منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع العقيدة والتوحيد (https://hwazen.com/vb/f285.html)
-   -   تأملات في أسماء الله (https://hwazen.com/vb/t23474.html)

إسمهان الجادوي 01-16-2024 02:25 PM

تأملات في أسماء الله
 
تأملات في أسماء الله



سبحان مالك الملكوت، المختص بالجبروت، والملك للملك والملوك، لا إله إلا هو، قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأعراف: 180]، هي صفات كمال وإجلال وجمال لا حدود له، وأسماء الله واجبٌ على كل مسلم معرفتُها والعمل بها كما فهمها في حياته، والدعاء بها والاستقامة على الدين بها، والقيام بحقِّها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ للهِ تسعةً وتسعين اسمًا, مائة إلَّا واحد, إنه وِتْر ويحب الوِتْر, مَن أحْصاها دَخَلَ الجنةَ))، وسنتدبر من الأسماء الواحد الأحد, الصمد, المؤخر جَلَّ في علاه سبحانه.


الواحد سبحانه لا شريك له ولا نِدَّ ولا ولد ولا صاحبة، فتعالى سبحانه علوًّا كبيرًا عن وصف الواصفين، وكل الكون من بديع صنعه وعبيد له، ويشهد له أنه الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، والتوحيد الخالص له ثلاثة أوجه: توحيده سبحانه لنفسه، وإخباره لنا سبحانه عن طريق الرسل، وتوحيد العبد الحقيقي، وهو من توفيق الله للعبد بأن يمنحه القدرة على الطاعة والعبادة بإخلاص، وذلك بعد تمام اليقين منك بأنه سبحانه الواحد، قال تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ [الرعد: 16].


وعلينا أن نبرأ من الشرك، وألا نعبد إلا الله وحده، وندعوه سبحانه بأنه الواحد الأحد الفرد الصمد أن يُبعِدَ عنا الشَّرَّ كله، ونعوذ به من الشرك والنار، وما يُقرِّبنا منهما قولًا أو عملًا.


والصمد سبحانه جل في علاه السيد وصاحب السيادة والشرف والعلم والجبروت والحكمة والمستجار به عند البلاء والقضاء، دائم باقٍ حي بعد فناء المخلوقات، في القرطبي ﴿ اللَّهُ الصَّمَدُ [الإخلاص: 2]؛ أي: الذي يُصمد إليه في الحاجات، كذا روى الضحاك عن ابن عباس، قال: الذي يصمد إليه في الحاجات؛ كما قال عز وجل: ﴿ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ [النحل: 53]، قال أهل اللغة: الصمد: السيد الذي يُصمد إليه في النوازل والحوائج، قال الشاعر:
ألا بَكَرَ الناعي بخَيْرَي بَني أسَدْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
بعَمْرو بنِ مَسْعُودٍ وبالسيِّد الصَّمَدْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


وقال قوم: الصمد: الدائم الباقي، الذي لم يزل ولا يزال، وقيل: تفسيره ما بعده ﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ [الإخلاص: 3]، قال أُبيُّ بن كعب: الصمد: الذي لا يلد ولا يولد؛ لأنه ليس شيء إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا يورث، وقال علي وابن عباس أيضًا وأبو وائل شقيق بن سلمة وسفيان: الصمد: هو السيد الذي قد انتهى سؤدده في أنواع الشرف والسؤدد؛ ومنه قول الشاعر:
عَلَوْتُهُ بحُسامٍ ثمَّ قُلْتُ لَه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
خُذْها حُذَيْفَ فأنتَ السيِّدُ الصَّمَدُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


وقال أبو هريرة: إنه المستغني عن كل أحد، والمحتاج إليه كل أحد، وقال السدي: إنه المقصود في الرغائب، والمستعان به في المصائب، وقال الحسين بن الفضل: إنه الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وقال مقاتل: إنه الكامل الذي لا عيب فيه؛ ومنه قول الزبرقان:
سِيرُوا جميعًا بنِصْفِ الليلِ واعتَمِدُوا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولا رَهِينةَ إلَّا سَيِّدٌ صَمَدُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


وقال الحسن وعكرمة والضحاك وابن جبير: الصمد: المصمت الذي لا جوف له.


ويجب عليك أخي المسلم أن تتوكَّل على الله في كل حياتك، وأن تقنع بما قدر لك وأعطاك من فضله لتصل لمحبة الله، ويفيض عليك الصمد سبحانه، فإنْ أحبك الله فلن يستطيع أحد أن يكرهك، وسيلجأ اليك الجميع في كل شئونهم، وروي عن الحبيب صلى الله عليه وسلم أنه سمِعَ رجلًا يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، فقال صلى الله عليه وسلم: ((لقد سألَ بالاسْمِ الأعظمِ الذي إذا سُئلَ به أجابَ))؛ (رواه الترمذي).


والشافي هو الله، والحافظ هو الله،والأمل والتفاؤل في الله، وبالله لن ينتهي، ونحن بحاجة لوقفات للتأمُّل والدعاء وتقوى الله في السِّرِّ والعَلَن، ومراجعة أمورنا وأحوالنا وواقعنا وخطوات المستقبل، والبُعْد عن الظُّلْم سواء للآخرين أو للنفس، ويجب علينا جعل الابتلاء جسرًا للفرج ببذل الجهد وإصلاح ما كان قبل فوات الأوان وانقلاب الزمان.


والمؤخر سبحانه هو المحاسب الصبور، فيؤخرك ولا يتغافل عنك، يمهلك ولا يهملك، ينعم عليك بجزيل عطائه، ويزيدك من فضله وإحسانه، ويصبر عليك لعلك تعود وترجع عن المعاصي والغي والظلم وتتوب, وقيل: إنه سبحانه أخَّر محاسبة وعذاب المشركين والكُفَّار إلى أجل مُسمَّى عنده، ويُؤخِّر للمقصرين والمصرِّين على المعاصي حتى إذا أخذهم لم يفلتهم, ومعنى آخر يُعطي للطائعين طرق ووسائل الهَدْي والتُّقى والعفاف، ويُنير لهم طُرُق التقوى، ويُيسِّر لهم من العمل ما يرضي الله سبحانه, ومعنى آخر يتَّضح في قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ [إبراهيم: 42]، في الطبري يقول تعالى ذكره لنبيِّه محمدٍ صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ يا محمد ﴿ غَافِلًا ساهيًا ﴿ عَمَّا يَعْمَلُ هؤلاء المشركون من قومك؛ بل هو عالم بهم وبأعمالهم، محصيًا عليهم، ليجزيهم جزاءهم في الحين الذي قد سبق في علمه أن يجزيهم فيه.


حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا عليُّ بن ثابت، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران في قوله: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ، قال: هي وعيد للظالم وتعزية للمظلوم.


القول في تأويل قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ [إبراهيم:42، 43].


يقول تعالى: إنما يؤخر ربك يا محمد هؤلاء الظالمين الذين يُكذِّبونك ويجحَدون نبوَّتك ليوم تشخَصُ فيه الأبصار. يقول: إنما يؤخِّر عقابهم وإنزال العذاب بهم إلى يوم تشخص فيه أبصار الخلق، وذلك يوم القيامة.


ومن الفوائد المرجوَّة من فهم وتأمُّل وتدبُّر لاسم الله المؤخر أن أشدَّ أنواع الظلم أن تُشرك بالله كما قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان: 13]، ولعل من المهم أن نفهم ونربي أنفسنا على أن الله هو المؤخِّر فتكون كل أعمالنا بين الخوف والرجاء فيه سبحانه جل في علاه، وقد ربَّانا الإسلام أن نكون بين الخوف والرجاء، نخاف على أعمالنا ألا تُقبَل، ونرجو القبول فنجتهد في الإخلاص، وأن تكون الأعمال كلها على منهج الرسول صلى الله عليه وسلم, ومن النقاط الهامة ألا تكذب في أي وقت وبأي طريقة، وتحت أي ظروف، فالكذب مفتاح كل الشرور، ولا تظلم الناس ولا تترك الدنيا، وإن كان لأي إنسان مظلمة عندك فتحلَّل منها سريعًا قبل الموت، ولا تؤخر، وانظر إلى الأمور من وجهة نظر مَنْ تظلمه كي لا تظلمه.


وختامًا إننا بتأملنا وتعلمنا وفهمنا لأسماء الله الحسنى ومعانيها ننال كل الفوائد الدنيوية والأخروية، ونأخذ الخير في الدنيا والآخرة، ونتخلق بالأخلاق الفاضلة، ونعرف ديننا الحقَّ، ولا نظلم أحدًا، ولا نُشرِك بالله، ونجتهد في العبادة بإخلاص لنصل إلى موجبات رحمته سبحانه، ونبعد عن الظلم للناس وللآخرين، ونجتهد في نشر لا إله إلا الله محمد رسول الله بكل السبل، ونعلم أن لنا ربًّا مجيب الدعاء وهو قادر سبحانه على تنفيذ كل الرجاء ورفع البلاء، والحمد لله رب العالمين.






د. عبدالله الزبير بكر





المراجع:
القران الكريم.
الأحاديث النبوية الشريفة (صحيح البخاري، صحيح مسلم، سنن أبي داود، سنن ابن ماجه، موطأ مالك).
كتب التفاسير (ابن كثير، النسفي، القرطبي، الطبري).
المقصد الأسنى لأبي حامد الغزالي.
الترغيب والترهيب للمنذري.
مكاشفة القلوب للغزالي.
موسوعة الأسماء والصفات للدكتور أحمد الشرباصي.






م ق الألوكة


FGTRFGTR


الساعة الآن 04:28 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)