شعاع السيرة النبوية، الصحابة و السلف الصالح كل ما يشمل السيرة النبوية وقصص الصحابة و التابعين و السلف الصالح |
الإهداءات |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| ||||||||||||
| ||||||||||||
الحكمة النبوية في البناء والإصلاح الحكمة النبوية في البناء والإصلاح دخل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يثرب ( المدينة المنورة ) وأهلها مجموعات مختلفة في عقيدتها، متباينة في أهدافها، متفرقة في حياتها، وقد كانت هذه المجموعات على قسمين: عرب من قبيلتي الأوس والخرزج بينهما حروب وخلافات شديدة، ويهود من عدة قبائل: بنو قينقاع وكانوا حلفاء للخزرج، وبنو النضير وبنو قُريظة حلفاء للأوس .. وقد بدأ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ منذ وصوله إلى المدينة المنورة في إنجاز المهمة الكبيرة الملقاة على عاتقه في مطلع المرحلة الجديدة من الدعوة، والتي تستهدف الإصلاح والتأليف بين القلوب، وبناء الدولة الإسلامية الجديدة على أسس راسخة، فقام ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ بخطوات هامة لتحقيق ذلك، ومنها: بناء المسجد، والمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، ودعوة اليهود إلى الإسلام، وإصدار وثيقة لتنظيم العلاقات بين المسلمين وأنفسهم، وبين المسلمين وغيرهم . بناء المسجد : بناء المسجد النبوي والصلاة والاجتماع فيه كان أول عمل قام به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لتوحيد الصف، والتأليف بين القلوب، واشترك المسلمون جميعًا في بنائه، وعلى رأسهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وجاء إنشاء المسجد النبوي بعد وقتٍ قصيرٍ من مقدم النبي ـ صلى الله عليه وسلم -، فلم يمض أسبوعان على وصوله حتى شرع في البحث عن مكان مناسب للبناء، واستقرّ رأيه على مربد - وهو الموضع الذي يُجفّف فيه التمر - كان ملكاً لغلامين يتيمين في المدينة يعيشان عند أسعد بن زرارة ـ رضي الله عنه ـ، ووقع اختياره ـ صلى الله عليه وسلم ـ على ذلك المكان عندما بركت راحلته فيه أثناء بحثه، وقال حينها : ( هذا إن شاء الله المنزل ) رواه البخاري . وسرعان ما غدا المسجد رمزا لما يتسم به الإسلام من شمولية وتكامل، وأخوة ومحبة، وببناء المسجد النبوي تحقّق للمسلمين حلمهم الكبير في الاجتماع للعبادة وذكر الله، ولم يتوقّف دور المسجد عند هذا الحد بل صار مدرسة علمية وتربوية يجتمع فيها أصحاب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وتلقى على منبره التعاليم والعظات، ومؤسسة اجتماعية يتعلم المسلمون فيها النظام والمساواة والوحدة والإخاء، وموضعاً للحكم والقضاء وإدارة الدولة وسياستها، ومنطلقا لقوافل الجهاد، ومأوى للفقراء من أهل الصفّة، والتقت فيه العناصر والزعامات المختلفة التي طالما نافرت بينها النزعات الجاهلية والقبلية، فلم تعد في المدينة جماعات واختلافات، وبهذا تجمعت الأحياء، وتآلفت الأرواح والقلوب، وتعاونت الأجسام، وانقلبت الفرقة إلى وحدة، وأصبح المسلمون صفًا واحدًا . المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار: من الحكمة النبوية أن أول عمل قام به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد بنائه للمسجد تحقيقه لرابطة المؤاخاة في المجتمع، وهي رابطة جمعت بين المهاجرين والأنصار، وقامت على أساس العقيدة، ووثقت مشاعر الحب والمودّة، والنصرة والحماية، والمواساة بالمال والمتاع، وقد آخى بينهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في دار أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ .. وتذكر لنا مصادر السيرة النبوية أسماء بعض الذين آخى بينهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد آخى بين أبي بكر وخارجة بن زهير، وآخى بين عمر بن الخطاب وعتبان بن مالك، وبين أبي عبيدة بن الجراح و سعد بن معاذ، وبين الزبير بن العوام و سلامة بن سلامة بن وقش، وبين طلحة بن عبيد الله و كعب بن مالك، وبين مصعب بن عمير و أبو أيوب خالد بن زيد ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ .. وعند مراجعة أسماء هؤلاء الصحابة وغيرهم، نجد أن تلك المؤاخاة لم تُقم وزناً للاعتبارات القبلية أو الفوارق الطبقية، حيث جمعت بين القوي والضعيف، والغني والفقير، والأبيض والأسود، والحرّ والعبد، وبذلك استطاعت هذه الأخوّة أن تنتصر على العصبيّة للقبيلة أو الجنس أو الأرض، لتحلّ محلّها الرابطة الإيمانيّة والأخوّة الدينيّة، فسقطت بينهم فوارق النسب واللون والوطن، فلا يتقدم أحد أو يتأخر إلا بدينه وتقواه، وكانت عواطف الأخوة والإيثار والمواساة تملأ المجتمع الجديد بأروع الأمثال، فلم تكن هذه المؤاخاة معاهدة دُوِّنت على الورق فحسب، ولا كلمات قيلت باللسان فقط، وإنما كانت مؤاخاة سُجِّلَّت على صفحات القلوب، إنها مؤاخاة في القول والعمل، والنفس والمتاع والأملاك، وفي العسر واليسر . ومن الأمثلة الدالة عل بذل الأنصار وإيثارهم لإخوانهم من المهاجرين، وعفة المهاجرين وسعيهم، ما رواه البخاري في صحيحه: ( آخى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع، فقال سعد: قد علمت الأنصار أني من أكثرها مالًا، فسأقسم مالي بيني وبينك نصفين، ولي امرأتان، فانظر أعجبهما إليك فسمها لي أطلقها، فإذا انقضت عدتها فتزوجها، فقال عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك، أين سوقكم؟، فدلوه على سوق بني قينقاع، فما انقلب إلا ومعه فضل من أقط وسمن، ثم تابع الغدوة ثم جاء يومًا وبه أثر صُفرة، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: مَهْيَم ( كلمة استفهام، أي: ما حالك؟)، قال: تزوجت امرأة من الأنصار، فقال: ما سقت فيها؟، قال: وزن نواة من ذهب، أو نواة من ذهب، فقال: أولِم ولو بشاة ) . وهكذا كانت المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار حكمة نبوية فذَّة، وسياسة صائبة لحل الكثير من المشكلات في بداية بناء الدولة الإسامية الجديدة، وقد حفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الفضل للأنصار فمدحهم بقوله: ( لو أن الأنصار سلكوا وادياً أو شِعْباً، لسلكت في وادي الأنصار ) رواه البخاري، وقال: ( اللهم اغفر للأنصار ، ولأبناء الأنصار، ولأزواج الأنصار ، ولذراري الأنصار ) رواه أحمد . دعوة اليهود إلى الإسلام : اليهود كانوا يفخرون بأنهم من أهل الكتاب، وقد اقترب ظهور نبي آخر الزمان الذي بشرت به كتبهم المقدسة، وأنهم يتطلعون أن يكون هذا النبي من بينهم، فلما بعث الله رسوله محمدا ـ صلى الله عليه وسلم - من العرب، غضبوا وطارت قلوبهم وعقولهم حسدا أن النبوة لم تكن فيهم ؟، فأجمعوا أمرهم وقرروا أن لا يؤمنوا بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ومع ذلك فمن وسائل الإصلاح والتأسيس والبناء التي قام بها النبي ـ صلى الله عليه وسلم - بعد أن دخل المدينة دعوة اليهود إلى الإسلام . روى ابن إسحاق عن أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب ـ رضي الله عنها ـ قالت : " كنت أحَبَّ ولد أبي إليه، وإلى عمي وكان عبد الله بن سلاَم ـ رضي الله عنه ـ حَبْرا من فطاحل علماء اليهود، ولما سمع بمقدم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة في بني النجار جاءه مستعجلا، وألقى إليه أسئلة لا يعلمها إلا نبي، ولما سمع ردوده ـ صلى الله عليه وسلم ـ عليها آمن به ساعته، ثم قال له: إن اليهود قوم بُهت (يفترون بالكذب)، إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم بَهَتُونِي عندك، فأرسل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فجاءت اليهود، ودخل عبد الله بن سلام البيت، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( أي رجل فيكم عبد الله بن سلام؟، قالوا: أعلمنا وابن أعلمنا، وأخيرنا وابن أخيرنا ـ وفي لفظ : سيدنا وابن سيدنا، وفي لفظ آخر : خيرنا وابن خيرنا، وأفضلنا وابن أفضلنا ـ فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أفرأيتم إن أسلم عبد الله؟، فقالوا: أعاذه الله من ذلك ـ مرتين أو ثلاثا ـ، فخرج إليهم عبد الله فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، قالوا : شرّنا وابن شرّنا، ووقعوا فيه ) رواه البخاري، وفي رواية أخرى: ( فقال لهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: يا معشر اليهود، ويلكم اتقوا الله فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أني رسول الله حقًا، وأني جئتكم بحق، فأسلموا ) . الصحيفة : الصحيفة (الوثيقة) ميثاق المهاجرين والأنصار وموادعة اليهود، من الخطوات الهامة التي اتخذها النبي - صلى الله عليه وسلم ـ في الإصلاح وبناء الدولة الإسلامية الجديدة في المدينة المنورة، من أجل توفير الأمن والسلام للناس جميعا، ولتنظيم العلاقة بين المسلمين أنفسهم من جهة، وبين من عايشهم وجاورهم من القبائل من جهة أخرى، وبما أن قبائل اليهود كانت أكثر القبائل حضوراً في المدينة فقد جاءت أغلب بنود تلك الوثيقة متعلقاً بتنظيم العلاقة معهم، وبتتبع بنود الوثيقة نجد أنها تضمنت بنوداً خاصة بالمؤمنين ـ من المهاجرين والأنصار ـ، وبنوداً خاصة باليهود، وبنوداً عامة تشمل الجميع، وقد أظهرت هذه الوثيقة حكمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ومدى العدالة التي اتسمت بها معاملته ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ لليهود رغم عدم إيمانهم به، كما أنها اشتملت على جميع ما تحتاجه الدولة، ونظمت علاقة الأفراد بالدولة، وعلاقة بعضهم ببعض، وبنود هذه الصحيفة مبنية على مصالح معتبرة، وقواعد شرعية، ونصوص ثابتة، منها قول الله تعالى: { لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ }(الممتحنة الآية:8)، وقوله صلى الله عليه وسلم: ( المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم، لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده ) رواه أبو داود . هذه الخطوات الهامة: بناء المسجد، والمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، ودعوة اليهود إلى الإسلام، والميثاق (الصحيفة)، أزال بها النبي ـ صلى الله عليه وسلم - بفضل الله تعالى - الخلاف الشديد والقديم بين سكان المدينة (الأوس والخزرج)، وألف ووحَّد بها بين قلوب المسلمين (المهاجرين والأنصار)، وعاهد وأَمِن بها من اليهود، وأصبحت المدينة المنورة عاصمة الدولة الإسلامية الجديدة، التي أشعَّت وانتشرت منها الدعوة إلى الله إلى جميع دول العالم .. منقول إن الأمور إذا ما اللهُ يسَّرها أتتكَ من حيث لا ترجو وتحتسبُ ثق بالإلهِ ولا تركن إلى أحدٍ ، فالله أكرمُ مَن يُرجى ويرتقبُ ♡. آخر تعديل عطر الجنة يوم
09-29-2014 في 10:05 PM. |
09-28-2014 | #3 |
|
رد: الحكمة النبوية في البناء والإصلاح صل الله عليه وسلم بارك الله فيك غاليه للعلم الموضوع مكرر مرتين هنا |
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا قال ابن عون: "ذكر الناس داء،وذكر الله دواء" قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى : (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له" السير6 /369 قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره" الفتاوى السعدية 461 |
09-28-2014 | #4 |
العلوم الشرعية |
رد: الحكمة النبوية في البناء والإصلاح جزاكم الله خيرا على المرور والرد |
إن الأمور إذا ما اللهُ يسَّرها أتتكَ من حيث لا ترجو وتحتسبُ ثق بالإلهِ ولا تركن إلى أحدٍ ، فالله أكرمُ مَن يُرجى ويرتقبُ ♡. |
09-29-2014 | #5 |
إدارة قناة اليوتوب |
رد: الحكمة النبوية في البناء والإصلاح اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبة آجمعين إلى يوم الدين كتب الله أجرك وسلمت يمناك لإختيارها كل قيم هاااام http://up.hawahome.com/nupload/37636_1197570789.gif |
|
10-01-2014 | #6 |
العلوم الشرعية |
رد: الحكمة النبوية في البناء والإصلاح |
إن الأمور إذا ما اللهُ يسَّرها أتتكَ من حيث لا ترجو وتحتسبُ ثق بالإلهِ ولا تركن إلى أحدٍ ، فالله أكرمُ مَن يُرجى ويرتقبُ ♡. |
مواقع النشر (المفضلة) |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 5 : | |
, , , , |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الثناء على الله | ناجية عثمان | شعاع القصص الوعظية | 6 | 04-02-2015 01:41 PM |
ديناميكية البناء اللغوي في القران | هوازن الشريف | شعاع القران الكريم وعلومه | 13 | 09-16-2014 09:12 PM |
طرق البناء العقدي للطفل المسلم | عطر الجنة | شعاع الأمومة والطفولة | 12 | 04-16-2014 04:34 PM |
علم القلوب - الحكمة 1 | امي فضيلة | شعاع العلوم الشرعية | 2 | 09-30-2013 05:35 PM |