عندما يفقد الطفل حضن امّه وتغيب عن انظاره. انّ التعبير عن المشاعر من بين المواقف التي أحيانا يقف العقل حائرا أمامها
ولا يقوى على ترجمتها كتابة أو لفظا.
و لو جمعنا كلّ كلمات اللّغة العربية لوصف مشاعر الطفل الذي يفقد حنان أمّه ، فإنّ هذه الكلمات لن تكفي لذلك الوصف، فالقلب عندما ينزف من الداخل ولا يجد من يواسيه ويخّفف عنه آلامه، فلا أحد سيراه الاّ الله جلا وعلا
وسيكمل حياته راجيا من الله ان يشفيه .
واذا نظرنا الى قلوب الأطفال الذين رحلت عنهم أمهاتهم أو آبائهم،
فلن نقوى على التع...بير على أحزانهم وآلامهم.
وكم من طفل انظر الى أعينه وأقرأ تعابيرا حزينه على وجهه الصغير فأشعر بقلبه
الذي يتألم وعندما اسأل عن حاله أجده دون أب أو أمّ.
ومن بين الاطفال الذين جمعني القدر بهم، الطفلة لينة التي كانت كالوردة
المتفتحة عمرها لا يكاد يبلغ العشر سنوات، ولكنها مقبلة على الحياة بشكل
ملفت للنظر/ وتستمتع بطفولتها ولا تفارق ألعابها وشغفها بالعلم.
عاشت الطفلة وسط والدين أحدهما معوٌّق، والأمّ تعاني من
مرض فقد الأطباء الأمل في علاجه.
ومع ذلك كانت لينة داءما مبتسمة،خفيفة الروح وجد مرحة و حلوة الكلام،
نحيفة الجسم، لكنّها حسنة الوجه لو نظرت اليها فلن تمتنع من تقبيلها.
عاشت الطفلة لينة وهي تنظر الى والدتها تذبل يوما بعد اليوم، واخذ المرض
يدخل الى كامل جسدها، مع أب لا يكاد يتحمل مصاريف بيته، ومع ذلك لم تفقد
الصغيرة أملها واقبالها على الحياة ولا تفرّط في طفولتها وكل ما يجعلها سعيدة.
وجاءت اللحظة المؤلمة التي لفظت فيها والدة لينة انفساها الأخيرة،
ولأنّ الطفلة معتادة أن تمرّ عندي لتلقي عليّ التحية، رأيتها بصحبة خالتها
ودموع الحزن ترتسم على وجهها، فتألمت لحالها وحاولت ان ألهيها بالحديث
ولم أجد نفسي الاّ وهي بين احضاني وهي تبكي وأحاول أن أواسيها بكلمات عسى الله
أن يكون لها أثرا في قلبها الصغير.
ومرت الأيام واستقبلت الخالة لينة في بيتها وتكفّلت بها، والحمد لله استعادت
لينة شيءا فشيءا ابتسامتها وضحكتها. وطلبت مني يوما ان اعطيها كراسا
فلما سألتها ماذا ستكتب فيه، قالت سأكتب رسائلا لأمي كلما اشتقت اليها.
وانا اكتب قصتها وجدت على مواقع التواصل رسالة مؤثرة لطفل يراسل امه التي يفتقدها.
وهذه الرسالة أبكتني كثيرا لما تحمله من مشاعر الندم على فراق الطفل لوالدته وكيف يعدها بأن يغير من سلوكه كي لا تغضب منه.
فأحببت أن تقرأها كل أمّ حتى تدرك قيمتها ومكانتها الكبيرة في قلب طفلها،
رغم ما يظهره احيانا من عناد أو عدم اكتراث بها، فتعمل على احترامه وتقدير مشاعره
منذ صغره لتنال من حبّه ما يجعله لا ينساها أبدا.
بقلم رحمة زهرة