2. العامين الأولين
يعتبر أول عامين من عمر الطفل هم أهم عامين في تنشئته وغرس القيم والأخلاق، ففي هذه المرحلة يقوم الطفل بمراقبة كل سكناتك وحركاتك وتتخزن في عقله الباطن لا إراديا ثم ما يلبس أن تظهر في أقواله وأفعاله فيما بعد.
لذلك من المهم وضع روتين يومي لذكر الله يعتاد عليه ويصبح جزء لا يتجزأ من حياته اليومية لينشأ معتادا على ذكر الله. وكذلك من المهم الاهتمام بـ:
- الدعاء لهم
للدعاء أهمية كبيرة في تنشئة الأولاد وتربيتهم التربية الصالحة، وتذكري أن التربية طريقها طويل يمتد لسنوات وسنوات فلا تملي ولا تستعجلي وعليكِ بالإلحاح في الدعاء خاصة في أوقات الإجابة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب الملحين في الدعاء»[1]
وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم كثرة الدعاء للأطفال فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤتيني الحكمة مرتين.[2]
والأدعية للأطفال كثيرة ومتنوعة، منها على سبيل المثال لا الحصر:
اللهم أعني على تربية أولادي وتأديبهم فإني لا أحسن التأديب
اللهم اجعلهم من عبادك الصالحين
اللهم استخدمهم ولا تستبدلهم
اللهم اجعلهم من أهل القرآن وخاصته واجعل خلقهم القرآن
- القدوة الصالحة
للقدوة الصالحة عامل كبير في صلاح الأولاد، وأعني بالقدوة هنا، الوالدين
فعن الفضيل بن عياض رحمه الله أنه قال: رأى مالك بن دينار رجلا يسئ صلاته. فقال: ما أرحمني بعياله،
فقيل له: يا أبا يحيي، يُسئ هذا صلاته وترحم عياله؟
قال: أنه كبيرهم، ومنه يتعلمون. [3]
- تلاوة القرآن:
بعد أن تعود طفلك على الاستماع لكتاب الله وهو جنين في أحشائك، حان الوقت أن يستمع إليه بأصوات متعددة– كصوت والده أو أحد المقرئين المتقنين - ليزداد ألفة مع كلمات كتاب الله عز وجل فينشأ متعلقا بكتاب الله مما يُسَهِّل عليه حفظ القرآن فيما بعد بعون الله.
- تعويذه من الشيطان صباحا ومساءا:
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعوِّذ الحسن والحسين: «أعيذكما بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة. ثم يقول: كان أبوكم يُعوِّذ بهما إسماعيل وإسحاق»[4]
- الأذكار:
في تلك المرحلة من العمر، يفضل الطفل وجود روتين يومي يعتاده ويتعرف عليه، بحيث يكون هناك وقت محدد لكل ذكر حتى يسهل عليه حفظه ومن أمثلة ذلك:
كان الرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا استيقظ من النوم:«الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور»[5]
وإذا ذهب للنوم قال: «باسمك ربي وضعت جنبي، وبك أرفعه، فإن أمسكت نفسي فارحمها، وإِن أرسلتها فاحفظها، بما تحفظ به عبادك الصالحين»[6]
وكذلك في وقت الأكل والشرب (أو الرضاعة)
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أكل أحدكم طعاما فليقل بسم الله, فإن نسي في أوله فليقل بسم الله في أوله وآخره»[7]
وكان يقول بعد الأكل: «الحمد لله الذي أطعمني هذا، ورزقنيه، من غير حول مني ولا قوة»[8]
وقد قال في العطاس: «إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله , وليقل له أخوه أو صاحبه : يرحمك الله , فإذا قال له : يرحمك الله , فليقل : يهديكم الله ويصلح بالكم»[9]
وعند المرض يحبذ أن تضعي يديك موضع الألم ليشعر طفلك بقربك منه فيستشعر الآمان مع الدعاءله بالشفاء.
فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من عبد مسلم يعود مريضا لم يحضر أجله فيقول سبع مرات: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفي»[10]
وكذلك ترديد الآذان لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « يقول مثل ما يقول المؤذن إلا في "حي على الصلاة وحي على الفلاح" فيقول : "لا حول ولا قوة إلا بالله" »[11]
وبعد الآذان تدعين بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم رب هذه الدعوة التامة, والصلاة القائمة, آت محمدا الوسيلة والفضيلة, وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته»[12]
ثم الدعاء بما يفتح الله عليكِ لنفسك وأهلك، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « يدعو لنفسه بين الأذان والإقامة فإن الدعاء حينئذ لا يرد »[13]
ثم المسارعة بالصلاة في أول وقتها
- تلقينه التوحيد:
ما أجمل أن تكون أول كلمات يتكلم بها طفلك هي كلمة التوحيد حتى لو كانت ألفاظه ركيكة وغير واضحة بعد.
فعن إبراهيم التيمي رحمه الله أنه قال: كانوا يستحبون أول ما يُفصح – يعني الصبي – أن يعلموه: لا اله إلا الله سبع مرات، فيكون ذلك أول ما يتكلم به.[14]
وعن إسحاق بن عبد الله عن جدته أم سليم أنها آمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: فجاء أبو أنس، وكان غائبا، فقال: أصبوتِ؟
قالت: ما صبوتُ، ولكني آمنت بهذا الرجل.
قالت: فجعلت تلقن أنسا، وتشير إليه: قُل: لا إله إلا الله، قل: أشهد أن محمدا رسول الله.
قال: ففعل.
قال:فيقول لها أبوه: لا تفسدي علي ابني.
فتقول: إني لا أفسده.
قال: فخرج مالك أبو أنس فلقيه عدو فقتله، فلما بلغها قتله
قالت: لا جرم لا أفطم أنسا حتى يدع الثدي حيا.[15]
- حب الله ورسوله:
رددي على مسامعه دائما مدى حبك لله ولرسوله
فالله الرازق، الجبار، السميع، البصير، الغفور، الشكور ....
واثني على الله دائما واشكريه أمام طفلك قائلة:
الحمدلله الذي رزقنا الطعام والشراب
الحمدلله الذي كسانا ورزقنا المسكن
الحمدلله الذي حفظ صحتنا
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها»[16]
وسيكون أجمل لو تعود على رؤيتك تسجدين شكرًا لله كلما رُزقتِ بنعمة
فعن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه كان إذا جاءه أمر سرور، أو بشر به خرَّ ساجدًا شاكرًا لله.»[17]
وأبسط مثال يفهمه طفلك هو حينما يحضر والده قطعة حلوى أو لعبة جميلة، فتصفقين وتظهري فرحك وتقولي الحمدلله الحمدلله ثم تخري للأرض ساجدة سجدة تشكري فيها الله.
فينشأ طفلك متعلقا بالله، وحامدًا له على جميع نعمه.
[1] رواه الترمذي
[2] رواه الترمذي
[3] رواه أبو نعيم في "الحلية"
[4] رواه البخاري
[5] رواه مسلم
[6] رواه مسلم
[7] رواه الترمذي
[8] رواه الترمذي
[9] رواه البخاري
[10] رواه الترمذي
[11] رواه البخاري ومسلم
[12] رواه البخاري
[13] رواه الترمذي
[14] رواه ابن ابي شيبة
[15] الطبقات الكبرى لابن سعد
[16] رواه مسلم
[17] رواه أبي داوود