بسم الله الرحمن الرحيم
الإنسان بالشهوات يرقى مرتين مرة صابراً ومرة شاكراً
عدم نجاح الدعوة إلى الله إلا إذا اتجهت إلى القلب والعقل معاً:
احبتي في الله الاية اليوم يا أيها الذين آمنوا :
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ
أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ
لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ(54) ﴾
( سورة المائدة )
أيها الأخوة،
الإنسان عقل يدرك، وقلب يحب، وجسم يتحرك، وغذاء العقل العلم، وغذاء القلب الحب
، وأية دعوة تتجه إلى العقل وحده لا تنجح، وأية دعوة تتجه إلى القلب وحده
لا تنجح، لا تنجح الدعوة إلا إذا اتجهت إلى القلب والعقل معاً.
الدين شطره علم وشطره حب:
آية اليوم تتجه إلى القلب، إلى الحب، فالله سبحانه وتعالى شاءت حكمته أن يجعل العلاقة
بينه وبين المؤمنين علاقة حب:
﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ (38) ﴾ ( سورة المائدة)
لذلك لم يرضَ أن يأتيه
الإنسان مكرهاً، قال تعالى:
﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ سورة البقرة الآية: 256 )
أراد الله عز وجل أن تأتيه طائعاً، أن تأتيه عن حب، أن تأتيه بمبادرة منك،
أن تأتيه وبإمكانك ألا تأتيه، أن تصلي وبإمكانك ألا تصلي، أن تضبط حركتك
في الحياة وبإمكانك أن تتفلت، لأنك مخير وآثرت طاعته ومحبته والإقبال
عليه إذاً أنت تحبه، هذا الدين شطره علم وشطره حب.
من لا يحب الله عز وجل ينبطح أمام القوي ويستعلي على المؤمن:
لكن يقول بعض العلماء: من أعجب العجب أن تعرفه ثم لا تحبه، ومن أعجب العجب
أن تحبه ثم لا تطيعه، فهذه الآية:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ (54) ﴾ ( سورة المائدة) لذلك الذي يرتد عن دينه لا يحب الله، والدليل فسوف يأتي الله بقوم لا يرتدون عن الدين: ﴿ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ (54) ﴾
( سورة النساء )
أما الذي لا يحب الله ينبطح أمام القوي ويستعلي على المؤمن،
أمام الأقوياء أذلة، أمام المؤمنين يقهرونهم، يستعلون عليهم، انظر إلى هذه الصفة:
﴿ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (54) ﴾ ( سورة المائدة )
بأموالهم، بوقتهم، بخبرتهم، بعلمهم، بلسانهم، بدعوتهم، بعملهم
﴿ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ (54) ﴾ ( سورة المائدة ) لا تأخذهم في الله لومة لائم: ﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ (39) ﴾ (سورة الأحزاب) من عرف الله عز وجل وأحبه حقق الهدف من وجوده:
ألا لا إيمان لمن لا محبة له، شطر هذا الدين أن تعرفه، وشطره الآخر أن تحبه،
فإذا عرفته وأحببته حققت الهدف من وجودك، لذلك العبادة: طاعة طوعية،
ليست قسرية ليس فيها إكراه، أنت مخير فيما كلفت، بإمكانك أن تأتي المسجد
وبإمكانك أن تذهب إلى الملهى، بإمكانك أن تتزوج وهناك من يزني، بإمكانك
أن تأكل المال الحلال وهناك من يأكل المال الحرام، بإمكانك أن تكون محسناً
وبإمكانك أن تكون مسيئاً، أنت مخير لذلك يثمن عملك بأنك مخير أتيته طائعاً،
لكن أهل الدنيا
الإنسان يحب، الحب جزء، حتى إن هناك عيداً للحب إلا أن البطولة
أن تعرف من تحب، قد تحب مخلوقاً فانياً تتركه أو يتركك، لو أحب إنسان
امرأة ولتكن زوجته لابد أن تفارقه أو لابد أن يفارقها:
(( عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به ))
[ أخرجه الشيرازي عن سهل بن سعد و البيهقي عن جابر ]
الحب في الله عين التوحيد والحب مع الله عين الشرك:
إذاً الله عز وجل أراد أن تكون العلاقة بيننا وبينه علاقة حب والدليل هذه الآية:
﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ (38) ﴾ ( سورة المائدة) علامة إيمانك أنك تحب الله، وأن قلبك يضطرب إذا ذكرت الله، أيها الأخوة، أما عامة الناس: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ﴾
( سورة البقرة الآية: 165 )
إن لم تحب الله لابدّ من أن تحب شيئاً آخر، لأن
الإنسان الذي لا يحب ليس
من بني البشر، أي إنسان يحب، المؤمن يحب الله ومحبة الله أصل، ويحب رسوله فرع،
يحب صحابته جميعاً فرع، يحب المؤمنين فرع، يحب المساجد فرع، يحب القرآن الكريم
فرع، يحب العمل الصالح فرع، لذلك هناك حب في الله وهناك حب مع الله،
الحب في الله عين التوحيد والحب مع الله عين الشرك، قال تعالى:
﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ ﴾
( سورة البقرة الآية: 165 )