السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة
قال الشاعر:
تَخـطُـو فَيَبتَـسِـمُ الـفُــؤَادُ المُـتـعَـبُ تَـرنُـو فَيحتَـفَـل الفَـضَـاءُ وَيَـطـرَبُ
إِن أَقبَلَـت نَـحـوِي فَلَـسـتُ بِسَـائِـلٍ عَمَّـن يَـجِـئُ مِــن العِـبَـادِ وَيـذهـبُ
أَو صارَمتْـنِـي فالسـمـاءُ كَسِـيـفـةٌ ودَمُ المَحَاجِرِ عَن ضَمِيرِيَ يعـرِبُ
كَم دَاعبـتْ يَدُهَـا الصَّغِيـرَةُ لِحيَتـي وحملتُـهـا فالـسـاعـدانِ الـمَـركَـبُ
ويزورها طَيـفُ الرُّقَـادِ عَلَـى يَـدي فَـرَبِـيـعُ أَيَّـامِــي مَـريــعٌ مُـعـشِــبُ
ولـقــد أُطـــوِّفُ بـالـبـلادِ مـشـرِّقــاً حتـى أَكِـلَّ مــن الـسُّـرى فـأُغـرِّبُ
فـتـظـلُّ واجِـمــةَ الـفــؤادِ كـسـيـرةً وتسائـلُ الغـاديـنَ هــل عــاد الأب
فــإذا رأتـنـيَ بعـدمـا طــالَ الـنَّـوى غنَّى لها الكـونُ الفسيـحُ الأرحـب
كَـانَـت سَـعَــادَةَ نَـاظِــريَّ صَـغِـيـرَةً وَعَبِيـرُهَـا مِــن كُــلِّ طـيـبٍ أَطـيَـبُ
ومَضَى الزمانُ فَمَا شَعَرتُ بِسَعيِهِ إِلاّ وَ بــنــتــيَ لــلــعُــلا تَــتَــوَثَّـــبُ
مَـرَّت عَلَـيَّ وَفِـي العُيُـونِ سحابـةٌ مِن فَيـض أَحزَانَـي تنـوءُ وتسكُـبُ
فحَـنَـت عَـلـيَّ وَأَقبَـلَـت بِحَدِيـثِـهَـا: لِــمَ يَــا أَبِــي مِـمَّـا أُسَـائِـلُ تَـهـرُبُ
قَل لِي بِرَبِّك مَا الَّذِي جَعَـلَ الأَسَـى يعـلـو جبـيـنَـكَ بالـهـمـومِ ويـغـلـبُ
فَأَجَبتُهَا:أَخـشَـى عَـلَـيـكِ غـوائــلاً مِمَّـا يَمُـورُ بِـه الـزَّمَـانُ الأَغــرَبُ
أَخـشَــى دُعَـــاةً لِلـسُّـفـورِ كَـأَنَّـهُـم بُــومٌ عَـلَـى أَيــكِ الرَّذِيـلَـة يَـنـعِـبُ
أَخـشَـى عَلَـيـكِ مُتَـاجِـراً بِعُـلُـومِـهِ يُفتِـي بِمَـا يُمـلِـي الظَّـلُـومُ وَيَكـتُـبُ
وَيْلِـي إِذَا استَمَعـتْ حَـرَائِـرُ أُمَّـتِـي لمُـفـتَّـنٍ فِـــي كُـــلِّ يَـــومٍ يَـخـطُـبُ
يَدعُـونَـهُـنَّ لِـكَــي يَـكُــنَّ جَـوَارِيــاً يُلـهَـى بِـهِــنَّ وَيُسـتَـهَـانُ وَيُـلـعَـبُ
تخِـذُوا مِـن الغَـرب العَمِـيِّ دَلِيلَهُـم أَنَّــى الهِـدَايَـةُ وَالـدَّلِـيـلُ الـعَـقـرَبُ
قَـالَـت أَيــا أَبَـتَـاهُ لَـســتُ سَفِـيـهَـةً تُصغِـي إذا نَطَـق الخَـؤُونُ الأكـذبُ
أَوَ كُـلَّــمَــا دَاعٍ دَعَـــــا لِـنَـقِـيـصَـةٍ تَــذْوي لمنطِـقِـهِ الـبــلادُ وتـخــرَبُ
تَبِعَـتْـهُ مــن كــلِّ الـبــلادِ أوانـــسٌ كالـذرِّ فـي طـول المَهَامِـهِ يَسْـرُبُ
كَــلاّ فَـــلا وَالـلَّــه نَـخـفِـرُ عَـهـدنَـا فليُرجِفـوا مـا يشتـهـون ويُجلِـبـوا
سَأَعيشُ فِي قِمَمِ العَفَافِ مَصُونَـةً كالروحِ تحفَظُ في الجَنانِ وَتُحجَـبُ
أَو قَـد رَأَيـتَ عَلَـى الطَّرِيـقِ لآلِـئـاً تـرمـى هـنـاك فتسـتـبـاح وتـنـهـبُ
أَبَتَـاهُ أَنــت إلــى الكـتـابِ هديتـنـي فَــأَنَــا لــربِّــيَ بِـالـحَـيَــا أَتَــقَـــرَّبُ
وَغَذَوتَـنِـي سُـنَــنَ الـنَّـبِـيِّ مُـحَـمَّـدٍ كَــــلا فَـلَـســت لِـهَــديِــهِ أَتَـنَــكَّــبُ
أُمِّي - وَيَا لسخِينِ دَمعِـيَ بَعدَهَـا - قَـــد فارقَـتْـنـا فَالـضُّـلُـوعُ تـلـهَّــبُ
رحلتْ إلـى البـرِّ الرحيـمِ فمهجتـي مــن فــرطِ حُـزنـيَ بعـدهـا تتـعـذبُ
لا لَن أُضيعَ عُهُودَهَا سأسيـر فـي دَربٍ مَـضَـتْ فِـيـهِ أَخُــبُّ و أَتْـعَـبُ
إِن الـعُــلا صـعــبٌ عَـلَــى طُـلابِــهِ لَـكِـنَّـهُ مِـــن كُـــلِّ شَـهْــدٍ أَعــــذَبُ
صَمتَتْ وأكملـت الحديـثَ دُموعُهـا فـنـيــاطُ قـلـبــيَ بـاكـيــاتٍ تَـنْـحِــبُ
قـبّـلْـتُ بَـيــنَ المُقلَـتَـيـنِ بَـشَـاشَـةً وَظـلـلـت مـــن كلمـاتـهـا أَتَـعَـجَّـبُ
وتَحَـدَّرَ الدَّمـعُ العَزِيـزُ وَلَــم يَـكُـنْ لِـعَـظِـيـمِ أَمْــــرٍ قَـبْـلَـهَـا يَـتَـصَـبَّـبُ