منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع العلوم الشرعية (https://hwazen.com/vb/f38.html)
-   -   آفات على الطريق (https://hwazen.com/vb/t8395.html)

ام عبدالله وامنه 04-16-2015 12:19 PM

آفات على الطريق
 
http://www7.0zz0.com/2015/04/16/11/934103710.gif
الآفة الأولى - الفتور
الفتور معناه لغة : يطلق الفتور على معنيين : أ) الانقطاع بعد الاستمرار أو السكون بعد الحركة . ب)الكسل أو التراخي أو التباطؤ بعد النشاط والجد . جاء في لسان العرب : ( وفتر الشيء ، والحر ، وفلان يفتر ، ويفتر فتوراً وفتاراً : سكن بعد حدة ولان بعد شدة ). اصطلاحا : أما في الاصطلاح فهو داء يمكن أن يصيب بعض العاملين بل قد يصيبهم بالفعل . أدناه : الكسل أو التراخي أو التباطؤ . وأعلاه : الانقطاع أو السكون بعد النشاط الدائب والحركة المستمرة . قال تعالى عن الملائكة : { وله من في السموات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون }. أي (أنهم في عبادة دائمة ينزهون الله عما لا يليق به ويصلون ويذكرون الله ليل نهار لا يضعفون ولا يسأمون ). أسبابه : ويمكن أن يدخل الفتور إلى النفس بسبب من الأسباب التالية : (‍1) الغلو والتشدد في الدين : بالانهماك في الطاعات وحرمان البدن حقه من الراحة والطيبات فإن هذا من شأنه أن يؤدى إلى الضعف أو السأم والملل وبالتالي : الانقطاع والترك بل ربما أدى إلى سلوك طريق أخرى عكس الطريق التي كان عليها فينتقل العامل من الإفراط إلى التفريط ومن التشدد إلى التسيب وهذا أمر بديهي إذ للإنسان طاقة محدودة فإذا تجاوزها اعتراه الفتور فيكسل أو ينقطع ولعل ذلك هو السر في تحذير الإسلام الشديد ونهيه الصريح عن الغلو ، والتنطع ، والتشديد إذ يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ( إياكم والغلو في الدين فإنما هلك من قبلكم بالغلو في الدين ) ، ( هلك المتنطعون ) قالها ثلاث يعنى : المتعمقين المجاوزين الحدود في أقوالهم أفعالهم. ( لا تشددوا على أنفسكم ، فيشدد عليكم ، فإن قوماً شددوا على أنفسهم فشدد عليهم ، فتلك بقاياهم في الصوامع ، والديارات - رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم ) ، ( إن الدين يسر ، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه .... ) وعن أنس رضى الله عنه - قال : جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم - يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم - في السر ، فلما أخبروها كأنهم تقالوها ، وقالوا أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم - قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ؟ قال أحدهم : أما أنا فأصلى الليل أبداً ، وقال الآخر : وأنا أصوم الدهر ولا أفطر ، وقال الثالث : وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم - إليهم فقال : ( أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟ أما والله إني لأخشاكم إلى لله وأتقاكم له ، لكنى أصوم وأفطر ، وأصلى وأرقد ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس منى ) ، وعن عائشة رضى الله تعالى عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها وعندها امرأة ، فقال من هذه ؟ قالت : هذه فلانة تذكر من صلاتها ، قال :0 مه عليكم بما تطيقون ، فوالله لا يمل الله حتى تملوا ) وكان أحب الدين ما داوم صاحبه عليه ) ، ( اكفلوا من الأعمال ما تطيقون ، فإن الله لا يمل حتى تملوا ، وإن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قلّ )وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما - قال : كانت مولاة للنبي - صلى الله عليه وسلم - تصوم النهار ، وتقوم الليل ، فقيل له : إنها تصوم النهار وتقوم الليل فقال - صلى الله عليه وسلم - :( إن لكل عمل شرة ولكل شرة فترة ، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى ، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد ضل ) . 2- السرف ومجاوزة الحد في تعاطى المباحات : فإن هذا من شأنه أن يؤدى إلى السمنة وضخامة البدن ، وسيطرة الشهوات ، وبالتالي التثاقل ، و الكسل و التراخي ، إن لم يكن الانقطاع و القعود ، ولعل ذلك هو السر في نهي الله ورسوله ، وتحذيرهما من السرف ، قال تعالى :{ يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين } . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( ما ملأ ابن آدم وعاء شر من بطنه ... ) وقد أدرك سلف الأمة ما يصنعه السرف و التوسع في المباحات بصاحبه ، فحذروا منه ، إذ تقول أم المؤمنين عائشة - رضى الله عنها - :( أول بلاء حدث في هذه الأمة بعد نبيها الشبع ، فإن القوم لما شبعت بطونهم سمنت أبدانهم ، فضعفت قلوبهم وجمحت شهواتهم ) وإذا يقول عمر - رضى الله تعالى عنه - :( إياكم و البطنة في الطعام و الشراب ، فإنها مفسدة للجسد ، مورثة للسقم ، مكسلة عن الصلاة ، وعليكم بالقصد فيهما ، فإنه أصلح للجسد ، وابعد من السرف ،وإن الله تعالى ليبغض الحبر السمين ، وإن الرجل لن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه ) وإذ يقول أبو سلمان الدارانى:( من شبع دخل عليه ست آفات : فقد حلاوة المناجاة ، وحرمان الشفقة على الخلق - لأنه إذا شبع ظن أن الخلق كلهم شباع - وثقل العبادة - وزيادة الشهوات ، وأن سائر المؤمنين يدورون حول المساجد ، والشباع يدورون حول المزابل ). 3- مفارقة الجماعة ، وإيثار حياة العزلة و التفرد : ذلك أن الطريق طويلة الأبعاد ، متعددة المراحل ، كثيرة العقبات في حاجة إلى تجديد ، فإذا سارها المسلم مع الجماعة ، وجد نفسه دوماً ، متجدد النشاط ، قوى الإرادة ، صادق العزيمة ، أما إذا شذّ عن الجماعة وفارقها ، فإنه سيفقد من يجدد نشاطه ، ويقوى إرادته ، ويحرك همته ، ويذكره بربه فيسأم ويمل ، وبالتالي يتراخى ويتباطأ ، إن لم ينقطع ويقعد. ولعل هذا بعض السر في حرص الإسلام وتأكيده وتشديده على الجماعة ، وتحذيره من مفرقتها ، و الشذوذ عنها إذ يقول الله تعالى { واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا }{ وتعاونوا على البر و التقوى ولا تعاونوا على الإثم و العدوان ...}{ وأطيعوا الله ورسوله ، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ... }{ ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات ، وأولئك لهم عذاب عظيم } وإذ يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ( .... عليكم بالجماعة ،وإياكم و الفرقة ، فإن الشيطان مع الواحد ، وهو من الاثنين أبعد ، من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة )( من فارق الجماعة شبراً ، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه )( وآمركم بالسمع و الطاعة ، و الهجرة و الجهاد ، و الجماعة ، فإن من فارق الجماعة شبراً فمات إلا كانت ميتته ميتة جاهلية )( الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم ، أعظم أجراً من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم ) وقد أدرك سلف الأمة ذلك فلزموا الجماعة ، ورغبوا فيها ، وأكدوا عليها ، يقول علىّ رضى الله عنه :_( كدر الجماعة خير من صفو الفرد ) ويقول عبد الله بن المبارك : لولا الجماعة ما كانت لنا سبل ولكان أضعفنا نهباً لأقوانا 4- قلة تذكر الموت و الدار الآخرة : فإن ذلك من شأنه أن يؤدى إلى فتور الإرادة ، وضعف العزيمة ، وبطء النشاط و الحركة ، بل قد يؤدى إلى الوقوف والانقطاع ، ولعلنا في ضوء هذا نفهم الحكمة من أمره صلى الله عليه وسلم - بزيارة القبور بعد النهي و التحذير ، إذ يقول :( إني نهيتكم عن زيارة القبور ، فزوروها فإن فيها عبرة ) وفي رواية :( كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، فزوروا القبور ، فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة ) كما نفهم الحكمة من حضه صلى الله عليه وسلم من تذكر الموت ، وانتهاء الأجل إذ يقول : ( أيها الناس استحيوا من الله حق الحياء ، فقال رجل : يا رسول الله إنا نستحي من الله تعالى ؟ فقال : من كان منكم مستحيياً فلا يبيتن ليلة إلا وأجله بين عينيه ، وليحفظ البطن وما حوى و الرأس وما وعى وليذكر الموت و البلى ، وليترك زينة الدنيا ) 5- التقصير في عمل اليوم و الليلة : مثل النوم عن الصلاة المكتوبة بسبب السمر الذي لا مبرر له بعد العشاء ، ومثل إهمال بعض النوافل الراتبة ، وترك قيام الليل ، أو صلاة الضحى ، أو تلاوة القرآن ، أو الذكر أو الدعاء ، أو الاستغفار ، أو التخلف عن الذهاب إلى المسجد ، أو عدم حضور الجماعة بدون عذر ، فكل ذلك وأمثاله له عقوبات ، وأدنى هذه العقوبات : الفتور بأن يكسل ويتثاقل أو ينقطع ويتوقف . وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم - في حديثه إلى شئ من هذا إذ يقول : ( يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد : يضرب كل عقدة ، عليك ليل طويل فارقد ، فإن استيقظ وذكر الله انحلت عقدة ، وإن توضأ انحلت عقدة ، فإن صلى انحلت عقدة ، فأصبح نشيطاً طيب النفس ، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان ) 6- دخول جوفه شئ محرم أو به شبهة : إما بسبب تقصيره وعدم إتقانه للعمل اليومي الذي يتعيش منه ، وإما بسبب تعامله فيما نسميه شبهة ، وإما بسبب غير ذلك ، فمثل هذا يعاقب من سيده ومولاه ، وأدني عقاب في الدنيا ، أن يفتر فيقعد ويرقد عن الطاعات ، أو على الأقل يكسل ويتثاقل فلا يجد للقيام لذة ، ولا للمناجاة حلاوة . ولعل هذا هو سر دعوة الإسلام إلى أكل الحلال وتحريه ، والابتعاد عن الحرام ، وما كانت به أدنى شبهة، إذ يقول الله عز وجل : { يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً ولا تتبعوا خطوات الشيطان ، إنه لكم عدو مبين }{ فكلوا مما رزقكم الله حلالاً طيباً واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون }{ يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً ، إني بما تعملون عليم } وإذ يقول النبي صلى الله عليه وسلم :( كل جسد نبت من سحت - أي من حرام - فالنار أولى به ) ، ( الحلال بين و الحرام بين وبينهما أمور مشتبهة فمن ترك ما يشتبه عليه من الإثم كان لما استبان أترك ، ومن اجترأ على ما يشك فيه من الإثم ، أوشك أن يواقع ما استبان ، و المعاصي حمى الله ، من يرتع حول الحمى يوشك أن يواقعه )(دعما يريبك إلى ما لا يريبك ) ، ويربى النبي - صلى الله عليه وسلم - المسلمين عملياً على ذلك حين يجد تمرة في الطريق ويرفض أكلها قائلاً :( لولا أنى أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها ) وعلى هذا المنهج سار سلف الأمة ، فكانوا يفتشون ويتحرون عن كل ما يتعلق بحياتهم من الطعام و الشراب واللباس و المركب .... الخ وإذا وجدوا شيئاً شابته شائبة أو أدنى شبهة اجتنبوه ، مخافة أن يجرهم إلى الحرام ، فتفسد قلوبهم ، فيحرموا العمل أو يحرموا قبوله . عن عائشة - رضى الله تعالى عنها - قالت :( كان لأبى بكر الصديق - رضى الله تعالى عنه - غلام يخرج له الخراج ، فجاء في يوم بشيء فأكل منه أبو بكر فقال له الغلام : أتدرى ما هذا ؟ فقال أبو بكر وما هو ؟ ؟ قال : كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية ، وما أحسن الكهانة ، إلا أنى خدعته ، فلقيني ، فأعطاني بذلك هذا الذي أكلت منه ، فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شئ أكله ) 7- اقتصار العامل على جانب واحد من جوانب الدين : كأن يجعل همه العقيدة فحسب ، ملغياً كل شئ غيرها من حسابه ، أو يجعل همه الشعائر التعبدية ، تاركاً كل ما سواها ، أو يقتصر على فعل الخيرات وراعية الآداب الاجتماعية ، غاضاً الطرف عما عداها فكل هؤلاء وأمثالهم تأتى عليهم أوقات يصابون فيها لا محالة بالفتور ، وهذا أمر بديهي ، نظراً لأن دين الله موضوع لاستيعاب الحياة كلها ، فإذا اقتصر واحد من الناس على بعضه فكأنما أراد أن يحيا بعض الحياة ، لا كل الحياة ، ثم إذا بلغ الذروة في هذا البعض يتساءل : وماذا بعد ؟ فلا يجد جواباً سوى الفتور إما بالعجز وإما بالكسل . ولعل ذلك هو أحد أسرار الدعوة إلى أخذ منهج الله كلاً بلا تبعيض ، ولا تجزيء : { يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين } ،أي اعملوا بجميع شعب الإيمان ، وشرائع الإسلام ، ولا تسيروا خلف الشيطان ، لما يكنه لكم من العداوة و البغضاء فيصرفكم عن منهج الله بالكلية ، أو عن بعضه فتفتروا وتضيعوا .... 8- الغفلة عن سنن الله في الكون و الحياة : فإننا نرى صنفاً من العاملين لدين الله يريد أن يغير المجتمع كله - أفكاره ومشاعره ،وتقاليده وأخلاقه وأنظمته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في يوم وليلة بأساليب ووسائل هي إلى الوهم والخيال أقرب منها إلى الحقيقة و الواقع ، مع شجاعة وجرأة وفية ، لا تستكثر تضحية وإن غلت ، ولا تعبأ بالموت سعت إليه أو سعى إليها ، ولا تهتم بالنتائج أياً كانت ، ما دامت نيتها لله ، وما دام هدفها إعلاء كلمة الله ، غير واضعين في حسابهم سنن الله في الكون و الحياة : من ضرورة التدرج في العمل ، ومن أن الغلبة إنما تكون للأتقى ، فإذا لم يكن فللأقوى ، ومن أن لكل شئ أجلا مسمى لا يقدم ولا يؤخر .... الخ فإذا ما نزلوا إلى أرض الواقع ، وكان غير ما أملوا ، وما أرادوا وما عملوا ، فتروا عن العمل إما بالكسل و التواني و التراخي ، وإما بالقعود والانسلاخ و الترك . 9-التقصير في حق البدن بسبب ضخامة الأعباء وكثرة الواجبات وقلة العاملين : ذلك أننا نجد بعض العاملين ينفقون كل ما يملكون من جهد ووقت وطاقة في سبيل خدمة هذا الدين ، ضانين على أنفسهم بقليل الراحة و الترويح فهؤلاء وأمثالهم ، وإن كانوا معذورين بسبب ضخامة الأعباء ، وكثرة الواجبات وقلة العاملين ، إلا أنه تأتى عليهم أوقات يفترون عن العمل لا محالة . ولعل هذا هو سر تأكيده - صلى الله عليه وسلم - على حق البدن مهما تكن الأعذار و المبررات إذ يقول :" إن لربك عليك حقاً ، وإن لنفسك عليك حقاً ولأهلك عليك حقاً فأعط كل ذي حق حقه " وفي رواية أخرى :" فإن لجسدك عليك حقاً ، وإن لعينك عليك حقاً ، وإن لزوجك عليك حقاً ، وإن لزويك عليك حقاً " 10- عدم الاستعداد لمواجهة معوقات الطريق : ذلك أننا نجد بعض العاملين يبدءون السير في الطريق دون أن يقفوا على معوقاته ، من زوجة أو ولد ، أو إقبال دنيا ، أو امتحان ، أو ابتلاء ،أو نحو ذلك ، و بالتالي لا يأخذون أهبتهم ، ولا استعدادهم ،وقد يحدث أن يصدموا أثناء السير بهذه المعوقات ، أو ببعضها ، فإذا هم يعجزون عن مواجهتها ،فيفترون عن العمل إما بالكسل و التراخي ، وإما بالوقوف والانقطاع . وهذا سر تنبيه القرآن الكريم ، وتحذيراته المتكررة من معوقات الطريق إذ يقول سبحانه : { يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم ، وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم ، إنما أموالكم وأولادكم فتنة وإن الله عنده أجر عظيم } ، { واعلموا إنما أموالكم وأولادكم فتنة } ، { ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب ... } ، { ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين } ، { ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم و الصابرين ونبلوا أخباركم } . 11-صحبة ذوى الإرادات الضعيفة و الهمم الدانية : فقد يحدث أن يصحب العامل نفراً ممن لهم ذيوع و شهرة ،وحين يقترب منهم ويعايشهم يراهم خاوين فاترين في العمل ، كالطبل الأجوف ، فإن مضى معهم عدوه- كما يعدى الصحيحَ الأجربُ - بالفتور و الكسل . وهذا هو سر تأكيده صلى الله عليه وسلم على ضرورة انتقاء واصطفاء الصاحب ، إذ يقول :( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم إلى من يخالل ) . ( إنما مثل الجليس الصالح و الجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير ، فحامل المسك : إما أن يحذيك ، وإما أن تبتاع منه ، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة ، ونافخ الكير ، إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد منه ريحاً منتنة ) . 12- العفوية في العمل سواء على المستوى الفردي أو الجماعي : ذلك أن كثيراً من العاملين أفراداً كانوا أو جماعات يمارسون العمل لدين الله بصورة عفوية لا تتبع منهجاً ، ولا تعرف نظاماً ، فيقدمون الأمور الثانوية أو التي ليست بذي بال ويؤخرون بل ويهملون الأمور الرئيسية و التي لابد منها من أجل التمكين لدين الله ، وهذا يؤدى إلى أن تطول الطريق وتكثر التكاليف و التضحيات ، فيكون الفتور غالباً ، إن لم تتدخل يد الله بالرعاية و التأييد و الثبات . ولعلنا في ضوء هذا نفهم سر وصيته صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما وجهه إلى اليمن إذ قال له : إنك تأتى قوما من أهل الكتاب ، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله ، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم ، فإن هم أطاعوك لذلك ، فإياك وكرائم أموالهم ، واتق دعوة المظلوم ، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب . إن الحديث قاعدة رئيسية في منهجية العمل ، وترتيبه ودقته . 13- الوقوع في المعاصي و السيئات ولاسيما صغائر الذنوب مع الاستهانة بها : فإن ذلك ينتهي بالعامل لا محالة إلى الفتور ، وصدق الله الذي يقول : { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير } وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول :( إياكم ومحقرات الذنوب ، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب لهن مثلاً ، كمثل قوم نزلوا إلى أرض فلاة ، فحضر صنيع القوم ، فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود و الرجل يجيء بالعود حتى جمعوا سواداً ، وأججوا ناراً ، وأنضجوا ما قذفوا فيها ) ،( إن المؤمن إذا أذنب ذنباً ، نكت في قلبه نكتة سوداء ، فإذا تاب ونزع واستغفر صقل قلبه ، وإن زاد زادت حتى تعلو قلبه ، فذلك الران الذي ذكره - عز وجلّ - { كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } . تلك هي الأسباب التي توقع في الفتور غالباً . آثاره : وللفتور آثار ضاره ، ومهلكة سواء على العاملين أو على العمل الإسلامي : على العاملين : فمن آثاره على العاملين قلة رصيدهم - على الأقل - من الطاعات ، وربما قبض أحدهم وهو فاتر كسلان ، فيلقى الله مقصراً مفرطاً ، لذا كان من دعائه صلى الله عليه وسلم :( اللهم إني أعوذ بك منالهم و الحزن وأعوذ بك من العجز والكسل ، وأعوذ بك من الجبن و البخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال ) . ( اللهم اجعل خير عمري آخره اللهم اجعل خواتيم عملي رضوانك ، اللهم اجعل خير أيامي يوم ألقاك ) .... ( ..... اجعل خير عمري آخره وخير عملي خواتيمه ، وخير أيامي يوم ألقاك فيه ) وكان من بشرياته لأمته :( إذا أراد اله بعبد خيراً استعمله ، قيل كيف يستعمله ؟ قال : يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه )وكان من وصيته لها :( إن العبد ليعمل بعمل أهل النار ، وإنه من أهل الجنة ، ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار ، وإنما الأعمال بالخواتيم )( لا تعجبوا لعمل عامل حتى تنظروا بم يختم له ) وكان من تأثر الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود - رضى الله تعالى عنه - لما مرض مرض الموت إذ جاء : أنه لما مرض بكى فقال :0 إنما أبكى لأنه أصابني على حال فترة ، ولم يصبني على حال جهاد ) ويقصد أن المرض أصابه وهو في حال سكون وتقليل من العبادات و المجاهدات . على العمل الإسلامي : ومن آثاره على العمل الإسلامي طول الطريق ، وكثرة التكاليف و التضحيات ، إذ مضت سننه سبحانه : ألا يعطى النصر و التمكين للكسالى و الغافلين و المنقطعين ، وغنما لعاملين المجاهدين الذين اتقنوا العمل ، واحسنوا الجهاد : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً }{ إن الله مع الذين اتقوا و الذين هم محسنون }{ و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين } علاجه : ولما كان الفتور يؤدى إلى الآثار و المخاطر التي ذكرنا لزم التحرز و التطهر منه ويستطيع العاملون التحرز و التطهر منه على النحو التالي : 1- البعد عن المعاصي و السيئات كبيرها وصغيرها ، فإنها نار تحرق القلوب ، وتستوجب غضب الله ، ومن غضب عليه ربه فقد خسر خسراناً مبينا ً ومن يحلل عليه غضبى فقد هوى } 2- المواظبة على عمل اليوم و الليلة : من ذكر ودعاء وضراعة ، أو استغفار ، أو قراءة قرآن ، أو صلاة ضحى ، أو قيام ليل ، ومناجاة ولاسيما في وقت السحر ، فإن ذلك كله مولد إيماني جيد ، ينشط النفوس ويحركها ويعلى الهمم ، ويقوى العزائم ، قال تعالى { وهو الذي جعل الليل و النهار خلفة ، لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً }{ يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلاً ..... سنلقى عليك قولاً ثقيلاً ... } وقال النبي صلى الله عليه وسلم :( من نام عن حزبه من الليل ، أو على شئ منه ، فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل ) 3- ترصد الأوقات الفاضلة و العمل على إحيائها بالطاعات ، فإن هذا مما ينشط النفوس ، ويقوى الإرادات يقول : صلى الله عليه وسلم: ( ..... فسددوا وقاربوا وأبشروا واستيعنوا بالغدوة و الروحة وشئ من الدلجة ) 4- التحرر من التشدد و الغلو في دين الله ، فإن ذلك مما ينشط ويساعد على الاستمرار ، عن عائشة - رضى الله تعالى عنها - قالت : ( كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصير ، وكان يحجره من الليل فيصلى فيه فجعل الناس يصلون بصلاته ، ويبسطه بالنهار فثابوا ذات ليلة فقال :( يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون ، فإن الله لا يمل حتى تملوا ، وإن أحب الأعمال إلى الله ما دووم عليه وإن قل ) وكان آل محمد صلى الله عليه وسلم إذا عملوا عملاً أثبتوه . ولا جرم أن نشير هنا إلى أن التحرر من التشدد و الغلو لا يعنى الترك والإهمال ، بل يعنى الاقتصاد و التوسط مع المحافظة عل ما اعتاده من العمل ، ومع اتباع السنة ، قال عبد الله بن عمرو بن العاص - رضى الله عنهما - قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يا عبد الله لا تكن مثل فلان ، كان يقوم الليل فترك قيام الليل ) ، وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( فإذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) . 5- دفن النفس في أحضان الجماعة ، وعدم اعتزالها أو الشذوذ عنها بحال من الأحوال ، وحسبنا قوله صلى الله عليه وسلم :( الجماعة رحمة و الفرقة عذاب ) ، ( يد الله مع الجماعة ) ، وقول على رضى الله عنه - المذكور آنفاً :( كدر الجماعة خير من صفو الفرد ) 6- الانتباه إلى سنن الله في الإنسان والكون{ فلن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً } من استفراغ الطاقة وبذل الجهد الإنساني أولاً { ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض }، ومن التدرج في العمل ، كما قالت أم المؤمنين عائشة - رضى الله تعالى عنها - ( إنما أنزل أول ما أنزل من القرآن سور فيها ذكر الجنة و النار ، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال و الحرام ، ولو نزل أول شئ ، لا تشربوا الخمر ، ولا تزنوا لقالوا : لا ندع الخمر ولا الزنى أبداً ) وكما عبر عنه عمر بن عبد العزيز - رضى الله تعالى عنه - خامس الخلفاء الراشدين ، فقد أراد أن يعود بالحياة إلى هدى الخلفاء الأربعة ، لكن بعد أن يتمكن ويمسك الخيوط في يديه ، وكان له ابن يقال له عبد الملك ، فيه فتوة وحماس وحيوية وتقى ، فأنكر على أبيه البطء ، وعدم الإسراع في إزالة كل بقايا الانحراف و المظالم ، حتى تعود الحياة سيرتها الأولي أيام الراشدين ، إذ قال له يوماً : ( ما لك يا أبت لا تنفذ الأمور ؟ فوالله ما أبالي ، لو أن القدور غلت بي وبك في الحق ) . فكان جواب الأب الفقيه :( لا تعجل يا بنى فإن الله ذم الخمر في القرآن مرتين ، وحرمها في الثالثة ، وإني أخاف أن أحمل الناس على الحق جملة فيدعوه جملة فيكون من ذا فتنة ) ... الخ 7- الوقوف على معوقات الطريق من أول يوم في العمل : حتى تكون الأهبة ، ويكون الاستعداد لمواجهتها و الغلب عليها فلا يبقى مجال لفتور أو انقطاع . 8- الدقة و المنهجية في العمل على معنى مراعاة الأولويات وتقديم الأهم ، وعدم الدخول في معارك جانبيه ، أو مسائل جزئية هامشية. 9- صحبة الصالحين المجاهدين من عباد الله : إذ أن هؤلاء لهم من الصفاء النفسي والإشراق القلبي ، والإشعاع الروحي ، ما يسبى ، ويجذب بل ما يحرك الهمم و العزائم ، ويقوى الإرادات ، وقد لفت النبي صلى الله عليه وسلم الأنظار إلى ذلك حين قال : ( ألا أخبركم بخير الناس ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : من تذكركم رؤيته بالله عز وجل ) 10- إعطاء البدن حقه من الراحة و الطعام و الشراب مع الاعتدال في ذلك ، فإن هذا مما يجدد نشاط الجسم ويعيد إليه قوته وحيويته . وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم العاملين إلى ذلك ، فقد دخل مرة المسجد فرأي حبلاً ممدوداً بين ساريتين ، فقال :( ما هذا الحبل ؟ قالوا : هذا حبل لزينب ، فإذا فترت تعلقت به ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :( حلوه ، ليصل أحدكم نشاطه ، فإذا فتر فليرقد ) وقال أيضاً : إذا نعس أحدكم وهو يصلى فليرقد حتى يذهب عنه النوم ، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدرى لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه ) 11- الترفيه عن النفس بالمباحات ، من مداعبة الأهل ، أو ملاعبة الأولاد ، أو القيام ببعض الرحلات النهرية للتجديف ، أو القمرية للرياضة ، و التدبر و التفكر ، أو الجبلية للصعود و التسلق ، أو الصحراوية للتمرس و التعود على مواجهة مشاق الحياة ، أو الحقلية أو غير ذلك ، فإن هذا مما يطرد السأم و الملل ، ويقضى على الفتور والكسل ، بحيث يعود المسلم إلى ممارسة نشاطه ، وكأنما ولد من جديد ، أو صار خلقاً آخر . عن أبى ربعي حنظلة ابن الربيع الأسيدى الكاتب ، أحد كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لقيني أبو بكر - رضى الله تعالى عنه - فقال : كيف أنت يا حنظلة ؟ قلت نافق حنظلة ، قال : سبحان الله ما تقول ؟ قلت : نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالجنة و النار كأنا رأي عين ، فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد ، و الضيعات ونسينا كثيراً ، قال أبو بكر - رضى الله تعالى عنه - فوالله إنا لنلقى مثل هذا ، فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : نافق حنظلة يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :وما ذاك ؟ قلت : يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالجنة و النار كأنا رأي عين ، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد ، و الضيعات ونسينا كثيراً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي و في الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم ، وفي طرقكم ، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ) ثلاث مرات . 12- دوام النظر و المطالعة في كتب السيرة و التاريخ و التراجم ، فإنها مشحونة بكثير من أخبار العاملين المجاهدين ، أصحاب العزائم القوية والإرادات الصادقة التي تسرى عن النفس ، وتسليها وتولد فيها حب الاقتداء و التأسي وصدق الله - سبحانه وتعالى - الذي يقول : { لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب } وعلى سبيل المثال حين يقرأ المسلم عن عمر بن عبد العزيز أنه كان إذا فتر في الوقت من صلاة الفجر إلى طلوع الشمس وارتفاعها قليلاً أخذ يدور في صحن بيته ، ويردد على نفسه : وكيف تنام العين وهي قريرة ولم تدر أي المحلين تنزل حين يقرأ المسلم ذلك تتحرك مشاعره وأحاسيسه فينشط ويجاهد نفسه ليكون ضمن قافلة العاملين المجاهدين . 13- تذكر الموت وما بعده من سؤال القبر وظلمته ووحشته ، و البعث و الحشر ... الخ فإن هذا مما يوقظ النفس من نومها ، ويوقفها من رقدتها ، وينبهها من غفلتها ، فتنشط وتتابع السير ، وخير وسيلة لتذكر الموت الذهاب إلى القبور - ولو مرة كل أسبوع - وزيارتها للاعتبار بأحوال أهلها :( كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، فزوروها فإن فيها عبرة ) = وجاء عن ابن السماك الواعظ : أنه كان قد حفر حفرة في بيته كأنها قبر ، وكلما أحس من نفسه فتوراً أو كسلاً ، نزل إلى هذه الحفرة واستلقى كأنما قد مات ، ثم يتخيل أنه قد سئل ، وأن أعماله قد قصرت به ، ويأخذ في الاستغاثة و الصراخ وطلب العودة قائلاً : { رب ارجعون لعلى أعمل صالحاً فيما تركت ..} وبعد طول استغاثة وطلب يجيب نفسه ، ها أنت يا ابن السماك قد أعطيت فرصة أخرى ، ثم يقوم من قبره ، وكأنما نشط من عقال . 14- تذكر الجنة و النار ، وما فيهما من النعيم و العذاب ، فإن ذلك مما يذهب النوم عن الجفون ، ويحرك الهمم الساكنة و العزائم الفاترة ، جاء عن ابن هرم بن حيان أنه كان يخرج في بعض الليالي ، وينادى بأعلى صوته :( عجبت من الجنة كيف ينام طالبها ، وعجبت من النار كيف نام هاربها ، ثم يقول : { أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسناً بياتاً وهم نائمون } ) . 15- حضور مجالس العلم ، إذ العلم حياة القلوب وربما سمع العامل كلمة من عالم صادق مخلص ، فنشطته سنة كاملة ، بل الدهر كله وصدق الله الذي يقول : { إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ } ، { وقل رب زدني علماً } 16- أخذ هذا الدين بعمومه وشموله ، دون التخلي عن شئ منه ، فإن ذلك يضمن الدوام والاستمرار ، حتى تنقضي الحياة ونلقى الله . 17- محاسبة النفس و التفتيش فيها دائماً ، فإن ذلك مما يبصر بالعيوب في بدايتها ، فتسهل معالجتها : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون }

ناجية عثمان 04-16-2015 12:52 PM

رد: آفات على الطريق
 
http://everything2.cc/images/5/1db4e...20334c9612.gif

حمامة الاسلام 04-16-2015 01:47 PM

رد: آفات على الطريق
 
بارك الله فيك و نفعك و نفع بك

ام عبدالله وامنه 04-17-2015 02:35 PM

رد: آفات على الطريق
 
http://www11.0zz0.com/2015/04/17/13/489422527.jpg

ام عبدالله وامنه 04-17-2015 03:14 PM

رد: آفات على الطريق
 

الآفة الثانية - الإسراف
والآفة الثانية التي تصيب العالمين ولابد أن يتخلصوا منها وأن يتحصنوا ضدها إنما هي الإسراف ولكي يكون حديثنا عن إسراف العاملين واضحاً محدد المعلم سنجعله يدور على النحو التالي : أولاً : معنى الإسراف لغة : الإسراف في اللغة يطلق ويرد به :
(أ) ما نفق من غير طاعة .
(ب) أو التبذير ومجاوزة الحد . اصطلاحا : أما في اصطلاح الدعاة فيراد به مجاوزة حد الاعتدال في الطعام والشراب واللباس والسكنى ونحو ذلك من الغرائز الكامنة في النفس البشرية . ثانياً أسباب الإسراف : وللإسراف أسباب وبواعث توقع فيه وتؤدى إليه ونذكر منه :
(1) النشأة الأولي : فقد يكون السبب في الإسراف إنما هي النشأة الأولي أي الحياة الأولي ذلك أن المسلم قد ينشأ في أسرة حالها الإسراف والبذخ فما يكون منه سوى الإقتداء والتأسي إلا من رحم الله على حد قول القائل : وينشئ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه ولعلنا بهذا ندرك شيئا من أسرار دعوة الإسلام وتأكيده على ضرورة إنصاف الزوجين والتزامهم بشرع الله وهديه : { وأنكحوا الأيامي منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم ....}{ ولا تَنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تُنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ,......}( تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك ).
(2) السعة بعد الضيق : وقد يكون الإسراف سببه السعة بعد الضيق أو اليسر بعد العسر ذلك أن كثيرا من الناس قد يعيشون في ضيق أو حرمان أو شدة أو عسر وهم صابرون محتسبون بل وماضون في طريقهم إلى ربهم وقد يحدث أن تتغير الموازين وأن تتبدل الأحوال فتكون السعة بعد الضيق أو اليسر بعد العسر وحينئذ يصعب على هذا الصنف من الناس التوسط أو الاعتدال فينقلب على النقيض تماما فيكون الإسراف أو التبذير . ولعلنا بهذا ندرك بعض الأسرار التي من أجلها حذر الشارع الحكيم من الدنيا وأوصى بأن يكون النيل منها بقدر . يقول النبي صلى الله عليه وسلم فأبشروا وأملوا ما يسركم فو الله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتتنافسوها كما تنافسوها تهلككم كما أهلكتم ). ( إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعلمون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بنى إسرائيل كانت في النساء ). (3)صحبة المسرفين : وقد يكون في الإسراف إنما هي صحبة المسرفين ومخالطتهم ذلك أن الإنسان غالبا ما يتخلق بأخلاق صاحبه وخليله لاسيما إذ طالت هذه الصحبة وكان هذا الصاحب قوى الشخصية شديد التأثير . ولعلنا بذلك ندرك السر في تأكيد الإسلام وتشديده على ضرورة انتقاء الصحاب أو الخليل ولقد مرت بنا بعض النصوص الدالة على ذلك أثناء الكلام عن أسباب الفتور .
(4) الغفلة عن زاد الطريق : وقد يكون السبب في الإسراف إنما هي الغفلة عن زاد الطريق ذلك أن الطريق الموصلة إلى رضوان الله والجنة ليست طريقاً مفروشة بالحرير والورود والرياحين بل بالأشواك والدموع والعرق والدماء والجماجم وولوج هذه الطريق لا يكون بالترف والنعومة والاسترخاء وإنما بالرجولة والشدة ذلك هو زاد الطريق والغفلة عن هذا الزاد توقع المسلم العامل في الإسراف . ولعلنا بذلك ندرك سر حديث القرآن المتكرر المتنوع عن طبيعة الطريق : { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب }. { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين }.......إلى غير ذلك من الآيات.
(5) الزوجة والولد : وقد يكون السبب في الإسراف إنما هي الزوجة والولد . إذ قد يبتلى المسلم بزوج وولد دأبهم وديدنهم الإسراف وقد لا يكون حازما معهم فيؤثرون عليه وبمرور الأيام وطول المعاشرة ينقلب مسرفا مع المسرفين . ولعلنا بذلك نفهم بعض الأسرار التي قصد إليها الإسلام حين أكد ضرورة انتقاء واختيار الزوجة وقد قدمت بعض النصوص الدالة على ذلك قريبا أثناء الحديث عن السبب الأول وحين أكد على ضرورة الاهتمام بتربية الولد والزوجة . { يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون }( ألا كلكم راع وكلكم مسؤل عن رعيته فالإمام الذي على الناس راع وهو مسؤل عن رعيته والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤل عن رعيته والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤلة عن عنهم ......الحديث ).
(6)
الغفلة عن طبيعة الحياة الدنيا وما ينبغي أن تكون : وقد يكون السبب في الإسراف إنما هي الغفلة عن طبيعة الحياة الدنيا وما ينبغي أن تكون ذلك أن طبيعة الحياة الدنيا أنها لا تثبت ولا تستقر على حال واحد بل هي متقلبة تكون لك اليوم وعليك غدا وصدق الله العظيم :{ وتلك الأيام نداولها بين الناس }. والواجب يقتضي أن نكون منها على وجل وحذر : نضع النعمة في موضعها وندخر ما يفيض عن حاجتنا الضرورية اليوم من مال وصحة ووقت إلى الغد أو بعبارة أخرى : ندخر من يوم إقبالها ليوم إدبارها . تلك طبيعة الحياة الدنيا وهذا ما ينبغي أن تكون والغفلة عن ذلك قد توقع في الإسراف .
(7) التهاون مع النفس : وقد يكوون السبب في الإسراف التهاون مع النفس ذلك أن النفس البشرية تنقاد وتخضع ويسلس قيادها بالشدة والحزم وتتمرد وتتطلع إلى الشهوات وتلح في الانغماس فيها بالتهاون واللين وعليه فإن المسلم العامل إذا تهاون مع نفسه ولبى كل مطالبها أوقعته لا محالة في الإسراف . ولعلنا بذلك نفهم السر في تأكيد الإسلام على ضرورة المجاهدة للنفس أولا وقبل كل شئ : { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم }. { قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها }. { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين }.
(8) الغفلة عن شدائد وأهوال يوم القيامة : وقد يكون السبب في الإسراف إنما هي الغفلة عن الشدائد وأهوال يوم القيامة ذلك أن يوم القيامة يوم فيه من الشدائد والأهوال ما ينعقد اللسان وتعجز الكلمات عن الوصف والتصوير وحسبنا ما جاء في كتاب الله عز وجل ـ وسنة النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا اليوم. ومن ظل متذكرا ذلك متدبرا فيه قضى حياته غير ناعم بشيء في هذه الحياة الدنيا أما من غفل عن ذلك فإنه يصاب بالإسراف والترف بل ربما ما هو أبعد من ذلك . ولعلنا بهذا ندرك شيئا من أسرار دوام خشيته صلى الله وعيه وسلم لربه وقلة تنعمه ونيله من الحياة الدنيا , يقول صلى الله عليه ويسلم : ( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ). وفي رواية أخرى : ( وما تلذذتم بالنساء على الفراش ).
(9) نسيان الذي تحياه البشرية عموما والمسلمون على وجه الخصوص : وقد يكون السبب في الإسراف إنما هو نسيان الواقع الذي تحياه البشرية عموما والمسلمون على وجه الخصوص : ذلك أن البشرية اليوم تقف على حافة الهاوية ويوشك أن تتزلزل الأرض من تحتها فتسقط أو تقع في تلك الهاوية وحينئذ يكون الهلاك أو الدمار أما المسلمون فقد صاروا إلى حال من الذل والهوان يرثى لها ويتحسر عليها ومن بقى مستحضرا هذا الواقع وكان متبلد الحس ميت العاطفة فإنه يمكن أن يصاب بالترف والإسراف والركون إلى زهرة الدنيا وزينتها . ولعلنا بذلك ندرك شيئا من أسرار حزنه واهتمامه صلى الله عليه وسلم بأمر البشرية قبل البعثة وبعدها حتى عاتبه ربه ونهاه عن ذلك : { فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا } . { لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين }. { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات }.
(10)
الغفلة عن الآثار المترتبة على الإسراف : وقد يكون السبب في الإسراف إنما هي الغفلة عن الآثار المترتبة على الإسراف ذلك أن للإسراف آثاراً ضارة وعواقب مهلكة على نحو الذي سنعرض له بعد قليل . ولقد عرف من طبيعة الإنسان :أنه غالبا ما يفعل الشيء أو يتركه إذا كان على ذكر من آثاره وعواقبه أما إذا غفل عن هذه الآثار فإن سلوكه يختل وأفعاله تضطرب فيقع أو يسقط فيما لا ينبغي ويهمل أو يترك ما ينبغي . وعليه فإن المسلم العالم إذا غفل عن الآثار المترتبة على الإسراف يكون عرضة للوقوع في الإسراف . ولعلنا بذلك نفهم السر في اهتمام الإسلام بذكر الحكم والمقاصد المنوطة بكثير من الأحكام والتشريعات .
ثالثاً : آثار الإسراف : هذا وللإسراف آثار ضارة وعواقب مهلكة سواء على العاملين أو على العمل الإسلامي وإليك طرفا من هذه الآثار : على العاملين : فمن آثاره على العاملين :
(1) علة البدن : أي أن الأثر الذي يتركه الإسراف : إنما يكمن في علة البدن ذلك أن هذا البدن محكوم بطائفة من السنن والقوانين الإلهية بحيث إذا تجاوزها الإنسان بالزيادة أو بالنقص تطرقت إليه العلة وحين تتطرق إليه العلة فإنه يقعد بالمسلم عن القيام بالواجبات والمسؤليات الملقاة على عاتقه أو المنوطة به
( 2 )
قسوة القلب : والأثر الثاني الذي يترتب على الإسراف : إنما هو قسوة القلب ذلك أن هذا القلب يرق ويلين بالجوع أو بقلة الغذاء ويقسو ويجمد بالشبع أو بكثرة الغذاء سنة الله { ولن تجد لسنة الله تحويلا }وحين يقسو القلب أو يجمد فإن صاحبه ينقطع عن البر والطاعات ، والويل كل الويل لمن كانت هذه حالة { فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله } وحتى لو جاهد المسلم نفسه وقام بالبر والطاعات فإنه لا يجد لها لذة ولا حلاوة بل لا يجنى من ورائها سوى النصب والتعب (... ورب قائم حظه من قيامه السهر )
( 3 )
خمول الفكر : والأثر الثالث الذي يترتب على الإسراف إنما هو خمول الفكر ذلك أن نشاط الفكر وخموله مرتبط بعدة عوامل ، البطنة أحدها ، فإذا خلت البطنة نشط الفكر ، وإذا امتلأت اعتراه الخمول حتى قالوا قديما : ( إذا امتلأت البطنة نامت الفطنة ) ويوم أن يصاب الفكر بالخمول يوم أن يحرم المسلم الفقه والحكمة وحينئذ يفقد أخص الخصائص التي تميزه عن باقي المخلوقات .
(4)
تحريك دواعي الشر والإثم : والأثر الرابع الذي يخلقه الإسراف إنما هو تحريك دواعي الشر والإثم ذلك أن الإسراف يولد في النفس طاقة ضخمة ووجود هذه الطاقة من شأنه أن يحرك الغرائز الساكنة أو الكامنة في هذه النفس وحينئذ لا يؤمن على المسلم العامل الوقوع في الإثم والمعصية إلا من رحم الله ولعل ذلك هو السر في تأكيد الإسلام على الصوم لمن لم يكن قادرا على مؤن النكاح إذ يقول صلى الله عليه وسلم : ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء )
( 5 )
الانهيار في ساعات المحن والشدائد : والأثر الخامس الذي يتركه الإسراف إنما هو الانهيار في ساعات المحن والشدائد ذلك أن المسرف قضى حياته في الاسترخاء والترف فلم يألف المحن والشدائد ومثل هذا إذا وقع في شدة أو محنة لا يلقى من الله أدنى عون أو تأييد فيضعف وينهار لأن الله عز وجل لا يعين ولا يؤيد إلا من جاهد نفسه وكان صادقا مخلصا في هذه المجاهدة { لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم } .
(6)
عدم الرعاية أو الاهتمام بالآخرين : والأثر السادس الذي يتركه الإسراف إنما هو عدم الرعاية أو الاهتمام بالآخرين ذلك أن الإنسان لا يرعى الآخرين ولا يهتم غالبا إلا إذا أضناه التعب وعصبته الحاجة كما أثر عن يوسف عليه السلام : أنه لما صار على خزائن الأرض ما كان يشبع أبدا فلما سئل عن ذلك قال : أخاف أن شبعت أن أنسى الجياع . والمسرف مغمور بالنعمة من كلا جانب فأنى له أن يفكر أو يهتم بالآخرين .
( 7) المساءلة غدا بين يدي الله : والأثر السابع المترتب على الإسراف إنما هي المساءلة غدا بين يدي الله كما قال سبحانه { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم }. ومجرد الوقوف بين يدي الله للمساءلة والمناقشة عذاب كما قال صلى الله عليه وسلم :(... من نوقش الحساب يوم القيامة عذب ).
( 8) الوقوع تحت وطأة الكسب الحرام : والأثر الثامن الذي يتركه الإسراف إنما هو الوقوف تحت وطأة الكسب الحرام ذلك أن المسرف قد تضيق به أو تنتهي موارده فيضطر تلبية وحفاظا على حياة الترف والنعيم التي ألفها إلى الواقع والعياذ الله في الكسب الحرام وقد جاء في الحديث :( كل جسد نبت من سحت أي من حرام فالنار أولى به ).
(9) أخوة الشياطين : والأثر التاسع يتركه الإسراف هي أخوة الشياطين كما قال سبحانه وتعالى :{ إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا }. وأخوة الشياطين تعنى الصيرورة والانضمام إلى حزبهم وإن ذلك لهو الخسران المبين والضلال البعيد { ألا أن حزب الشيطان هم الخاسرون } .
(10) الحرمان من محبة الله : والأثر العاشر الذي يتركه الإسراف إنما هو الحرمان من محبة الله كما قال سبحانه :{.........إنه لا يحب المسرفين }. على العمل الإسلامي : وأما آثاره على العمل الإسلامي فتنحصر في : سهولة القضاء عليه أـو على الأقل تأخيره إلى الوراء عشرات السنين نظرا لأن السلاح الوحيد الذي يواجه به المسلمون أعداء الله ألا وهو الإيمان إنما يتأثر أشد ما يكون التأثير بالإسراف والترف والراحة والنعيم . تلك هي آثار الإسراف على العاملين وعلى العمل الإسلامي وقد مرت بنا أثناء الحديث عن أسباب الفتور عدة نصوص من كتاب الله عز وجل وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة السلف تتضمن إجمالا لكل هذه الآثار . رابعاً : الطريق لعلاج الإسراف : ومادامت هذه آثار وعواقب الإسراف وتلك أسبابه وبواعثه فإن طريق العلاج تتخلص في : (1) التفكر في الآثار والعواقب المترتبة على الإسراف فإن ذلك من شأنه أن يحمل على تدارك الأمر والتخلص من الإسراف قبل فوات الأوان .
(2) الحزم مع النفس وذلك بفطمها عن شهواتها ومطالبها وحملها على الأخذ بكل شاق وصعب من قيام ليل إلى صوم تطوع إلى صدقة إلى مشى على الأقدام إلى حمل الأثقال ....ونحو ذلك .
3) دوام النظر في سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته فإنها مليئة بالتحذير من الإسراف بل ومجاهدة النفس والأهل والعيش على الخشونة والتقشف إذ يقول صلى الله عليه وسلم : ( والمؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبع أمعاء ) وفي رواية : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ضافه ضيف وهو كافر فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة فحلبت فشرب حلابها ثم أخرى فشربه ثم أخرى فشربه حتى شرب حلاب سبع شياه ثم أنه أصبح فأسلم فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة فشرب حلابها ثم أمر بأخرى فلم يستتمها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( والمؤمن يشرب في معي واحد والكافر يشرب في سبع أمعاء ) . ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه ). وإذ تحكى أم عائشة رضى الله تعالى عنها لعروة بن الزبير بن أختها فتقول ( إن كنا لننظر إلى الهلال ، ثلاثة أهلة في شهرين ، وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار ، فيقول لها عروة ، ما كان يعيشكم ؟ قالت : الأسودان : التمر و الماء ، إلا أنه كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار ، كان لهم منائح ، وكانوا يمنحون رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانهم فيسقيناه ) . وإذ تقول أيضاً : ( كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدم وحشوه من ليف )( ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم منذ قدم المدينة من طعام بر ثلاث ليال تباعاً حتى قبض ) بل كان من دعائه صلى الله عليه وسلم :( اللهم ارزق آل محمد قوتاً ) وأن المسلم العامل لدين الله حين يقف على ذلك ، وعلى غيره تتحرك مشاعره ،وتتأجج عواطفه فيترسم خطاه صلى الله عليه وسلم ويسير على هديه اقتداء وتأسياً وطمعاً في معيته في الجنة : ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين وحسن أولئك رفيقاً ، ذلك الفضل من الله وكفي بالله عليماً } . 4- دوام النظر في سيرة سلف هذه الأمة ، من الصحابة المجاهدين و العلماء العاملين فقد اقتدى هؤلاء به صلى الله عليه وسلم فكان عيشهم كفافاً ، ولا هم لهم من الدنيا إلا أنها معبر أو قنطرة توصل للآخرة . دخل عمر بن الخطاب على ابنه عبد الله - رضى الله تعالى عنهما - فرأي عنده لحماً ، فقال : ما هذا اللحم ؟ قال : أشتهيه قال : وكلما اشتهيت شيئاً أكلته ؟ كفي بالمرء سرفاً أن يأكل كل ما اشتهاه ) وأتى سلمان الفارسي أبا بكر الصديق - رضى الله تعالى عنهما - في مرضه الذي مات فيه فقال : أوصيني يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو يكر : ( إن الله فاتح عليكم الدنيا فلا يأخذن منها أحد إلا بلاغاً ) وكتب سعد بن أبى وقاص إلى عمر بن الخطاب - رضى الله عنهما - وهو على الكوفة يستأذنه في بناء بيت يسكنه فوقع في كتابه :( ابن ما يسترك من الشمس ويكنك من الغيث ، فإن الدنيا دار بلغة ) وحكى ميمون أن رجلاً من بنى عبد الله بن عمر - رضى الله تعالى عنهما - استكساه إزاراً قائلاً : قد تخرق إزاري ، فقال له عبد الله :( اقطع إزارك ثم اكتسه ) فكره الفتى ذلك فقال له :0 ويحك اتق الله ولا تكونن من القوم الذين يجعلون ما رزقهم الله تعالى في بطونهم وعلى ظهورهم ) ...... إلى غير ذلك من الأخبار المودعة في بطون الكتب المنثورة هنا وهناك . وأن المسلم العامل حين يقف على هذه الأخبار يتحرك من داخله فيتولد عنه حب السير على نفس المنهج فتراه يطرح الترف و السرف ويعيش على الخشونة و التقشف ليكون ناجياً مع الناجين . 5- الانقطاع عن صحبة المسرفين ، مع الارتماء في أحضان ذوى الهمم العالية و النفوس الكبيرة ، الذين طرحوا الدنيا وراء ظهورهم ، وكرسوا كل حياتهم من أجل اسئناف حياة إسلامية كريمة ، تصان فيها الدماء والأموال والأعراض ، ويقام فيها حكم الله عز وجل في الأرض ، غير مبالين بما أصابهم ويصيبهم في ذات الله ، فإن ذلك من شأنه أن يقضى على كل مظاهر السرف والدعة و الراحة ، بل ويجنبنا الوقوع فيها مرة أخرى ، لنكون ضمن قافلة المجاهدين وفي موكب السائرين . 6- الاهتمام ببناء شخصية الزوجة و الولد فإن ذلك من شأنه أن يقضى على كل مظاهر الترف ، وأن يحول دون التورط فيها مرة أخرى ، بل ويعين على سلوك طريق الجادة حين تنقضي هذه الحياة بأشواكها وآلامها ونرد إلى ربنا فنلقى حظنا هناك من الراحة و النعيم المقيم .
7- دوام التفكر في الواقع الذي تحياه البشرية عموماً و المسلمون على وجه الخصوص ، فإن ذلك يساعد على التخلص من كل مظاهر الإسراف بل ويحول دون التلذذ أو التنعم بشيء من هذه الحياة ، حتى يمكن لمنهج الله وترفع الراية الإسلامية من جديد .
8- دوام التفكر في الموت ، وما بعده من شدائد وأهوال ، فإن ذلك أيضاً يعين على نبذ كل مظاهر الإسراف و الترف ، ويحول دون الوقوع فيها مرة أخرى استعداداً لساعة الرحيل ويوم اللقاء .
9- تذكر طبيعة الطريق ، وما فيها من متاعب وآلام ، وأن زادها ما يكون بالإسراف والاسترخاء و الترف بل بالخشونة و الحزم و التقشف ، فإن ذلك له دور كبير في علاج الإسراف ومجاهدة النفس و القدرة على اجتياز وتخطى المعوقات و العقبات .

إسمهان الجادوي 04-17-2015 10:30 PM

رد: آفات على الطريق
 
http://store2.up-00.com/2014-10/1413534192713.gif

أم يعقوب 04-18-2015 06:31 PM

رد: آفات على الطريق
 
جزاك الله خيرا
ونفع بك

ام بشري 04-19-2015 12:39 AM

رد: آفات على الطريق
 
جزاك الله خيرا على روعة الطرح

ام عبدالله وامنه 04-20-2015 11:40 AM

رد: آفات على الطريق
 
http://www6.0zz0.com/2015/04/20/10/316856332.jpg


الساعة الآن 05:12 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)