10-18-2017
|
|
تعريف حكمة التشريع
| | | | *تعريف حكمة التشريع* الحكمة في اللغة: إتقان الشيء وإحكامه. وتأتي أيضًا بمعنى المنع، الفرع الأول: مقاصد جميع الشرائع السماوية: تحدث في بدايته عن مقاصد جميع الشرائع السماوية، فقال: "اعلم أن جميع الشرائع السماوية إنما يقصد منها أربعة أمور: الأول: معرفة الله وتوحيده وتمجيده. الثاني: كيفية أداء عبادته المحتوية على تعظيمه، وشكر نعمه التي لو عددناها لا نحصيها: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [إبراهيم: 34]. الثالث: الحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتحلي بحلية الآداب الفاضلة والأخلاق الطاهرة والمزايا التي تسمو بالمرء إلى مراتب الشرف والرفعة؛ كالمروءة في إغاثة الملهوف، وحماية الجار، وحفظ الأمانة، والصبر، وما أشبه ذلك من المزايا الجليلة. الرابع: إيقاف المعتدي عند حده، بوضع الأحكام المقررة في المعاملات، بحيث لا يختل نظامهم الاجتماعي باختلاف الأمن لوضع هذه العقوبات التي أهملت في هذا الزمن، وغير ذلك من سائر الأحكام المتعلقة بنظام حياتهم، فهذه الأمور الأربعة التي لأجلها شرعت الشرائع السماوية"[2]. الفرع الثاني: حكمة الوضوء والغسل والصلاة وتحريم نكاحِ المسلمةِ غيرَ المسلم والخيار: ثم تحدث عن حكم التشريع وأسراره وآثاره، ابتداءً من الطهارة والعبادات والمعاملات وأحكام الأسرة والعقوبات حتى أحكام الجهاد والسياسة الشرعية. • ففي حكمة الوضوء والغسل يقول: "إن الشارع الحكيم فرض الوضوء والغسل لأجل أن يكون الإنسان خاليًا من الأقذار والأوساخ عند أداء الفريضة، وإن هناك حكمة أخرى، وهي أن الملائكة في أوقات الصلاة تكره أن ترى المصلي وسخ الثياب كريه الرائحة، وأيضًا إذا وقف المصلون صفوفًا وفيهم رث الثياب يتضورون منه، ومن أجل ذلك سن الشارع الحكيم الغسل يوم الجمعة والعيدين"[3].
• وفي حكم الصلاة : "إن من حكم الصلاة وجود الاطمئنان في القلب، فلا يجزع عند نزول المصائب، ولا يمنع الخير إذا وفق إليه...ومنها: أنها مانعة للمصلي عن ارتكاب المعاصي؛ لأنه إذا قام بين يدي ربه خاشعًا متذللًا، مستشعرًا هيبة الله - جل جلال، من كتاب: مقاصد الأحكام الفقهية ه - خائفًا تقصيره في عبادته كل يوم خمس مرات، عصمه ذلك عن اقتحام المعاصي... ومنها: أنها جعلت مكفرة للذنوب والخطايا والزلات والتقصير؛ إذ العبد في أوقات ليله ونهاره لا يخلو عن ذنب أو خطأ، أو زلة أو تقصير في العبادة..."[4].
• وفي الحكمة من تحريم نكاح المسلمة لغير المسلم، قال: الحكمة في ذلك من وجوه: منها: أن المسلمة اكتسبت بإسلامها المعزة، فإذا تزوج غير المسلم بالمسلمة يكون له حق السيطرة عليها؛ إذ الرجال قوامون على النساء، ولا شك أن سيطرته عليها فيهاإهانة لها، والشارع لا يرضى أن تصل الإهانة إلى المسلمة من غير المسلم؛قال الله تعالى: ﴿ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ﴾ [النساء: 141]. وأيضًا ربما عاملها على مقتضى دينه، فتكون هناك الطامة الكبرى والبلية العظمى، بل قُلْ عليها وعلى الدنيا السلام. ومنها: أن الذرية تميل في الغالب بعد سن الرشد إلى الآباء، فإذا تزوجت مسلمةٌ بغير مسلم فكأنها تلد للكفر ولغير الإسلام، وهذا لا يريده الشارع الحكيم. ومنها: أنه إذا حصلت الألفة بينهما تكون الزوجة مظنة طاعة الزوج إذا دعاها إلى اعتناق دينه ومذهبه؛ من أجل ذلك حرَّم الشارع الحكيم نكاح المسلمة لغير المسلم قطعًا[5]،ولعل مقصد حفظ الدين يجمع بين هذه الحكم جميعًا في هذا الحكم الفرعي.
• وعن الحكمة من مشروعية الخيار "والحكمة فيه: أن الإنسان إذا اشترى شيئًا ربما غفل عن عيب فيه، ولا يظهر هذا العيب إلا بإمعان النظر أو مشاورة أهل الخبرة، وجعل مدة الخيار ثلاثة أيام، وهي مدة كافية لمعرفة الشيء الذي اشتراه، وأيضًا أن هذه المدة علق الشارع عليها كثيرًا من الأحكام الموجودة في مظانها، ولما رأى الشارع أن الإنسان قد يكون له صديق أو خبير، وكلاهما غائب عنه، والأيام الثلاثة لا تكفي للحصول على واحد منهما جعل له حيلة لا يتطرق إليها الباطل، ولا يبعد عنها الحق، وهي أنه إذا قرب انتهاء المدة ولم يحضر كلاهما فسخ المشتري العقد وجدده وجعل له الخيار ثلاثة أيام أخرى، وهكذا حتى يحضر الغائب وحتى يكون عالمًا بما اشتراه حق العلم، فلا يقع في شَرَكِ الغش والغَبْن، وهي حكمة بالغة جليلة تنفي وقوع التنازع والخصام بين جماعة المسلمين"[6]. في هذا المثال نلاحظ أن فيه أكثر من حكمة، وربما ينطبق عليها مفهوم المقصد الجزئي؛ فحِفظ وحدة المسلمين مقصد واضح، ونفي الغش والغَبْن مقصد أيضًا واضح في البيوع. وهكذا نجد حديثه عن حكم العبادات يقترب من مفهوم الأثَر والسر والحكمة، ويبتعد عن مفهوم المقصد الجزئي، في حين نجده يقترب من المقصد أو ينطبق عليه في كثير مما سوى ذلك من أحكام للزواج والطلاق والمعاملات وغيرها، وهي طبيعة لم تتخلف في معظم المصادر التي تناولناها. ****************** "المراجع" ينظر لسان العرب 12/140، ومعجم لغة الفقهاء 1/184 حاشية البناني على المحلي 2/236، ومباحث العلة في القياس للدكتور/ عبد الحكيم أسعد السعدي ص 105
المرجع السابق تقريرات الشربيني على جمع الجوامع 2/236 أي: الظهور والانضباط. يراجع: المحصول 5/287-293، الإحكام للآمدي 3/254 وما بعدها، شرح العضد علي ابن الحاجب وحواشيه 3/320 | | | | | |