخيلوا كمية الجهد والتعب الذي يبذل في مثل هذه العملية، وكم من الوقت يمضي وهي تغزل؟

فتضع الخيوط في آلة الغزل خيط يتلوه خيط حتى تتصل الخيوط مع بعضها ومن ثم تُشد تلك الكومة من الخيوط المتناسقة المترابطة فتستغرق من الجهد والوقت ما الله به عليم حتى تغدو قطعة فنية في غاية من الحسن والتمام وحين لم يتبق لها إلا أن تعقد العقدة الأخيرة تقرر أن تفرط تلك الخيوط لتعود لخيوط متناثرة لا علاقة لها ببعض فأي خذلان هذا؟ وأي ضياع للجهد والوقت؟!

تماما هذا الذي يحدث معك حين تنقض الطاعة
التي كانت منك في شهر رمضان، فالمثال في هذه الآية يرتكز فيما بعد رمضان, لأنك تمتلك غزل غزلته بغاية الإتقان وحاولت مرارًا وتكرارًا أنك تجتهد فيه بقدر استطاعتك وجمّلته بأفضل الألوان فجمعت فيه أفضل الدعوات وسجدت لربما أخشع السجدات وحاولت وحاولت أن تصلي أحسن الصلوات وتختلي بالمسجد حتى يخشع قلبك ويترقرق دمعك فبذلت كل ما بوسعك لتحسبن ذاك الغزل وعلى قلة جهدك وضعفه إلا أنه كان جميل بهي، فتخيل الآن بعد كل هذا تقرر أنك تنقض هذا الغزل تفرطه خيطًا خيطًا، تخيلت!

هل ممكن أن يصدر هذا عن إنسان عاقل؟!

لكن الإنسان إن لم ينتبه على نفسه سيجد أنه قد انفرط غزله الذي غزله خلال رمضان، إذًا فهل المطلوب منك أن تبقى طوال وقتك كما كنت في رمضان؟ بالطبع لا!

وأيضا ومن حين ما انتهينا من أيام العيد وهناك تساؤلات كثيرة أخرى، الآن ماذا عساي أن أفعل حتى أحافظ على ما فعلته في رمضان من طاعات وقربات؟ أنا خائف أن أعود أسوء مما كنت عليه قبل رمضان! أريد أن أعرف كيف أحمي غزلي الذي غزلته طيلة رمضان؟ وهذا السؤال مهم لأنه في الغالب تشعر أنك في شهر شوال تائه حائر لا تعرف كيف انقضت هذه الأيام ما بين خمول وبين انشغال بواجبات أخرى!

فإن أصل القضية أنك تكون صادق في عهدك مع الله، صادق في التوبة في الإنابة في التغيير الذي كنت تريده في نفسك، فليست القضية أن رمضان صفحة وانطوت! بل الأمر أكبر من ذلك، يكمن في استمرارك على ماكنت تعمله في رمضان بعد رمضان وهذه الاستمرارية هي دليل صدقك ودليل القبول في هذا الشهر، لأن أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- وهم سادات الناس سادات الأولياء كانوا يخافون على أنفسهم من التغير والتبديل.

المداومة والاستمرارية على العمل الصالح منها..

1. العلم
ونستقي معنى هذه النقطة من قوله تعالى على لسان الخضر: (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا)[سورة الكهف: 68]
فمن الضروري جداً أنك تعرف فضل العمل الصالح، فضل المداومة، فضل عمل الخير،لذلك يتطلب منك أن تتعلم وتبحث وتسأل، وفي هذا العصر أصبحت وسائل التعلم وتلقي المعلومة الصحيحة المستقاة من مصدرها الصحيح متوفرة ومتاحة للجميع، فلا بد أن يكون لك خلفية معرفية تشحن بها روحك وتستنير بها.

2- اختر بيئتك
قال تعالى ( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)[سورة الكهف:28]
لماذا؟ هذه الرفقة التي تذكرني بالله وتعينني على العمل الصالح فالله تعالى قال (ولا تعد عيناك عنهم) أي لا تتعداهم إلى غيرهم فلا تلتفت عنهم تطالع هناك (وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) لأنك إن التفتت عيناك هناك فأولئك مجموعة أجد عندهم متعة أكثر وضحك وكلام لا ينتهي ولهو ولعب, فهم ممتعين أكثر, عندهم آخر الكلام عن الموضة آخر كلام عن كذا وكذا فهم على اطلاع تام عن كل أمور الدنيا البحتة
(وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)
فهؤلاء أصلًا قلوبهم غافلة تماماً عن ذكر الله -عز وجل- فكيف تطيعه؟ كيف تجعله مؤثر في حياتك؟ وأنت قلبك حي! والأصعب في هذه الآية كلها هذه الكلمتان الأخيرتان
(وكان أمره فرطًا) فرطًا كما تفرط السبحة، حياته كلها عبارة عن تفريط، يوم يلحق يوم ونهار يلحق نهار وهو لا يعلم أين هو؟ ولا أين الإنجاز الذي قد قام به؟ فتأكد أنك تقوم بتصفية قائمة أصدقائك ومن تجالس فتقرّب من يقربك إلى الله -عز وجل- وتستبعد من يبعدك عنه سبحانه.

3. احرص على عباداتك
عبادتك هذه تمسك بها، قرآنك، كم ختمة إلى الآن ختمتها بعد رمضان؟
فالقرآن هو من الأصحاب الذين لا يتركونك لا في الحياة الدنيا ولا في الآخرة، وأن تجعل لك منه نصيب من قيام الليل .

4. الأمر الأخير لا تمل من الدعاء
وادعو الله بقلبك الخائف معلن انكسارك أمامه سبحانه وقل :
يا رب إني مغلوب فانتصر"
أنا غلبني هواي غلبتني ذنوبي غلبني الشيطان يا رب فانتصر لي.
وقد أوصى النبي -صل الله عليه وسلم- معاذ بقوله: يا معاذُ واللهِ إنِّي لأُحِبُّك" فقال معاذٌ: بأبي أنتَ وأُمِّي واللهِ إنِّي لأُحِبُّك، فقال: يا معاذُ أوصيك ألَّا تدَعَنَّ في دبُرِ كلِّ صلاةٍ أنْ تقولَ: اللَّهمَّ أعِنِّي على ذِكرِك وشُكرِك وحُسنِ عبادتِك.

هذه كل النقاط السابقة كلها تجمع لك “أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك“.

أسال الله أن يعيننا على أنفسنا وأن يعننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يتقبل منا ما عملنا وأن يغفر لنا وأن يحسن لنا فيما تبقى من أعمارنا والحمدالله رب العالمين.

والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آلة وصحبه أجمعين.



إسمهان الجادوي 04-29-2023 12:55 PM

رد: لا تكن كالتي نقصت غزلها بعد رمضان
 
موضوع متألق بروعته
وفقك الله حبيبتي ورعاك لما يحب ويرضى
وجزاك خير وجعله في ميزان حسناتك

بريق الافق 04-30-2023 09:27 AM

Re: لا تكن كالتي نقصت غزلها بعد رمضان
 
https://hwazen.com/vb/picture.php?al...&pictureid=380


…جزاك الله خير …

لك شكري وتقديري والاحترام



دمت بخير وراحة بال
الأحد 10 شوال 1444


https://hwazen.com/vb/picture.php?al...&pictureid=379

عطر الجنة 05-02-2023 05:43 AM

رد: لا تكن كالتي نقصت غزلها بعد رمضان
 


،،،كل الشكر ،،،،
على تواجدكم الجميل
وردكم المحب
اسعدني مروركم ..
ربي يعافيكم ويسعدكم
دمتم بكل خير وراحة بال ..


الساعة الآن 01:42 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)