قد نرى بعض الأطفال ينتظرون غياب حارس الحديقة للسطو على قليل من ثمارها التي قد لا تكفي طيراً، إلا أن دافع السرقة هنا ليس
الجوع والحرمان ولكن حب الاستطلاع والمخاطرة وروح
المغامرة، وقد يسرق الطفل طعاماً لم يره من قبل ولم يتذوقه.
قد يلجأ الطفل إلى السرقة لإشباع ميل أو رغبة يرى فيها نفسه سعيداً أو ظهرت بصورة أفضل، كالذي يسرق نقودا للذهاب إلى
السينما ليحكي عن الأفلام مثل غيره من الأطفال، أو ليركب دراجة
مثل أصحابه وربما كان فشله الدراسي وراء محاولة تعويضه
بالظهور مادياً على غيره من الأطفال.
قد يلجأ الطفل إلى السرقة تعويضاً للحرمان الذي يقاسيه، فقد يلجأ إلى سرقة ما هو محروم منه أو ما يساعده على الحصول على ما
حرم منه.
رغم ان السرقة عرض شائع في الطفولة، إلا انه غير ظاهر بوضوح بسبب تردد الآباء في الإفصاح عن سرقات أطفالهم
ومناقشتها كظاهرة. إن السرقة والأمانة من السلوكيات التي
يكتسبها الطفل من بيئته، أي ان الأمر عبارة عن سلوك اجتماعي
يمكن اكتسابه عن طريق التعلم.
يجب أن يتعلم الطفل التفرقة بين حقوقه وحقوق غيره.
ان كثيرا من الأشياء التي يسرقها الأطفال ليست بذات قيمة أو نفع لهم، وتبدأ السرقة كاضطراب سلوكي واضح في الفترة العمرية 4 ـ
8 سنوات وقد يتطور الأمر ليصبح جنوحاً في عمر 10 ـ 15 سنة
وقد يستمر الحال حتى المراهقة المتأخرة. وتستمر السرقة خلال
فترات النمو النفسي والبدني للطفل، أما عملا أو فعلاً مدبرا يقوم
به بين حين وآخر...
أو سلوكا مستمرا من النشاط تتم ممارسته تقريبا كل يوم بهدف التمتع بالشيء المسروق وتفادي الانكشاف والعقوبة. الطفل
السارق غالباً ما يكون مجهول الهوية بسبب ما يقوم به من
محاولات تستر على النفس وما يفعله، وتختلف عن النهب أو
السلب التي يمارسها الأطفال الأقوى أو الأكبر على الأطفال الآخرين
كاشفين عن أنفسهم مع الفخر والزهو بما يفعلون.
ان رغبة الصغير في الامتلاك الناجمة من غريزة حب التملك ليست إلا امتدادا لمصلحته الذاتية. الطفل يكتسب معنى الملكية تبعاً لما
يشاهده ويسمعه ويختبره بنفسه. فهناك أسر لا تقيم حدودا لملكية
الأشياء بين أفرادها، فأدوات الطعام والشراب واللعب مشاعة
للجميع ودون تفرقة، وبعض الأسر تسمح لأولادها باستخدام أدوات
بعضهم البعض دون توفير شيء واحد يخص طفلا وشيء آخر
يخص أخيه، ودون تفرقة بينهما في المعاملة بالطبع.
وفي بعض الأسر يسمح للأولاد أن يلبس بعضهم ثياب بعض، وفي مثل هذه الظروف لا نستبعد أن نجد أطفالا يميزون بصعوبة شديدة
بين ما يملكونه والذي لا يدخل في ملكيتهم.
أساليب التغلب على المشكلة :
3- عدم التطرف في الحماية الزائدة والإفراط في الحب والحنان وخاصة إذا كان للطفل أخوة آخرون.
4- العلاقة المثالية القائمة على أسس ديمقراطية وعلى مبدأ إعطاء المعلومات وليس التعليمات، فهذه العلاقة تعلم الأطفال الاعتماد
على النفس وتحمل المسؤولية مما يبعدهم عن القيام بأعمال شنيعة
لان كل طفل سوف يتحمل مسؤولية ما يفعل.
5- ردع الطفل عن فعل السرقة وعدم التهاون حتى ولو كان الأمر صغيرا لان الأمور الصغيرة تتطور إلى أمور خطيرة مع تقدم قدرة
الطفل العقلية ووجود إشعار الطفل بلا إذلال بأنه قام بعمل شائن
واقترف خطأ كبيرا وان من حوله غاضبون لفعلته هذه.
6- مساعدة الطفل على اختيار رفاقه بطريقة تبتعد تماما عن الضغط بل تعتمد على الإقناع.
7- تعويد الطفل على احترام ملكية الآخرين وتوفير بعض الأشياء التي تخصه هو شخصياً، وذلك لتنمية الإحساس بالملكية الخاصة
واحترامها ومن ثم المحافظة على ممتلكات الآخرين وذلك باحترام
الكبار لممتلكات الصغير وعدم الاعتداء عليها.
8- توجيه الأبناء إلى الأفلام التي يشاهدونها أو إلى المجلات التي يقرأونها.
9- التلويح الهادئ المتزن في موقف آخر وليس في موقف ارتكاب الطفل للسرقة بقبح هذا السلوك والظلم الذي وقع على الشخص
المسروق وعلى ممتلكاته، وربما كان أحوج ما يكون إلى هذا
الممتلكات، مع بيان ظلم السارق لنفسه أمام الله الذي حرم السرقة
ويعاقب عليها