منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع العلوم الشرعية (https://hwazen.com/vb/f38.html)
-   -   كوني داعية (https://hwazen.com/vb/t9248.html)

دكتورة سعاد 08-13-2015 01:34 AM

كوني داعية
 




كوني داعيـة



الحمد لله الذي فضل هذه الأمة على غيرها حيث قال: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}[آل عمران/110]، وميّز حال أفراد هذه الأمة عن غيرهم {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة/171].

والصلاة والسلام على من بعثه الله { َدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا}[الأحزاب/46].

أما بعد:

فإن موضوع الدعوة إلى الله من أجلُّ القربات, وأوجب الواجبات, بها بُعث الأنبياء, وبها قام المجددون وبها صلُح أمر الدنيا والدين, وهذا الموضوع قد تكرر طرحه ونقاشه, ولا أدّعي أني سآتي بجديد ولكن سنبذل الجهد في نظم منثور الكلام, وجمع ما يحتاجه المقام في عبارات مختصرة, وإشارات معبرة, راجين أن يثير ما نقوله في هذه المحاضرة الحماس في القلوب للدعوة, وأن ينظم فكر الممارسات للدعوة, وأن ندفع أخطاءً وقعت, أو نخشى أن تقع في شأن الدعوة.

من المخاطب بهذه الدعوة ؟

المخاطب تلك المرأة في بيتها, في مدرستها, في عملها وفي مجتمعها.

فإن الناظر لتاريخ الدعوة يرى عمق نجاح الدعوات الفردية, فما الأنبياء والعلماء والمجددون إلا أفرادٌ نجحت بهم الدعوة ونُشر بهم الخير.

يقول الشيخ السعدي –رحمه الله-: "وإذا كانت الدعوة إلى الله, وإلى شهادة أن لا إله إلا الله فرضاً على كل أحد, كان الواجب على كل أحد بحسب مقدوره, فعلى العالم من بيان ذلك والدعوة والإرشاد والهداية أعظم مما على غيره ممن ليس بعالم.

وعلى القادر ببدنه ويده أو ماله أو جاهه وقوله أعظم مما على من ليست له تلك القدرة, قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن/16].

ورحم الله من أعان على الدين ولو بشطر كلمة, وإنما الهلاك في ترك ما يقدر عليه العبد من الدعوة إلى هذا الدين."

وبهذا الكلام ندفع وهماً قد يقع في الأذهان, وهو أن العمل الفردي في الدعوة لا يمكن أن يؤتي ثماره كالعمل الجماعي الذي تتجمع فيه الطاقات.

بل من الممكن أن تكوني داعية أنت وحدك، ومن بيتك.

يقول الله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ}[يونس/25].

قال صاحب اللسان: "ودعاء الله خلقه إليها كما يدعو الرجل الناس إلى مدعاة, أي: إلى مأدبة يتخذها وطعام يدعو الناس إليه"

ودار السلام هي الجنة، يقول الشيخ السعدي –رحمه الله-: "عمَّ تعالى عباده بالدعوة إلى دار السلام و الحث على ذلك والترغيب".

mmmm:

من هو الداعي ؟

قال صاحب اللسان: "والدعاة قومٌ يدعون الناس إلى بيعة هدى أو ضلالة, واحدهم داعٍ, ورجل داعية: إذا كان يدعو الناس إلى بدعة أو دين".

إذن قد ندعو ونُسمى دعاة, ولكن

لماذا ندعو؟

وإلى ماذا؟

ومتى؟

وكيف؟


وأين؟

ومن ندعو؟


إجابات هذه الأسئلة ستحدد هل نحن دعاة للناس إلى بيعة هدى أو ضلالة؟ هل نحن دعاة إلى بدعة أو دين؟

يقول ابن القيم –رحمه الله-: "الدعاة جمع داعٍ, كقاض ٍوقضاة, ورامٍ ورماة, وإضافتهم إلى الله للاختصاص, أي: الدعاة المخصوصون به، الذين يدعون إلى دينه وعبادته ومعرفته ومحبته, وهــؤلاء هم خواص خلق الله وأفضلهم عند الله منـزلة وأعلاهم قدراًَ.

وسنحاول الإجابة على هذه الأسئلة سريعاً علَّ الأمر يتضح.

mmmm:

أولاً: لماذا ندعو؟

1. لعظم أجر الداعي إلى الله, وهذا الأجر

المترتب مذكور بنصوص كثيرة, منها:

ـ أن الداعية من أحسن الناس قولاً, قال تعالى: {وَمَنْ

أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت/33].

ـ للداعي مثل أجور من تبعه, عن أبي مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ((من دل على خير فله مثل أجر فاعله) [أخرجه مسلم].

ـ لاستمرار ثواب الداعي بعد موته.عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ((إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة, إلا من صدقةٍ جارية أو علمٍ ينتفع به أو ولدٍ صالح يدعو له ) [أخرجه مسلم]



انظري وقارنـي !!

نترحم على الأموات من علمائنا ودعاتنا كلما ذكرنا أسماءهم أو قرأنا كتبهم ونهلنا من علمهم، في مقابل أننا في أيام كثيرة ننسى خواص أقربائنا من الأموات.

وعُدِّي كم من طلبة علم يقولون: ابن تيمية رحمه الله, وابن القيم غفر الله له, وخواص أمواتنا لا يترحم عليهم غيرنا.

2. استجابة لأمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ((بلغوا عني و لو آية)).

فالدعوة سبيل اتباع الأنبياء -صلى الله عليهم وسلم-, قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } [يوسف/108].

يقول الشيخ السعدي –رحمه الله-: "يقول الله تعالى لنبيه محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ قل للناس{هذه سبيلي}أي: طريقي التي أدعو إليها، وهي السبيل الموصلة إلى الله وإلى دار كرامته, المتضمنة للعلم بالحق والعمل به وإيثاره, وإخلاص الدين لله وحده لا شريك له".

3. لكي تُعذري أمام الله يوم القيامة.

قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُون}[ الأعراف:164.].

يقول الشيخ السعدي –رحمه الله-: "فقال الواعظون: نعظهم وننهاهم {مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ} أي: لنُعذر فيهم {وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} أي: يتركون ما هم فيه من المعصية فلا نيأس من هدايتهم، فربما نجع فيهم الوعظ وأثًّر فيهم اللوم.

وهذا هو المقصود الأعظم من إنكار المنكر؛ ليكون معذرة, وإقامة حجة على المأمور والمنهي, ولعلًّ الله أن يهديه فيعمل بمقتضى ذلك الأمر والنهي"

ويقول ابن كثير –رحمه الله-: "{مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ} أي: فيما أخذ علينا من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، {وَلَعَلَّهُــمْ يَتَّقُون} يقولون ولعلًّ لهذا الإنكار يتقون ما هم فيه ويتركونه و يرجعون إلى الله تائبين".

4. طلباً للنجاة في الدنيا و الآخرة.

قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال:25".].

يقول الشيخ السعدي –رحمه الله-: "{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} بل تصيب فاعل الظلم وغيره, وذلك إذا ظهر الظلم فلم يغير؛ فإن عقوبته تعمَّ الفاعل وغيره. وتقوى هذه الفتنة بالنهي عن المنكر وقمع أهل الشر والفساد, وأن لا يمُكنوا من المعاصي والظلم مهما أمكن"

5. لتصلحي ويصلح بك المجتمع.

تبذل الأم الجهود في البيت لتُصلح نشأة ولدها، فإذا خرج وجد ما يُضاد هذه التربية علماً وعملاً وسلوكاً واعتقاداً.

فلو وقعت الدعوة موقعها وعَلم الناس ما يجهلون، لاجتمعت العقول على مقياس الصواب.

والقلوب إذا لم تجتمع على عقيدة سلفية سليمة كان أصحابها في شقاق لن تجمعهم الأنساب ولا الألقاب, فاجتماع الأبدان لن يكون إلا مؤقتاً إذا كان عِقدُ القلوب مشتتاً.

6. فأهل الباطل يبذلون جهودهم وأهدافهم الدنية, وأهل الحق أولى بالبذل.

والواقع يشهد بذلك، فجهود أهل الكفر لا تتوقف, بل جهود أهل البدعة لا تكلُّ ولا تملُّ، فأين جهود أهل السنة؟!

يقول الله تعالى: {وَلَا تَهِنوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}[ النساء:104], فإذا تساوت الآلام واختلفت الآمال، فمن كان رجاؤه بالله صحّ له الاندفاع والثبات بخلاف غيره .



7. لكي يسمع الناس الحق، فلا ينقلب الحقُّ باطلاً, والباطل حقاً لسكوتنا.

تذكري:عندما يسكت أهل الحق يقبَل الناس الباطل, فسبب انتشار الباطل ترك تعليم الحق وبيانه, ولا يصدك عن ذلك عدم قبول المنتصحين، بل يكفي إسماعهم صوت الحق والنصوص في ذلك كثيرة, يقول الله تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}[ النور:54].

8. لأن الإنسان بطبعه داعٍ لما يؤمن به.

انظري إلى ما يقع في المجالس، فنحن دعاة إما إلى مَلْبسٍ أو مأكل أو مشرب أو تسوق, نُقنِع ونجادل وندافع وكأننا شركاء لأصحاب هذه الأماكن، وانظـري إذا تعلّمت إحدانا طريقة جديدة لطهي الطعام, ثم مهرت فيها, فإنها تتحول إلى داعية لتلك الطريقة, نُعلّم الجاهلين خاصةً من نحب لهم الخير, فالدعوة إذاً دلالة على المحبة, لكن إلى شيء ندعو؟

9. ليحصل الأمن العقلي والحصانة الفكرية.

يقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}[ هود:117], والشرط أن يكونوا مصلحين ولا يكفي أن يكونوا صالحين.

لذلك أهل الدعوة من أهل السنة والجماعة يُقعِّدون القواعد ويدفعون الشبه على طريقة السلف, لا ينتظرون أن تقع المشكلة ثم يكونون أهل ردود أفعال فقط، بل يعلِّمون ويؤسسون أصول هذا الدين, فإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف؛ علموا إلى من يردّوه وتحت أي قانون عام يضعوه.

10-لا تكوني منهزمة نفسياً تخجلين من الدعوة إلى الدين.

أحياناً تدور في الذهن كلمات مخذِّلة: (الحرية الشخصية- ذاتية القرارات..) فننهزم أمامها، في مقابل أنه لا يسمح لأحد في أي بقعة في العالم أن يعبر والإشارة حمراء، و لا يخجل أي أحد أن يلومه أو يوبخه!.

لا تتوقفي لأنك تخجلين, بل الشريعة هي الحضارة وكل ماسواها رجعية و انتكاسة.

عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "لا يمنعن رجلاً منكم مخافة الناس أن يتكلم بالحق إذا رآه و علمه "[أخرجه الإمام أحمد].

mmmm:

ثانيًا : إلى ماذا ندعو ؟

جاء في صحيح البخاري في كتاب التوحيد (باب ما جاء في دعاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمته إلى توحيد الله تبارك و تعالى): عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: لما بعث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ إلى نحو أهل اليمن قال له: ((إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى)) وفي رواية أخرى ((إلى شهادة أن لا إله إلا الله، فإذا عرفوا ذلك, فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات"[أخرجه البخاري]

قال الإمام محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله-: "وفيه البداءة بالأهم فالمهم", ومن هنا يُعلم أهمية ترتيب الأولويات في الدعوة؛ وذلك لأن أعظم ما يكون في البيت أساسه, وفي الشجرة جذورها.

والرسول المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمضى ثلاث عشرة سنة وهو يدعو إلى التوحيد قبل دعوتهم إلى الصلاة والزكاة وبقية الشرائع, وما ذاك إلا لأن التوحيد هو الحصن الحصين والركن الشديد, يثبت العقول وعليه تجتمع القلوب.

فيجب أن يُعلم: أن الصلاة مهمة في الإسلام لكن التوحيد أهم, وأن ترك المعاصي والكبائر مهم، لكن ترك الشرك أهم.

كيف يُعرف الأهم فالمهم؟

رعاية الأهم ومعرفة المهم مصدرها الشرع، وليست العقول والأقيسة, فدعوة الرسل قررت الأهم فالمهم, ونحن أتباعهم.

ودعوتهم تدور حول ثلاثة أمور:

ـ معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته.

ـ معرفة شريعته الموصلة إلى دار كرامته.

ـ معرفة الثواب للطائعين والعقاب للعاصين.


لا تعتقدي أن أحوال الناس وأوضاعهم تغيرت فلم تعد تحتاج لهذا الترتيب, فما أُرشد إليه معاذ ـ رضي الله عنه ـمن المعلم الأول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يبقى هو المنهج لا منهج غيره, وما تكرار الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك إلا لحاجة الناس إليه مؤمنهم وكافرهم, أما الكافر فيخرجه من الكفر إلى الإسلام, وأما المؤمن فيرشده إلى صحة الإيمان ويثبته.
mmmm:

ثالثًا : متى ندعو ؟

يقول الشيخ بن باز -رحمه الله-: "وبذلك يتضح لكل طالب علم أن الدعوة إلى الله من أهم المهمات, وأن الأمة في كل مكان وزمان في أشد الحاجة إليها, بل في أشد الضرورة إلى ذلك".

فالإجابة على هذا السؤال (متى ندعو) تنقسم إلى:

1ـ (الوقت) (متى ندعو؟) 2ـ أهلية الداعي (متى أصلح أن أكون داعية؟)



1. الوقت: (متى ندعو؟)

يقول الشيخ بن باز –رحمه الله-: "في كل مكان و زمان".

ـ علينا أن ندعو إلى الله في كل وقت.

كفعل نوح -عليه السلام-, حيث قال: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا} [نوح:5].

يقول ابن كثير –رحمه الله-: "يخبر تعالى عن عبده ورسوله نوح -عليه السلام- وما بيّن لقومه ووضح لهم ودعاهم إلى الرشد والسبيل الأقوم, فقال: {رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا } أي: لم أترك دعاءهم في ليلٍ ولا نهار؛ امتثالاً لأمرك وابتغاء لطاعتك".

ـ ندعو في أصعب المواقف وأشدها.

كفعل يوسف -عليه السلام- عندما دعا إلى الله وهو في السجن, فقال: {يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ ءَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَءَابَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}[ يوسف: 39 -40].

يقول الشيخ السعدي –رحمه الله-: "فيوسف -عليه السلام- دعا صاحبي السجن لعبادة الله وحده, وإخلاص الدين له".

ـ ندعو حتى في مرض الموت.

كفعل يعقوب -عليه السلام-, قال الله تعالى: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ ءَابَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة :133.], يقول الشيخ السعدي –رحمه الله-: "فقال لبنيه على وجه الاختبار, ولتقر عينه في حياته بامتثالهم ما وصاهم به: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي}".



ـ ندعو عند الغرغرة عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: كانت عامة وصية رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين حضره الموت ((الصلاة وما ملكت أيمانكم)) حتى جعل يغرغرها- أو يغرغر بها- في صدره وما يفيض بها لسانه.[ مسند أبي يعلى]

ـ بل لو استطعنا لدعونا الناس بعد مماتنا.

كما فعل العبد الصالح حيث أخبر الله عنه في قوله: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُون وَمَالِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ءَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ ءَالِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ إِنِّي ءَامَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُون قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَر َلِي رَبِّي وجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ}[ يس :20-27.].

ذكر ابن كثير –رحمه الله- في الآية عن قتادة قال: لا تلقى المؤمن إلاناصحاً لا تلقاه غاشاً, وقال ابن عباس –رضي الله عنهما-: نصح قومه في حياته بقوله: {يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} وبعد مماته بقوله: { يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُون بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} رواه ابن أبي حاتم".



فندعوا في كل وقت وعلى كل حال, وذلك لا يمنع من مراعاة أحوال المخاطبين, فلا نثقل عليهم, بل نبذل جهودنا لكن مع أشخاص مختلفين.

2. أهلية الداعي لئن يكون داعياً. (متى نكون أهلاً للدعوة؟ )

إن بعض النساء في هذا الأمر طرفان, فمنهن من تدعو دون فهم ولا علم, ومنهن من تنتظر إلى أن تصبح عالمة راسخة في العلم حتى تدعو إلى الله, والذي ينبغي وفي ذلك الوسطية, وأن يكون هناك توازن, وحتى يكون التوازن يجب أن يُعلم حال التوازن بين العلم والتبليغ.

التبليغ قسمان: تبليغ نصي ، تبليغ تفهيمي. والقسمان يعتمدان على علم المبلغ.



والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ دعا لمبلغ كلامه إلى غيره، فعن جبير بن مطعم ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ((نضَّر الله امرئ سمع مقالتي فبلغها, فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه))[رواه ابن ماجة].

قال الإمام السيوطي –رحمه الله- في الحديث: "قال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن جابر: أي: ألبسه الله نضرة وحسناً وخلوص لون وزينةً وجمالاً, أو أوصله لنضرة الجنة نعيماً ونضارة, قال تعالى: {وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا} [الإنسان :11].

وقال صاحب تحفة الأحوذي –رحمه الله- تعليقاً على الحديث: "لو لم يكن في طلب الحديث و حفظه و تبليغه فائدة سوى أن يستفيد بركة هذه الدعوة لكفى ذلك فائدة وغُنماً, وجلّ في الدارين حظاً و قسماً".

فهذا سامع للعلم حافظ له بلَّغه، وربما يكون المبلَّغ أفقه منه.

فالتبليغ النصي: نقلٌ لكلام أهل العلم، واليوم ولله الحمد تيسرت طرق النقل، فمن توزيع فتاوى مطبوعة من كلام أهل العلم الراسخين، أو أشرطة الوعظ والإرشاد للثقاة من العلماء وطلبة العلم, إلى أن يكون دور الداعية نقل المحفوظ من كلام الله وكلام رسوله بعد الوعي والحفظ.

والحقيقة أن أكثر ما يعيب الداعية عدم الوعي للمنقول من كلام أهل العلم, فيحصل التشويه والبتر, وهذا أفسد ما يكون للعلم.
أما التبليغ التفهيمي:


فنقصد به فهم مقاصد الشريعة، والقدرة على الاستنباط, والاجتهاد والقياس، والحكم على المسائل النازلة.

وهذا لا يكون إلا من أصحاب القدم الراسخة في العلم.
mmmm:

رابعًا: كيف ندعو؟

الدعوة إلى الله ـ عز وجل ـ الأصل فيها المتابعة, وهذا يتضح من قوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [وسف: 188.].

يقول الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله-:"قوله: {أَدْعُو} حال من الياء في قوله: {سبيلي}, ويحتمل أن يكون استئنافاً لبيان تلك السبيل".

إذن هذه السبيل لها كيفية يجب أن تُعلم, وهي أن يكون الداعي على بصيرة.

يقول الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله-: "ليس المقصود بالعلم في قوله: {عَلَى بَصِيرَةٍ} العلم بالشرع فقط، بل يشمل العلم بالشرع, والعلم بحال المدعو, والعلم بالسبيل الموصل إلى المقصود وهو الحكمة.

فيكون بصيراً بحكم الشرع, وبصيراً بحال المدعو، وبصيراً بالطرق الموصلة لتحقيق الدعوة؛ ولهذا قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لمعاذ ـ رضي الله عنه ـ: ((إنك تأتي قوماً أهل كتاب))[ صحيح البخاري].

ويمكن تمثيل ذلك بهذه الصورة:

فيكون بصيراً بحكم الشرع (علم) + وبصيراً بحال المدعو (فقه الواقع) = بصيراً بالطرق الموصلة لتحقيق الدعوة (الحكمة).

إذا الحكمة وليدة العلم



لكن يبقى هنا أن ننبه أن هذه المعادلة تحتاج إلى موازنة ولهذا نبه ابن القيم –رحمه الله– فقال: "ولا يُمَكَّن المفتي ولا الحاكم من الفتوى إلا بنوعين من الفهم:

أحدهما: فهم الواقع والفقه فيه, واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والأمارات والعلامات حتى يحيط به علماً.

والنوع الثاني: فهم الواجب في الواقع, وهو فهم حكمة الله الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الواقع, ثم يطبق أحدهما على الآخر، فمن بذل جهده واستفرغ وسعه في ذلك لم يُعدم أجرين أو أجراً" .

وبهذا يتضح أنه إذا انفرد العلم عن فهم الواقع، والأشخاص المخاطبين وأحوالهم، والمؤثرات التي تؤثر عليهم، وتحرك كوامنهم؛ لأصبح العلم مفهوماً مجرداً، ومُثلاً عليا لا تصل للواقع ولا تعالج جروحاً.

والأخطر من ذلك أن نفهم الواقع دون علم, وهذا ما نراه اليوم على الساحة من تميع, فمثلا تقوم دعاوى بأننا لا نحتاج اليوم إلى إصلاح العقيدة جهداً، فالناس موحدين والحمد لله، بل نحن نحتاج إلى إصلاح الأخلاق, وجهلوا أو تجاهلوا أموراً, منها:

1. أن التوحيد أمرٌ لا يُكلُّ ولا يُملُّ من تعليمه وتدريسه؛ لأنَّه قاعدة الشريعة وأصل كل أمر، والخطأ فيه كثير، والجهل فيه واسع، والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: "ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى يعبدوا الأوثان"[رواه أبو داود].

2. أن أصل صلاح الأخلاق وتغيرها النافع إنما يكون بصلاح معتقد العبد وتصوراته, فتصرفاتنا فرع من تصوراتنا.

3. أنه لا قيمة للأخلاق إن فسدت العقيدة.

إذن مع وجود العلم وفقه واقع المخاطبين يسهل على الداعية اختيار الطرق والأساليب التي بها تُطرح المفاهيم الصحيحة.

فلا يشترط في الدعوة أن تكون الداعية طلقة فصيحة, فإن كانت كذلك فيها فبها ونعمت، وإلاّ فإن للداعية قلماً يكتب، أو مالاً يُنفق، أو شريطاً يوزع، أو مسابقة تُنظم، ولا يشترط في كل ذلك الخروج من المنزل.
mmmm:

إذن.. أين ندعو؟ ومن ندعو؟

أول مفهوم يحب أن يُغيَّر هو كون الدعوة من المرأة شرطها الخروج، فهذا ليس صحيحاً، خصوصاً مع ما نجده اليوم من أساليب حضارية تساعد على الدعوة كالهاتف والجوال والإنترنت، فهذه كلها وسائل تخدم الدعوة لمن يحسن ذلك.

فنرسل مثلا عن طريق الفاكس أو البريد الإلكتروني جدول إذاعة القرآن، أو نرسل رسالة عن طريق الجوال للتذكير بموعد برنامج نور على الدرب... وهكذا.

و من الأماكن التي يمكن الدعوة فيها:

ـ الدروس العلمية: فإنشاء دروس علمية والانتظام فيها من أهم أساليب نشر الوعي والعلم.

ـ المحاضرات العامة: عادة ما تكون في المناسبات, ولا يشترط فيها الانتظام.

ـ المدارس: النظامية ومدارس تحفيظ القرآن للطالبات والمعلمات .

ـ المستشفيات: للممرضات والمستخدمات غير المسلمات .

ـ الصحف والمجلات: بالكتابة فيها؛ وذلك لأن دعاة الباطل قد تملكوا هذه الأماكن، فإن كتبوا في الصحف، وبثوا باطلهم وجب التصدي لهم.

ـ المناسبات الخاصة: مثل اجتماعات العيد، أو الزيارات العائلية، أو التجمعات الصيفية، واجتماع الجارات مع بعضهن, ويجب ألا تُغفل أماكن العمل للأخوات العاملات.

ولأجل خدمة مثل هذه الأماكن يكون هناك الفكر الاستثماري لكل فرصة، بشرط عدم الوقوع في محاذير تُخالف بها مقاصد الشريعة، فإن الحماس غير المنضبط يهدم أحيانًا أكثر مما يبني, لذلك..

تذكري:

عـلم + فـقه الـواقع = الحـكمة.

يقول الشيخ ابن باز -رحمه الله-:"إلا أن اندفاع الشباب لابد أن تسايره حكمة من الشيوخ ونظرة من تجاربهم وأفكارهم، ولا يستغني أحد الطرفين عن الآخر".

وترتيب المخاطبة في الأولوية في الدعوة تكون:

أولاً: يبدأ الداعي بإصلاح نفسه قبل أي أحد؛ لأن الفعل أكثر أثراً من القول، واسمعي قول شعيب ـ عليه السلام ـ: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ}[ هود :88.].

وقوله تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: 14.].

ثانيًا: إنذار العشيرة القريبة, كما قال الله : ـ عز وجل ـ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214.] فصلاح البيت والأسرة داعم للداعية للاستمرار، ومساعد له على الثبات, فأهل البيت للمرأة هم العشيرة القريبة، فهذا الزوج وأهله، وهؤلاء الأبناء، وهذه الخادمة، وهناك الأم والأب، ولكلٍ منهم طريقة تنفع إن شاء الله وتؤدي الغرض.

وتذكري أن الإمام البخاري والإمام الشافعي والإمام أحمد –رحمهم الله- قد نشأوا أيتامًا، فهذا إمام في الحديث، وهذا فقيه الأمة، وهذا إمام أهل السنة, فكلهم ربتهم نساء!!.

ثالثًا: أنذري المحيطين في المجتمع, يقول الله ـ عز وجل ـ: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [الأنعام:92.]

فننشر دعوة الخير, ونحارب الرذائل, ونشجع الفضائل.

رابعًا: أنذري جميع الأمم, بدعوة غير المسلمين إلى منهج الحق, قال الله ـ عز وجل ـ : {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[ إبراهيم: 1 -2.].
mmmm:

واحذري!!

1. فقدان الإخلاص والتعالم: يقول الشيخ بكر أبو زيد –حفظه الله-: "عتبة الدخول الفاجرة إلى خطة السوء الجائرة: القول على الله بلا علم, فإن القول على الله بلا علم درجة أعلى من الشرك"

يقول الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله-: "كيف تعلم أيها العبد أن الحكم لله ثم تتقدم بين يديه فتقول في دينه وشريعته ما لا تعلم, لقد قرن الله القول عليه بلا علم بالشرك به, فقال سبحانه: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُون} [الأعراف: 33.].

عن مسروق –رحمه الله- قال: دخلنا على عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ, فقال: يا أيها الناس من علم شيئا فليقل به, ومن لم يعلم فليقل الله أعلم, فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم الله أعلم"[ صحيح البخاري].

"وسئل الشعبي عن مسألة, فقال: لا أحسنها, فقال له أصحابه: قد استحيينا لك, فقال: لكن الملائكة لم تستحِ حين قالت: {لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا} [البقرة: 32.].

انتبهي! قد نخرج للدعوة لله, ثم نتحول للدعوة لأنفسنا بالتعالم ونخجل من قول: لا ندري.

واعلمي:

أ) إن حِمى الدين محمية, ولو تُرك كل شخص لهواه؛ لانتهكت المحارم.

ب) التعالم من أشد الأخطار التي تفتك بالدعوة.

ج) التعالم مؤشر على فقدان الإخلاص، بمعنى أن العبد يرى بقاء مكانه في النفوس أولى من احترام الدين, فيتكلم في الدين بما لا يفقه.


ما آثار التعالم على المجتمع؟

آثاره ما نجده اليوم من بعدٍ عن التأصيل, واعتماد على الآراء, ومن ثم ميل الناس لمتكلمين لا علم لهم؛ لأنهم أكثر تساهلاً!!, ويُظهر هذا التعالم قولُهم: (إن الدين يسر, فلا تعسروه على الناس)، وهذه كلمة حق أُريد بها باطل، فالدين بأحكامه وشرائعه يسر، وليس تغييره والتساهل فيه هو التيسير.

2. الحسد:

وهو كراهة ما أنعم الله به على العبد, وليس هو تمني زوال نعمة الله عن الغير، بل هو مجرد أن يكره الإنسان ما أنعم الله به على غيره.

والحسد قد لا تخلو منه النفوس، أي: اضطراريًا للنفس، ولكن جاء في الحديث: " إذا ظننتم فلا تحققوا وإذا حسدتم فلا تبغوا وإذا تطيرتم فامضوا وعلى الله توكلوا وإذا وزنتم فأرجحوا"

والحسد في مجال الدعوة يظهر بشكل واضح، فلا تتعجبي من ذلك، وخافي على نفسك، وعالجيه عند أول المؤشرات، بل ربما تكون لغة الحسد الانتقاد, فاحذري!

3. الكبر.

وقد فسره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأجمع التفسير وأبينه وأوضحه, فقال: "الكبر بطر الحق وغمط الناس"[ صحيح مسلم] وبطر الحق: هو رده، وغمط الناس: احتقارهم.

فقد تصدر منك تصرفات تدل على الكبر؛ لأن لك نصيبًا من العلم.

وقد قيل:

العلم ثلاثة أشبار:

- من دخل الشبر الأول تكبر.

- ومن دخل الشبر الثاني تواضع.

- ومن دخل الشبر الثالث علم أنه لايعلم.

والله ـ عز وجل ـ يقول: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران : 188"]. بل يجب أن يكون موقفنا من المدعو موقف الرحمة؛ ولذلك أُثر عن أهل الحديث أن أول ما يُحدّثون به قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "الراحمون يرحمهم الله"[رواه أبو داود]، ولهذا يسمى هذا الحديث المسلسل بالأولية, والشيخ محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- يقول في رسالته الأصول الثلاثة: "اعلم رحمك الله".

4- الاستعجال:

إن استعجال النتائج في الدعوة من قصر نظر الداعي, فيحكم على الناس أنه لا أمل فيهم.

وربما يستعجل على نفسه قبل النضوج والرسوخ في المسألة المبحوثة والمطروحة.

وربما يكون الاستعجال بمحاولة القيام بردود فعل تجاه المحاربين للدعوة، والله ـ عز وجل ـ يقول: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} [الروم : 60]

قال عمرو بن العاص ـ رضي الله عنه ـ: (لايزال الرجل يجني من ثمرة العجلة الندامة)

واعلمي أن وعد الله آت لاريب فيه، وتخلصي من الاستعجال بالتدرب والتصبر، والمجاهدة على عدم العجلة.

وإذا أدّيتِ ما عليكِ فلا عليك.




هذا وأسأل الله لي ولكم ولجميع المسلمين التوفيق لما فيه الخير، وأن يجمع قلوبنا على طاعته، وأن يخلص لنا النية ويرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه, ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين





للأستاذة:
أناهيد بنت عيد السميري –حفظها الله-


جمانه 08-13-2015 03:21 PM

رد: كوني داعية
 
اللهم علمنا ماينفعنا وانفعنا بما علمتنا

كل الشكر والتقدير لهذا الجهد الرائع
جزاك الله عنه خير الجزاء

نصيرة 08-14-2015 12:29 PM

رد: كوني داعية
 
اللهم اجعلنا ممّن يسمعون القول فيتّبعون أحسنه ،موضوع قيّم جدا جعله الله في ميزا ن حسناتك

هوازن الشريف 08-14-2015 04:57 PM

رد: كوني داعية
 
أنه لا قيمة للأخلاق إن فسدت العقيدة.


اللهم صل وسلم على سيدنا محمد

موضوع يحتاج قلب يفهم وعزيمة وعقيدة تدفعنا للغاية المنشوده


جزاك الله خيرا حبيبتي الغاليه سعاد


أم يعقوب 08-15-2015 07:13 PM

رد: كوني داعية
 
http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...675695_242.png
http://store2.up-00.com/2015-02/1422938403491.gif

إسمهان الجادوي 03-11-2016 05:06 PM

رد: كوني داعية
 
معلومات قيمة و ثمينة للداعية

سلمت يداك أستاذة سعاد يارب

جزاك الله خيرا و بارك الله فيك


الساعة الآن 06:03 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)