الموضوع
:
الاستخلاف في الأرض بين الوعد والشرط
عرض مشاركة واحدة
11-06-2016
#
2
بيانات اضافيه [
+
]
رقم العضوية :
10
تاريخ التسجيل :
May 2013
العمر :
43
أخر زيارة :
منذ 2 ساعات (05:32 PM)
المشاركات :
5,057 [
+
]
التقييم :
333960
الدولهـ
SMS ~
لا إله الا اللــه وحده لا شريك له
له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
لوني المفضل :
Cadetblue
رد: الاستخلاف في الأرض بين الوعد والشرط
ثمن النصر يتلخص بكلمتين الإيمان والإعداد:
هذا النصرُ المؤزَّرُ العزيزُ ما سرُّه ؟ ومَن يصنعه ؟ وما العاملُ الحاسمُ فيه ؟ إنّه اللهُ عز وجل، وهذا استناداً لقوله تعالى:
﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ ﴾
[سورة الأنفال الآية: 10 ]
وقوله:
﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ﴾
[سورة آل عمران الآية: 60 ]
إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان الله عليك فمن معك ؟ والآن أليس لهذا النصرِ الذي هو مِن عند الله قواعدُ ؟ أليست له شروط ؟ أليس له ثمن ؟
إن هذه القواعدَ وتلك الشروطَ وهذا الثمنَ تتلخَّص كلها بكلمتين: الإيمان والإعداد، أمّا الإيمان فقد قال تعالى:
﴿ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
[ سورة الروم الآية : 47 ]
وأمّا الإعداد فقال تعالى:
﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾
[ سورة الأنفال الآية: 60 ]
فالإيمان الذي يحمل صاحبَه على الاستقامة والعمل الصالح وحدَه شرطٌ لازمٌ غير كافٍ، والإعداد الذي يستنفد الطاقاتِ وحدَه شرطٌ لازمٌ غيرُ كافٍ، بل لا بد مِن الإيمان الحقِّ والإعدادِ الصحيح.
علاقةَ الإيمان بالنصر علاقةٌ ثابتة:
إن علاقةَ الإيمان بالنصر علاقةٌ رياضيةٌ ـ أي ثابتة ـ توضِّحها الآية:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مئة يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ * الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مئة صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾
[سورة الأنفال الآية : 65-66 ]
يتضح من خلال هذه الآيةِ الكريمةِ أنَّ معادلةَ النصر في حالة قوّةِ الإيمان واحدٌ إلى عشَرة، وفي حالة ضَعف الإيمان واحدٌ إلى اثنين، وفي حالة انعدام الإيمان يكون النصر للأقوى عدداً وعُدَّةً، وما يتبع ذلك، ذلك أنّ المعركة بين حقَّينِ لا تكون، لأنّ الحقَّ لا يتعدّد، والمعركة بين حقٍّ وباطل لا تطول، لأنّ الله مع الحقّ، والمعركة بين باطلين لا تنتهي، وعندئذ تحدَّثْ عن العَدَد والعُدَد، والخطط والحيل.
الإعدادُ أمرٌ إلهيٌّ قطعيُّ الثبوتِ وهو وحده شرطٌ لازمٌ غير كاف:
إن الإيمان يبدِّل طبيعةَ النفس ويغيّر قيمَها ومطامحَها، ويُصعَّد ميولَها ورغباتِها، ويخفِّف مَن متاعبِها وهمومِها، ويُقوِّي رجاءَها وأملَها، ويقلِّب أحزانَها أفراحاً، ومغارمَها مغانمَ. تؤكِّد هذه الحقيقةَ وصيةُ سيدِنا عمرَ بنِ الخطاب رضي الله عنه إلى سيدنا سعدِ بن أبي وقَّاص رضي الله عنه: " أمَّا بعدُ، فإني آمرك ومَن معك من الأجناد بتقوى الله عز وجل على كل حالٍ، فإنّ تقوى الله أفضلُ العُدَّة على العدوِّ، وأقوى المكيدة في الحرب، وآمُرُك ومَن معك أن تكونوا أشدَّ احتراساً مِنَ المعاصي منكم مِنْ عدوِّكم، فإنّ ذنوبَ الجيش أخوفُ عليهم مِن عدوّهم، فإنما يُنصر المسلمون بمعصية عدوهم لله ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوةٌ، إنّ عددَنا ليس كعددهم، ولا عُدَّتنا كعدَّتهم، فإن استوينا في المعصية كان لهم الفضلُ علينا بالقوة. هذا هو الإيمان.
وأما الإعدادُ فهو وحده شرطٌ لازمٌ غير كاف أيضاً، وهو أمرٌ إلهيٌّ قطعيُّ الثبوتِ لقوله عز وجل:
﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾
[سورة الأنفال الآية: 60 ]
المؤمنون بمجموعهم مأمورون بإعداد العُدَّة، ليواجهوا بها قُوى البغيِ والكفرِ .
فكلمة:
﴿ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾
تعني استنفادَ الجهدِ، لا بذلَ بعضِ الجهد، والقوةُ التي ينبغي أن يُعدَّها المؤمنون جاءت في الآيةِ مُنكَّرة تنكيرَ شمولٍ، ليكون الإعداد شاملاً لكل القُوى التي يحتاجها المؤمنون في مواجهة أعدائهم ؛ من قوةٍ في العَدد، وقوةٍ في العُدد، وقوةٍ في التدريب، وقوةٍ في التخطيط، وقوةٍ في الإمداد، وقوةٍ في التموين، وقوة في الاتصالات، وقوة في المعلومات، وقوةٍ في تحديدِ الأهداف، وقوةٍ في دقةِ الرمي، وقوةٍ في الإعلام، بل إن كلمة :
﴿ مِن ﴾
التي سبقت القوةَ جاءت لاستغراقِ أنواعِ القوةِ واحدةٍ إثر واحدة، فلقد أفادت استقصاء أنواع القُوى، لا اصطفاءَ بعضِها، وكلمة :
﴿وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ﴾
جاءت عطفاً للخاص المألوف وقتَ نزولِ القرآن على العامِ الذي يستغرق كلَّ الأزمان والبيئات، والتطوراتِ والتحديات، وهذا الإعدادُ يحققُ أهمَّ أهدافِه، ولو لم تقعِ المواجهةُ مع العدو، إنها رهبةُ القَويِّ التي تُقذَف في قلوب أعدائِه، لقوله تعالى:
﴿ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾
كلّ القوةِ في إحكامِ الرمي وإصابةِ الهدف:
قال تعالى:
﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ﴾
[سورة آل عمران الآية: 151 ]
وقال عليه الصلاة والسلام:
((نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسِيرةَ شَهْرٍ))
[ أخرجه البخاري عن جابر ]
وحينما لا تَّتبع أمتُه سُنتَه من بعده ربما تُهزم بالرعبِ مسيرةَ عام. بل إن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى أن القوةَ كلَّ القوةِ في إحكامِ الرمي وإصابةِ الهدف، وهو مقياس خالد للقوة، وهو عنصر أساسي في كسبِ المعارك مهما اختلفت أنواعُ الأسلحة وتطورت مستوياتُها الفنّيةْ، فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ:
(( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ))
[رواه مسلم عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ]
وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
((إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ الْجَنَّةَ صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ فِي صَنْعَتِهِ الْخَيْرَ وَالرَّامِيَ بِهِ وَمُنْبِلَهُ وَارْمُوا وَارْكَبُوا وَأَنْ تَرْمُوا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا لَيْسَ مِنْ اللَّهْوِ إِلَّا ثَلَاثٌ تَأْدِيبُ الرَّجُلِ فَرَسَهُ وَمُلَاعَبَتُهُ أَهْلَهُ وَرَمْيُهُ بِقَوْسِهِ وَنَبْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ الرَّمْيَ بَعْدَ مَا عَلِمَهُ رَغْبَةً عَنْهُ فَإِنَّهَا نِعْمَةٌ تَرَكَهَا أَوْ قَالَ كَفَرَهَا ))
[ رواه الإمام أحمد في مسنده وأبو داود والنسائي عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ]
الله جلّ جلاله لم يكلِّفْنا أن نُعِّدَ القوةَ المكافئةَ لأعدائنا ولكن كلَّفنا أن نُعِدَّ القوةَ المتاحةَ:
والآن دققوا ـ أيها الأخوة ـ في هذا الاستنباط من قوله تعالى:
﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾
إن الله جل في عُلاه لم يكلِّفْنا أن نُعِّدَ القوةَ المكافئةَ لأعدائنا، ولكن كلَّفنا أن نُعِدَّ القوةَ المتاحةَ، وهذا من رحمة الله بنا، وعلى الله أن ينجز وعده بالنصر.
كما أن من الواجبِ علينا أن نبحث في كل مظنَّةِ ضَعْفٍ عن سببِ قوةٍ كامنةٍ فيه، ولو أخلصَ المسلمون في طلبِ ذلك لوجدوه، ولصار الضعفُ قوةً، لأنّ الضعفَ قد ينطوي على قوةٍ مستورةٍ يؤيِّدها اللهُ بحفظِه ورعايته، فإذا قوةُ الضعفِ تَهُدُّ الجبال، وتدكُّ الحصون، قال تعالى:
﴿ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً ﴾
[ سورة الفتح الآية : 7 ]
إن الحديثَ عن القوةِ النابعةِ من الضعفِ ليس دعوةً إلى الرضا بالضعفِ، أو السكوتِ عليه، بل هو دعوةٌ إلى استشعار القوة حتى في حالة الضعف، وربما صحَّت الأجسامُ بالعلل، فينتزع المسلمون من هذا الضعف قوةً تحيل قوةَ عدوّهم ضعفاً، وينصرهم اللهُ نصراً مبيناً، قال تعالى:
﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ﴾
[ سورة القصص الآية : 5 ]
هذه الحقائقُ المستنبَطةُ من القرآن الكريمِ هي منهجُ الله لخلقِه، وتلك التوجيهاتُ التفصيليةُ والتوضيحيةُ التي جاءت في سنةُ نبيِنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وهذه المواقفُ الأخلاقيةُ الرائعةُ والحكيمةْ التي وقفها المصطفى صلى الله عليه وسلم أسوتُنا وقدوتُنا، وتلك البطولاتُ الفذَّةُ التي ظهرت من أصحابه الكرامِ، أمناءِ دعوتِه، وقادةِ ألويته، هذه كلُّها نضعها بين أيدي أبناءِ أمتِنا العربيةِ والإسلاميةِ، وهي تخوض المعاركَ تِلوَ المعاركِ مع أعدائها أعداءِ الحق والخيرِ.
الصدق والإخلاص مع متابعةِ الرسول صلى الله عليه وسلم هيَ سُلَّمٌ للفلاح:
لأنَّ البكاءَ لا يُحيي الميتَ، ولأن الأسف لا يَردُّ الفائتَ، ولأن الحزنَ لا يدفعُ المصيبة، ولكنَّ العملَ مفتاحُ النجاحِ، والصدقَ والإخلاصَ مع متابعةِ الرسول صلى الله عليه وسلم هيَ سُلَّمٌ للفلاح، قال تعالى:
﴿ وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾
[ سورة التوبة الآية : 105 ]
هذه الحقيقةُ الأساسيةُ أشار إليها السيدُ الرئيسُ في مؤتمر القِمة الإسلامي الثاني فقال: يواجِهُ العالمُ الإسلاميُ اليومَ تحدياتٍ كبيرةً تستهدفُ الإسلامَ وما يمثِّلُه من قيمٍ نبيلةٍ، وما يدعو إليه من أخوّةٍ وعدالةٍ ومساواةٍ وحرية، وإذا كان من واجبنا أن ندافعَ عن ديننِا فإنّ لنا فيه يَنبوعَ قوةٍ ومصدرَ إلهام في مواجهةِ كلِّ ما يقابلُنا من أخطارٍ وتحدياتٍ، وقد جاء في الحديث الشريف:
((إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضاً، وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ))
[ أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي موسى الأشعري ]
وأما السلامُ الذي نُدعى إليه فنحن حريصون عليه راغبونَ فيه، على أن يكون سلاماً عادلاً، تُسترجَع قبلَه الأرضُ، وتُستردُّ فيه الحقوقُ، وتتوافرُ فيه الكرامة. وإن تعنُتَ إسرائيلَ أوصَلَ عمليةَ السلام إلى طريقٍ مسدودٍ ـ كما قال السيدُ الرئيسُ ـ فهي ترفض رفضاً مطلقاً كلَّ مقومات السلامِ، وتنهج نهجَ المراوغةِ والخداعِ، وتستفزّ الضميرَ الإسلاميَ والعربيَ والإنسانيَ بإنشاءِ مزيدٍ من المستوطناتِ، ويضيف السيدُ الرئيسُ قائلاً: إن الخلاص يكون في الإسلام الذي عندما كنا متمسكينَ به لم يستطع أحدٌ أن يُذلَّنا، الإسلام دين الحق والعدالة والمساواةِ بين البشر، الإسلام مصدُر قوةٍ لنا جميعاً، إن هذا يفرِض علينا أن نناضلَ بكل قِوانا وبصدقٍ و إخلاصٍ لحماية الدين الحنيفِ من هذه المؤامراتِ الاستعماريةِ، لنحفظ له مهابتَه وجلالَه، وليبقى مصدرَ عزةٍ و قوةٍ للمسلمين، وليبقى حافزاً لتقدُّمِهم في كل مجال.
والحمد لله رب العالمين
فترة الأقامة :
4009 يوم
معدل التقييم :
زيارات الملف الشخصي :
423
إحصائية مشاركات »
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل :
1.26 يوميا
دلال إبراهيم
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى دلال إبراهيم
البحث عن كل مشاركات دلال إبراهيم