منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

أخبَرونا ..

أنَّ ليلاً سلَّم الفجر مفاتيح الظَّلام
ومضى يبحثُ عن منطقة أُخرى
ليبني فوقَها قصراً وسجناً وخيامْ
وعجبنا عجباً سد في أفواهنا سَيل الكلامْ
أصحيحٌ أنَّ ليلاً حالِكَ الظُّلمةِ
يرضى بالسَّلامْ ؟!
وسكتْنا ...

وروى الراوي لنا ...

أنَّ رجالا حملوا أمتعة الحزن وساروا
ورجالاً شربوا أَدمُعهم ، لفُّوا وداروا
ورجالاً مكثوا .. ما سلكوا درباً ..
ولا حجُّوا وزاروا ..

وروى ...

أنَّ رجالاً ساوموا الليل على بيع النِّساءْ
وعلى بيع المفاتيح التي تفتحُ بابَ الكبْرياءْ
وعلى بيع بقايا من شعاع الشمسِ
كانت في زوايا مقلةٍ أتعبها طولُ البكاءْ

ذكر الرَّاوي لنا :

أنّ أميرَ البحر مسكونٌ بحبِّ الشهواتْ
وبحبِّ المدح بالعفة و الصِّدق وطُهرِ النظراتْ
وبتنميق الأحاديث وصفِّ الكلماتْ
وروى الرَّاوي لنا بعض أحاديث البطانهْ
أنها تحترف التخديرَ بالمدحِ..
وتَستَعذِبُ أصناف الإهانةْ

وروى الرَّاوي لنا أشتاتَ أنباءٍ غربيهْ

وحكاياتٍ عجيبهْ ..
وسمعنا ـ بعدَ هذا ـ
صرخةً أطلَقَها طفلٌ وقد خالطَها صوتُ الأذانْ
وسؤلاً لاهثَ الأحرفِ مهزوز الكيانْ
أينَ ذو القرنينِ ؟
هاتوا أيُّها الناسُ حديداً
أشعلوا ناراً وهاتوا قَطِرانْ
أينَ ذو القرنينِ ؟
وارتدَّ سؤال الطفل مكسور الجناحْ
ورأى في ساحة الميدانِ أشلاءً
وفي أيدي المُحبينَ رِماحْ
ورأى أعجازَ نخلٍ خاويهْ
ورأى نصفَ حذاءٍ
عُلِّقتْ في نصفِ رجلٍ حافيهْ

وتوارى ...

حينما أبصر آلافاً يُشيدونَ بعدْل الطَّاغيهْ

سكتَ الرَّاوي وقدْ سمَّر عينيهِ على بوَّابة
القدس وصاح
ما أرى ؟ ... ما هذه الأفواج تكتظُّ بها هذي البطاحْ
نسيَ الرَّاوي ..
فلمْ يعلم بأنَّ الوعدَ وعدُ الآخرهْ
وبأنَّ الدَّولة العظمى ستنهار
بإصرار القلوب العامرهْ
نسيَ الرَّاوي فلم يذكر لنا
أنباء طفلٍ مؤمنٍ بالله
مازالَ قويَّ الذَّاكرهْ

نسيَ الرَّاوي فلم يذكر لنا ...
أنَّ طفلاً قرأ القرآن في الفجر
وصلَّى ركعتينْ
ثُمَّ ألْقى نظرة عجْلَى على الدَّارِ
وقبَّل رأس الوالدينْ
وخطا خُطوتهُ الأولى ... وقد
ضمَّ على السِّرِّ اليدينْ

نسيَ الرَّاوي فلم يذكرْ لنا ...
أنَّ جيشاً جاءَ للتَّحقيقِ في سرِّ القضيَّهْ
وجَّهوا نحو فؤادِ الطِّفل ألفي بندقيَّهْ
وهوى الجُنديُّ بالسَّوطِ على الجسمِ الصَّغيرْ
قتلوا الطفل و لمَّا فتَّشوهُ
وجدوا في ثغره أصداءَ تكبير وآثارَ دعاءْ
ورأوا في وجهه لونَ إباءْ

وهنا ...

هبَّ نسيمْ
وطفَا نجمُ على سطحِ السِّديمْ
وهُنا انْداحتْ رؤىً بيضٌ
ووجهُ الطِّفلِ كالبدرِ المُنيرْ
وهُنا عاد إلى النَّبع الخَريرْ
وسمعنا أنَّهم قدْ وجدوا
في قبضة الطفل حجرْ
ورأوا غيماً وآثارَمطرْ
ورأوا أُمّاً أمامَ الدَّار
ترنو في ذهولْ
لَـمَحوها تمسح الدَّمع
وفي صبرٍ تقولْ :
إنْ يكونوا قتلوا طفلاً ...
فآلافٌ من الأطفال ساروا بالأثَرْ
كُلُّ طفلٍ حمَلَ المُصحفَ في كفٍ
وفي الأُخرى حجرْ

عبدالرحمن العشماوي