منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع القران الكريم وعلومه (https://hwazen.com/vb/f28.html)
-   -   تفسير سورة مريم الدرس الثالث (https://hwazen.com/vb/t8593.html)

دلال إبراهيم 05-14-2015 01:54 AM

تفسير سورة مريم الدرس الثالث
 
http://img.qwled.com/i/8e1a157509a97...07ab612765.gif
نواصل بإذن الله تفسير الدرس الثالث لسورة مريم


فحملته فانتبذت بِهِ مكانا قَصِيًّا"

حملته أي حملت بعيسى عليه السلام بعد أن نفخ جبريل في جيب درعها فاستمر بها حملها وقيل في مدة حملها حملته ساعة واحدة حكاه الثعلبي وقيل ثلاث ساعات حملته في ساعة وصور في ساعة ووضعته في ساعة قاله مقاتل بن سليمان وقيل تسع ساعات ووضعت من يومها قاله الحسن وقيل ستة اشهر حكاه الماوردي وقيل ثمانية أشهر فعاش ولم يعش مولود قط لثمانية أشهر فكان في هذا آية حكاه الزجاج وقيل تسعة أشهر قاله سعيد بن جير وابن السائب ولكن الأرجح والله تعالى أعلى وأعلم أنها حملته تسعة أشهر كاملة كما تحمل النساء بأولادهن. ولهذا لما ظهرت مخايل الحمل عليها، وكان معها في المسجد رجل صالح من قراباتها يخدم معها البيت المقدس يقال له يوسف النجار، فلما رأى ثقل بطنها وكبره، أنكر ذلك من أمرها، ثم صرفه ما يعلم من براءتها ونزاهتها ودينها وعبادتها، ثم تأمل ما هي فيه، فجعل أمرها يجوس في فكره لا يستطيع صرفه عن نفسه، فحمل نفسه على أن عرض لها في القول فقال: يا مريم إني سائلك عن أمر، فلا تعجلي علي، قالت: وما هو؟ قال: هل يكون قط شجر من غير حب، وهل يكون زرع من غير بذر، وهل يكون ولد من غير أب؟ فقالت: نعم، وفهمت ما أشار إليه.أما قولك: هل يكون شجر من غير حب، وزرع من غير بذر، فإن الله قد خلق الشجر والزرع أول ما خلقهما من غير حب ولا بذر، وهل يكون ولد من غير أب؟ فإن الله تعالى قد خلق آدم من غير أب ولا أم، فصدقها، وسلم لها حالها، ولما استشعرت مريم من قومها اتهامها بالريبة، انتبذت منهم مكاناً قصياً،

http://mamietitine.unblog.fr/files/2008/11/0ck44a.gif

فانتبذت بِهِ مكانا قَصِيًّا فابتعدت عن قومها مكانا نائيا بعيدا عن الناس قَصِيًّا أي: قاصياً منهم بعيداً عنهم؛ لئلا تراهم ولايروها.بعدت فرارا من قومها واتخذت من دونهم حجاباً، فلا يراها أحد ولا تراه.حتى لا يعيروها بولادتها من غير زوج وشاع الحديث في بني إسرائيل، فقالوا: إنما صاحبها يوسف، ولم يكن معها في الكنيسة غيره.
" فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا منسيا "
أي: فاضطرها وألجأها إلى جذع نخله , المخاض هو الألم الذي ينتاب المرأة قبل الولادة، وسمي بالمخاض لحدوث الخض وشدة التحريك فألجأها إلى جذع النخلة وهو ساق النخلة وكانت نخلة يابسة في الصحراء ليس لها رأس ولا سعف كان ذلك على ثمانية أميال من بيت المقدس في قرية هناك يقال لها: بيت لحم، هنا وفي لحظة الألم والولادة آلمها وجع الولادة، ووجع الانفراد ، ووجع قلبها من مقالة الناس، وخافت عدم صبرها تذكرت قومها وأنهم لن يصدقوها تمنت أنها ماتت قبل هذا قالت يا ليتني متُّ قبل هذا اليوم, وكنت نسيا منسيا أي لم أخلق ولم أك شيئا وكنت شيئًا لا يُعْرَف, ولا يُذْكَر, ولا يُدْرَى مَن أنا ؟ أوكانت شيء منسي ومهمل أوكالشيء الذي ترك .

http://mamietitine.unblog.fr/files/2008/11/0ck44a.gif

*واستدل بعض العلماء بهذه الآية على جواز تمني الموت عند الفتنة فإنها عرفت أنها ستبتلى وتمتحن بهذا المولود وأن الناس لا يصدقونها في خبرها بعد أن كانت عندهم عابدة ناسكة تصبح فيما يظنون عاهرة زانية .



ما الفرق بين (مِتم) بكسر الميم و(مُتم) بضم الميم؟(د.حسام النعيمى)
قال تعالى في سورة مريم (قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وكنت نسياً منسياً (23). لما يقول (مِتُّ) أصلها (أُمِتُّ) والتاء نائب فاعل أي أماته الله ثم بناه لصيغة المفعول. ولما يقول (مُتُّ) ينسب الموت لنفسه فتُعرب التاء في مُتُّ ضمير مبني في محل رفع فاعل، وفي (مِتُّ) التاء ضمير مبني في محل رفع نائب فاعل مثل أكرمت وأُكرمت. وفي الحالين الأمر مردّه إلى الله سبحانه وتعالى. وفي الحالين الفاعل الحقيقي هو الله سبحانه وتعالى.
فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا "
قال تعالى (فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) هناك قراءة (مِن تحتها) وقراءة (مَن تحتها) فهل يختلف المعنى؟(د.حسام النعيمى)
هاتان قراءتان معتبرتان فإذا كانت (مِن تحتها) يكون لذكر المكان و(مَن تحتها) أي ناداها عيسى الذي تحتها. وفي الحالتين القراءات لا تغيّر المعنى فهو باق هو هو لكن كل قبيلة قرأت بقراءة فرُخّص لها بأمر الله تعالى وهذه قراءة عثمان أراد أن يجمع الناس على لفظ واحد لكن لأن المصحف لم يكن منقوطاً ولا مشكولاً تمسك كل بما سمع من الصحابي ما دام موافقاً للرسم الموجود من غير نقط ولا شكل ولذلك كل بقي على هذا اللفظ وما أراده عثمان يمكن أن يتحقق الآن لو وُجِد من يفرض على الناس حرفاً واحداً. يندر أن تغير القراءات المعنى وإن تغيّر فهو يدور في نفس الفلك الدلالي.

http://mamietitine.unblog.fr/files/2008/11/0ck44a.gif


اختلف المفسرون في المنادى منهم من قال أنه جبريل عليه السلام , قالوا كان جبريل عليه السلام في بقعة من الأرض أخفض من البقعة التي كانت عليها وقال ابن عباس ( ناداها ملك من تحتها) والراجح أن الذي ناداها هو عيسى عليه السلام لأن جبريل لم يرد له ذكر في هذه الآيات والضمائر كلها في هذا السياق تعود لعيسى عليه السلام ، فناداها ساعة ولادته ليطمئنها فكانت الحكمة تقتضي أن تسمع كلام المولود أولا حتى تكون على يقين تام أنها إذا أشارت إليه ليكلمهم أنه قادر على كلامهم وقيل لما قال عيسى لمريم "لا تحزني" قالت وكيف لا أحزن وأنت معي لا ذات زوج ولا مملوكة أي شيء عذري عند الناس؟ يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا قال لها عيسى أنا أكفيك الكلام "فإما ترين من البشر أحدا فقولي إنى نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا" هذا من كلام عيسى لأمه.

http://mamietitine.unblog.fr/files/2008/11/0ck44a.gif


" قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا "والسريّ: هو النهر الصغير بالسريانية الذي يجري بالماء العَذْب الزُّلال، لم يكن عندها ماء فأنبع الله تبارك وتعالى لها عين ماء نهرا جاريا أجراه من حينه حتى تشرب منه فجاءها من الاردن . وثم يعطيها الطعام المناسب لحالتها، فيقول تعالى: :" وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا " وهزي " أمرها بهز الجذع اليابس لترى آية أخرى في إحياء موات الجذع واخرج لها الرطب من الشجرة اليابسة فكان ذلك آية تدل على قدرة الله تعالى في إيجاد عيسى, قيل أن جذع النخلة كان ميتا وقيل أنه حيا لكن ليس فيه رطب فعندما أخذت مريم بالأسباب وهزت الجذع وهي نفساء ضعيفة ، كان سقوط الرطب من الجذع كرامة لها وأمرا خارقا للعادة ،قالوا : التمر للنفساء عادة من ذلك الوقت وقيل : ما للنفساء خير من الرطب . وقيل : إذا عسر ولادها لم يكن لها خير من الرطب وكذلك التحنيك ، وقالوا : كان من العجوة قاله محمد بن كعب . وكأن الحق تبارك وتعالى يريد أنْ يُظهِر لمريم آية أخرى من آياته، فأمرها أنْ تهزَّ جذع النخلة اليابس الذي لا يستطيع هَزَّه الرجل القويّ، فما بالها وهي الضعيفة التي تعاني ألم الولادة ومشاقها والله سبحانه قادر على أنْ يُنزِل لها طعامها دون جَهْد منها ودون هَزِّها، إنما أراد سبحانه أن يجمع لها بين شيئين: الأخذ بالأسباب في هَزِّ النخلة والاعتماد على المسبب، ، رغم أنها متعبة قد أرهقها الحمل والولادة، وجاء بها إلى النخلة لتستند إليها وتتشبث بها في وحدتها، لنعلم أن الإنسان في سعيه مُطَالب بالأخذ بالأسباب مهما كان ضعيفاً. لذلك أبقى لمريم اتخاذ الأسباب مع ضَعْفها وعدم قدرتها، ثم تعتمد على المسبِّب سبحانه الذي أنزل لها الرُّطَب مُسْتوياً ناضجاً، وهل استطاعت مريم أنْ تهزَّ الجذع الكبير اليابس؟ إنها مجرد إشارة إليه تدلُّ على امتثال الأمر، والله تعالى يتولى إنزال الطعام لها، وقد صَوَّر الشاعر هذا الموقف بقوله:
أَلَمْ تَرَ أنَّ الله قَالَ لمرْيَم ...وَهُزِّي إليك الجذْعَ يَسَّاقَط الرُّطبْ
وَإنْ شَاءَ أعطَاهَا ومِنْ غير هَزَّة ... ولكن كُلّ شَيءٍ لَهُ سَبَبْ.
(تساقط) أصله بتاءين قلبت الثانية سينا وادغمت في السين.
(رُطَباً جَنِيّاً) [مريم: 25] أي: استوى واستحق أن يُجنى، وليس مُبْتسراً قبل موعده، ومن الرُّطَب ما يتساقط قبل نُضْجه فلا يكون صالحاً للأكل. وقوله: {تُسَاقِطْ عَلَيْكِ} [مريم: 25] فيه دليل على استجابة الجماد وانفعاله.

http://mamietitine.unblog.fr/files/2008/11/0ck44a.gif


ما دلالة كلمة تساقط في الآية (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) مريم)؟ (د.فاضل السامرائى)
تُساقط في اللغة تفيد تتابع السقوط. تسقط ليس بالضرورة فيها تتابع يستمر، ساقطه الفعل الماضي أي تابع إسقاطه على وزن فاعَلَه فيها تتابع واستمرار حتى في الماضي ساقط غير سقط، ساقط يعني تتابع السقوط في الماضي وسقط مرة واحدة، تساقط بالمضارع يعني تتابع السقوط.
*كيف يظهر معنى التوكل فى الآية الكريمة؟(د.حسام النعيمى)
قال تعالى لمريم عليها السلام (وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنيا) فيما يتعلق بمعنى التوكل هناك أصل من أصول العقيدة الإسلامية أنه لا يتم أمر إلا برضى الله عز وجل، إلا بما يريد (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ). هناك أصل آخر أيضاً أن الإنسان ينبغي أن يسعى لأن معنى التوكل أن تخرج من طاقة نفسك وجُهدها وحولها إلى حول الله سبحانه وتعالى. أن تقول يا رب ليس لي حول، تُلقي بأمرك على غيرك هذا معنى التوكل. لكن فيه لمسة وهي أن المتوكل في المفهوم الإسلامي ينبغي أن يقدّم جميع الأسباب ثم يتوكل: (إعقلها وتوكل): معناه إتخذ الأسباب وتوكل. لذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما وجد أُناساً في المسجد في غير وقت الصلاة سألهم: ما تصنعون؟ قالوا: نحن المتوكلون على الله ويأتينا رزقنا، قال: بل أنتم المتواكلون إن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة. وأمرهم بالسعي والعمل. وفى سورة مريم هي ولدت حديثاً تحتاج إلى الرطب الحلو وهي لا تستطيع أن تعمل ، كان الله عزوجل قادر على أن ينزل عليها الرطب كرماً لها وقد جاءها بالغذاء لما كان يسألها زكريا (أنّى لك هذا قالت هو من عند الله) الله تعالى كان يرزقها من غير سعي وهى قوية لكن (وهزي إليك بجذع النخلة ) ينبغي أن تعملي وإن كان عملك في الحقيقة لا يؤدي إلى هز جذع نخلة ورجل بكامل قوته لا يستطيع أن يهزجذع نخلة فما بالك بإمرأة ضعيفة؟وولدت حديثاً؟ لكن القرآن الكريم يريد أن يعلمنا أنه ينبغي أن نقدم الأسباب، لا بد من سبب وإن كان ضعيفاً لكن حتى لا نتعبّد بالأسباب وننظر إلى أن السبب هو الفاعل أعطانا مثالاً لمريم كأن يأتيها الرزق وهي في مكانها من غير أن تقدم سبباً يأتي حتى لا نتعبد بالأسباب. فلا نقول السبب هو الفاعل وإنما الفاعل هو الله سبحانه وتعالى. فإذن التوكل غير التواكل: التوكل أنك تحسب الأمور حساباً دنيوياً هذا يكون كذا وأفعل كذا نقدم كل الأسباب المؤدية إلى النُجاح ثم تعتقد يقيناً أنه لن يكون هناك نتيجة إلا بتوكلك على الله تعالى وإلقاء الأمر إليه جلّت قدرته أنه يارب هذا كل ما أستطيعه والأمر إليك من قبل ومن بعد حتى يبقى المسلم وثيق الصلة بقدر الله سبحانه وتعالى لا ينفك عنه دائماً.

دلال إبراهيم 05-14-2015 02:30 AM

رد: تفسير سورة مريم الدرس الثالث
 
فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إني نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إنسِيًّا" فكلي أي من الرطب واشربي من النهر فبدأ بالطعام قبل الشراب، لماذا ؟ نلاحظ أنه في القرآن كله حيثما اجتمع الأكل والشرب قدّم تعالى الأكل على الشرب حتى في الجنّة (كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية) و(كلوا واشربوا من رزق الله) والسبب أن الحصول على الأكل أصعب من الحصول على الشرب.ولأن الإنسان عادةً يأكل أولاً، ثم يشرب، وقري عينا : وقري عينا بولادة عيسى عليه السلام أي طيبي نفسا وسترين ما يسرك .فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا أي: مهما رأيت من أحد فإذا رأيت من الناس أحدًا فسألك عن أمرك فقولي : " إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا" المراد بهذا القول الإشارة إليه بذلك لا أن المراد به القول اللفظي لئلا ينافي "فلن أكلم اليوم إنسيا" كما أشار سيدنا زكريا لقومه بالصوم عندما نذر الصوم عن الكلام,قال أنس بن مالك في قوله "إني نذرت للرحمن صوما" قال صمتا ، أي إمساكا عن الكلام إني أَوْجَبْتُ على نفسي لله سكوتًا, فلن أكلم اليوم أحدًا من الناس. وكان معروفا عندهم أن السكوت من العبادات المشروعة، وإنما لم تؤمر بخطابهم في نفي ذلك عن نفسها لأن الناس لا يصدقونها، ولا فيه فائدة، وليكون تبرئتها بكلام عيسى في المهد، أعظم شاهد على براءتها، .فإن إتيان المرأة بولد من دون زوج، ودعواها أنه من غير أحد، من أكبر الدعاوى، التي لو أقيم عدة من الشهود، لم تصدق بذلك، فجعلت بينة هذا الخارق للعادة، أمرا من جنسه، وهو كلام عيسى في حال صغره .

http://mamietitine.unblog.fr/files/2008/11/0ck44a.gif

فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فريا"حينما أمرت أن تصوم يومها ذلك وأن لا تكلم أحدا من البشر سلمت لأمر الله عز وجل واستسلمت لقضائه فأخذت ولدها فأتت به قومها تحمله أتتهم به بعد أربعين يوما حين طهرت من نفاسها وما كانت لتفعل ذلك وتتجرأ عليه إلا لثقتها في الحجة التي معها، والتي ستوافيها على يد وليدها.لذلك لما سأل بعض المستشرقين الإمام محمد عبده رَحِمَهُ اللَّهُ في باريس: بأيِّ وجه قابلتْ عائشة قومها بعد حديث الإفْكِ ؟ سبحان الله إنهم يعلمون أنه إفْكٌ وباطل، لكنهم يرددونه كأنهم لا يفهمون. فأجاب الشيخ رَحِمَهُ اللَّهُ ببساطة: بالوجه الذي قابلتْ به مريم قومها وهي تحمل وليدها. أي: بوجه الواثق من البراءة، المطمئن إلى تأييد الله، وأنه سبحانه لن يُسْلِمها أبداً؛ لذلك لما نزلتْ براءة عائشة في كتاب الله قالوا لها: اشكري النبي، فقالت: بل أشكر الله الذي برأني من فوق سبع سموات. فلما رآها القوم على هذه الحال قالوا فيها قولاً غليظاً: {يامريم لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً} [مريم: 27] فرياً: الفَرْيُ للجلد: تقطيعه، والأمر الفري: الذي يقطع معتاداً عند الناس فليس له مثيل، أو من الفِرْية وهو تعمد الكذب لقد جئت شيئا عظيما وعجبا .هنا استعظم قومها هذا الفعل واستنكروه من السيدة مريم الطاهرة ،والافتراء هو الكذب والاختلاق , وهذا كناية عن الزنا .
ماذا تفيد الفاء في آية سورة مريم من الناحية البيانية؟ (د.فاضل السامرائى)
قال تعالى: (فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً {22} فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً {23} فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً {24} وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً {25}‏ فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً {26} فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً {27} يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً {28} فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً {29}) تكرر استخدام حرف الفاء وهي تفيد تعقيب كل شيء بحسبه أي تفيد تعقيب الأحداث التي وردت في السورة. إذا كان الحمل في موعده تستخدم الفاء وإذا تأخر الحمل نستخدم (ثمّ) للترتيب والتراخي في الزمن. فمريم عليها السلام حملت عندما نفخ فيها ثم لم يكن هناك أي معوقات بعدها فانتبذت مكاناً قصياً وجاء الحمل بالمدة المقررة عُرفاً. كقوله تعالى (ثم أماته فأقبره) القبر يأتي عقب الموت مباشرة فاستخدم الفاء أما قوله تعالى (ثم إذا شاء أنشره) فالنشور والقيامة يأتي بعد القبر بمد طويلة لذا استخدم ثمّ التي تفيد الترتيب والتراخي.
ونأخذ مثال: إذا قلنا تزوج فلان فولد له بمعنى أنه وُلد له بعد فترة الحمل الطبيعية تزوج فحملت فولدت ولوتأخر الحمل يقال ثم وُلد له.
أما استخدام الواو كما في قولنا جاء محمد وخالد لا تفيد الترتيب إنما تفيد مطلق الجمع فقد يكون محمد هو الذي أتى أولاً وقد يكون خالد هو الذي أتى أولاً. أما الفاء وثمّ فتفيدان الترتيب والتعقيب أوالترتيب والتراخي.

http://mamietitine.unblog.fr/files/2008/11/0ck44a.gif



(فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئاً فريا)أتت به من بعيد لأنها كانت في مكان قصيّ فلمّا وصلت ورأوا الصبي قالوا لقد جئت شيئاً فريا تعني لما وصلت إليهم ورأوه.
" يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا "
هنا يناديها قومها بأخت هارون ،
أي: يا شبيهة هارون في العبادة وهارون هنا ليس أخ سيدنا موسي بل هو رجل صالح من بني إسرائيل . وكانوا يطلقون كلمة أخ أو أخت على التشابه في الحال أو الصلاح إلى هذا الرجل الصالح ، كما في قوله تعالي " وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون" أ ختها هنا أي مشابهه لها وقيل أنه أخ لها من أمها والله تعالى أعلى وأعلم.
http://mamietitine.unblog.fr/files/2008/11/0ck44a.gif

يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا " وهنا يبن قومها سبب استغرابهم لهذا الأمر. أي: أنت من بيت طيب طاهر معروف بالصلاح والعبادة والزهادة، فأمك طاهرة نقيه وكذلك أبوك رجل صالح فكيف صدر هذا منك؟ ما الذي جعلك تسلكين هذا السلوك المشين وتأتين بهذا البهتان العظيم أي الزنا ؟

فماذا كان جواب السيدة مريم ؟ " فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَان فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا" فعندما استنكر القوم وهاجموا السيدة مريم أومأت إلى عيسى عليه السلام وهو في المهد رضيع أشارتْ إلى الوليد وهي واثقة أنه سيتكلم، مطمئنة إلى أنها لا تحمل دليل الجريمة، بل دليل البراءة وقيل المعنى أشارت إليه أن كلموه وكان عيسى قد كلمها حين أتت قومها وقال يا أماه أبشري فاني عبد الله ومسيحه فلما أشارت أن كلموه تعجبوا من ذلك ، و غضبوا وظنوا أنها تستهزيء بهم وقالوا: لسخريتها بنا حتى تأمرنا أن نكلم هذا الصبي أشد علينا من زناها { قَالُواْ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي ٱلْمَهْدِ صَبِيّاً } كيف نكلم رضيعا ؟ من هو موجود في مهده في حال صباه وصغره، كيف يتكلم؟ ولم تجر العادة من قبل بأن يتكلم المولود في المهد !!! فلما سمع عيسى كلامهم كان يرتضع فنزع الثدي من فمه، واتكأ على جنبه الأيسر، ورفع أصبعه السبابة فوق منكبه، وأقبل عليهم بوجهه فتكلم وقال: { إِنِّىعَبْدُ اللَّهِ } ، أول شيء تكلم به أن نزه جناب ربه تعالى، وبرأه عن الولد، وأثبت لنفسه العبودية لربه. "قَالَ إِنِّى عَبْدُ اللَّهِ آتاني الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا" أنطق الله سيدنا عيسى ليرد على قومه وكان أول ما نطق به الاعتراف بعبوديته لله تعالى وربوبيته ردا على من غلا من بعده في شأنه وليبطل قول من ادعى فيه الربوبية، فقال إني عبد الله ولست إلاها ولا ابنا لله ، ثم قال : " آتاني الكتاب" : أي الإنجيل وهو في بطن أمه قاله أبو صالح عن ابن عباس وقيل علم التوراة والإنجيل وهو في بطن امه وجعلني نبيا ".
نلاحظ هنا أن الكلام بصيغة الماضي آتاني الكتاب وهو لم يؤت بعد , وجعلني نبيا وهو لم ينبأ بعد , وكأنه قد حصل لماذا ؟ أفاد الكلام تحقيق خبر الله فلما كان تنزيل الكتاب عليه أمرا محققا وجعله نبيا فلا بد أن يكون كما أخبر الله كقوله سبحانه (
اقتربت الساعة).


http://mamietitine.unblog.fr/files/2008/11/0ck44a.gif


وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَ أَوْصَاني بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا "
وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في هذه الآية قال نفاعا حيثما توجهت وقال مجاهد معلما للخير ، أين ما كنت وأينما حللت وأين ما نزلت , فالبركة جعلها الله فيَّ من تعليم الخير والدعوة إليه، والنهي عن الشر، والدعوة إلى الله في أقواله وأفعاله، فكل من جالسه، أو اجتمع به، نالته بركته، وسعد به مصاحبه وقال جمهور المفسرين من بركته عليه السلام كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر في كل مكان ومن بركته عليه السلام كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله ومن بركته عليه الصلاة والسلام أنه أحل لبني إسرائيل بعض ما كان محرما عليهم " وَ أَوْصَاني بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا "أوصاني بالقيام بحقوقه، التي من أعظمها الصلاة، وأجل وأعظم قربة وطاعة لله عز وجل وحقوق عباده، التي أجلها الزكاة، وهي حق الفقراء والمساكين على الأغنياء . وكثيرا ما يقرن الله سبحانه وتعالي الصلاة والزكاة في القرآن لأهميتهما وترابطهما وهما فرض على كل مسلم بالغ عاقل مَا دُمْتُ حَيًّا مدة حياتي، أي: انا ممتثل لوصية ربي، عامل عليها، منفذ لها . كقوله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين".

http://mamietitine.unblog.fr/files/2008/11/0ck44a.gif


لماذا يأتي الخطاب في الحديث عن الصلاة والزكاة في القرآن للمؤمنين أما في الحج فيكون الخطاب للناس؟ (د.فاضل السامرائى)
الصلاة والزكاة كان مأمور بهما من تقدّم من أهل الديانات كما جاء في قوله تعالى عناسماعيل (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55) مريم)وفي قوله تعالى عن عيسى (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) مريم) وفي الحديث عن بني إسرائيل (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) البقرة). أما الحج فهو عبادة خاصة للمسلمين وعندما يكون الخطاب دعوة للناس إلى الحج فكأنها هي دعوة لدخول الناس في الإسلام. أما إذا كانت دعوة الناس للصلاة والزكاة فهم أصلاً يفعلونها في عباداتهم.

أم يعقوب 05-14-2015 03:14 AM

رد: تفسير سورة مريم الدرس الثالث
 
http://store2.up-00.com/2015-03/1427657521861.gif

إسمهان الجادوي 05-14-2015 01:03 PM

رد: تفسير سورة مريم الدرس الثالث
 
http://store2.up-00.com/2014-10/1413534192713.gif


الساعة الآن 12:14 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)