منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع العلوم الشرعية (https://hwazen.com/vb/f38.html)
-   -   خدمة الدين من ضروريات الدين (https://hwazen.com/vb/t7682.html)

دكتورة سعاد 02-18-2015 08:10 PM

خدمة الدين من ضروريات الدين
 

خدمة الدين من ضروريات الدين

نعم ! إنها خدمة يَشْرُفُ بها العبد وليست مَهْنَةً قَسْرية يُهان بها ، أو منصبا تشريفيا يخيّر بين القبول به أو الإعراض عنه ، وليست تبرعا ولا فرض كفاية ولا مجرد أداء واجب ، وإنما خدمة الدين ركن من أركانه وضروريٌّ من ضرورياته وأساس من أسسه . ولقد كان هذا المعنى مستقرا عند السلف الصالح استقرارَ المعتقَد في القلوب، ولم يحتاجوا أن يستدلوا له أو أن يقرِّروه لأنفسهم بشتى وجوه الاستدلال ، بل كان يكفي أن يُسْلِمَ الواحد منهم أو يستقرَّ الإسلام في قلبه ليعتبرَ نفسه بعد ذلك مَنْذورَةً لهذا الدين ، ويجنِّدَها في خدمته ، ويَصرِفَ مجهوداتِها في نصرته والذَّوْدِ عن حَوْزَتِه .

إن هذا الدين إذا تأمّله المتأمِّل عَلم أنه صِيْغَ ليكون المتمسّكُ به داعيةً إليه ، ودَلاّلاً عليه . ومع مَزِيد تأمّل يرى المرء أن مَن أراد أن يكون مسلما دون تَبِعات ومسئوليات تجاه إسلامه فإنه رَامَ ضرْبا من التديّن شبيهاً بتدين الرهبان في الكهوف والصوامع والبِيَعِ ، وقد تقرر أنه لا رهبانية في الإسلام .

إن من أوائل الأوامر الربانية التي نزلت في القرآن : الأمر بالنِّذارة وتبليغ الوحي للخليقة ، يقول تعالى : ( يا أيها المدّثر . قُمْ فأنذِر ) . ثم توالى بعد ذلك ما يمكن أن نسمّيَه فقهَ الدعوة ، حيث تضمّن التنزيل أوامرَ عُنيتْ بالشأْن الدعوي مثل قوله تعالى : ( فاصْدَعْ بما تُؤْمَرُ وأَعْرِضْ عن المشركين ) وقوله تعالى : ( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين ) وقوله : ( ادْعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادِلْهم بالتي هي أحسن ) ، وهي آيات ترسم صورة المسلم الداعية الذي يتبع نهج نبيه صلى الله عليه وسلم .

بل إن النبي صلى الله عليه وسلم كان من أوائل اهتماماته صِيَاغَةُ الشَّخصية الدعوية التي تحمل هَمَّ الدين وتبذُل له . وكان أول من دعاه النبي صلى الله عليه وسلم للإسلام هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، فلم يكن ذلك الصديق عَالَةً على الدعوة وعِبْئَاً عليها ، بل تحرك من أول يوم ينشر هذا الدين حتى دخل بجهوده الدعوية في أول الأمر ستة من سادات قريش الشبان ، إضافةً إلى سعايته في فِكاك العبيد الذين أسلموا من أَسْر الرِّق .

وإنّ تحرك صحابة النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته في أقطار الأرض لَدَليلٌ على أن الشخصية التي صاغها النبي صلى الله عليه وسلم ورباهم عليها هي الشخصية المتحركة للدين التي لا تعرف السكون ولا الكمون .

( وفي تفسير قوله تعالى : { يا أيها المدثر . قم فأنذر } يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : فواجب على الأمة أن يبلغوا ما أُنزل إليه ( أي النبي صلى الله عليه وسلم ) ، ويُنْذِروا كما أَنْذَرَ ، ويقول ابن القيم رحمه الله : وتبليغ سنته صلى الله عليه وسلم إلى الأمة أفضلُ من تبليغ السهام إلى نحور العدو ، لأن تبليغ السهام يفعله كثير من الناس ، وأما تبليغ السنن فلا يقوم به إلا ورثة الأنبياء وخلفاؤهم في أممهم ، جعلنا الله تعالى منهم بمنه وكرمه . ويقول الغزالي رحمه الله : اعلم أن كل قاعد في بيته أينما كان فليس خاليا في هذا الزمان عن مُنْكر ، من حيث التَّقاعد عن إرشاد الناس وتعليمهم وحمْلهم على المعروف ، فأكثر الناس جاهلون بالشرع في شروط الصلاة في البلاد ، وواجبٌ أن يكون في كل مسجدٍ ومَحَلَّةٍ من البلد فقيهٌ يعلّم الناس دينَهم وكذا في كل قرية ، وواجب على كل فقيه - فرغ من فرض عينه لفرض الكفاية - أن يخرج إلى ما يجاور بلده من أهل السواد، ويعلِّمَهم دينهم وفرائض شرعهم . وعن جعفر بن سليمان قال : سمعت مالك بن دينار يقول : لو استطعت ألا أنامَ لَمْ أَنَمْ مَخافةَ أن يَنزِلَ العذابُ وأنا نائم ، ولو وجدت أعوانا لفرَّقْتُهم ينادون في سائر الدنيا : يا أيها الناس : النارَ النارَ. يقول الراشد حفظه الله : ولا ينبغي للداعية أن يَبْتَئِس إن لم يجد فَضْلَ وقت لقيام الليل يوميا، والإكثار من ختْمات القرآن ، فإن ما هو فيه من الدعوة وتعليم الناس وتربية الشباب خيرٌ وأجْزَلُ أجرا ، وقدوته في ذلك ورائده أئمة الدعاة من السلف الصالح الذين كانوا يسيحون لنشر الدعوة وتبليغها ، ويبادئون الناس بالكلام ، ويحتكون بهم احتكاكا هادفا ، ولا ينتظرون مجيء الناس لهم ليسألوهم ..ثم ذكر قصة الأعرابي الذي جاء النبي صلى الله عليه وسلم وسأله قائلا : يا محمد أتانا رسولُك فزعم لنا أنك تزعم أن الله أَرسلَك ؟ قال الراشد : أتاهم رسولُ رسولِ الله داعيا ، وكذلك الناس تُؤْتَى ، ومن انتظر أن يأتيه الناس فليس بداعية ، ولو فصّلت كلمة الأعرابي لتبين لك كيف فارق ذلك الصحابي الداعية المدينةَ لما أرسله النبي صلى الله عليه وسلم لقومِ هذا ، وكيف فَارَقَ أهلَه وبيتَه وأولادَه ، وكيف اجْتازَ المَفَاوِزَ وصحْراءَ مِن بعدِ صحْراء ، وكيف تعرّض للمخاطر والحر أو البرد ، ليبلّغ دعوة الإسلام . وهذا شأن الدعوة التي تريد أن تصل إلى أهدافها ، لابد من تَحرّك ومُبادَأَة وغُدُوٍّ ورَوَاحٍ وتَكَلُّمٍ وزَعْمٍ ، ليس القعودُ والتمني من الطرق الموصلة ، فافْقَهْ سيرةَ سلفك وقلّدْهم تَصِلْ ، وإلا فَرَاوِحْ مكانَك فإنك لن تَبْرَحَه .

إن التحرك للدين وبذل المجهود في الدعوة إلى الله والتمكين لشرع الله وإعلاء كلمته في الأرض يجب أن يكون عنصرا أصيلا في النسيج الإيماني لكل مسلم ، فلا يَفْتَأُ يحاسب نفسه في كل زمان : ماذا قدم لدين الله ؟ يَتَقَلَّبُ في مَضْجَعِه قَلِقَا ، لا يَهْنَأُ بِنَوْمَة ، ولا يطِيبُ له وَسَن ، ترتاده أخبار المسلمين فيَهْتَمُّ ويَغْتَمُّ ، يفكّر في سبل إيصال الحق إلى الخلق فيخافُ أن يقصّر ، يقلق من تنامي الكفر والفسق ، يَجْزَعُ من قلة الناصرين لدين الله ، إنه لا يفكر في جاره فقط أو صديقه كيف يدعوه ، إنه يفكر في سكّان الكرة الأرضية كيف يُدخلهم في دين الله أفواجا . يالها من همة لو وجدت لها فؤادا . وأحسب أن مثل هذه النفس لو تَلِفت هَمّا على حال الدين لما كان ذلك كثيرا جَلَلاً .

وإذا تأملنا بعض النصوص الشرعية التي عالجت الوضع الاجتماعي المسلم نجد أنها تركز على الإصلاح كجانب أساس في قيام الدين ، وكما أنه لا إِصلاح بدون صلاح فلا صلاح بدون إِصلاح ، وفي هذا المعنى يقول الله تعالى : { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر } ويقول صلى الله عليه وسلم : ( الدين النصيحة ) رواه مسلم .

فتأمّل - يرعاك الله - كيف أن خيريّة الأمة مبنية على القيام بواجب الإصلاح وأن الدين مشتمل على أُسُسٍ من أهمها النصيحة ، وعلى هذا بايع النبيَّ صلى الله عليه وسلم بعضُ الصحابة : أن ينصح لكل مسلم 3.

وقد قرَّرَ علماء الأصول أن الحكمة التي لأجلها شرع الله الأحكام منها ما هو ضروري ومنها ما هو حَاجِيٌّ ومنها ما هو تَحْسِيْنِي4 ، فأما الضروري فهو أصول المصالح التي لا تقوم الحياة إلا بها ، ولو تُصُوِّر زوالها لأدى إلى فَوات حياة الناس ويصبح عيشهم تَهَارُجا وفوضى .

وأصول الضروريات ترجع إلى حفظ خمسة أمور هي : الدين والنفس والعقل والنسب والمال ، وبدون حفظ هذه الأمور يعيش الناس عِيشة البهائم الرتّع ، وتفوت حياتهم الكريمة التي أرادها الله لهم .

وجعل العلماء حفظ الدين من أولى الضروريات التي اهتم بها الشرع ، فإن مَدار الأحكام الشرعية على هذا الضروري مثل وجوب لزوم الاعتقاد الصحيح الذي هو أُسُّ الدِّيانة ومرورا بالأركان الخمسة التي عليها يقوم بناء الدين وأركان الإيمان التي بها يصح العمل والإحسان الذي به يقبل العمل ، وكذلك الجهاد الذي هو ذِرْوَةُ سَنَام الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو رُوح الشرع والنصيحة التي هي الدين كما قال صلى الله عليه وسلم .

كل تلك التكاليف الشرعية مقصودها حفظ الدين ، وفي سياق ذلك يُفهم أن أعمال المكلف لابد أن تدور حول هذا الضروري ( حفظ الدين ) ، والذي يتخيل حياةً حافلة بالأعمال الصالحة دون أن يستحضر هذه النية فيخشى عليه أن يكون داخلا في قوله تعالى : { ألم تر إلى الذين قيل لهم كُفُّوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية ، وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا } .

بل إنني أزعم أن من سمات العلمانية الواضحة أنها تريد من المسلم أن يعيش إسلامه كطقوس منزوعةِ المعنى ، بعيدةٍ عن هذا المَقْصِد الذي نحن بصدده ، فيصير الإسلام مجرد فكرة جميلة المبادئ يعيشها المسلم دون التزام بنصرة هذه الفكرة التي يحياها كعاشق حالم ، وإذا بنا نبصر هذه الشخصيات المسلمة الممسوخة التي ليس عندها أدنى استعداد لتقديم أي شيء في سبيل نُصرة قضايا دينها وأمتها .

وليس خافيا أن مجهودات وسائل الإعلام - المعادية للدين - تركّز على جانب خبيث في الفكر الإعلامي يعرف بمصطلح : ( حشد اهتمام الرأي العام ) ، ولو تتبع أيُّ أحد اتجاهات الإعلام ( لا أقول في دول الكفر بل في الدول التي تستظل بمظلة الإسلام ) سيجدها في أقل أحوالها منصبّة في تخدير الشعور الديني ، وإذا زاد الخُبث قليلا فإنهم يعملون على إثارة الغرائز وإغراق النفوس بالشهوات الحيوانية ، وإذا تعاظم الخبث فإنهم يعملون حينئذ على تشويه معالم الدين وقلْب الحقائق ، وهذا لَعَمْري أعظم الأَثَافي .

وكما يحكي بعض الدعاة : أن البرامج الإعلامية غدت ذات تناقضات من قبيل المضحك المبكي ، فلا غَضَاضَةَ عند القوم أن يكون بعد الحديث الديني فيلم أمريكي داعر ، ولا ملامة على مقدمة البرامج المتبرجة أن تُجري حديثا تلفزيونيا مع شيخ مُعَمّم ، ثم تستطيع أن تسمع مذهولا عن مسلسلات تسمى دينية يظهر فيها الأئمة عُشّاقا وأصحاب مزاج موسيقي وتذوق عال لجمال النساء والفن !

إن هذه التناقضات المقصودة يراد منها أن يتجرع المسلم دواء يزيل عنه الجانب التطبيقي من تدينه ، فيصبح مسلما مصليا صائما حاجا لكنه لا يجد تعارضا بين ذلك وبين موالاة الكافرين ومصاحبة الفاسقين وأكل الربا وغشيان الفجور والتحاكم لغير شرع الله عز وجل ، وأصبح من العادي أن أسمع من كثير من الشباب يلبس ملابس لاتَنُمُّ عن دين وحياء وبجانبه اصْطَفَّ فريق النساء المترجلات أو الرجال المتخنثين يمسك بسيجارة عفراء أو يمضغ علكا بطريقة أنثوية ثم يقول : الحمد لله أنا لا أعمل شيئا يغضب الله !

إن هذا الجيل قد تعرض لحملة من التشويه الإعلامي تضارع في شراستها حملة محاكم التفتيش في العصور الوسطى لإِثْنَاءِ الناس عن الإسلام إلى النصرانية ، ولكنها تغلّفت في القرن العشرين بميكيافيلية خبيثة ، إذ صار الفجور عَصْرَنَة وتطورا ، والالتزام تحجّرا ورجعيّة ، وصار حجاب المرأة المسلمة تخلفا والسفور تقدما . والأدهى والأمر أن الإعلام قد علم قوة الدين في قلوب الناس وسرعة استجابتهم لنداء الحق إذا سمعوه ، فأطفئوا ذاك النور الباقي ، ولقّحوا عقول الناس بمصلٍ يقي من التدين ، فما أن يتعرض الواحد منهم إلى شعاع بسيط من نور الحق إلا ويبادره هواه بالردود المعلّبة : الدين يُسْر ، وإياك والغلو في الدين ، والتطرف عاقبته كذا وكذا .. هذا عدا من جعل بينه وبين التدين ستارا واقيا بزعم أن التدين يقود إلى السجون والمعتقلات .

والأعجب من هذا - إذا لم تتعجب مما مضى - أن كثيرا من الأكاديميات الإسلامية العريقة تمارس ذات الدور الذي تمارسه وسائل الإعلام ، بل إنها قد تفوق بما تبثه في قلوب الشبيبة من احتكار المتخصصين في الشرع للدعوة وضرورة أن يحصل على إذن الدعوة من الجهات التي تُخَوِّلُ للناس أن يدعوا إلى الله ، ناهيك عن الدور التربوي القاصر الذي تقوم به تلك الأكاديميات مع الطلاب الذي يتوقع منهم أن يكونوا دعاة الغد .

وفي بعض المخيمات الصيفية الشبابية التي تقيمها بعض تلك الأكاديميات تحدث المهازل والطوام التي يشيب لها الولدان ، فإذا ما سألت عن القوم وجدت منهم خريجي الشريعة والدعوة ونحوهما .

ولقد سمعت بنفسي في الكلية الشرعية التي درست فيها من طلبتها من يسب دين الله ، أما المتخنثين وتاركي الصلاة والمدخنين فحدث عن ذا ولا حرج . أوليس من الغريب أن نرى تلك الألوف من خريجي الكليات الشرعية هي أول من يحارب الدين ويعاديه ، أوليس الغريب أن نرى العمائم هي التي تحارب صحوة الشباب المسلم .

لقد ضبط في بعض البلاد الإسلامية تنظيما لعبدة الشيطان ، وقد ظهر من التحقيقات أن هذا التنظيم يمارس بالفعل عبادة الشيطان وتقديم القرابين له وفعل المنكرات الشنيعة التي يأمرهم بها شيطانهم . ولم تكن مفاجأة كبيرة أن يفتي بعض المعممين بأن هؤلاء الشباب الطائش لا يقصد -حقيقةً - عبادةَ غيرِ الله ، وأن مثل هؤلاء لا يُقام عليهم حَدُّ الرِّدَّة ، فقد كان معظم التنظيم من الشباب الصغير الذي عانى من الثراء الفاحش والتفكك الأسري ، وتعرض لغسيل مخ من قبل بعض الأفراد في الخارج والداخل .

ولكن الغريب المستهجن ، والذي ليس له تفسير : أن يفتي نفس ذلك المعمم في حق بعض الشباب المسلم المتهور في تغيير المنكر بأنهم من المحاربين الذين يجب أن يُقْتَلوا أو يُصَلَّبوا أو تقطَّع أيديهم وأرجلهم من خِلاف .

وهكذا تُخْتَزَلُ الحقائق ، ويطيش الميزان ، ويتبين لكل ذي لُبٍّ أن طريق خدمة الدين مآله تقطيع الرقاب ، وأما عبادة الشياطين فهو أمر يمكن للمجتمع أن يَغُضَّ عنه الطَّرْف .

أَوَلَيْس كل ذلك مما يزهد الناس في خدمة دين ربهم وينأى بهم عن القيام بما يُمليه عليه واجبُ وجودهم في هذه الحياة أصلا . وليس يخفى أن هناك أدوار أخرى خبيثة غرضها التأثير في أخلاق المسلمين ، بزرع الجُبْن والهَلَع والرضا بالضَّيْم ، ونَزْعِ المكارم والمثُل كالشجاعة والنَّجْدة والحَمِيَّة للدين ونحو ذلك ، مما استتبع وجود شخصيات قابلة للمسخ والتشويه .

تبقى الإشكالية التي تحتاج إلى مجهودات ضخمة لعلاجها : وهو كيفية بث هذه العقيدة ( أعني عقيدة خدمة الدين ) في قلوب كل المسلمين فضلا عن الدعاة والغيورين على دين الله تعالى .

إن مثل هذا الأمر لو حدث فإن الدعوة ستقطع شوطا واسعا في إعلاء كلمة الله تبارك وتعالى ، إذ لا يزال من أهم العوائق التي تحول بين الدين وبين انتشاره في قلوب الناس أنهم يظنون الدعوة مهمةَ ذوي العمائم والِّلحى ، وأن الواحد ما دام محافظا على شعائر الدين فإنه غيرُ مسئول بعد ذلك عن أية قضية تُلِمُّ بالمسلمين.

إن الاهتمام بقضية الدين وبقضايا المسلمين لا تزال تشكل في مجتمعاتنا الإسلامية حِسَّا ثانويا يتوارى وراء الاهتمامات التافهة لشرائح المجتمع ، وكم رأينا أمتنا تَحْشِد شبابها عن بَكْرَةِ أبيهم لتنظيم دورة ألعاب أو استقبال مُطرب عالمي أو تنظيم مهرجان سينمائي أو غنائي ، ولكن عندما يُمس جَنَاب الدين فإن الجمل يَسْتَنْوِق ، وترى الهِرَّ يحْكي انتفاشا صَوْلةَ الأسد :

فما المعنى بأن نَحْيَا فلا نُحْيِي بنا الدينا

وما المعنى بأن نجتَرَّ مجدا ماضيا حينا

وحينا نطلق الآهات ترْويحا وتسْكينا

وقد نسي قِطاع كبير من أولئك الذي يهتمون بشعائر الإسلام الظاهرة ( كالصلاة والصيام والحج ) أن من أعظم شعائر الدين الاهتمام بأمر المسلمين ، حتى توعد الله تبارك وتعالى المتقاعسين عن خدمة الدين بالخزي في الحياة الدنيا والآخرة ، قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض ، أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة ، فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل . إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضرونه شيئا ، والله على كل شيء قدير ) .

إن خدمة الدين ليست قضية أصحاب العمائم واللحى - كما استقر في وجدان البعض خطأً - بل هي قضية كل مسلم ينتمي للإسلام لِمَحْضِ كونه مسلما ، وتَرْكِيْبَتَه كمسلم لن تستقيم إلا بتبني هذه القضية بحيث تُضحي حياة المسلم ممزوجة بهذا الهَمّ ، إذا سأل عن طعامه وشرابه فلن ينسى أن يسأل نفسه ماذا قدم لدين الله تبارك وتعالى .

وسيبقى المسلمون يعانون ظُلْمَ الغَيْرِ وبَغْيَه ما لم يوجد هذا الحِسُّ في وجدانهم طَبْعَاً ، يُستنفر عند كل مُلِمَّة ، ويتعاظم عند كل دائرة تدور على المسلمين .

وكل مسلم مُطالَب بإِبْدَاء أَثَر، والمشاركة بنوع من الخير ، حَسَبَ استطاعته ، ولا معنى لحياة امرئ سلبي يرتع في هذه الدنيا أكلا وشربا وتلذُّذا بالنساء والمفكّرون من حوله لا يحاول أن يبدي موقفه منهم ، والسياسيون عن يمينه وشماله بين صالح وطالح يَصْطَرِعون وهو يتفرج .

إن السلبية والانعزالية والتفرج ما هي إلا تعابير مخففة مجازية يأباها الصادقون المحترقون على الأمة بل يعدون ذلك موتا ، فالمرء والسيف ما لم يُبْدِيَا أَثَرَاً : حَيٌّ كَمَيِّتٍ ، مَسْلُوْلٌ كَمَغْمُود .

أين الخلل ؟!

وفي ظني أن العصبية للدين توارت وراء العصبيات الأخرى التي تَرَبَّى عليها المسلمون ، كعُبِّيَاتِ الجاهلية الحديثة من قَوْمِيّة وشُعُوبيّة وقُطْرِيّة بل وحِزْبِيّات ضيقة ، حتى تضاءلت مساحة الإسلام في بُؤْرة الشعور . وردُّ الفِعْل التَّلْقائي عند أي أزمة تَنْزِل بالإنسان يكون قويا بقدر المساحة التي تحتلها تلك الأزمة من بؤرة شعوره ، ولا شك أن مشاعر المسلمين تحتلها أولويات أخرى غير دين الله تعالى ، هذا ينبغي ألا نماري فيه - حتى على صعيد الملتزمين والغيورين على الدين - كنقطة انطلاق لعلاج هذا الخلل ، أما إذا توارينا زُوْرَاً وراء الادعاءات الكاذبة فإنها لن تخدع رب العباد ولن تغني عن واقع الأمر فتيلا .

وأعياني أن أبحث في علاج هذا الداء العُضال الذي تعانيه الأمة الإسلامية حيث لا أستثني نفسي منه ، ولكنني من استقراء كثير من النصوص الشرعية ومن سيرة السلف ومراجعة حال النفس وأحوال كثير ممن حولي وجدت أن أساس تراجع الدين في سلم أولويات المسلمين يرجع إلى مزاحمة الدنيا للدين، وهو ما يفهم من قوله تعالى : { أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة } في معرض لوم المتأخرين عن الجهاد في سبيل الله . ولعمري إنها آفة الأولين والآخرين ، وفي حُبِّها تَجَنْدَلَ الصَّنَاديد صَرْعَى كأنهم أعْجَازُ نخْل خاوية ، وما حَذِرَها امرؤٌ إلا كان أولَ فوْز يَحُوزُه تَفَرُّغُ قلبه للاهتمام بما أمره الله به .

والعجيب أيضا أن الخلل في مسألة تفضيل الدنيا على الآخرة لا يرجع إلا عدم فهم النصوص أو عدم الاقتناع بها ، ولكنه يرجع إلا التركيبة النفسية والاجتماعية التي ينشأ عليها الإنسان .

ولقد رأيت أفرادا من أُسَرٍ واسعة الثَّراء لكنهم تَرَبَّوْا على يَدِ آباء ذوي حصافة ودراية بمكائد الدنيا ، فنشأوا على البساطة وعدم التكلّف ، بل إنهم إذا تعرضوا لبلاء من بلاءات الدنيا لم نر لهم جزعا كجزع عبدة الدرهم والدينار .

وآخرون من ذوي الإِمْلاق لكنهم تَنَشَّأوا على حب هذه الفانية والتعلق بملذاتها وتمني الحصول على كل شهواتها ، فإذا ما أَلَمَّتْ بهم مُلِمّة - وإن دَقّت - رأيتَ السَّخَطَ يعلن نفسه بعبارات كفرية جريئة لا يَلْفِظُها إلا من خلا قلبه من الإيمان والرضا بالقضاء والقدر .

إن هذه التركيبة النفسية هي التي تسهّل وجود الخونة بين أفراد الأمة ، كما أن هذه التركيبة النفسية كفيلة بأن تجعل صاحبها يتخذُ من الدنيا كعْبةً يستقبلُها ، فيتعبّدَ في مِحْراب شهواتها مخْلِصا ، لا يخطُر له الدين على بال فضلا عن أن يبذل له أو يجاهد في سبيله .

وكذلك التركيبة الاجتماعية التي وضعت مفاهيم في الرَّفاه ومستوى المعيشة لا يعرفها شرع ولا عرف ، فأضحى كل الناس يتسابقون ويتراكضون في حَلْبَة السَّبْق لتحقيق هذا المستوى فإذا ما عَرَضَ لهم من أزمات المسلمين عارض تحجّجوا بأن ضروريات حياتهم لما يسْتكملوها وأن للدين رب يحميه . ولن تَعْدَم أن تسمع أمثالا تُصاغ من قبيل : ما يحتاجه بيتك يكون حراما على المسجد ، وجُحَا أَوْلى بِلَحْمِ ثَوْرِه ، في خَسَاسَةٍ لا تُعْهَد إلا عند بني إسرائيل .

وحتى نُصلِح هذا العِوَجَ فإننا لا بد أن نمارِس دورا تربويا واسع المدى ، على نطاق الأفراد والمجتمعات ، لإصلاح هذه التركيبة الخاطئة ، ومقاومة زحف الشهوات المهلك الذي هو عَرَضٌ من أعراض حب الدنيا وداء عُضال في نفس الوقت .

(رضا أحمد/ 30 طريقة لخدمة الدين)

عطر الجنة 02-19-2015 08:38 AM

رد: خدمة الدين من ضروريات الدين
 
فما المعنى بأن نَحْيَا فلا نُحْيِي بنا الدينا

وما المعنى بأن نجتَرَّ مجدا ماضيا حينا

وحينا نطلق الآهات ترْويحا وتسْكينا

لابد لخدمة الدين من عزيمة النفس
وذو مبادئ وأخلاق ومحبب للفلاح والخير
لا منفر مبتدع
نسأل الله أن يصلح أحوا أمتنا الإسلامية

أشكرك دكتورة طرح قيم ومفيد
سلمت يداك على اختيارها الموفق

جزاك الله خير الجزاءtgy

هوازن الشريف 02-19-2015 10:09 AM

رد: خدمة الدين من ضروريات الدين
 
ولقد سمعت بنفسي في الكلية الشرعية التي درست فيها من طلبتها من يسب دين الله ، أما المتخنثين وتاركي الصلاة والمدخنين فحدث عن ذا ولا حرج . أوليس من الغريب أن نرى تلك الألوف من خريجي الكليات الشرعية هي أول من يحارب الدين ويعاديه ، أوليس الغريب أن نرى العمائم هي التي تحارب صحوة الشباب المسلم .

لقد ضبط في بعض البلاد الإسلامية تنظيما لعبدة الشيطان ، وقد ظهر من التحقيقات أن هذا التنظيم يمارس بالفعل عبادة الشيطان وتقديم القرابين له وفعل المنكرات الشنيعة التي يأمرهم بها شيطانهم . ولم تكن مفاجأة كبيرة أن يفتي بعض المعممين بأن هؤلاء الشباب الطائش لا يقصد -حقيقةً - عبادةَ غيرِ الله ، وأن مثل هؤلاء لا يُقام عليهم حَدُّ الرِّدَّة ، فقد كان معظم التنظيم من الشباب الصغير الذي عانى من الثراء الفاحش والتفكك الأسري ، وتعرض لغسيل مخ من قبل بعض الأفراد في الخارج والداخل .



هنا الجمت لافض فوك

الاسلام يعاني من هذه الاجيال

والدرسة الاكادمية قتلتنا


الي معدله ضعيف يدخل دعوة واصول دين او شرعيه وفقه

قتلنا الكاديمية في اخراج معلمات دين لايمتوا لدين بصله

بل اصبحوا من اجل لقمة العيش منافقين يدروس مالا يفعلون

فقدنا المعلم الموثر لماذا المعدل الضعيف يدخل دين والمعدلات 99 و 95 يدخل طب وانجليزي وفيزيا وهندسه

قلنا من زماااااااااااااان لابد من تعديل هذا الامر واان لا يدخل ديل وتاريخ اسلامي الا من لديه رغبه في هذا المجال
وايضا المسئله متعلقه في كيلة رياض الاطفال يدخلونها بدون رغبه لان مستقبل متخرجي القسم مضمون في الوظيفه

لاحول ولاقوة الابالله

دكتورة سعاد هذا واقع الامة امة الجهل وطلب الرزق فقط لا ثثقافه ولا دين ولاعلم الا من رحم ربي


جزاك الله خيرا عزيزتي الغاليه

لاحرمنا اطلالتك الجميله

هوازن الشريف 02-19-2015 10:44 AM

رد: خدمة الدين من ضروريات الدين
 
موضوع مميز

حمامة الاسلام 02-19-2015 12:51 PM

رد: خدمة الدين من ضروريات الدين
 
بارك الله فيك دكتورة

ناجية عثمان 02-19-2015 01:24 PM

رد: خدمة الدين من ضروريات الدين
 
جزاك الله خيرا دكتورنا

سخرنا الله لخدمة ديننا العظيم و يارب يعيننا على سلك مناهج العلماء

دكتورة سعاد 02-19-2015 04:55 PM

رد: خدمة الدين من ضروريات الدين
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هوازن الشريف (المشاركة 59297)
ولقد سمعت بنفسي في الكلية الشرعية التي درست فيها من طلبتها من يسب دين الله ، أما المتخنثين وتاركي الصلاة والمدخنين فحدث عن ذا ولا حرج . أوليس من الغريب أن نرى تلك الألوف من خريجي الكليات الشرعية هي أول من يحارب الدين ويعاديه ، أوليس الغريب أن نرى العمائم هي التي تحارب صحوة الشباب المسلم .

لقد ضبط في بعض البلاد الإسلامية تنظيما لعبدة الشيطان ، وقد ظهر من التحقيقات أن هذا التنظيم يمارس بالفعل عبادة الشيطان وتقديم القرابين له وفعل المنكرات الشنيعة التي يأمرهم بها شيطانهم . ولم تكن مفاجأة كبيرة أن يفتي بعض المعممين بأن هؤلاء الشباب الطائش لا يقصد -حقيقةً - عبادةَ غيرِ الله ، وأن مثل هؤلاء لا يُقام عليهم حَدُّ الرِّدَّة ، فقد كان معظم التنظيم من الشباب الصغير الذي عانى من الثراء الفاحش والتفكك الأسري ، وتعرض لغسيل مخ من قبل بعض الأفراد في الخارج والداخل .



هنا الجمت لافض فوك

الاسلام يعاني من هذه الاجيال

والدرسة الاكادمية قتلتنا


الي معدله ضعيف يدخل دعوة واصول دين او شرعيه وفقه

قتلنا الكاديمية في اخراج معلمات دين لايمتوا لدين بصله

بل اصبحوا من اجل لقمة العيش منافقين يدروس مالا يفعلون

فقدنا المعلم الموثر لماذا المعدل الضعيف يدخل دين والمعدلات 99 و 95 يدخل طب وانجليزي وفيزيا وهندسه

قلنا من زماااااااااااااان لابد من تعديل هذا الامر واان لا يدخل ديل وتاريخ اسلامي الا من لديه رغبه في هذا المجال
وايضا المسئله متعلقه في كيلة رياض الاطفال يدخلونها بدون رغبه لان مستقبل متخرجي القسم مضمون في الوظيفه

لاحول ولاقوة الابالله

دكتورة سعاد هذا واقع الامة امة الجهل وطلب الرزق فقط لا ثثقافه ولا دين ولاعلم الا من رحم ربي


جزاك الله خيرا عزيزتي الغاليه

لاحرمنا اطلالتك الجميله

مشكووور اختي هوازن على التعقيب الرااائع والاضافة الاروع.
وللأسف الشديد أنَّ هذا الواقع المر في جميع المجتمعات العربية الإسلامية، فقد كان المسلمون في قمة العلم عندما كان العلم الشرعي من أولوياتهم فكما نعلم أن علماء الأمة الإسلامية والأئمة الأربعة الشافعي وأحمد ابن حنبل وأبو حنيفة ومالك هم بمنظور العلم الحديث لا يمتلكون أي شهادات أكاديمية وجامعية ولكنهم علموا أمة لأن تعلم العلم الشرعي كان من أولويات حياتهم قدموا علم الله فقدمهم الله.
أما الآن بعدما أخرنا العلم الشرعي وجعلنا القلة المقبلة عليه من ذوي الدرجات المقبولة وما دون أخرنا الله.

ونسأل الله أن تكون شبكة شعاع نبراس في طريق العلم الشرعي

دكتورة سعاد 02-19-2015 05:19 PM

رد: خدمة الدين من ضروريات الدين
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عطر الجنة (المشاركة 59291)
فما المعنى بأن نَحْيَا فلا نُحْيِي بنا الدينا

وما المعنى بأن نجتَرَّ مجدا ماضيا حينا

وحينا نطلق الآهات ترْويحا وتسْكينا

لابد لخدمة الدين من عزيمة النفس
وذو مبادئ وأخلاق ومحبب للفلاح والخير
لا منفر مبتدع
نسأل الله أن يصلح أحوا أمتنا الإسلامية

أشكرك دكتورة طرح قيم ومفيد
سلمت يداك على اختيارها الموفق

جزاك الله خير الجزاءtgy

متميزة دائما بردودك
أختي عطر الجنة
بارك الله فيك
وأسأل الله تعالى أن يجعلنا (أسرة شعاع) في خدمة دينه.

أم يعقوب 02-20-2015 01:21 AM

رد: خدمة الدين من ضروريات الدين
 
سلمت يداك اختي
دائما مواضيعك مميزة

نفع الله بك
pppoFGTRpppo

دكتورة سعاد 02-20-2015 03:03 AM

رد: خدمة الدين من ضروريات الدين
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حمامة الاسلام (المشاركة 59309)
بارك الله فيك دكتورة

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناجية عثمان (المشاركة 59325)
جزاك الله خيرا دكتورنا

سخرنا الله لخدمة ديننا العظيم و يارب يعيننا على سلك مناهج العلماء

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم يعقوب (المشاركة 59391)
سلمت يداك اختي
دائما مواضيعك مميزة

نفع الله بك
pppofgtrpppo

سررت كثيرا بهذه الردود الممتعة المشجعة
بارك الله فيكنَّ اخواتي:حمامة السلام، ناجية، أم يعقوب
وجزاكنَّ خيرا على تواصلكن


الساعة الآن 11:35 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)