شعاع العلوم الشرعية مقالات- ارشاد- توجيه- خواطر تهدف للدعوة الى الله- حملات دعوية و ثقافة إسلامية.... |
الإهداءات |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
09-04-2014 | #11 |
|
رد: تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد
|
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا قال ابن عون: "ذكر الناس داء،وذكر الله دواء" قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى : (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له" السير6 /369 قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره" الفتاوى السعدية 461 |
09-04-2014 | #12 |
|
رد: تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد
|
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا قال ابن عون: "ذكر الناس داء،وذكر الله دواء" قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى : (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له" السير6 /369 قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره" الفتاوى السعدية 461 |
09-04-2014 | #13 |
|
رد: تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد
|
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا قال ابن عون: "ذكر الناس داء،وذكر الله دواء" قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى : (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له" السير6 /369 قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره" الفتاوى السعدية 461 |
09-04-2014 | #14 |
|
رد: تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (11) الشيخ عبدالله بن حمود الفريح 45- قال المصنِّف - رحمه الله -: "وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((آمنْتُ بالقدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، وَحُلْوِه وَمُرِّه))". فائدة: وأما الحديث الذي أوْرَدَهُ المصنف، وفيه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((آمنتُ بالقدر؛ خيرِه وشرِّه، وحُلوِه ومرِّه))، فهو حديث ضعيفُ الإسناد، في سنده يزيد الرقاشي ضعيفٌ، قال النسائي عنه: متْروك، وقال أحمد: منكر الحديث[22]. كيف يكون المسلمُ مؤمنًا بالقدَر؟ الإيمان بالقدر لا يكون تامًّا إلا بالإيمان بأربعة أمور، هي مراتب القدر الأربع: أولًا: الإيمانُ بعلم الله الشامل لكلِّ شيء، جُملةً وتفصيلاً: فيؤمن العبدُ بأن الله - عز وجل - أحاط بكلِّ شيء علمًا، فعَلِمَ ما كان، وما لَم يكن لو كان كيف يكون، فعلم ما سبق، وما سيأتي؛ أي: إنَّ علْمه - جل وعلا - أَزَلِيٌّ وأَبَدِيٌّ. ومن أدلة هذه المرتبة: 1- قوله - تعالى -: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ}[23]. 2- وقوله - تعالى -: {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا}[24]. ثانيًا: الإيمان بأنَّ الله - تعالى - كَتَب في اللوح المحفوظ مقادير كلِّ شيء: فيُؤمِنُ العبدُ بأنه ما من شيء كان في السابق، أو يكون في المستقبل، إلا وهو مكتوبٌ في اللوح المحفوظ قبل أن يكون؛ فيؤمن بأنَّ الله كَتَب في اللَّوح المحفوظ مقاديرَ كل شيء إلى قيام الساعة. ومِن أدلة هذه المرتبة: 1- قوله - تعالى -: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا}[25]. 2- حديث عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: سمعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((كَتَب الله مقاديرَ الخلائق قبل أن يخلقَ السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشُه على الماء))[26]. 3- وأيضًا قوله - تعالى -: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}[27]، وهذه الآيةُ فيها دلالة على المرتَبَتَيْن الأولى والثانية. ثالثًا: الإيمان بأنه لا يكونُ شيء إلا بمشيئة الله - تعالى - وإرادته: فيؤمن العبدُ بأنه لا يكونُ شيءٌ في السموات والأرض إلا بمشيئة الله - تعالى - وإرادته، يهْدِي مَن يشاء برحمته، ويُضل مَن يشاء بحكمته. ومن أدلة هذه المرتبة: 1- قوله - تعالى -: {وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}[28]. 2- وقوله - تعالى -: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا}. رابعًا: الإيمانُ بأن الله خالِق كلِّ شيء لا خالق غيره: فيؤمن العبد بأن الله - جل وعلا - خلَق كلَّ ما في السموات وما في الأرض وما في سواهما، لا خالق سواه - جلَّ في علاه. ومن أدلة هذه المرتبة: 1- قوله - تعالى -: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا}[29]. 2- وقوله - تعالى -: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}[30]. هذه هي مراتِبُ القدَر الأربع: 1- العلم. 2- الكتابة. 3- المشيئة. 4- الخلق. مجموعة في قول الشاعر: عِلْمٌ كَتَابَةُ مَوْلانَا مَشِيئَتُهُ وَخَلْقُهُ وَهْوَ إِيْجَادٌ وَتَكْوِينُ ومن أهلِ العلم مَن يُقَسِّم هذه المراتب الأربع على مرتَبَتَيْن: الأولى: ما يسبق حصول المقدَّر، وهما: العلم، والكتابة. الثانية: ما يكون حال وقوع المقدَّر، وهما: المشيئة، والخلق. والمراتب الأربع: العلم، والكتابة، والمشيئة، والخلق، ذَكَرَها المصنِّف في أول الفصل ضمن كلامه؛ ليُبَيِّن عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة، فمَن آمن بهذه المراتب الأربع، فقد آمن بالقضاء والقدر الذي هو ركنٌ من أركان الإيمان الستَّة؛ كما قال عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - حيث قال: "والذي يحلف به عبدالله بن عمر، لا يؤمن أحدهم حتى يعلمَ أن ما أصابه لَم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لَم يكن ليصيبه"[31]. ومن خلال مراتب القدر الأربع، نُعَرِّف القَدَر فنقول: هو علْمُ الله - جل وعلا - الأزليُّ بالأشياء قبل وُقُوعها، وكتابته لها في اللوح، قبل خلْق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، ثم مشيئته - جل وعلا - لها، وخلقه - جل وعلا - لجميع الأشياء. المبحث الخامس: المخالفون لأهل السنة في القدر: خالَف أهلَ السنة منَ المبتدِعة طائفتان في مسألة الإيمان بالقدَر: الأولى: القدرية: وهم المعتزلة، الذين يقولون بنَفْي القدَر؛ أي: إن الله - عز وجل - لم يُقدِّر شيئًا، وهؤلاء القدرية على قسمَيْن: 1- غلاة القدرية: وهم نفاة العلْم، فنفوا المرتبة الأولى مِن مراتب القدر، وهي العلم، فقالوا: إنَّ الله - عز وجل - لا يعلَم بما يحدث وما حدث قبل أن يحدث، ولا شك أن نفْيَهم للعلم يقتَضي نفي ما بعده من المراتب؛ كالكتابة، والمشيئة، والخلْق، وهذه الطائفة انقرضَتْ، ومَن أنكر علْم الله فقد كفر، وهؤلاء هم الذين كفَّرهم ابن عمر - رضي الله عنهما - كما في "صحيح مسلم"، حين قيل له عن قوم: "يزعمون أن لا قدر، وأن الأمر أُنُف - أي: مستأنف - فقال: إذا لقيت أولئك؛ فأخبرهم أنِّي برِيءٌ منهم، وأنهم بَرَاء مني، والذي نفسي بيده، لو أنْفَقَ أحدهم مثل أُحُدٍ ذهبًا ما قَبِلَه الله منه حتى يؤمِنَ بالقدَر". 2- القدرية غير الغلاة: وهم معتزلة اليوم، الذين يُثْبِتون المرتبة الأولى والثانية؛ فيثبتون العلم والكتابة، وينفون الخلْق والمشيئة، فيقولون: كل شيء خَلَقَهُ الله - تعالى - وشاءه إلا أفعال العباد؛ فإن الله - تعالى - عَلِمها وكتَبَها، ولكنه لَم يشأها، ولم يخلقها، فالعبد هو الذي خلَق أفعال نفسه وليس لله - تعالى - مشيئةٌ فيها ولا قدرة ولا خلق - تعالى عما يقولون عُلُوًّا كبيرًا. والرد عليهم من طريق النقل والعقل: أولًا: من طريق النقل: دلَّت النصوصُ الكثيرةُ على إثبات قدْرة الله - تعالى - ومشيئته وخلقه لأفعال عباده؛ ومن ذلك قوله - تعالى - في المشيئة: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ}[32]، وقوله: {وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا}[33]، وقوله: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}[34]. وقوله - تعالى - في الخلق: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[35]، وقوله: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}[36]، فهذه النُّصوص وغيرها دلَّتْ على أنَّ العبد لا يفْعل إلا ما شاء الله - تعالى - وأنَّ أفعالَه خَلَقَها الله - تعالى. ثانيًا: من طريق العقل: حيث لا يُعقَل أن مَنْ يملك السموات والأرض ومَن فيهن أن يكون في ملكِه ما لا تتعَلَّق فيه مشيئته وإرادته، ومن ذلك الإنسان، فهو وأفعاله تحت مشيئة الله - تعالى. الطائفة الثانية: الجبرية: وهم الجهمية، وكذلك الأشاعرة، وإن كان الأشاعرةُ يُفَصِّلون في اعتقادهم بين الباطن والظاهر في الجبْر، وفصَّلوا تفصيلاً هم لَم يتَّفقوا عليه، ولَم يجدوا له تفسيرًا؛ فهم في النهاية جبريَّة. والجبرية يقولون: إن العبد مَجْبور، وليس له اختيار في ذلك أبدًا، فالله - عزَّ وجل - أجْبَرَهُم على أفعالهم فجَعَلُوا الإنسان كالريشة في مَهَبِّ الرِّيح. والرد عليهم مِن طريقين أيضًا؛ النقل والعقل: أولًا: من طريق النقل: فيُقال: دلَّت النُّصُوص على إثبات أنَّ للعبد مشيئة، ومِن ذلك: - ما استدل به المصنِّف: قوله - تعالى -: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ}[37]، وقوله: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[38]، وقوله:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[39]. ووجه الدلالة: أنَّ الله - عزَّ وجل - في الآيات السابقة جعَل له عملاً يجازى به عقابًا أو ثوابًا، ولو كان مَجْبورًا، لكان عقابه منَ الظلْم، وكذلك كلَّفه وأَمَرَهُ بما يستطيع مما يدلُّ على أن له مشيئة، ولو كان مجبورًا لما جعل له عملاً يجازى به حسبما يختار من عمل، ولما جعله مستطيعًا على فِعْل ما أمر به. ثانيًا: من طريق العقل: أنَّ كل إنسان يُدرك الفرق بين الأفعال الاختيارية، والأفعال الاضطرارية، وفي واقع العبدِ منَ الأمثلة ما لو احتجَّ فيه بالقدر، وأنه مجبور، لعُدَّ ذلك من السَّفَه وقلَّة العقل، فلو قَتَل رجلٌ رجلاً آخر، واحتجَّ بأنه مجبور، لَم يُقبَل منه؛ لأنها حجَّة واهية، وكذا لو قيل لإنسانٍ: أغلق تجارتك، واجلسْ في بيتك، وإذا سُئِلْتَ: لماذا لا تتكسب؟ فقل: أنا مجبور - لعُدَّ ذلك منَ السفه، وقلة العقل، وكذا في سائر الأُمُور الدنيوية التي للإنسان فيها مصلحة دنيوية ظاهرة، فإنه لا يحتج فيها بالقدَر بتاتًا، ويرى أنَّ ذلك من السفه، وقلة العقل، وعند أهوائه فإنه يحتج بالقدَر؛ فيقال له: لماذا تحتج في القدر في هذا دون هذا؟! ولهذا يقول ابن القيم في الميميَّة: وَعِنْدَ مُرَادِ اللهِ تَفْنَى كَمَيِّتٍ وَعِنْدَ مُرَادِ النَّفْسِ تُسْدَى وَتُلْحَمُ وَعِنْدَ خِلافِ الْأَمْرِ تَحْتَجُّ بِالْقَضَا ظَهِيرًا عَلَى الرَّحْمَنِ لِلْجَبْرِ تَزْعُمُ وأهل السنة والجماعة وَسَطٌ بين القدرية والجبرية، فهم يقولون: للعبد قدرةٌ وإرادةٌ وبحسبها يُثَابُ ويُعَاقَبُ، وقدرته ومشيئته تحت قدرة الله ومشيئته. فلا يقولون: ليس لله قدرة أصلاً، فهذا قول القدرية المعتزلة. ولا يقولون: ليس للعبد قدرة أصلاً، فهذا قول الجبرية. بل يقولون: إن لله قدرةً عامَّةً، وللعبد قدرة خاصة تحت قدرة الرب - سبحانه - فقدرةُ الرب غالبة على قُدْرة العبد. ودليل هذا المعتقد الحق: 1 - قوله - تعالى -: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاؤونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[40]؛ ففي الآية الأُولى: إِثْبات أنَّ للعبد مشيئة، وفي الثانية: إثبات أنَّ مشيئة العبد تحت مشيئة الله - تعالى. 2- قوله - تعالى -: {وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}[41]. 3- قوله - تعالى -: {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً * وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}[42]. فيُقال أيضًا في الاستدلالَيْن: في الآية الأولى منهما: إثبات أنَّ للعبد مشيئة، وفي الثانية: إثبات أن مشيئة العبد تَحْت مشِيئة الله - تعالى - ولهذا المعتقد آيات أُخَر تَقَدَّم بَعْضُها. هذا هو مبْحث مسألة الإيمان بالقدَر بين أهْلِ السنَّة والمبتدعة، وتحت هذا المبْحَث عدة فوائد: الفائدة الأولى: يُقال في القدرية: إنهم مَجُوسُ هذه الأمة، وَوَرَدَتْ في ذلك أحاديث مرفوعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك ما رواه أبو داود في "سننه"، عن ابن عمر - رضي الله عنه - مرفوعًا: ((القدَرية مجوس هذه الأمة))، وعند أبي داود أيضًا، عن حُذَيفة مرفوعًا: ((لكلِّ أمة مجوسٌ، ومجوسُ هذه الأمة الذين يقولون: لا قدَر))؛ والحديث وكل الأحاديث المرفوعة في هذا الباب ضعيفة، والصحيح هو المَوْقُوف على ابن عباس. ووَجْه الشَّبَه بين القدَرية والمَجُوس هو: أنَّ المجوس يُثْبِتُون خالقَيْنِ: آلهة للخير، وآلهة للشَّرِّ، وكذلك القدَرية، فإنهم يثبتون خالقَيْنِ، فيثبتون أنَّ الله - تعالى - خلقهم، ويثبتون أنهم خلقوا أفعالهم، فلم يخلقْها اللهُ - تعالى. واختلفَ أهلُ العلم في تكْفير هؤلاء، وأما غُلاة القدَرية الذين أنْكَرُوا علْم الله - تعالى - بالأشياء حتى تَحْدُث، فنَصَّ الشافعيُّ وأحمدُ وغيرهما منَ الأئمة على تكفيرهم، وتقدَّمَتِ الإشارة إلى أن ابن عمر - رضي الله عنهما - كَفَّرَهُم. يتبع |
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا قال ابن عون: "ذكر الناس داء،وذكر الله دواء" قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى : (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له" السير6 /369 قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره" الفتاوى السعدية 461 |
09-04-2014 | #15 |
|
رد: تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد
|
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا قال ابن عون: "ذكر الناس داء،وذكر الله دواء" قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى : (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له" السير6 /369 قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره" الفتاوى السعدية 461 |
09-04-2014 | #16 |
|
رد: تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد
|
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا قال ابن عون: "ذكر الناس داء،وذكر الله دواء" قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى : (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له" السير6 /369 قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره" الفتاوى السعدية 461 |
09-04-2014 | #17 |
|
رد: تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (12) الشيخ عبدالله بن حمود الفريح فصل في الإيمان 50 - قال المصنِّف - رحمه الله -: "والإيمانُ قوْلٌ باللسان، وعمَلٌ بالأرْكان، وعَقْدٌ بالجَنَان، يزيدُ بالطاعة، وينْقُصُ بالعصيان. 51- قال الله - تعالى -: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}[1]، فجعَلَ عبادَةَ الله - تعالى - وإخلاص القلب، وإقامَ الصَّلاة، وإيتاءَ الزَّكاة، كُله مِن الدِّين. 52- وقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَة، أَعْلاَهَا شَهَادَةُ أَن لاَ إِلَهَ إِلا الله، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَن الطرِيق))، فجعَلَ القَوْلَ والعَمَلَ مِن الإيمان. 53- وقال - تعالى -: {فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا}[2]، وقال: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا}[3]. 54- وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلهَ إِلاَّ الله وَفِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ بُرَّةٍ أَوْ خَرْدَلَةٍ أَوْ ذَرَّةٍ مِنَ الإيمانِ))، فجعَلَهُ متفاضلاً. الشرح الإيمان ومعتقد أهل السنة والجماعة فيه هو من أوائل المسائل التي وقع فيها الخلافُ بعد عصر الصحابةِ والتابعين لهم بإحسان، فاختلَفُوا: هل يدخل العملُ في مسمَّى الإيمان؟ وما الذي يدخل في مسمى الإيمان؟ وهل يزيد وينقص؟ إلى غير ذلك مما سيأتي في المباحث القادمة، ففي هذا الفصل عدة مباحث: المبحث الأول: معتَقَد أهل السنة والجماعة في الإيمان: — الإيمان في اللغة: هو التصديق والإقرار، وأما في الشرع فكما سيأتي في معتقد أهل السنة والجماعة. — معتقد أهل السنة والجماعة في الإيمان: أنه - كما قال المصنِّف -: "الإيمان قولٌ باللسان، وعملٌ بالأركان، وعَقْدٌ بالجَنَان"، والمقصود بالأركان: الجوارح، والجَنان هو: القلب، فيكون الإيمان: اعتقاد وقول وعمل؛ اعتقاد بالقلْب، وقوْل باللِّسان، وعمَل بالجوارح، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وهذا التعريف مما أجْمَعَ علَيْه السلَف - رحمهم الله - ونقل الإجماع غيرُ واحد من أهل العلم؛ كالشافعي، وأحمد، والبخاري، وابن عبدالبر، والبغَوي، وغيرهم، نقلُوا الإجماع بدُخُول العمل والقول في مفهوم الإيمان. قال البخاري في كتابه "خلق أفعال العباد": "أدركتُ ألفًا من العلماء، كلُّهم يقولون: الإيمان قول وعمل"[4]. ومثال ذلك ودليله كما يلي: — مثال الاعتقاد بالقلْب ودليله: حديث عمر بن الخطاب عند مسلمٍ الطويلُ، وسؤال جبريل - عليه السلام - للنبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان والإسلام والإحسان؛ فقال - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان: ((أن تؤمنَ بالله، وملائكته، وكُتُبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدَر خيره وشره))[5]. — مثال العمَل بالجوارح ودليله: حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - المتَّفق عليه، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لوفد عبدالقيس: ((أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وتعطوا الخمس منَ المغنم)). ووجه الدلالة: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث فسَّر الإيمان بالأعمال الظاهرة؛ كإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وإعطاء الخمس، بينما في الحديث الذي قبله فسَّر الإيمان بالأعمال الباطنة التي يعقد عليها القلْب من المغيبات، وأيضًا ما استدل به المصنِّف وهو قول الله - عز وجل -: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}[6]، حيث جعل الدين - وهو الإيمان - عمل القلب؛ كالإخلاص، وعمل الجوارح؛ كالصلاة والزكاة. — مثال القول باللِّسان ودليله: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند مسلم؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: ((الإيمان بضْع وسبْعون شُعبة؛ فأعلاها: قول لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق، والحياءُ شُعبة من الإيمان)). ووجه الدلالة: أنه - صلى الله عليه وسلم - جعل منَ الإيمان ما هو قول باللسان؛ كقول: لا إله إلا الله، وأيضًا هو دليل على أنَّ الإيمان عمل بالجوارح؛ كإماطة الأذى عن الطريق، وهو دليلٌ أيضًا على أنَّ الإيمان عمل القلب كالحياء. — (يزيد بالطاعة) دليله: ما استدل به المصنِّف، وهو قول الله - تعالى -: {فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} في قول الله - تعالى -: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}[7]، وأيضًا استدل بقوله - تعالى -: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا} في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ}[8]. — (ينقص بالمعصية)، دليله: حديث أنَس - رضي الله عنه - المتَّفق عليه في خروج الموحِّدين من النار، يقول الله - عز وجل - لِمُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم -: "انطلق فأَخْرِجْ منها من كان في قلبه مثقال ذرةٍ أو خردلة من إيمان فأَخْرِجْه" الحديث. ووجه الدلالة: أنَّ من الناس مَن ينقُص إيمانُه، حتى يصيرَ إلى هذا القدر اليسير، وهو الذرة أو الخردلة من الإيمان، وأيضًا ما جاء في الصحيحَيْن: أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - وَعَظَ النِّساء فقال: ((ما رأيتُ مِن ناقصات عقْل ودِين أذهبَ لِلُبِّ الرجل الحازم من إحداكن))، فأثبت نُقصان الإيمان وهو الدِّين، والأدلَّة على كلِّ جزئيَّة في هذا التعريف كثيرةٌ وما تقَدَّم بعضُها. تنْبيه: في تعريف الإيمان لا يظنُّ ظانٌّ أنَّ القلب لا يتعَلَّق به إلا الاعتقاد، وأنَّ القول والعمل يكون فقط باللِّسان والجوارح، فهذا ليس هو مُراد السلف، بل هذا فَهم المرجئة وغيرهم، حينما نقلوا معتقد أهل السنة والجماعة في الإيمان، وهذا فَهم خاطئ، فقول القلب وعمله يدخل في مفهوم الإيمان؛ ولذا أثر عن السلف أنهم قالوا: "الإيمان قول وعمل"، ويجعلونه شاملاً للظاهر والباطن؛ فالباطنُ: قول القلب وعمله، والظاهر: قول اللسان وعمله وعمل الجوارح؛ ولذا شيخ الإسلام ابن تيمية في "العقيدة الواسطية" جاءَ بتعريف السلَف مُجمَلاً، ثم فصَّله فقال: "ومِن أُصُول أهل السنة والجماعة أنَّ الدين والإيمان قولٌ وعملٌ، قول القَلْب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح". فيقال على التَّفصيل مع التمثيل والاستدلال: إن الإيمان: — قول القلب: وهو الاعتقاد والتصديق. ويدل عليه: حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - السابق وفيه: ((أن تؤمنَ بالله، وملائكته، وكُتُبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره)). — وعمل القلب: وهي الأعمال القلبية؛ كالإخلاص، والخوف، والرجاء، والحياة، وغيرها من الأعمال القلبية. ويدل عليه: ما استدلَّ به المصَنِّف قول الله - تعالى -: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}[9]، فالإخلاص عمَلٌ قلبي، وكذلك حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - السابق، وفيه: ((والحياء شُعْبَةٌ منَ الإيمان))، فالحياء عمل قلبي. — وقول اللسان وعمله: فقول اللسان هو نطقه، وعمله حركاته التي ينشأ عنها النُّطق، ومن أهل العلم من يجعلهما أمرًا واحدًا. ويدل عليه: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - السابق وفيه: ((الإيمان بضْع وسبعون شُعبة؛ فأعلاها: قول: لا إله إلا الله...)) الحديث، فقول: لا إله إلا الله من شُعَبِ الإيمان، وكذا ذكر الله بالتهليل والتسبيح، والتحميد والتكبير، وسائر أنواع الذِّكر تدخُل في قول اللسان وعمله. — وعمل الجوارح: ما يقع مِن عمل في أعضاء البدَن؛ كاليدَيْن، والقدمَيْن، وبقية أجزاء البدَن؛ كالقيام، والرُّكوع، والسجود، والصلاة عامة، والحج، وغيرها من الأعمال البدنية. ويدل عليه: ما استدل به المصنِّف، وهو قولُ الله - عز وجل -: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5]، وكذلك حديث ابن عباس وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لوفد عبدالقيس في الإيمان: ((شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصَوْم رمضان، وأن تعطوا الخمس من المغنم))، فذكر له أعمالاً بدنية. وأردتُ بهذا التنبيه أنْ أُبيِّن أنَّ عمَل القلب يدْخُل في مفْهوم الإيمان - كما دلَّ علَيْه التفصيلُ السابق - لأنَّ التعريف السابق والذي جاء به المصَنِّف جعل لبعض الفِرَق مدخلاً في إخراج عمَل القلب من مفهوم الإيمان، ولا يعني هذا أنَّ التعريف الذي جاء به المصنف تعريف ناقص، لا، ولكنه قد يسوِّغ لمن عنده فَهْم ناقص في معرفه اعتقاد السلف في الإيمان أن يدخل فيه ما يدخل، والتعريف الذي جاء به المصنف تعريفٌ مشهورٌ متداوَلٌ عند أهْلِ العلم، ولا يُخْرِجُ أحدٌ منهم عملَ القلب من هذا التعريف، بل قول المصنف: "وعمل بالأركان" - أي: الجوارح - فيه دلالة على عمَل القلب؛ لأنَّ القلب أحد جوارح البدَن - والله أعلم. المبحث الثاني: المخالفون لأهل السنة في الإيمان: المخالفون لأهل السنة والجماعة في مفهوم الإيمان عدةُ طوائف ندخلها تحت طائفتَيْن: الطائفة الأولى المرجئة: وهم على أقسام يتفاوتون في إرجائهم: أولاً: غُلاة المرجئة: وهؤلاء يقولون: إن الإيمان هو المعرفة فقط؛ أي: معرفة القلب لا غير. ويلزم من كلامهم أن إبليس مؤمن؛ لأنه يعرف الله، وكذلك فرعون، وقريش، وأبو طالب، وغيرهم من رؤوس الضلال؛ لأنهم يعرفون الله، وهذه طائفة منغَمِسة في الإرجاء؛ ولذلك سُمُّوا غلاةَ المرجئة، وهذا المفهوم للإيمان مَوْجُود اليوم عند غلاة الصُّوفية والجهمية ومَن وافَقهم. ثانيًا: الكَرَّامية: وهم يأتون بعد غلاة المرجئة في مفهوم الإيمان؛ فالإيمان عندهم المعرفة وقول اللسان فقط؛ فلا يُدْخِلُون فيه التصديق فضلاً عن العمل، فعندهم أنَّ مَن عرَف الله ونطَق بلسانه كلمة التوحيد فهو مؤمن، فهم يُدْخِلُون المنافق مع المؤمنين؛ فالمنافقون عندهم مؤمنون في الدُّنيا؛ لأنهم ينْطِقون بكلمة التوحيد، ولو أنَّ تصديقهم بقلُوبهم يخالف قولهم، وأما في الآخرة فكفَّار مُخَلَّدُون، هذا اعتقادهم في المنافقين بناءً على مفهومهم للإيمان. ثالثًا: الأشاعرة: فهم يُعْتَبَرُون مرجئة في باب الإيمان، فالإيمان عندهم التصديق - أي: الاعتقاد - ووافقهم في ذلك الماتريدية، فمَن اعتقد وصدَّق بقلبه فهو مؤمن، ولو ترك أقوالاً وأعمالاً عِظَامًا فلا تخرجه من الإيمان، ويقال لهم: بناء على قولكم يكون فِرْعون مؤمنًا؛ لأنه كان مُصَدِّقًا، بل تصديقه كان تصديقًا جازمًا؛ لأنَّ الله - عزَّ وجل - سمَّاه يقينًا، واليقين هو التصديق الجازم؛ فقال - تعالى -: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ}[10]، وكذا اليهود كانوا مصدِّقين بقلوبهم أنَّ محمدًا رسول الله، ومع ذلك لا شَكَّ في كُفْر هؤلاء. رابعًا: مرجئة الفقهاء: ومذهبهم أنَّ الإيمان تصديق وقول، فيخرجون العمل، فالإيمانُ عندهم هو اعتقادٌ بالقلْب وقول باللسان فقط، فلم يُدخلوا العمَل في مُسمَّى الإيمان، وهؤلاء يسمَّون مرجئة الفقهاء؛ لأنه مذهب كثير منَ الحنفية، فقد قال به أبو حنيفة - رحمه الله تعالى. ويُرَدُّ على طوائف المرجئة بأن النصوص الصريحة دلَّت على دخول الاعتقاد والقول والعمل في مسمى الإيمان، وتقدم بعض النصوص في المبحث الأول. وهناك مَن يعتقد اعتقاد أهل السنة في الإيمان، إلا أن عنده إرجاء، فالإيمان عنده اعتقادٌ وقولٌ وعملٌ، إلا أنَّ العمل عنده ليس شرطَ صحةٍ، وإنما هو شرط كمال، فلا يكفِّر بالأعمال حتى يستحل. الطائفة الثانية: الخوارج والمعتزلة: وهؤلاء الإيمان عندهم كأهل السنة والجماعة اعتقاد وقول وعمل، إلا أن الأعمال عندهم شرطٌ في بقاء الإيمان، فمَن فعل معصيةً من كبائر الذنوب خرَج من الإيمان، لكن الخوارج يقولون: إنه كافر، والمعتزلة يقولون: هو في منْزلة بين منْزلتَيْن، لا نقول مؤمن ولا كافر، بل نقول: خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر؛ فهو في منْزلة بين هاتين المنزلتَيْن. أما أهل السنة والجماعة فإنَّ الأعمال عندهم منها ما هو شرطٌ يكفر بتَرْكه، ومنها ما هو واجبٌ يفسق بتَرْكه، ومنها ما هو مستحبٌّ يجوز له تركه حسب ما تقْتضيه الأدلة. ويُرَدُّ على الخوارج والمعتزلة بأنه جاءت النصوص الدالة على أن مَنْ فَعَل بَعَضَ الكبائر يبقى مؤمنًا؛ كالقاتل مثلاً، والزاني، والسارق، وشارب الخمر، فهم مؤمنون وإن أُقِيمَتْ عليهم الحدود التي جاء بها الشرع في حقِّهم، ولو كانوا كفَّارًا لوَجَب قتلهم ارتدادًا عن الدين، وهذا يدل على عدم خروجهم عن الإيمان بما فعلوا. وأهل السنة والجماعة في مفهوم الإيمان وَسَطٌ بين هاتَيْن الطائفتَيْن، بين المرجئة والخوارج معهم المعتزلة. المبحث الثالث: المخالفون لأهل السنة في زيادة الإيمان ونقصانه: أيضًا خالف الخوارج والمرجئة مذهب أهل السنة والجماعة في زيادة الإيمان ونقصانه: — فالمرجئةُ بجميع أقسامها الإيمان عندهم لا يزيد ولا ينقص؛ فالناس فيه سواءٌ؛ لأنَّ الإيمان عندهم التصديق بالقلب فقط؛ فلا يزيد ولا ينقص، فعندهم العبد التقي الذي يعبد الله آناء الليل وأطراف النهار، هو في إيمانه كمن يعصي الله آناء الليل وأطراف النهار بأعماله، فيزني ويسرق ويشرب الخمر وغيرها من المعاصي؛ لأن الأعمال عندهم غير داخله في الإيمان. — والخوارج والمعتزلة: أيضًا الإيمان عندهم لا يزيد ولا ينقص، وإنما إما أن يذهب جميعه وذلك بفعل الكبيرة، وإما أن يبقى جميعُه، فهو ليس متفاضلاً يزيد وينقص، هذا هو أصْل اعتقادِهم في زيادة ونُقصان الإيمان، على أنَّ المعتزلة يرَوْن أن الإيمان قد يزيد حسب التكليف؛ فالغني الذي عنده مالٌ، التكليفُ عليه أكثر، فهو إن أدى زكاته فهو أكثر إيمانًا من الفقير الذي لا تَجِب عليه الزكاة. وتقدَّم مذهبُ أهلِ السنة والجماعة، وأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وتقدَّم الاستدلال على هذا؛ ولذا فإنَّ أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - أعلى الصحابة إيمانًا، بل لن يصلَ أحدٌ لدرجة إيمانِه - رضي الله عنه - قال بكر المُزَني: "ما فاق أبو بكر أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - بصومٍ ولا صلاة، ولكن بشيءٍ وقَرَ في قلبِه"[11]. يتبع |
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا قال ابن عون: "ذكر الناس داء،وذكر الله دواء" قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى : (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له" السير6 /369 قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره" الفتاوى السعدية 461 |
09-04-2014 | #18 |
|
رد: تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد
|
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا قال ابن عون: "ذكر الناس داء،وذكر الله دواء" قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى : (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له" السير6 /369 قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره" الفتاوى السعدية 461 |
09-04-2014 | #19 |
|
رد: تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (13) يتبع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح فصلٌ في الإخبار بكلِّ ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم - قال المصنِّف - رحمه الله -: "ويجبُ الإيمانُ بكلِّ مَا أَخبَرَ به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وصَحَّ به النَّقلُ عَنْه فيما شَاهَدْناه، أو غابَ عَنَّا نَعْلَمُ أنَّه حَقٌّ وصِدقٌ، وسواءٌ في ذلك ما عقلناه وجَهِلناهُ، ولم نَطَّلِعْ على حقيقةِ معناه، مِثْل: حديث الإسْراء والمعراج، وكان يَقَظَةً لا مَنامًا، فإنَّ قُريْشًا أنْكَرَته وأَكْبَرَته، ولم تُنْكِر المنامات". الشرْح هذا الفصْل ذكرَهُ المصنف؛ لأنه يتعلق بمسألة عظيمة من مسائل الإيمان، وهي التَّسليم والإيمان بكل ما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سواءٌ شاهدها العبد، أو كانت من الأمور الغيبية، وسواء أدركتْها عقولُنا، أو قصرت عقولنا عنها، فعلى العبد الإيمانُ والتسليم دون الدخول في تأويل أو تحريف؛ لأن الدخول في التأويل والتحريف مما خاض فيه المبتدِعة؛ كالفلاسفة، والعقلانيين، والقرآنيين، والحديث على هذا الفصل تحت المباحث الآتية: المبحث الأول: عقيدة أهل السنة والجماعة في أخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - وشرط ذلك: أهل السنة والجماعة يؤمنون بكلِّ ما أخبر به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - سواء كان ذلك مما يشاهده العبد، أو كان من الأمور الغيبية، وسواء أدركتْها عقولُنا وحواسنا، أو قصرت عن ذلك، إنما هو التصديق والتسليم دون الدخول في تأويل أو تحْريف. وذكر المصنِّف في هذه الأخبار شرطَيْن؛ فقال: "ويجب الإيمان بكلِّ ما أخْبَرَ به النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحَّ به النقل"؛ إذًا لا بد من شرطَيْن في هذه الأخبار: الأول: أن تأتي هذه الأخبار بالغيبيات من جهة الشرع، وهذا يؤخَذ من قوله: "بكل ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم"، وهذا عامٌّ، سواء ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - من جهة القرآن، أو جهة السنة، أو ما جاء به الصحابة منَ الأخبار الغيبية التي لا مجال للرأي فيها، وأما غيرها من الأشياء غير المدركة، ولَم تأتِ مِن جهة الشرع - كأن تأتي عن طريق الظن - فلا يجب الإيمان بها. الثاني: أن يكونَ هذا الخبرُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - صحيحًا، فيشترط أن يكونَ الحديث أو الأثر صحيحًا، وهذا يؤخَذ من قول المصنف: "وصَحَّ النَّقلُ به"، أما الضعيف فلا يكون مقبولاً، أما الحديث الصحيح - ولو كان مِن قبيل الآحاد - فإنه مقبولٌ عند السلَف - رحمهم الله - بخلاف المبتدعة فلا يقبلون إلا الأحاديث المتواترة، ويردُّون الآحاد، وهناك من المتبدعة مَن لا يقبل الاحتجاج بالسنة مطلقًا، ويرد كل ما جاء بها، ويكتفون بالقرآن فقط، وهؤلاء يسمون بالقرآنيين، حجتهم في ذلك: أنَّ السنة فيها الصحيح والضعيف؛ فنتركها لأجْل ذلك، وهم بذلك تركوا القرآن والسنة؛ إذ إنَّ كثيرًا من نُصُوص القرآن تفسرها السُّنَّة. وهناك طائفة أعظم ضلالاً وإلحادًا، وهم الفلاسفة والعقلانيون، الذين يُنكرون الخلْق والخالق، ويَرُدُّون كلَّ شيء للطبيعة، وأنها هكذا وجدتْ، ورد عليهم حافظ حكمي في منظومته قائلاً: وَلا نُصِيخُ لِعَصْرِيٍّ يَفُوهُ بِمَا يُنَاقِضُ الشَّرْعَ أَوْ إِيَّاهُ يَعْتَقِدُ يَرَى الطَبِيعَةَ فِي الْأَشْيَاءِ مُؤْثِرَةً أَيْنَ الطَبِيعَةُ يَا مَخْذُولُ إِذْ وُجِدُوا؟! وهؤلاء يُسَمَّونَ الفلاسفة الطبيعيون، وهناك قسم آخر من الفلاسفة ويُسَمَّون: الفلاسفة الإلهيين، أو فلاسفة إسلاميين؛ أي: ينتسبون للإسلام، وهؤلاء يُقِرُّون بأن هناك إلهًا، ولكنهم لا يؤمنون بالغيب، ولا شك أنَّ مَن كذَّب بآية من كتاب الله، فقد كفَر باتِّفاق العلماء، هذا باختصارٍ مَنْ خالف أهل السنة والجماعة في هذه العقيدة. المبحث الثاني: الأمور الغيبية التي ذكرها المصنِّف: المصنِّف ذَكَر جُملةً منَ الأُمُور الغيبية التي لا بدَّ للعبد أن يؤمنَ بها؛ لأنه صَحَّ نقلُ الشرع بها، وهي: أولاً: الإسراء والمعراج: والكلام على الإسراء والمعراج من عِدَّة وجوه: معنى الإسراء والمعراج: الإسراء لغة: السير بالشخص ليلاً. وشرعًا: سير جبريل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى بيت المقدس ليلاً. ويدل على ذلك: قوله - تعالى -: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[1]. والمعراج لغة: الآلة التي يُعرج بها، وهي المصعد. وشرعًا: عُرُوج النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأرض إلى السماء، والله أعلم بكيفية الآلة التي عرجت به. ويدل على ذلك: قوله - تعالى - من أول سورة النجم: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى}[2]، إلى قوله: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}[3]. الإسراء والمعراج ثابتٌ بالكتاب والسنة والإجماع: فمن الكتاب: قوله - تعالى -: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[4]، والأقصى يعني: الأبعد، سمي بذلك؛ قيل: لبُعْده عنْ مكَّة. ومن السُّنَّة: الأحاديث كثيرة؛ منها: حديث مالك بن صعصعة في الصحيحَيْن، وأيضًا حديث أنس، وحديث أبي ذر، وحديث ابن عباس - رضي الله عنهم - وكلها في الصحيحَيْن، وورد في أحاديث أخرى في غير الصحيحَيْن، حتى ذَكَرَ القاسمي أن حادثة الإسراء والمعراج رواها عشرون صحابيًّا. وأجمع السلَف - رحمهم الله - على أنه - صلى الله عليه وسلم - أُسْرِيَ وعُرِجَ به. والإسراء والمعراج باختصار: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ بدابة يُقال لها: البُراق، وصفها النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنها دون البغل وفوق الحمار، فأسري به من مكة إلى بيت المقدس، ثم ربط دابته هناك بالحلقة التي يربط بها الأنبياء، ثم دخل المسجد فصلى فيه ركعتين ثم خرج، فجاءه جبريل - عليه السلام - ثم بدأت رحلةُ المعراج، فعرج به إلى السماء، فوجد في السماء الأولى آدم - عليه السلام - وفي السماء الثانية عيسى ويحيى - عليهما السلام - وفي السماء الثالثة يوسف - عليه السلام - وفي السماء الرابعة إدريس - عليه السلام - وفي السماء الخامسة هارون - عليه السلام - وفي السماء السادسة موسى - عليه السلام - وفي السماء السابعة إبراهيم - عليه السلام - مُسْنِدًا ظهره إلى البيت المعمور، كل نبي من الأنبياء يسلم عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يُرَحِّبُ بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ثم رفع للنبي البيت المعمور، وسأل جبريل عنه فأخبره جبريل: أن البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لم يعودوا مرة أخرى، ورفعت له سِدْرَةُ المنتهى، ووصفها النبي - صلى الله عليه وسلم - وما فيها من أنهار، وعُرِضَ على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثةُ أقداح، قَدَحٌ فيه لبن، وقَدَحٌ فيه عسل، وقَدَحٌ فيه خمرٌ، فأخذ الذي فيه اللبن فشرب؛ فقيل له: أصبت الفطرة، ودنا الجبارُ - جل وعلا - ففَرَض عليه وعلى أمته خمسين صلاة، ثم نزل إلى موسى، وأمَرَه موسى أن يرجعَ ويسأل الله - جل وعلا – التخفيف، فسأل الله ذلك؛ فجعلها الله أربعين، فجعل النبي- صلى الله عليه وسلم - يتردَّد بين موسى وبين الله - جل وعلا - وفي كل مرة يأمره موسى أن يسأله التخفيف؛ فجعلها الله أربعين، ثم ثلاثين، ثم عشرين، ثم عشرًا، ثم خمسًا، فقال الله - عز وجل -: "إني أَمْضَيْتُ فريضتي، وخَفَّفْتُ عن عبادي، وأَجْزِي الحسنة عشرًا"؛ أي: إن خمس صلوات بخمسين صلاة، وهذا من فضله - جل وعلا - ثم أُهْبِطَ - صلى الله عليه وسلم - ورَجَع من ليلته إلى المسجد الحرام، وكل ما تقدَّم ذكره هو في الصحيحَيْن. مكان الإسراء والمعراج ووقته: مكانه: بالاتِّفاق أن الإسراء كان من مكة إلى بيت المقدس، وبالاتفاق أن المعراج كان من بيت المقدس. ويدل على ذلك: قوله - تعالى -: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى}[5]، وحديث مالك بن صعصعة، وأيضًا أنس بن مالك في الصحيحَيْن: يدُلاّن على أن المعراج كان من بيت المقدس. وأما وقته: لَم يثبت دليلٌ صريحٌ صحيحٌ في تحديد تاريخ الإسراء والمعراج، والذي يُعْرَف من كتب السيرة أنَّ الإسراء والمعراج كانت بعد عام الحزن، الذي تُوُفِّي فيه عَمُّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو طالب، وزوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - خديجة، وفيه طُرِدَ النبي - صلى الله عليه وسلم - من الطائف، وليس في معرفة تاريخ الإسراء والمعراج كبيرُ فائدة؛ لأنه لا يَتَرَتَّب عليه حكمٌ شرعي، والأقوال في تحديدها كثيرةٌ، وليس هناك نصٌّ صحيح صريحٌ؛ فقيل: قبل البعثة، وقيل: بعد الهجرة، وقيل: قبل الهجرة بخمس، وقيل: بست، وقيل: بسنة وشهرين، حتى بلغتْ أكثر من عشرة أقوال[6]. والإسراءُ والمعراج كان برُوحه - صلَّى الله عليه وسلم - وبدنه، وكان يقظةً مَرَّة واحدةً لا منامًا. وهذا قولُ جُمهور العلماء: أنه كان بروحه وجسده يقظةً لا منامًا مرة واحدة. ويدل عليه: أن لفظ (عبد) يصدق على الجسد والروح، والله - عز وجل - يقول: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى}[7]، وأيضًا لو كان بروحه فقط، لم يستبعده كفارُ قريش ويُنْكِروه ويستهزئوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه يكون كالرُّؤَى المنامية، ولكنها معجزة جعلَها الله لنبيِّه. وقيل: الإسراءُ كان منامًا، وقيل: كان بروحه دون جسده، وقيل: كان الإسراءُ مرارًا: مرة بروحه، ومرة بجسده، ومرة يقظة، ومرة منامًا، والصواب كما تقدَّم، وهو قولُ الجُمْهُور - والله أعلم. قال ابن حجر: "وإلى هذا – يعني: الإسراء والمعراج بالروح والجسد - ذَهَب جمهورُ الأمة من العلماء؛ المحدِّثين، والفقهاء، والمتكلِّمين، وتَوَارَدت عليه الأخبار الصحيحة، ولا ينبغي العدول عن ذلك"[8]. وإلى هذا ذَهَب ابنُ القيِّم في "زاد المعاد"، ونصر القولَ بأنه عُرِج به بجسده وروحه[9]. والاحتفال بليلة الإسراء والمعراج بدعة: وذلك فعل بعض الجُهَّال حيث يتعبَّدون بالاحتفال بليلة سبع وعشرين من شهر رجب؛ زاعمين أنها هي ليلة الإسراء، والاحتفال بتلك الليلة لَمْ يفْعَلْه النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا الصحابة ولا التابعون، فضلاً على أنه لا يُعْرَف تَحْديد هذه الليلة؛ إذ لَم يأتِ دليلٌ صريحٌ صحيحٌ في تحديدها كما تقدَّم بيانُه، وهؤلاء يحتفلون بهذه الليلة، فيجتمعون في المساجد، ويأتي القارئ فيقرأ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى}[10]، وكذلك الإذاعات وبعض القنوات تستفتح ذلك اليوم بسورة الإسراء، والمذهب الحقُّ وسط بين هؤلاء الذين أفرطوا وغالوا فاحتفلوا في تلك الليلة، ومنهم مَن يجعلها سُنَّة أو عيدًا؛ فابتدع، وبين كفار قريش الذين فرَّطوا وكذبوا بالإسراء والمعراج، وعلى المؤمن كما ذكر المصنف أنْ يقول: آمنَّا وصدَّقْنا بما جاء به نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - وثبت في صحيح الأخبار، ومنها حادثة الإسراء والمعراج. Ÿ Ÿ Ÿ 56- قال المصنِّف - رحمه الله -: "ومِنْ ذلك أنَّ ملَكَ الموْتِ لمَّا جاءَ إلى موسى - عليه السلام - ليَقْبِضَ روحَهُ لَطَمَهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ، فَرَجَعَ إلى ربِّهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ عَيْنَهُ". الشرح ثانيًا: مَجيء ملك الموت لِمُوسى - عليه السلام - فلَطَمَه موسى - عليه السلام - وفَقَأ عينه. والمقصود من إيراد المصنِّف لهذا الخبر: أنه خبرٌ منَ الأخبار الغيبيَّة، التي أخبر بها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وصحَّ بها النقْل؛ فعلى العبد أن يؤمنَ بما جاء بهذا الخبر، ولا يقول: كيف يَلْطِم موسى مَلَكَ الموت، وكيف يفقأ عينه؟ وهل عرفه؟ وإلى غير ذلك من الأسئلة التي أرادوا بها الإنكار والتكذيب، بل على المؤمن التسليمُ والتصديقُ، وما دام أنه صحَّ الخبرُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا بُدَّ من الإيمان به، ولا يشابه المبتدعة من العقلانيين والفلاسفة وغيرهم من المعتزلة الذين أنْكَرُوا هذا الحديث، وحكَّموا عُقُولَهم؛ لأنهم يُنكرون الأمور الغيبية. ويدل على هذا الخبر: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "أُرْسِلَ ملكُ الموت إلى موسى - عليه السلام - فلما جاءه صكَّه، ففقأ عينه، فرجع إلى ربه، فقال: أرسلتني إلى عبدٍ لا يريد الموت، قال: فردَّ الله عليه عينه، وقال: ارجع إليه، فقُلْ له: يضع يده على مَتْنِ ثَوْرٍ، فله بما غطَّت يدُه بكل شعرة سنة، قال: أي رب، ثم مَهْ؟ قال: ثم الموت، قال: فالآن، فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رميةً بحجر"[11]. Ÿ قال ابن حجر: "قال ابن خُزيمة: أنكر بعضُ المبتدِعة هذا الحديث، وقالوا: إن كان موسى عرفه، فقد استخفَّ به، وإن كان لَم يعرفه، فكيف لَم يقتص له من فقْءِ عينه؟ والجواب: أن الله لَم يبعث ملكَ الموت لموسى، وهو يريد قبض روحه حينئذٍ، وإنما بعثه إليه اختبارًا، وإنما لطم موسى مَلَكَ الموت؛ لأنه رأى آدميًّا دخل داره بغير إذنه، ولم يعلم أنه ملك الموت، وقد أباح الشارع فقْء عين الناظر في دار المسلم بغير إذْنٍ، وقد جاءت الملائكة إلى إبراهيم وإلى لوطٍ في صورة آدميِّين، فلم يعرفاهم ابتداءً، ولو عَرَفَهم إبراهيم، لَمَا قدَّم لهم المأكول، ولو عرفهم لوط لما خاف عليهم من قومه"[12]. Ÿ Ÿ Ÿ 58- قال المصَنِّف - رحمه الله -: "وعذابُ القبْرِ ونعيمُه حقٌّ، وقد استعاذَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُ، وأَمَرَ بِهِ في كلِّ صلاةٍ. 59- وفِتْنَةُ القَبْرِ حقٌّ، وسُؤالُ مُنْكَر ونَكيرٍ حقٌّ". الشرح رابعًا: القبْر: فتنته، عذابُه، ونعيمُه: فتنة القبْر هي سؤالُ المَلَكَيْن للميت عن: ربِّه، ونبيه، ودينه، وهي فتنةٌ ثابتة بالكتاب والسُّنَّة والإجماع: فمن الكتاب: قول الله - عز وجل -: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة}[13]. ومن السُّنَّة: حديث البَراء بن عازب - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((المسلمُ إذا سُئِلَ في القبر يشهد أن لا إله لا الله وأن محمدًا رسول الله))، فذلك قوله - تعالى -: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة}[14]. وحديث أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - في حديث صلاة الكُسُوف - وفيه قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((وإنه قد أُوحِيَ إليَّ أنَّكم تُفتنون في القُبُور))[15]. وحديث عائشة: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: ((اللهم إنِّي أَعُوذُ بك منَ الكَسَل والهرَم، والمأْثَم والمَغْرم، ومِن فتنة القبْر وعذاب القبر))[16]، والأحاديث في هذا كثيرةٌ، وأجمع السلَفُ على إثبات فتنة القبْر. Ÿ ما اسم المَلَكَيْن اللذين يَسْألان المَيِّت؟ روى التِّرمذي في "سُنَنه" حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا قُبِرَ الميت - أو قال: أحدكم - أتاه مَلَكان أسودان أزرقان، يُقال لأحدهما: المُنْكَر، والآخر: النكير، فيقولان: ما كنتَ تقول في هذا الرجل؟ فيقول ما كان يقول: هو عبدالله ورسوله، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، فيقولان: قد كُنَّا نعلم أنك تقول هذا، ثم يُفْسَح له في قبْره سبعون ذراعًا في سبعين، ثم ينوَّر له فيه، ثم يُقال له: نَمْ، فيقول: أرجع إلى أهلي فأخبرهم؟ فيقولان: نَمْ كنومة العروس الذي لا يُوقظه إلا أحب أهله إليه حتى يبعثه الله مِنْ مَضْجعه ذلك. وإن كان منافقًا؛ قال: سمعتُ الناس يقولون فقلْتُ مثله، لا أدري، فيقولان: قد كُنَّا نعلم أنك تقول ذلك، فيُقَال للأرض: الْتَئِمِي عليه، فتختلف فيها أضلاعه، فلا يزال فيها مُعَذَّبًا حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك))[17]. Ÿ وجاء في حديثٍ: أنَّ اسم الملكين: مبشِّر، وبَشِير، وفي حديث: أنَّ عددهم أربعة، وأن اسم الثالث والرابع: ناكور، ورمان، وكلها أحاديث ضعيفة. ومن أهل العلم مَن أنكر تسميتهما بـ(مُنكَر، ونكير)؛ لأنهما اسمان لا يليقان بالملائكة الذين وصفهم الله - عز وجل - بأوصاف الثناء؛ فضعَّفوا الحديث السابق، ورُدَّ هذا القول بأن تسميتهما بذلك ليس لأنهما منكران من حيث ذواتهما، وإنما من حيث إنَّ الميت لا يعرفهما فينكرهما، كما قال إبراهيم - عليه السلام - لأضيافه الملائكة: {قَوْمٌ مُنْكَرُونَ}[18]؛ لأنه لا يعرفهم. |
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا قال ابن عون: "ذكر الناس داء،وذكر الله دواء" قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى : (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له" السير6 /369 قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره" الفتاوى السعدية 461 |
09-04-2014 | #20 |
|
رد: تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد
|
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا قال ابن عون: "ذكر الناس داء،وذكر الله دواء" قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى : (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له" السير6 /369 قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره" الفتاوى السعدية 461 |
مواقع النشر (المفضلة) |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 7 : | |
, , , , , , |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد لإبن قيم الجوزية | إسمهان الجادوي | مكتبة الحديث والسيرة النبوية | 4 | 06-26-2014 12:38 AM |
نعليقات الشيخ بن عثيمين على كتاب لمعة الاعتقاد للمقدسي رحمه الله | هوازن الشريف | شعاع العلوم الشرعية | 5 | 04-24-2014 01:40 PM |
بين الغرابة و الطرافة للغة العربية | إسمهان الجادوي | شعاع الأدب العربي | 5 | 04-13-2014 02:32 PM |
فلاش تيسير الوصول لغزوات الرسول | أم انس السلفية | شعاع الصوتيات والمرئيات للدروس الدينيـة | 2 | 11-05-2013 07:25 PM |